الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَمْرِ (وَأَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ السُّكْرِ بِغَيْرِهَا (مَرَّةً أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ) لَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الْحُدُودِ (وَعُلِمَ شُرْبُهُ طَوْعًا) فَإِنَّ الشُّرْبَ بِالْإِكْرَاهِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ (حُدَّ صَاحِيًا) لِيَتَأَدَّبَ بِهِ وَيَنْزَجِرَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَتَأَلَّمُ حَالَ السُّكْرِ (ثَمَانِينَ سَوْطًا لِلْحُرِّ وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - (يُنْزَعُ ثَوْبُهُ) يَعْنِي إلَّا الْإِزَارَ (وَيُفَرَّقُ عَلَى جِلْدِهِ كَمَا فِي الزِّنَا) لِمَا مَرَّ ثَمَّةَ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِشُرْبِ الْخَمْرِ (أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ الرِّيحِ) قَيْدٌ لِمَجْمُوعِ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ (أَوْ تَقَيَّأَهَا) أَيْ عُلِمَ شُرْبُهَا بِأَنْ تَقَيَّأَهَا (أَوْ وُجِدَ رِيحُهَا مِنْهُ) بِلَا إقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةٍ (أَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَ) شَرِبَ (السَّكَرَ) بِفَتْحَتَيْنِ عَصِيرَ الرُّطَبِ إذَا اشْتَدَّ وَقِيلَ هُوَ كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ (أَوْ أَقَرَّ سَكْرَانُ لَا) أَيْ لَا يُحَدُّ أَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ بَعْدَ زَوَالِ الرِّيحِ فَلِأَنَّ حَدَّ الشُّرْبِ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَلَا إجْمَاعَ إلَّا بِرَأْيِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ شَرْطُ قِيَامِ الرَّائِحَةِ وَأَمَّا عَدَمُهُ بِتَقَيُّئِهَا وَوُجِدَ أَنَّ رِيحَهَا فَلِأَنَّ الرَّائِحَةَ مُحْتَمَلَةٌ وَكَذَا الشُّرْبُ قَدْ يَقَعُ عَنْ إكْرَاهٍ وَاضْطِرَارٍ وَلَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ النَّبِيذِ وَشَرِبَهُ طَوْعًا لِأَنَّ السُّكْرَ مِنْ الْمُبَاحِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ وَكَذَا شُرْبُ الْمُكْرَهِ لَا يُوجِبُ وَأَمَّا عَدَمُهُ بِالرُّجُوعِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَعْمَلُ فِيهِ الرُّجُوعُ وَأَمَّا عَدَمُهُ فِي إقْرَارِ السَّكْرَانِ فَلِزِيَادَةِ احْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ فَيُحْتَالُ فِي دَرْئِهِ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَالسَّكْرَانُ فِيهِ كَالصَّاحِي عُقُوبَةً عَلَيْهِ كَمَا فِي سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (وَلَوْ ارْتَدَّ) السَّكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ (لَا يَحْرُمُ عِرْسُهُ) لِأَنَّ الْكُفْرَ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادِ وَلَا يَتَحَقَّقُ مَعَ زَوَالِ الْعَقْلِ (أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ فَهَرَبَ فَشَرِبَ ثَانِيًا يُسْتَأْنَفُ الْحَدُّ كَذَا فِي الزِّنَا) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْحُدُودَ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَتَدَاخَلُ
(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)
(هُوَ كَحَدِّ الشُّرْبِ كَمِّيَّةً) أَيْ عَدَدًا وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةٍ لِلْحُرِّ وَنِصْفُهَا لِغَيْرِهِ (وَثُبُوتًا) حَيْثُ يَثْبُتُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ (وَإِذَا قَذَفَ مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةً) وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الْإِحْصَانِ هَاهُنَا مُغَايِرًا لِمَعْنَى الْإِحْصَانِ فِي الزِّنَا فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (أَيْ مُكَلَّفًا) يَعْنِي عَاقِلًا بَالِغًا وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَارَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَأَقَرَّ بِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يُحَدُّ بِإِشَارَتِهِ بِشُرْبِهِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِسُؤَالِ الْقَاضِي الْمُقِرَّ عَنْ الْخَمْرِ مَا هِيَ وَكَيْفَ شَرِبَهَا وَأَيْنَ شَرِبَ وَيَنْبَغِي ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَلَكِنْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعُلِمَ شُرْبُهُ طَوْعًا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ السُّكْرِ بِغَيْرِهَا) يَعْنِي وَرِيحُهَا لَمْ تَزُلْ كَمَا فِي الْخَمْرِ (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ) لَمْ يَذْكُرْ سُؤَالَ الْقَاضِي لَهُمْ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ قَاضِي خَانْ يَسْأَلُهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْخَمْرِ مَا هِيَ ثُمَّ سَأَلَهُمْ كَيْفَ شَرِبَ لِاحْتِمَالِ الْإِكْرَاهِ وَأَيْنَ شَرِبَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَرِبَ فِي دَارِ الْحَرْبِ اهـ.
(قَوْلُهُ حُدَّ صَاحِيًا) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَحْثًا مِنْهُ ظَاهِرُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِحَدِّهِ حَالَ سُكْرِهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ اهـ.
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ يُنْزَعُ ثَوْبُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ السُّكْرَ مِنْ الْمُبَاحِ) لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَهَلْ يُحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ يَعْنِي نَبِيذَ الْعَسَلِ وَالتِّينِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَإِنْ لَمْ يُطْبَخْ قِيلَ لَا يُحَدُّ قَالُوا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَطْبُوخِ وَالنِّيءِ وَكَذَا الْمُتَّخَذُ مِنْ الْأَلْبَانِ إذَا اشْتَدَّ اهـ.
وَكَذَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ عَنْ الْهِدَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِمَا هُنَا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ أَيْ لُزُومُ الْحَدِّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَقَدْ صَرَّحَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ هُنَا لِأَنَّ السُّكْرَ مِنْ الْمُبَاحِ لَا يُوجِبُ حَدًّا غَيْرُ الْمُخْتَارِ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ أَنَّهُمَا سُئِلَا فِيمَنْ شَرِبَ الْبَنْجَ فَارْتَفَعَ إلَى رَأْسِهِ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ هَلْ يَقَعُ قَالَا إنْ كَانَ يَعْلَمُهُ حِينَ شَرِبَهُ مَا هُوَ يَقَعُ اهـ كَلَامُ الْكَمَالِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِذَا سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا عَتَاقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا نِكَاحُهُ وَلَا إقْرَارُهُ وَلَا رِدَّتُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةٍ وَيَضْمَنُ الْمَالَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ السَّكْرَانُ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ كَالْمُكْرَهِ اهـ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ إسْلَامَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكُفْرَ. . . إلَخْ) هَذَا قَضَاءً أَمَّا دِيَانَةً فَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِهِ ذَاكِرًا لِمَعْنَاهُ كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْفَتْحِ
[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]
(بَابٌ حَدُّ الْقَذْفِ) الْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ بِالشَّيْءِ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّافِعِيَّةُ مَا كَانَ فِي خَلْوَةٍ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْعَارِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ وَنَاقَشَهُ أَخُوهُ الشَّيْخُ عُمَرُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) قَالَ الْكَمَالُ وَيَسْأَلُهُمَا الْقَاضِي عَنْ الْقَذْفِ مَا هُوَ وَعَنْ خُصُوصِ مَا قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى اللُّغَةِ الَّتِي وَقَعَ الْقَذْفُ بِهَا إذْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِيهَا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَكَذَا الِاتِّفَاقُ عَلَى زَمَانِ الْقَذْفِ اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا قَذَفَ) أَيْ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِ فَإِنْ أَقَامَهَا لَمْ يُحَدَّ أَيْ الْقَاذِفُ وَكَذَا الْمَقْذُوفُ إنْ تَقَادَمَ السَّبَبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ مُكَلَّفًا. . . إلَخْ) أَسْقَطَ مِنْهُ قَيْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مَجْبُوبًا وَلَا أَخْرَسَ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلًا وَأَنْ لَا تَكُونَ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ وَلَا خَرْسَاءَ
لَا يَلْحَقُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا مِنْهُمَا (مُسْلِمًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» (عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا) فَإِنَّ غَيْرَ الْعَفِيفِ لَا يَلْحَقُهُ الْعَارُ وَأَيْضًا الْقَاذِفُ صَادِقٌ فِيهِ وَعِفَّتُهُ أَعَمُّ مِنْ إنْ وَطِئَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ لَا وَبِهَذَا التَّعْمِيمِ يَمْتَازُ عَنْ إحْصَانِ الزِّنَا (بِصَرِيحِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَذَفَ أَيْ بِصَرِيحِ الزِّنَا بِأَنْ يَقُولَ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ أَنْتِ زَانِيَةٌ وَنَحْوَهَا (أَوْ بِزَنَأْتِ فِي الْجَبَلِ) مَعْنَاهُ زَنَيْتِ فَإِنَّهُ يَجِيءُ مَهْمُوزًا أَيْضًا.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْمَهْمُوزَ هُوَ الصُّعُودُ أَوْ مُشْتَرَكٌ أَوْ الشُّبْهَةُ دَارِئَةٌ قُلْنَا حَالَةُ الْغَضَبِ تُرَجِّحُ ذَلِكَ (أَوْ لَسْتَ لِأَبِيك أَوْ لَسْت بِابْنِ فُلَانٍ أَبِيهِ) أَيْ قَالَ لَسْتَ بِابْنِ زَيْدٍ الَّذِي هُوَ أَبُو الْمَقْذُوفِ فَقَوْلُهُ أَبِيهِ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ (فِي غَصْبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِزَنَأْتِ وَالْمَعْطُوفَيْنِ بَعْدَهُ وَنَفْيُ الْبُنُوَّةِ فِي غَيْرِ الْغَضَبِ يَحْتَمِلُ الْمُعَاتَبَةَ (حُدَّ) الْقَاذِفُ (بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ) الْمُحْصَنِ وَاشْتُرِطَ طَلَبُهُ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّهُ مِنْ حَيْثُ دَفْعُ الْعَارِ عَنْهُ
(وَلَوْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ (غَائِبًا) عَنْ مَجْلِسِ الْقَاذِفِ (حَالَةَ الْقَذْفِ) ذَكَرَ هَذَا التَّعْمِيمَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ (يَنْزِعُ الْفَرْوَ وَالْحَشْوَ فَقَطْ) مُتَعَلِّقٌ بِحُدَّ يَعْنِي لَا يُجَرَّدُ كَمَا يُجَرَّدُ فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّ سَبَبَهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْقَاذِفِ صَادِقًا لَكِنْ يُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ إيصَالَ الْأَلَمِ إلَيْهِ
(لَا بِلَسْتَ) أَيْ لَا يُحَدُّ بِقَوْلِهِ لَسْت (بِابْنِ فُلَانٍ جَدِّهِ) بِالْجَرِّ صِفَةُ فُلَانٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي نَفْيِهِ (وَنِسْبَتِهِ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ أَيْضًا بِنِسْبَتِهِ (إلَيْهِ) أَيْ جَدِّهِ (أَوْ وَإِلَى خَالِهِ وَعَمِّهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
إذْ الْمَجْبُوبُ وَالرَّتْقَاءُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُمَا لِأَنَّهُمَا وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِمَا تَعْرِيفُ الْمُحْصَنِ هُنَا لَا يَلْحَقُهُمَا الْعَارُ بِذَلِكَ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِيَقِينٍ وَالْأَخْرَسُ طَلَبُهُ بِالْإِشَارَةِ وَلَعَلَّهُ لَوْ كَانَ يَنْطِقُ لَصَدَّقَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالْمَبْسُوطِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا مِنْهُمَا) يَعْنِي الزِّنَا الْمُؤْثِمَ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَذَفَ مُرَاهِقًا فَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ لَمْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ بِقَوْلِهِ اهـ فَهَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِ أَئِمَّتِنَا لَوْ رَاهَقَا وَقَالَا بَلَغْنَا صُدِّقَا وَأَحْكَامُهُمَا أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ (قَوْلُهُ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ هُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِكَفِّ نَفْسِهِ عَنْ الزِّنَا (قَوْلُهُ وَعِفَّتُهُ أَعَمُّ مِنْ إنْ وَطِئَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ لَا) يَعْنِي أَوْ لَا وَطِئَ أَصْلًا لَا صَحِيحًا وَلَا غَيْرَهُ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي الْعِفَّةِ قَالَ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِالزِّنَا وَلَا بِشُبْهَةٍ وَلَا بِنِكَاحِ الْفَاسِدِ فِي عُمْرِهِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً يُرِيدُ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ أَوْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَإِنْ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ وَحُرْمَتُهَا مُؤَقَّتَةٌ لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ كَمَا إذَا وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي الْحَيْضِ أَوْ أَمَتَهُ الْمَجُوسِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّدَةً يَسْقُطُ إحْصَانُهُ كَأَمَتِهِ وَهِيَ أُخْتُهُ رَضَاعًا اهـ.
وَيُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْبَابِ اهـ.
وَلَمْ يُصَوِّرْ الْكَمَالُ بِوَطْءِ الْمَوْلَى الْأَمَةَ الَّتِي زَوَّجَهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ مِلْكَ مُتْعَتِهَا لَيْسَ إلَّا لِزَوْجِهَا بِخِلَافِ الْمَجُوسِيَّةِ إذْ حُرْمَتُهَا لِعَارِضٍ فَتَمْثِيلُ الزَّيْلَعِيِّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمَنْكُوحَةِ فِيمَا لَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُتْعَةِ فِيهِنَّ ثَابِتٌ بِنَفْيِ ذَلِكَ التَّصْوِيرِ إذْ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِي مُتْعَةِ أَمَتِهِ الَّتِي زَوَّجَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ مَسَّ امْرَأَةً أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فَتَزَوَّجَ بِنْتَهَا أَوْ أُمَّهَا وَدَخَلَ بِهَا لَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ لِتَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ وَلَهُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ يُصَحِّحُونَ نِكَاحَهَا وَإِنَّمَا قَالَ بِحُرْمَتِهَا احْتِيَاطًا فَهِيَ حُرْمَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا يَنْتَفِي بِهَا الْإِحْصَانُ الثَّابِتُ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِزِنَا الْأَبِ فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] فَلَا يُعْتَبَرُ الْخِلَافُ فِيهَا مَعَ وُجُودِ النَّصِّ (قَوْلُهُ بِصَرِيحِهِ) أَيْ مِنْ أَيِّ لِسَانٍ كَانَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِي فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ صَدَقْت حُدَّ الْمُبْتَدِئُ دُونَ الْمُصَدِّقِ وَلَوْ قَالَ لَهُ صَدَقْتَ هُوَ كَمَا قُلْتَ فَهُوَ قَاذِفٌ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ زَنَيْتَ بِبَعِيرٍ أَوْ نَاقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَسَبَهُ لِإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَجِبُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالزِّنَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقَرِينَةٍ وَيَجِبُ فِي بَعْضِهَا مَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ مِثْلُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ صَدَقْت هُوَ كَمَا قُلْت فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ لِضَبْطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) يَعْنِي كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ زَنَيْتِ بِنَاقَةٍ أَوْ أَتَانٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ زَنَيْت وَأَخَذْت الْبَدَلَ وَلَوْ قَالَ زَنَيْتُ بِحِمَارٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ ثَوْرٍ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الزِّنَا إدْخَالُ رَجُلٍ ذَكَرَهُ. . . إلَخْ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ بِزَنَأْتِ فِي الْجَبَلِ) وَكَذَا يُحَدُّ لَوْ قَالَ عَلَى الْجَبَلِ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ لَفْظَةَ عَلَى تَعْيِينِ كَوْنِ الْمُرَادِ الصُّعُودَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ لَسْتَ لِأَبِيك. . . إلَخْ) يَعْنِي وَأُمُّ الْمَقْذُوفِ مُحْصَنَةٌ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ قَذْفٌ لَهَا وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَفَاهُ عَنْ أُمِّهِ أَوْ قَالَ لَسْتَ لِأَبِيك وَأُمِّك أَوْ لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ وَهُمَا أَبَوَاهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ فِي غَضَبٍ مُتَعَلِّقٌ بِزَنَأْتِ وَالْمَعْطُوفَيْنِ بَعْدَهُ) اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ فِي غَضَبٍ وَاضِحٌ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْهِدَايَةِ مُطْلَقَةً عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْغَضَبِ وَقَدْ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ كَاَلَّتِي تَلِيهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْكَمَالُ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا وَلَدَ الزِّنَا أَوْ يَا ابْنَ الزِّنَا أَوْ لَسْت لِأَبِيك وَأُمُّهُ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ اهـ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي قَاضِي خَانْ قَالَ لِرَجُلٍ لَسْتَ لِأَبِيك عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَذَفَ كَانَ ذَلِكَ فِي غَضَبٍ أَوْ رِضَا اهـ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَاشْتَرَطَ طَلَبَهُ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حَقِّ اللَّهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
أَوْ رَابِّهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُسَمَّى أَبًا وَلَيْسَ بِأَبٍ حَقِيقَةً فَلَا حَدَّ فِي نَفْيِهِ.
(وَ) لَا (بِقَوْلِهِ يَا ابْنَ مَاءِ السَّمَاءِ) فَإِنَّ فِي ظَاهِرِهِ نَفْيَ كَوْنِهِ ابْنًا لِأَبِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بَلْ التَّشْبِيهُ فِي الْجُودِ وَالسَّمَاحَةِ وَالصَّفَاءِ.
(وَ) لَا (بِقَوْلِهِ يَا نَبَطِيُّ لِعَرَبِيٍّ) فَإِنَّهُمْ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ قَذْفٌ فَيُحَدُّ فِيهِ لِأَنَّهُ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ يَا نَبَطِيُّ فَقَالَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
(وَبِطَلَبِ) عَطْفٌ عَلَى بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ (مَنْ يَقَعُ الْقَدَحُ فِي نَسَبِهِ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ) يَعْنِي لَا يُطَالَبُ بِحَدِّ الْقَذْفِ لِلْمَيِّتِ إلَّا مَنْ يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ بِقَذْفِهِ (كَالْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) لِأَنَّ الْعَارَ يَلْحَقُ بِهِمْ بِسَبَبِ الْجُزْئِيَّةِ فَيَتَنَاوَلُهُمْ الْقَذْفُ مَعْنًى وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَدُّ الْقَذْفِ يُورَثُ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَارِثٍ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ (وَلَوْ) كَانَ الطَّالِبُ (مَحْرُومًا) عَنْ الْمِيرَاثِ بِالْقَتْلِ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ الرِّقِّ فَإِنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا كَانَ مُحْصَنًا جَازَ لِابْنِهِ الْكَافِرِ أَوْ لِعَبْدٍ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَيَثْبُتُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ حَالَ قِيَامِ الْوَلَدِ خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا (أَوْ وَلَدِ بِنْتٍ) فَإِنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ لِتَحَقُّقِ الْجُزْئِيَّةِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُطَالَبُ إلَّا مَنْ يَرِثُ بِالْعُصُوبَةِ (قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ وَقَدْ مَاتَ أَبَوَاهُ فَعَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ) لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحُدُودِ عِنْدَنَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتَتَدَاخَلُ حَتَّى لَوْ قَذَفَ رَجُلًا مِرَارًا أَوْ جَمَاعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ كَمَا سَيَأْتِي حُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى كَانَ قَاضِيًا بِالْكُوفَةِ فَسَمِعَ يَوْمًا رَجُلًا يَقُولُ عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهِ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ فَأَمَرَ بِأَخْذِهِ فَأُدْخِلَ الْمَسْجِدَ فَضَرَبَهُ حَدَّيْنِ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ لِقَذْفِهِ الْوَالِدَيْنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ يَا لَلْعَجَبِ مِنْ قَاضِي بَلَدِنَا قَدْ أَخْطَأَ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ حَدَّهُ مِنْ غَيْرِ خُصُومَةِ الْمَقْذُوفِ، وَضَرَبَهُ حَدَّيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ وَلَوْ قَذَفَ أَلْفًا، وَوَالَى بَيْنَ الْحَدَّيْنِ وَالْوَاجِبُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَحَدَّهُ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «جَنِّبُوا صِبْيَانَكُمْ مَسَاجِدَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ» وَالْخَامِسُ يَنْبَغِي أَنْ يَكْشِفَ أَنَّ الْمَقْذُوفَيْنِ حَيَّانِ أَوْ مَيِّتَانِ لِتَكُونَ الْخُصُومَةُ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى وَلَدِهِمَا، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ عَلَى وَاحِدٍ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ بِأَنْ قَذَفَ وَزَنَى وَشَرِبَ وَسَرَقَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْكُلُّ وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خِيفَةَ الْهَلَاكِ بَلْ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَيَبْدَأُ بِحَدِّ الْقَذْفِ أَوَّلًا لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ ثُمَّ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِحَدِّ الزِّنَا وَإِنْ شَاءَ بِالْقَطْعِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّةِ لِثُبُوتِهِمَا بِالْكِتَابِ وَيُؤَخِّرُ حَدَّ الشُّرْبِ لِأَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(وَلَا يُطَالِبُ أَحَدٌ) مِنْ الْعَبِيدِ (سَيِّدَهُ وَلَا) أَحَدًا مِنْ الْأَوْلَادِ (أَبَاهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ) الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ عَبْدِهِ وَلَا الْأَبُ بِسَبَبِ ابْنِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ لَهُ الطَّلَبُ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ
(وَلَيْسَ فِيهِ إرْثٌ) أَيْ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ بَطَلَ الْحَدُّ عِنْدَنَا خِلَافًا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ رَابِّهِ) هُوَ زَوْجُ أُمِّهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُسَمَّى أَبًا. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ فَقَالَ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ حُدَّ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ نَصَّ عَلَيْهِ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ فِي نَفْيِهِ) يَعْنِي النَّفْيَ الصَّرِيحَ فِي قَوْلِهِ لَسْت بِابْنِ فُلَانٍ جَدِّهِ وَالنَّفْيُ الضِّمْنِيُّ فِي نِسْبَتِهِ لِنَحْوِ خَالِهِ
(قَوْلُهُ وَبِطَلَبِ مَنْ يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ إقَامَتُهُ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ جَازَ لِابْنِهِ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) يُخَالِفُهُ مَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا جَازَ لِابْنِهِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَقَالَ زُفَرُ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَأَجَزْنَا طَلَبَ الِابْنِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ بِقَذْفِ الْأَبِ اهـ فَلَمْ يَجْعَلَا الْخِلَافَ مَعَ مُحَمَّدٍ بَلْ مَعَ زُفَرَ رحمه الله (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدَ الْبِنْتِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُطَالِبُ إلَّا مَنْ يَرِثُ بِالْعُصُوبَةِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَيَثْبُتُ لِوَلَدِ الْبِنْتِ كَمَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الِابْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ اهـ.
قَالَ الْكَمَالُ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ يَعْنِي فِي رِوَايَةٍ لَيْسَتْ هِيَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت قَدْ ظَهَرَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وِلَايَةِ مُطَالَبَةِ وَلَدِ الْوَلَدِ بِقَذْفِ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ إنَّمَا خَالَفَ زُفَرَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ فَمَا وَجْهُ مَا فِي قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ جَدُّك زَانٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ قُلْنَا ذَلِكَ لِلْإِبْهَامِ لِأَنَّ فِي أَجْدَادِهِ مَنْ هُوَ كَافِرٌ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا مَا لَمْ يُعَيِّنْ مُسْلِمًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ ابْنُ ابْنِ الزَّانِيَةِ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِجَدِّهِ الْأَدْنَى فَإِنْ كَانَ أَوْ كَانَتْ مُحْصَنَةً حُدَّ (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا) هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ يَعْنِي لَوْ لَزِمَهُ حَدَّانِ لَوَجَبَ الْفَصْلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ هُنَا بَعْدَ الْفَصْلِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ) يَعْنِي ذَكَرَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَى. . . إلَخْ أَمَّا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فَمَأْخُوذٌ مِمَّا حُكِيَ (قَوْلُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلَادِ أَبَاهُ) لَوْ قَالَ أَصْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْقَذْفِ لِأَنَّهُ لَوْ شَتَمَ وَلَدَهُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ اهـ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ وَلَدِهِ فَإِذَا كَانَ الْقَذْفُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا فَالشَّتْمُ أَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهِ إرْثٌ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ طَلَبَ الْفَرْعِ بِقَذْفِ أَصْلِهِ مَيِّتًا بِالْأَصَالَةِ لَا الْمِيرَاثِ كَمَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ أَيْ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ بَطَلَ الْحَدُّ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. . . إلَخْ) ذَهَبَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ إلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَهَاهُنَا حَقُّ الشَّرْعِ غَالِبٌ عِنْدَنَا (وَلَا) فِيهِ (رُجُوعٌ) يَعْنِي مَنْ أَقَرَّ بِقَذْفٍ ثُمَّ رَجَعَ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ لِلْمَقْذُوفِ فِيهِ حَقًّا فَيُكَذِّبُهُ فِي الرُّجُوعِ بِخِلَافِ حُدُودٍ هِيَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَا مُكَذِّبَ لَهُ فِيهَا (وَلَا اعْتِيَاضَ) أَيْ أَخْذَ عِوَضٍ (عَنْهُ) لِأَنَّهُ أَيْضًا يَجْرِي فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ
(قَالَ) رَجُلٌ (لِآخَرَ يَا زَانِي فَرَدَّ) الْآخَرُ كَلَامَهُ عَلَيْهِ بِلَا أَيْ بِقَوْلِهِ لَا (بَلْ أَنْتَ حُدَّا) لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا بَلْ أَنْتَ زَانٍ (وَلَوْ قَالَ لِعِرْسِهِ فَرُدَّتْ بِهِ حُدَّتْ وَلَا لِعَانَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَذَفَ الْآخَرَ وَقَذْفُهُ يُوجِبُ اللِّعَانَ وَقَذْفُهَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَيُبْدَأُ بِالْحَدِّ لِأَنَّ فِي بُدَاءَتِهِ فَائِدَةَ إبْطَالِ اللِّعَانِ لِأَنَّ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ لَيْسَ بِأَهْلِ اللِّعَانِ وَلَا إبْطَالَ فِي عَكْسِهِ لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ تُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ إحْصَانَهُ لَا يُبْطِلُ اللِّعَانَ وَالْمَحْدُودَةُ فِي الْقَذْفِ لَا تُلَاعَنُ لِسُقُوطِ الشَّهَادَةِ فَيُحْتَالُ لِدَفْعِ اللِّعَانِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ (وَبِزَنَيْتُ بِك هَدَرٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ زَنَيْتُ بِكَ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أَرَادَتْ الزِّنَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَيَجِبُ الْحَدُّ لَا اللِّعَانُ وَاحْتِمَالُ أَنَّهَا أَرَادَتْ زَنَائِي هُوَ الَّذِي كَانَ مَعَك بَعْدَ النِّكَاحِ لِأَنِّي مَا مَكَّنْت أَحَدًا غَيْرَك وَهُوَ الْمُرَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ اللِّعَانُ لِأَنَّ الْحَدَّ لِوُجُودِ الْقَذْفِ مِنْهُ لَا مِنْهَا فَجَاءَ الشَّكُّ
(أَقَرَّ بِوَلَدٍ فَنَفَى لَاعَنَ وَإِنْ عَكَسَ حُدَّ) لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ بِالنَّفْيِ صَارَ قَاذِفًا فَوَجَبَ اللِّعَانُ وَإِذَا نَفَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ فَقَدْ كَذَّبَ نَفْسَهُ فَوَجَبَ الْحَدُّ (وَالْوَلَدَانِ) يَعْنِي وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ نَفَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ (لَهُ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ لِإِقْرَارِهِ
(قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِي حُدَّ وَلِرَجُلٍ يَا زَانِيَةُ لَا) كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ (لَا شَيْءَ بِلَيْسَ بِابْنِي وَلَا بِابْنِك) لِأَنَّهُ نَفْيُ الْوِلَادَةِ وَلَا يَصِيرُ بِهِ قَاذِفًا
(وَلَا حَدَّ بِقَذْفِ مَنْ لَهَا وَلَدٌ لَا أَبَ لَهُ) لِقِيَامِ إمَارَةِ الزِّنَا مِنْهَا وَهِيَ وِلَادَةُ وَلَدٍ لَا أَبَ لَهُ فَفَاتَتْ الْعِفَّةُ نَظَرًا إلَيْهَا (أَوْ) بِقَذْفِ (مَنْ لَاعَنَتْ بِوَلَدٍ وَالْوَلَدُ حَيٌّ) أَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ لِقِيَامِ إمَارَةِ الزِّنَا مِنْهَا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمُلَاعَنَةِ بِلَا نَفْيِ الْوَلَدِ حَيْثُ يُحَدُّ قَاذِفُهَا لِانْتِفَاءِ الْإِمَارَةِ (أَوْ) بِقَذْفِ (رَجُلٍ وَطِئَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ أَوْ بِوَجْهٍ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ) فَإِنَّ الْوَطْءَ فِي الصُّورَتَيْنِ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا لِعَيْنِهِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ (أَوْ) وَطِئَ (فِي مِلْكِهِ الْمُحَرَّمِ أَبَدًا كَأَمَةٍ هِيَ أُخْتُهُ رَضَاعًا أَوْ مَنْ زَنَتْ) عَطْفٌ عَلَى رَجُلٍ وَطِئَ أَيْ لَا حَدَّ بِقَذْفِ مَنْ زَنَتْ (فِي كُفْرِهَا)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَا اعْتِيَاضَ عَنْهُ) كَذَا لَا عَفْوَ فِيهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ بَعْدَ ذَهَابِ الْمَقْذُوفِ وَعَفَوْهُ بَلْ إذَا عَادَ وَطَلَبَهُ حُدَّ لِأَنَّ الْعَفْوَ كَانَ لَغْوًا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُخَاصِمْ إلَى الْآنَ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الشَّامِلِ لَا يَصِحُّ عَفْوُ الْمَقْذُوفِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ يَقْذِفْنِي أَوْ كَذَّبَ شُهُودِي اهـ كَذَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ يَا زَانِي فَرَدَّ عَلَيْهِ بِلَا بَلْ أَنْتَ حُدَّا) يَعْنِي بِطَلَبِهِمَا وَلَا عَفْوَ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا وَكَذَا لَوْ تَضَارَبَا يُعَزَّرَانِ وَلَا يَتَكَافَآنِ وَيُبْدَأُ بِالْبَادِئِ لِأَنَّهُ أَظْلَمُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ مِنْ السَّبِّ فَإِنَّهُمَا يَتَكَافَآنِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لِأَنَّهُمَا يُعَزَّرَانِ بِتَشَاتُمِهِمَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي كَمَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ أَقَرَّ بِوَلَدٍ فَنَفَى. . . إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُمْ فِي بَابِ اللِّعَانِ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي حُدَّ وَإِنْ عَكَسَ لَاعَنَ وَثَبَتَ نَسَبُهُمَا فِيهِمَا وَلِذَا نَبَّهَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِي حُدَّ) هَذَا بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ التَّرْخِيمَ شَائِعٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِيَةُ لَا) أَيْ لَا يُحَدُّ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ يُحَدُّ لِأَنَّهُ قَذَفَهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّ التَّاءَ تُزَادُ لَهُ كَمَا فِي عَلَّامَةٍ وَنَسَّابَةٍ وَلَهُمَا أَنَّهُ رَمَاهُ بِمَا يَسْتَحِيلُ مِنْهُ فَلَا يُحَدُّ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَجْبُوبًا وَكَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ مَحَلٌّ لِلزِّنَا لَا يُحَدُّ وَكَوْنُ التَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ مَجَازٌ لِمَا عُهِدَ لَهَا مِنْ التَّأْنِيثِ وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً فَالْحَدُّ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا شَيْءَ بِلَيْسَ بِابْنِي. . . إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لِتَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهَا
(قَوْلُهُ لَا أَبَ لَهُ) يَعْنِي لَا أَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ فِي بَلَدِ الْقَذْفِ لَا فِي كُلِّ الْبِلَادِ كَذَا فِي الْبَحْرِ اهـ فَهَذَا أَعَمُّ مِنْ مَجْهُولِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ فِي مَسْقَطِ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِقَذْفِ مَنْ لَاعَنَتْ بِوَلَدٍ) يَعْنِي وَقَدْ نَفَى الْقَاضِي نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَمَرَّ مُنْقَطِعَ النَّسَبِ عَنْهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْوَلَدَ بَعْدَهُ فَحُدَّا وَلَمْ يُحَدَّ حَتَّى مَاتَ أَوْ لَاعَنَ وَلَمْ يَقْطَعْ الْقَاضِي نَسَبَ الْوَلَدِ حُدَّ قَاذِفُهَا وَكَذَا يُحَدُّ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ ادَّعَاهُ وَهُوَ يُنْكِرُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْأَبِ وَيُحَدُّ الْأَبُ لِخُرُوجِهَا عَنْ صُورَةِ الزَّوَانِي كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُلَاعَنَةِ بِلَا نَفْيِ الْوَلَدِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ كَمَا يُحَدُّ قَاذِفُ وَلَدِ الزِّنَا أَوْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ (قَوْلُهُ بِكُلِّ وَجْهٍ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ إحْصَانَهُ وَلَوْ مُكْرَهًا) كَذَا يَسْقُطُ إحْصَانُ الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ يُسْقِطُ الْإِثْمَ وَلَا يَخْرُجُ الْفِعْلُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ زِنًا كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ زَنَتْ فِي كُفْرِهَا) لَوْ قَالَ مَنْ زِنَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الرَّجُلَ صَرِيحًا وَإِنْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قُذِفَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِزِنًا كَانَ فِي الْكُفْرِ بِأَنْ قَالَ زَنَيْتَ وَأَنْتَ كَافِرٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ