الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ فَقَأَهَا أَجْنَبِيٌّ فَأَخَذَ أَرْشَهَا لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَوَطْءُ الْبِكْرِ) لِأَنَّ الْعُذْرَةَ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ، وَقَدْ حَبَسَهَا (كَتَكَسُّرِهِ بِنَشْرِهِ وَطَيِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ (شَرَى بِنَسِيئَةٍ وَرَابَحَ بِلَا بَيَانٍ) يَعْنِي اشْتَرَى شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً وَبَاعَهُ بِرِبْحِ مِائَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَعَلِمَ الْمُشْتَرِي (خُيِّرَ مُشْتَرِيهِ) إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُشْبِهُ الْمَبِيعَ حَتَّى يُزَادَ فِي الْمَبِيعِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ، وَالشُّبْهَةُ هَاهُنَا مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً بِثَمَنِهَا فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْخِيَانَةِ (فَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ عَلِمَ لَزِمَهُ كُلُّ ثَمَنِهِ) وَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (كَذَا التَّوْلِيَةُ) يَعْنِي إنْ كَانَ وَلَّاهُ إيَّاهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ خُيِّرَ؛ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ فِي التَّوْلِيَةِ مِثْلُهَا فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ عَلِمَ لَزِمَهُ بِأَلْفٍ حَالٍّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَجَلَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَلِيَ) رَجُلًا شَيْئًا (بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهِ قَدْرَهُ) أَيْ قَدْرَ مَا قَامَ عَلَيْهِ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ (وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ الْمُشْتَرِي قَدْرَهُ (فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ) الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ (وَخُيِّرَ) الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَمْ يَتِمَّ قَبْلَهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ.
(فَصْلٌ)(صَحَّ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا الْمَنْقُولِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ» وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْمَنْقُولِ وَلَهُمَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ وَوَقَعَ فِي مَحِلِّهِ وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِاحْتِمَالِ الْهَلَاكِ وَهُوَ فِي الْعَقَارِ نَادِرٌ حَتَّى لَوْ تُصُوِّرَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ، وَقَدْ اضْطَرَبَ هَاهُنَا كَلِمَاتُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْأَظْهَرُ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْأُصُولِ مَا ذُكِرَ فِي الْعِنَايَةِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ وَغَيْرِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] لَكِنْ خَصَّ مِنْهُ الرِّبَا بِدَلِيلٍ مُسْتَقَلٍّ مُقَارِنٍ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ» ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا بِغَرَرِ الِانْفِسَاخِ أَوَّلًا، فَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ حَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُ الْعَقَارَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَبَيَّنَهُ وَبَيَّنَ أَدِلَّةَ الْجَوَازِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّرْكَ وَجَعَلَهُ مَعْلُولًا بِذَلِكَ إعْمَالًا لِثُبُوتِ التَّوْفِيقِ حِينَئِذٍ وَالْإِعْمَالُ مُتَعَيَّنٌ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ مُخْتَصًّا بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْعِوَضِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(شَرَى الْكَيْلِيُّ كَيْلًا لَا جُزَافًا) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ مُعَرَّبُ كزافا وَيَجُوزُ فِي الْجِيمِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ (لَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى يَكِيلَهُ) لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَذَلِكَ لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ جُزَافًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الثَّوْبَ مُذَارَعَةً؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ إذْ الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الثَّوْبِ بِخِلَافِ الْقَدْرِ كَمَا مَرَّ ذِكْرُ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ فَقَأَهَا أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ أَرْشَهَا) لَيْسَ أَخْذُ الْأَرْشِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ إذَا عَوَّرَهَا الْأَجْنَبِيُّ لَا يُرَابَحُ بِلَا بَيَانٍ لِتَحَقُّقِ وُجُوبِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]
(فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: صَحَّ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ إجَارَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْقُولِ وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ فَيُمْتَنَعُ جَوَازُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لَا الْمَنْقُولُ) أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَنَفْيُ الصِّحَّةِ يَحْتَمِلُ ثُبُوتَ فَسَادِ الْعَقْدِ وَبُطْلَانَهُ صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ فِي الْمَوَاهِبِ فَقَالَ وَفَسَدَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ.
وَصَرَّحَ بِالثَّانِي فِي الْجَوْهَرَةِ وَنَصُّهُ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: إذَا اشْتَرَى مَنْقُولًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مِنْ بَائِعِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَاعَهُ فَالْبَيْعُ الثَّانِي بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ جَائِزٌ اهـ.
وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَيْعِ لِتَكُونَ اتِّفَاقِيَّةً مَعَ مُحَمَّدٍ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ وَكَذَا الْإِجَارَةُ قَالَ الْكَمَالُ، وَقَدْ أُلْحِقَ بِالْبَيْعِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا التَّصَدُّقُ بِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَا إقْرَاضُهُ وَرَهْنُهُ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ اهـ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ يَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْكِتَابَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُبَادَلَةٍ كَالْبَيْعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْ الْبَيْعِ جَوَازًا، وَإِنْ زَوَّجَ جَارِيَتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ اهـ وَيَكُونُ وَطْءُ زَوْجِهَا قَبْضًا لَا عَقْدُهُ.
(قَوْلُهُ: ذَكَرَ الشِّرَاءَ. . . إلَخْ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشُ فَيَرْجِعُ قَوْلُهُ جَازَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِقَوْلِهِ أَوْ وَصِيَّةٌ وَيَرْجِعُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْمَكِيلِ لِقَوْلِهِ بِهِبَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ بِقَبْضِهِ وَفِي الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَصِيِّ، يُوَضِّحُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَلَكِ قَيَّدْنَا بِالِاشْتِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ اهـ
بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ جَازَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْكَيْلِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمَكِيلِ مَبِيعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ (إلَّا أَنْ يَكِيلَ الْبَائِعُ بَعْدَ بَيْعِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِكَيْلٍ وَاحِدٍ وَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى التَّسْلِيمِ وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ اجْتِمَاعُ الصَّفْقَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَاعَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ الشَّرْطُ وَكَذَا لَوْ كَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ إذْ بِهِ يَعْلَمُ الْمَبِيعُ وَلَا تَسْلِيمَ إلَّا بِحَضْرَتِهِ (كَذَا الْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ) أَيْ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَأْكُلُهُ حَتَّى يَزِنَهُ أَوْ يَعُدَّهُ ثَانِيًا وَيَكْفِي أَنْ وَزْنَهُ أَوْ عَدَّهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي (لَا الْمَذْرُوعُ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَذْرُوعَاتِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الذَّرْعِ لِمَا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا، وَإِنْ سَمَّى فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَذْرَعَ.
(جَازَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنُّقُودِ أَوْ يَتَعَيَّنُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ حَتَّى لَوْ بَاعَ إبِلًا بِدَرَاهِمَ أَوْ بِكُرٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهَا شَيْئًا آخَرَ لِوُجُودِ الْمُجَوِّزِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَانْتِفَاءُ الْمَانِعِ وَهُوَ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ وَبِهَلَاكِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ النُّقُودِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فِي صُورَةِ الْمُقَايَضَةِ بِهَلَاكِ أَحَدِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ.
(وَ) جَازَ (زِيَادَةُ الْمُشْتَرِي فِيهِ) أَيْ الثَّمَنِ (إنْ قَامَ الْمَبِيعُ) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُمْ لَمْ يَبْقَ بِحَالَةٍ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَوْجُودٍ وَالشَّيْءُ يَثْبُتُ ثُمَّ يُسْتَنَدُ وَلَمْ تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ لِعَدَمِ مَا يُقَابِلُهُ فَلَا يُسْتَنَدُ أَيْ لَا يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ بِالِاسْتِنَادِ.
(وَ) جَازَ (حَطُّ الْبَائِعِ عَنْهُ) لِأَنَّهُ بِحَالٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْبَدَلِ عَمَّا يُقَابِلُهُ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا وَالْإِسْقَاطُ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ مَا يُقَابِلُهُ فَيَثْبُتُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمَكِيلِ مَبِيعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُطْلَقًا) قَالَ الْكَمَالُ بِأَنْ اشْتَرَى بِهَذَا الْبُرِّ عَلَى أَنَّهُ كُرُّهُ فَقَبَضَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ مَا هُوَ تَمَامُ قَبْضِهِ اهـ.
وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَذْكُرَ هُنَا مَا يُمَيِّزُ الْمَبِيعَ عَنْ الثَّمَنِ فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَثْمَانٌ أَبَدًا أَيْ عَلَى حَالٍ سَوَاءٌ صَحِبَهَا حَرْفُ الْبَاءِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُقَابِلُهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَذَوَاتُ الْقِيَمِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ مَبِيعَةٌ أَبَدًا وَالْمِثْلِيَّاتُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ إذَا قُوبِلَتْ بِالنَّقْدِ مَبِيعَةً أَوْ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ مُعَيَّنَةُ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَمَبِيعَةٌ كَمَنْ قَالَ اشْتَرَيْتُ كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرَائِطِ السَّلَمِ وَقَبْلَ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً وَقُوبِلَتْ بِغَيْرِهَا ثَمَنٌ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا الْبَاءُ إذَا عُرِفَ هَذَا فَالْأَثْمَانُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتِبْدَالًا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَرْضِ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ قَالَهُ الْكَمَالُ رحمه الله فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمِثْلِيَّاتُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مَا نَصَّهُ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ أَيْ الْمِثْلِيَّاتُ، فَإِنْ صَحِبَهَا حَرْفُ الْبَاءِ وَقَابَلَهَا مَبِيعٌ فَهِيَ ثَمَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهَا حَرْفُ الْبَاءِ وَلَمْ يُقَابِلْهَا ثَمَنٌ فَهِيَ مَبِيعَةٌ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكِيلَ الْبَائِعُ بَعْدَ بَيْعِهِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي هُوَ الصَّحِيحُ) وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَحَضْرَةُ وَكِيلِهِ بِالْقَبْضِ كَحَضْرَتِهِ وَقِيلَ لَا يَكْتَفِي بِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ صَاعَيْنِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: جَازَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ بَدَلُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْبُوضِ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حُكْمَ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالِاسْتِبْدَالُ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا فِي الصَّرْفِ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ نَحْوُ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ كَالثَّمَنِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ كَالْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ وَضَمَانِ الْمُتْلِفَاتِ وَغَيْرِهَا كَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ زِيَادَةُ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَيْ الثَّمَنِ) قَالَ الْكَمَالُ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَضَمِنَهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا عِوَضًا اهـ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ إنْ قَامَ الْمَبِيعُ) أَيْ شَرَطَ جَوَازَ الزِّيَادَةِ قِيَامَ الْمَبِيعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَوْ هَلَكَ حَقِيقَةً بِأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ طَبَخَ اللَّحْمَ أَوْ طَحَنَ أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَسْلَمَ مُشْتَرِي الْخَمْرِ ذِمِّيًّا لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْعَقْدِ إذَا الْعَقْدُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الْمَطْحُونِ وَالْمَنْسُوجِ وَكَذَا الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ شَرْطُهُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ الْمَبِيعَةَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ أَوْ خَاطَ الثَّوْبَ أَوْ اتَّخَذَ الْحَدِيدَ سَيْفًا أَوْ قَطَعَ يَدَ الْمَبِيعِ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَهُ ثُمَّ زَادَ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ هَذَا، وَقَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ احْتِرَازٌ عَمَّا رَوَاهُ الْحَسَنُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزِّيَادَةَ تَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ كَمَا يَصِحُّ الْحَطُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ قَالَهُ الْكَمَالُ رحمه الله (قَوْلُهُ: وَحَطُّ الْبَائِعِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ
الْحَطُّ فِي الْحَالِ وَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اسْتِنَادًا.
(وَ) جَازَ (زِيَادَتُهُ) أَيْ الْبَائِعِ (فِي الْمَبِيعِ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حَقِّهِ وَمِلْكِهِ (وَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِحْقَاقُ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (بِالْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالزَّائِدِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَالزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ يَلْتَحِقَانِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمَا بِالْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ يُغَيِّرَانِ الْعَقْدَ مِنْ وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ كَوْنُهُ رَابِحًا أَوْ خَاسِرًا أَوْ عَدْلًا، وَلَهُمَا وِلَايَةُ الرَّفْعِ فَأَوْلَى أَنْ تَكُونَ وِلَايَةُ التَّغْيِيرِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ مُسْتَحِقُّ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ فَالِاسْتِحْقَاقُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَزِيدِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الزَّائِدُ صِلَةً مُبْتَدَأَةً كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ أَقُولُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدَارَ هَذَا الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ مُجَرَّدَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَهُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَأَثْبَتَهُ أَخَذَهُ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى الزِّيَادَةَ فَقَطْ، ثُمَّ إنَّ حُكْمَ الِالْتِحَاقِ يَظْهَرُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ (فَيُرَابِحُ وَيُوَلِّي عَلَيْهِ) أَيْ الْكُلِّ (إنْ زِيدَ وَعَلَى الْبَاقِي إنْ حَطَّ) فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي قَالَ لِآخَرَ وَلَّيْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ وَقَعَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْحَطِّ فَكَانَ الْحَطُّ بَعْدَ الْعَقْدِ مُلْحِقًا بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَكَانَ الثَّمَنُ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَكَذَا إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَصْلِ الثَّمَنِ أَوْ الْبَائِعُ عَلَى أَصْلِ الْمَبِيعِ.
(وَالشَّفِيعُ يَأْخُذُهَا بِالْأَقَلِّ فِيهِمَا) أَيْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ وَالْحَطِّ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْإِلْحَاقِ بِالْأَصْلِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْكُلِّ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي الزِّيَادَةِ إبْطَالٌ لَهُ وَلَيْسَ لَهُمَا إبْطَالُهُ (قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ بِعْ عَبْدَكَ مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ كَذَا مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ أَخَذَهُ) أَيْ مَوْلَى الْعَبْدِ الْأَلْفَ (مِنْ زَيْدٍ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الضَّامِنِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الثَّمَنِ فَالْأَلْفُ عَلَى زَيْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَائِلِ أَصْلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنُ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَتَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّ أَصْلَ الثَّمَنِ لَمْ يُشْرَعْ بِغَيْرِ مَالٍ يُقَابِلُهُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إيجَابُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِإِزَائِهِ مَالًا فَأَمَّا فُضُولُ الثَّمَنِ فَيَسْتَغْنِي عَنْهُ حَتَّى تَصِحَّ الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا تَصِحُّ مِنْ الْمُشْتَرِي إذْ لَا يُسَلَّمُ لَهُمَا شَيْءٌ بِمُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ وَصَارَتْ كَبَدَلِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ إذْ لَا يُسَلَّمُ لَهُمَا شَيْءٌ إذْ الْبِضْعُ عِنْدَ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُقَوَّمٍ لَكِنْ مَنْ شَرَطَ الزِّيَادَةَ الْمُقَابِلَةَ تَسْمِيَةً وَصُورَةً حَتَّى يَجِبَ حَسَبَ وُجُوبِ الثَّمَنِ بِوَاسِطَةِ الْمُقَابِلَةِ، فَإِذَا قَالَ مِنْ الثَّمَنِ فَقَدْ جَعَلَ الْمِائَةَ بِمُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ صُورَةً فَوُجِدَ شَرْطُهَا فَتَصِحُّ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ تُوجَدْ الْمُقَابَلَةُ صُورَةً وَلَا مَعْنًى فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا فَلَا تَصِحُّ وَبَقِيَ الْتِزَامُ الْمَالِ ابْتِدَاءً بِبَيْعِ دَارِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ رِشْوَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ.
(صَحَّ تَأْجِيلُ الدُّيُونِ) وَإِنْ كَانَتْ حَالَّةً فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ تَيْسِيرًا عَلَى الْمَدْيُونِ كَمَا لَهُ إبْرَاؤُهُ (إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ جَهَالَةً يَسِيرَةً) كَالتَّأْجِيلِ إلَى الْحَصَادِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ (سِوَى الْقَرْضِ) فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ انْتِهَاءٍ، وَإِنْ كَانَ إعَارَةً وَصِلَةً ابْتِدَاءً (إلَّا إذَا أَوْصَى بِهِ) فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَقْرِضَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فُلَانًا إلَى سَنَةٍ لَزِمَ مِنْ ثُلُثِهِ أَنْ يَقْرِضُوهُ وَلَا يُطَالِبُوهُ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّبَرُّعِ وَالْوَصِيَّةُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَزِيَادَتُهُ أَيْ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَيَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُنْتَقَى (قَوْلُهُ: أَقُولُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَلَيْسَ فِيمَا قَالَ إبْطَالٌ لِكَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ: قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ بِعْ عَبْدَك. . . إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ.
(قَوْلُهُ: وَتَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ) أَيْ الزِّيَادَةُ لَكِنْ لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعِ وَالْمُرَابَحَةِ فَلَا يُحْبَسُ الْمَبِيعُ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالْأَلْفِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَيُرَابَحُ عَلَى الْأَلْفِ وَيَسْتَرِدُّ الْأَجْنَبِيُّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ إقَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَتْ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْعَقْدِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا حُصُولُهَا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمُشْتَرِي وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: سِوَى الْقَرْضِ فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ) يَعْنِي لَا يَلْزَمُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ