الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضِ السَّرِقَاتِ (شَيْئًا) مَفْعُولُ لَا يَضْمَنُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ السَّرِقَاتِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ سَرِقَاتٍ فَحَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَابِهَا وَادَّعَى حَقَّهُ فَأَثْبَتَ فَقُطِعَ فِيهَا فَهُوَ لِجَمِيعِهَا وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ حَضَرُوا جَمِيعًا فَقُطِعَتْ يَدُهُ بِحُضُورِهِمْ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بِالْوِفَاقِ (وَلَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا (قَاطِعُ يَسَارِ مَنْ أُمِرَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ بِسَرِقَةٍ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ وَأَخْلَفَ مِنْ جِنْسِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ الْيُمْنَى لَمْ تَحْصُلْ بِقَطْعِ الْيُسْرَى بَلْ كَانَتْ حَاصِلَةً قَبْلَهُ قُلْنَا الْيُمْنَى كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْإِتْلَافِ فَبِقَطْعِ الْيُسْرَى سَلِمَتْ فَصَارَتْ كَالْحَاصِلَةِ لَهُ بِهِ (قَالَ أَنَا سَارِقُ هَذَا الثَّوْبِ بِالْإِضَافَةِ قُطِعَ) لِكَوْنِهِ إقْرَارٌ بِالسَّرِقَةِ (وَلَوْ) قَالَ أَنَا سَارِقٌ هَذَا الثَّوْبَ (بِدُونِهَا) أَيْ بِدُونِ الْإِضَافَةِ بَلْ بِتَنْوِينِ سَارِقٌ (لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ لِكَوْنِهِ عِدَةً لَا إقْرَارًا (وَقُطِعَ مَنْ شَقَّ مَا سَرَقَ فِي الدَّارِ فَأَخْرَجَهُ فَهُوَ) بَعْدَ الشَّقِّ (يُسَاوِي الْعَشَرَةَ) أَيْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ قَيَّدَ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ الشَّقُّ فِي الدَّارِ وَأَنْ يُسَاوِيَ الْمَسْرُوقُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بَعْدَ الشَّقِّ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ وَهُوَ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ شَقَّهُ وَانْتَقَصَ قِيمَتَهُ بِالشَّقِّ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِذَا شَقَّ فِي الدَّارِ وَانْتَقَصَ قِيمَتَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى النِّصَابِ الْكَامِلِ فِي الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي فَظَهَرَ أَنَّ الْقَيْدَ الثَّانِيَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ تَرَكَهُ فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ (لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ (مَنْ سَرَقَ شَاةً فَذَبَحَ فِي الْحِرْزِ فَأَخْرَجَ) لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى اللَّحْمِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ سَرِقَتَهُ لَا تُوجِبُ الْقَطْعَ (وَمَنْ جَعَلَ مَا سَرَقَ) مِنْ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ قَدْرَ النِّصَابِ (دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ قُطِعَ) السَّارِقُ (وَرُدَّتْ) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا تُرَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ (وَإِنْ حَمَّرَهُ) أَيْ الثَّوْبَ الَّذِي سَرَقَهُ (فَقُطِعَ فَلَا رَدَّ وَلَا ضَمَانَ عِنْدَهُمَا) وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّوْبُ وَيُعْطَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ أَصْلٌ وَالصَّبْغُ تَبَعٌ فَكَانَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ أَوْلَى وَلَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى وَحَقُّ صَاحِبِ الثَّوْبِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى لِزَوَالِ التَّقَوُّمِ بِالْقَطْعِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ حَقُّ السَّارِقِ أَحَقَّ بِالتَّرْجِيحِ (وَإِنْ سَوَّدَ) السَّارِقُ الثَّوْبَ (رُدَّ) عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ السَّوَادَ نُقْصَانٌ فَلَا يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ (سَرَقَ وَفِي وِلَايَةِ سُلْطَانٍ لَيْسَ لِسُلْطَانٍ آخَرَ قَطْعُهُ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ
(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ السَّرِقَةِ الصُّغْرَى شَرَعَ فِي بَيَانِ السَّرِقَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ قَاطِعُ يَسَارِ مَنْ أُمِرَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ) شَامِلٌ غَيْرَ الْحَدَّادِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَسَوَاءٌ قَطَعَ مُخْطِئًا فِي الِاجْتِهَادِ أَوْ فِي مَعْرِفَةِ الْيَمِينِ مِنْ الْيَسَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَقَيَّدَ بِالْأَمْرِ بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْأَمْرِ وَالْقَضَاءِ كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَقُطِعَ مَنْ شَقَّ مَا سَرَقَ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْقِيمَةِ وَتَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ لَا يُقْطَعُ بِالِاتِّفَاقِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا يُقْطَعُ بِالِاتِّفَاقِ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْمَالِكِ إذْ لَيْسَ فِيهِ اخْتِيَارُ تَضْمِينِ كُلِّ الْقِيمَةِ اهـ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَتْحِ قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الْخَبَّازِيَّةِ وَفِي الصَّحِيحِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْقَطْعُ مَعَ الضَّمَانِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ النُّقْصَانَ يَمْلِكُ مَا ضَمِنَهُ فَيَكُونُ هَذَا الثَّوْبُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ لَكِنَّهُ يَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْأُمَّهَاتِ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَالنَّقْصُ بِالِاسْتِهْلَاكِ غَيْرُ وَارِدٍ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَرْقَ يَكُونُ يَسِيرًا وَيَكُونُ فَاحِشًا وَتَارَةً يَكُونُ إتْلَافًا وَاسْتِهْلَاكًا وَفِيهِ يَجِبُ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ بِلَا خِيَارٍ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ وَعَلَى هَذَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مَا تَمَّتْ السَّرِقَةُ إلَّا بِمَا يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ وَقَدْ حَدَّهُ التُّمُرْتَاشِيُّ بِأَنْ يَنْقُصَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا الْخَرْقُ الْفَاحِشُ فَقِيلَ مَا يُوجِبُ نُقْصَانَ رُبْعِ الْقِيمَةِ فَصَاعِدًا فَاحِشٌ وَإِلَّا فَيَسِيرٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى فَصَاعِدًا مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى مَا بِهِ يَصِيرُ إتْلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَالْيَسِيرُ مَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يَرُدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ وُجُوبُ الْحَدِّ لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّهُ صَارَ بِالصَّنْعَةِ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَمْلِكْ عَيْنَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ سَرَقَ فِي وِلَايَةِ سُلْطَانٍ. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْفَيْضِ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزُوًّا إلَى الْإِمَامِ الْأَجَلِّ الشَّهِيدِ. اهـ.
[بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ]
(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ) إنَّمَا أَخَّرَ هَذِهِ عَنْ الصُّغْرَى لِأَنَّهَا أَكْثَرُ وُجُودًا وَسُمِّيَتْ هَذِهِ سَرِقَةً أَيْضًا لِمُسَارَقَةِ عَيْنِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَسُمِّيَتْ كُبْرَى لِأَنَّ ضَرَرَ قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ وَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِانْقِطَاعِ الطَّرِيقِ وَلِهَذَا غُلِّظَ الْحَدُّ فِيهَا بِخِلَافِ الصُّغْرَى
(مَنْ قَصَدَهُ) أَيْ قَطْعَ الطَّرِيقِ سَوَاءً كَانَ جَمَاعَةً مُمْتَنِعِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ فَقَصَدُوهُ أَوْ وَاحِدًا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَقَصْدُهُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي حُبِسَ (مَعْصُومًا) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقَاصِدِ مَعْصُومَ الدَّمِ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا فَفِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ خِلَافٌ (عَلَى مَعْصُومٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قَصْدِهِ أَيْ قَصْدِ الْقَطْعِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ عَلَى مُسْتَأْمَنٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (فَأَخَذَ) أَيْ أَمْسَكَ (قَبْلَ أَخْذِ شَيْءٍ) مِنْ الْمَارَّةِ (وَ) قَبْلَ (قَتْلٍ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرَ (حُبِسَ) بَعْدَ التَّعْزِيرِ لِمُبَاشَرَتِهِ مُنْكَرًا (حَتَّى يَتُوبَ) لَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ بَلْ بِأَنْ يَظْهَرَ فِيهِ سِيمَا الصُّلَحَاءِ (وَإِنْ أَخَذَ) أَيْ الْقَاصِدُ (مَالًا) وَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُ نِصَابٌ (قُطِعَ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ) إنْ كَانَ صَحِيحَ الْأَطْرَافِ كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ (وَإِنْ قَتَلَ بِلَا أَخْذٍ قُتِلَ حَدًّا) لَا قِصَاصًا (فَلَا يَعْفُو عَنْهُ وَلِيٌّ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ حَدًّا وَلَوْ كَانَ قِصَاصًا لَعَفَا وَلِيُّ الْقِصَاصِ (وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ) عُطِفَ عَلَى قُتِلَ (أَوْ قُتِلَ) عُطِفَ عَلَى قُطِعَ أَيْ قُتِلَ ابْتِدَاءً بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ (أَوْ صُلِبَ حَيًّا وَيُبْعَجُ) أَيْ يُشَقُّ بَطْنَهُ بِرُمْحٍ (حَتَّى يَمُوتَ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ. أَيْ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُحَارِبُ اللَّه تَعَالَى وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ فِي الْبَرَارِيِ وَالْفَيَافِي فِي أَمَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظِهِ فَالْمُتَعَرِّضُ لَهُ كَأَنَّهُ يُحَارِبُ اللَّهَ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِهِ التَّوْزِيعُ عَلَى الْأَحْوَالِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْ يُقْتَلُوا إنْ قَتَلُوا. . . إلَخْ لَا التَّخْيِيرُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ مُتَشَبِّثًا بِظَاهِرِهِ إذْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ وَمَنْ قَتَلَ قُتِلَ وَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ» وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام نَزَلَ بِهَذَا التَّقْسِيمِ فِي أَصْحَابِ أَبِي بُرْدَةَ (وَيُتْرَكُ) مَصْلُوبًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَعْتَبِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَا أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا فَيَتَأَذَّى النَّاسُ بِهِ
(وَمَا أَخَذَ فَتَلِفَ) أَوْ أَتْلَفَ (لَا يَضْمَنُ) يَعْنِي إذَا قَتَلَ الْقَاطِعُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَخَذَهُ اعْتِبَارًا بِالسَّرِقَةِ الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّ (وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمْ حُدُّوا) لِأَنَّهُ جَزَاءُ الْمُحَارَبَةِ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِأَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ رَدًّا لِلْبَعْضِ حَتَّى إذَا زَلَّتْ أَقْدَامُهُمْ انْحَازُوا إلَيْهِمْ وَالشَّرْطُ هُوَ الْقَتْلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَدْ وُجِدَ (وَحَجَرٌ وَعَصَا لَهُمْ كَالسَّيْفِ) لِأَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ يَحْصُلُ بِالْقَتْلِ بِأَيِّ آلَةٍ كَانَتْ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَخْذِ الْمَالِ أَوْ الْإِخَافَةِ (وَإِنْ جَرَحَ وَأَخَذَ) الْمَالَ (قُطِعَ) أَيْ قُطِعَ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ (وَهُدِرَ جُرْحُهُ) لِأَنَّ الْحَدَّ لَمَّا وَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى سَقَطَتْ عِصْمَةُ النَّفْسِ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَمَا تَسْقُطُ عِصْمَةُ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ (وَإِنْ جَرَحَ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا جَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ قَوْلُهُ الْآتِي فَلَا حَدَّ (أَوْ قَتَلَ عَمْدًا) بِحَدِيدَةٍ (وَأَخَذَ الْمَالَ فَتَابَ) قَبْلَ أَنْ يُمْسَكَ (أَوْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَيْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ (أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَارَّةِ أَوْ قَطَعَ بَعْضُ الْمَارَّةِ عَلَى الْبَعْضِ أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِمِصْرٍ أَوْ بَيْنَ مِصْرَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَلَا حَدَّ) أَمَّا سُقُوطُهُ إذَا جَرَحَ فَقَطْ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فَلَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ مَنْ قَصَدَهُ مَعْصُومًا) شَامِلٌ لِلْعَبْدِ أَوْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قَتْلٌ وَقَطْعٌ وَهِيَ كَالرَّجُلِ فِي جَرَيَانِ كُلٍّ عَلَيْهَا عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ مِنْهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ عَلَى مُسْتَأْمَنٍ لَا يَجِبُ الْحَدُّ) أَيْ وَيَضْمَنُ الْمَالَ بِثُبُوتِ عِصْمَةِ مَالِهِ حَالًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحَدِّ بِالْقَطْعِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ فِيمَا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الْقَافِلَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقُطَّاعِ وَلَا يَصِيرُ شُبْهَةً بِخِلَافِ اخْتِلَاطِ ذِي الرَّحِمِ بِالْقَافِلَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُ نِصَابٌ) أَيْ قَدْرُ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ كَمَا فِي السَّرِقَةِ الصُّغْرَى (قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ الْجَمْعُ بَيْنَ جَمِيعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَعَطْفُهُ الْقَتْلَ بِثُمَّ ظَاهِرٌ فِي إفَادَةِ تَقْدِيمِ الْقَطْعِ عَلَى الْقَتْلِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَالْبُرْهَانِ عَطْفُهُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ أَوْ صُلِبَ حَيًّا) كَيْفِيَّةُ الصَّلْبِ أَنْ تُغْرَزَ خَشَبَةٌ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُرْبَطَ عَلَيْهَا خَشَبَةٌ أُخْرَى عَرْضًا فَيَضَعُ قَدَمَيْهِ عَلَيْهَا وَيَرْبِطَ مِنْ أَعْلَاهَا خَشَبَةً أُخْرَى وَيَرْبِطَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ وَيَبْعَجُ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ يُطْعَنُ بِالرُّمْحِ فِي ثَدْيِهِ الْأَيْسَرِ وَيُخَضْخَضُ بَطْنُهُ بِرُمْحٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ (قَوْلُهُ أَيْ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ) قَالَ الْكَمَالُ أَيْ يُحَارِبُونَ عِبَادَ اللَّهِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْدِيرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِالْقَطْعِ عَلَى الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ ثُمَّ قَوْله تَعَالَى {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] مُحَارَبَتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إمَّا بِاعْتِبَارِ عِصْيَانِ أَمْرِهِ وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْحَافِظُ لِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْخُلَفَاءُ وَالْمَمْلُوكُ بَعْدَهُ نُوَّابُهُ وَإِذَا قَطَعَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَوَلَّى حِفْظَهَا بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ فَقَدْ حَارَبَهُ (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى خَشَبَتِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ وَيَسْقُطَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِرْدَاعِ
(قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَخَذَهُ) كَذَا لَا يَضْمَنُ مَا قَتَلَ وَمَا جَرَحَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمْ حُدُّوا) أَوْ قَالَ وَبِمُبَاشَرَةِ أَحَدِهِمْ حُدُّوا لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ غَيْرَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) كَذَا لَوْ كَانَ أَخْرَسَ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ أَوْ مِصْرَيْنِ) أَيْ بَيْنَ مِصْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ بَعْضُ الْمَارَّةِ. . . إلَخْ) لَوْ قَالَ بَعْضُ الْقَافِلَةِ لَكَانَ صَوَابًا