الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَالْمَسْجِدِ) أَيْ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ مَرَّ
(وَلَوْ) وُجِدَ (فِي مُعَسْكَرٍ فِي فَلَاةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَفِي الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ عَلَى سَاكِنِيهِمَا، وَ) فِي (خَارِجِهِمَا إنْ كَانُوا) أَيْ سَاكِنُوا خَارِجِهِمَا (قَبَائِلَ فَعَلَى) قَبِيلَةٍ وُجِدَ (الْقَتِيلُ) فِيهَا وَلَوْ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ كَانَ كَمَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ (وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ) وَإِنْ نَزَلُوا جُمْلَةً مُخْتَلِفِينَ (فَعَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ) كُلِّهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَلُوا جُمْلَةً صَارَتْ الْأَمْكِنَةُ كُلُّهَا بِمَنْزِلَةِ مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ فَتَجِبُ غَرَامَةُ مَا وُجِدَ فِي خَارِجِ الْخِيَامِ عَلَيْهِمْ (وَلَوْ) كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا الْعَسْكَرُ (مَمْلُوكَةً فَعَلَى الْمَالِكِ) أَيْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ سُكَّانٌ وَلَا يُزَاحِمُونَ الْمَالِكَ فِي الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ
(جُرِحَ فِي حَيٍّ فَنُقِلَ إلَى أَهْلِهِ فَبَقِيَ ذَا فِرَاشٍ فَمَاتَ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْحَيِّ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ صَارَ قَتْلًا وَلِهَذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ (رَجُلٌ مَعَهُ جُرْحٌ بِهِ رَمَقٌ فَحَمَلَهُ آخَرُ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ زَمَانًا لَمْ يَضْمَنْ الْحَامِلُ) فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ فَوُجُودُهُ جَرِيحًا فِي يَدِهِ كَوُجُودِهِ فِيهَا
(رَجُلَانِ فِي بَيْتٍ بِلَا ثَالِثٍ وُجِدَ أَحَدُهُمَا قَتِيلًا ضَمِنَ الْآخَرُ دِيَتَهُ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْتُلُ نَفْسَهُ
(وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي قَرْيَةِ امْرَأَةٍ كُرِّرَ الْحَلِفُ عَلَيْهَا وَتَدِي عَاقِلَتُهَا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَسَامَةُ أَيْضًا عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهَا عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْهَا فَأَشْبَهَتْ الصَّبِيَّ وَلَهُمَا أَنَّ الْقَسَامَةَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ مُتَخَفِّفَةٌ
(بَطَلَ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِقَتْلِ غَيْرِهِمْ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ غَيْرَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ مِنْ أَهْلِهَا لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِصَدَدِ أَنْ يَصِيرُوا خُصَمَاءَ وَقَدْ بَطَلَ بِدَعْوِي الْوَلِيِّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا عُزِلَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَلَهُ أَنَّهُمْ خُصَمَاءُ بِإِنْزَالِهِمْ قَاتِلِينَ لِلتَّقْصِيرِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ خَرَجُوا مِنْ الْخُصُومَةِ كَالْوَصِيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَبِلَهَا ثُمَّ شَهِدَ (وَعَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ بَطَلَ شَهَادَتُهُمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَمَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَائِمَةٌ مَعَ الْكُلِّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَالشَّاهِدُ يَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُتَّهَمًا
[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]
(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ) جَمْعُ مَعْقُلَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْقَافِ بِمَعْنَى الْعَقْلِ أَيْ الدِّيَةِ سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ الدِّمَاءَ مِنْ أَنْ تُسْفَكَ وَمِنْهُ الْعَقْلُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْ الْقَبَائِحِ
(الْعَاقِلَةُ) هُمْ الَّذِينَ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ دِيَةُ الْقَتِيلِ خَطَأً (أَهْلُ الدِّيوَانِ لِمَنْ هُوَ مِنْهُمْ تُؤْخَذُ مِنْ عَطِيَّاتِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ) وَهُمْ الْجَيْشُ الَّذِينَ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الدِّيوَانِ. هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْعَشِيرَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَكَمَ عَلَيْهِمْ وَلَا نَسْخَ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهَا صِلَةٌ فَالْأَقَارِبُ أَوْلَى بِهَا كَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَاتِ، وَلَنَا قَضِيَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَفِي مُعَسْكَرٍ فِي فَلَاةٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ الْتَقَوْا قِتَالًا وَوُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِنْ كَانُوا لَقَوْا عَدُوَّهُمْ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَتِيلُهُمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ قَالَ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ لِأَنَّ مَا حَصَلَ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلُزُومِ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي جُرِحَ فِيهِمْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ وَتَدِي عَاقِلَتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَتُشَارِكُ عَاقِلَتُهَا فِي الدِّيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)(قَوْلُهُ جَمْعُ مَعْقُلَةٍ بِمَعْنَى الْعَقْلِ) أَيْ الدِّيَةِ. لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الدِّيَةَ فَقَدْ تَقَدَّمَ كِتَابُ الدِّيَاتِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْكِتَابِ شَيْءٌ مِنْ بَيَانِ الدِّيَاتِ بَلْ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَهِيَ الْعَاقِلَةُ وَلِذَا تَرْجَمَ فِي الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ بَابُ الْعَاقِلَةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الْعَاقِلَةُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَقْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَا يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ عِقَالٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ النُّفُورِ وَمِنْهُ سُمِّيَ اللُّبُّ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ عَمَّا يَضُرُّهُ فَكَذَلِكَ عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ وَهُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ مِمَّا يَمْنَعُونَهُ عَنْ قَتْلِ مَا لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ فَالْعَقْلُ الَّذِي هُوَ آلَةُ الْإِدْرَاكِ جَمْعُهُ عُقُولٌ وَالْعَقْلُ الَّذِي هُوَ الدِّيَةُ جَمْعُهُ الْمَعَاقِلُ وَمِنْهُ الْعَاقِلَةُ وَهُمْ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَقْلَ وَهُوَ الدِّيَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْعَاقِلَةُ هُمْ أَهْلُ الدِّيوَانِ) لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ فِي الدِّيوَانِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الدِّيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي دُخُولِهِمْ لَوْ بَاشَرُوا الْقَتْلَ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي الْغَرَامَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَ الْعَاقِلَةَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ) يَعْنِي لَا مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَنَظِيرُهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ لَا تَجِبُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ قِيمَتُهُ بِالْقَضَاءِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
فَإِنَّهُ لَمَّا دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْهُمْ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَسْخٍ بَلْ تَقْرِيرُ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ كَانَ عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ وَقَدْ كَانَتْ بِأَنْوَاعٍ كَالْوَلَاءِ وَالْحِلْفِ وَالْعَدِّ وَهُوَ أَنْ يُعَدَّ رَجُلٌ مِنْ قَبِيلَةٍ، وَفِي عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه صَارَ بِالدِّيوَانِ فَجَعَلَهَا عَلَى أَهْلِهِ اتِّبَاعًا لِلْمَعْنَى، وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ كَانَ الْيَوْمَ قَوْمٌ يَتَنَاصَرُونَ بِالْحِرَفِ فَعَاقِلَتُهُمْ أَهْلُ الْحِرْفَةِ، وَإِنْ كَانُوا يَتَنَاصَرُونَ بِالْحِلْفِ فَأَهْلُهُ، وَالدِّيَةُ صِلَةٌ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَكِنَّ إيجَابَهَا فِيمَا هُوَ صِلَةٌ وَهُوَ الْعَطَاءُ أَوْلَى مِنْ إيجَابِهَا فِي أُصُولِ أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ وَمَا تَحَمَّلَتْ الْعَاقِلَةُ إلَّا لِلتَّخْفِيفِ، وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثِ سِنِينَ مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَحْكِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه (كَذَا مَا يَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ مِنْ الدِّيَةِ) يَعْنِي يُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَنَا وَيَجِبُ حَالًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَسَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَإِنْ خَرَجَتْ) أَيْ الْعَطَايَا (لِأَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ (أَوْ أَقَلَّ) مِنْهَا (يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَقَلُّ (وَالْحَيُّ) عَطْفٌ عَلَى أَهْلُ الدِّيوَانِ أَيْ الْعَاقِلَةُ الْقَبِيلَةُ (لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ هَكَذَا أَوْ حَيُّهُ لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ حَيِّهِ لِمَنْ وَلَا وَجْهَ لِإِرْجَاعِهِ إلَيْهِ فَالصَّوَابُ وَالْحَيُّ لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ (يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ) أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْعَاقِلَةِ (فِي) مَجْمُوعِ (ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَطْ) بِحَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (فِي كُلِّ سَنَةٍ دِرْهَمٌ) لِيَكُونَ الْمَأْخُوذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (أَوْ مَعَ ثُلُثٍ) أَيْ ثُلُثِ دِرْهَمٍ لِيَكُونَ الْمَأْخُوذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ
(وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْحَيُّ ضُمَّ إلَيْهِ أَقْرَبُ الْأَحْيَاءِ نَسَبًا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا فِي الْعَصَبَاتِ) وَأَمَّا الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فَاخْتُلِفَ فِي دُخُولِهِمْ (وَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي فَلَا مَعْنَى لِإِخْرَاجِهِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ.
(وَ) الْعَاقِلَةُ (لِلْمُعْتَقِ حَيُّ مَوْلَاهُ) لِأَنَّ نُصْرَتَهُ بِهِمْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» (وَلِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ مَوْلَاهُ) الَّذِي عَاقَدَهُ (وَحَيُّهُ) أَيْ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ يَتَنَاصَرُونَ فَأَشْبَهَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ (وَتَتَحَمَّلُ الْعَاقِلَةُ مَا يَجِبُ بِنَفْسِ الْقَتْلِ) الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَوْلِيَاءِ الضَّارِبَةِ قُومُوا فَدُوهُ قَالَهُ حِينَ ضَرَبَتْ امْرَأَةٌ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّ الْخَاطِئَ مَعْذُورٌ وَكَذَا الْمُبَاشِرُ شِبْهَ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْآلَةَ لِلتَّأْدِيبِ لَا لِلْقَتْلِ، وَلِلنَّفْسِ احْتِرَامٌ لَا يَجُوزُ إهْدَارُهَا وَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ، وَفِي إيجَابِ مَالٍ عَظِيمٍ اسْتِئْصَالٌ لَهُ فَضُمَّ إلَيْهِ الْعَاقِلَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَّرَ بِقُوَّةٍ فِيهِ وَهِيَ بِأَنْصَارِهِ وَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَكَانُوا مُقَصِّرِينَ فِي تَرْكِ مُرَاقَبَتِهِ فَخُصُّوا بِهِ (وَقَدْرَ أَرْشِ مُوضِحَةٍ فَصَاعِدًا) لِمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الشِّجَاجِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُوضِحَةِ فَصَاعِدًا الدِّيَةُ وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ (لَا) أَيْ لَا يَتَحَمَّلُ الْعَاقِلَةَ (مَا يَجِبُ بِصُلْحٍ أَوْ إقْرَارٍ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ عَمْدٍ سَقَطَ قَوَدُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ قَتَلَهُ ابْنُهُ عَمْدًا وَلَا جِنَايَةَ عَبْدٍ أَوْ عَمْدٍ وَمَا دُونَ أَرْشِ مُوضِحَةٍ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا تَعْقِلُ الْعَوَاقِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ» وَلِأَنَّ التَّحَمُّلَ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الِاسْتِئْصَالِ وَلَا اسْتِئْصَالَ فِي الْقَلِيلِ، وَالتَّقْدِيرُ الْفَاصِلُ عُرِفَ بِالسَّمْعِ وَمَا نَقَصَ عَنْهُ لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ كَالْوَلَاءِ) يَعْنِي وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ (قَوْلُهُ وَالْحِلْفِ) قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْحِلْفُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْعَهْدُ وَالْمُرَادُ بِهِ وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ،.
وَفِي النِّهَايَةِ الْحِلْفُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْعَهْدُ يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَحَالَفُوا عَلَى التَّنَاصُرِ وَالْمُرَادُ هُنَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ وَالْعَدِّ وَهُوَ أَنْ يُعَدَّ الرَّجُلُ مِنْ قَبِيلَةٍ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلَتِهِمْ يُقَالُ فُلَانٌ عَدِيدُ بَنِي فُلَانٍ (قَوْلُهُ كَذَا مَا يَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ مِنْ الدِّيَةِ يَعْنِي يُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَنَا) قَالَ النَّاطِفِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَفِي مَالِهِ يُؤَدِّي كُلَّ سَنَةٍ ثَلَاثَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً كَمَا فِي الْمُجْتَبَى قَالَ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ أُسْتَاذِي الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قُلْت وَهَذَا حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ فَقَدْ رَأَيْتُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَتْ أَيْ الْعَطَايَا لِأَكْثَرَ مِنْهَا. . . إلَخْ)
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْعَطَايَا لِلسِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَتْ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا تُؤْخَذُ مِنْهَا (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْعَصَبَاتِ) ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِ آبَاءِ الْقَاتِلِ وَأَبْنَائِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ دُخُولِهِمْ فَيَبْدَأُ بِالْإِخْوَةِ ثُمَّ بَنِيهِمْ ثُمَّ بِالْأَعْمَامِ كَذَلِكَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْعَاقِلَةُ لِلْمُعْتَقِ حَيُّ مَوْلَاهُ) يَعْنِي مَعَ مَوْلَاهُ وَعَلَيْهِ نَصَّ الْبُرْهَانُ بِقَوْلِهِ وَيَعْقِلُ عَنْ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ مَوْلَاهُ وَقَبِيلَتُهُ عِنْدَنَا كَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ اهـ.
وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَأَشْبَهَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ.