الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَيَّاتُ حَتَّى لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى ضَمِنَ كَذَا فِي الْكَافِي (كَمَا فِي صَبِيٍّ أُودِعَ عَبْدًا فَقَتَلَهُ) أَيْ إذَا أَوْدَعَ مَوْلَى الْعَبْدِ عَبْدَهُ صَبِيًّا فَقَتَلَهُ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ قِيمَتَهُ (وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا بِإِيدَاعٍ لَا يَضْمَنُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا مَعْصُومًا وَلَهُمَا أَنَّ غَيْرَ الْعَبْدِ مَعْصُومٌ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَقَدْ فَوَّتَهُ لِدَفْعِهِ إلَى يَدِ الصَّبِيِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَعِصْمَتُهُ لِحَقِّهِ لِبَقَائِهِ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الدَّمِ (وَبِدُونِهِ يَضْمَنُ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ
(بَابُ الْقَسَامَةِ))
(هِيَ أَيْمَانٌ تُقْسَمُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهِمْ) قَوْلُهُ (مَيِّتٌ بِهِ جُرْحٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي حَلَفَ لَهُ (أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ خَنِقٍ) بِكَسْرِ النُّونِ (أَوْ خُرُوجِ دَمٍ مِنْ أُذُنِهِ أَوْ عَيْنَيْهِ وُجِدَ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ أَكْثَرُهُ) عُطِفَ عَلَى ضَمِيرِ وُجِدَ وَجَازَ لِلْفَصْلِ أَيْ أَكْثَرُ الْبَدَنِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ رَأْسُهُ أَوْ لَا (أَوْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَعَ رَأْسِهِ لَا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ) إذْ لَوْ عَلِمَ كَانَ هُوَ الْخَصْمَ وَسَقَطَ الْقَسَامَةُ (وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِهَا) أَيْ كُلِّهِمْ (أَوْ) عَلَى (بَعْضِهِمْ) عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (حَلَفَ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ (خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَنَّ هَذَا قَتِيلٌ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَمَا الَّذِي تُخْرِجُهُ فَكَتَبُوا إلَيْهِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَقَعَتْ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مُوسَى عليه السلام أَمْرًا فَإِنْ كُنْت نَبِيًّا فَاسْأَلْ اللَّهَ تَعَالَى مِثْلَ ذَلِكَ فَكَتَبَ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمْ أَنَّ اللَّهَ أَرَانِي أَنْ أَخْتَارَ مِنْكُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا فَيَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا ثُمَّ تَغْرَمُونَ الدِّيَةَ قَالُوا لَقَدْ قَضَيْت فِينَا بِالنَّامُوسِ» أَيْ بِالْوَحْيِ (يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ) إشَارَةً إلَى أَنَّ اخْتِيَارَ تَعْيِينِ الْخَمْسِينَ إلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ يَتَّهِمُهُ بِالْقَتْلِ وَهُوَ الْفَسَقَةُ وَالشُّبَّانُ أَوْ صَالَحُوا أَهْلَ الْمَحَلَّةِ لِأَنَّ تَحَرُّزَهُمْ عَنْ الْيَمِينِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى) لَيْسَتْ قَيْدًا لِأَنَّهُ كَذَلِكَ الْأَمْرَاضُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبُرْهَانِ قَوْلُهُ ضَمِنَ لَيْسَ الْمُرَادُ ضَمَانَهُ وَحْدَهُ بَلْ مَعَ عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي صَبِيٍّ أُودِعَ عَبْدًا فَقَتَلَهُ) التَّشْبِيهُ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الضَّمَانِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي مَسْأَلَةِ عَبْدِ الْقِيمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ شَرْحًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكَافِي نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ قَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ يَحْتَمِلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْقِيمَةَ وَإِنَّمَا آثَرَ لَفْظَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا بِإِزَاءِ الْآدَمِيَّةِ وَالْقِيمَةُ بِإِزَاءِ الْمَالِيَّةِ وَالْوَاجِبُ فِي الْعَبْدِ بِإِزَاءِ إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي التَّفْسِيرِ ثُمَّ مُحَمَّدٌ رحمه الله شَرَطَ فِي الْجَامِعِ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ عَاقِلًا.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي صَبِيٍّ عُمْرُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْعَاقِلِ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ وَفِعْلُهُ مُعْتَبَرٌ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ النِّحْرِيرِيُّ نَقْلًا عَنْ الشَّلَبِيِّ قَوْلُهُ أَيْ الزَّيْلَعِيُّ وَذَلِكَ دَلِيلٌ. . . إلَخْ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مَذْهَبُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّ الصَّبِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَاقِلًا لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ اهـ مَا عَنْ الشَّلَبِيِّ ثُمَّ كَتَبَ بَعْدَهُ وَقَالَ مِسْكِينٌ وَالْخِلَافُ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ غَيْرُ الْعَاقِلِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا بِإِيدَاعٍ لَمْ يَضْمَنْ) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَا وَبَيْنَ إتْلَافِهِ الْعَبْدَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ مَالٌ أَيْضًا قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ عِصْمَةَ الْمَالِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ حَقُّ مَالِكِهِ فَيَمْلِكُ اسْتِهْلَاكَهُ وَلَهُ تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِهِ وَأَمَّا الْآدَمِيُّ الْمَمْلُوكُ فَعِصْمَتُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ لَا لِحَقِّ مَوْلَاهُ وَلِهَذَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الدَّمِ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ اسْتِهْلَاكِهِ فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا وَهَذَا الْفَرْقُ مُؤَدَّى قَوْلِهِ وَلَهُمَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْعَبْدِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِنَّمَا ضَبَطْته لِأَنَّهُ يَلْتَبِسُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّنَاقُضُ بِمَا يَلِيهِ وَلِذَا أَوْضَحْته بِالْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
[بَابُ الْقَسَامَةِ]
(بَابُ الْقَسَامَةِ)(قَوْلُهُ مَيِّتٌ بِهِ جُرْحٌ) يَعْنِي إذَا كَانَ حُرًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمَّا إذَا كَانَ عَبْدًا فَتَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالْقِيمَةُ إذَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ وَلَا تَجِبُ الْغَرَامَةُ وَلَا الْقَسَامَةُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَالْبَهَائِمِ وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لَوْ فِي غَيْرِ دَارِ مَوْلَاهُمْ وَفِيهَا لَيْسَ فِيهِمْ شَيْءٌ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِلَّا فِي الْمَأْذُونِ إنْ كَانَ مَدْيُونًا فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ لِغُرَمَائِهِ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّسَفِيِّ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (قَوْلُهُ حَلَفَ لَهُ) لَا فَرْقَ فِي تَحْلِيفِ الْخَمْسِينَ بَيْنَ دَعْوَى الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَبِهِ اعْتَرَضَ ابْنُ الْمَلِكِ عَلَى مَتْنِ الْمَجْمَعِ بِإِلْزَامِهِ الْعَاقِلَةَ دِيَةَ الْقَتْلِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَمْ يُفَصِّلْ فَيَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَسَنُبَيِّنُهُ فَلْيُحَرَّرْ
الْكَاذِبَةِ أَبْلَغُ فَيَظْهَرُ الْقَاتِلُ (قَائِلًا) كُلٌّ مِنْهُمْ (بِاَللَّهِ مَا قَتَلْته وَلَا عَلِمْت لَهُ قَاتِلًا لَا الْوَلِيُّ) أَيْ لَا يَحْلِفُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ بِأَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ اسْتَحْلَفَ الْأَوْلِيَاءَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ حَلَفُوا يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَمْدًا كَانَتْ الدَّعْوَى أَوْ خَطَأً فِي قَوْلٍ وَفِي قَوْلٍ يَقْضِي بِالْقَوَدِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَمْدِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنْ حَلَفُوا تُرِكُوا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ نَكَلُوا فَيَلِيهِمْ الْقِصَاصُ فِي قَوْلٍ وَالدِّيَةُ فِي قَوْلٍ وَاللَّوْثُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ تُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صِدْقَ الْمُدَّعِي بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَلَامَةُ الْقَتْلِ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ كَالدَّمِ أَوْ ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي مِنْ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ عُدُولٍ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ الظَّاهِرُ حَلَفَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْبِدَايَةِ بِيَمِينِ الْوَلِيِّ «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْأَوْلِيَاءِ فَيُقْسِمُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ» وَلِأَنَّ الْيَمِينَ حُجَّةٌ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى فَإِنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الذِّمَمِ الْبَرَاءَةُ وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي عِنْدَ قِيَامِ اللَّوْثِ وَقُرْبِ الْعَهْدِ فَتَكُونُ الْيَمِينُ حُجَّةً لَهُ وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْحُجَّةِ نَوْعُ شُبْهَةٍ وَالْقِصَاصُ عُقُوبَةٌ تَسْقُطُ بِهَا فَلِهَذَا وَجَبَ الدِّيَةُ فِي الْجَدِيدِ وَلَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَرَوَى ابْنُ الْمُسَيِّبِ رضي الله عنه «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالْيَهُودِ بِالْقَسَامَةِ وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَيْهِمْ» لِوُجُودِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِاسْتِحْقَاقِ فَلِسٍ فَكَيْفَ يَكُونُ حُجَّةً لِاسْتِحْقَاقِ نَفْسٍ وَالْيَمِينُ عِنْدَنَا لِيَظْهَرَ الْقَاتِلُ بِتَحَرُّزِهِمْ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ فَيُقِرُّوا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ وَإِذَا حَلَفُوا حَصَلَ الْبَرَاءَةُ عَنْ الْقِصَاصِ (ثُمَّ يَقْضِي عَلَى أَهْلهَا) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ (بِالدِّيَةِ) لِوُجُودِ الْقَتِيلِ بَيْنَهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَسَامَةِ» وَكَذَا عُمَرُ. رضي الله عنه
(وَإِنْ ادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ سَقَطَ الْقَسَامَةُ عَنْهُمْ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْقَتْلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ كَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً مِنْهُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ مِنْهُمْ فَلَا) أَيْ وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ لَا يُبْطِلُ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَنْ أَهْلِهَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ يَكُون ذَلِكَ إبْرَاءً مِنْهُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ كَذَا فِي الْجِنَايَةِ (وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ) أَيْ الْخَمْسُونَ (فِيهَا) أَيْ الْمَحَلَّةِ (كَرَّرَ الْحَلِفَ عَلَيْهِمْ إلَى أَنْ يُتِمَّ) أَيْ الْخَمْسُونَ (وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ) لِأَنَّ الْحَلِفَ فِيهِ وَاجِبٌ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الدَّمِ وَلِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ بِخِلَافِ النُّكُولِ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّ الْحَلِفَ فِيهَا بَدَلٌ عَنْ أَصْلِ حَقِّهِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِبَدَلِ الْمُدَّعِي وَهُنَا لَا تَسْقُطُ بِبَدَلِ الدِّيَةِ (وَمُسْتَحْلِفٌ قَالَ قَتَلَهُ زَيْدٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت وَلَا عَرَفْت قَاتِلًا غَيْرَ زَيْدٍ) لِأَنَّهُ يُرِيدُ إسْقَاطَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَيَحْلِفُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ صَارَ مُسْتَثْنًى عَنْ الْيَمِينِ فَبَقِيَ حُكْمُ مَنْ سِوَاهُ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ
(وَلَا قَسَامَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ لِمَا عَرَفْت وَالْيَمِينُ قَوْلٌ (وَامْرَأَةٌ وَعَبْدٌ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى أَهْلِهَا
(وَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ) عَلَى أَحَدٍ (فِي حَقِّ مَيِّتٍ لَا أَثَرَ بِهِ أَوْ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتِيلٍ إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَثَرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ قَتِيلًا وَهُوَ مَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْضِي عَلَى أَهْلِهَا بِالدِّيَةِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ فَإِذَا حَلَفُوا يَقْضِي عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ عِنْدَنَا فِي دَعْوَى الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِمْ فِي الْخَطَأِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْهُمْ فَلَا) يَعْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ) هِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا كَرَّرَ الْحَلِفَ عَلَيْهِمْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْعَدَدُ فَأَرَادَ الْوَلِيُّ تَكْرِيرَ الْحَلِفِ عَلَى بَعْضِهِمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رحمه الله كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إسْقَاطَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ) كَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ
(قَوْله أَوْ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَمِهِ) يَعْنِي وَهُوَ يَنْزِلُ مِنْ الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ يَعْلُو مِنْ الْجَوْفِ يَكُونُ قَتِيلًا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهَا هُنَا يَعْنِي إذَا وَجَدَ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ