الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا (إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ) بِأَنْ بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدَيْنِ وَعَيَّنَ لِمَصَالِحِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقْفًا (وَقَلَّ مَرْسُومُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِأَنْ انْتَقَصَ مَرْسُومُ إمَامِ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ مُؤَذِّنِهِ مَثَلًا بِسَبَبِ كَوْنِ وَقْفِهِ خَرَابًا (جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ) الْوَقْفِ (الْآخَرِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ أَوْ رَجُلٌ مَسْجِدًا أَوْ مَدْرَسَةً وَوَقَفُوا لَهُمَا أَوْقَافًا (فَلَا) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ وَقْفِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهَا فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا أَوْ افْعَلْ مَا رَأَيْت مِنْ الصَّوَابِ فَجَعْلُهُ لَهُمْ بَاطِلٌ) لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ التَّسْجِيلِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا يَقْدِرُ وَصِيُّهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ (إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ) قَبْلَ التَّسْجِيلِ (أَنْ يَصْرِفَ) أَيْ الْوَاقِفُ (غَلَّتَهَا إلَى مَنْ شَاءَ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (جَازَ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا وَعَكْسُهُ) كَذَا فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ.
(وَ) جَازَ أَيْضًا (جَعْلُ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا لَا عَكْسُهُ) إذْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ لَا الْمُرُورُ فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَجَازَ) أَيْضًا (أَخْذُ أَرْضٍ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ إذَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ بِالْقِيمَةِ كُرْهًا) كَذَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى.
(وَ) جَازَ أَيْضًا (جَعْلُ) الْوَاقِفِ (الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ) لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ فَيَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ ضَرُورَةً لَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْ يَدِهِ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُخْرِجَهُ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ مِنْ يَدِهِ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ (وَأَجَازَ أَبُو يُوسُفَ جَعْلَ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ) يَعْنِي إذَا وَقَفَ وَشَرَطَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ بَطَلَ الْوَقْفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهِلَالٍ لِفَوَاتِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ اعْتِبَارًا لِلِابْتِدَاءِ بِالِانْتِهَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ فَيَعُودُ إلَى مِلْكِ الْمَالِكِ وَمَشَايِخُ بَلْخِي أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا (وَأَجَازَ) أَيْضًا (شَرْطَ) الْوَاقِفِ (أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ أَوْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ أَرْضًا أُخْرَى إذَا شَاءَ) ، (فَإِذَا فَعَلَ صَارَتْ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى فِي شَرَائِطِهَا بِلَا ذِكْرِهَا، ثُمَّ لَا يَسْتَبْدِلُهَا بِثَالِثَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ وُجِدَ فِي الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ (وَأَمَّا بِدُونِ الشَّرْطِ فَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الِاسْتِبْدَالَ (إلَّا الْقَاضِي) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(صَحَّ)
(وَقْفُ الْعَقَارِ
بِبَقَرِهِ وَأَكَرَتِهِ) وَهُمْ عَبِيدُهُ (وَسَائِرِ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ) تَبِعَةٌ لِلْعَقَارِ (لَا الْمَنْقُولِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ صِحَّتُهُ فِي الْمُتَعَارَفِ وَقْفِيَّتُهُ) كَالْفَأْسِ وَالْمَرِّ وَالْقَدُومِ وَالْمِنْشَارِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَالْقُدُورِ وَالْمَرَاجِلِ، إذَا وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ جَازَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ جَازَ وَيَقْرَأُ فِيهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ جَازَ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا) قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ، وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنْ يَبْقَى لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمَسْجِدُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ جَانِبِ الطَّرِيقِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ بَلْ هُوَ طَرِيقٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ حَوَائِطُهُ عَادَ طَرِيقًا كَمَا كَانَ قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) يَعْنِي يَجُوزُ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَجَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرُ إلَّا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا فِيهِ الدَّوَابَّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَجَازَ أَيْضًا جَعْلُ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا. . . إلَخْ) فِيهِ نَوْعُ اسْتِدْرَاكٍ بِمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِي اتِّخَاذِ بَعْضِ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا وَهَذَا فِي اتِّخَاذِ جَمِيعِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الضَّرَرَ ظَاهِرٌ فِي اتِّخَاذِ جَمِيعِ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا لِإِبْطَالِ حَقِّ الْعَامَّةِ فِي الْمُرُورِ الْمُعْتَادِ بِدَوَابِّهِمْ وَغَيْرِهَا فَلَا يُقَالُ بِهِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ بِأَنْ يُرَادَ بَعْضُ الطَّرِيقِ لَا كُلُّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا وَفِيهِ نَوْعُ مُدَافَعَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْبَعْضِ وَالْكُلِّ وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَالَ وَلَهُمْ جَعْلُ الرَّحْبَةِ مَسْجِدًا وَقَلْبُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى الْقَلْبِ يَقْتَضِي جَعْلَ الْمَسْجِدِ رَحْبَةً وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. فَكَيْفَ يُجْعَلُ طَرِيقًا وَفِيهِ تَسْقُطُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا الْقَاضِي) يَعْنِي بِهِ الْعَالِمَ الْعَامِلَ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
[وَقَفَ الْعَقَار]
(قَوْلُهُ صَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأُكَرَتِهِ. . . إلَخْ) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ صِحَّتُهُ فِي الْمُتَعَارَفِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَزَادَ مُحَمَّدٌ مَا تُعُورِفَ وَقْفُهُ كَالْمَصَاحِفِ وَالْكُتُبِ وَالْقُدُورِ وَالْقَدُومِ وَالْفَأْسِ وَالْمِنْشَارِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْأَوَانِي فِي غَسْلِ الْمَوْتَى وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَمَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَبِهِ يُفْتَى
وَلَا يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا وَقْفُ الْكُتُبِ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ لَا يُجِيزُهُ وَنُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يُجِيزُهُ وَوَقَفَ كُتُبَهُ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُجِيزُهُ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ زُفَرَ فِيمَنْ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الطَّعَامَ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ مَا يُوزَنُ أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ وَكَيْفَ؟ قَالَ يَدْفَعُ الدَّرَاهِمَ مُضَارَبَةً، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهَا فِي الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَمَا يُكَالُ وَمَا يُوزَنُ يُبَاعُ فَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً كَالدَّرَاهِمِ فَعَلَى هَذَا الْكُرُّ مِنْ الْحِنْطَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(بَنَى عَلَى أَرْضِهِ فَوَقَفَهُ) أَيْ الْبِنَاءَ (بِدُونِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْعَقَارُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَأَبَّدُ وَأُلْحِقَ بِهِ مَا يَتْبَعُهُ وَمَا وَرَدَ فِيهِ الْآثَارُ وَمَا فِيهِ التَّعَامُلُ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ (وَقِيلَ جَازَ) فِي الْكَافِي، وَلَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ قَصْدًا لَمْ يَجُزْ فِي الصَّحِيحِ.
وَفِي الْقَاعِدِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَجَازَ وَقْفَ الْمَقْبَرَةِ وَالطَّرِيقِ كَمَا أَجَازَ الْمَسْجِدَ، وَكَذَا الْقَنْطَرَةُ يَتَّخِذُهَا رَجُلٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَطَرَّقُونَ فِيهَا وَلَا يَكُونُ بِنَاؤُهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَقْفِ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ وَقْفَ الْبِنَاءِ بِدُونِ أَصْلِ الدَّارِ لَا يَجُوزُ.
(وَلَوْ) بَنَى (عَلَى أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لِجِهَةٍ)(فَوَقَفَهُ) أَيْ الْبِنَاءَ (لَهَا) أَيْ لِتِلْكَ الْجِهَةِ (جَازَ بِالْإِجْمَاعِ) لِاتِّحَادِ الْجِهَةِ (وَلَوْ) وَقَفَهُ (لِغَيْرِهَا اُخْتُلِفَ فِيهِ) قِيلَ جَازَ وَقِيلَ لَمْ يَجُزْ، ثُمَّ الْوَقْفُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ (تَجِبُ عِمَارَتُهُ) سَوَاءٌ (شَرَطَ) الْوَاقِفُ الْعِمَارَةَ (أَوْ لَا) فَإِنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً نَصًّا فَهِيَ مَشْرُوطَةٌ اقْتِضَاءً؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ إدْرَاكُ الْغَلَّةِ مُؤَبَّدًا عَلَى الْمَصَارِفِ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِصْلَاحِهَا وَعِمَارَتِهَا فَيَثْبُتُ شَرْطُ الْعِمَارَةِ اقْتِضَاءً وَالثَّابِتُ كَالثَّابِتِ نَصًّا (عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عِمَارَتُهُ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ.
(لَوْ) كَانَ (مُعَيَّنًا) بِأَنْ وَقَفَ دَارًا عَلَى سُكْنَى أَوْلَادِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِهِ وَالْغُرْمُ بِالْغُنْمِ، وَلِهَذَا يَكُونُ نَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا (يَبْدَأُ بِهَا) أَيْ بِالْعِمَارَةِ (مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ غَلَّةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يُمْكِنْ مُطَالَبَتُهُمْ بِهَا لِكَثْرَتِهِمْ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ أَقْرَبُ أَمْوَالِهِمْ فَيَجِبُ مِنْهَا (وَلَمْ تَزِدْ فِي الْأَصَحِّ) يَعْنِي إنَّمَا تَجِبُ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهُ الْمَالِكُ عَلَيْهَا، وَإِنْ خَرِبَ يَبْنِي عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ بِصِفَتِهِ صَارَ غَلَّتُهُ مُسْتَحَقَّةَ الصَّرْفِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا وَالْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةٌ لَهُ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ غَلَّةٍ مُسْتَحَقَّةٍ لَهُ إلَى جِهَةٍ غَيْرِ مُسْتَحَقَّةٍ إلَّا بِرِضَاهُ.
(وَلَوْ)(أَبَى) أَيْ الْمُعَيَّنُ (عَنْ عِمَارَةِ الْوَقْفِ أَوْ عَجَزَ) عَنْهَا (عَمَّرَهُ الْحَاكِمُ) بِأَنْ آجَرَهُ وَعَمَّرَهُ (بِأُجْرَتِهِ فَرَدَّهُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَلَا يُجْبَرُ) أَيْ الْآبِي (عَلَيْهَا) أَيْ الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا إتْلَافَ مَالِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَا يَكُونُ إبَاؤُهُ رِضًى بِبُطْلَانِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ التَّرَدُّدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَعَنْ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ زُفَرَ. . . إلَخْ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ نَقَلَهُ عَنْ زُفَرَ حَيْثُ قَالَ وَعَنْ زُفَرَ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا الْكُرُّ مِنْ الْحِنْطَةِ) أَقُولُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْفَعُ ثَمَنَهُ مُضَارَبَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَا يُكَالُ. . . إلَخْ إذْ هُوَ مَكِيلٌ وَإِلَّا فَلَعَلَّ الْكَلَامَ لَهُ تَتِمَّةٌ حُذِفَتْ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ يُبَاعُ فَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ بِضَاعَةً أَوْ مُضَارَبَةً كَالدَّرَاهِمِ قَالُوا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ قَالَ الْكُرُّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَقْفٌ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُقْرَضَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا بَذْرَ لَهُمْ فَزَرَعُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ قَدْرُ الْقَرْضِ، ثُمَّ يُقْرَضَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ هَذَا أَبَدًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْقَاعِدِيَّةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا مَعَ زِيَادَةٍ حَيْثُ قَالَ وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ الْمَعْرُوفِ بِمَهْرَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ وَجَدْت فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ أَجَازَ وَقْفَ الْمَقْبَرَةِ وَالطَّرِيقِ كَمَا أَجَازَ الْمَسْجِدَ، وَكَذَا الْقَنْطَرَةُ يَتَّخِذُهَا الرَّجُلُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَطَرَّقُونَ فِيهَا وَلَا يَكُونُ بِنَاؤُهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، خَصَّ بِنَاءَ الْقَنْطَرَةِ فِي بُطْلَانِ الْمِيرَاثِ قَالُوا تَأْوِيلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ الْقَنْطَرَةِ مِلْكَ الْبَانِي وَهُوَ الْمُعْتَادُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَّخِذُ الْقَنْطَرَةَ عَلَى النَّهْرِ الْعَامِّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَقْفِ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَصْلِ اهـ.
وَفِي كَافِي النَّسَفِيِّ وَلَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ قَصْدًا لَمْ يَجُزْ فِي الصَّحِيحِ اهـ.
وَقَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوَاهُ وَقَفَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ دُونَ الْأَرْضِ الْفَتْوَى صِحَّةُ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْوَاقِفُ إذَا افْتَقَرَ أَوْ احْتَاجَ إلَى الْوُقُوفِ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَجَّلًا) أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِأَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ وَقَفَهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ مُؤَبَّدًا وَذَكَرَ أَنَّ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَمَا دَامَ حَيًّا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا بِأَمْرِ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ هَذَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَفَسَخَهُ لَوْ لِوَارِثِ الْوَاقِفِ. . . إلَخْ مَعَ لُزُومِ الْوَقْفِ بِالتَّعْلِيقِ بِالْمَوْتِ وَبِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ.