الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الصُّورَةِ الْأُولَى شُبْهَةً يَسْقُطُ بِهَا الْقِصَاصُ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ أَدْنَى مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ أَقُولُ فِي دَفْعِهِ إنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَا يُورِثُ شُبْهَةً يُدْفَعُ بِهَا الْقِصَاصُ بَلْ يُوجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى مُدَّعِي الْقَطْعِ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَاهُ وَأَثْبَتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي كَانَ مُوجِبًا عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِهِ فَيَكُونُ الْمُدَّعِي فِي حُكْمِ الْمُكْرِهِ لِلْقَاضِي كَمَا يَكُونُ الْمُسْتَوْفَى بِنَفْسِهِ فِي حُكْمِ الْمُخْطِئِ بَلْ يَكُونُ مُكْرَهًا حَقِيقَةً بِمُقْتَضَى تَعْرِيفِ الْإِكْرَاهِ وَهُوَ حَمْلُ الْغَيْرِ عَلَى فِعْلٍ بِمَا يُعْدَمُ رِضَاهُ بِهِ لَا اخْتِيَارُهُ فَإِذَا كَانَ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ أَوْ مُكْرَهًا وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ حِينَئِذٍ يَكُونُ آلَةً لَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْمُبَاشِرِ لِلْقَتْلِ الْعَمْدِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ
(وَأَرْشُ الْيَدِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ دِيَةُ النَّفْسِ أَيْ ضَمِنَ أَرْشَ الْيَدِ (مَنْ قَطَعَ يَدَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ فَعَفَا عَنْهُ) أَيْ قَطَعَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ يَدَ الْقَاتِلِ ثُمَّ عَفَا عَنْ الْقَتْلِ ضَمِنَ دِيَةَ الْيَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ إتْلَافَ النَّفْسِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَأَتْلَفَ الْبَعْضَ فَإِذَا عَفَا فَهُوَ عَمَّا سِوَى هَذَا الْبَعْضِ وَلَهُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ
(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ)
أَيْ حَالَةِ الْقَتْلِ (الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ بَدْءًا لَا إرْثًا) اعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا طَرِيقَتَيْنِ أَحَدُهُمَا طَرِيقُ الْخِلَافَةِ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً بِسَبَبٍ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْمُورِثِ كَمَا إذَا اتَّهَبَ الْعَبْدَ فَإِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمَوْلَى بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَالثَّانِي طَرِيقُ الْوِرَاثَةِ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْمُورِثِ ثُمَّ لِلْوَارِثِ بِالنَّقْلِ مِنْهُ إلَيْهِ فَذَهَبَ الْإِمَامَانِ إلَى الثَّانِي قَوْلًا بِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْرُوثٌ عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ سِهَامُ الْوَرَثَةِ وَيَصِحُّ عَفْوُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَيَقْضِي دُيُونَهُ مِنْهُ إذَا انْقَلَبَ مَالًا وَيَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْهُ كَمَا فِي الدِّيَةِ وَذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى الْأَوَّلِ قَوْلًا بِأَنَّ الْقِصَاصَ غَيْرُ مَوْرُوثٍ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلتَّشَفِّي وَدَرْكِ الثَّأْرِ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ بِسَبَبٍ انْعَقَدَ لِلْمَيِّتِ أَيْ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فَيَسْتَحِقُّونَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ مِلْكُ الْفِعْلِ فِي الْمَحَلِّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ مِنْ الْمَيِّتِ وَلِهَذَا صَحَّ عَفْوُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ وَإِنَّمَا صَحَّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ لِأَنَّ السَّبَبَ انْعَقَدَ لَهُ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] نَصَّ عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ حَقًّا لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَالدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لِمِلْكِ الْمَالِ وَلِهَذَا لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ يَمْلِكُهُ وَأَصْلُ الِاخْتِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ حَقُّ الْوَرَثَةِ عِنْدَهُ وَحَقُّ الْمَيِّتِ عِنْدَهُمَا فَإِذَا كَانَ الْقِصَاصُ يَثْبُتُ حَقًّا لِلْوَرَثَةِ عِنْدَهُ ابْتِدَاءً (فَلَا يَصِيرُ أَحَدُهُمْ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ) فِي إثْبَاتِ حَقِّهِمْ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْهُمْ وَبِإِقَامَةِ الْحَاضِرِ الْبَيِّنَةَ لَا يَثْبُتُ الْقِصَاصُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ (فَلَوْ بَرْهَنَ) أَحَدُهُمْ (بِغَيْبَةِ أَخِيهِ عَلَى قَتْلِ أَبِيهِ فَحَضَرَ) الْأَخُ الْغَائِبُ (يُعِيدُهَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ (وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ) إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْقَتْلِ وَالْمُتَّهَمُ يُحْبَسُ (بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَالدَّيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُعِيدُهَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَقُولُ فِي دَفْعِهِ إنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَا يُورِثُ شُبْهَةً يَنْدَفِعُ بِهَا الْقِصَاصُ بَلْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ عَلَى مُدَّعِي الْقَتْلِ. . . إلَخْ) بَعِيدُ الْإِسْنَادِ إلَى مَقَامِ الْمُؤَلِّفِ رحمه الله لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ مُبَايِنٌ لِلْقَضَاءِ لِاسْتِنَادِهِ لِلْحُجَّةِ وَالْإِكْرَاهُ لَا حُجَّةَ مَعَهُ وَإِنَّمَا هُوَ بَغْيٌ مَحْضٌ وَلَوْ قِيلَ بِمَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ لِلْقَضَاءِ فَائِدَةٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ وَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى حَقِيقَةِ الْإِكْرَاهِ وَكَانَ الْقَاضِي آلَةً فِي يَدِ الْمُدَّعِي صَارَ الْقَضَاءُ مُنْعَدِمًا وَصَارَ الْمُدَّعِي مُسْتَوْفِيًا بِنَفْسِهِ وَهُوَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَسَرَى إلَى النَّفْسِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِلشُّبْهَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ مَتْنًا وَفِي إثْبَاتِ الْقِصَاصِ مَعَ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ إبْطَالٌ لِلْمَتْنِ بَلْ لِكُلِّ مَتْنٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ
(قَوْلُهُ وَأَرْشُ الْيَدِ مِنْ قَطْعٍ. . . إلَخْ) يَعْنِي سَوَاءٌ قَضَى بِالْقِصَاصِ أَوْ لَمْ يَقْضِ وَذَلِكَ فِي مَالِهِ نَصَّ عَلَيْهِ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْبَزْدَوِيُّ (قَوْلُهُ ضَمِنَ دِيَةَ الْيَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي إذَا بَرِئَتْ وَلَمْ تَسْرِ إلَى النَّفْسِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَهُمَا يَعْنِي الصَّاحِبَيْنِ أَهْدَرَاهُ أَيْ أَرْشَ الْيَدِ كَمَا لَوْ سَرَى إلَى نَفْسِهِ وَكَمَا لَوْ كَانَ لَهُ قِصَاصٌ فِي الطَّرَفِ فَقَطَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْأَصَابِعَ وَهِيَ لِلْكَفِّ كَالْأَطْرَافِ لِلنَّفْسِ وَكَمَا لَوْ قَطَعَ وَمَا عَفَا وَمَا سَرَى ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ قَبْلَ الْبَرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ قَطَعَ وَمَا عَفَا وَبَرِيءَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ حَزَّ رَقَبَتَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ فَلَا يَضْمَنُ حَتَّى لَوْ حَزَّهَا بَعْدَ الْبُرْءِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ انْتَهَى
(تَنْبِيهٌ) لَا قِصَاصَ فِي الشَّعْرِ أَيَّ شَعْرٍ كَانَ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ]
[مَسَائِلِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ]
بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ (قَوْلُهُ اعْلَمْ. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
أَيْ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْمَالُ وَطَرِيقُ ثُبُوتِهِ الْمِيرَاثُ وَكَذَا الدَّيْنُ إذَا أَقَامَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَيِّنَةً أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَحَضَرَ أَخُوهُ لَا يُعِيدُهَا (بَرْهَنَ الْقَاتِلُ عَلَى عَفْوِ الْغَائِبِ فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ) أَيْ إذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا وَبَعْضُهُمْ حَاضِرًا فَأَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ سُقُوطَ حَقِّهِ فِي الْقَوَدِ وَانْتِقَالَهُ إلَى الْمَالِ فَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ صَارَ الْغَائِبُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ (كَذَا لَوْ قُتِلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ) يَعْنِي إذَا قُتِلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْقَاتِلُ عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا عَنْهُ فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ إنْ أَثْبَتَ لِمَا ذُكِرَ
(أُخْبِرَ وَلِيَّانِ بِعَفْوِ شَرِيكِهِمَا فَهُوَ عَفْوٌ لِلْقِصَاصِ مِنْهُمَا) يَعْنِي أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَمْدًا وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلِيَاءَ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِمَا أَنَّهُ قَدْ عَفَا فَإِنَّ إخْبَارَهُمَا عَفْوٌ لِلْقِصَاصِ مِنْهُمَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ صَدَّقَهُمَا) أَيْ الْمُخْبِرَيْنِ (الْقَاتِلُ وَالشَّرِيكُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ أَبْطَلَ نَصِيبَهُ (وَلَهُمَا ثُلُثَا الدِّيَةِ) لِأَنَّ نَصِيبَهُمَا صَارَ مَالًا وَالثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَذَّبَاهُمَا) أَيْ كَذَّبَ الْقَاتِلُ وَالشَّرِيكُ الْمُخْبِرَيْنِ (فَلَا شَيْءَ لِلْمُخْبِرَيْنِ) لِأَنَّهُمَا بِإِخْبَارِهِمَا أَسْقَطَا حَقَّهُمَا فِي الْقِصَاصِ فَانْقَلَبَ مَالًا وَلَا مَالَ لَهُمَا لِتَكْذِيبِ الْقَاتِلِ وَالشَّرِيكِ (وَلِشَرِيكِهِمَا ثُلُثُهَا) لِأَنَّ حَقَّ الْمُخْبِرَيْنِ لَمَّا سَقَطَ فِي الْقِصَاصِ سَقَطَ حَقُّ شَرِيكِهِمَا فِيهِ لِعَدَمِ تَجَزِّيهِ وَانْتَقَلَ إلَى الْمَالِ وَسَقَطَ حَقُّهُمَا فِي الْمَالِ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ فَبَقِيَ حِصَّةُ شَرِيكِهِمَا وَهِيَ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالثَّالِثُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْقَاتِلُ وَحْدَهُ) أَيْ وَكَذَّبَهُمَا الشَّرِيكُ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُمَا أَقَرَّ لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَلَزِمَ وَادَّعَى بُطْلَانَ حَقِّ الشَّرِيكِ فَلَمْ يُصَدَّقْ فَتَحَوَّلَ مَالًا وَغَرِمَ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ أَثْلَاثًا وَالرَّابِعُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا) أَعْنِي الْمُخْبِرَيْنِ (الشَّرِيكُ فَقَطْ) أَيْ كَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ (فَلَهُ) أَيْ لَلشَّرِيكِ (ثُلُثُهَا) أَيْ يَغْرَمُ الْقَاتِلُ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَهُوَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ (وَيَصْرِفُ إلَى الْمُخْبِرَيْنِ) لِأَنَّ زَعْمَ الشَّرِيكِ أَنَّهُ عَفَا لِتَصْدِيقِهِ الْمُخْبِرَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَهُمَا عَلَى الْقَاتِلِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَمَا فِي يَدِهِ وَهُوَ ثُلُثُ الدِّيَةِ مَالُ الْقَاتِلِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمَا فَيُصْرَفُ إلَيْهِمَا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا الْمَالَ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْقَاتِلُ يُنْكِرُ فَلَمْ يَثْبُتْ وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاتِلُ لِلشَّرِيكِ قَدْ بَطَلَ بِتَكْذِيبِهِ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقَاتِلَ بِتَكْذِيبِهِ الْمُخْبِرَيْنِ قَدْ أَقَرَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ بِإِخْبَارِهِمَا بِالْعَفْوِ كَابْتِدَاءِ الْعَفْوِ مِنْهُمَا وَالْمُقَرُّ لَهُ مَا كَذَّبَ الْقَاتِلَ حَقِيقَةً بَلْ أَضَافَ الْوُجُوبَ إلَى غَيْرِهِ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ الْإِقْرَارُ كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةٌ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَ لِي وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْمَالَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي كَذَا هُنَا
(اخْتَلَفَ شَاهِدَا الْقَتْلِ فِي زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ آلَتِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِعَصَا وَالْآخَرُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ (أَوْ قَالَ شَاهِدٌ قَتَلَهُ بِعَصَا، وَ) قَالَ (الْآخَرُ جَهِلْت آلَةَ قَتْلِهِ لَغَتْ) أَيْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ الْقَتْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ وَتَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا وَالْمُطْلَقُ يُغَايِرُ الْمُقَيَّدَ فَكَانَ عَلَى كُلِّ قَتْلٍ شَهَادَةُ فَرْدٍ فَرُدَّتْ (شَهِدَا بِقَتْلِهِ وَقَالَا جَهِلْنَا آلَتَهُ وَجَبَ الدِّيَةُ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ فَجَهِلَ الْمَشْهُودَ بِهِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ وَالْمُطْلَقُ لَيْسَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَخْبَرَ وَلِيَّانِ بِعَفْوٍ. . . إلَخْ) فَسَّرَ الْإِخْبَارَ بِالشَّهَادَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِثُبُوتِ عَفْوِهِمَا بَيْنَ كَوْنِ الْإِخْبَارِ مُجَرَّدًا عَنْ الدَّعْوَى مِنْ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ الثَّالِثِ وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ صَدَرَ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ الْقَاتِلِ فَيَكُونُ شَهَادَةً فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَلْزِمٌ لِعَفْوِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لِاخْتِلَافِ الْحَالِ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الشَّرِيكُ فَقَطْ فَلَهُ ثُلُثُهَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ الثُّلُثُ وَهُوَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْقَاتِلِ شَيْئًا بِدَعْوَاهُ الْعَفْوَ قُلْت ارْتَدَّ إقْرَارُهُ بِتَكْذِيبِ الْقَاتِلِ إيَّاهُ فَوَجَبَ لَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَيُصْرَفُ إلَى الْمُخْبِرِينَ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي يَدِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ) أَيْ الْقَاتِلُ
(قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَى كُلِّ قَتْلٍ شَهَادَةُ فَرْدٍ فَرُدَّتْ) كَذَا لَوْ كَمَّلَ النِّصَابَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَيَقُّنِ الْقَاضِي بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَمَّلَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ يُقْبَلُ الْكَامِلُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ