الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى حِدَةٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ شَرَطَ التَّفْصِيلَ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ ادَّعَى غَصْبَ هَذِهِ الْأَعْيَانِ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ الْقِيمَةِ لَكِنْ إنْ ادَّعَى أَنَّ الْأَعْيَانَ قَائِمَةٌ فِي يَدِهِ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهَا فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَتِهَا وَإِنْ قَالَ إنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا وَبَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفَ عَلَى الْكُلِّ مَرَّةً لِأَنَّ وُجُوبَ التَّحْلِيفِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى وَقَدْ صَحَّتْ فَوَجَبَ عَلَى الْكُلِّ مَرَّةً.
(أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا فِيهِ وَلَسْتُ بِمُبْطِلٍ فِي دَعْوَاك عَلَيْهِ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَعِنْدَهُمَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ مُلْزِمَةٌ شَرْعًا كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهِ أَبْعَدُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ إذَا أَرَادُوا الِاسْتِدَانَةَ يَكْتُبُونَ الصَّكَّ قَبْلَ الْأَخْذِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ الْمَالَ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ دَلِيلًا عَلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَحْلِفُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَكَثْرَةِ الْخِدَاعِ وَالْخِيَانَاتِ وَهُوَ يَتَضَرَّرُ وَالْمُدَّعِي لَا يَضُرُّهُ الْيَمِينُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَيُصَارُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (صَحَّ فِدَاءُ الْيَمِينِ وَالصُّلْحُ مِنْهُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ مَالًا فَأَنْكَرَ فَاسْتَحْلَفَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ بِمَالٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى مَالٍ صَحَّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَأَعْطَى شَيْئًا وَافْتَدَى يَمِينَهُ وَلَمْ يَحْلِفْ وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ افْتَدَى يَمِينَهُ بِمَالٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَقَعَ فِي الْقِيلِ وَالْقَالِ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُصَدِّقُ وَبَعْضَهُمْ يُكَذِّبُ فَإِذَا افْتَدَى يَمِينَهُ صَانَ عِرْضَهُ وَهُوَ حَسَنٌ قَالَ عليه الصلاة والسلام «ذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ» (وَلَا يَحْلِفُ بَعْدَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ خُصُومَتَهُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى يَمِينَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا حَيْثُ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ تَمْلِيكِ الْمَالِ بِالْمَالِ وَالْيَمِينُ لَيْسَتْ بِمَالٍ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ
(بَابُ التَّحَالُفِ)
(اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْهُ (أَوْ وَصْفِهِ) بِأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بِدَرَاهِمَ رَائِجَةٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِدَرَاهِمَ كَاسِدَةٍ (أَوْ جِنْسِهِ) بِأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بِالدَّنَانِيرِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِالدَّرَاهِمِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ) بِأَنْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْهُ (حُكِمَ لِمَنْ بَرْهَنَ) أَيْ أَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ حُكِمَ لَهُ لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ فَبَقِيَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى لِأَنَّهَا تُلْزِمُ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمَ وَالدَّعْوَى لَا تُلْزِمُ (وَإِنْ بَرْهَنَا حُكِمَ لِمُثْبِتِ الزِّيَادَةِ) لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ لِلْإِثْبَاتِ وَمُثْبِتُ الْأَقَلِّ لَا يُعَارِضُ مُثْبِتَ الْأَكْثَرِ (وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِمَا) أَيْ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت الْعَبْدَ الْوَاحِدَ بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ بِعْت الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ (فَحُجَّةُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ أَوْلَى) لِأَنَّ حُجَّةَ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا وَحُجَّةَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا (وَإِنْ عَجَزَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالثَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ وَقِيلَ لِلْبَائِعِ إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) يَعْنِي فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ. . . إلَخْ) تَمَامُهُ وَلَمَّا افْتَدَى قِيلَ أَلَا تَحْلِفَ وَأَنْتَ صَادِقٌ فَقَالَ أَخَافُ أَنْ يُوَافِقَ قَدَرٌ يَمِينِي فَيُقَالُ هَذَا بِسَبَبِ يَمِينِهِ الْكَاذِبَةِ (قَوْلُهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام) كَذَا قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ إيَّاكَ وَمَا يَقَعُ عِنْدَ النَّاسِ إنْكَارُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَك اعْتِذَارُهُ
[بَابُ التَّحَالُفِ فِي الدَّعْوَى]
(بَابُ التَّحَالُفِ)
مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ لِأَنَّ الْغَرَضَ قَطْعُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِرِضَاءِ أَحَدِهِمَا بِمَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُعَجِّلَ الْقَاضِي بِالْفَسْخِ حَتَّى يَسْأَلَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يَخْتَارُهُ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِدَعْوَى أَحَدِهِمَا تَحَالَفَا) أَيْ اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ أَصْلُهُ أَنَّ التَّحَالُفَ قَبْلَ الْقَبْضِ حَالَ قِيَامِ السِّلْعَةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَرِي زِيَادَةَ الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي عَلَى الْبَائِعِ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بِمَا ادَّعَاهُ ثَمَنًا وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْكِرًا وَتَحْلِيفُ الْمُنْكِرِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ أَمَّا التَّحَالُفُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ سُلِّمَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ مُدَّعِيًا عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا فَبَقِيَ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي زِيَادَةَ الثَّمَنِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكْتَفِي بِحَلِفِهِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ التَّحَالُفُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» (وَبَدَأَ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ أَقْوَاهُمَا إنْكَارًا لِأَنَّهُ الْمُطَالَبُ أَوَّلًا بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ هُوَ الْبَادِئُ بِالْإِنْكَارِ فَيَبْدَأُ بِيَمِينِهِ (لَوْ سِلْعَةً بِثَمَنٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ بَيْعَ عَيْنٍ بِعَيْنٍ حَتَّى يَكُونَ مُقَايَضَةً بِعَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ حَتَّى يَكُونَ صَرْفًا بِثَمَنٍ (فَبِأَيِّهِمَا شَاءَ) أَيْ بَدَأَ الْقَاضِي بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي فَائِدَةِ النُّكُولِ وَصِفَةِ التَّحَالُفِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ وَيَحْلِفَ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ (وَفَسَخَهُ الْقَاضِي) أَيْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا (بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا) أَوْ طَلَبِهِمَا (وَلَا يَنْفَسِخُ) وَقِيلَ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمَا لَمَّا حَلَفَا لَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَبَقِيَ بَيْعًا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَيَفْسَخُهُ الْقَاضِي قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا
. وَفَرَّعَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ يَحِلُّ) أَيْ وَطْؤُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يَفْسَخْ الْقَاضِي (وَمَنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ بِالْقَضَاءِ) لِأَنَّهُ صَارَ مُقِرًّا بِمَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ أَوْ بَاذِلًا لَهُ (لَا تَحَالُفَ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ وَالْأَجَلِ وَشَرْطِ الْخِيَارِ وَقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ وَمَكَانِ دَفْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحَلِفِ الْمُنْكِرِ) أَيْ مُنْكِرِ الْبَيْعِ وَالْأَجَلِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ فَأَشْبَهَ الِاخْتِلَافَ فِي الْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ حَيْثُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ (وَلَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ تَغَيُّرِهِ بِالْعَيْبِ) يَعْنِي إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ يَتَحَالَفَانِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي حَقًّا يُنْكِرُهُ الْآخَرُ فَيَتَحَالَفَانِ وَلَهُمَا أَنَّ التَّحَالُفَ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ فَلَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَصْلُهُ أَنَّ التَّحَالُفَ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ (قَوْلُهُ وَبَدَأَ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي) هُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَصِفَةُ التَّحْلِيفِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ وَيَحْلِفَ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ.
وَفِي الزِّيَادَاتِ يُضَمُّ إلَى النَّفْيِ الْإِثْبَاتُ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَلَقَدْ بَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ وَلَقَدْ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ. اهـ. وَالْأَصَحُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا فِي الْكَافِي مُوَجَّهًا
(قَوْلُهُ وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ بِالْقَضَاءِ) أَيْ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ وَهَذَا التَّحَالُفُ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْبَدَلِ قَصْدًا وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي زِقِّ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ رِطْلٍ ثَمَنًا أَوْ لَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ) يَعْنِي الْمَبِيعَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ فِي الْمُقَايَضَةِ يَتَحَالَفَانِ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَبِيعٌ فَكَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِبَقَاءِ الْآخَرِ فَيُمْكِنُ فَسْخُهُ وَإِذَا فُسِخَ يُرَدُّ مِثْلُ الْهَالِكِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا كَمَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيُّرِهِ بِالْعَيْبِ) كَذَا فِي الْكَافِي اهـ.
وَلَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ عَنْ تَغَيُّرِهِ بِغَيْرِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَكَانَ التَّغَيُّرُ بِزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ مَنَعَتْ التَّحَالُفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَمْنَعُ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْعَيْنَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَمْنَعُ الْفَسْخَ عِنْدَهُمَا فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَتَمْنَعُ التَّحَالُفَ، وَعِنْدَهُ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ فَلَا تَمْنَعُ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصِّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ تَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا تَمْنَعُ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْمَوْهُوبِ وَالْمَكْسُوبِ لَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ بِالْإِجْمَاعِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْعَيْنَ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَلَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ وَكَذَا هِيَ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى هَلَاكِ الْعَيْنِ فَلَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ، وَإِذَا تَحَالَفَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ دُونَ الزِّيَادَةِ وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَتَطِيبُ لَهُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الْخَبَثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَيَغْنَمْ
يَتَعَدَّى إلَى حَالِ هَلَاكِ السِّلْعَةِ (كَذَا بَعْضُهُ) أَيْ إذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ لَمْ يَتَحَالَفَا (إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِتَرْكِ حِصَّةِ الْهَالِكِ) أَيْ عَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ وَجَعَلَ الْعَقْدَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَلَى الْقَائِمِ (وَلَا فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ) أَيْ وَلَا تَحَالُفَ أَيْضًا بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ التَّحَالُفَ يَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ عِنْدَ تَجَاحُدِ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ الْعَجْزِ وَإِذَا انْعَدَمَ التَّحَالُفُ وَجَبَ اعْتِبَارُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَوْلَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ.
(وَ) لَا فِي (رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ إقَالَتِهِ) أَيْ إذَا أَقَالَا عَقْدَ السَّلَمِ وَاخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَتَحَالَفَا إذْ لَوْ تَحَالَفَا تَنْفَسِخُ الْإِقَالَةُ وَيَعُودُ السَّلَمُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ إقَالَتَهُ إسْقَاطُ الدَّيْنِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ (بَلْ صُدِّقَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَوْ حَلَفَ) لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةً وَهُوَ يُنْكِرُ (وَلَا يَعُودُ السَّلَمُ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِحُكْمِهَا تَحَالَفَا وَعَادَ الْبَيْعُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحَالُفِ فَسْخُ الْعَقْدِ حَتَّى يَعُودَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى أَصْلِ مَالِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» وَالتَّحَالُفُ فِي الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ لَا يُفِيدُ هَذَا الْغَرَضَ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي السَّلَمِ بَعْدَ نَفَاذِهَا لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ قَالَا نَقَضْنَا الْإِقَالَةَ لَا تُنْتَقَضُ فَلَا يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ أَيْضًا لِمَا مَرَّ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فِي الْبَيْعِ فَمِمَّا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ قَالَا نَقَضْنَا الْإِقَالَةَ تُنْتَقَضُ فَاحْتَمَلَتْ الْفَسْخَ بِالتَّحَالُفِ أَيْضًا لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ هُنَا لِأَنَّ مِلْكَ الْعَيْنِ يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ
(اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ قُضِيَ لِمَنْ بَرْهَنَ) أَيْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِهَا وَهِيَ كَاسْمِهَا مُبِينَةٌ (وَإِنْ بَرْهَنَا فَلَهَا) أَيْ قَضَى لِلْمَرْأَةِ (إنْ شَهِدَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا يَدَّعِيهِ الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلزَّوْجِ وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (وَ) قَضَى (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إنْ شَهِدَ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ (لَهَا) بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَطَّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ (لَهُمَا) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ وَأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ (تَهَاتَرَا) أَيْ تَسَاقَطَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَبَيِّنَتَهُ تُثْبِتُ الْحَطَّ فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ عَجَزَا) عَنْ الْبُرْهَانِ (تَحَالَفَا وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ) لِأَنَّهُ صَارَ مُقِرًّا بِمَا مَا يَدَّعِيهِ خَصْمُهُ أَوْ بَاذِلًا (وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ) لِأَنَّ يَمِينَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُبْطِلُ مَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ بِلَا تَسْمِيَةٍ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ إذْ الْمَهْرُ تَابِعٌ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ عَدَمَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ يُفْسِدُ كَمَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ وَيَفْسَخُهُ الْقَاضِي قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا (بَلْ يُحَكِّمُ مَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ يُجْعَلُ حَكَمًا (فَيَقْضِي بِقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَوْ) كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ (كَمَا قَالَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَ) يَقْضِي (بِقَوْلِهَا لَوْ) كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ (كَمَا قَالَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَبِهِ) أَيْ يَقْضِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ (لَوْ) كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ (بَيْنَهُمَا) بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا قَالَهُ وَأَقَلَّ مِمَّا قَالَتْهُ إذْ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا الْحَطُّ عَنْهُ لِلتَّحَالُفِ
(اخْتَلَفَا فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ) بِأَنْ ادَّعَى
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ كَذَا بَعْضُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِتَرْكِ حِصَّةِ الْهَالِكِ) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَحْكُمُ أَبُو يُوسُفَ بِالتَّحَالُفِ وَبِالْفَسْخِ فِي الْقَائِمِ وَأَمَرَ مُحَمَّدٌ بِالْفَسْخِ فِيهِمَا كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَتَحَالَفَانِ وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ (قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى) يَعْنِي عِنْدَ التَّعَارُضِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَدَّى قَدْرَ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَتَقَ وَإِذَا لَمْ يَتَعَارَضَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِحُكْمِهَا تَحَالَفَا) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ لَهُمَا تَهَاتَرَا) لَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَاذَا يَجِبُ لَهَا وَلَعَلَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا إذَا عَجَزَا وَتَحَالَفَا وَكَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا بَيْنَ قَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَا. . . إلَخْ) تَخْرِيجُ الْكَرْخِيِّ رحمه الله وَتَخْرِيجُ الرَّازِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ أَوَّلًا فَيَجْعَلُ الْقَوْلَ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَحَالُفًا وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ مُسْتَنْكِرٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
الْمُؤَجِّرُ أَنَّهُ آجَرَهُ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِخَمْسَةٍ (أَوْ الْمَنْفَعَةِ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ أَنَّهُ آجَرَ شَهْرًا وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرَيْنِ (قَبْلَ قَبْضِهَا) أَيْ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِيهِمَا) أَيْ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا (تَحَالَفَا وَتَرَادَّا) لَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لِعَدَمِ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ فِيهِ بَلْ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الزِّيَادَةِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَوَجْهُ التَّحَالُفِ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ كَالْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَدَّعِي عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْعَقْدَيْنِ مُعَاوَضَةً يَجْرِي فِيهَا الْفَسْخُ فَأُلْحِقَتْ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قِيَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّحَالُفِ وَالْمَنْفَعَةُ مَعْدُومَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الدَّارَ مَثَلًا أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي حَقِّ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهَا قَائِمَةٌ تَقْدِيرًا (وَحَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلًا لَوْ اُخْتُلِفَ فِي الْأُجْرَةِ وَ) حَلَفَ (الْمُؤَجِّرُ لَوْ) اُخْتُلِفَ (فِي الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ قَوْلُ الْآخَرِ، وَأَيٌّ بَرْهَنَ قُبِلَ، وَإِنْ بَرْهَنَا فَحُجَّةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى لَوْ) اُخْتُلِفَ (فِي الْأُجْرَةِ وَ) حُجَّةُ (الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى لَوْ) اُخْتُلِفَ (فِي الْمَنْفَعَةِ) نَظَرًا إلَى زِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ (وَحُجَّةُ كُلٍّ فِي زَائِدٍ يَدَّعِيهِ) أَوْلَى (لَوْ) اُخْتُلِفَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ بِأَنْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةٍ فَيُقْضَى بِشَهْرَيْنِ بِعَشَرَةٍ (وَلَا تَحَالُفَ لَوْ) اُخْتُلِفَ (بَعْدَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ جَرَيَانَ التَّحَالُفِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ وَالْمَنَافِعُ الْمُسْتَوْفَاةُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِيهَا (وَبَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ (تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ (وَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَضَى) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةُ فَسَاعَةٌ عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ فَيَصِيرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَصَارَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَالْمُنْفَرِدِ بِالْعَقْدِ فَيَتَحَالَفَانِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ عَقْدًا مُبْتَدَأً بَلْ الْجُمْلَةُ مَعْقُودَةٌ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْفَسْخُ فِي بَعْضِهِ بِالْهَلَاكِ تَعَذَّرَ فِي كُلِّهِ ضَرُورَةً
(اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ سَوَاءً قَامَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا (أَوْ لَا) وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَتَاعَ كُلَّهُ لَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (فَالْقَوْلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ فِيمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْعِمَامَةِ وَالْقَبَاءِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالسِّلَاحِ وَالْمِنْطَقَةِ وَالْكُتُبِ وَالدِّرْعِ وَالْقَوْسِ وَالنُّشَّابِ وَنَحْوِهَا قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهُ، وَفِيمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ كَالدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَثِيَابِ النِّسَاءِ وَحُلِيِّهِنَّ وَنَحْوِهَا قَوْلُ الْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا (إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَفْعَلُ أَوْ يَبِيعُ) مَا يَصْلُحُ لِلْآخَرِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ صَائِغًا وَلَهُ أَسَاوِرُ وَخَوَاتِمُ النِّسَاءِ وَالْحُلِيُّ وَالْخَلْخَالُ وَنَحْوُهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ دَلَّالَةً تَبِيعُ ثِيَابَ الرِّجَالِ أَوْ تَاجِرَةً تَتَّجِرُ فِي ثِيَابِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَوْ ثِيَابِ الرِّجَالِ وَحْدَهَا كَذَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ.
(وَ) الْقَوْلُ (لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا) كَالْفُرُشِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوَانِي وَالرَّقِيقِ وَالْمَنْزِلِ وَالْعَقَارِ وَالْمَوَاشِي وَالنُّقُودِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَا فِي يَدِهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ وَإِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَذَا هُنَا بِخِلَافِ مَا يَخْتَصُّ بِهَا لِأَنَّ لَهَا ظَاهِرًا آخَرَ أَظْهَرُ مِنْ الْيَدِ وَهُوَ يَدُ الِاسْتِعْمَالِ فَجُعِلَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا كَرَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ فَاللَّابِسُ أَوْلَى وَهَذَا إذَا كَانَا حَيَّيْنِ (فَإِنْ مَاتَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَفْعَلُ أَوْ يَبِيعُ مَا يَصْلُحُ لِلْآخَرِ) لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي عُمُومِ نَفْيِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا يَفْعَلُ أَوْ يَبِيعُ الْآخَرُ مَا يَصْلُحُ لَهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ تَبِيعُ ثِيَابَ الرِّجَالِ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالْآنِيَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْعَقَارِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَا فِي يَدِهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ وَالْقَوْلُ فِي الدَّعَاوَى لِصَاحِبِ الْيَدِ بِخِلَافِ مَا يَخْتَصُّ بِهَا لِأَنَّ عَارِضَ يَدِ الزَّوْجِ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ الِاخْتِصَاصُ بِالِاسْتِعْمَالِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ