الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا أَنَّ نِصْفَهُ رَهْنٌ لِأَحَدِهِمَا وَنِصْفَهُ الْآخَرَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ أُضِيفَ إلَى جَمِيعِ الْعَيْنِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شُيُوعَ فِيهِ وَمُوجِبُهُ الْحَبْسُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ فَصَارَ مَحْبُوسًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا تَنَافِي فِيهِ كَمَا إذَا قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَحَضَرَ أَحَدُ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِينَ، وَاسْتَوْفَى يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِنَفْسِهِ وَلِلْبَاقِينَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إيجَابُ الْمِلْكِ، وَالْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْقِسَامِ وَهُوَ يُنَافِي الْمَقْصُودَ (وَفِي تَهَايُئِهِمَا كُلٌّ فِي نَوْبَتِهِ كَالْعَدْلِ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَلَوْ هَلَكَ ضَمِنَ كُلٌّ حِصَّتَهُ) أَيْ حِصَّةَ دَيْنِهِ إذْ عِنْدَ الْهَلَاكِ يَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَوْفِيًا حِصَّتَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَتَجَزَّأُ (فَإِنْ قَضَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا فَكُلُّهُ رَهْنٌ لِلْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعَيْنِ رَهْنٌ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا تَفْرِيقٍ.
(رَهَنَا مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا صَحَّ الرَّهْنُ بِكُلِّهِ) أَيْ كُلِّ الدَّيْنِ (يُمْسِكُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (إلَى قَبْضِ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ يَحْصُلُ فِي الْكُلِّ بِلَا شُيُوعٍ (بَطَلَ حُجَّةُ كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَقَبَضَهُ) ، هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا سَبَقَ يَعْنِي إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهُ عَبْدَهُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَقَبَضَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ رَهَنَهُ كُلَّ الْعَبْدِ وَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْوَاحِدَ يَسْتَحِيلُ كَوْنُ كُلِّهِ رَهْنًا بِهَذَا وَكُلِّهِ رَهْنًا بِذَاكَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا لِلْقَضَاءِ بِكُلِّهِ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا لِلْقَضَاءِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ لِلُزُومِ الشُّيُوعِ فَتَعَيَّنَ التَّهَايُؤُ (وَلَوْ مَاتَ رَاهِنُهُ وَالرَّهْنُ مَعَهُمَا فَيُرْهَنُ كُلٌّ كَذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَقَبَضَهُ (كَانَ نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعَبْدِ (مَعَ كُلٍّ) مِنْهُمَا (رَهْنًا بِحَقِّهِ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِي الْحَيَاةِ الْحَبْسُ وَالشُّيُوعُ يَضُرُّهُ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ الِاسْتِيفَاءُ بِالْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ، وَالشُّيُوعُ لَا يَضُرُّهُ.
(بَابُ رَهْنٍ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ) سُمِّيَ بِهِ لِعَدَالَتِهِ فِي زَعْمِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (وَضَعَاهُ) أَيْ وَضَعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ (عِنْدَهُ صَحَّ) خِلَافًا لِمَالِكٍ (وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ) أَيْ الرَّهْنَ مِنْ الْعَدْلِ (أَحَدُهُمَا) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الرَّاهِنِ فِي الْحِفْظِ بِيَدِهِ وَأَمَانَتِهِ وَحَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ اسْتِيفَاءً، فَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا إبْطَالَ حَقِّ الْآخَرِ (وَيَضْمَنُ) أَيْ الْعَدْلُ (بِدَفْعِهِ إلَيْهِ) أَيْ دَفْعِ الرَّهْنِ إلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ مُودِعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَمُودِعُ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ، وَأَحَدُهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ وَالْمُودِعُ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ (وَيَهْلِكُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ هَلَكَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ (وَكَّلَهُ) أَيْ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ (أَوْ الْعَدْلُ أَوْ غَيْرُهُمَا بِبَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ الرَّهْنِ (عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِبَيْعِ مَالِهِ (فَإِنْ شَرَطَ) أَيْ التَّوْكِيلَ (فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَمْ يَنْعَزِلْ) بِالْعَزْلِ وَبِمَوْتِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ (إلَّا بِمَوْتِ الْوَكِيلِ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ لَا يَقُومُ وَارِثُهُ وَلَا وَصِيُّهُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِرْثُ، وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِ لَا أَرَى غَيْرَهُ (وَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (بَيْعُهُ) أَيْ الرَّهْنِ (بِغَيْبَةِ وَرَثَتِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ كَمَا يَبِيعُهُ حَالَ حَيَاتِهِ بِغَيْبَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِمَا وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ بَطَلَ حُجَّةُ كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ. . . إلَخْ) يَعْنِي إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا كَانَ صَاحِبُ التَّارِيخِ الْأَقْدَمِ أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا كَانَ أَوْلَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْهِمَا، فَإِنْ عُلِمَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيَاسًا، قَالَ فِي الْأَصْلِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لِكُلٍّ نِصْفُهُ رَهْنٌ بِنِصْفِ حَقِّهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ الرَّهْنُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ]
(بَابُ رَهْنٍ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ)
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَالِكِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ الْعَدْلُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ اهـ. وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا اهـ. ثُمَّ لَا يَقْدِرُ الْعَدْلُ أَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ رَهْنًا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْضِيٌّ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ قَاضِيًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ اهـ فَيَأْخُذُ أَنَّهَا مِنْهُ وَيَجْعَلَانِهَا رَهْنًا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ بِرَفْعِ أَحَدِهِمَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ فَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا رَفَعَ الْعَدْلُ أَحَدَهُمَا إلَى الْقَاضِي وَلَوْ جَعَلَ الْقِيمَةَ فِي يَدِ الْعَدْلِ، وَقَدْ ضَمِنَهَا بِالدَّفْعِ إلَى الرَّاهِنِ ثُمَّ قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ فَهِيَ سَالِمَةٌ لِلْعَدْلِ لِوُصُولِ عَيْنِ مَالِ الرَّاهِنِ إلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُرْتَهِنُ لِوُصُولِ حَقِّهِ إلَيْهِ وَإِنْ ضَمِنَ الْعَدْلُ الْقِيمَةَ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْعَدْلُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الرَّهْنَ رَهْنًا بِأَنْ قَالَ هَذَا رَهْنُك خُذْهُ بِحَقِّك وَاحْبِسْهُ بِدَيْنِك اسْتَهْلَكَ الرَّهْنَ أَوْ هَلَكَ لِدَفْعِهِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ، وَكَذَا يَرْجِعُ لَوْ دَفَعَهُ لَهُ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ
، (وَيُجْبَرُ) أَيْ الْوَكِيلُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَيْعِ (إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَالرَّاهِنُ غَائِبٌ) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْمُرْتَهِنُ، وَكَيْفِيَّةُ الْإِجْبَارِ أَنْ يَحْبِسَهُ الْقَاضِي أَيَّامًا لِيَبِيعَ فَإِنْ لَجَّ بَعْدَهُ فَالْقَاضِي يَبِيعُهُ عَلَيْهِ (كَوَكِيلٍ بِالْخُصُومَةِ غَابَ مُوَكِّلُهُ) حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، (وَلَوْ وُكِّلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا، ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ النَّسِيئَةِ لَمْ يُفِدْهُ) كَذَا فِي الْكَافِي (وَلَا يَبِيعُهُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ إلَّا بِرِضَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فِي الرَّهْنِ، لِلرَّاهِنِ حَقُّ الْمِلْكِ وَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ (بَاعَهُ) أَيْ الرَّهْنَ (الْعَدْلُ) حَتَّى خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ (فَالثَّمَنُ رَهْنٌ مَقَامَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمَقْبُوضِ (فَهَلَاكُهُ) أَيْ هَلَاكُ الثَّمَنِ هَلَاكٌ (عَلَى الْمُرْتَهِنِ) لِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمَبِيعِ الْمَرْهُونِ.
(كَذَا قِيمَةُ عَبْدٍ رَهْنٍ قُتِلَ) أَيْ إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ صَارَتْ رَهْنًا بَدَلَ الْعَبْدِ، (وَ) كَذَا (عَبْدٌ قَتَلَهُ) أَيْ الْعَبْدُ الرَّهْنُ (فَدَفَعَ بِهِ) فَإِنَّهُ أَيْضًا يَكُونُ رَهْنًا بَدَلَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، (فَإِنْ أَوْفَى) أَيْ إنْ بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَأَوْفَى (ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ الرَّهْنِ (الْمُرْتَهِنَ فَاسْتُحِقَّ) أَيْ الرَّهْنُ؛ (فَفِي الْهَالِكِ) أَيْ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَعَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ بَدَلَ الْمُشْتَرِي الْمُرْتَهِنِ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ، (ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الرَّاهِنَ) قِيمَةَ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي حَقِّهِ.
(وَصَحَّ الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ) أَيْ قَبْضُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ (أَوْ) ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ (الْعَدْلَ) الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدِّيًا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ (فَهُوَ) أَيْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَدْلُ (مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ) قِيمَةَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ بِالْغُرُورِ مِنْ جِهَتِهِ (وَصَحَّا) أَيْ الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ بِدَيْنِهِ (أَوْ) ضَمَّنَ (الْمُرْتَهِنَ ثَمَنَهُ) الَّذِي أَدَّاهُ إلَيْهِ، إذَا تَبَيَّنَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهُ أَخَذَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَلَكَ الْعَبْدَ بِالضَّمَانِ (فَهُوَ) أَيْ ذَلِكَ الثَّمَنُ (لَهُ) أَيْ لِلْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا أَدَّاهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ، (وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى رَاهِنِهِ بِدَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ إذَا رَجَعَ بَطَلَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ، (فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى رَاهِنِهِ بِدَيْنِهِ) ضَرُورَةً.
(وَفِي الْقَائِمِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فَفِي الْهَالِكِ أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (أَخَذَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (مِنْ مُشْتَرِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ (وَرَجَعَ هَذَا) أَيْ مُشْتَرِيهِ (عَلَى الْعَدْلِ بِثَمَنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ، (ثُمَّ) يَرْجِعُ (هَذَا) أَيْ الْعَدْلُ (عَلَى الرَّاهِنِ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْعُهْدَةِ بِتَوْكِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ.
. (وَ) إذَا رَجَعَ عَلَيْهِ (صَحَّ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ) وَسَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لَهُ (أَوْ) يَرْجِعُ الْعَدْلُ (عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِثَمَنِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا انْتَقَضَ بَطَلَ الثَّمَنُ، وَقَدْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثَمَنًا فَإِذَا بَطَلَ وَجَبَ نَقْضُ قَبْضِهِ ضَرُورَةً، (ثُمَّ) يَرْجِعُ (هُوَ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَيْعِ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ يَعْنِي أَوْ الْوَكِيلُ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْبَيْعُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَكَذَا يُجْبَرُ لَوْ شَرَطَ لَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَلَكَ الرَّهْنَ بِالضَّمَانِ (قَوْلُهُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ بِدَيْنِهِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ فَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ الرُّجُوعُ عَلَى الْعَدْلِ، وَوَجْهُ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إلَيْهِ الثَّمَنُ بِتَأْدِيَةِ الْعَدْلِ صَحَّ اقْتِضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمَّا ضُمِنَ صَارَ الْمُرْتَهِنُ قَابِضًا ثَمَنَ مِلْكِ الرَّاهِنِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ ثَمَنَهُ) أَيْ ضَمَّنَ الْعَدْلُ الْمُرْتَهِنَ ثَمَنَ الرَّهْنِ الَّذِي بَاعَهُ، وَأَدَّاهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ ذَلِكَ الثَّمَنُ لَهُ أَيْ لِلْعَدْلِ. . . إلَخْ) أَقُولُ تَفَقُّهًا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْعَدْلُ بِمَا بَقِيَ مِنْ ضَمَانِهِ الْقِيمَةَ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ، وَأَلَّا يُضَيِّعَ عَلَيْهِ بَاقِي الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ فَلْيُنْظَرْ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي فِي هَذَا الشِّقِّ بَلْ سَيَذْكُرُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا، وَهُنَا لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَلَّمَ الثَّمَنَ بِنَفْسِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعَدْلِ بِهِ بَلْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَالدَّيْنُ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَأَقُولُ تَفَقُّهًا يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ سَلَّمَهُ إلَى الْعَدْلِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَدْلُ بِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَالْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ عَلَى رَاهِنِهِ بِدَيْنِهِ فَإِنْ قِيلَ بِذَلِكَ يَصِيرُ الْعَدْلُ قَدْ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الْقِيمَةَ فَالْقِيمَةُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَالثَّمَنُ يَرْجِعُ بِهِ الْعَدْلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى اسْتِقْرَارِ ضَمَانِ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ عَلَى الرَّاهِنِ فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ وَفِي الْقَائِمِ أَخَذَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ، وَرَجَعَ هَذَا أَيْ مُشْتَرِيهِ عَلَى الْعَدْلِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِنَفْسِهِ إلَى الْعَدْلِ، وَلَوْ أَنَّهُ سَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعَدْلِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي الْبَيْعِ عَامِلٌ لِلرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا قَبَضَ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا فَبَقِيَ ضَمَانُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالدَّيْنُ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ وَسَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لَهُ) يَعْنِي وَبَرِئَ الرَّاهِنُ عِنْدَ الدَّيْنِ.