الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَعْمَلُ أُخْرَى بِإِلَى يُقَالُ أَوْصَى فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ بِمَعْنَى جَعَلَهُ وَصِيًّا لَهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ وَأَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْقَوْمُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَبَيَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالِاسْتِقْلَالِ بَلْ ذَكَرُوهُمَا فِي أَثْنَاءِ تَقْرِيرِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ بُيِّنَ مِنْهُمَا هَاهُنَا بِانْفِرَادِهِ وَلَمَّا امْتَنَعَ تَعْرِيفُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ بِمَفْهُومٍ وَاحِدٍ عَرَّفَ كُلًّا مِنْهُمَا بِإِدْخَالٍ أَوْ الْمُقَسَّمَةِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ (الْإِيصَاءُ جَعْلٌ لِلْغَيْرِ مَالِكًا لِمَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ تَفْوِيضِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَمَصَالِحِ أَطْفَالِهِ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَاهُنَا بَابَانِ) لِبَيَانِ الْمَعْنَيَيْنِ (الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَنَحْوِهِ) وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ تَكُونُ بِالْمَنْفَعَةِ كَمَا سَيَأْتِي (رُكْنُهَا قَوْلُهُ أَوْصَيْت بِكَذَا لِفُلَانٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهَا (وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمُوصِي أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ) فَلَا تَجُوزُ مِنْ الْمَمْلُوكِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَالصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ (وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ بِالدَّيْنِ) لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَ) كَوْنُ (الْمُوصَى لَهُ حَيًّا وَقْتَهَا) إذْ لَوْ كَانَ مَيِّتًا لَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (وَ) كَوْنُهُ (غَيْرَ وَارِثٍ وَلَا قَاتِلٍ) كَمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَالْقَاتِلِ (وَكَوْنُ الْمُوصَى بِهِ قَابِلًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) مَالًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً (وَحُكْمُهَا كَوْنُ الْمُوصَى بِهِ مِلْكًا جَدِيدًا لِلْمُوصَى لَهُ) لِإِقَامَةِ الْمُوصِي إيَّاهُ مُقَامَ نَفْسِهِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ لِلْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِهَا.
(جَازَتْ بِالثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَارِثُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعْمَارِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ فَضَعُوهَا حَيْثُ شِئْتُمْ» وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ التَّمْلِيكِ حَتَّى إذَا أَوْصَى لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ وَلَوْ عُكِسَ بِأَنْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِمَا ذَكَرْنَا (لَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ لِانْعِقَادِ سَبَبِ زَوَالِهِ إلَيْهِمْ وَهُوَ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَالِ لَكِنَّ الشَّرْعَ جَوَّزَهُ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ لِيَتَدَارَكَ تَقْصِيرَهُ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ بِإِيثَارِ الْبَعْضِ (إلَّا أَنْ يُجِيزَ وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَهُمْ كِبَارٌ) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لِحَقِّهِمْ وَهُمْ أَسْقَطُوهُ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ حَالَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهَا قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْهُ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ.
(وَنُدِبَتْ بِأَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ (عِنْدَ غِنَى وَرَثَتِهِ أَوْ اسْتِغْنَائِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ) لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَالْهِبَةِ لِلْقَرِيبِ، وَالْأُولَى أَوْلَى إذْ يَبْتَغِي بِهَا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى.
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[كِتَابُ الْوَصَايَا
.]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ]
(كِتَابُ الْوَصَايَا)(قَوْلُهُ: فَهَهُنَا بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَصِيَّةِ) يَشْتَمِلُ عَلَى بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَبَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَبَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَبَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ اهـ.
وَالْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ اهـ فَفِيهِ تَسَاهُلٌ مِنْ إطْلَاقِ الْأَوَّلِ عَلَى بَابٍ وَقَدْ ضَمِنَ أَمْثَالَهُ (قَوْلُهُ: رُكْنُهَا قَوْلُهُ: أَوْصَيْت بِكَذَا لِفُلَانٍ وَنَحْوِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْقَبُولَ شَرْطٌ، كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْوَصِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ وَذَلِكَ بِالصَّرِيحِ أَوْ بِالدَّلَالَةِ بِأَنْ يَمُوتَ الْمُوصِي لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي اهـ.
وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا رُكْنُ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ أَيْ الْإِمَامُ وَصَاحِبَاهُ هُوَ: الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُوصِي، وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ فَمَا لَمْ يُوجَدَا جَمِيعًا لَا يَتِمُّ الرُّكْنُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت رُكْنُ الْوَصِيَّةِ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُوصِي وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ رَدِّهِ وَهَذَا أَسْهَلُ لِتَخْرِيجِ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا نَذْكُرُ.
وَقَالَ زُفَرُ: الرُّكْنُ هُوَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُوصِي فَقَطْ اهـ.
وَذَكَرَ التَّوْجِيهَ لِكُلٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ مِنْ الْمَمْلُوكِ وَلَوْ مُكَاتَبًا) يَعْنِي مَا لَمْ يُضَفْ إلَى الْعِتْقِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالصَّغِيرِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ تَجْهِيزُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْمُوصَى لَهُ حَيًّا وَقْتَهَا) يَرِدُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ إذْ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لَا حَيَاتُهُ لِأَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ وِجْدَانِهِ وَقْتَهَا غَيْرَ حَيٍّ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ غَيْرَ وَارِثٍ) يَعْنِي وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ) الْمُرَادُ عَدَمُ النُّفُوذِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا كَوْنُ الْمُوصَى بِهِ. . . إلَخْ) هَذَا فِي جَانِبِ الْمُوصَى لَهُ وَأَمَّا فِي جَانِبِ الْمُوصِي فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ مَنْدُوبَةٍ وَاجِبَةٍ مَكْرُوهَةٍ مُبَاحَةٍ كَمَا سَنَذْكُرُهُ
(قَوْلُهُ: جَازَتْ بِالثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ) يَعْنِي نَفَذَتْ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ عَلَى عَكْسِهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجِيزَ وَرَثَتُهُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنْ أَجَازَ الْبَعْضُ نَفَذَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَإِذَا وُجِدَتْ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ تَمَلَّكَهُ الْمَجَازُ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي عِنْدَنَا حَتَّى يُجْبَرَ الْوَارِثُ عَلَى التَّسْلِيمِ
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَتْ. . . إلَخْ) الْوَصِيَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبَةٌ: كَالْوَصِيَّةِ بِرَدِّ الْوَدِيعَةِ، وَالدُّيُونِ الْمَجْهُولَةِ، وَمُسْتَحَبَّةٌ: كَالْوَصِيَّةِ بِالْكَفَّارَاتِ وَفِدْيَةِ الصَّلَوَاتِ، وَالصِّيَامَاتِ، وَمُبَاحَةٌ: كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْ الْأَجَانِبِ، وَالْأَقَارِبِ، وَمَكْرُوهَةٌ: كَالْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ الْفُسُوقِ، وَالْمَعَاصِي كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ الْوَصِيَّةُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَرَائِضِ، وَالْوَاجِبَاتِ كَالْحَجِّ، وَالزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَاتِ وَاجِبَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِغْنَائِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَقَدْرُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا تَرَكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَيْ دِرْهَمٍ دُونَ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ عَشَرَةُ آلَافٍ اهـ.
(وَلَوْلَاهُمَا) أَيْ لَوْلَا غِنَاهُمْ (وَلَا اسْتِغْنَاؤُهُمْ بِحِصَّتِهِمْ فَالتَّرْكُ أَوْلَى) لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْوَصِيَّةِ صَدَقَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ تَصَدُّقٌ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَالْأُولَى أَوْلَى لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» (كَتَرْكِهَا مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ أَوْ لَا يَسْتَغْنُونَ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ التَّرِكَةِ فَتَرْكُ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى.
(وَوَجَبَتْ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَجِّ، وَالزَّكَاةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَّرَ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُكُ بَعْدَ مَمَاتِهِ تَخْلِيَةً لِذِمَّتِهِ.
(وَتُؤَخَّرُ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (عَنْ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ أَهَمُّ الْحَاجَتَيْنِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ، وَالْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ إلَّا أَنْ يُبْرِئَهُ الْغُرَمَاءُ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ.
(وَصَحَّتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ مَالِهِ (عِنْدَ عَدَمِ وَارِثِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الصِّحَّةِ تَعَلُّقُ حَقِّ الْوَارِثِ فَإِذَا انْتَفَى تَصِحُّ.
(وَ) صَحَّتْ (لِمَمْلُوكِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ) فِي الْخُلَاصَةِ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ لَا تَصِحُّ أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لَهُ مُطْلَقًا تَصِحُّ وَتَكُونُ وَصِيَّةً لِلْعِتْقِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَتَقَ كُلُّهُ بِغَيْرِ سِعَايَةٍ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَتَقَ وَسَعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ الْمُرْسَلَةِ قَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ كَالْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ.
وَقَالَ فِي الْمُنْيَةِ: لَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ الْقِنِّ أَوْ لِأَمَتِهِ الْقِنَّةِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ فَأَمَّا أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا سِوَى الْعَيْنِ أَوْ يُطْلَقَ وَيُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ الْأَصَحِّ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِ نَفْسِهِ أَوْ لِمُدَبَّرِ نَفْسِهِ جَازَ الْكُلُّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ الْقِنِّ أَوْ لِأَمَتِهِ الْقِنَّةِ ثُمَّ مَاتَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِي كُلِّهِمْ إلَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقِنِّ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ مَجَّانًا وَعَلَيْهِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ وَلَهُ ثُلُثُ مَالِهِ مِنْ سَائِرِ التَّرِكَةِ فَيَتَقَاصَّانِ وَيُتَرَادَّانِ الْفَضْلَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَتُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ أَوَّلًا إلَى الْعِتْقِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ كَانَ الْفَضْلُ لِلْعَبْدِ.
(وَصَحَّتْ لِلْحَمْلِ) بِأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِحَمْلِ فُلَانَةَ كَذَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ» . . . إلَخْ) لَعَلَّهُ لَيْسَ لَفْظُ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا أَشَارَ إلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلًا عَقْلِيًّا وَلِذَا قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ فُقَرَاءَ لَا يَسْتَغْنُونَ بِنَصِيبِهِمْ فَتَرْكُهَا أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ، وَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» .
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا صَدَقَةَ وَذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ» وَهُوَ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» لِأَنَّهُ فَقِيرٌ فَتَكُونُ صَدَقَةً، وَقَرِيبٌ فَتَكُونُ صِلَةً وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ يَسْتَغْنُونَ بِمِيرَاثِهِمْ فَقِيلَ الْوَصِيَّةُ أَوْلَى وَقِيلَ يُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَدَقَةٌ أَوْ مَبَرَّةٌ وَتَرْكُهَا صِلَةٌ، وَالْكُلُّ خَيْرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْلَاهُمَا أَيْ لَوْلَا غِنَاهُمْ وَلَا اسْتِغْنَاؤُهُمْ بِحِصَّتِهِمْ) أَيْ كَائِنٌ بِأَنْ كَانُوا فُقَرَاءَ وَلَا يَسْتَغْنُونَ بِحِصَّتِهِمْ فَالتَّرْكُ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: كَتَرْكِهَا مَعَ أَحَدِهِمَا) قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا أَوْلَى مَعَ وُجُودِ الْغِنَى فَقَطْ وَكَذَا مَعَ وُجُودِ الِاسْتِغْنَاءِ فَقَطْ فَيُخَالِفُ مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِهَا مَنْدُوبَةً عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ مَعَ أَحَدِهِمَا بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ وَتَكَلَّفَ بَعْضٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ فَقَالَ قَوْلُهُ: كَتَرْكِهَا مَعَ أَحَدِهِمَا هَكَذَا فِي النُّسَخِ الْمُتَدَاوَلَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ كَلِمَةَ لَا سَاقِطَةٌ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْمَعْنَى كَتَرْكِهَا لَا مَعَ أَحَدِهِمَا بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ مَعَ مَا يَشْهَدُ بِهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ اهـ.
وَاعْتَرَضَهُ فَاضِلٌ ثَالِثٌ فَقَالَ وَفِيهِ بَحْثٌ أَيْ فِي كَلَامِ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُؤَدَّى قَوْلِهِ لَا مَعَ أَحَدِهِمَا عَدَمُهُمَا مَعًا فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْلَاهُمَا. . . إلَخْ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ أَحَدِهِمَا يَكُونُ ذَلِكَ صُورَةَ كَوْنِ الْوَصِيَّةِ مَنْدُوبَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَآخِرُ كَلَامِهِ يُنَاقِضُ أَوَّلَهُ فَتَدَبَّرْ اهـ.
وَنَصُّ الْمَذْهَبِ مَا قَالَ فِي الْكَافِي الْوَصِيَّةُ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ أَوْ يَسْتَغْنُونَ بِنَصِيبِهِمْ لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَالْهِبَةِ لِلْقَرِيبِ، وَالْأُولَى أَوْلَى لِأَنَّهُ يَبْتَغِي بِهَا رِضَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ يُخَيَّرُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ فُقَرَاءَ وَلَا يَسْتَغْنُونَ بِمَا يَرِثُونَ فَالتَّرْكُ أَوْلَى لِأَنَّ تَرْكَ الْوَصِيَّةِ صَدَقَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ تَصَدُّقٌ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» . اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَّرَ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُكُ بَعْدَ مَمَاتِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ عِنْدَ مَمَاتِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِمَّا أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِمَا سِوَى الْعَيْنِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ إذْ يَشْمَلُ الدَّرَاهِمَ الْمُرْسَلَةَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَبِمَا سِوَى الدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ (قَوْلُهُ: جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِي كُلِّهِمْ) عِبَارَةُ قَاضِي خَانْ فِي قَوْلِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ لِلْحَمْلِ وَبِهِ إنْ وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَنْزِ.
وَقَالَ قَاضِي زَادَهْ: يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْبَطْنِ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لَهُ أَوْ بِهِ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَصَحَّحَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَوْ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصِي بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي نُكَتِ الْوَصَايَا، وَالْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ اهـ.
وَفِي الْكَافِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ أَوْصَى بِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِحَمْلِ فُلَانَةَ كَذَا دِرْهَمًا) يَنْبَغِي بِكَذَا دِرْهَمًا
دِرْهَمًا (وَبِهِ) أَيْ بِالْحَمْلِ أَيْضًا بِأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِحَمْلِ جَارِيَتِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ تَصِحَّانِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْإِرْثُ يَجْرِي فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا لَكِنَّ الثَّانِيَةَ إنَّمَا تَصِحُّ (إنْ وُلِدَ) أَيْ الْحَمْلُ (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ صِحَّةَ وَصِيَّةِ الْحَمْلِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وُجُودِهِ وَإِنَّمَا يَتَيَقَّنُ بِوُجُودِهِ إذَا وُلِدَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ.
(وَبِالْأَمَةِ إلَّا حَمْلَهَا) فَإِنَّهَا أَيْضًا تَصِحُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَمَا لَا فَلَا كَمَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ وَيَصِحُّ إفْرَادُ الْحَمْلِ بِالْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ.
(وَمِنْ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ وَبِالْعَكْسِ) فَالْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] الْآيَةَ، وَالثَّانِي لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ يُسَاوِي الْمُسْلِمَ فِي الْمُعَامَلَاتِ حَتَّى جَازَ التَّبَرُّعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا فِي الْمَمَاتِ.
(لَا حَرْبِيٍّ فِي دَارِهِ) فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْوَصِيَّةُ لِلْحَرْبِيِّ وَهُوَ فِي دَارِهِمْ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا بِرٌّ وَصِلَةٌ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ بِرِّ مَنْ يُقَاتِلُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [الممتحنة: 9] الْآيَةُ.
وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ، وَإِنْ فُعِلَ جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي، وَالنِّهَايَةِ أَقُولُ: لَا يَخْفَى بُعْدُهُ بَلْ وَجْهُ التَّوْفِيق مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ فِي دَارِهِمْ فَإِنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ حَرْبِيٍّ لَيْسَ فِي دَارِهِمْ وَهُوَ الْمُسْتَأْمَنُ فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ مَا دَامَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِمَّنْ يُقَاتِلُنَا بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُرَادُ مِمَّا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ (وَلَوْ لِوَارِثِهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» (وَقَاتِلِهِ مُبَاشَرَةً) سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ خَاطِئًا لِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا تَصِحُّ إنْ وُلِدَ الْحَمْلُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا) لَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى مَشْيًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَكِنْ لَا يُعْلَمُ بِهِ حُكْمُ ابْتِدَاءِ الْمَجِيءِ بِالْحَمْلِ فِي الْأُولَى فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ هَذَا الْقَيْدِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُعْلَمُ ابْتِدَاءً وَقْتُ الْمَجِيءِ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ مِنْ مَتْنِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُعْتَدَّةً حِينَ الْوَصِيَّةِ يُعْتَبَرُ الْوِلَادَةُ لِأَجْلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ إلَى سَنَتَيْنِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَالْمُرَادُ أَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِمَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ) قَالَ قَاضِي زَادَهْ كَذَا ذَكَرَهُ شُرَّاح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُمْ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ صَاحِبُ الْمُحِيطِ قَوْلَهُمْ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. . . إلَخْ وَاسْتُنْبِطَ مِنْهُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ، وَلَعَلَّ الْحَقَّ رَأْيُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ اهـ.
وَقَالَ الْمَرْحُومُ جُوَيْ زَادَهْ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي السِّيَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ: أَقُولُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَلَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ، وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ امْتِنَاعَ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ بِحَقِّ الشَّرْعِ لِأَنَّ الشَّرْعَ نَهَانَا عَنْ بِرِّهِمْ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الصَّحِيحِ بِرُّ الْحَرْبِيِّ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ مَا امْتَنَعَ جَوَازُهَا لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْ بِرِّهِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ بَرَّهُ الْمُوَرِّثُ فِي صِحَّتِهِ يَجُوزُ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ جَوَازُهَا لِحَقِّ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَتَجُوزَانِ بِإِجَازَتِهِمْ وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ فِي حَقِّنَا، وَالْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ بَاطِلَةٌ كَذَا ذَكَرَهُ مَسْأَلَةُ الْحَرْبِيِّ فِي وَصَايَا الْأَصْلِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالُوا وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ وَفَّقَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ وَذَكَرَ مَا فِي الْكَافِي وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ هَكَذَا قَالُوا، وَالْمَذْكُورُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْحَرْبِيِّ بَاطِلَةٌ، وَصُورَةُ الْمَذْكُورِ ثَمَّةَ لَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ، وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجُوزُ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ وَرَأَيْت الْمَسْأَلَةَ الَّتِي نَقَلَهَا صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِلسَّرَخْسِيِّ وَقَدْ فَصَّلَهَا تَفْصِيلًا وَافِيًا وَتَتَبَّعْتهَا كَثِيرًا لِأَظْفَرَ بِمَا قَالُوا إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَنَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْمُشْرِكَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا مُحَارِبًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا: أَنَّهُ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ إلَى مَكَّةَ حِينَ قَحَطُوا وَأَمَرَ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لِيُفَرَّقَا عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَبِلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَبُو صَفْوَانَ» قَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَلِأَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحْمُودَةٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ وَفِي كُلِّ دِينٍ، وَالْإِهْدَاءُ إلَى الْغَيْرِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «بُعِثْت لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» فَعَرَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ جَمِيعًا اهـ.
مُخْتَصَرًا فَلَمْ أَشُكَّ فِي أَنَّ مُرَادَهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ كَلَامُهُ هَذَا لَكِنْ مَنْ أَرَادَ التَّوْفِيقَ لَمْ يَطَّلِعْ عَنْ الْمُرَادِ فَوَفَّقَ رَجْمًا بِالْغَيْبِ مَعَ عَدَمِ اسْتِقَامَتِهِمَا أَوَّلًا الْفَرْقُ الثَّانِي الَّذِي بَنَى السَّرَخْسِيِّ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ لَدَى هَذَا الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهَا مَحْمُودَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ وَلَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ ثُمَّ الْفَرْقُ الْأَوَّلُ مِنْ الْفَرْقَيْنِ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ السِّيَرِ فَالْخِلَافُ فِي جَوَازِ صِلَةِ الْحَرْبِيِّ وَعَدَمِهِ لَا فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَعَدَمُهُ لِاقْتِضَاءِ الْفَرْقِ الثَّانِي عَدَمَ جَوَازِهَا اهـ.
عِبَارَةُ الْمَرْحُومِ جَوِي زَادَهْ إلَّا أَنَّهُ يُتَأَمَّلُ فِي قَوْلِهِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الصَّحِيحِ بِرُّ الْحَرْبِيِّ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ لَا بَأْسَ أَنْ يَصِلَ الْمُسْلِمُ الرَّجُلَ الْمُشْرِكَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا مُحَارِبًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا.
(قَوْلُهُ: وَجْهُ التَّوْفِيقِ) عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمَرْحُومُ جُوَيْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا احْتِيَاجَ إلَى هَذَا لِعَدَمِ ثُبُوتِ مَا يُجَوِّزُ الْوَصِيَّةَ لِلْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: أَقُولُ لَا يَخْفَى بَعْدَهُ بَلْ وَجْهُ التَّوْفِيقِ. . . إلَخْ)
قَالَ قَاضِي زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقُولُ هَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ لَفْظَ السِّيَرِ الْكَبِيرِ عَلَى
- صلى الله عليه وسلم «لَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ» وَلِأَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِعْجَالَ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فَعُوقِبَ بِالْحِرْمَانِ عَنْ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْإِرْثُ، وَقَوْلُهُ مُبَاشَرَةً احْتِرَازٌ عَنْ التَّسْبِيبِ كَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ (إلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ يَكُونُ الْقَاتِلُ صَبِيًّا) ذَكَرَهُ فِي الْأَسْرَارِ.
(وَلَا مِنْ صَبِيٍّ مُمَيَّزٍ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ (إلَّا فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ مُمَيَّزًا لَمْ يَجُزْ أَصْلًا (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (مَاتَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ يَعْنِي إذَا أَوْصَى ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لَمْ تَجُزْ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَقْتَ الْمُبَاشَرَةِ (أَوْ أَضَافَهَا إلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ: إذَا أَدْرَكْتُ فَثُلُثِي لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ.
(وَ) لَا (مِنْ عَبْدٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ (وَمُكَاتَبٍ، وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً) لِأَنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَقِيلَ عِنْدَهُمَا تَصِحُّ فِي صُورَةِ تَرْكِ الْوَفَاءَ (إلَّا إذَا أَضَافَاهَا) أَيْ أَضَافَ الْعَبْدَ، وَالْمُكَاتَبَ الْوَصِيَّةَ (إلَى الْعِتْقِ) فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ لِأَنَّ أَهْلِيَّتَهُمَا تَامَّةٌ، وَالْمَانِعُ حَقُّ الْمَوْلَى فَتَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى حَالِ إسْقَاطِهِ.
(وَلَا مِنْ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ بِالْإِشَارَةِ) اعْلَمْ أَنَّ إيمَاءَ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَتَهُ كَالْبَيَانِ بِخِلَافِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ فِي وَصِيَّةٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَقَوَدٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِشَارَةَ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ إذَا كَانَتْ مَعْهُودَةً وَذَلِكَ فِي الْأَخْرَسِ دُونَ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ امْتَدَّ ذَلِكَ وَصَارَتْ لَهُ إشَارَةٌ مَعْهُودَةٌ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخْرَسِ وَقُدِّرَ الِامْتِدَادُ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ إنْ دَامَتْ الْعَقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَيَجُوزُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِمَعْنًى لَا يُرْجَى زَوَالُهُ فَكَانَ كَالْأَخْرَسِ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(قَبُولُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّ أَوَانَ ثُبُوتِ حُكْمِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ (فَيَبْطُلُ قَبُولُهَا وَرَدُّهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا عَلَى دِرْهَمٍ فَإِنَّ رَدَّهَا وَقَبُولَهَا بَاطِلٌ قَبْلَ الْغَدِ كَمَا مَرَّ.
(وَبِهِ) أَيْ بِالْقَبُولِ (يُمْلَكُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ وَلَا يُمْلَكُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إثْبَاتُ مِلْكٍ جَدِيدٍ وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بِلَا اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ خِلَافُهُ حَتَّى يَثْبُتَ فِيهِ الْأَحْكَامُ جَبْرًا مِنْ الشَّارِعِ بِلَا قَبُولٍ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ (إلَّا إذَا مَاتَ مُوصِيهِ ثُمَّ هُوَ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِلَا قَبُولٍ (فَهُوَ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (لِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَرَثَةُ الْمُوصَى لَهُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ فَصَارَ كَمُشْتَرٍ مَاتَ قَبْلَ قَبُولِهِ بَعْدَ إيجَابِ الْبَائِعِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ جَانِبِ الْمُوصِي قَدْ تَمَّتْ بِمَوْتِهِ تَمَامًا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَتْ لِحَقِّ الْمُوصَى لَهُ فَإِذَا مَاتَ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إذَا مَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُوصِي (الرُّجُوعُ عَنْهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِقَوْلٍ صَرِيحٍ) نَحْوُ رَجَعْت عَمَّا أَوْصَيْت لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يَتِمَّ فَصَارَ كَالْهِبَةِ (وَفِعْلٍ يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ عَنْ الْمَغْصُوبِ) كَقَطْعِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ (أَوْ يَزِيدُ فِي الْمُوصَى بِهِ مَا يَمْنَعُ تَسْلِيمَهُ بِدُونِهِ كَالْبِنَاءِ أَوْ يُزِيلُ مِلْكَهُ كَالْبَيْعِ) فَإِنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ أَوْجَبَ زَوَالَ مِلْكِ الْمُوصِي كَانَ رُجُوعًا كَمَا إذَا بَاعَ الْمُوصَى بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَنْفُذُ إلَّا فِي مِلْكِهِ فَإِذَا زَالَ عَنْهُ كَانَ رُجُوعًا وَذَبْحُ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا رُجُوعٌ لِأَنَّهُ لِلصَّرْفِ إلَى حَاجَتِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ لَوْ وَصَّى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ، وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجُوزُ اهـ.
فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْمَنُ هُوَ الْمُرَادَ مِمَّا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَعُوقِبَ بِالْحِرْمَانِ عَنْ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْإِرْثُ) لَعَلَّ صَوَابَهُ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ إذْ الْكَلَامُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ لَا الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِثْنَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ: الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ تَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ، وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ قَتْلِهِ عَمْدًا بَعْدَهَا أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ عَمْدًا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُلْغَاةً بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الْقَاتِلُ صَبِيًّا) مَعْطُوفٌ عَلَى بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ وَلَا يُحْتَاجُ هُنَا إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، وَلِمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ اتِّفَاقًا مِنْ الْحَقَائِقِ اهـ.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَتْلِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ خَطَأً أَنَّ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ وَقَصْدُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الِاسْتِعْجَالِ
(قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ صَبِيٍّ إلَّا فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ) لَكِنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِينَارٍ يُكَفَّنُ بِكَفَنٍ وَسَطٍ وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ لَا يُرَاعَى شَرَائِطُ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ أَوْ سِتَّةِ أَثْوَابٍ يُرَاعَى شَرَائِطُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ فِي مَقْبَرَةِ كَذَا بِقُرْبِ فُلَانٍ الزَّاهِدِ يُرَاعَى شَرْطُهُ إنْ لَمْ يَلْزَمْ فِي التَّرِكَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُقْبَرَ مَعَ فُلَانٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لَا يُرَاعَى شَرْطُهُ
(قَوْلُهُ: قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) كَذَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ لَا تَصِحُّ بِإِشَارَةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ إلَّا إذَا دَامَ إلَى الْمَوْتِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ. اهـ.
عَادَةً فَصَارَ هَذَا الْمَعْنَى أَصْلًا أَيْضًا (بِخِلَافِ غَسْلِ ثَوْبٍ أَوْصَى بِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ ثَوْبَهُ غَيْرَهُ يَغْسِلُهُ عَادَةً فَكَانَ تَقْرِيرًا.
(الْجُحُودُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ) لِأَنَّ الرُّجُوعَ إثْبَاتٌ فِي الْمَاضِي وَنَفْيٌ فِي الْحَالِ، وَالْجُحُودُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي، وَالْحَالِ فَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَلِهَذَا لَا يَكُونُ جُحُودُ النِّكَاحِ فُرْقَةً.
(كَذَا كُلُّ وَصِيَّةٍ أَوْصَيْتُ بِهَا فَحَرَامٌ أَوْ رِبَا) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ بِرُجُوعٍ لِأَنَّ وَصْفَ الْحُرْمَةِ، وَالرِّبَوِيَّةِ يَقْتَضِي بَقَاءَ الْأَصْلِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرُّجُوعُ.
(وَ) قَوْلُهُ (كُلُّ وَصِيَّةٍ أَوْصَيْت بِهَا أَخَّرْتهَا بِخِلَافِ تَرَكْتُهَا) فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَالثَّانِيَ رُجُوعٌ لِأَنَّ تَرْكَ الشَّيْءِ إسْقَاطٌ، وَالتَّأْخِيرُ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ فَإِنَّ الدَّائِنَ إذَا قَالَ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْت لَك دَيْنَك كَانَ إبْرَاءً لَهُ وَلَوْ قَالَ: أَخَّرْت عَنْك لَا يَكُونُ إبْرَاءً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَ) بِخِلَافِ كُلِّ (وَصِيَّةٍ أَوْصَيْتهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ) فَإِنَّهُ أَيْضًا رُجُوعٌ لِأَنَّ الْبَاطِلَ ذَاهِبٌ مُتَلَاشٍ لَا أَصْلَ لَهُ.
(أَوْ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ فَهُوَ لِعَمْرٍو أَوْ لِفُلَانٍ وَارِثِي) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ رُجُوعًا لِأَنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ وَإِثْبَاتِ التَّخْصِيصِ لَهُ فَاقْتَضَى رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا، وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلشَّرِكَةِ، وَالْمَحَلُّ يَقْبَلُهَا فَيَكُونُ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ مَيِّتًا وَقْتَهَا فَالْأُولَى) مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ (بِحَالِهَا) لِأَنَّ بُطْلَانَ الْأَوَّلِ مِنْ ضَرُورَاتِ الْإِثْبَاتِ لِلثَّانِي فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ (وَلَوْ) كَانَ فُلَانٌ (حَيًّا) وَقْتَهَا (فَمَاتَ قَبْلَ الْمُوصِي فَهِيَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي) لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ لِأَنَّ لَمَّا ثَبَتَ لِلثَّانِي كَانَ رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ فَبَطَلَتْ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ وَصَحَّتْ فِي حَقِّ الثَّانِي ثُمَّ بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي.
(تَبْطُلُ هِبَةُ الْمَرِيضِ وَوَصِيَّتُهُ لِمَنْ نَكَحَهَا بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ كَوْنَ الْمُوصَى لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ لِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ وَفَسَادِهَا يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَفِي الْإِقْرَارِ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ يَوْمَ الْإِقْرَارِ لِجَوَازِهِ وَفَسَادِهِ فَإِذَا أَوْصَى الْمَرِيضُ لِامْرَأَةٍ بِشَيْءٍ أَوْ وَهَبَ لَهَا شَيْئًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَالْهِبَةُ أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَلِأَنَّهَا إيجَابٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ وَارِثَةٌ حِينَئِذٍ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ وَأَمَّا الْهِبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْجَزَةً صُورَةً فَهِيَ كَالْمُضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ حُكْمًا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مَوْقِعَ الْوَصَايَا لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ يَتَقَرَّرُ حُكْمُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ.
(بِخِلَافِ إقْرَارِهِ) فَإِنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ فِيهِ.
(وَ) تَبْطُلُ (وَصِيَّتُهُ وَهِبَتُهُ وَإِقْرَارُهُ لِابْنِهِ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا إنْ أَسْلَمَ أَوْ أُعْتِقَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا أَمَّا الْوَصِيَّةُ، وَالْهِبَةُ فَلِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا حَالُ الْمَوْتِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُلْزِمًا بِنَفْسِهِ لَكِنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ قَائِمٌ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَيُورِثُ تُهْمَةَ الْإِيثَارِ فَصَارَ بِاعْتِبَارِ التُّهْمَةِ مُلْحَقًا بِالْوَصَايَا.
(الْمُقْعَدُ) وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْ الْمَشْيِ لِدَاءٍ فِي رِجْلَيْهِ (وَالْمَفْلُوجِ) الْفَالِجُ دَاءٌ يَعْرِضُ لِنِصْفِ الْبَدَنِ فَيَمْنَعُهُ عَنْ الْحِسِّ، وَالْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ (، وَالْأَشَلِّ) وَهُوَ الَّذِي فِي يَدِهِ ارْتِعَاشٌ وَحَرَكَةٌ (، وَالْمَسْلُولُ) وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ عِلَّةُ السُّلِّ وَهُوَ قُرْحٌ يَكُونُ فِي الرِّئَةِ (إنْ طَالَ مُدَّتُهُ سَنَةً كَالصَّحِيحِ وَإِلَّا فَكَالْمَرِيضِ)
يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ أَمْرَاضٌ مُزْمِنَةٌ فَمَنْ عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا وَتَصَرَّفَ بِشَيْءٍ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: الْجُحُودُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ) هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبُرْهَانِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ رُجُوعٌ
(قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْمُحِيطِ) وَذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ، وَالْكَافِي
(قَوْلُهُ: فَهُوَ لِعَمْرٍو وَلِفُلَانٍ وَارِثِي) الْقَيْدُ بِالْوَارِثِ خَاصٌّ بِالْأَخِيرِ وَهُوَ فُلَانٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ) يَعْنِي فِي تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَأَمَّا عَمْرٌو فَالْوَصِيَّةُ لَهُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إقْرَارِهِ) يَعْنِي لِلْمَرْأَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ: إنْ طَالَ مُدَّتُهُ سَنَةً كَالصَّحِيحِ وَإِلَّا فَكَالْمَرِيضِ) كَذَا فَسَّرَ الطُّولَ بِسَنَةٍ فِي الْخَانِيَّةِ وَقُيِّدَ هَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ فَقَالَ إذَا طَالَ بِهِ الْمَرَضُ وَلَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَالْفَالِجِ، وَالشَّلَلِ إذَا كَانَ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا أَوْ يَابِسَ الشِّقِّ فَهَذَا لَا يَكُونُ حُكْمُ الْمَرِيضِ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ فَمَا فَعَلَ فِي حَالَةِ التَّغَيُّرِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.