المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الدَّفْعِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ عَمَلًا بِالْمَشْهُورِ وَهُوَ - درر الحكام شرح غرر الأحكام - جـ ٢

[منلا خسرو]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابٌ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِتَابَة]

- ‌(فَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ)

- ‌(بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَب وَعَجْزِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْوَلَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

- ‌[أَنْوَاع الْيَمِين]

- ‌ حُرُوفُ الْقَسَمِ

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(بَابٌ حَلِفُ الْفِعْلِ)

- ‌(بَابُ حَلِفِ الْقَوْلِ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ حَدّ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ الْوَطْءُ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ]

- ‌(بَابٌ شَهَادَةُ الزِّنَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(التَّعْزِيرُ

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌[فَصْلٌ عُقُوبَة السَّارِق]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌ شُرْبُ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ وَالِامْتِشَاطُ بِهِ)

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[أَقْسَام الْقَتْلُ]

- ‌ شَرْطُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ)

- ‌[مَسَائِلِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ]

- ‌[مَسَائِلِ اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة وَأَجْنَاسهَا]

- ‌[الدِّيَة فِي شَبَه الْعَمْد]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[الدِّيَة فِي الْقَتْل الْخَطَأ]

- ‌[فَصْل الْقَوَدَ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ ضَرْب بَطْنِ امْرَأَةٍ حُرَّة فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا]

- ‌(بَابُ مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْل دِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إقْرَار الْمُدَبَّر وَأُمُّ الْوَلَد بِجِنَايَةِ خَطَأ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ))

- ‌[الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَفْقُودِ)

- ‌(كِتَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(كِتَابُ اللُّقَطَةُ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌(وَقْفُ الْعَقَارِ

- ‌[الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[فَصْلٌ بَعْض الْأُصُول فِي الْبَيْعِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]

- ‌[حُكْمُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]

- ‌[الْبَيْعِ الْفَاسِد]

- ‌[بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ]

- ‌ بَيْعُ (الْحَمْلِ)

- ‌[بَيْعُ لَبَنٍ فِي ضَرْع]

- ‌[بَيْع الْمَضَامِين]

- ‌[بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع شعر الْخِنْزِير]

- ‌[الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌بَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي)

- ‌(الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ)

- ‌ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[تَلَقِّي الْجَلَبِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[بَيْعِ الْكَيْلِيِّ بِالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِالْوَزْنِيِّ مُتَفَاضِلًا]

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا

- ‌[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[أَنْوَاع الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[شَرَائِط السَّلَم]

- ‌ بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ)

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌(تَذْنِيبٌ)لِكِتَابِ الْبَيْعِ

- ‌(بَيْعُ الْوَفَاءِ

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابٌ مَا تَكُونُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

- ‌[الْحِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ بِهِ الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة]

- ‌[مَوَانِعَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَوْلِدَهَا]

- ‌(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِجَارَة]

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌[مَا يفسد الْإِجَارَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَجِير] [

- ‌أَنْوَاع الْأَجِير]

- ‌[بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[إعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌(بَابُ مَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ

- ‌[بَابُ الرَّهْنُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ وَالْجِنَايَةِ فِي الرَّهْنِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ بِعَشَرَةٍ فَتَخَمَّرَ وَتَخَلَّلَ وَهُوَ يُسَاوِيهَا]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[فَصْلٌ غَيَّبَ الْغَاصِبُ مَا غَصَبَهُ]

- ‌(كِتَابُ الْإِكْرَاهِ)

- ‌[أَنْوَاع الْإِكْرَاه]

- ‌[شُرُوط الْإِكْرَاه]

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌[فَصْلٌ علامات الْبُلُوغ]

- ‌(كِتَابُ الْمَأْذُونِ)

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ الْأُذُن]

- ‌(كِتَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌فَصْلٌ (لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَوَالَةِ]

- ‌[الْحَوَالَةُ بِالدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَبِالدَّيْنِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

- ‌[أَرْكَان الْمُضَارَبَة]

- ‌[شُرُوط الْمُضَارَبَة]

- ‌[بَابُ الْمُضَارَبُ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة وَشُرُوطهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌[أَرْكَان الْمُزَارَعَة]

- ‌[مُبْطِلَات الْمُزَارَعَة]

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[شُرُوط الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَرْكَان الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا وَمَنْ لَا يَكُونُ]

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌(فَصْلٌ)(الِاسْتِشْرَاءُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالِاسْتِئْجَارُ)

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْرَار]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)

- ‌(فَصْل)(حُرَّةٌ أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ فَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[شُرُوط الشَّهَادَة]

- ‌[أَرْكَان الشَّهَادَة]

- ‌[نصاب الشَّهَادَة]

- ‌[بَابُ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الشَّهَادَات]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[أَرْكَان الصُّلْح]

- ‌[شُرُوط الصُّلْح]

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ

- ‌[مَا تَقْضِي فِيهِ الْمَرْأَة]

- ‌ بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ]

- ‌[بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْقَضَاء]

- ‌[بَيَانِ الْمَحْضَرِ وَمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[سَبَبُ الْقِسْمَة]

- ‌[أَنْوَاع الْقِسْمَةُ]

- ‌ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ

- ‌[أَحْكَام الْمُهَايَأَة]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ]

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ)

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ)

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى، وَالثَّمَرَةِ)

- ‌[فَصْلٌ وَصَايَا الذِّمِّيِّ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الدَّفْعِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ عَمَلًا بِالْمَشْهُورِ وَهُوَ

؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الدَّفْعِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ عَمَلًا بِالْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (وَلَا يَجِبُ بِلَا حُجَّةٍ) لِمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ بِبَيَانِ الْعَلَامَةِ (رَجُلٌ مَاتَ بِالْبَادِيَةِ جَازَ لِرَفِيقِهِ بَيْعُ مَتَاعِهِ وَمَرْكَبِهِ وَحَمْلُ ثَمَنِهِ إلَى أَهْلِهِ) كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ (حَطَبٌ وُجِدَ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فَلُقَطَةٌ) يُرَاعَى فِيهِ حُكْمُهَا (وَإِلَّا فَحَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَ) كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ الْأَصْلِيَّةِ.

(كِتَابُ الْوَقْفِ)

(هُوَ) لُغَةً بِمَعْنَى الْحَبْسِ فَإِنَّ وَقَفَ الَّذِي مَصْدَرُهُ الْوَقْفُ مُتَعَدٍّ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرَ، وَوَقَفَ الَّذِي مَصْدَرُهُ الْوُقُوفُ لَازِمٌ وَشَرْعًا (حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنَافِعِ) بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُ عِنْدَهُمَا حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْعَبْدِ فَيَلْزَمُ وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ. لَهُمَا «أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَلَكِنْ لِتُنْفِقَ ثَمَرَتَهُ» فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَازِمٌ وَلَهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ» أَيْ لَا مَالَ يُحْبَسُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ عَنْ الْقِسْمَةِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِالْحَبْسِ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى (وَقِيلَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا) كَذَا فِي الْكَافِي وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنَافِعِ بِقَوْلِهِ (فَلَمْ يَصِحَّ فِي رِوَايَةٍ) يَعْنِي إذَا تَضَمَّنَ الْوَقْفُ التَّصَدُّقَ بِالْمَنَافِعِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَعْدُومِ لَا يَجُوزُ (وَصَحَّ فِي الْأَصَحِّ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِالْمَنَافِعِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا أَيْضًا كَمَا جَازَ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ وَغَلَّتِهِمَا لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَهُ وَلِذَا قَالَ (وَلَمْ يَلْزَمْ) لِبَقَاءِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِاللُّزُومِ أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْوَاقِفِ إبْطَالُهُ فِي حَيَاتِهِ وَلِوَارِثِهِ بَعْدَهُ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَبَنَى سِقَايَةً أَوْ خَانًا لِبَنِي السَّبِيلِ أَوْ رِبَاطًا أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً لَا يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ وَفَرَّعَ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ بِقَوْلِهِ (فَصَحَّ تَمْلِيكُهُ) فِي حَيَاتِهِ (وَإِرْثُهُ) أَيْ كَوْنُهُ مَوْرُوثًا بَعْدَ مَوْتِهِ (وَالرُّجُوعُ عَنْهُ وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا بِالْقَضَاءِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ أَيْ لَا يَكُونُ الْوَقْفُ لَازِمًا إلَّا بِأَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ بِالْقَضَاءِ (مِنْ) قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ (مُوَلًّى) مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ غَيْرَ مُحَكَّمٍ بِأَنْ كَانَ قَاضِيًا بِتَحْكِيمِ الْخَصْمَيْنِ إيَّاهُ فَإِنَّهُ إنْ حَكَمَ لَمْ يَنْفُذْ حَتَّى جَازَ لِلْمُوَلَّى أَنْ يَنْقُضَهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ وَطَرِيقُ الْقَضَاءِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَاقِفُ مَا وَقَفَ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَرْجِعَ بِحُكْمِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَإِذَا تَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ وَحَكَمَ بِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْ الْوَقْفِ لَزِمَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَإِذَا لَحِقَهُ حُكْمُ الْمُوَلَّى لَزِمَ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الصَّادِرَةِ عَنْ الْحُكَّامِ وَمَا يُذْكَرُ فِي صَكِّ الْوَقْفِ أَنَّ قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ قَضَى بِلُزُومِ هَذَا الْوَقْفِ وَبُطْلَانِ حَقِّ الرُّجُوعِ لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِالْمَوْتِ إذَا عَلَّقَ بِهِ) بِأَنْ قَالَ إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ وَلَزِمَ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَعْدُومِ جَائِزَةٌ كَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ وَيَكُونُ مِلْكُ الْمَيِّتِ فِيهِ بَاقِيًا حُكْمًا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ حَطَبٌ وُجِدَ فِي الْمَاءِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَيَحِلُّ أَخْذُ التُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى مِنْ الْأَنْهَارِ، وَكَذَا مَا يَبْقَى مِنْ الثِّمَارِ الْوَاقِعَةِ تَحْتَ الْأَشْجَارِ فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ عَلَى الْمُخْتَارِ كَأَخْذِ النَّوَى وَقُشُورِ الرُّمَّانِ الْمَنْبُوذِ لَا الْمَجْمُوعِ وَكَأَخْذِ السَّنَابِلِ بَعْدَ رَفْعِ الزَّرْعِ.

(فَرْعٌ مُهِمٌّ) أَخَذَ مُكَعَّبَهُ وَوَجَدَ غَيْرَهُ فِي مَكَانِهِ لَا يَمْلِكُهُ وَيَصِيرُ كَاللُّقَطَةِ فِي الْحُكْمِ.

[كِتَابُ الْوَقْفِ]

(كِتَابُ الْوَقْفِ)(قَوْلُهُ هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ) يَعْنِي عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَصِحَّ فِي رِوَايَةٍ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجِيزُ الْوَقْفَ فَأَخَذَ النَّاسُ بِظَاهِرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَقَالُوا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عِنْدَهُ قُلْنَا مُرَادُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَهُ لَازِمًا فَأَمَّا أَصْلُ الْجَوَازِ فَثَابِتٌ عِنْدَهُ اهـ.

وَذَكَرَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِالْمَوْتِ إذَا عُلِّقَ بِهِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ أَوْ أُضِيفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَكُونُ الْوَقْفُ لَازِمًا إلَّا بِأَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ) يَعْنِي لُزُومًا حَالِيًّا أَوْ مَآلِيًا لِمَا سَنَذْكُرُ

ص: 132

فَيَتَصَدَّقُ عَنْهُ دَائِمًا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ جَازَ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَبَقِيَ الْبَاقِي إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ آخَرُ أَوْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَلَمْ يُجِيزُوا قَسَّمَ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا لِلْوَقْفِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ، وَفِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْمَوْتِ إذَا عَلَّقَ بِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ بِالْمَوْتِ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْمِلْكِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمَوْتِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ لِيُفِيدَهُ، وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِقَوْلِهِ وَقَفْتُهَا فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَمَاتِي مُؤَبَّدًا) فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا دَامَ حَيًّا كَانَ هَذَا نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ فَكَانَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَكُونُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ مَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِإِنْسَانٍ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ وَالرَّقَبَةُ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ حَتَّى إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ يَصِيرُ الْعَبْدُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةِ الْمَالِكِ إلَّا أَنَّ فِي الْوَقْفِ لَا يُتَصَوَّرُ انْقِطَاعُ الْمُوصَى لَهُمْ فَتَتَأَبَّدُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَذَكَرَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ وَإِفْرَازِهِ بِطَرِيقِهِ) شَرَطَ الْإِفْرَازَ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] أَيْ مُخْتَصَّةٌ بِهِ تَعَالَى فَلَا يَخْلُصُ لَهُ تَعَالَى إلَّا بِهِ (وَالْإِذْنِ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَصَلَاةِ جَمَاعَةٍ وَقِيلَ) لَا حَاجَةَ إلَى صَلَاةِ جَمَاعَةٍ (بَلْ كَفَى وَاحِدٌ) إذَا صَلَّى فِيهِ شَرَطَ الْإِذْنَ لَهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ شَرْطٌ لِصَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا عِنْدَ هُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَيُشْتَرَطُ فِي كُلِّ نَوْعٍ تَسْلِيمٌ يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَهَذَا الْوَجْهُ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ مَعَ إفَادَتِهِمَا اللُّزُومَ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاقِفِ وَوَارِثِهِ يُفِيدَانِ خُرُوجَ الْوَقْفِ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفِيدُ بِمَوْتِ الْوَاقِفِ لُزُومَ الْوَقْفِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ وَخُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ أَيْضًا وَلُزُومَهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَارِثِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ لَا يُفِيدُ خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَلَا لُزُومَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لِجَوَازِ رُجُوعِهِ بَلْ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَارِثِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ أَنَّهُمَا بَعْدَمَا خَالَفَا الْإِمَامَ فِي عَدَمِ زَوَالِ مِلْكِ الْوَاقِفِ، وَقَالَا بِزَوَالِهِ اخْتَلَفَا فِيمَا يَتِمُّ بِهِ الْوَقْفُ فَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَتِمَّ) عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ يَعْنِي بَعْدَمَا لَزِمَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَتِمَّ (إلَّا بِذِكْرِ مَصْرِفٍ مُؤَبَّدٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِالْمَنْفَعَةِ أَوْ الْغَلَّةِ وَذَا قَدْ يَكُونُ مُؤَقَّتًا وَقَدْ يَكُونُ مُؤَبَّدًا فَمُطْلَقُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ (فَلَوْ)(وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ) مَثَلًا بِأَنْ قَالَ وَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ (وَانْقَرَضُوا) أَيْ الْأَوْلَادُ (عَادَ) الْوَقْفُ إلَى الْمَالِكِ (عِنْدَهُ) لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ (وَلَوْ)(وَقَّتَ) بِأَنْ قَالَ وَقَفْتُهُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا (بَطَلَ) اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَالتَّوْقِيتِ فِي الْبَيْعِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتِمُّ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا وَأُخْرَى بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ لَا يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ فَيَصِحُّ فِي الْفَصْلَيْنِ تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِ الْوَاقِفِ (وَإِذَا)(انْقَطَعَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَالْأَوْلَادِ مَثَلًا (صُرِفَ) الْوَقْفُ عِنْدَهُ (إلَى الْفُقَرَاءِ) فَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ اتِّفَاقًا لَكِنْ ذِكْرُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقَفْتُ أَوْ تَصَدَّقْتُ يَقْتَضِي الْإِزَالَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ كَالْإِعْتَاقِ كَمَا سَيَأْتِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِمَا مَرَّ.

(وَهُوَ) أَيْ الْوَقْفُ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (إسْقَاطٌ) أَيْ شُرِعَ لِإِسْقَاطِ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْعَيْنِ (كَالْإِعْتَاقِ) فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّ الْمَوْلَى (لَا تَمْلِيكٌ لِلَّهِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ. . . إلَخْ) أَقُولُ هُوَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي سَوَاءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يُفِيدَانِ الْخُرُوجَ وَاللُّزُومَ بِمَوْتِ الْوَاقِفِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِمَا عَلَى الْمَوْتِ وَيُفِيدُ أَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا (قَوْلُهُ يَعْنِي بَعْدَ مَا لَزِمَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتِمَّ إلَّا بِذِكْرِ مَصْرِفٍ مُؤَبَّدٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) أَقُولُ فِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ شَامِلٌ لِوَقْفِ الْمَسْجِدِ وَلَا مُخَالَفَةَ لِمُحَمَّدٍ فِي لُزُومِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ فِي لُزُومِهِ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ، وَيُزِيلُ أَبُو يُوسُفَ مِلْكَ الْبَانِي عَمَّا بَنَاهُ مَسْجِدًا بِقَوْلِهِ جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا وَشَرَطَا إفْرَازَهُ عَنْ مِلْكِهِ وَصَلَاةَ وَاحِدٍ فِيهِ فِي رِوَايَةٍ أَوْ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ فِيهِ بِإِذْنِهِ فِي أُخْرَى اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَانْقَرَضُوا عَادَ الْوَقْفُ) أَقُولُ لَا تَخْتَصُّ هَذِهِ الصُّورَةُ بِمُحَمَّدٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَصِحُّ وَالثَّانِيَ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَّتَ بَطَلَ اتِّفَاقًا) أَقُولُ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ الْوَقْفُ وَيَكُونُ وَقْفًا أَبَدًا (قَوْلُهُ وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا وَأُخْرَى بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ لَا يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ فَيَصِحُّ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَقُولُ يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَصِحُّ وَالثَّانِيَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِهِ مَوْقُوفَةٌ يَنْصَرِفُ إلَى الْفُقَرَاءِ عُرْفًا فَإِذَا ذَكَرَ الْوَلَدَ صَارَ مُقَيَّدًا فَلَا يَبْقَى الْعُرْفُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ

ص: 133

لِاسْتِغْنَائِهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْوَاقِفِ وَالْوَقْفِ (وَلَا لِلْعَبْدِ) وَإِلَّا لَجَازَ بَيْعُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ (فَيُخْرِجُهُ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ الْوَقْفَ عَنْ الْمِلْكِ (بِنَفْسِ الْقَوْلِ) بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ (وَيُجِيزُ الشُّيُوعَ) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لِلْحِيَازَةِ وَتَمَامُهَا فِيمَا يُقْسَمُ بِالْقِسْمَةِ وَأَصْلُ الْقَبْضِ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَكَذَا تَتِمَّتُهُ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ إسْقَاطُ الْمِلْكِ كَالْإِعْتَاقِ وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ الْإِعْتَاقَ فَلَا يَمْنَعُ الْوَقْفَ أَيْضًا (وَبِهِ يُفْتِي مَشَايِخُ الْعِرَاقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ صَدَقَةٌ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ» (فَيَشْتَرِطُ) أَيْ مُحَمَّدٌ (التَّسْلِيمَ) أَيْ تَسْلِيمَ الْوَاقِفِ الْوَقْفَ إلَى الْمُتَوَلِّي (وَالْقَبْضَ) أَيْ قَبْضَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ كَمَا فِي الصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ دُونَ الْمُوصَى بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَزُولُ عَنْ مِلْكِ الْمُتَصَدِّقِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ وَقَبْضِ الْفَقِيرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدًا لِمَا مَرَّ إلَّا أَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ تَعَالَى مِنْ الْحَقِّ فِي الصَّدَقَةِ يَثْبُتُ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ إلَى الْعَبْدِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الصَّدَقَاتِ وَالزَّكَاةِ، وَلَوْ تَمَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَصَارَ يَدُهُ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ (وَيَمْنَعُ الشُّيُوعَ فِيمَا قَبِلَ الْقِسْمَةَ) لِأَنَّ أَصْلَ الْقَبْضِ عِنْدَهُ شَرْطٌ فَكَذَا مَا يَتِمُّ بِهِ الْقَبْضُ وَتَمَامُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَفِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا يَصِحُّ مَعَ الشُّيُوعِ حَتَّى لَوْ وَقَفَ نِصْفَ الْحَمَّامِ جَازَ (كَالصَّدَقَةِ) الْمُنَفَّذَةِ فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ الْوَقْفَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَتِمُّ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ كَمَا إذَا قَالَ تَصَدَّقْتُ بِنِصْفِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْعَشَرَةِ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ فَإِنَّهَا لَا تَتِمُّ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ ذَلِكَ الْفَقِيرُ وَتَتِمُّ فِي مُشَاعٍ لَا يُقْسَمُ كَنِصْفِ الْحَمَّامِ (وَبِهِ يُفْتِي مَشَايِخُ بُخَارَى) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَتَصَدَّقَا بِهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ الَّتِي يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَدَفَعَهَا إلَى قَيِّمٍ يَقُومُ عَلَيْهَا كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَهَاهُنَا لَمْ يُوجَدْ الشُّيُوعُ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَدَّقَا بِالْأَرْضِ جُمْلَةً، وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُمَا سَلَّمَا الْأَرْضَ جُمْلَةً، وَلَوْ تَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ هَذِهِ الْأَرْضِ مُشَاعًا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَقْفِهِ مُتَوَلِّيًا عَلَى حِدَةٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاشَرَ عَقْدًا عَلَى حِدَةٍ، وَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَوَلِّيَيْنِ قَبَضَ نِصْفًا شَائِعًا، فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمُتَوَلِّيهِ اقْبِضْ نَصِيبِي مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِي جَازَ، وَلَوْ تَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ الْأَرْضِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ تَصَدَّقَ الْآخَرُ بِنِصْفِهَا كَذَلِكَ وَجَعَلَا لِذَلِكَ قَيِّمًا وَاحِدًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَمْ يُوجَدْ وَقْتَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَبَضَ الْأَرْضَ جُمْلَةً وَهُمَا سَلَّمَا إلَيْهِ جُمْلَةً، وَكَذَا لَوْ جَعَلَا التَّوْلِيَةَ إلَى رَجُلَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا كَمُتَوَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ الْوَقْفِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا فَجَعَلَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ مُشَاعًا وَالنِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ جَازَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ الْوَقْفُ فِي كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ يَجُوزُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ وَغَيْرَ مَقْسُومٍ، وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى.

(وَإِذَا لَزِمَ) الْوَقْفُ (وَتَمَّ لَا يُمْلَكُ) أَيْ لَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِصَاحِبِهِ (وَلَا يُمَلَّكُ) أَيْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ صَدَقَةٌ فَيَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي) أَقُولُ يَعْنِي فِي وَقْفِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَفِي الْمَسْجِدِ تَسْلِيمُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ صَدَقَةٌ فَيَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ وَيَمْنَعُ الشُّيُوعَ فِيمَا قَبِلَ الْقِسْمَةَ) أَقُولُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ امْرَأَةٌ وَقَفَتْ دَارَهَا فِي مَرَضِهَا عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ لَهَا وَآخِرَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَلَيْسَ لَهَا مِلْكٌ غَيْرَ الدَّارِ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُنَّ قَالُوا ثُلُثُ الدَّارِ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ لَهُنَّ يَصْنَعْنَ مَا شِئْنَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى إلَى قَوْلِهِ وَغَيْرَ مَقْسُومٍ) أَقُولُ هَكَذَا هُوَ فِي الْخَانِيَّةِ.

ص: 134

لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ لِغَيْرِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِاسْتِحَالَةِ تَمْلِيكِ الْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ (وَلَا يُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ) لِاقْتِضَائِهِمَا الْمِلْكَ (وَلَا يُقْسَمُ إلَّا عِنْدَهُمَا إذَا كَانَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ (بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالْمَالِكِ) أَيْ إذَا قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ وَقْفِ الْمُشَاعِ وَنَفَذَ قَضَاؤُهُ صَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُخْتَلِفَاتِ، فَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِسْمَةَ فَعِنْدَهُ لَا يُقْسَمُ وَيَتَهَايَئُونَ، وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْكُلَّ لَوْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْأَرْبَابِ فَأَرَادُوا الْقِسْمَةَ لَا يُقْسَمُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (لَا الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ) لِمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزٌ وَإِفْرَازٌ لَا بَيْعٌ وَتَمْلِيكٌ فَتَجُوزُ وَلَهُ أَنَّهَا بَيْعٌ مَعْنًى لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْإِفْرَازِ وَالْمُبَادَلَةِ وَجِهَةُ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةٌ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ (أَزَالَ أَبُو يُوسُفَ الْمَسْجِدَ) عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ (بِقَوْلِهِ جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ كَالْإِعْتَاقِ (وَشَرَطَ الصَّلَاةَ كَمَا مَرَّ) أَعَادَ ذِكْرَ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِي تَعْدَادِ مُوجِبَاتِ اللُّزُومِ وَذَكَرَهُ هَاهُنَا لِمُخَالَفَةِ أَحْكَامِهِ سَائِرَ الْأَوْقَافِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَنْعِ الشُّيُوعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ (وَإِنْ جَعَلَ تَحْتَهُ)(سِرْدَابًا) وَهُوَ مُعَرَّبُ سِرْدَابَةَ وَهُوَ بَيْتٌ يُتَّخَذُ تَحْتَ الْأَرْضِ لِلتَّبْرِيدِ (لِمَصَالِحِهِ جَازَ) كَمَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ (وَلَوْ جَعَلَ لِغَيْرِهَا أَوْ) جَعَلَ (فَوْقَهُ) أَيْ فَوْقَ الْمَسْجِدِ بَيْتًا (وَجَعَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا) أَيْ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا وَلَهُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يَجِبُ خُلُوصُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَخْلُصْ هُنَا لِبَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِأَسْفَلِهِ أَوْ بِأَعْلَاهُ فَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ جَوَّزَ الْوَجْهَيْنِ حِينَ قَدِمَ بَغْدَادَ لِضَرُورَةِ ضِيقِ الْمَنَازِلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ حِينَ دَخَلَ الرَّيَّ أَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلضَّرُورَةِ.

(كَمَا لَوْ جَعَلَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذَّنَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ) حَيْثُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا وَلَهُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحِيطٌ بِجَوَانِبِهِ فَكَانَ لَهُ حَقُّ الْمَنْعِ وَالْمَسْجِدُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقُّ الْمَنْعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114](وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ يَبْقَى مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) وَلَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ بَانِيهِ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَى مِلْكِ وَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا (وَعَادَ إلَى الْمِلْكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لِقُرْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ كَالْمُحْصَرِ فِي الْحَجِّ إذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ، ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهَدْيِهِ مَا شَاءَ، وَلَهُمَا أَنَّ الْقُرْبَةَ الَّتِي قَصَدَهَا لَمْ تَزُلْ بِخَرَابِ مَا حَوْلَهُ إذْ النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ سَوَاءٌ فَيُصَلِّي فِيهِ الْمُسَافِرُونَ وَالْمَارَّةُ وَهَدْيُ الْإِحْصَارِ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ الذَّبْحِ (وَمِثْلُهُ حُصُرُ الْمَسْجِدِ وَحَشِيشُهُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُمَا) حَيْثُ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْمِلْكِ عِنْدَ هُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (وَالرِّبَاطُ وَالْبِئْرُ إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا) فَإِنَّهُمَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ (فَيُصْرَفُ وَقْفُ الْمَسْجِدِ وَالرِّبَاطِ وَالْبِئْرِ إلَى أَقْرَبِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ بِئْرٍ إلَيْهِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ جَعَلَ فَوْقَهُ بَيْتًا فَلَا) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ كَوْنِهِ مَسْجِدًا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْإِسْعَافِ فَقَالَ إذَا كَانَ السِّرْدَابُ أَوْ الْعُلُوُّ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَا وَقْفًا عَلَيْهِ صَارَ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَعَلَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا) أَقُولُ لَعَلَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي خَانٍ لِمَا قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ رَجُلٌ لَهُ خَانٌ فِيهِ مَسْجِدٌ أَفْرَزَهُ صَاحِبُ الْخَانِ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالتَّأْذِينِ وَالصَّلَاةِ لِلْجَمَاعَةِ فِيهِ فَفَعَلُوا حَتَّى صَارَ مَسْجِدًا، ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الْخَانِ كُلَّ حُجْرَةٍ فِي الْخَانِ مِنْ رَجُلٍ حَتَّى صَارَ دَرْبًا، ثُمَّ بِيعَ مِنْهُ حُجْرَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ الشُّفْعَةُ لَهُمْ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي طَرِيقِ الْخَانِ، وَقَدْ كَانَ الطَّرِيقُ مَمْلُوكًا اهـ فَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْمَسْجِدِ فِي دَاخِلِ الْخَانِ وَالْمَسْأَلَةُ وَاقِعَةُ الْحَالِ كَمَا فِي مَسَاجِدِ خَانَاتِ مِصْرَ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحِيطٌ بِجَوَانِبِهِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ وَعَنْ كُلٍّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَصِيرُ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِجَعْلِ وَسَطِ دَارِهِ مَسْجِدًا وَلَنْ يَصِيرَ مَسْجِدًا إلَّا بِالطَّرِيقِ دَخَلَ فِيهِ الطَّرِيقُ بِلَا ذِكْرِهِ كَالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ يَبْقَى مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) هُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِمَا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ مَسْجِدٌ أَبَدًا إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ لَا يَعُودُ مِيرَاثًا وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ وَنَقْلُ مَالِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهِ أَوْ لَا وَهُوَ الْفَتْوَى اهـ.

وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ هُوَ مَسْجِدٌ أَبَدًا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَوْ بَنَى أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مَسْجِدًا آخَرَ فَاجْتَمَعُوا عَلَى بَيْعِ الْأَوَّلِ لِيَصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الثَّانِي فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ حَصِيرُ الْمَسْجِدِ وَحَشِيشُهُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُمَا حَيْثُ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْمِلْكِ عِنْدَهُمَا) أَقُولُ فَيُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إلَى حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ هَذَا الْمَسْجِدُ يُحَوَّلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَفِي الْبُرْهَانِ يَنْقُلُ الْحُصْرَ وَالْحَشِيشَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ أَوْ يَبِيعُهَا الْقَيِّمُ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ اهـ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رحمه الله. اهـ.

(قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ وَقْفُ الْمَسْجِدِ. . . إلَخْ) عَلِمْت مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ الْفَتْوَى بِخِلَافِ هَذَا.

وَفِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مَسْجِدٍ خَرِبَ وَمَاتَ أَهْلُهُ وَمَحَلَّةٍ أُخْرَى فِيهَا مَسْجِدٌ هَلْ لِأَهْلِهَا أَنْ يَصْرِفُوا وَجْهَ الْمَسْجِدِ الْخَرَابِ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ؟ قَالَ لَا اهـ

ص: 135