الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا هُوَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ لَا (بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ مَرَّ (وَلَا ضَمَانَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ (كَالصَّحِيحَةِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَلَا يَكُونُ ضَمِينًا (وَأَمَّا دَفْعُ الْمَالِ إلَى آخَرَ وَشَرْطُ الرِّبْحِ لِلْمَالِكِ فَبِضَاعَةٌ وَ) شَرْطُهُ (لِلْعَامِلِ فَقَرْضٌ) وَإِنَّمَا غَيَّرَ أُسْلُوبَ الْوِقَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَعُدَّ الْبِضَاعَةَ وَالْقَرْضَ فِي سِلْكِ الْإِيدَاعِ وَغَيْرِهِ لِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ إذَا كَانَتْ عَقْدَ شَرِكَةٍ فِي الرِّبْحِ فَكَيْفَ تَكُونُ بِضَاعَةً أَوْ قَرْضًا
(وَشَرْطُهَا سِتَّةٌ) الْأَوَّلُ (كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِمَالٍ تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ) لِأَنَّهَا تَصِيرُ شَرِكَةً بِحُصُولِ الرِّبْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَالٍ تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالتِّبْرُ وَالْفُلُوسُ النَّافِقَةُ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرَضًا وَأَمَرَ بِبَيْعِهِ وَعَمَلِ مُضَارَبَةٍ فِي ثَمَنِهِ فَقَبِلَ صَحَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْمُضَارَبَةَ إلَى الْعَرْضِ بَلْ إلَى ثَمَنِهِ وَهُوَ مِمَّا تَصِحُّ بِهِ الْمُضَارَبَةُ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ تَجُوزُ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ إجَارَةٌ فَلَا يَمْنَعُ شَيْءٌ مِنْهَا الْإِضَافَةَ إلَيْهِ (وَ) الثَّانِي (كَوْنُهُ عَيْنًا لَا دَيْنًا) لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَمِينٌ ابْتِدَاءً وَلَا يَتَصَوَّرُ كَوْنُهُ أَمِينًا فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ (فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى ثَالِثٍ فَقَالَ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً) حَيْثُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمُضَارَبَةَ إلَى زَمَانِ الْقَبْضِ وَالدَّيْنُ فِيهِ يَصِيرُ عَيْنًا وَهُوَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ (وَ) الثَّالِثُ (تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُضَارِبِ) حَتَّى لَا يَبْقَى لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ يَدٌ لِأَنَّ الْمَالَ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَهُ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَلَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْلُصَ الْمَالُ لِلْعَامِلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَأَمَّا الْعَمَلُ فِي الشَّرِكَةِ فَمِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَوْ شُرِطَ خُلُوصُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَنْعَقِدْ الشَّرِكَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا (فَشَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يُفْسِدُهَا) أَيْ إنْ شَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ الْمَالِكُ مَعَ الْمُضَارِبِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يَمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ شَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَمَا يَأْبَاهُ كَانَ مُفْسِدًا ضَرُورَةً (وَ) الرَّابِعُ (كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا) لِئَلَّا يَقَعَا فِي الْمُنَازَعَةِ (تَسْمِيَةً) بِأَنْ يَعْقِدَا عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالٍ تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ (أَوْ إشَارَةً) كَمَا إذَا دَفَعَ مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا لِلْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ (وَ) الْخَامِسُ (كَوْنُ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومًا عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الرِّبْحَ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَجَهَالَتُهُ تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ (وَ) السَّادِسُ (شُيُوعُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً) لِقَطْعِهِ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا قَدْرَ مَا شُرِطَ لَهُ وَإِذَا انْتَفَى الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ بِطَرِيقِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ (فَتَفْسُدُ بِشَرْطِ زِيَادَةِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ لِأَحَدِهِمَا) فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمُسَمَّى الْمَشْرُوطِ لِلْفَسَادِ فَيُصَارُ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ ضَرُورَةً وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (كَذَا) أَيْ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَك نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَمَشَى فِي وُجُوبِ الْأَجْرِ مُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِهِ فِي مُجَاوَزَةِ الْمُسَمَّى بَلْ أَخَذَ فِيهِ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ حَيْثُ مَشَى عَلَى عَدَمِ مُجَاوَزَتِهِ الْمَشْرُوطَ وَلَمْ يَمْشِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْأَجْرِ إذَا لَمْ يَرْبَحْ. اهـ.
[شُرُوط الْمُضَارَبَة]
(قَوْلُهُ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرْضًا وَأَمَرَ بِبَيْعِهِ وَعَمِلَ مُضَارَبَةً فِي ثَمَنِهِ فَقِيلَ صَحَّ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْعَرْضَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ رَأْسُ الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرْضًا وَأَمَرَ بِبَيْعِهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَجْعُولَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ أُضِيفَ إلَيْهِ فَلَا تَضُرُّ جَهَالَتُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ كَذَا أَيْ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ كَمَا لَوْ قَالَ لَكَ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ. . . إلَخْ) لَا يُشْكِلُ بِمَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا كَوْنُ الرِّبْحِ مُشَاعًا وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ مُشَاعٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَك نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ التَّرْدِيدُ فِي الرِّبْحِ وَهُوَ يُوجِبُ الْجَهَالَةَ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِمُنْلَا مِسْكِينٍ
أَوْ رُبُعُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الرِّبْحَ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَجَهَالَتُهُ تُفْسِدُ الْعَقْدَ (وَغَيْرُهُ لَا) أَيْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لَا يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ الْخُسْرَانِ عَلَى الْمُضَارِبِ) لِأَنَّهَا جُزْءٌ هَالِكٌ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ غَيْرَ رَبِّ الْمَالِ لَكِنَّهُ شَرْطٌ زَائِدٌ لَا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ وَالْجَهَالَةَ فِيهِ فَلَا يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ لِأَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ فَلَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ كَالْهِبَةِ
(وَإِذَا صَحَّتْ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (فِي مُطْلَقِهَا) وَهُوَ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ دَفَعْت إلَيْك هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ (الْبَيْعُ مُطْلَقًا) أَيْ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ (إلَّا بِأَجَلٍ لَمْ يُعْهَدْ) عِنْدَ التُّجَّارِ كَعِشْرِينَ سَنَةً.
(وَ) لَهُ أَيْضًا (الشِّرَاءُ وَالتَّوْكِيلُ بِهِمَا) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (وَالسَّفَرُ وَالْإِبْضَاعُ) وَهُوَ دَفْعُ الْمَالِ بِضَاعَةً (وَلَوْ لِرَبِّ الْمَالِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْمُضَارَبَةَ (وَالْإِيدَاعُ وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ الِاسْتِئْجَارُ وَالِاحْتِيَالُ) أَيْ قَبُولُ الْحَوَالَةِ (بِالثَّمَنِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَعْسَرِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ (لَا الْمُضَارَبَةُ) عُطِفَ عَلَى الْبَيْعِ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ فِي مُطْلَقِهَا الْبَيْعُ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ أَنْ يُضَارِبَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ (إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِك) لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّةِ كَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الْإِعَارَةَ وَالْكِتَابَةَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّصَرُّفِ نِيَابَةً وَهُمَا يَتَصَرَّفَانِ بِحُكْمِ الْمَالِكِيَّةِ لَا النِّيَابَةِ إذْ الْمُسْتَعِيرُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُكَاتَبُ صَارَ حُرًّا يَدًا وَالْمُضَارِبُ يَعْمَلُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ أَوْ التَّفْوِيضِ الْعَامِّ إلَيْهِ وَالْإِبْدَاعُ وَالْإِبْضَاعُ دُونَ الْمُضَارَبَةِ فَتَضَمَّنَهَا (وَلَا يُفِيدَانِ) أَيْ الْإِذْنَ وَاعْمَلْ بِرَأْيِك (فِي الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِدَانَةِ) نَحْوُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (بَلْ يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِهِمَا) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِمَا الْغَرَضُ وَهُوَ الرِّبْحُ أَمَّا الدَّفْعُ مُضَارَبَةً فَمِنْ صَنِيعِهِمْ وَكَذَا الشَّرِكَةُ وَالْخَلْطُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْقَوْلِ وَفَرَّعَ عَلَى الِاسْتِدَانَةِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ شَرَى بِمَالِهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةِ (ثَوْبًا وَقَصَرَ بِالْمَاءِ أَوْ حَمَلَ) مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ (بِمَالِهِ) لَا بِمَالِهَا (بَعْدَ ذَلِكَ الْقَوْلُ كَانَ مُتَطَوِّعًا) لِأَنَّهُ اسْتَدَانَ فِي حَقِّ الْمَالِكِ بِلَا إذْنِهِ وَإِنَّمَا قَالَ بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ إذَا قَصَرَ بِالنَّشَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبْغِ (وَإِنْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ شَرِكَ بِمَا زَادَ وَدَخَلَ فِي اعْمَلْ بِرَأْيِك) إنَّمَا قَالَ أَحْمَرَ لِأَنَّهُ إنْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اعْمَلْ بِرَأْيِك عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا مَرَّ أَنَّ السَّوَادَ عَيْبٌ عِنْدَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَلْوَانِ (كَالْخَلْطِ) أَيْ خَلْطِ مَالٍ لِلْمُضَارَبَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ (فَلَا يَضْمَنُ) أَيْ إذَا دَخَلَ فِي اعْمَلْ بِرَأْيِك لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ (بِهِمَا) أَيْ بِصَبْغِهِ أَحْمَرَ وَبِالْخَلْطِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ بِإِذْنِهِ (وَلَهُ حِصَّةُ صَبْغِهِ إنْ بِيعَ وَحِصَّةُ الثَّوْبُ فِي مَالِهَا) يَعْنِي يَصِيرُ الْمُضَارِبُ شَرِيكًا فِي الثَّوْبِ بِقَدْرِ مَالِهِ مِنْ الصَّبْغِ فَإِذَا بِيعَ الثَّوْبُ كَانَ حِصَّةُ قِيمَةِ الصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ لِلْمُضَارِبِ وَحِصَّةُ الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ
(وَلَا تَجَاوُزُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا الْمُضَارَبَةُ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِي مُطْلَقِهَا تَجَاوُزُ (بَلَدٍ أَوْ سِلْعَةٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ شَخْصٍ عَيَّنَهُ الْمَالِكُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ إلَّا بِتَفْوِيضِهِ فَيَتَقَيَّدُ بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ مُفِيدٌ لِأَنَّ التِّجَارَاتِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَشْخَاصِ وَكَذَا لَيْسَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِضَاعَةً إلَى مَنْ يُخْرِجُهُ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْمَالِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ أَيْضًا (فَإِنْ تَجَاوَزَ) بِأَنْ خَرَجَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَاشْتَرَى أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً غَيْرَ مَا عَيَّنَهُ أَوْ فِي وَقْتٍ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ أَوْ بَائِعٍ مَعَ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ (ضَمِنَ) وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ (وَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خُسْرَانُهُ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي عَيَّنَهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَرَجَعَ الْمَالُ مُضَارَبَةً عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ بَاقٍ فِي يَدِهِ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ
(وَلَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَيْضًا (تَزْوِيجُ قِنٍّ مِنْ مَالِهَا) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ لِأَنَّهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ إذْ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْمَهْرَ وَسُقُوطَ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ وَالْعَقْدُ لَا يَتَضَمَّنُ إلَّا التَّوْكِيلَ بِالتِّجَارَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ كَانَ اكْتِسَابًا كَالْكِتَابَةِ وَالْإِعْتَاقِ عَلَى ضِعْفِ قِيمَتِهِ.
(وَلَا شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) بِقَرَابَةٍ أَوْ يَمِينٍ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْته فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ إذْنُ بِتَصَرُّفٍ يَحْصُلُ بِهِ الرِّبْحُ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِشِرَاءِ مَا يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ (وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ (إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ) لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَفْسُدُ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (صَارَ) أَيْ شِرَاؤُهُ (لِنَفْسِهِ) دُونَ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَتَى وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي يَنْفُذُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ صَحَّ) أَيْ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ (فَإِنْ ظَهَرَ) أَيْ الرِّبْحُ (بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَتَقَ حَظُّهُ) أَيْ الْمُضَارِبِ مِنْ الْعَبْدِ (وَلِأَنَّهُ مَلَكَ قَرِيبَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ) لِلْمَالِكِ (شَيْئًا) لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ عِنْدَ الْمِلْكِ لَا بِصُنْعٍ مِنْهُ بَلْ بِسَبَبِ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِلَا اخْتِيَارٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَرِثَهُ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْ اشْتَرَتْ امْرَأَةٌ ابْنَ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ هَذَا الزَّوْجَ وَأَخًا عَتَقَ نَصِيبُ الزَّوْجِ وَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَخِيهَا لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ (وَسَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ الْمَالِكِ) مِنْ الْعَبْدِ لِاحْتِبَاسِ مَالِيَّتِهِ عِنْدَهُ.
(مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُضَارِبِ (أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ) فَوَطِئَهَا (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مُسَاوِيًا أَلْفًا فَادَّعَاهُ) حَالَ كَوْنِهِ (مُوسِرًا فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ سَعَى لِلْمَالِكِ بِأَلْفٍ وَرُبُعِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ اسْتَسْعَى الْغُلَامَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ (فَإِنْ قَبَضَ) أَيْ الْمَالِكُ (الْأَلْفَ) مِنْ الْغُلَامِ (ضَمِنَ الْمُدَّعِي نِصْفَ قِيمَتِهَا) أَيْ الْأَمَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْمُضَارِبِ وَقَعَتْ صَحِيحَةً ظَاهِرًا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْ النِّكَاحِ بِأَنْ زَوَّجَهَا الْبَائِعُ لَهُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ وَهِيَ حُبْلَى مِنْهُ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ لَكِنْ لَا تُفِيدُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَهُوَ شَرْطٌ فِيهَا إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ فِيهِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ إذَا صَارَتْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ عِنْدَنَا لِأَنَّ بَعْضَهَا لَيْسَ بِأَوْلَى بِهِ مِنْ الْبَعْضِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ نَصِيبٌ فِي الْأَمَةِ وَلَا فِي الْوَلَدِ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ لَهُ مُجَرَّدُ حَقِّ التَّصَرُّفِ فَلَا تَنْفُذُ دَعْوَتُهُ فَإِذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ وَصَارَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ ظَهَرَ الرِّبْحُ فَمَلَكَ الْمُضَارِبُ مِنْهُ نِصْفَ الزِّيَادَةِ فَنَفَذَتْ دَعْوَتُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْمِلْكُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْوَلَدَ ثُمَّ ظَهَرَ الرِّبْحُ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .