الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى لَوْ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ خَشَبٍ كَبِيرٍ أَوْ بِصَنْجَةِ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسَيَأْتِي فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْجُرْحَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَدِيدِ وَمَا يُشْبِهُهُ كَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ
(وَشَرْطُهُ) أَيْ
شَرْطُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ
(كَوْنُ الْقَاتِلِ مُكَلَّفًا) أَيْ عَاقِلًا بَالِغًا لِمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْحُدُودِ أَوْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعُقُوبَاتِ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَيْسَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَمْدٌ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا (وَ) كَوْنُ (الْمَقْتُولِ مَعْصُومَ الدَّمِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا (أَبَدًا) احْتِرَازٌ عَنْ الْمُسْتَأْمَنِ فَإِنَّ عِصْمَةَ دَمِهِ مُؤَقَّتٌ إلَى رُجُوعِهِ (بِالنَّظَرِ إلَى الْقَاتِلِ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا قَتَلَ زَيْدٌ بَكْرًا عَمْدًا حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ثُمَّ قَتَلَ بِشْرٌ زَيْدًا فَإِنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ مَعْصُومَ الدَّمِ بِالنَّظَرِ إلَى أَوْلِيَاءِ بَكْرٍ لَكِنَّهُ كَانَ مَعْصُومَ الدَّمِ بِالنَّظَرِ إلَى بِشْرٍ أَبَدًا وَلِذَا وَجَبَ عَلَى بِشْرٍ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ قَتَلَ زَيْدًا عَمْدًا وَالدِّيَةُ إنْ كَانَ خَطَأً كَمَا سَيَأْتِي (وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ (شُبْهَةُ وِلَادٍ، وَ) شُبْهَةُ (مِلْكٍ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْقَتْلَ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ عَمْدًا حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ
(وَحُكْمُهُ الْإِثْمُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ (وَالْقَوَدُ عَيْنًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ الْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ الدِّيَةِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَمْدُ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] الْآيَةَ. وَلِأَنَّهُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَمْدُ قَوَدٌ» أَيْ مُوجِبُهُ الْقَوَدُ فَإِنَّ نَفْسَ الْعَمْدِ لَا يَكُونُ قَوَدًا أَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ إشْكَالٌ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْأُصُولِ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فَتَخْصِيصُ الْخَطَأِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى قَصْرِ الدِّيَةِ عَلَى الْخَطَأِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَهُوَ أَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْأُصُولِ أَيْضًا أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ نَسْخٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذَلِكَ وَمَنْ ادَّعَى الشُّهْرَةَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَأَنَّ تَخْصِيصَ عَامِّ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ قَبْلَ أَنْ يُخَصَّصَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ مَوْصُولٍ لَا يَجُوزُ وَلَفْظُ الْقَتْلَى فِي الْآيَةِ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ عَامٌّ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْآيَاتِ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] يَدُلُّ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ هُوَ الْقِصَاصُ فَقَطْ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي التَّفَاسِيرِ وَكُتُبِ الْمَعَانِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا لَاحَظَ أَنَّهُ إنْ قَتَلَ قُتِلَ ارْتَدَعَ بِالضَّرُورَةِ عَنْ الْقَتْلِ فَإِذَا لَمْ يَقْتُلْ لَمْ يُقْتَلْ فَيَبْقَيَانِ عَلَى الْحَيَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْعَمْدِ فَإِنَّ الْقَاتِلَ فِي الْخَطَأِ لَا يُقْتَلُ بَلْ يَتَخَلَّصُ بِالدِّيَةِ وَبِهِ يَظْهَرُ الرَّدُّ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مِمَّا تَفَرَّدْت بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ (إلَّا أَنْ يَعْفُوَ وَلِيُّهُ) بِلَا بَدَلٍ (أَوْ يُصَالِحَ بِبَدَلٍ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.
(وَ) حُكْمُهُ أَيْضًا (حِرْمَانُ الْإِرْثِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا مِيرَاثَ لِقَاتِلٍ» (وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمْدِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ لَا كَالْأَبِ إذَا قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا وَرَجُلٍ قَتَلَ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا عَمْدًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ كَاسْمِهَا مَاحِيَةً لِلْإِثْمِ وَالْإِثْمُ فِي الْعَمْدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ بِصَنْجَةِ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْجُرْحَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَدِيدِ وَمَا يُشْبِهُهُ كَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ.
وَمُقَابِلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْ رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ يُعْتَبَرُ الْجُرْحُ سَوَاءً كَانَ حَدِيدًا أَوْ عُودًا أَوْ حَجَرًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ آلَةً يُقْصَدُ بِهَا الْجُرْحُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْجُرْحُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي شِبْهِ الْعَمْدِ) لَمْ يُسْتَوْفَ ثَمَّةَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ هُنَا إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ضَرْبَهُ بِصَنْجَةِ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ
[شَرْطُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ]
(قَوْلُهُ وَمَنْ ادَّعَى الشُّهْرَةَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ) بَيَانُهُ مَا قَالَ الْغَزِّيُّ فِي شَرْحِهِ قَدْ صَرَّحَ الْأَكْمَلُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَامَّ لَمْ يُخَصَّ أَوْ لَا بَلْ خُصَّ مِنْهُ مَا لَوْ قَتَلَ غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَخَصَّ مِنْهُ قَاتِلَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شُبْهَةُ وِلَادٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَ الْقَبُولِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُصَالِحُ) هُوَ عَفْوٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يُبَدَّلُ كَالْخَطَأِ يَعْنِي وَشِبْهَ الْعَمْدِ
أَكْثَرُ فَكَأَنْ ادَّعَى إلَى إيجَابِ الْكَفَّارَةِ وَلَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعُقُوبَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ فَلَا تَجِبُ إلَّا بِسَبَبٍ دَائِرٍ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ كَالْخَطَأِ فَإِنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الْفِعْلِ مُبَاحٌ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي أَصَابَهُ حَرَامٌ بِسَبَبِ تَرْكِ التَّثْبِيتِ
وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ وَهُوَ قَتْلُهُ قَصْدًا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ) فِي الْعَمْدِ كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الْكَبِيرَيْنِ فَمِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِغَيْرِهِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ فِي هَذَا الْفِعْلِ مَعْنَى الْعَمْدِيَّةِ بِاعْتِبَارِ قَصْدِ الْفَاعِلِ إلَى الضَّرْبِ وَمَعْنَى الْخَطَأِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ قَصْدِهِ إلَى الْقَتْلِ لِأَنَّ الْآلَةَ الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا لَيْسَتْ بِآلَةِ الْقَتْلِ وَالْعَاقِلُ إنَّمَا يَقْصِدُ إلَى كُلِّ فِعْلٍ بِآلَتِهِ فَاسْتِعْمَالُهُ غَيْرَ آلَةِ الْقَتْلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ قَصْدِهِ إلَيْهِ فَكَانَ خَطَأً يُشْبِهُ الْعَمْدَ (وَحُكْمُهُ الْإِثْمُ) لِقَصْدِهِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا (وَالْكَفَّارَةُ) لِأَنَّهُ خَطَأٌ نَظَرًا إلَى الْآلَةِ فَدَخَلَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] الْآيَةَ. وَبَيَّنَ الْكَفَّارَةَ بِقَوْلِهِ (تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] الْآيَةَ. وَالْإِطْعَامُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ وَإِثْبَاتُ الْإِبْدَالِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِيهِ رَضِيعٌ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ لِتَبَعِيَّتِهِ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا وَالسَّلَامَةُ فِي أَطْرَافِهِ ثَابِتَةٌ ظَاهِرًا وَغَالِبًا وَلَا يُجْزِيهِ مَا فِي الْبَطْنِ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اسْمِ الرَّقَبَةِ (وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (بِلَا قَوَدٍ) أَيْ لَيْسَ فِيهِ قَوَدٌ لِشِبْهِهِ بِالْخَطَأِ كَمَا عَرَفْت (وَهُوَ) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ (فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) مِنْ الْأَطْرَافِ (عَمْدٌ) يَعْنِي إذَا جَرَحَ عُضْوًا بِآلَةٍ جَارِحَةٍ وَجَبَ فِيهِ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ مِمَّا يُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَيْسَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (شِبْهُهُ) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ لَيْسَ كَذَلِكَ
وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَإِمَّا خَطَأٌ وَهُوَ إمَّا فِي الْقَصْدِ كَرَمْيِهِ مُسْلِمًا وَلَوْ عَبْدًا يَظُنُّهُ صَيْدًا أَوْ حَرْبِيًّا) فَإِنَّهُ لَمْ يُخْطِئْ فِي الْفِعْلِ حَيْثُ أَصَابَ مَا قَصَدَ رَمْيَهُ وَإِنَّمَا أَخْطَأَ فِي الْقَصْدِ أَيْ فِي الظَّنِّ حَيْثُ ظَنَّ الْآدَمِيَّ صَيْدًا وَالْمُسْلِمَ حَرْبِيًّا وَإِنَّمَا قَالَ وَلَوْ عَبْدًا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ آدَمِيَّتُهُ لَا مَالِيَّتُهُ (أَوْ) خَطَأٌ (فِي الْفِعْلِ كَرَمْيِهِ غَرَضًا فَأَصَابَ آدَمِيًّا) فَإِنَّهُ أَخْطَأَ فِي الْفِعْلِ لَا الْقَصْدِ فَيَكُونُ مَعْذُورًا لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَمَّدَ الضَّرْبَ مَوْضِعًا مِنْ جَسَدِهِ فَأَصَابَ مَوْضِعًا آخَرَ مِنْهُ فَمَاتَ حَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ إذْ جَمِيعُ الْبَدَنِ مَحَلٌّ وَاحِدٌ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَقْصُودِهِ فَلَا يُعْذَرُ وَإِنَّمَا صَارَ الْخَطَأُ نَوْعَيْنِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَصَرَّفُ بِفِعْلِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ فَيُحْتَمَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْخَطَأُ عَلَى الِانْفِرَادِ كَمَا ذُكِرَ أَوْ الِاجْتِمَاعُ بِأَنْ يَرْمِيَ آدَمِيًّا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ مِنْ النَّاسِ
وَذَكَرَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ (وَإِمَّا جَارٍ مَجْرَى الْخَطَأِ كَنَائِمٍ انْقَلَبَ عَلَى رَجُلٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ) فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِخَطَأٍ حَقِيقَةً لِعَدَمِ قَصْدِ النَّائِمِ إلَى شَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ مُخْطِئًا لِمَقْصُودِهِ لَكِنْ لَمَّا وُجِدَ فِعْلُهُ حَقِيقَةً وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ كَفِعْلِ الطِّفْلِ فَجُعِلَ كَالْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَالْمُخْطِئِ (وَحُكْمُهُمَا) أَيْ حُكْمُ الْخَطَأِ وَالْجَارِي مَجْرَاهُ (الْإِثْمُ دُونَ إثْمِ الْقَتْلِ) أَمَّا الْإِثْمُ فَلِتَرْكِ التَّحَرُّزِ فَإِنَّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ خِلَافًا لِغَيْرِهِ) أَيْ كَصَاحِبَيْهِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ الْإِثْمُ) مِنْ حُكْمِ شِبْهِ الْعَمْدِ حِرْمَانُ الْإِرْثِ أَيْضًا وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَلَكِنَّهُ سَيَذْكُرُ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةُ) هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَجَدْت فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْوُجُوبُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَالسَّلَامَةُ فِي أَطْرَافِهِ ثَابِتَةٌ ظَاهِرًا وَغَالِبًا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ ضَمَانِ دِيَةِ أَطْرَافِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا أَنَّ الْحَاجَةَ فِي التَّكْفِيرِ لِدَفْعِ الْوَاجِبِ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لَهُ وَالْحَاجَةُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى إلْزَامِ الضَّمَانِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ حَالَ الْأَطْرَافِ فِيمَا بَعْدَ التَّكْفِيرِ إذَا عَاشَ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْإِتْلَافِ فَافْتَرَقَا كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ لِلْغَزِّيِّ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا جَرَحَ عُضْوًا بِآلَةٍ جَارِحَةٍ وَجَبَ فِيهِ الْقِصَاصُ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُ لِأَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ لَيْسَ كَذَلِكَ مُنَاقِضٌ لِكَلَامِهِ هَذَا (قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ