الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى التَّحَالُفِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
(الْوَكِيلُ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْآمِرِ إنْ كَانَ خِلَافًا إلَى خَيْرٍ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ يَنْفُذُ وَلَوْ) وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ كَذَلِكَ فَبَاعَهُ (بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا) أَيْ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ خَيْرًا) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]
(فَصْلٌ)(الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ وَزَوْجٍ وَعُرْسِ وَسَيِّدٍ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَشَرِيكِهِ فِيمَا يَشْتَرِكَانِهِ لِأَنَّ مَوَاضِعَ التُّهَمِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ الْوَكَالَاتِ وَهَذَا مَوْضِعُ التُّهْمَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُطْلِقْ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ مِمَّنْ شِئْت فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ يُتَّهَمُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ
(وَصَحَّ بَيْعُ الْوَكِيلِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالْعَرْضِ وَالنَّسِيئَةِ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ (وَ) صَحَّ أَيْضًا (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ الْوَكِيلِ (رَهْنًا وَكَفِيلًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَضْمَنُ إنْ ضَاعَ) أَيْ الرَّهْنُ (فِي يَدِهِ أَوْ تَوَى مَا عَلَى الْكَفِيلِ) لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ يُنَافِي الضَّمَانَ (وَيُقَيَّدُ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ مُقَوِّمٌ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا التَّحْدِيدُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِمَا فَأَمَّا مَا لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي الْبَلْدَةِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا فَزَادَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ شَيْئًا قَلِيلًا كَالْفَلْسِ وَنَحْوِهِ (وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ) لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ الِاجْتِمَاعِ.
(وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي) فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ لِأَنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً فَيَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ (إلَّا إذَا رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ بِبَيِّنَتِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَالَ فِي الْكَافِي هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَصْلٌ (قَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجَازَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ
(قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُ الْوَكِيلِ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةً وَغَبَنٍ فَاحِشٍ وَعَرْضٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ كَبِعْهُ وَاقْضِ بِهِ دَيْنِي أَوْ لِلنَّفَقَةِ، وَقَالَا كَالشَّافِعِيِّ رحمهم الله لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَخْذُهُ رَهْنًا وَكَفِيلًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَضْمَنُ إنْ ضَاعَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ أَوْ تَوَى مَا عَلَى الْكَفِيلِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ.
وَفِي النِّهَايَةِ الْمُرَادُ بِالْكَفَالَةِ هُنَا الْحَوَالَةُ لِأَنَّ التَّوَى لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْكَفَالَةِ وَقِيلَ الْكَفَالَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا فَإِنَّ التَّوَى يَتَحَقَّقُ فِيهَا بِأَنْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ مُفْلِسَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَوًى يُضَافُ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا لَمْ يَتْوِ دَيْنُهُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالتَّوَى الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا أَيْضًا لَتَوِيَ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَاسِدٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتْوِي فِيهَا بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنَّمَا يَتْوِي بِمَوْتِهِمَا مُفْلِسَيْنِ فَصَارَ كَالْكَفَالَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّوَى تَوًى يُضَافُ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمُرَافَعَةِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ عَنْ الدَّيْنِ بِالْكَفَالَةِ وَلَا يَرَى الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا وَيَحْكُمُ بِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْكَفِيلُ مُفْلِسًا. اهـ.
قُلْت وَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ نَصَّ عَلَيْهِ النَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي بِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ كَفِيلًا فَتْوَى الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ بِأَنْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَيَحْكُمُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَيَتْوِي الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالْإِجْمَاعِ) الْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ فِي الشِّرَاءِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُتَّهَمُ اهـ.
وَتَفْسِيرُ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَالْفَاحِشِ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ حَدُّ الْفَاحِشِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ وَفِي الْحَيَوَانِ عُشْرُ الْقِيمَةِ وَفِي الْعَقَارِ خَمْسُ الْقِيمَةِ وَفِي الدَّرَاهِمِ رُبُعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي) شَامِلٌ لِمَا كَانَ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَإِذَا رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ) اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَاضِي بِأَنْ لَا يَعْرِفَ تَارِيخَ الْبَيْعِ فَاحْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ لِيُظْهِرَ التَّارِيخَ أَوْ كَانَ عَيْبٌ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ أَوْ النِّسَاءُ، وَقَوْلُهُنَّ وَقَوْلُ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوْجِيهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فَيُفْتَقَرُ إلَيْهَا لِلرَّدِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي عَايَنَ الْمَبِيعَ وَكَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا فِي الْكَافِي
أَوْ نُكُولِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (أَوْ إقْرَارِهِ فِيمَا لَا يَحْدُثُ رَدَّهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (عَلَى الْآمِرِ، وَ) بِإِقْرَارِهِ (فِيمَا يَحْدُثُ لَا) أَيْ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ بَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ شَيْئًا إذَا بَاعَهُ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إذْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ الْإِقْرَارِ فِي عَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ.
(الْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ الْخُصُوصُ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْتُك وَكِيلًا فِي مَالِي يَصِيرُ حَافِظًا لِمَالِهِ فَقَطْ.
(وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْعُمُومُ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْتُك مُضَارِبًا كَانَ مُضَارِبًا فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ (فَإِنْ بَاعَ) أَيْ الْوَكِيلُ (نَسَأَ فَقَالَ آمِرُهُ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ أَطْلَقْتَ صُدِّقَ الْآمِرُ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِ التَّقْيِيدِ أَصْلًا فِي الْوَكَالَةِ.
(وَفِي الْمُضَارَبَةِ) يَعْنِي إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ نَسْئًا فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ أَطْلَقْتَ (صُدِّقَ الْمُضَارِبُ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْإِطْلَاقِ أَصْلًا فِيهَا وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(لَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مُقَدَّرًا لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَفِي اخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ لَا مَانِعَ فِيهِ عَنْ الِاجْتِمَاعِ وَيَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (إلَّا فِي خُصُومَةٍ) فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ فِيهَا مُتَعَذِّرٌ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشَّغَبِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَمْ يُعَوَّضَا) إذْ لَا يُحْتَاجُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَى الرَّأْيِ بَلْ هُوَ تَعْبِيرٌ مَحْضٌ وَعِبَارَةُ الْوَاحِدِ وَالْمُثَنَّى سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُمَا طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا أَوْ قَالَ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ إلَى مَشِيئَتِهِمَا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى الرَّأْيِ وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ) بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا وَالْآخَرُ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ فَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَ لَمْ يَجُزْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بَلْ وَعَدَ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ ضَمِينٌ (لَا يُوَكِّلُ) أَيْ الْوَكِيلُ (إلَّا بِإِذْنِ آمِرِهِ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَنَحْوِهِ) كَاصْنَعْ مَا شِئْت مَثَلًا (فَإِنْ وَكَّلَ بِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْآمِرِ (كَانَ وَكِيلَ الْآمِرِ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ) وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَكَّلَ) أَيْ الْوَكِيلُ (بِلَا إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ الْمُوَكِّلِ (فَعَقَدَ) أَيْ وَكِيلُهُ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الثَّانِي (أَوْ) عَقَدَ (بِغَيْبَتِهِ) فَبَلَغَهُ (وَأَجَازَهُ) أَيْ عَقْدَهُ (أَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدَّرَ الثَّمَنَ صَحَّ) أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ حُضُورُ رَأْيِهِ قَدْ حَصَلَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ لِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ ظَاهِرًا وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ إلَيْهِمَا مَعَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارٌ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدُّهُ عَلَى الْآمِرِ) كَذَا فِي الْكَنْزِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِالتَّرَاضِي فَصَارَ كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ لِأَنَّ فِيهِ نُزُولًا مِنْ اللُّزُومِ إلَى أَنْ لَا يُخَاصَمَ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنْ لَا يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ اهـ.
وَكَذَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِإِقْرَارٍ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلُزُومُ الْمُوَكِّلِ رِوَايَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ) هَذَا مِنْ مَدْخُولِ قَيْدِ عَدَمِ انْفِرَادِ أَحَدِ الْوَكِيلِينَ وَلَيْسَ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ لِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَعَلَّ صَوَابَهُ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي خُصُومَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا لَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْخُصُومَةِ مُمْتَنِعٌ كَمَا ذَكَرَهُ وَكَذَلِكَ يَتَأَتَّى الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا هُوَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا فِي تَصَرُّفٍ يَمْتَنِعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) عِبَارَتُهُ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ اهـ فَجُعِلَ إمْكَانُ الِاجْتِمَاعِ مُرَاعًى فِي قَيْدِ تَوْكِيلِهِمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ
(قَوْلُهُ وَكَّلَ بِلَا إذْنِهِ. . . إلَخْ) هَذَا فِي وَكِيلٍ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَطَلَّقَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلَّقَهُ بِلَفْظِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ