الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا لِأَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَادَةً بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ
(وَمَا تَمَّ خَلْقُهُ كَالْكَبِيرِ) أَيْ إذَا وُجِدَ سِقْطٌ تَامُّ الْخَلْقِ بِهِ أَثَرٌ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ كَالْكَبِيرِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا
(رَجُلٌ يَسُوقُ دَابَّةً عَلَيْهَا قَتِيلٌ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ) أَيْ عَاقِلَةُ الرَّجُلِ (دِيَتَهُ) أَيْ دِيَةَ الْقَتِيلِ (لَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ (كَذَا لَوْ قَادَهَا أَوْ رَكِبَهَا فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ (ضَمِنُوا) لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(وَلَوْ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا)«لِأَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلَى إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَقْرَبَ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ» وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مِثْلُهُ (وَإِنْ اسْتَوَتَا) أَيْ الْقَرْيَتَانِ أَوْ الْقَبِيلَتَانِ (فَعَلَيْهِمَا إنْ كَانَ) أَيْ الْقَتِيلُ (فِي مَوْضِعٍ يُسْمَعُ مِنْهُ صَوْتٌ) لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَأَهْلُ الْقَرْيَتَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ الصَّوْتُ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَيُمْكِنُهُمْ النُّصْرَةُ وَقَدْ قَصَّرُوا وَإِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ لَا يَلْزَمُهُمْ نُصْرَتُهُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فَلَا يُجْعَلُونَ قَاتِلِينَ تَقْدِيرًا
(وُجِدَ) أَيْ الْقَتِيلُ (فِي دَارِ رَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَتَدِي عَاقِلَتُهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ بِالْحُجَّةِ) لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي حِفْظِ الْمِلْكِ الْخَاصِّ إلَى الْمَالِكِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ نُصْرَتَهُ وَقُوَّتَهُ بِهِمْ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا (إلَّا بِمُجَرَّدِ الْيَدِ) حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ لَا تَدِي عَاقِلَتُهُ وَلَا نَفْسُهُ
(وَلَوْ) وُجِدَ قَتِيلٌ (فِي دَارِ نَفْسِهِ تَدِي عَاقِلَتُهُ وَرَثَتَهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الدَّارَ حَالَ ظُهُورِ الْقَتِيلِ لِوَرَثَتِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ وَعِنْدَهُمَا وَعِنْدَ زُفَرَ لَا شَيْءَ فِيهِ وَبِهِ يُفْتَى لِمَا قَالُوا إنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ حَالَ ظُهُورِ الْقَتْلِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فَكَانَ هَدَرًا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لِلْوَرَثَةِ فَالْعَاقِلَةُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُونَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفًا لَهُمْ وَلَا يُمْكِنُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِلْوَرَثَةِ
[الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ]
(الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ) أَيْ أَصْحَابِ الْأَمْلَاكِ الْقَدِيمَةِ الَّذِينَ كَانُوا تَمَلَّكُوهَا حِينَ فَتَحَ الْإِمَامُ الْبَلْدَةَ وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِخَطٍّ خَطَّهُ لِيَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُمْ (لَا مَعَ السُّكَّانِ) أَيْ لَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ يَعْنِي الْمُسْتَأْجِرِينَ وَالْمُسْتَعِرِينَ مَعَ الْمُلَّاكِ فِي الْقَسَامَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّدْبِيرِ تَكُونُ بِالسُّكْنَى كَمَا تَكُونُ بِالْمِلْكِ أَلَا يُرَى «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى الْيَهُودِ» وَإِنْ كَانُوا سُكَّانًا بِخَيْبَرَ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِنُصْرَةِ الْبُقْعَةِ لَا السُّكَّانَ وَأَهْلُ خَيْبَرَ مُقَرُّونَ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ (وَلَا الْمُشْتَرِينَ) عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كُلُّهُمْ مُشْتَرِكُونَ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِتَرْكِ الْحِفْظِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَهِيَ بِالْمِلْكِ وَقَدْ اسْتَوَوْا فِيهِ وَلَهُمَا أَنَّ صَاحِبَ الْخُطَّةِ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِتَدْبِيرِ الْمَحَلَّةِ وَهِيَ تُنْسَبُ إلَيْهِ لَا الْمُشْتَرِينَ وَقَلَّمَا يُزَاحِمُهُ الْمُشْتَرِي فِي التَّدْبِيرِ وَالْقِيَامِ بِحِفْظِ الْمَحَلَّةِ فَكَانَ هُوَ الْمُخْتَصَّ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ لَا الْمُشْتَرِي وَقِيلَ إنَّمَا أَجَابَ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا شَاهَدَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ أَنَّ أَصْحَابَ الْخُطَّةِ فِي كُلٍّ يَقُومُونَ بِتَدْبِيرِ الْمَحَلَّةِ وَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُشْتَرِكُونَ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ بَاعَ كُلُّهُمْ) يَعْنِي إنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخُطَّةِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِينَ أَتْبَاعٌ لِأَهْلِ الْخُطَّةِ فَمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْأَصْلِ يَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ دُونَ التَّبَعِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَلْ بَاعَ كُلُّهُمْ (فَعَلَى
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ رَجُلٌ يَسُوقُ دَابَّةً. . . إلَخْ)
قَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا سِرًّا مُتَحَشِّمًا أَمَّا إذَا سَاقَهَا نَهَارًا جِهَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَالَ فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا مُخْتَفِيًا اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ اجْتَمَعُوا ضَمِنُوا) يَعْنِي سَوَاءٌ كَانُوا مَالِكِينَ لِلدَّابَّةِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّ لَهُمْ تَدْبِيرَ الدَّابَّةِ مُطْلَقًا وَتَدْبِيرَ الدَّارِ لِمَالِكِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنُهَا وَالدَّابَّةُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ) كَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ جَازَ مَا بِهِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَقِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَهْلُ قَرْيَتَيْنِ) لَعَلَّهُ قَبِيلَتَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ فِيمَا إذَا اسْتَوَتَا لِيَجِبَ عَلَيْهِمَا
(قَوْلُهُ وُجِدَ فِي دَارِ رَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَتَدِي عَاقِلَتُهُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَإِذَا كَانَتْ عَاقِلَتُهُ حَاضِرَةً فِي بَلَدِهِ تَدْخُلُ مَعَهُ فِي الْقَسَامَةِ كَالدِّيَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ كَانُوا غُيَّبًا وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ) كَذَا الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَلَّةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا سُكَّانًا بِخَيْبَرَ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَكَانُوا سُكَّانًا بِخَيْبَرَ
الْمُشْتَرِينَ)
اتِّفَاقًا لِزَوَالِ مَنْ يَتَقَدَّمُهُمْ عِنْدَهُمَا أَوْ يُزَاحِمُهُمْ عِنْدَهُ فَانْتَقَلَتْ عِنْدَهُمَا إلَيْهِمْ وَخَلَصَتْ عِنْدَهُ لَهُمْ
(وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي دَارٍ) مُشْتَرَكَةٍ (بَيْنَ قَوْمٍ لِبَعْضِهِمْ أَكْثَرُ) بِأَنْ كَانَ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ مَثَلًا وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَبَاقِيهَا لِآخَرَ (فَهِيَ عَلَى الرُّءُوسِ) وَلَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْأَنْصِبَاءِ لِاسْتِوَاءِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي الْحِفْظِ وَالتَّقْصِيرِ
(وَإِنْ بِيعَتْ) دَارٌ (وَلَمْ تُقْبَضْ) حَتَّى وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ (فَعَلَى) أَيْ الدِّيَةُ عَلَى (عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَفِي الْبَيْعِ بِخِيَارٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ ذِي الْيَدِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ فَعَلَى عَاقِلَةِ مَنْ تَصِيرُ لَهُ الدَّارُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْيَدُ وَهُمَا الْمِلْكُ
(وَإِنْ) وُجِدَ الْقَتِيلُ (فِي الْفُلْكِ) فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ (عَلَى مَنْ فِيهِ) مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ وَالْمَالِكُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ وَكَذَا الْعَجَلَةُ (وَفِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ وَشَارِعِهَا) أَيْ شَارِعِ الْمَحَلَّةِ احْتِرَازٌ عَنْ الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ كَمَا سَيَأْتِي (عَلَى أَهْلِهَا) لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّدْبِيرِ فِيهِ (وَفِي سُوقٍ مَمْلُوكٍ عَلَى الْمَالِكِ وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ (وَالشَّارِعُ الْأَعْظَمُ وَالسِّجْنُ وَالْجَامِعُ لَا قَسَامَةَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا نَفْيُ تُهْمَةِ الْقَتْلِ وَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْعَامَّةِ (وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ اعْلَمْ أَنَّ الطَّرِيقَ يَنْقَسِمُ ابْتِدَاءً إلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا طَرِيقٌ خَاصٌّ وَهُوَ مَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَكُونُ لَهُ مَدْخَلٌ لَا مَخْرَجٌ كَمَا ذَكَرُوا فِي بَحْثِ الزَّائِغَةِ الْمُسْتَطِيلَةِ وَالْآخَرُ طَرِيقٌ عَامٌّ وَهُوَ مَا لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَكُونُ لَهُ مَدْخَلٌ وَمَخْرَجٌ وَيُسَمَّى هَذَا بِالشَّارِعِ وَهُوَ أَيْضًا قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا شَارِعُ الْمَحَلَّةِ وَهُوَ مَا يَكُونُ الْمُرُورُ أَكْثَرِيًّا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا وَهَذَا مَا قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَفِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ عَلَى أَهْلِهَا كَمَا لَوْ وُجِدَ فِي شَارِعِ الْمَحَلَّةِ وَالْآخَرُ الشَّارِعُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ مَا يَكُونُ مُرُورُ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ فِيهِ عَلَى السَّوِيَّةِ كَالطَّرِيقِ الْوَاسِعَةِ فِي الْأَسْوَاقِ وَخَارِجِ الْبُلْدَانِ وَهَذَا مَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ وَجَدَ فِي الْجَامِعِ وَالشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ هَذَا الْمَقَامُ حَتَّى تَنْدَفِعَ الشُّبْهَةُ وَتَضْمَحِلَّ الْأَوْهَامُ
(وَفِي قَوْمٍ الْتَقَوْا بِالسَّيْفِ وَأُجْلُوا عَنْ قَتِيلٍ) أَيْ تَفَرَّقُوا فَظَهَرَ فِي مَوْضِعِ اجْتِمَاعِهِمْ قَتِيلٌ (عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ) لِأَنَّ حِفْظَ الْمَحَلَّةِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَنْ يُبَاشِرُهُ جُعِلَ عَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلِيُّ عَلَى الْقَوْمِ أَوْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ) فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ شَيْءٌ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى تَضَمَّنَتْ بَرَاءَةً مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَا عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ إذْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ لَكِنْ يَسْقُطُ الْحَقُّ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ
(وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي بَرِّيَّةٍ لَا عِمَارَةَ بِقُرْبِهَا) مَعْنَى الْقُرْبِ عَلَى مَا سِيقَ سَمَاعُ الصَّوْتِ (أَوْ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ) وَهُوَ مَا لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ وَلَا مِلْكِهِ كَالْفُرَاتِ مَثَلًا بِخِلَافِ النَّهْرِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ الشُّفْعَةَ لِاخْتِصَاصِ أَهْلِهَا بِهِ لِقِيَامِ يَدِهِمْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ فَقَوْلُ الْوِقَايَةِ أَوْ مَاءٌ يَمُرُّ بِهِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ (فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُوصَفُ بِالتَّقْصِيرِ (وَلَوْ) كَانَ الْقَتِيلُ (مُحْتَسِبًا بِالشَّاطِئِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى) مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ لِلْقُرْبِ
(وَلَوْ فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مَوْقُوفَتَيْنِ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومَةٍ فَعَلَيْهِمْ) لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّدْبِيرِ فِيهِمَا (وَلَوْ) كَانَتْ مَوْقُوفَةً (عَلَى مَسْجِدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَانْتَقَلَتْ عِنْدَهُمَا) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَخَلَصَتْ عِنْدَهُ أَيْ أَبِي يُوسُفَ
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَيْضًا قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا شَارِعُ الْمَحَلَّةِ) قَدْ اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَنَفَى انْقِسَامَ الشَّارِعِ إلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ فِي الْحُكْمِ بَلْ الشَّارِعُ وَاحِدٌ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ لُزُومَ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ تَرْكِ التَّدْبِيرِ وَالْحِفْظِ وَلَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْخُصُوصِ بِالتَّفَرُّقِ فِي الْمَحَلِّ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَا قَسَامَةَ فِي قَتِيلٍ يُوجَدُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ وَلَا فِي شَوَارِعِ الْعَامَّةِ وَلَا فِي جُسُورِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمِلْكُ وَلَا يَدُ الْخُصُوصِ اهـ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا مَا مَالَ فِي النَّافِعِ. . . إلَخْ الْحَمْلُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الْحَمْلُ الصَّحِيحُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِشَارِعِ الْمَحَلَّةِ مَا لَيْسَ نَافِذًا وَأُرِيدَ فِي كَلَامِ النَّافِعِ بِالشَّارِعِ الطَّرِيقُ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَكَذَا إذَا وُجِدَ فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْمَحَلَّةِ لِمَا قُلْنَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي لُزُومِ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ بِالْوُجْدَانِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ عَلَى أَهْلِهَا وَعَدَمُ الْقَسَامَةِ فِي النَّافِذَةِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ
(قَوْلُهُ وَفِي قَوْمٍ الْتَقَوْا بِالسَّيْفِ) الْمُرَادُ مُطْلَقُ السِّلَاحِ وَهَذَا إذَا كَانُوا غَيْرَ مُتَأَوِّلِينَ جِهَةَ حَقٍّ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ هَذَا إنْ كَانَ الْفَرِيقَانِ غَيْرَ مُتَأَوِّلَيْنِ اقْتَتَلُوا عَصَبِيَّةً وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكَيْنِ أَوْ خَوَارِجَ فَلَا شَيْءَ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِمَّنْ أَصَابَهُ الْعَدُوُّ (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ) يَعْنِي أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَيْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَوْمِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ حَتَّى يُقِيمَ أَيْ الْوَلِيُّ الْبَيِّنَةَ
(قَوْلُهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ لِلْقُرْبِ) يَعْنِي بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ