الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَيْثُمَا وَقَعَ وَقَعَ وَصِيَّةً وَكَذَا الْعِتْقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ، وَالْخَصْمُ فِي الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الْمُوصِي وَهُوَ مَعْلُومٌ وَعَنْهُ خَلَفٌ، وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ أَقُولُ مُرَادُهُ أَنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ تَلْغُوَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَيْضًا لِجَهَالَةِ الْمُدَّعِي لَكِنَّهَا تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا لِوُجُودِ الْمُدَّعِي تَقْرِيرًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ تَحْقِيقًا؛ لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ، وَالْخَصْمُ فِي الْوَصِيَّةِ هُوَ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَكُونُ مُدَّعِيًا تَقْدِيرًا وَعَنْهُ خَلَفٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْمُخَاصَمَاتِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ تَحْقِيقًا فَكَأَنَّ الْمُوصِيَ ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا حَقَّهُ وَأَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ فَيَكُونُ الْمُوصِي مُدَّعِيًا مِنْ وَجْهٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ آخَرَ فَاضْمَحَلَّ بِهَذَا الْحَلِّ مَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ التَّنَازُعَ فِيهِ مَا إذَا أَنْكَرَ الْمَوْلَى تَدْبِيرَ أَحَدِ عَبْدَيْهِ أَوْ الْوَارِثُ يُنْكِرُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَالْعَبْدَانِ يُرِيدَانِ إثْبَاتَهُ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الْمُوصِي أَوْ نَائِبُهُ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مَا ذُكِرَ بَلْ إنْكَارُ الْمَوْلَى تَدْبِيرَ أَحَدِ عَبْدَيْهِ وَإِرَادَةُ الْعَبْدَيْنِ إثْبَاتَهُ لَيْسَ إلَّا فِيمَا إذَا شَهِدَا فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ كَيْفَ لَا، وَقَدْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَهِدَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَقَالَ بَعْدَهُ: أَمَّا إذَا أَشْهَدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ. . . إلَخْ وَأَيْضًا لَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: إنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الْمُوصِي أَوْ نَائِبُهُ بَلْ جَعَلَ الْمُوصِيَ مُدَّعِيًا وَنَائِبَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا مَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَمَّا كَانَ الْعِتْقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ التَّدْبِيرِ وَصِيَّةً كَانَ الْمَقْضِيُّ لَهُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ هُوَ الْمُوصِي وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَعَنْهُ خَلَفٌ وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ فَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ حَالِ الْحَيَاةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لِلْعَبْدِ لَا لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَدَّعِي، وَالْعَبْدُ الَّذِي وَقَعَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ مَجْهُولٌ وَأَعْجَبُ مِنْ قَوْلِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مَا قَالَ فِي الْكَافِي وَتَبِعَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالتَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَالْخَصْمُ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ هُوَ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ وُجُوبَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لِحَقِّهِ وَنَفْعُهُ يَعُودُ إلَيْهِ وَإِنْكَارُهُ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَهُوَ مَعْلُومٌ وَعَنْهُ خَلَفٌ وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ فَتَتَحَقَّقُ الدَّعْوَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ إنْكَارَ الْمَوْلَى لَيْسَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ فِيمَا إذَا شَهِدَا فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى كَمَا مَرَّ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ تَحَقُّقَ الدَّعْوَى مِنْ الْوَارِثِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ مَعْقُولٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: أَعْتَقَ مُوَرِّثِي أَحَدَ عَبْدَيْهِ كَانَ إقْرَارًا لَا دَعْوَى فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الشَّاهِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّهُ مِنْ مَزَالِقِ الْأَقْدَامِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (أَوْ طَلَاقٍ مُبْهَمٍ) بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ فِيهِ تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى لِتَضَمُّنِهِ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ فَيَكُونُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى إجْمَاعًا
(بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ)
(قَالَ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ حُرٌّ) أَيْ يَوْمَ أَدْخُلُهَا (عَتَقَ مَنْ لَهُ وَقْتَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ دَخَلَ أَوْ كَانَ فِي
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ مُبْهَمٍ) قَالَ فِي الْهِدَايَة: وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُنَّ اهـ.
وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ لَا أَنَّهُ يُنْشِئُ الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُنَّ.
[بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ]
الْحَلِفُ: بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَلَهُ مَصْدَرٌ آخَرُ أَعْنِي حَلْفًا بِالْإِسْكَانِ، يُقَالُ: حَلِفًا وَحَلْفًا، وَتَدْخُلُهُ التَّاءُ لِلْمَرَّةِ، كَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ
أَلَمْ تَرَنِي عَاهَدْت رَبِّي وَإِنَّنِي
…
لَبَيْنَ رِتَاجٍ قَائِمًا وَمَقَامِ
عَلَى حَلْفَةٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِمًا
…
وَلَا خَارِجًا مِنْ فِي زُورُ كَلَامِ
، وَالْمُرَادُ بِالْحَلِفِ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: قَالَ إنْ دَخَلْتُ) الْمُرَادُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّنْجِيزِ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ لَوْ قَالَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ مَا سَأَمْلِكُهُ حُرٌّ فَعَتَقَ فَمَلَكَ عَبْدًا فَهُوَ قِنٌّ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ لَيْسَ أَهْلًا لِتَعْلِيقِهِ، وَحَكَمَا بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِهِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ: فِي بَابِ التَّدْبِيرِ لَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُكَاتَبُ إذَا أُعْتِقْت فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَعَتَقَ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا عَتَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إلَى خَمْسِينَ سَنَةً فَهُوَ حُرٌّ فَعَتَقَ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَلَكَهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَعْتِقُ اهـ.
فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ حُرٌّ)، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى لَفْظَةِ فَهُوَ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الدُّخُولِ) عَدَلَ إلَى لَفْظَةِ وَقْتَ عَنْ لَفْظَةِ يَوْمَ لِيُفِيدَ أَنَّ لَفْظَ الْيَوْمِ مُرَادٌ بِهِ الْوَقْتَ حَتَّى لَوْ دَخَلَ لَيْلًا عَتَقَ مَا فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ فِي الْمِلْكِ
مِلْكِهِ فِي مَمْلُوكٍ يَوْمَ حَلِفِهِ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى دَخَلَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِيهِمَا (وَبِلَا يَوْمَئِذٍ مَنْ لَهُ يَوْمَ حَلِفِهِ فَقَطْ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ يَوْمَئِذٍ بَلْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لَا يَعْتِقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِلْحَالِ، وَالْجَزَاءُ حُرِّيَّةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ بِدُخُولِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ تَأَخَّرَ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَعْتِقُ إذَا بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الدُّخُولُ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ نَحْوَ إنْ مَلَكْتُ أَوْ سَبَبِهِ نَحْوَ: إنْ اشْتَرَيْتُ (كَذَا) أَيْ إذَا قَالَ (كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ) قَالَ كُلُّ (مَا أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ) وَلَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى آخَرَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ غَدٍ (أَوْ) قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (بَعْدَ مَوْتِي) وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى آخَرَ حَيْثُ (يَتَنَاوَلُ) الْعِتْقُ، وَالتَّدْبِيرُ (مَنْ مَلَكَهُ مُذْ حَلَفَ فَقَطْ) وَلَا يَتَنَاوَلَانِ مَنْ يَشْتَرِيهِ بَعْدَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ وَكَذَا كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ وَلِهَذَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بِلَا قَرِينَةٍ وَفِي الِاسْتِقْبَالِ بِقَرِينَةِ السِّينِ أَوْ سَوْفَ فَيَنْصَرِفُ مُطْلَقُهُ إلَى الْحَالِ فَكَانَ الْجَزَاءُ حُرِّيَّةَ الْمَمْلُوكِ أَوْ تَدْبِيرَهُ فِي الْحَالِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَ الْيَمِينِ (لَكِنْ بِمَوْتِهِ) أَيْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى (عَتَقَا) أَيْ مَنْ مَلَكَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَعْتِقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ لِلْحَالِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا سَيَمْلِكُهُ وَلِهَذَا صَارَ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ مُدَبَّرًا دُونَ الْآخَرِ، وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا إيجَابُ عِتْقٍ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا حَالَ الْمَوْتِ أَلَا يُرَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَاسْتَحْدَثَ غَيْرَهُ يَتَنَاوَلهُمَا إذَا بَقِيَا فِي مِلْكِهِ إلَى الْمَوْتِ (الْمَمْلُوكُ) أَيْ لَفْظُ الْمَمْلُوكِ (لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ) ؛ لِأَنَّ مُتَنَاوَلَهُ الْمَمْلُوكُ الْمُطْلَقُ، وَالْحَمْلُ مَمْلُوكٌ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ وَاسْمُ الْمَمْلُوكِ يَتَنَاوَلُ الْأَنْفُسَ لَا الْأَعْضَاءَ (فَلَا يَعْتِقُ حَمْلُ جَارِيَةِ مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي ذَكَرٍ فَهُوَ حُرٌّ) قَيَّدَ بِالذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ عَتَقَتْ الْأُمُّ فَيَعْتِقُ الْحَمْلُ تَبَعًا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: كَذَا) أَيْ يَعْتِقُ مَنْ فِي مِلْكِهِ دُونَ مَا سَيَمْلِكُهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بَعْدَ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَمْلِكُهُ لِلْحَالِ حَقِيقَةً يُقَالُ أَنَا أَمْلِكُ كَذَا وَكَذَا وَيُرَادُ بِهِ الْحَالُ وَلِذَا اُسْتُعْمِلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، وَفِي الِاسْتِقْبَالِ بِقَرِينَةِ السِّينِ أَوْ سَوْفَ فَيَكُونُ مُطْلَقُهُ لِلْحَالِ فَكَانَ الْجَزَاءُ حُرِّيَّةَ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْغَدِ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَ الْيَمِينِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَحَدُ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الْعِتْقُ) أَيْ فِي صُورَةِ قَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ مَنْ مَلَكَهُ مُذْ حَلَفَ فَقَطْ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّدْبِيرُ) أَيْ فِي صُورَةِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي مَنْ مَلَكَهُ مُذْ حَلَفَ فَقَطْ لَا مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ فَاَلَّذِي كَانَ عِنْدَهُ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي يَشْتَرِيهِ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِلْحَالِ) قَالَ الْكَمَالُ: وَوَجْهُ كَوْنِ كُلِّ مَمْلُوكٍ حَالًّا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْوَصْفِ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ قِيَامِهِ بِهِ أَوْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ، وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لِاخْتِصَاصِ مَنْ جَرَتْ مَعْنَى مُتَعَلِّقِهَا إلَيْهِ بِهِ أَيْ بِمَعْنَى الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ فَلَزِمَ مِنْ التَّرْكِيبِ اخْتِصَاصُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ بِالْمُتَّصِفِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ لِلْحَالِ وَهِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ فَيَلْزَمُ قِيَامُ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ ضَرُورَةَ اتِّصَافِهِ بِأَثَرِهَا فِي الْحَالِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْأَثَرُ بِلَا مُؤَثِّرٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَا مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ خَرَجَا مِنْهُ فَبِهَا وَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمَا يُضْرَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ بِقِيمَتِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَنْ الْكُلِّ أَيْ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله لَا يَعْتِقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ) لَيْسَ الظَّاهِرُ عَنْهُ بَلْ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ عَنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ. . . إلَخْ، وَكَذَا فِي الْفَتْحِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عِتْقِ الْجَمِيعِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عَنْ الْكُلِّ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا صَارَ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ مُدَبَّرًا) أَيْ فِي الْحَالِ دُونَ الْآخَرِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا) أَيْ مَجْمُوعَ التَّرْكِيبِ لَا لَفْظَ أَمْلِكُهُ فَقَطْ، كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ إنَّمَا تَقَعُ مُعْتَبَرَةً فِي التَّعْلِيقِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْوَصَايَا الْحَالَّةُ الْمُنْتَظَرَةُ، وَالْحَالَّةُ الرَّاهِنَةُ حَتَّى تَعَلَّقَتْ بِمَا كَانَ مَوْجُودًا وَمَا سَيَكُونُ لِلْمُوصِي (قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِالذَّكَرِ. . . إلَخْ)
قَالَ الْكَمَالُ: هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ مَمْلُوكٍ إمَّا لِذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ وَقَيْدُ التَّذْكِيرِ لَيْسَ جُزْءًا لِمَفْهُومٍ وَإِنْ كَانَ التَّأْنِيثُ جُزْءَ مَفْهُومِ مَمْلُوكَةٍ فَيَكُونُ مَمْلُوكٌ أَعَمَّ مِنْ مَمْلُوكَةٍ فَالتَّأْنِيثُ فِيهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ لَا الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْنِيثِ وَأَمَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ اسْتَمَرَّ فِيهِ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ كَذَلِكَ اهـ