الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَيِّنَةُ (أَوْ خَاطَ ثَوْبِي هَذَا بِكَذَا فَقَبَضْتُهُ) أَيْ لَوْ قَالَ خَاطَ فُلَانٌ ثَوْبِي هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَبَضْتُهُ وَقَالَ فُلَانٌ الثَّوْبُ ثَوْبِي فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ أَيْضًا (قَالَ هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِبَكْرٍ فَالْأَلْفُ لِزَيْدٍ وَعَلَى الْمُقِرِّ مِثْلُهُ لِبَكْرٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ صَحَّ إقْرَارُهُ لَهُ وَصَارَ مِلْكًا لَهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا بَلْ لِبَكْرٍ رُجُوعٌ عَنْهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ زَيْدٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مِثْلِهَا لِبَكْرٍ
(أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ كَاذِبًا فِيهِ) أَيْ فِي إقْرَارِي (حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ كَذِبِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ مَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ لَك بِهِ وَلَسْتَ بِمُبْطِلٍ فِيمَا تَدَّعِيهِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ الْمُقَرَّ لَهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ صَكَّ الْإِقْرَارِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ الْمَالَ كَذَا فِي الْكَافِي.
(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)
يَعْنِي مَرَضَ الْمَوْتِ (دَيْنُ صِحَّتِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِسَبَبِهِ أَوْ عَلِمَ بِإِقْرَارٍ فِيهَا.
(وَ) دَيْنُ (مَرَضِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ (مَعْرُوفٍ) كَبَدَلِ مَا مَلَكَهُ أَوْ أَهْلَكَهُ أَوْ مَهْرِ مِثْلِ عُرْسِهِ وَعُلِمَ مُعَايَنَةً (يُقَدَّمَانِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هَذَا يُسَاوِي الْأَوَّلَيْنِ لِاسْتِوَاءِ السَّبَبِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَلَنَا أَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ يَفْرُغْ عَنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ فَالدَّيْنُ الثَّابِتُ بِإِقْرَارِ الْمَحْجُورِ لَا يُزَاحِمُ الدَّيْنَ الثَّابِتَ بِلَا حَجْرٍ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْحَجْرِ فَالثَّانِي لَا يُزَاحِمُ الْأَوَّلَ (وَالْكُلُّ) أَيْ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَدَيْنُ الْمَرَضِ بِسَبَبٍ فِيهِ مَعْرُوفٍ وَدَيْنُ الْمَرَضِ الَّذِي عُلِمَ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ فِيهِ يُقَدَّمُ (عَلَى الْإِرْثِ) لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ بِشَرْطِ الْفَرَاغِ وَلِهَذَا يُقَدَّمُ حَاجَتُهُ فِي التَّكْفِينِ (وَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ غَرِيمٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَلَا إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ) سَوَاءٌ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» (إلَّا بِتَصْدِيقِ الْبَقِيَّةِ) أَيْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّخْصِيصِ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِالتَّرِكَةِ فَإِذَا صَدَّقُوهُ زَالَ الْمَانِعُ وَجَازَ التَّخْصِيصُ
(وَجَازَ) أَيْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مَالِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ كَانَ الْإِرْثَ وَقَدْ انْتَفَى (وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ كَانَ إقْرَارُهُ (بِكُلِّ مَالِهِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ غَيْرِ وَارِثٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ إلَّا فِي الثُّلُثِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ تَصَرُّفَهُ عَلَى الثُّلُثِ وَتَعَلَّقَ بِالثُّلُثَيْنِ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَلِهَذَا لَوْ تَبَرَّعَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا فِي الثُّلُثِ فَكَذَا إقْرَارُهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَنْفُذَ إلَّا فِي الثُّلُثِ وَلَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما
(أَقَرَّ لَهُ) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ (بِمَالٍ ثُمَّ) أَقَرَّ (بِبُنُوَّتِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ وَ) أَقَرَّ (لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا صَحَّ) إقْرَارُهُ لَهَا.
وَعِنْدَ زُفَرَ يَبْطُلُ هَذَا الْإِقْرَارُ أَيْضًا لِلتُّهْمَةِ وَلَنَا أَنَّهُ إقْرَارٌ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ التُّهْمَةِ فَلَا يَبْطُلُ بِسَبَبٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ دَعْوَى النَّسَبِ تَسْتَنِدُ إلَى زَمَانِ الْعُلُوقِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْبُنُوَّةَ ثَابِتَةٌ زَمَانَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَصِحُّ أَمَّا الزَّوْجِيَّةُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ خَاطَ ثَوْبِي هَذَا بِكَذَا) هُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُقِرِّ إجْمَاعًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى عَنْ الزَّيْلَعِيِّ بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]
(قَوْلُهُ أَوْ مَهْرِ مِثْلِ عُرْسِهِ) قَيَّدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ غَرِيمٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ لِأَنَّ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ قَرْضًا فِي مَرَضِهِ ثَبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْبَيِّنَةِ يَصِحُّ التَّخْصِيصُ بِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْبَاقِينَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْكَافِي وَقَاضِي زَادَهْ (قَوْلُهُ وَلَا إقْرَاره لِوَارِثِهِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْبَقِيَّةِ) قَالَ قَاضِي زَادَهْ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ لِوَارِثِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ الْوَارِثُ اهـ.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفُ إشَارَةٌ لِمَا إذَا تَعَدَّدَ الْوَارِثُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ فَأَوْصَى لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَوْصَتْ لِزَوْجِهَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ فَرَائِضِ الْعَتَّابِيِّ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الْأَخِيرِ كَمَا فِي إصْلَاحِ الْإِيضَاحِ وَفَرْضُهَا فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا يَرِثُ الْكُلَّ فَرْضًا وَرَدَّا بِكَوْنِهِ صَاحِبَ فَرْضٍ مُنْفَرِدًا أَوْ بِكَوْنِهِ ذَا رَحِمٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْوَصِيَّةِ
(قَوْلُهُ وَجَازَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَلَوْ بِكُلِّ مَالِهِ أَيْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ قَالَهُ قَاضِي زَادَهْ
(قَوْلُهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِبُنُوَّتِهِ. . . إلَخْ) .
أَيْ وَقَدْ جَهِلَ نَسَبَهُ وَصَدَّقَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّصْدِيقِ، وَلَوْ كَذَّبَهُ أَوْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ كَمَا فِي الْيَنَابِيعِ
فَيَقْتَصِرُ عَلَى زَمَانِ التَّزَوُّجِ فَلَا يَظْهَرُ أَنَّ إقْرَارَهُ كَانَ لِزَوْجَتِهِ (بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ لَهَا شَيْئًا أَوْ أَوْصَى لَهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُمَا يَبْطُلَانِ اتِّفَاقًا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ وَارِثَةٌ حِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ وَالْهِبَةُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ حَتَّى لَا تَنْفُذَ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ فَصَارَتْ كَالْوَصِيَّةِ.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ طَلَّقَهَا فِيهِ) أَيْ مَرَضِ مَوْتِهِ (فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ) أَيْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ (وَالدَّيْنُ) لِقِيَامِ التُّهْمَةِ بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ وَبَابُ الْإِقْرَارِ كَانَ مُنْسَدًّا لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ فَرُبَّمَا أَقْدَمَ عَلَى الطَّلَاقِ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ لَهَا زِيَادَةً عَلَى إرْثِهَا وَلَا تُهْمَةَ فِي أَقَلِّهِمَا فَيَثْبُتُ
(أَقَرَّ) رَجُلٌ (بِبُنُوَّةِ غُلَامٍ) حَيْثُ قَالَ هَذَا ابْنِي (جُهِلَ نَسَبُهُ فِي مَوْلِدِهِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ فَائِدَةِ هَذَا الْقَيْدِ (وَيُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ وَصَدَّقَهُ) أَيْ الْغُلَامُ ذَلِكَ الْمُقِرَّ (وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ التَّصْدِيقِ (ثَبَتَ نَسَبُهُ) أَيْ نَسَبُ الْغُلَامِ (مِنْهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (وَشَارَكَ) أَيْ الْغُلَامُ (الْوَرَثَةَ) بِشَرْطِ جَهَالَةِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْغَيْرِ، وَأَنْ يُولَدَ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ لِئَلَّا يَكُونَ مُكَذَّبًا ظَاهِرًا وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْغُلَامُ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي غُلَامٍ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ حَتَّى إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ وَلِذَا قَالَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَشَارَكَ الْوَرَثَةَ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ صَارَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ (صَحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ (وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى) لِأَنَّ مُوجِبَ إقْرَارِهِ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِتَصَادُقِهِمَا بِلَا إضْرَارٍ بِأَحَدٍ فَيَنْفُذُ.
(وَ) صَحَّ (إقْرَارُهَا بِالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ وَبِالْإِقْرَارِ بِهَؤُلَاءِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا إلَّا عَلَى نَفْسِهِ فَيُقْبَلُ (وَشُرِطَ تَصْدِيقُهُمْ) لِأَنَّ إقْرَارَ غَيْرِهِمْ لَا يُلْزِمُهُمْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ فِي يَدِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ صَغِيرًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَهُوَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدًا لَهُ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ (وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ مَوْلَاهُ كَمَا شُرِطَ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ الْوَلَدَ أَوْ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ) قَابِلَةٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرِهَا (فِي إقْرَارِ) امْرَأَةٍ (ذَاتِ زَوْجٍ بِالْوَلَدِ وَعَدَمِ الْعِدَّةِ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ يَعْنِي إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا مُعْتَدَّةً صَحَّ إقْرَارُهَا بِالْوَلَدِ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامًا عَلَى نَفْسِهَا دُونَ غَيْرِهَا فَيَنْفُذُ عَلَيْهَا (وَصَحَّ التَّصْدِيقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ بَعْدَ مَوْتِهَا مُقِرَّةً) يَعْنِي صَحَّ التَّصْدِيقُ فِي النَّسَبِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ لِبَقَاءِ النَّسَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنِكَاحِهَا وَمَاتَ فَصَدَّقَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَصِحُّ حَتَّى يَكُونَ لَهَا الْمَهْرُ وَالْإِرْثُ لِبَقَاءِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ طَلَّقَهَا فِيهِ أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) أَطْلَقَ فِي الطَّلَاقِ وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِالثَّلَاثِ وَيُرِيدُ الْبَائِنَ وَلَوْ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَكَذَا فِي الْكَنْزِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بِسُؤَالِهَا وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا بِلَا سُؤَالِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهَا لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ إذْ هُوَ فَارٌّ اهـ.
وَقَالَ قَاضِي زَادَهْ إنَّهُ تَتَبَّعَ عَامَّةَ الْمُعْتَبَرَاتِ حَتَّى الْجَامِع وَالْمُحِيطِ وَأَيْنَمَا وَجَدْتُ الْمَسْأَلَةَ وَجَدْتُهَا مُقَيَّدَةً بِكَوْنِ الطَّلَاقِ بِسُؤَالِ الْمَرْأَةِ أَوْ بِأَمْرِهَا فَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَأَمَّا عَدَمُ تَعَرُّضِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ هَاهُنَا لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَاءً عَلَى ظُهُورِهِ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ وَالدَّيْنِ) وَيُدْفَعُ لَهَا بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ لَا بِحُكْمِ الْإِرْثِ حَتَّى لَا تَصِيرَ شَرِيكَةً فِي أَعْيَانِ التَّرِكَةِ
(قَوْلُهُ أَقَرَّ رَجُلٌ بِبُنُوَّةِ غُلَامٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ مُنْدَرِجَةٌ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ وَيُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ وَصَدَّقَهُ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِهِ مِنْ حَيْثُ اسْتِحْقَاقُ الْمَالِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ غَيْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْيَنَابِيعِ (قَوْلُهُ صَحَّ إقْرَارُهُ أَيْ الرَّجُلِ بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ) أَعَادَ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ لِذِكْرِ جُمْلَةِ مَا يَصِحُّ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ وَأَفَادَ بِالصَّرَاحَةِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِالْأُمِّ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَهُوَ رِوَايَةُ تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَرِوَايَةُ شَرْحِ الْفَرَائِضِ لِلْإِمَامِ سِرَاجِ الدِّينِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْكُورُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْإِيضَاحِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ يَصِحُّ بِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ اهـ.
وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الِابْنَ لَيْسَ بِقَيْدٍ مُخْرِجٍ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِالْبِنْتِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ يَعْنِي الْأَصْلَ وَإِنْ عَلَا اهـ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ إذَا أَقَرَّ بِالْجَدِّ أَوْ ابْنِ الِابْنِ لَا يَصِحُّ إذْ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالزَّوْجَةِ) أَيْ الْخَالِيَةِ عَنْ زَوْجٍ وَعِدَّتِهِ وَلَيْسَ مَعَ الْمُقِرِّ مَنْ يَمْتَنِعُ جَمْعُهُ مَعَهَا وَلَا أَرْبَعٌ سِوَاهَا كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي زَادَهْ (قَوْلُهُ وَالْمَوْلَى) أَيْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَاؤُهُ ثَابِتًا مِنْ الْغَيْرِ ذَكَرَهُ قَاضِي زَادَهْ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِنِكَاحِهَا وَمَاتَ فَصَدَّقَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَصِحُّ) هُوَ بِالِاتِّفَاقِ قَالَهُ الْأَكْمَلُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَتَصْدِيقُهُ أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى نِكَاحٍ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ لَغْوٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا لَمَّا مَاتَتْ زَالَ النِّكَاحُ بِجَمِيعِ عَلَائِقِهِ وَعِنْدَهُمَا تَصْدِيقُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا وَلَهُ الْمِيرَاثُ مِنْهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَتِمُّ بِالْمُقِرِّ وَحْدَهُ وَلَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَقِيلَ الْأَصَحُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي تَصْدِيقِهَا إيَّاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمُقَرِّ بِهِ