الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَحَقُّقِ الزِّنَا مِنْهَا شَرْعًا لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ وَالزِّنَا حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ (أَوْ) بِقَذْفِ (مُكَاتَبٍ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ) لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي حُرِّيَّتِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهِ (وَحُدَّ مُسْتَأْمَنٌ قَذَفَ مُسْلِمًا هُنَا) أَيْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَقَدْ الْتَزَمَ إيفَاءَ حُقُوقِ الْعِبَادِ.
(وَ) حُدَّ (قَاذِفُ وَاطِئِ عِرْسِهِ حَائِضًا) لِكَوْنِ الْحُرْمَةِ مُؤَقَّتَةً (أَوْ) وَاطِئِ جَارِيَةٍ (مَمْلُوكَةٍ حَرُمَتْ مُؤَقَّتَةً كَأَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ، وَ) قَاذِفُ (مَجُوسِيٍّ نَكَحَ أَمَةً فَأَسْلَمَ) فَإِنَّهُ يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ بِالْمَحَارِمِ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا
(إذَا أَقَرَّ) الْقَاذِفُ (بِالْقَذْفِ يُطَالَبُ) أَيْ الْقَاذِفُ (بِالْبَيِّنَةِ) عَلَى كَوْنِ الْمَقْذُوفِ زَانِيًا (فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً عَلَى زِنَاهُ وَإِقْرَارِهِ بِهِ) أَيْ بِالزِّنَا (كَمَا مَرَّ) أَيْ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ (حُدَّ الْمَقْذُوفُ وَإِنْ عَجَزَ) الْقَاذِفُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (لِلْحَالِ وَاسْتَأْجَلَ لِإِحْضَارِ شُهُودٍ فِي الْمِصْرِ يُؤَجَّلُ إلَى قِيَامِ الْمَجْلِسِ فَإِنْ عَجَزَ حُدَّ وَلَا يُكْفَلُ لِيَذْهَبَ فَيَطْلُبَهُمْ بَلْ يُحْبَسُ وَيُقَالُ ابْعَثْ إلَيْهِمْ) مَنْ يُحْضِرُهُمْ كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ (كَفِي حَدٍّ) وَاحِدٍ (بِجِنَايَاتٍ اتَّحَدَ جِنْسُهَا بِخِلَافِ مَا اُخْتُلِفَ) أَيْ جِنْسُهَا وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ
(فَصْلٌ)
(التَّعْزِيرُ
تَأْدِيبٌ) فِي الْكَشَّافِ الْعَزْرُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ مَنْعٌ مِنْ مُعَاوَدَةِ الْقَبِيحِ (دُونَ الْحَدِّ) أَيْ أَدْنَى قَدْرًا مِنْ الْحَدِّ وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِالْحَبْسِ أَوْ الصَّفْعِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارُهُ بِهِ أَيْ بِالزِّنَا كَمَا مَرَّ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَ فِي بَدَائِع فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى مُعَايَنَةِ الزِّنَا مِنْ الْمَقْذُوفِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَيُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمَقْذُوفِ اهـ (قُلْت) فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبَدَائِعِ مَا يُنَاقِضُ هَذَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَصُّهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَيْ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُقِرًّا فَالشَّهَادَةُ لَغْوٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْإِقْرَارِ لَا لِلشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا فَالْإِنْكَارُ مِنْهُ رُجُوعٌ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ صَحِيحٌ اهـ فَقَدْ أَفَادَ بِهَذَا صَرِيحًا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْمُنَاقَضَةِ بِحَمْلِ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ بِإِرْجَاعِ قَوْلِهِ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ عَلَى الزِّنَا وَإِرْجَاعِ قَوْلِهِ وَيُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمَقْذُوفِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى مُعَايَنَةِ الزِّنَا مِنْ الْمَقْذُوفِ اهـ.
وَلَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَلَا يُسَاعِدُهُ كَلَامُ التُّحْفَةِ وَفِي كَلَامِ الْكَمَالِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا حَيْثُ قَالَ فَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا يُدْرَأُ عَنْ الْقَاذِفِ الْحَدُّ وَعَنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْقَاذِفُ فَشَهِدُوا بِالزِّنَا لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ فَكَأَنَّا سَمِعْنَا إقْرَارَهُ بِالزِّنَا إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْإِقْرَارِ إسْقَاطُ الْحَدِّ لَا إقَامَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ وَلَوْ كَثُرَتْ الشُّهُودُ اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّهْذِيبِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا اهـ.
(قَوْلُهُ يُؤَجَّلُ إلَى قِيَامِ الْمَجْلِسِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُسْتَأْنَى بِهِ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُكْفَلُ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يُكْفَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يَحْبِسُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخِرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكَفِيلُ فَلِهَذَا لَا يُحْبَسُ عِنْدَهُمَا فِي دَعْوَى حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُكْفَلُ بِنَفْسِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ ثُمَّ قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَقُولُ مُرَادُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فَأَمَّا إذَا سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِهِ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ نَفْسَهُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَالْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إنَّمَا يُطَالِبُ بِهَذَا الْقَدْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ بَلْ يُحْبَسُ وَيُقَالُ لَهُ ابْعَثْ إلَيْهِمْ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِي بِهِمْ أَطْلَقَ عَنْهُ وَبَعَثَ مَعَهُ وَاحِدًا مِنْ شُرَطِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبْسِ حَقِيقَتُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَقَالَ الْمُرَادُ بِالْحَبْسِ حَقِيقَتُهُ وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُرَادُ بِالْحَبْسِ الْمُلَازَمَةُ أَيْ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي لَازِمْهُ إلَى هَذَا الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَ الْبَيِّنَةَ فِيهِ وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ بِجِنَايَاتٍ اتَّحَدَ سَبَبُهَا) هُوَ مِنْ التَّدَاخُلِ فِي الْحُكْمِ لَا السَّبَبِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَمِنْ فُرُوعِ التَّدَاخُلِ لَوْ قَذَفَ آخَرَ وَقَدْ بَقِيَ سَوْطٌ مِنْ حَدِّهِ لِلْأَوَّلِ كَفَى كَذَا فِي الْفَتْحِ
[فَصْلُ التَّعْزِيرُ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ التَّعْزِيرُ تَأْدِيبٌ) قَالَ الْكَمَالُ التَّعْزِيرُ التَّأْدِيبُ فِيمَا شُرِعَ فِيهِ التَّعْزِيرُ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ وَاجِبٌ وَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ وَحَقُّ اللَّهِ فَمَا كَانَ حَقُّ اللَّهِ يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَسِبًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ وَالشَّارِعُ وَلَّى كُلَّ أَحَدٍ ذَلِكَ اهـ.
وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقِيمُهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ إلَّا حَالَ قِيَامِ الْمَعْصِيَةِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَيْسَ إلَّا لِلْحَاكِمِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَمَا كَانَ حَقَّ الْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْحَاكِمُ أَوْ مِنْ حُكْمِهِ فِيهِ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَقِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ إقَامَتُهُ كَالْقِصَاصِ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ يُسْرِفُ فِيهِ غَلَطًا اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ الْحَدِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَدْنَى الْحُدُودِ وَهُوَ حَدُّ الْعَبْدِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ أَوْ الصَّفْعِ) كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَنَقَلَهُ فِي الْعِنَايَةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ وَالسَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ التَّعْزِيرُ
أَوْ تَعْرِيكِ الْأُذُنِ أَوْ الْكَلَامِ الْعَنِيفِ أَوْ نَظَرِ الْقَاضِي إلَيْهِ بِوَجْهٍ عَبُوسٍ أَوْ الضَّرْبِ فَحِينَئِذٍ (أَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سَوْطًا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْلُغَ حَدَّ الْحَدِّ وَأَقَلُّ الْحَدِّ أَرْبَعُونَ وَهُوَ حَدُّ الْعَبْدِ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَأَبُو يُوسُفَ اعْتَبَرَ حَدَّ الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُمْ الْأُصُولُ وَهُوَ ثَمَانُونَ وَتَقُصُّ عَنْهَا سَوْطًا فِي رِوَايَةٍ وَخَمْسَةً فِي أُخْرَى وَإِنَّمَا كَانَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةً لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يَقَعُ بِهِ الزَّجْرُ (وَلَا يُفَرَّقُ) الضَّرْبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ (هُنَا) أَيْ فِي التَّعْزِيرِ كَمَا يُفَرَّقُ فِي الْحَدِّ لِمَا سَيَأْتِي وَالتَّعْزِيرُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ تَعْزِيرُ أَشْرَافٍ الْأَشْرَافُ كَالْفُقَهَاءِ وَالْعَلَوِيَّةِ وَتَعْزِيرُ الْأَشْرَافِ كَالدَّهَاقِنَةِ وَكِبَارِ التُّجَّارِ وَتَعْزِيرُ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَتَعْزِيرُ الْخَسَائِسِ فَالْأَوَّلُ الْإِعْلَامُ لَا غَيْرُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي بَلَغَنِي أَنَّك تَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا وَالثَّانِي الْإِعْلَامُ وَالْجَرُّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَتَعْزِيرُ الْأَوْسَاطِ وَهُمْ السُّوقِيَّةُ الْإِعْلَامُ أَوْ الْجَرُّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَالْحَبْسُ وَتَعْزِيرُ الْخَسَائِسِ الْإِعْلَامُ وَالْجَرُّ إلَى بَابِ الْقَاضِي الْحَبْسُ وَالضَّرْبُ
(وَصَحَّ حَبْسُهُ مَعَ ضَرْبِهِ) إذَا اُحْتِيجَ إلَى زِيَادَةِ تَأْدِيبٍ (وَضَرْبُهُ أَشَدُّ) مِنْ ضَرْبِ الْحَدِّ لِأَنَّ التَّخْفِيفَ جَرَى فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَلَا يُخَفَّفُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى فَوْتِ الْمَقْصُودِ وَلِذَا لَمْ يُخَفَّفْ مِنْ حَيْثُ التَّفْرِيقُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَيُضْرَبُ قَائِمًا فِي إزَارٍ وَاحِدٍ (ثُمَّ) الضَّرْبُ (لِلزِّنَا) أَشَدُّ مِنْ الْبَاقِي لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَحَدُّ الشُّرْبِ يَثْبُتُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم حَيْثُ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِينَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - (ثُمَّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ لِلْقَذْفِ) لِأَنَّ جِنَايَةَ الشُّرْبِ مَقْطُوعٌ بِهَا وَجِنَايَةُ الْقَذْفِ لَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْقَاذِفِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بِالصَّفْعِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى مَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ فَيُصَانُ عَنْهُ أَهْلُ الْقِبْلَةِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَالصَّفْعُ الضَّرْبُ عَلَى الْقَفَا اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ الضَّرْبِ) سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ يَكُونُ بِالْقَتْلِ لِمَنْ رَآهُ يَزْنِي وَبَقِيَ التَّعْزِيرُ بِالشَّتْمِ وَأَخْذِ الْمَالِ فَأَمَّا التَّعْزِيرُ بِالشَّتْمِ فَهُوَ مَشْرُوعٌ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ قَذْفًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَأَمَّا بِالْمَالِ فَصِفَتُهُ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْ صَاحِبِهِ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ اهـ.
وَلَا يُفْتَى بِهَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الظَّلَمَةِ عَلَى أَخْذِ مَالِ النَّاسِ فَيَأْكُلُونَهُ (قَوْلُهُ أَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سَوْطًا) سَيُقَيِّدُهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ فِيهِ حَدُّ الْقَذْفِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِذِمِّيَّةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ يَا زَانِيَةُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ) هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ ذَكَرَ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَدْنَاهُ عَلَى مَا يَرَى الْإِمَامُ يُقَدِّرُهُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ عِظَمِ الْجُرْمِ وَصِغَرِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ بَابِهِ فَيُقَرِّبُ اللَّمْسَ وَالْقُبْلَةَ مِنْ حَدِّ الزِّنَا وَالْقَذْفَ بِغَيْرِ الزِّنَا مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ اهـ.
وَتَقْرِيبُهُ مِنْ حَدِّ الزِّنَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَكْثَرُ الْجَلَدَاتِ وَتَقْرِيبُهُ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَقَلُّ الْجَلَدَاتِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يَقَعُ بِهِ الزَّجْرُ) أَيْ لِمَنْ يُنَاسِبُهُ لِمَا قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ لَازِمًا لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفَرِّقُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي حُدُودِ الْأَصْلِ يُفَرِّقُ التَّعْزِيرَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَفِي أَشْرِبَةِ الْأَصْلِ يَضْرِبُ التَّعْزِيرَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَاخْتِلَافُ الْجَوَابِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَالْأَوَّلُ فِيمَا إذَا بَلَغَ بِالتَّعْزِيرِ أَقْصَاهُ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ وَهَكَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَفَتْحِ الْقَدِيرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْزِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ مَرَاتِبَ) كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الشَّافِي (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي بَلَغَنِي أَنَّك تَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا) قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ النِّهَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ النَّظَرِ بِوَجْهٍ عَبُوسٍ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعَ مُلَاحَظَةِ السَّبَبِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا يَبْلُغُ بِهِ أَدْنَى الْحَدِّ كَمَا إذَا أَصَابَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ غَيْرَ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي الْإِعْلَامُ وَالْجَرُّ إلَى بَابِ الْقَاضِي) يَتَمَيَّزُ عَنْ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ الْأَوَّلِ بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ سَبْقِ طَلَبِهِ لِمَنْ يُعَزِّرُهُ وَإِلَّا يَتَّحِدُ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ اهـ.
وَعَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ التَّمْيِيزُ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعْزِيرُ أَشْرَافِ الْأَشْرَافِ بِالْإِعْلَامِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي أَمِينَهُ إلَيْهِ فَيَقُولُ بَلَغَنِي أَنَّك تَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا وَتَعْزِيرُ الْأَشْرَافِ الْإِعْلَامُ وَالْجَرُّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَالْخِطَابُ بِالْمُوَاجِهَةِ. . . إلَخْ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ فَيَتَمَيَّزُ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً عَنْ الْجَرِّ وَالْإِعْلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ تَعْزِيرُ أَشْرَافِ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ وَالْعُلْوِيَّةُ بِالْإِعْلَامِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي بَلَغَنِي أَنَّك تَفْعَلُ كَذَا فَيَنْزَجِرُ بِهِ وَتَعْزِيرُ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْأُمَرَاءُ وَالدَّهَاقِينُ بِالْإِعْلَامِ وَالْجَرِّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ وَتَعْزِيرُ الْأَوْسَاطِ وَهُمْ السُّوقَةُ بِالْجَرِّ وَالْحَبْسِ وَتَعْزِيرِ الْأَخِسَّةِ بِهَذَا كُلِّهِ وَبِالضَّرْبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَضَرْبُهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْحَدِّ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا عَزَّرَ بِمَا دُونَ أَكْثَرِهِ وَإِلَّا فَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ أَشَدَّ فَوْقَ ثَمَانِينَ حُكْمًا فَضْلًا عَنْ الضَّرْبِ أَرْبَعِينَ مَعَ تَنْقِيصِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشَدِّيَّةِ فَيَفُوتُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نَقَصَ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ قَاسِمُ بْنُ قُطُلُوبُغَا (قَوْلُهُ وَيُضْرَبُ قَائِمًا فِي إزَارٍ وَاحِدٍ) كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ يُضْرَبُ فِي التَّعْزِيرِ قَائِمًا عَلَيْهِ ثِيَابُهُ وَيُنْزَعُ الْحَشْوُ وَالْفَرْوُ وَلَا يُمَدُّ فِي التَّعْزِيرِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ جِنَايَةَ الشُّرْبِ مَقْطُوعٌ بِهَا) أَيْ مُتَيَقَّنٌ بِسَبَبِهَا لِلْمُشَاهَدَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ التَّيَقُّنُ بِالسَّبَبِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِإِسَاغَةِ لُقْمَةٍ وَتَقُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّيَقُّنُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ
صَادِقًا فِي قَذْفِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ لِاحْتِمَالِ غَيْبَةِ شُهُودِهِ أَوْ آبَائِهِمْ عَنْ أَدَائِهَا وَلِأَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ الْقَذْفِ فَيَصِيرُ كُلُّ شَارِبٍ جَامِعًا بَيْنَ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ فَيَتَحَقَّقُ مِنْهُ جِنَايَتَانِ وَمِنْ الْقَاذِفِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ فَلِهَذَا كَانَ ضَرْبُهُ أَخَفَّ مِنْ ضَرْبِ الشَّارِبِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي فَاضْمَحَلَّ مَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَقُولُ حَدُّ الْقَاذِفِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَحَدُّ الشُّرْبِ قِيسَ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّ حَدَّ الشُّرْبِ لَمْ يَثْبُتْ بِالْقِيَاسِ بَلْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ غَايَتُهُ أَنَّ سَنَدَ الْإِجْمَاعِ هُوَ الْقِيَاسُ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَنِدُ إلَى الْإِجْمَاعِ لَا بِسَنَدِهِ
(وَعُزِّرَ بِقَذْفِ مَمْلُوكٍ) عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (أَوْ كَافِرٍ بِزِنَاهُ) لِأَنَّهُ جِنَايَةُ قَذْفٍ وَقَدْ امْتَنَعَ وُجُوبُ الْحَدِّ لِفَقْدِ الْإِحْصَانِ فَوَجَبَ التَّعْزِيرُ وَلِهَذَا يَبْلُغُ فِي التَّعْزِيرِ غَايَتَهُ وَفِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ الرَّأْيُ إلَى الْإِمَامِ وَصُورَتَانِ أُخْرَيَانِ يَجِبُ فِيهِمَا الْبُلُوغُ فِي التَّعْزِيرِ غَايَتَهُ أَحَدُهُمَا مَا إذَا أَصَابَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ كُلَّ حَرَامٍ غَيْرَ الْجِمَاعِ وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا أُخِذَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا جَمَعَ الْمَتَاعَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَ) عُزِّرَ بِقَذْفِ (مُسْلِمٍ بِيَا فَاسِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْفِسْقِ) فَحِينَئِذٍ لَا يُعَزَّرُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (قَالَ يَا فَاسِقُ فَأَرَادَ إثْبَاتَهُ لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ لَا يُسْمَعُ) لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ (بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ يَا زَانِي فَأَرَادَ إثْبَاتَهُ حَيْثُ يُسْمَعُ) لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَكُونُ جَرْحًا مُجَرَّدًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ
. (وَ) عُزِّرَ بِيَا (كَافِرُ يَا خَبِيثُ يَا سَارِقُ يَا فَاجِرُ يَا مُخَنَّثُ يَا خَائِنُ يَا لُوطِيُّ يَا زِنْدِيقُ يَا لِصُّ) إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (يَا دَيُّوثُ) هُوَ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى زِنَا أَهْلِهِ (يَا قَرْطَبَانُ) هُوَ مُعَرَّبُ قَلْتَبَانَ مُرَادِفُ دَيُّوثٍ (يَا شَارِبَ الْخَمْرِ يَا آكِلَ الرِّبَا يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ) فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ الْقَحْبَةُ الزَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقُحَابِ وَهُوَ السُّعَالُ وَكَانَتْ الزَّانِيَةُ فِي الْعَرَبِ إذَا مَرَّ بِهَا رَجُلٌ سَعَلَتْ لِيَقْضِيَ مِنْهَا حَاجَتَهُ فَسُمِّيَتْ الزَّانِيَةُ لِهَذَا قَحْبَةً وَقِيلَ هِيَ مَنْ تَكُونُ هِمَّتُهَا الزِّنَا وَقِيلَ هِيَ أَفْحَشُ مِنْ الزَّانِيَةِ لِأَنَّ الزَّانِيَةَ قَدْ تَفْعَلُ سِرًّا وَتَأْنَفُ مِنْهُ وَالْقَحْبَةُ مَنْ تُجَاهِرُ بِهِ بِالْأُجْرَةِ أَقُولُ يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ الْمَعَانِي أَنْ يَكُونَ فِي الْقَحْبَةِ مَعْنَى الزِّنَا مَعَ زِيَادَةِ أَمْرٍ قَبِيحٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ الْحَدُّ كَمَا وَجَبَ فِي يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَجِبُ إذَا قَذَفَ بِصَرِيحِ الزِّنَا أَوْ بِمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ بِأَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ اقْتِضَاءً كَمَا إذَا قَالَ لَسْتَ لِأَبِيك أَوْ لَسْتَ بِابْنِ فُلَانٍ أَبِيهِ فِي الْغَضَبِ كَمَا مَرَّ وَلَفْظُ الْقَحْبَةِ لَمْ يُوضَعْ لِمَعْنَى الزَّانِيَةِ بَلْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ بَعْدَ وَضْعِهِ لِمَعْنًى آخَرَ كَمَا مَرَّ وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِضَاءً أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَا يُقَالُ يَجِبُ الْحَدُّ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ لَسْت لِأَبِيك وَهُوَ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الزِّنَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ بِالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّا نَقُولُ فِيهِ نِسْبَةُ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا اقْتِضَاءً وَالْمُقْتَضَى إذَا ثَبَتَ ثَبَتَ بِجَمِيعِ لَوَازِمِهِ فَيَجِبُ الْحَدُّ إذْ الثَّابِتُ اقْتِضَاءً كَالثَّابِتِ بِالْعِبَارَةِ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَكِنَّهُ بَعْدُ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ (يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ) فَإِنَّهَا مَنْ تُبَاشِرُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الزَّانِيَةِ وَلَا فِي حُكْمِهِ فَلَا حَدَّ بِهِ (إنَّكَ مَأْوَى اللُّصُوصِ أَنْتَ مَأْوَى الزَّوَانِي يَا مَنْ يَلْعَبُ بِالصِّبْيَانِ يَا حرام زاده) مَعْنَاهُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الزِّنَا وَغَيْرِهِ كَالْوَطْءِ حَالَةَ الْحَيْضِ وَفِي الْعُرْفِ لَا يُرَادُ إلَّا وَلَدُ الزِّنَا وَكَثِيرًا مَا يُرَادُ بِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ قَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ فَأَرَادَ إثْبَاتَهُ) يَعْنِي بِأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ فَاسِقٌ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِهِ لَا يُقْبَلُ أَمَّا لَوْ أَرَادَ إثْبَاتَ فِسْقِهِ ضِمْنًا لِمَا تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ كَجَرْحِ الشُّهُودِ إذَا قَالَ رَشَوْتهمْ بِكَذَا فَعَلَيْهِمْ رَدُّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ كَذَا هَذَا اهـ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ فَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ بَعْضَ مَا فِيهَا مَعَ الْحَاجَةِ إلَى ذِكْرِ بَاقِيهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِذَا قَالَ يَا فَاسِقُ فَلَمَّا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ يُقَبِّلُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ عَانَقَهَا أَوْ خَلَا بِهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِهَا وَسُقُوطُ التَّعْزِيرِ عَنْ الْقَائِلِ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاتِمَ عَنْ سَبَبِ فِسْقِ مَنْ نَسَبَهُ فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبًا شَرْعِيًّا طَلَبَ مِنْهُ إثْبَاتَهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ بَيَّنَ أَنَّ سَبَبَهُ تَرْكُ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا وَلَا يَسْأَلَهُ بَيِّنَةً بَلْ يَسْأَلُ الْمَقُولَ لَهُ عَنْ الْفَرَائِضِ الَّتِي عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا ثَبَتَ فِسْقُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ لَهُ يَا فَاسِقُ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ تَارِكَ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ يَا زَانِي) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقُنْيَةِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَعُزِّرَ بِقَذْفِ مُسْلِمٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ التَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ شَتَمَ ذِمِّيًّا يُعَزَّرُ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً كَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ لِيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ يَا كَافِرُ يَأْثَمُ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِارْتِكَابِهِ مَا أَوْجَبَ الْإِثْمَ اهـ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ
(قَوْلُهُ وَعُزِّرَ بِيَا كَافِرُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُضْمَرَاتِ قَالَ بَعْضُهُمْ مَنْ قَالَ لِآخَرَ يَا كَافِرُ لَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ مَا لَمْ يَقُلْ يَا كَافِرُ بِاَللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمُؤْمِنَ كَافِرًا بِالطَّاغُوتِ فَيَكُونُ مُحْتَمِلًا اهـ كَذَا فِي النَّهْرِ (قُلْتُ) يُرَجَّحُ خِلَافُهُ حَالَةَ السَّبِّ وَالْأَذِيَّةِ فَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا) كَذَا لَوْ كَانَ بِهِ مَا وَصَفَهُ بِهِ كَأَكْلِ الرَّبَّا وَشُرْبِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ الْحَدُّ) نَقَلَ التَّصْرِيحَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِقَوْلِهِ يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ اهـ