الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ بِوَجْهِهِ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ يَحْتَاجُ إلَى دَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا تَنْدَفِعُ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ مِلْكٍ وَخُصُومَةٍ وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِهَذَا الْمُدَّعِي فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ مُودِعَهُ لَيْسَ هَذَا الْمُدَّعِي إذْ الشُّهُودُ يَعْرِفُونَ الْمُودِعَ بِوَجْهِهِ (وَإِنْ قَالُوا أَوْدَعَهُ مَنْ لَا نَعْرِفُهُ لَا) أَيْ لَا يَكُونُ دَفْعًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ هَذَا الْمُنَازِعَ (كَمَا لَوْ قَالَ) أَيْ ذُو الْيَدِ (شَرَيْتُهُ مِنْ الْغَائِبِ) حَيْثُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ مِلْكٍ صَارَ مُعْتَرِفًا بِكَوْنِهِ خَصْمًا (أَوْ قَالَ الْمُدَّعِي غَصَبْتَهُ أَوْ سَرَقْتَهُ أَوْ سُرِقَ مِنِّي) حَيْثُ لَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْخُصُومَةُ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى إيدَاعِ زَيْدٍ) أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِأَنَّ الْمُدَّعِي إنَّمَا صَارَ خَصْمًا بِدَعْوَى الْفِعْلِ عَلَيْهِ لَا بِيَدِهِ فَلَا تَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ بِإِحَالَةِ الْمِلْكِ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمِلْكَ عَلَيْهِ بَلْ ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَصْبُ أَوْ السَّرِقَةُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَ تَنْدَفِعُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْفِعْلَ عَلَيْهِ بَلْ ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَى مَجْهُولٍ وَهِيَ بَاطِلَةٌ فَالْتَحَقَتْ بِالْعَدَمِ فَبَقِيَ دَعْوَى الْمِلْكِ وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا كَتَعْيِينِ ذِي الْيَدِ لِلسَّرِقَةِ وَلَوْ عَيَّنَهُ لَمْ تَنْدَفِعْ كَذَا هُنَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَسْتَدْعِي فَاعِلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا أَبْهَمَهُ دَرْءًا لِلْحَدِّ فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ تَعْيِينِهِ (بِخِلَافِ غُصِبَ مِنِّي) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ حَيْثُ تَنْدَفِعُ بِهِ الْخُصُومَةُ إذْ لَا حَدَّ فِيهِ فَلَا يُحْتَرَزُ عَنْ كَشْفِهِ فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُضِيَ عَلَى ذِي الْيَدِ فَقَطْ (وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ زَيْدٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ) أَيْ زَيْدٌ (أَوْدَعَنِي دُفِعَتْ) أَيْ الْخُصُومَةُ (بِلَا حُجَّةٍ) لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ فِيهِ لِزَيْدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ وُصُولَهُ إلَى يَدِ ذِي الْيَدِ مِنْ جِهَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ يَدُهُ يَدَ خُصُومَةٍ بَلْ يَدَ نِيَابَةٍ وَالدَّعْوَى إنَّمَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ يَدُ مِلْكٍ (إلَّا إذَا بَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ) فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِحُجَّتِهِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِهِ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْإِيدَاعِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ أَقُولُ هَكَذَا وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْكَافِي وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقَعَ التَّوْكِيلُ مَوْقِعَ الْإِيدَاعِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى فَإِنْ طَلَبَ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ يَمِينَ مُدَّعِي التَّوْكِيلِ بِنَاءً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْإِيدَاعِ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ يَعْنِي عَلَى عَدَمِ تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ لَا عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ فَتَدَبَّرْ (وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ أَوْدَعَنِي وَكِيلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ
(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)
(حُجَّةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى مِنْ حُجَّةِ ذِي الْيَدِ) لِأَنَّ الْخَارِجَ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِالْحَدِيثِ كَمَا مَرَّ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قُضِيَ بِالْمَالِ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي خِلَافًا لَهُ قَيَّدَ الْمِلْكَ بِالْمُطْلَقِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُقَيَّدِ بِدَعْوَى النِّتَاجِ وَعَنْ الْمُقَيَّدِ بِمَا إذَا ادَّعَيَا تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا قَابِضٌ وَبِمَا إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَإِنَّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا إذَا أَرَّخَا وَذُو الْيَدِ أَسْبَقُ) لِأَنَّ لِلتَّارِيخِ عِبْرَةً عِنْدَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الْمُدَّعِي غَصَبْتَهُ) يَعْنِي مِنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَوَّلَانِ) يَعْنِي غَصَبْتَهُ أَوْ سَرَقْتَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّالِثُ) يَعْنِي سُرِقَ مِنِّي (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ) أَيْ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ سُرِقَ مِنِّي يَسْتَدْعِي فَاعِلًا لَكِنَّ عِبَارَةَ الْكَافِي وَهَذَا لِأَنَّ ذِكْرَ الْفِعْلِ يَسْتَدْعِي فَاعِلًا (قَوْلُهُ هَكَذَا وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْكَافِي. . . إلَخْ) مَا ادَّعَاهُ مِنْ الظُّهُورِ فِيهِ تَأَمَّلْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى مُدَّعِي التَّوْكِيلِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِ الْكَافِي فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي أَيْ مُدَّعِي الشِّرَاءِ بِيَمِينِهِ أَيْ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِي دَفْعٌ يُمْهَلُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي كَمَا فِي الصُّغْرَى
[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَارِجَ هُوَ الْمُدَّعِي) يَعْنِي فَذُو الْيَدِ لَيْسَ بِمُدَّعٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعِيًا مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْدِيدِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ اسْمٌ لِمَنْ يُخْبِرُ عَمَّا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَالْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ هُوَ الْخَارِجُ لَا ذُو الْيَدِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا فِي يَدِ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا فَالْتَحَقَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْعَدَمِ فَبَقِيَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ بِلَا مُعَارِضٍ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ أَوْلَى عِنْدَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَى بِالْمَالِ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي خِلَافًا لَهُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ مُبَرْهِنٌ (قَوْلُهُ حُجَّةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى مِنْ حُجَّةِ ذِي الْيَدِ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَارِيخٌ أَوْ كَانَ وَاتَّحَدَ (قَوْلُهُ وَبِمَا إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا الْأَسْبَقُ. . . إلَخْ) يُحِيلُ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ مُخْتَلِفًا حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ سَبْقُ التَّارِيخِ اهـ. ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَذُو الْيَدِ أَسْبَقُ) أَيْ فَيُقَدِّمُ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ وَإِنْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لِلْخَارِجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى تَقْدِيمِ ذِي الْوَقْتِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ الْآتِيَةُ
أَبِي حَنِيفَةَ فِي دَعْوَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ إذَا كَانَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوَّلًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ آخِرًا لَا عِبْرَةَ لَهُ بَلْ يُقْضَى لِلْخَارِجِ (ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِي غَابَ عَنِّي مُنْذُ شَهْرٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ لِي مُنْذُ سَنَةٍ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي) وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي تَارِيخَ غَيْبَةِ الْعَبْدِ عَنْ يَدِهِ لَا تَارِيخَ مِلْكِهِ فَكَانَ دَعْوَاهُ فِي الْمِلْكِ مُطْلَقًا خَالِيًا عَنْ التَّارِيخِ وَصَاحِبُ الْيَدِ ذَكَرَ التَّارِيخَ لَكِنَّ التَّارِيخَ حَالَةَ الِانْفِرَادِ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَكَانَ دَعْوَى صَاحِبِ الْيَدِ دَعْوَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ كَدَعْوَى الْخَارِجِ فَيُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ (بَرْهَنَا) أَيْ الْخَارِجَانِ (عَلَى مَا فِي يَدِ آخَرَ) يَعْنِي ادَّعَى اثْنَانِ عَيْنًا فِي يَدِ آخَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ (قُضِيَ بِهِ لَهُمَا) بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاقَةٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ فَقَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» .
(وَ) بَرْهَنَا (عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ آخَرَ (فَلِكُلٍّ نِصْفُهُ بِبَدَلِهِ أَوْ تَرْكُهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَقَامَا بَيِّنَةً بِلَا تَوْقِيتٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ دَعْوَاهُمَا فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَقْدِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَهُوَ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ قَدْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ رَغْبَتَهُ فِي تَمَلُّكِ الْكُلِّ فَلَمْ يَحْصُلْ فَيَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ كُلَّ الثَّمَنِ (وَبِتَرْكِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يَأْخُذْ الْآخَرُ كُلَّهُ) يَعْنِي إذَا قَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَا أَخْتَارُ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ فَانْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَالْعَقْدُ مَتَى انْفَسَخَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَعُودُ إلَّا بِتَجْدِيدِهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ نَاقِلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ (وَهُوَ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ شَخْصَانِ (لِلسَّابِقِ إنْ أَرَّخَا) أَيْ إنْ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَارِيخًا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الشِّرَاءَ فِي زَمَانٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ فَانْدَفَعَ الْآخَرُ (وَلِذِي يَدٍ إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا) أَيْ إنْ لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا لَكِنَّهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ قَبْضِهِ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ شِرَائِهِ وَتَحْقِيقُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْحَادِثَ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ مَا مَعَ الْبَعْدِ بَعْدِيَّةٌ زَمَانِيَّةٌ فَهُوَ بَعْدَ إذَا تَقَرَّرَتَا فَقَبْضُ الْقَابِضِ وَشِرَاءُ غَيْرِهِ حَادِثَانِ فَيُضَافَانِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ فَيُحْكَمُ بِثُبُوتِهِمَا فِي الْحَالِ وَقَبْضُ الْقَابِضِ مَبْنِيٌّ عَلَى شِرَائِهِ وَمُتَأَخِّرٌ عَنْهُ ظَاهِرًا فَكَانَ بَعْدَ شِرَائِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ شِرَاءُ غَيْرِ الْقَابِضِ بَعْدَ شِرَاءِ الْقَابِضِ فَكَانَ شِرَاؤُهُ أَقْدَمَ تَارِيخًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّارِيخَ الْمُقَدَّمَ أَوْلَى (أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعَى لِذِي يَدٍ إنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ التَّارِيخَ حَالَةَ الِانْفِرَادِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا مَرَّ فَيَبْقَى الْيَدُ الدَّالُّ عَلَى سَبْقِ الشِّرَاءِ كَمَا عَرَفْت (وَلِذِي وَقْتٍ إنْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعَ احْتِمَالِ الْآخَرِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِالشَّكِّ (بِلَا يَدٍ لَهُمَا) بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ ثَالِثٍ يَعْنِي إذَا ذَكَرَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَقْتًا فَذُو الْيَدِ أَوْلَى إذْ بِذِكْرِ الْوَقْتِ لَا يَزُولُ احْتِمَالُ سَبْقِ ذِي الْيَدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ بَرْهَنَا عَلَى مَا فِي يَدِ آخَرَ) يَعْنِي وَادَّعَيَا مُطْلَقَ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوَقِّتَا قُضِيَ بِهِ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ اسْتَوَيَا فِي الْوَقْتِ أَوْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ الْآخِرُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ تَوْقِيتَ أَحَدِهِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ مِلْكِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يَأْخُذْ الْآخَرُ كُلَّهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَأْخُذُهُ الْآخَرُ كُلَّهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ. . . إلَخْ) لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِشَيْءٍ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْعَقْدُ مَتَى انْفَسَخَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَعُودُ إلَّا بِتَجْدِيدٍ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ تَخْيِيرِ الْقَاضِي وَالْقَضَاءِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْكُلَّ وَالْحُجَّةُ قَامَتْ وَلَمْ يَنْفَسِخْ سَبَبُهُ وَزَالَ الْمَانِعُ وَهُوَ مُرَادُ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ حَيْثُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ بَاقٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) أَيْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَتَحْقِيقُهُ. . . إلَخْ)
قَالَهُ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لِلسَّابِقِ إنْ أَرَّخَا) أَيْ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ بَلْ وَقَّتَا أَوْ لَمْ يُوَقِّتَا كَانَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ شِرَاءُ غَيْرِ الْقَابِضِ بَعْدَ شِرَاءِ الْقَابِضِ) يَعْنِي بِهِ اللُّزُومَ الظَّاهِرِيَّ لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ الْآخَرُ شِرَاءَهُ قَبْلَ شِرَاءِ ذِي الْيَدِ يَكُونُ أَوْلَى لِانْقِطَاعِ الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا ذَكَرَ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ وَقْتًا فَذُو الْيَدِ أَوْلَى. . . إلَخْ) لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا يَدٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ تَعْلِيلَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنَّ مَا مَعَ الْبُعْدِ بُعْدِيَّةٌ زَمَانِيَّةٌ فَهُوَ بَعْدُ) كَلِمَةُ مَا هَاهُنَا عِبَارَةٌ عَنْ شِرَاءِ الْغَيْرِ وَالْبَعْدُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَبْضِ وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَ بَعْدَ اسْمًا بِلَا ظَرْفِيَّةٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَلَوْ قَالَ إنَّ مَا مَعَ الْمُتَأَخِّرِ تَأَخُّرًا زَمَانِيًّا فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ لَكَانَ أَحْسَنَ. اهـ.
لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ قَبْضِهِ يَدُلُّ عَلَى مَا سَبْقِ شِرَائِهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ الْخَارِجِ أَنَّ شِرَائِهِ قَبْلَ شِرَاءِ صَاحِبِ الْيَدِ إذْ يُنْتَقَضُ بِهَا الْيَدُ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ
(وَعَلَى نِكَاحٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى مَا فِي يَدِ آخَرَ يَعْنِي إنْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجَيْنِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ زَوْجَتُهُ (سَقَطَا) أَيْ الْبُرْهَانَانِ (إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ اسْتَوَى تَارِيخُهُمَا) لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ بِهِمَا إذْ النِّكَاحُ لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاكَ (فَهِيَ لِمَنْ صَدَّقَتْهُ) مِنْهُمَا لِأَنَّ النِّكَاحَ مِمَّا يُحْكَمُ بِهِ لِتَصَادُقِ الزَّوْجَيْنِ فَيَرْجِعُ إلَى تَصْدِيقِهِمَا فَيَجِبُ اعْتِبَارُ قَوْلِهِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا زَوْجُهَا (إلَّا أَنْ تَكُونَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (فِي بَيْتِ الْآخَرِ أَوْ دَخَلَ بِهَا) فَيَكُونُ هُوَ أَوْلَى وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ نَقْلِهَا أَوْ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ عَقْدِهِ (إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ الْآخَرُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ) فَيَكُونُ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي امْرَأَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَقْدَمُ كَانَ هُوَ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ اسْتَوَى تَارِيخُهُمَا فَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا قَبْضٌ كَالدُّخُولِ بِهَا أَوْ نَقْلِهَا إلَى مَنْزِلِهِ كَانَ هُوَ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُرْجَعْ إلَى تَصْدِيقِ الْمَرْأَةِ (وَإِنْ صَدَّقَتْ غَيْرَ ذِي بُرْهَانٍ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ كَانَ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْ أَحَدَ الْمُبَرْهِنَيْنِ وَإِنْ صَدَّقَتْ غَيْرَ ذِي بُرْهَانٍ (فَهِيَ لَهُ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِتَصَادُقِ الزَّوْجَيْنِ (وَإِنْ بَرْهَنَ الْآخَرُ قُضِيَ لَهُ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ التَّصَادُقِ (ثُمَّ لَا يُقْضَى لِغَيْرِهِ) إذْ لَا شَيْءَ أَقْوَى مِنْ الْبُرْهَانِ (إلَّا إذَا أَثْبَتَ سَبْقَهُ) لِأَنَّ الْبُرْهَانَ مَعَ التَّارِيخِ أَقْوَى مِنْ الْبُرْهَانِ بِدُونِهِ (كَمَا لَا يُقْضَى بِحُجَّةِ الْخَارِجِ عَلَى ذِي يَدٍ ظَاهِرِ النِّكَاحِ إلَّا بِإِثْبَاتِهِ) أَيْ إثْبَاتِ سَبْقِ نِكَاحِهِ عَلَى نِكَاحِ ذِي الْيَدِ.
(الشِّرَاءُ وَالْمَهْرُ أَوْلَى مِنْ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ مَعَ قَبْضٍ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شِرَاءً مِنْ شَخْصٍ وَادَّعَى الْآخَرُ هِبَةً وَقَبَضَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَا تَارِيخَ مَعَهَا كَانَ الشِّرَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمُثْبِتًا لِلْمِلْكِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ الْمِلْكُ لَهُمَا أَوْ كَانَ مَعَهُمَا تَارِيخٌ حَيْثُ لَا يَكُونُ الشِّرَاءُ فِيهِ أَوْلَى إذْ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمِلْكِ يَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا خَصْمًا عَنْ مُمَلِّكِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ وَهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَفِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْمُمَلِّكُ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ لِثُبُوتِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَإِنَّمَا يَحْتَاجَانِ إلَى إثْبَاتِ سَبَبِ الْمِلْكِ لِأَنْفُسِهِمَا وَفِيهِ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى وَفِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُمَا تَارِيخٌ وَالْمُمَلِّكُ لَهُمَا وَاحِدٌ كَانَ لِأَقْدَمِهِمَا تَارِيخًا لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُمَلِّكُ مُخْتَلَفًا حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ سَبْقُ التَّارِيخِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا الشِّرَاءُ وَالصَّدَقَةُ مَعَ الْقَبْضِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا كَوْنُ الْمَهْرِ أَوْلَى مِنْ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ مَعَ الْقَبْضِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَبْدًا مَثَلًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَقَبَضَ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ ذَا الْيَدِ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ وَقَبَضَتْهُ كَانَ الْمَهْرُ أَوْلَى لِأَنَّهُ كَالشِّرَاءِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُثْبِتُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ
(وَرَهْنٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ قَبْضٍ أَوْلَى مِنْ هِبَةٍ مَعَهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ كَوْنُ الْهِبَةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ وَالرَّهْنُ لَا يُثْبِتُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ وَبِحُكْمِ الْهِبَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَعَقْدُ الضَّمَانِ أَقْوَى لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ أَكْثَرُ إثْبَاتًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ بَيْعُ انْتِهَاءٍ وَالْبَيْعُ وَلَوْ بِوَجْهٍ أَقْوَى مِنْ الرَّهْنِ (بِرَهْنٍ خَارِجَانِ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْآخَرِ أَوْ دَخَلَ بِهَا) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ إذْ هُوَ فِي الْخَارِجَيْنِ وَهُنَا أَحَدُهُمَا ذُو يَدٍ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ بَرْهَنَ الْآخَرُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُقْضَى بِحَجَّةِ الْخَارِجِ عَلَى ذِي يَدٍ ظَاهِرِ النِّكَاحِ. . . إلَخْ) مَوْجُودٌ فِي النُّسَخِ بِصُورَةِ الْمَتْنِ وَلَعَلَّهُ شَرْحٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ
(قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ كَوْنُ الْهِبَةِ. . . إلَخْ)
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَتَكُونُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَقْوَى وَهَذَا أَيْ الْقِيَاسُ رِوَايَةُ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ
مُؤَرَّخٍ أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ غَيْرِ ذِي يَدٍ) احْتَرَزَ بِهَذَا عَمَّا إذَا بَرْهَنَا عَلَى مَا فِي يَدِ آخَرَ كَمَا مَرَّ (أَوْ) بَرْهَنَ (خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو يَدٍ عَلَى مِلْكٍ أَقْدَمَ) تَارِيخًا (فَالسَّابِقُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الْمَالِكِينَ فَلَا يُتَلَقَّى الْمِلْكُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَلَوْ) بَرْهَنَا (عَلَى شِرَاءٍ مُتَّفِقٍ تَارِيخُهُمَا مِنْ آخَرَ أَوْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (قَضَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِبَائِعِهِ وَمِلْكُ بَائِعِهِ مُطْلَقٌ وَلَا تَارِيخَ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا حَضَرَ الْبَائِعَانٍ فَادَّعَيَا الْمِلْكَ بِلَا تَارِيخٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ تَوْقِيتَ أَحَدِهِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَقْدَمَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يُتَلَقَّى إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهُ تَقَدَّمَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ
(بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى الْمِلْكِ وَذُو يَدٍ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ) بِأَنْ كَانَ عَبْدٌ مَثَلًا فِي يَدِ زَيْدٍ فَادَّعَاهُ بَكْرٌ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ (فَذُو الْيَدِ أَوْلَى) لِأَنَّ الْخَارِجَ إنْ كَانَ يُثْبِتُ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ فَذُو الْيَدِ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ وَلَا تَنَافِي فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ (كَذَا إنْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ وَنَحْوِهِ) وَهُوَ كُلُّ سَبَبٍ لِلْمِلْكِ لَا يَتَكَرَّرُ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ كَالنَّسْجِ فِي ثِيَابٍ لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً كَنَسِيجِ الثِّيَابِ الْقُطْنِيَّةِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ وَاِتِّخَاذِ الْجُبْنِ وَاللِّبَدِ وَالْمِرْعِزَّى وَجَزِّ الصُّوفِ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا يَتَكَرَّرُ لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مِثْلُ الْجَزِّ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَإِنْ أَشْكَلَ يُرْجَعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِهِ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قُضِيَ بِهِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِبَيِّنَةٍ هُوَ الْأَصْلُ وَالْعُدُولُ عَنْهُ بِحَدِيثِ النِّتَاجِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ يُرْجَعُ إلَى الْأَصْلِ (وَلَوْ) كَانَ النِّتَاجُ وَنَحْوُهُ (عِنْدَ بَائِعِهِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إذَا تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى سَبَبِ مِلْكٍ عِنْدَهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقَامَتِهَا عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ عِنْدَ نَفْسِهِ (فَذُو الْيَدِ أَوْلَى) مِنْ الْخَارِجِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ مِلْكِهِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْخَارِجِ إلَّا بِالتَّلَقِّي عَنْهُ (إلَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ عَلَيْهِ فِعْلًا) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْحَاصِلُ أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ إنَّمَا تَتَرَجَّحُ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ بِأَنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَادَّعَى الْخَارِجُ النِّتَاجَ أَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ مِلْكًا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ عَلَى ذِي الْيَدِ فِعْلًا نَحْوَ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ نَحْوِهَا فَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ فِعْلًا مَعَ ذَلِكَ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَإِنَّمَا قَالَ (فِي رِوَايَةٍ) لِمَا قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بَابِ دَعْوَى النِّتَاجِ مِنْ الْمَبْسُوطِ مَا يُخَالِفُ الْمَذْكُورَ فِي الذَّخِيرَةِ فَقَالَ دَابَّةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ آجَرَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ أَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ رَهَنَهَا إيَّاهُ وَذُو الْيَدِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ النِّتَاجِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْإِجَارَةَ أَوْ الْإِعَارَةَ وَالنِّتَاجُ أَسْبَقُ مِنْهُمَا فَيُقْضَى لِذِي الْيَدِ وَهَذَا خِلَافُ مَا نُقِلَ عَنْهُ (وَلَوْ) بَرْهَنَ (أَحَدُهُمَا) مِنْ الْخَارِجِ وَذُو الْيَدِ (عَلَى الْمِلْكِ) الْمُطْلَقِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ (فَذُو النِّتَاجِ أَوْلَى) لِأَنَّ بُرْهَانَهُ قَامَ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ.
(بَرْهَنَ كُلٌّ) مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ (عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ كَذَا إنْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ) أَيْ يَكُونُ الْقَضَاءُ بِهَا لِذِي الْيَدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ مِنْ تَهَاتُرِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَكُونُ لِذِي الْيَدِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَالْمِرْعِزَّى) إذَا شَدَدْت الزَّايَ قَصَرْت وَإِذَا خَفَّفْت مَدَدْت وَالْمِيمُ وَالْعَيْنُ مَكْسُورَتَانِ وَقَدْ يُقَالُ مَرْعِزَاءُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مُخَفَّفًا مَمْدُودًا وَهِيَ كَالصُّوفِ تَحْتَ شَعْرِ الْعَنَزِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ قَالَهُ قَاضِي زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ وَنَحْوُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ادِّعَاءِ ذِي الْيَدِ النِّتَاجَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِهِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْخَارِجِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ) أَيْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ مِلْكِهِ فَلَا تَثْبُتُ لِلْخَارِجِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ يَعْنِي وَلَمْ يَثْبُتْ تَلَقِّيه وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْأَوَّلِيَّةِ بِادِّعَاءِ النِّتَاجِ وَتَرَجَّحَ ذُو الْيَدِ بِاسْتِيلَائِهِ لَا بِبَيِّنَتِهِ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّابَّةِ لِذِي الْيَدِ مَعَ إقَامَةِ كُلٍّ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَهَا» اهـ.
وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ فِي رِوَايَةٍ. . . إلَخْ) عَلَى هَذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي قَوْلٍ لَا رِوَايَة
(قَوْلُهُ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْآخَرِ. . . إلَخْ) تَهَاتُرُ الْبَيِّنَتَيْنِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ سَوَاءٌ شَهِدُوا بِالْقَبْضِ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوا
الْآخَرِ) أَيْ صَاحِبِهِ (بِلَا وَقْتٍ سَقَطَا وَتُرِكَ فِي يَدِهِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْضَى بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَيَكُونُ لِلْخَارِجِ لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِمَا بِأَنْ يُجْعَلَ ذُو الْيَدِ كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْآخَرِ وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَ لِأَنَّ الْقَبْضَ دَلِيلُ الشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُعْكَسُ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَقَارِ وَلَهُمَا أَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الشِّرَاءِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْمِلْكِ لَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا قَامَتَا عَلَى إقْرَارَيْنِ وَفِيهِ التَّهَاتُرُ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا هُنَا وَإِنْ وُقِّتَ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَقَارِ وَلَمْ تُثْبِتَا قَبْضًا وَوَقْتُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ يُقْضَى لِذِي الْيَدِ عِنْدَهُمَا فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْخَارِجَ اشْتَرَى أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ذِي الْيَدِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْعَقَارِ عِنْدَهُمَا.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِلْخَارِجِ إذْ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ أَثْبَتَتَا قَبْضًا قُضِيَ لِذِي الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ لِكَوْنِ الْبَيْعَيْنِ جَائِزَيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ وَقْتُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقَ قُضِيَ لِلْخَارِجِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ ذَا الْيَدِ اشْتَرَى وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ أَوْ سَلَّمَ ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَلَمْ يُرَجِّحْ بِكَثْرَةِ الشُّهُودِ وَالْأَعْدَلِيَّةِ) يَعْنِي إذَا أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً مَثَلًا أَوْ أَحَدُهُمَا عَدْلَيْنِ وَالْآخَرُ أَعْدَلَيْنِ فَهُمَا سَوَاءٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَقَعُ بِكَثْرَةِ الْعِلَلِ حَتَّى لَا يَتَرَجَّحَ الْقِيَاسُ بِقِيَاسٍ آخَرَ وَكَذَا الْحَدِيثُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّاهِدِ أَصْلُ الْعَدَالَةِ وَلَا حَدَّ لِلْأَعْدَلِيَّةِ فَلَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِهَا.
(ادَّعَى أَحَدُ خَارِجَيْنِ نِصْفَ دَارٍ وَالْآخَرُ كُلَّهَا) يَعْنِي إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا كُلَّهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا (وَبَرْهَنَا فَالرُّبُعُ لِلْأَوَّلِ وَالْبَاقِي) وَهُوَ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ (لِلثَّانِيَّ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ لَا يُنَازِعُ الْآخَرَ فِي النِّصْفِ فَسَلِمَ لَهُ وَصَارَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُمَا هِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَمُدَّعِي الْجَمِيعِ يَأْخُذُ سَهْمَيْنِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمًا وَاحِدًا فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الدَّارُ (مَعَهُمَا) أَيْ فِي أَيْدِيهِمَا (فَهِيَ لِلثَّانِي) وَهُوَ مُدَّعِي الْكُلَّ لِأَنَّهُ إذَا بَرْهَنَ كَانَ نِصْفُهَا لَهُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِيَدِ صَاحِبِهِ إذَا اجْتَمَعَ فِيهِ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فَقُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَدَّعِهِ وَلَا قَضَاءَ بِلَا دَعْوَى فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ.
(بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ دَابَّةٍ) أَيْ تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي يَدَيْهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ ذِكْرُهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَأَرَّخَا قُضِيَ لِمَنْ وَافَقَ سِنَّهَا وَقْتُهُ) بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ (وَإِنْ أَشْكَلَ) أَيْ سِنُّ الدَّابَّةِ بِأَنْ لَمْ يُوَافِقْ التَّارِيخَيْنِ (فَلَهُمَا) أَيْ قُضِيَ لَهُمَا بِهَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) بِأَنْ كَانَا خَارِجَيْنِ وَالدَّابَّةُ فِي يَدِ ثَالِثٍ أَوْ فِي يَدَيْهِمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا (فَلَهُ) أَيْ قُضِيَ بِهَا لِذِي الْيَدِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَمَّا أَشْكَلَ سَقَطَ التَّارِيخَانِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُؤَرِّخَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَإِنْ خَالَفَ) أَيْ سِنُّهَا (الْوَقْتَيْنِ) بَطَلَتْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْضَى بِالْبَيِّنَتَيْنِ) يَعْنِي إنْ ذَكَرُوا الْقَبْضَ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُجْعَلَ ذُو الْيَدِ كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْآخَرِ وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَ) يَعْنِي مِنْ الْآخَرِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْقَبْضَ دَلِيلُ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ الْإِقْدَامَ) عِبَارَةُ الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ أَنَّ الْإِقْرَارَ (قَوْلُهُ فَصَارَ كَمَا إذَا قَامَتَا عَلَى إقْرَارَيْنِ) أَيْ إقْرَارِ كُلٍّ بِمِلْكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ التَّهَاتُرُ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ ادَّعَى أَحَدُ خَارِجَيْنِ نِصْفَ دَارٍ. . . إلَخْ. . . إلَخْ) الْخِلَافُ بِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ أَوْ الْعَوْلِ وَذَلِكَ فِي التَّبْيِينِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ
(قَوْلُهُ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ) يَعْنِي ظُهُورَ الصِّدْقِ لِمُوَافَقَةِ تَارِيخِهِ سِنَّهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ) أَيْ وَسِنُّهَا مُشْكِلٌ كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ سِنُّهَا بَيْنَ وَقْتِ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَتُتْرَكُ الدَّابَّةُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ أَيْ سِنُّ الدَّابَّةِ بِأَنْ لَمْ يُوَافِقْ التَّارِيخَيْنِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَفْسِيرُ الْإِشْكَالِ بِهِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ سِنِّهَا أَوْ اشْتِبَاهِهِ بِكُلٍّ مِنْ التَّارِيخَيْنِ لِأَنَّ الْإِشْكَالَ عَدَمُ الْخُلُوصِ وَعَدَمُ مُوَافَقَةِ سِنِّهَا لِلتَّارِيخَيْنِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ مَعْلُومًا وَهُوَ غَيْرُهُمَا فَهُوَ غَيْرُ مُشْكِلٍ (قَوْلُهُ فَلَهُمَا) كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافِ وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ اخْتَلَفَا يُحَكَّمُ سِنُّ الدَّابَّةِ إنْ عُلِمَ وَإِنْ أَشْكَلَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا وَقْتًا وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بَيْنَهُمَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ السِّنَّ الْمُشْكِلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِوَقْتِ هَذَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِوَقْتِ ذَاكَ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْوَقْتِ وَصَارَ كَأَنَّهُمَا سَكَتَا عَنْ الْوَقْتِ أَصْلًا وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وُقُوعَ الْإِشْكَالِ فِي السِّنِّ يُوجِبُ سُقُوطَ اعْتِبَارِ حُكْمِ السِّنِّ فَبَطَلَ تَحْكِيمُهُ فَبَقِيَ الْحُكْمُ لِلْوَقْتِ فَالْأَسْبَقُ أَوْلَى وَهَذَا يُشْكِلُ بِالْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ أَيْ سِنُّهَا الْوَقْتَيْنِ بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ. . . إلَخْ) مُحَصِّلُهُ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فَإِنَّ بُطْلَانَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَرْكَهَا بِيَدِ ذِي الْيَدِ قَالَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَوَجْهُهُ أَنَّ سِنَّ الدَّابَّةِ
الْبَيِّنَتَانِ لِظُهُورِ كَذِبِ الْفَرِيقَيْنِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بَلْ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَا خَارِجَيْنِ أَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْوَقْتِ لِحَقِّهِمَا وَحَقُّهُمَا هُنَا فِي إسْقَاطِ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ إسْقَاطَ حَقِّهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا ذَكَرَا النِّتَاجَ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَفِيهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَلَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَمَا إذَا أَشْكَلَ فِي مُوَافَقَةِ سِنِّهَا أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رحمه الله وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلِهَذَا قُلْتُ (كَانَتْ لَهُمَا) يَشْتَرِكَانِ فِيهَا (يُقْضَى بِهَا لَوْ) كَانَ الْمُدَّعِيَانِ (خَارِجَيْنِ أَوْ ذَوِي يَدٍ وَلَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا كَانَتْ لَهُ) لِمَا ذُكِرَ
(بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى غَصْبِ شَيْءٍ وَالْآخَرُ عَلَى إيدَاعِهِ نُصِّفَ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فَبَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ غَصْبًا بِالْجُحُودِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْوِفَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَالَفَ بِالْفِعْلِ بِلَا جُحُودٍ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ (ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كَانَ مِلْكَهُ تُقْبَلُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ كَانَ مِلْكَهُ تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَالْمَاضِي وَمَا ثَبَتَ فِي زَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ.
(الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ وَالْكُمِّ) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا أَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ كَانَ الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى مِنْ الْمُتَعَلِّقِ بِاللِّجَامِ وَالْكُمِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا أَظْهَرُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمِلْكِ فَكَانَا صَاحِبَيْ يَدٍ وَالْمُتَعَلِّقُ خَارِجٌ وَذُو الْيَدِ أَوْلَى وَأَمَّا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِمَا مَرَّ مِرَارًا (وَمِنْ فِي السَّرْجِ) أَوْلَى (مِنْ رَدِيفِهِ) لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ عَلَى السَّرْجِ حَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ تَعَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِذَنَبِهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ لِلِجَامِهَا كَانَ لِلْمُمْسِكِ إذْ لَا يَمْسِكُ اللِّجَامَ غَالِبًا إلَّا الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِالذَّنَبِ. (وَذُو حِمْلِهَا أَوْلَى مِنْ مُتَعَلِّقٍ كُوزِهِ) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ كُوزٌ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَصَرُّفًا فِيهَا (وَيُنَصَّفُ الْبِسَاطُ بَيْنَ جَالِسِهِ وَالْمُتَعَلِّقِ بِهِ) بِحُكْمِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا لَا بِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ بَلْ الْيَدُ تَكُونُ بِكَوْنِهِ فِي بَيْتِهِ أَوْ نَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ حَيْثُ يَكُونُ بِهِمَا غَاصِبًا لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا بِالْقُعُودِ عَلَى الْبِسَاطِ (كَمَنْ مَعَهُ) أَيْ فِي يَدِهِ (ثَوْبٌ وَطَرَفُهُ مَعَ الْآخَرِ) حَيْثُ يُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ يَدَ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَدُ أَحَدِهِمَا فِي الْأَكْثَرِ وَلَا يُرَجَّحُ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِالْأَكْثَرِيَّةِ (لَا هُدْبَتُهُ) أَيْ لَا يَكُونُ هُدْبَتُهُ مَعَ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَعَهُ لَا يُوجِبُ التَّنْصِيفَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِثَوْبٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوجَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٍ مِنْ الثَّوْبِ فَلَا يُزَاحِمُ الْآخَرَ (بِخِلَافِ جَالِسَيْ دَارٍ إذَا تَنَازَعَا فِيهَا) حَيْثُ لَا يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
إذَا خَالَفَ الْوَقْتَيْنِ فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِكَذِبِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْتُحِقَتَا بِالْعَدَمِ فَتُرِكَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ كَمَا كَانَ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصَحُّ عَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيِّنَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ يَجِبُ أَنْ يُزَادَ فَيُقَالُ فَإِنْ كَانَ سِنُّهَا مُخَالِفَ الْوَقْتَيْنِ كَانَتْ مُشْكِلَةً وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ اهـ.
وَلَكِنْ عَلَيْهِ تَبْقَى صُورَةُ مُخَالَفَةِ الْوَقْتَيْنِ ضَائِعَةً إذَا لَمْ يَشْتَبِهْ السِّنُّ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ أَوَّلَهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَشْيِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَرَّحَ آخِرُهُ بِخِلَافٍ مَشْيًا عَلَى مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْعِبَارَةَ هَكَذَا وَإِنْ خَالَفَ سِنُّهَا الْوَقْتَيْنِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ إلَى أَنْ يَقُولَ وَلِهَذَا قُلْتُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهَا. . . إلَخْ
(قَوْلُهُ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْحَالِ) لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
(قَوْلُهُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى) قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فَيُقْضَى لَهُ قَضَاءَ تَرْكٍ لَا اسْتِحْقَاقٍ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْضَى لَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ فِي السَّرْجِ أَوْلَى مِنْ رَدِيفِهِ) نَقَلَ النَّاطِفِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ فِي السَّرْجِ فَإِنَّهَا بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاكُهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَرَّجَةً (قَوْلُهُ وَذُو حَمْلِهَا أَوْلَى مِنْ مُعَلِّقٍ كُوزَهُ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ بَعْضُ حَمْلِهَا إذْ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَنٌّ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ مَنٍّ كَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ جَالِسِي دَارٍ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ ادَّعَيَا دَارًا وَأَحَدُهُمَا سَاكِنٌ فِيهِمَا فَهِيَ لِلسَّاكِنِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَحْدَثَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ حَفْرٍ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ وَالْحَفْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا