المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كَانَ فِي الْمَاضِي لِشَيْءٍ قَدْ فَعَلَهُ فَهُوَ الْغَمُوسُ وَلَا يَكْفُرُ - درر الحكام شرح غرر الأحكام - جـ ٢

[منلا خسرو]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابٌ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِتَابَة]

- ‌(فَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ)

- ‌(بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَب وَعَجْزِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْوَلَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

- ‌[أَنْوَاع الْيَمِين]

- ‌ حُرُوفُ الْقَسَمِ

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(بَابٌ حَلِفُ الْفِعْلِ)

- ‌(بَابُ حَلِفِ الْقَوْلِ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ حَدّ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ الْوَطْءُ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ]

- ‌(بَابٌ شَهَادَةُ الزِّنَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(التَّعْزِيرُ

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌[فَصْلٌ عُقُوبَة السَّارِق]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌ شُرْبُ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ وَالِامْتِشَاطُ بِهِ)

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[أَقْسَام الْقَتْلُ]

- ‌ شَرْطُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ)

- ‌[مَسَائِلِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ]

- ‌[مَسَائِلِ اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة وَأَجْنَاسهَا]

- ‌[الدِّيَة فِي شَبَه الْعَمْد]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[الدِّيَة فِي الْقَتْل الْخَطَأ]

- ‌[فَصْل الْقَوَدَ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ ضَرْب بَطْنِ امْرَأَةٍ حُرَّة فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا]

- ‌(بَابُ مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْل دِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إقْرَار الْمُدَبَّر وَأُمُّ الْوَلَد بِجِنَايَةِ خَطَأ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ))

- ‌[الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَفْقُودِ)

- ‌(كِتَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(كِتَابُ اللُّقَطَةُ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌(وَقْفُ الْعَقَارِ

- ‌[الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[فَصْلٌ بَعْض الْأُصُول فِي الْبَيْعِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]

- ‌[حُكْمُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]

- ‌[الْبَيْعِ الْفَاسِد]

- ‌[بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ]

- ‌ بَيْعُ (الْحَمْلِ)

- ‌[بَيْعُ لَبَنٍ فِي ضَرْع]

- ‌[بَيْع الْمَضَامِين]

- ‌[بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع شعر الْخِنْزِير]

- ‌[الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌بَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي)

- ‌(الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ)

- ‌ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[تَلَقِّي الْجَلَبِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[بَيْعِ الْكَيْلِيِّ بِالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِالْوَزْنِيِّ مُتَفَاضِلًا]

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا

- ‌[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[أَنْوَاع الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[شَرَائِط السَّلَم]

- ‌ بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ)

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌(تَذْنِيبٌ)لِكِتَابِ الْبَيْعِ

- ‌(بَيْعُ الْوَفَاءِ

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابٌ مَا تَكُونُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

- ‌[الْحِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ بِهِ الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة]

- ‌[مَوَانِعَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَوْلِدَهَا]

- ‌(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِجَارَة]

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌[مَا يفسد الْإِجَارَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَجِير] [

- ‌أَنْوَاع الْأَجِير]

- ‌[بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[إعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌(بَابُ مَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ

- ‌[بَابُ الرَّهْنُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ وَالْجِنَايَةِ فِي الرَّهْنِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ بِعَشَرَةٍ فَتَخَمَّرَ وَتَخَلَّلَ وَهُوَ يُسَاوِيهَا]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[فَصْلٌ غَيَّبَ الْغَاصِبُ مَا غَصَبَهُ]

- ‌(كِتَابُ الْإِكْرَاهِ)

- ‌[أَنْوَاع الْإِكْرَاه]

- ‌[شُرُوط الْإِكْرَاه]

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌[فَصْلٌ علامات الْبُلُوغ]

- ‌(كِتَابُ الْمَأْذُونِ)

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ الْأُذُن]

- ‌(كِتَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌فَصْلٌ (لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَوَالَةِ]

- ‌[الْحَوَالَةُ بِالدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَبِالدَّيْنِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

- ‌[أَرْكَان الْمُضَارَبَة]

- ‌[شُرُوط الْمُضَارَبَة]

- ‌[بَابُ الْمُضَارَبُ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة وَشُرُوطهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌[أَرْكَان الْمُزَارَعَة]

- ‌[مُبْطِلَات الْمُزَارَعَة]

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[شُرُوط الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَرْكَان الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا وَمَنْ لَا يَكُونُ]

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌(فَصْلٌ)(الِاسْتِشْرَاءُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالِاسْتِئْجَارُ)

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْرَار]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)

- ‌(فَصْل)(حُرَّةٌ أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ فَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[شُرُوط الشَّهَادَة]

- ‌[أَرْكَان الشَّهَادَة]

- ‌[نصاب الشَّهَادَة]

- ‌[بَابُ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الشَّهَادَات]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[أَرْكَان الصُّلْح]

- ‌[شُرُوط الصُّلْح]

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ

- ‌[مَا تَقْضِي فِيهِ الْمَرْأَة]

- ‌ بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ]

- ‌[بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْقَضَاء]

- ‌[بَيَانِ الْمَحْضَرِ وَمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[سَبَبُ الْقِسْمَة]

- ‌[أَنْوَاع الْقِسْمَةُ]

- ‌ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ

- ‌[أَحْكَام الْمُهَايَأَة]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ]

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ)

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ)

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى، وَالثَّمَرَةِ)

- ‌[فَصْلٌ وَصَايَا الذِّمِّيِّ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: كَانَ فِي الْمَاضِي لِشَيْءٍ قَدْ فَعَلَهُ فَهُوَ الْغَمُوسُ وَلَا يَكْفُرُ

كَانَ فِي الْمَاضِي لِشَيْءٍ قَدْ فَعَلَهُ فَهُوَ الْغَمُوسُ وَلَا يَكْفُرُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارًا لِلْمَاضِي بِالْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَحْقِيقَهُ بَلْ أَنْ يَصْدُقَ فِي مَقَالَتِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْكُفْرَ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ، وَالتَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ كَافِرٌ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْحَالِفَ (لَمْ يَكْفُرْ) فِي الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلِ (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمِينٌ وَكَفَرَ إنْ) كَانَ جَاهِلًا (اعْتَقَدَ أَنَّهُ كُفْرٌ) فِي الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ (وسوكند ميخورم بخداي فَقَسَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْحَالِ (لَاحِقًا) ؛ لِأَنَّ الْمُنَكَّرَ يُرَادُ بِهِ تَحْقِيقُ الْوَعْدِ وَمَعْنَاهُ أَفْعَلُ هَذَا لَا مَحَالَةَ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: وَالْحَقِّ يَكُونُ يَمِينًا.

(وَ) لَا (حَقِّ اللَّهِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إذَا أُضِيفَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يُرَادُ بِهِ طَاعَةُ اللَّهِ إذْ الطَّاعَاتُ حُقُوقُهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَيَكُونُ يَمِينًا بِغَيْرِ اللَّهِ.

(وَ) لَا (حُرْمَتِهِ) إذْ لَا يُحْلَفُ بِهَا عُرْفًا (وسوكند خورم بخداي) قِيلَ لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ (أَوْ) يَقُولُ سوكند خورم (بِطَلَاقِ زن) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ يَمِينًا لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَقَوْلُهُ أَوْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَفْظَةَ يَا الْفَارِسِيَّةَ الْوَاقِعَةَ فِي عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ مَكَانَ أَوْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَتَدَبَّرْ.

(وَإِنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ غَضَبُهُ أَوْ سَخَطُهُ أَوْ لَعْنَتُهُ أَوْ فَأَنَا زَانٍ أَوْ سَارِقٌ أَوْ شَارِبٌ خَمْرًا أَوْ آكِلٌ رِبًا فَإِنَّ كُلًّا) مِنْهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ.

(وَحُرُوفُهُ) أَيْ‌

‌ حُرُوفُ الْقَسَمِ

(الْوَاوُ) نَحْوَ وَاَللَّهِ (وَالْبَاءُ) نَحْوَ بِاَللَّهِ (وَالتَّاءُ) نَحْوَ تَاللَّهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعْهُودٌ فِي الْأَيْمَانِ وَمَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ.

(وَ) قَدْ (تُضْمَرُ) الْحُرُوفُ فَيَكُونُ حَالِفًا (كَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ) فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ لِلْإِيجَازِ ثُمَّ قِيلَ يُنْصَبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَقِيلَ يُخْفَضُ لِيَدُلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ.

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مُوجِبِ الْيَمِينِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مُوجَبِهَا وَهُوَ الْكَفَّارَةُ لَكِنَّهَا مُوجَبُهَا عِنْدَ الِانْقِلَابِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تُشْرَعْ لِلْكَفَّارَةِ بَلْ تَنْقَلِبُ إلَيْهَا عِنْدَ الِانْتِقَاضِ بِالْحِنْثِ، فَقَالَ (وَكَفَّارَتُهُ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ أَوْ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كَمَا هُمَا فِي الظِّهَارِ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُمَا ثَمَّةَ (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) بِحَيْثُ يَكُونُ (لِكُلٍّ) مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ (ثَوْبٌ يَسْتُرُ عَامَّةَ بَدَنِهِ فَلَمْ يَجُزْ السَّرَاوِيلُ) ؛ لِأَنَّ لَابِسَهُ يُسَمَّى عُرْيَانًا فِي الْعُرْفِ (هُوَ الصَّحِيحُ) الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَدْنَاهَا مَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَيْ وَقْتَ إرَادَةِ الْأَدَاءِ (صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَاءً)، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89]

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لِلْحَالِ) قَالَ الْكَمَالُ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَحْلِفُ الْآنَ بِاَللَّهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا حَقًّا) يُشِيرُ إلَى رَدِّ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ إسْمَاعِيل الزَّاهِدِ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ يَمِينٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمِينٌ إنْ أَرَادَ بِهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ، وَالْحَقُّ يَكُونُ يَمِينًا) قَدَّمَهُ مَتْنًا (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ يَمِينًا بِغَيْرِ اللَّهِ) أَيْ فَلَا يَنْعَقِدُ.

[حُرُوفُ الْقَسَمِ]

(قَوْلُهُ: وَحُرُوفُهُ الْوَاوُ) قَالَ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالُوا الْبَاءُ هِيَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهَا صِلَةُ الْحَلِفِ ثُمَّ الْوَاوُ بَدَلٌ مِنْهَا لِمُنَاسَبَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ وَهِيَ مَا فِي الْإِلْصَاقِ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْوَاوِ فَلِكَوْنِهَا بَدَلًا انْحَطَّتْ عَنْهَا بِدَرَجَةٍ فَدَخَلَتْ عَلَى الْمُظْهَرِ لَا الْمُضْمَرِ، وَالتَّاءُ بَدَلٌ عَنْ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيلَ يُنْصَبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ) أَيْ يُنْصَبُ الِاسْمُ، وَهُوَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا وَقِيلَ يُخْفَضُ وَهُوَ قَلِيلٌ شَاذٌّ فِي غَيْرِ الْقَسَمِ وَحُكِيَ الرَّفْعُ أَيْضًا نَحْوَ: اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ عَلَى إضْمَارِ مُبْتَدَأٍ أَوْ خَبَرٍ وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاسْمَ الْكَرِيمَ أَعْرَفُ الْمَعَارِفِ فَهُوَ أَوْلَى بِكَوْنِهِ مُبْتَدَأً، وَالتَّقْدِيرُ اللَّهُ قَسَمِي أَوْ قَسَمِي اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ، كَذَا فِي الْبُرْهَانِ، وَالْفَتْحِ.

[كَفَّارَة الْيَمِين]

(قَوْلُهُ: لِكُلٍّ ثَوْبٌ يَسْتُرُ عَامَّةَ بَدَنِهِ) هُوَ اللَّازِمُ، وَالْأَفْضَلُ كِسْوَةُ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: هَذَا إذَا دَفَعَ إلَى الرَّجُلِ أَمَّا إذَا دَفَعَ إلَى الْمَرْأَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ خِمَارٍ مَعَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهَا لَا تَصِحُّ دُونَهُ قَالَ الْكَمَالُ: وَهَذَا يُشَابِهُ الرِّوَايَةَ الَّتِي عَنْ مُحَمَّدٍ فِي دَفْعِ السَّرَاوِيلِ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ لَا يَكْفِي، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْجَوَابِ وَإِنَّمَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ مَا يَثْبُتُ بِهِ اسْمُ الْمُكْتَسِي وَيَنْتَفِي عَنْهُ اسْمُ الْعُرْيَانِ وَعَلَيْهِ بُنِيَ عَدَمُ إجْزَاءِ السَّرَاوِيلِ لَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا فَإِنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَمْرِ بِالْكِسْوَةِ إذْ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا جَعْلُ الْفَقِيرِ مُكْتَسِيًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ لَابِسَةً قَمِيصًا سَابِلًا وَإِزَارًا وَخِمَارًا عَلَى رَأْسِهَا وَأُذُنَيْهَا دُونَ عُنُقِهَا لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ اسْمِ أَنَّهَا مُكْتَسِيَةٌ لَا عُرْيَانَةٌ وَمَعَ هَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا فَالْعِبْرَةُ لِثُبُوتِ ذَلِكَ الِاسْمِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ أَوْ لَا اهـ.

وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا يُغَطِّي رَأْسَ الرَّجُلِ نَصًّا (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَجُزْ السَّرَاوِيلُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَكِنْ مَا لَا يَجْزِيهِ عَنْ الْكِسْوَةِ يَجْزِيهِ عَنْ الطَّعَامِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا) شَرَطَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ لَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ إلَّا مِمَّنْ عَجَزَ عَمَّا سِوَى الصَّوْمِ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ يَمْلِكُ مَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ أَوْ يَمْلِكُ بَدَلَهُ فَوْقَ الْكَفَافِ، وَالْكَفَافُ مَنْزِلٌ يَسْكُنُهُ وَثَوْبٌ يَلْبَسُهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَقُوتُ يَوْمِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ يَحْتَاجُ لِخِدْمَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقْتَ الْأَدَاءِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى عِنْدَنَا عِنْدَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ وَقْتُ الْوُجُوبِ حَتَّى تَنَصَّفَ بِالرِّقِّ، كَمَا فِي الْفَتْحِ

ص: 41

الْآيَةَ (وَلَمْ يُكَفَّرْ قَبْلَ حِنْثٍ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا بَعْدَ السَّبَبِ وَهُوَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَى الْيَمِينِ يُقَالُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَالْإِضَافَةُ دَلِيلُ السَّبَبِيَّةِ، وَالْأَدَاءُ بَعْدَ السَّبَبِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا فَأَشْبَهَ التَّكْفِيرَ بَعْدَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَسْتُرُ الْجِنَايَةَ وَلَا جِنَايَةَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِهَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحِنْثِ فَيَكُونُ هُوَ السَّبَبُ دُونَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرْتَبَةِ السَّبَبِ أَنْ يَكُونَ مُفْضِيًا إلَى الْحُكْمِ، وَالْيَمِينُ غَيْرُ مُفْضِيَةٍ إلَى الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بَعْدَ نَقْضِهَا بِالْحِنْثِ وَإِنَّمَا أُضِيفَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِحِنْثٍ بَعْدَ الْيَمِينِ كَمَا تُضَافُ الْكَفَّارَةُ إلَى الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّهُ مُفْضٍ إلَى الْمَوْتِ.

(حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَعَدَمِ الْكَلَامِ مَعَ أَبِيهِ) وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ (حَنِثَ وَكَفَّرَ) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ثُمَّ لْيُكَفِّرْ لِيَمِينِهِ» (لَا كَفَّارَةَ فِي حِنْثِ كَافِرٍ وَإِنْ حَنِثَ مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْكُفْرُ يُنَافِي التَّعْظِيمَ وَلَا أَهْلًا لِلْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَإِنْ تَبِعَهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ.

(مَنْ حَرَّمَ مِلْكَهُ لَا يَحْرُمُ) أَيْ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا يَمْلِكُهُ لَمْ يَصِرْ حَرَامًا عَلَيْهِ (وَإِنْ اسْتَبَاحَهُ) أَيْ عَامَلَهُ مُعَامَلَةَ الْمُبَاحِ (كَفَّرَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا فِي النِّسَاءِ وَالْجَوَارِي؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ قَلْبُ الْمَشْرُوعِ، وَالْيَمِينُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ فَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظٍ هُوَ قَلْبُ الْمَشْرُوعِ كَعَكْسِهِ وَهُوَ تَحْلِيلُ الْحَرَامِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إلَى قَوْله تَعَالَى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] ثُمَّ قِيلَ حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَسَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَقِيلَ حَرَّمَ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَالتَّمَسُّكُ عَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَكَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ.

(كُلُّ حِلٍّ) أَيْ إذَا قَالَ الرَّجُلُ: كُلُّ حِلٍّ (عَلَيَّ حَرَامٌ) يُحْمَلُ (عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ عَقِيبَ فَرَاغِهِ لِمُبَاشَرَتِهِ فِعْلًا مُبَاحًا وَهُوَ التَّنَفُّسُ أَوْ نَحْوُهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ زُفَرُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الْبِرُّ لَا يَحْصُلُ مَعَ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ يُصْرَفُ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِلْعُرْفِ (وَالْفَتْوَى عَلَى بَيْنُونَةِ امْرَأَتِهِ بِلَا نِيَّةٍ) لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَلَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَسْتُرُ الْجِنَايَةَ وَلَا جِنَايَةَ هَا هُنَا) أَيْ فِيمَا قَبْلَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْجِنَايَةَ تَحْصُلُ بِهَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحِنْثِ كَوْنُ الْحِنْثِ جِنَايَةً مُطْلَقًا لَيْسَ وَاقِعًا إذْ قَدْ يَكُونُ فَرْضًا وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ إحْلَافِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِسَبَبِ الْحِنْثِ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ مَعْصِيَةٌ أَوْ لَا، وَالْمُرَادُ تَوْقِيرُ مَا يَجِبُ لِاسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ السَّبَبَ الْحِنْثُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُضِيفَ إلَيْهَا. . . إلَخْ) إضَافَةُ الْكَفَّارَةِ إلَى الْيَمِينِ إضَافَةٌ إلَى الشَّرْطِ مَجَازًا، كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَنْوَاعٌ مِنْهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْحِنْثُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ الْحِنْثُ أَفْضَلَ كَالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ نَحْوَ شَهْرٍ، وَالْحَلِفِ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ وَهُوَ يَسْتَأْهِلُ ذَلِكَ أَوْ لَيَشْكُوَنَّ مَدْيُونَهُ إنْ لَمْ يُوَافِهِ غَدًا؛ لِأَنَّ الرِّفْقَ أَيْمَنُ، وَالْعَفْوَ أَفْضَلُ وَكَذَا تَيْسِيرُ الْمُطَالَبَةِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ الْبِرُّ أَوْلَى كَالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ هَذَا الْخُبْزِ، وَلُبْسِ هَذَا الثَّوْبِ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي تَأْوِيلِهَا أَنَّ الْبِرَّ فِيهَا أَمْكَنَ اهـ

كَذَا فِي الْفَتْحِ وَبَقِيَ قِسْمٌ رَابِعٌ وَهُوَ مَا يَكُونُ الْبِرُّ فِيهِ فَرْضًا كَحَلِفِهِ لَيُصَلِّيَنَّ ظُهْرَ الْيَوْمِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى كَافِرٍ) كَذَا لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ حَلِفِهِ ثُمَّ حَنِثَ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَأَمَّا تَحْلِيفُ الْقَاضِي وَنَحْوُهُ فَالْمُرَادُ بِهِ صُورَةُ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا رَجَاءُ النُّكُولِ فَإِنَّ الْكَافِرَ يَعْتَقِدُ فِي نَفْسِهِ تَعْظِيمَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ حَرَّمَ مِلْكَهُ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ شَيْءٌ مَا مِنْ الْأَشْيَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ غَيْرَهُ لِيَشْمَلَ الْأَعْيَانَ وَالْأَفْعَالَ وَمَا كَانَ حَلَالًا وَمَا كَانَ حَرَامًا كَقَوْلِهِ: كَلَامُك عَلَيَّ حَرَامٌ وَقَوْلِهَا لِزَوْجِهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك فَجَامَعَهَا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً حَنِثَ وَدُخُولُ مَنْزِلِك عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَبَرَ بَلْ أَرَادَ الْيَمِينَ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ حُرْمَتَهُ مُعَلَّقَةً عَلَى فِعْلِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت هَذَا الطَّعَامَ فَهُوَ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ، كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ:، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ. . . إلَخْ) قَالَ الْبَزْدَوِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ: هَكَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَلَمْ يَتَّضِحْ لِي عُرْفُ النَّاسِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا امْرَأَةَ لَهُ يَحْلِفُ بِهِ كَمَا يَحْلِفُ ذُو الْحَلِيلَةِ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَفِيضًا فِي ذَلِكَ لَمَا اسْتَعْمَلَهُ إلَّا ذُو الْحَلِيلَةِ فَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَيَّدَ الْجَوَابُ فِي هَذَا وَنَقُولُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَكُونُ طَلَاقًا فَإِمَّا مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقِفَ الْإِنْسَانُ فِيهِ وَلَا يُخَالِفُ الْمُتَقَدِّمِينَ اهـ.

نَقَلَهُ الْكَمَالُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ لَمْ يَتَعَارَفْ فِي دِيَارِنَا بَلْ التَّعَارُفُ فِيهِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَلَامُكَ وَنَحْوُهُ كَأَكْلِهِ كَذَا وَلُبْسِهِ دُونَ الصِّيغَةِ الْعَامَّةِ وَتَعَارَفُوا أَيْضًا الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا فَإِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ بَعْدَهُ: لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَهُوَ مِثْلُ تَعَارُفِهِمْ الطَّلَاقَ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَيَجِبُ إمْضَاؤُهُ عَلَيْهِمْ اهـ.

ص: 42

(كَذَا) قَوْلُهُ (حَلَالٌ بِرَوِيِّ حَرَامٍ) لِلْغَلَبَةِ أَيْضًا (الْمَنْذُورُ إذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْفُرُوضِ لَزِمَ النَّاذِرَ كَالصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالِاعْتِكَافِ وَمَا لَا أَصْلَ لَهُ) فِي الْفُرُوضِ (فَلَا) يَلْزَمُ النَّاذِرَ (كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَبِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ، وَالرِّبَاطِ، وَالسِّعَايَةِ وَنَحْوِهَا) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْكُلِّيُّ (نَذَرَ مُطْلَقًا) نَحْوَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ (أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ يُرِيدُهُ) نَحْوَ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ قَدِمَ غَائِبِي (فَوُجِدَ) أَيْ الشَّرْطُ (وَفَى) أَيْ: عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى» (أَوْ) نَذَرَ مُعَلِّقًا (بِمَا) أَيْ بِشَرْطٍ (لَا يُرِيدُهُ كَإِنْ زَنَيْتُ) فَعَلَيَّ كَذَا (وَفَى أَوْ كَفَّرَ وَبِهِ يُفْتَى) يَعْنِي إنْ عَلَّقَ نَذْرَهُ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُ ثُبُوتَهُ كَالزِّنَا وَنَحْوِهِ فَحَنِثَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَبَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ: وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ نَذْرٌ بِظَاهِرِهِ يَمِينٌ بِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْمَنْعَ عَنْ إيجَادِ الشَّرْطِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِشَرْطٍ يُرِيدُ ثُبُوتَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ قَصْدُ الْمَنْعِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ إظْهَارُ الرَّغْبَةِ فِيمَا جَعَلَهُ شَرْطًا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: أَقُولُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ حَرَامًا كَإِنْ زَنَيْت مَثَلًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَخَيَّرَ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ تَخْفِيفٌ، وَالْحَرَامُ لَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ أَقُولُ لَيْسَ الْمُوجِبُ لِلتَّخْفِيفِ هُوَ الْحَرَامُ بَلْ وُجُودُ دَلِيلِ التَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا كَانَ نَذْرًا مِنْ وَجْهٍ وَيَمِينًا مِنْ وَجْهٍ لَزِمَ أَنْ يُعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَجُزْ إهْدَارُ أَحَدِهِمَا فَلَزِمَ التَّخْيِيرُ الْمُوجِبُ لِلتَّخْفِيفِ بِالضَّرُورَةِ فَتَدَبَّرْ وَاسْتَقِمْ.

(نَذَرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ يَمْلِكُهَا وَفَى بِهَا وَإِلَّا أَثِمَ وَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي) يَعْنِي لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذِهِ الرَّقَبَةَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَفِ يَأْثَمُ وَلَكِنْ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي (نَذَرَ لِفُقَرَاءَ مَكَّةَ جَازَ الصَّرْفُ إلَى فُقَرَاءِ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِخُصُوصِ الْمَكَانِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّصَدُّقِ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ.

(نَذَرَ بِتَصَدُّقِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا فَتَصَدَّقَ بِغَيْرِ الْخُبْزِ) مِمَّا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ (أَوْ) تَصَدَّقَ (بِثَمَنِهِ جَازَ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ خُصُوصَ الْخُبْزِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي دَفْعِ الْحَاجَةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الثَّمَنَ أَنْفَعُ لِلْفَقِيرِ.

(قَالَ: إنْ بَرِئْت مِنْ مَرَضِي هَذَا ذَبَحْت شَاةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَهَا) ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّذْرِ، وَالدَّالُ عَلَيْهِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ.

(نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا لَكِنْ إذَا أَفْطَرَ يَوْمًا قَضَاهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَعْبَانَ مَثَلًا فَأَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا قَضَاهُ وَحْدَهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُ وَإِنْ قَالَ فِي نَذْرِهِ مُتَتَابِعًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّتَابُعِ فِي شَهْرٍ بِعَيْنِهِ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَتَابِعٌ لِتَتَابُعِ الْأَيَّامِ وَأَيْضًا لَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْبَالُ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ.

(نَذَرَ بِتَصَدُّقِ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

تَنْبِيهٌ) : إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ، وَقَدْ حَلَفَ بِالصِّيغَةِ الْعَامَّةِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَوْلُهُ: حَلَالٌ بِرَوِيِّ حَرَامٍ) مِنْ الْهِدَايَةِ وَمَعْنَاهُ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: الْمَنْذُورُ إذَا كَانَ لَهُ أَصْلُ فِي الْفُرُوضِ) أَيْ أَصْلٌ مَقْصُودٌ لِيَخْرُجَ الْوُضُوءُ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ النَّاذِرَ) أَيْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ قُرْبَةٌ لَا بِكُلِّ وَصْفٍ الْتَزَمَهُ بِهِ أَوْ عَيَّنَ كَمَا سَيَذْكُرُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَجْزَأَهُ التَّصَدُّقَ بِغَيْرِهَا عَنْهَا، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ بِمَا نَذَرَ وَلَا يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي الصَّوْمِ بِأَنَّ الْمَنْذُورَ وَاجِبٌ اهـ.

وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ بِفَرْضِيَّةِ الْإِيفَاءِ بِالْمَنْذُورِ لِلْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: وَفَى أَوْ كَفَّرَ وَبِهِ يُفْتَى) أَيْ يُفْتَى بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ إيفَائِهِ بِمَا الْتَزَمَ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ يُرِيدُهُ وَبِشَرْطٍ لَا يُرِيدُهُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ عَيْنُ مَا نَذَرَهُ، وَفِي الثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إيفَائِهِ بِعَيْنِ مَا نَذَرَ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْمُحَقِّقِينَ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَنَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَبَيَّنَ وَجْهَ النَّظَرِ.

وَقَالَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِنَفْسِ النَّذْرِ وَلَا يَنْفَعُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَرَدَدْتُ تَنْظِيرَهُ بِرِسَالَةٍ بَيَّنَتْ صِحَّةَ حَصْرِ الصِّحَّةِ فِيمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَيَتَخَيَّرُ النَّاذِرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِعَيْنِ الْمَنْذُورِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ فِيمَا إذَا عَلَّقَ النَّذْرَ بِمَا لَا يُرَادُ كَوْنُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَاسْمُ الرِّسَالَةِ تُحْفَةُ التَّحْرِيرِ وَإِسْعَافُ النَّاذِرِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ بِالتَّخْيِيرِ.

(قَوْلُهُ: نَذَرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ. . . إلَخْ)، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: نَذَرَ لِفُقَرَاءِ مَكَّةَ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ

(قَوْلُهُ: قَالَ إنْ بَرِئْت مِنْ مَرَضِي هَذَا ذَبَحْت شَاةً لَمْ يَلْزَمْهُ) كَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ شَاةٌ أَذْبَحُهَا، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُولَ: فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَهَا) كَذَا يَلْزَمُهُ لَوْ قَالَ أَذْبَحُهَا وَأَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ جَزُورًا فَأَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ فَذَبَحَ مَكَانَهُ سَبْعَ شِيَاهٍ جَازَ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا أَفْطَرَ يَوْمًا قَضَاهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِنْ قَالَ مُتَتَابِعًا) هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ شَهْرًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَشَرَطَ التَّتَابُعَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ بِفِطْرِهِ يَوْمًا، كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: نَذَرَ بِتَصَدُّقِ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ. . . إلَخْ)

قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ أَوْ خَادِمٌ يُسَاوِي مِائَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ وَيَتَصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً يَتَصَدَّقُ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَلْفَ حِجَّةٍ

ص: 43