الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرَّ ذِكْرُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ أَوْ بَعْدَهَا (وَ) يُبْطِلُهُ (مَا لَا يُوجِبُ حَقَّ الْغَيْرِ) كَالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ وَالْمُسَاوَمَةِ وَالْهِبَةِ بِلَا تَسْلِيمٍ (بَعْدَ الرُّؤْيَةِ) لَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَزِيدُ عَلَى صَرِيحِ الرِّضَا وَهُوَ إنَّمَا يُبْطِلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الْأُوَلُ فَهِيَ أَقْوَى؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ وَبَعْضَهَا أَوْجَبَ حَقَّ الْغَيْرِ فَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ (كَذَا طَلَبُ الشُّفْعَةِ بِمَا لَمْ يَرَهُ) أَيْ يُبْطِلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ لَا قَبْلَهَا.
(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)
(مُشْتَرٍ وَجَدَ بِمُشْتَرَاهُ مَا يُنْقِصُ ثَمَنَهُ عِنْدَ التُّجَّارِ) وَهُوَ الْعَيْبُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَالْمُرَادُ بِهِ عَيْبٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي حِينَ الْبَيْعِ وَلَا عِنْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ رِضًا (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ) ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ، فَإِذَا فَاتَتْ خُيِّرَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِلُزُومِ مَا لَا يَرْضَى بِهِ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَا إمْسَاكُهُ وَأَخَذَ نُقْصَانَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي (كَالْإِبَاقِ) ، وَلَوْ إلَى مَا دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ (وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ، وَكُلُّهَا تَخْتَلِفُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ) فَإِنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا وُجِدَ مِنْ صَغِيرٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لَا يَكُونُ عَيْبًا، وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَيَكُونُ عَيْبًا وَيَزُولُ بِالْبُلُوغِ، فَإِنْ عَاوَدَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَانَ عَيْبًا حَادِثًا فَيَكُونَانِ مُخْتَلِفَيْنِ لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا، فَإِذَا حَصَلَ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي الصِّغَرِ وَعِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الْكِبَرِ لَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ (وَكَالْجُنُونِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِمَا) أَيْ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ يَعْنِي إذَا حَصَلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فِي الصِّغَرِ وَعَادَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْكِبَرِ يَكُونُ عَيْبًا وَاحِدًا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لِفَسَادٍ فِي الْبَاطِنِ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مَسْقَطًا وَإِذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ بِلَا سَبَبٍ وَهَذَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ هَذَا التَّصَرُّفِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَيُبْطِلُ الْخِيَارَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَذَا بِفَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ مَا لَا يُوجِبُ حَقَّ الْغَيْرِ. . . إلَخْ) صَوَابُهُ وَيُبْطِلُهُ بِصِيغَةِ الْإِثْبَاتِ وَلَا النَّافِيَةُ زَائِدَةٌ يَخْتَلُّ بِهَا الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مَا لَا يُوجِبُ حَقَّ الْغَيْرِ مُبْطِلًا إذَا كَانَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ لِوُجُودِ دَلَالَةِ الرِّضَا بَعْدَ الْعِلْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ صَرِيحُ الرِّضَا وَهُوَ لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ) يَعْنِي لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ كَالْمُطْلَقِ يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا يُفْتَقَرُ إلَى التَّصَرُّفِ الْمُبْطِلِ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ إلَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ، وَأَمَّا إذَا قَبَضَهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ فَقَدْ بَطَلَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلِأَنَّهُ مُؤَكِّدٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ فَشَابَهُ الْبَيْعُ فِي إسْقَاطِ الْخِيَارِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]
مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ وَالْعَيْبُ هُوَ مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ مِمَّا يُعَدُّ بِهِ نَاقِصًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْفِطْرَةُ الْخِلْقَةُ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الْأَصْلِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ وَأَشَارَ إلَيْهَا فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي رَدِيئَةً لَمْ يَكُنْ عَلِمَهَا لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ تُخْلَقُ جَيِّدَةً وَرَدِيئَةً وَوَسَطًا وَالْعَيْبُ مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ عَنْ الْآفَاتِ الْعَارِضَةِ لَهَا فَالْحِنْطَةُ الْمُصَابَةُ بِهَوَاءٍ مَنَعَهَا تَمَامَ بُلُوغِهَا الْإِدْرَاكَ حَتَّى صَارَتْ رَقِيقَةَ الْحَبِّ مَعِيبَةٌ كَالْعَفَنِ وَالْبَلَلِ وَالسُّوسِ (قَوْلُهُ وَجَدَ بِمُشْتَرَاهُ. . . إلَخْ) يَعْنِي وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إزَالَةِ الْعَيْبِ بِلَا مَشَقَّةٍ فَإِنْ تَمَكَّنَ فَلَا كَإِحْرَامِ الْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَنَجَاسَةِ الثَّوْبِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى ثَوْبٍ لَا يَفْسُدُ بِالْغَسْلِ وَلَا يَنْقُصُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي حِينَ الْبَيْعِ وَلَا عِنْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ رِضًا) كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ رِضًى وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ اهـ، وَكَذَا مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً بِالتَّنَاوُلِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ بِأَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَيْثُ يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْأَخْذَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ كَالْإِبَاقِ، وَلَوْ إلَى مَا دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْإِبَاقُ فِيمَا دُونَ السَّفَرِ عَيْبٌ بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْخُرُوجُ مِنْ الْبَلَدِ؟ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْبَلَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ كَبِيرَةً مِثْلَ الْقَاهِرَةِ يَكُونُ عَيْبًا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا وَبُيُوتُهَا لَا يَكُونُ عَيْبًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةِ) يَعْنِي سَرِقَةَ غَيْرِ نَحْوِ الْفَلْسِ وَالْفَلْسَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يَكُونُ عَيْبًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ غَيْرِهِ إلَّا فِي الْمَأْكُولَاتِ فَإِنَّ سَرِقَتَهَا لِأَجْلِ الْأَكْلِ مِنْ الْمَوْلَى لَيْسَ عَيْبًا وَمِنْ غَيْرِهِ عَيْبٌ، وَسَرِقَتُهَا لِلْبَيْعِ مِنْ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِ عَيْبٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَعَادَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) شَرْطُ مُعَاوَدَةِ الْجُنُونِ لِلرَّدِّ بِهِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُعَاوَدَةُ لِلْجُنُونِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا غَلَطٌ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ آخَرَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ ثَانِيًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَيْبٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الضَّعْفَ الَّذِي حَصَلَ بِالْوِلَادَةِ لَا يَزُولُ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَلِدْ لَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُوهِمُ الرَّدَّ بَعْدَ وِلَادَتِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِامْتِنَاعِهِ بِتَعَيُّبِهَا عِنْدَهُ بِالْوِلَادَةِ ثَانِيًا مَعَ الْعَيْبِ السَّابِقِ بِهَا (قَوْلُهُ لِفَسَادٍ فِي الْبَاطِنِ) أَيْ بَاطِنِ الدِّمَاغِ.
وَفِي الْمُحِيطِ تَكَلَّمُوا فِي مِقْدَارِ الْجُنُونِ قِيلَ هُوَ عَيْبٌ، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً وَقِيلَ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهُوَ عَيْبٌ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَمَا دُونَهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَقِيلَ الْمُطْبِقُ عَيْبٌ
الْعَقْلَ مَعْدِنُهُ الْقَلْبُ وَشُعَاعُهُ فِي الدِّمَاغِ وَالْجُنُونُ انْقِطَاعُ ذَلِكَ الشُّعَاعِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ (وَكَالْبَخَرِ) نَتْنُ رَائِحَةِ الْفَمِ (وَالذَّفَرِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَحْرِيكِ الْفَاءِ نَتْنُ رَائِحَةِ الْإِبْطِ (وَالزِّنَا وَالتَّوَلُّدِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزِّنَا (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ يَعْنِي أَنَّهَا عَيْبٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ يَكُونُ الِاسْتِفْرَاشُ وَهِيَ مُخِلَّةٌ بِهَا دُونَ الْغُلَامِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْبٍ فِيهِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الِاسْتِخْدَامُ وَهِيَ لَا تُخِلُّ بِهِ (إلَّا أَنْ يَفْحُشَ الْأَوَّلَانِ فِيهِ) بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي النَّاسِ مِثْلُهُ إلَّا نَادِرًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِدَاءٍ فِي الْبَدَنِ وَهُوَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ (وَيَكُونُ الزِّنَا عَادَةً لَهُ) لِأَنَّ اعْتِيَادَهُ مُخِلٌّ بِالْخِدْمَةِ (وَالْكُفْرِ) أَيْ وَكَالْكُفْرِ (فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْمُسْلِمِ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَرْفَهُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ فَيَخْتَلُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ زَوَالُ الْعَيْبِ (وَالسُّعَالِ الْقَدِيمِ) لِأَنَّهُ مَرَضٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ (وَالدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (وَالشَّعْرِ وَالْمَاءِ فِي الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا يُضْعِفَانِ الْبَصَرَ (وَارْتِفَاعِ حَيْضِ بِنْتِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَالِاسْتِحَاضَةِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِدَاءٍ فِي الْبَاطِنِ (فَلَوْ حَدَثَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُشْتَرٍ وَجَدَ بِمُشْتَرَاهُ. . . إلَخْ أَيْ بَعْدَمَا ظَهَرَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ لَوْ حَدَثَ عَيْبٌ (آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِنُقْصَانِهِ) أَيْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ بِأَنْ يُقَوَّمَ وَبِهِ عَيْبٌ وَيُقَوَّمَ وَلَا عَيْبَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ الْعُشْرُ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفَ الْعُشْرِ رَجَعَ بِنِصْفِ عُشْرِ الثَّمَنِ (أَوْ رَدَّهُ) عَلَى الْبَائِعِ (بِرِضَا الْبَائِعِ إلَّا لِمَانِعٍ) مِنْ رَدِّ الْمُشْتَرِي وَأَخْذِ الْبَائِعِ (كَثَوْبٍ شَرَاهُ فَقَطَعَهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ، وَ) جَازَ (لِبَائِعِهِ أَخْذُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مَقْطُوعًا (فَلَا يَرْجِعُ مُشْتَرِيهِ إنْ بَاعَهُ) إذْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُهُ مَعِيبًا فَالْمُشْتَرِي بِبَيْعِهِ يَكُونُ حَابِسًا الْمَبِيعَ فَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ (وَأَمَةٍ وَطِئَهَا) عَطْفٌ عَلَى كَثَوْبٍ شَرَاهُ أَيْ كَأَمَةٍ شَرَاهَا وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عُيُوبِهَا فَوَطِئَهَا (بِكْرًا) كَانَتْ (أَوْ ثَيِّبًا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا بِهَا) أَيْ بِشَهْوَةٍ (فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا) حَيْثُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا بِرِضَى الْبَائِعِ إذْ لَهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَمَا لَيْسَ بِمُطْبِقٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِقْدَارُهُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا دُونَهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُطْبِقُ عَيْبٌ وَمَا دُونَهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَوَاهِبِ، وَقَدْ رَأَى الْجُنُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقِيلَ بِسَاعَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ) صَوَابُهُ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ (قَوْلُهُ وَكَالْبَخَرِ نَتْنُ رَائِحَةِ الْفَمِ) قَالَ الْكَمَالُ وَالْبَخَرُ الَّذِي هُوَ الْعَيْبُ هُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ دُونَ مَا يَكُونُ لِفَلْجٍ فِي الْأَسْنَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَزُولُ بِتَنْظِيفِهَا (قَوْلُهُ وَالذَّفَرِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ) قَالَ الْكَمَالُ الذَّفَرُ نَتْنُ رِيحِ الْإِبْطِ يُقَالُ رَجُلٌ أَذْفَرُ وَامْرَأَةٌ ذَفْرَاءُ وَمِنْهُ السَّبُّ يُقَالُ يَا ذَفَارُ مَعْدُولٌ عَنْ دَافِرَةٍ وَيُقَالُ شَمَمْت دَفْرَ الشَّيْءِ وَدَفْرَهُ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا كُلُّ ذَلِكَ وَالدَّالُ مُهْمَلَةٌ، وَأَمَّا بِإِعْجَامِ الذَّالِ فَبِفَتْحِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ وَهُوَ حِدَّةٌ مِنْ طِيبٍ أَوْ نَتْنٍ وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ الطِّيبُ فَقِيلَ مِسْكٌ أَذْفَرُ ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِيهَا وَصَفَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ شَيْخًا فَقَالَتْ ذَهَبَ ذَفَرُهُ وَأَقْبَلَ بَخَرُهُ قِيلَ الرِّوَايَةُ هُنَا بِالدَّالِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ الزِّنَا عَادَةً لَهُ) أَيْ بِأَنْ زَنَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ كَذَا فَسَّرَ الْعَادَةَ فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَا يَرُدُّهُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ كَذَا بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ رحمه الله (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ زَوَالُ الْعَيْبِ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَنَصُّ الْكَمَالُ زَائِلُ الْعَيْبِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالسُّعَالِ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتُهُ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيَتَقَدَّمُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَوْلَى اهـ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَخْصِيصِهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ وَالدَّيْنُ عَيْبٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ فِي الدَّيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ دَيْنًا يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بِرَدِّهِ كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ بِأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي رَقَبَتِهِ بِأَنْ جَنَى فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَفْدِهِ حَتَّى بَاعَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَبَعْدَ الْعِتْقِ قَدْ يَضُرُّهُ فِي نُقْصَانِ وَلَائِهِ وَمِيرَاثِهِ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الدَّيْنَ عَيْبٌ، وَلَوْ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ وَارْتِفَاعِ حَيْضِ بِنْتِ سَبْعَ عَشْرَةَ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا دُونَهَا وَعَنْ الْآيِسَةِ فَإِنَّ انْقِطَاعَهُ لَيْسَ عَيْبًا حِينَئِذٍ فَحَقِيقَةُ الْعَيْبِ بِالدَّاءِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ بِعَيْبِ الِانْقِطَاعِ فَلَا يَدَّعِي الِانْقِطَاعَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَدَّعِيَ بِأَحَدِ السَّبَبَيْنِ مِنْ الْحَبَلِ أَوْ الدَّاءِ حَتَّى تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَالْمَرْجِعُ فِي الْحَبَلِ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ وَفِي الدَّاءِ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ وَتَمَامُهُ بِفَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحَاضَةِ) قَالَ الْكَمَالُ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا لِإِمْكَانِ الِاطِّلَاعِ وَالِانْقِطَاعُ الَّذِي يُعَدُّ عَيْبًا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَدَائِعِ الِاسْتِحَاضَةُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَاةُ كَالِانْقِطَاعِ) كَذَا نَقَلَهُ الْمَقْدِسِيُّ عَنْهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَوَّمَ وَبِهِ عَيْبٌ) يَعْنِي الْعَيْبَ الْقَدِيمَ خَاصَّةً وَكَأَنَّهُ لَيْسَ بِهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يُقَوَّمُ سَالِمًا عَنْ عَيْبٍ فَيَرْجِعُ بِالتَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ أَوْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِرِضَى الْبَائِعِ) يَعْنِي فِيمَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ مِنْهُ وَتَمَلُّكَهُ، وَأَمَّا إذَا امْتَنَعَ أَخْذَهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَخْذَهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ وَتَمَلُّكِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ
أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُهَا مَعَ ذَلِكَ الْعَيْبِ إذْ لَيْسَ هَاهُنَا مَانِعٌ مَعَ الْأَخْذِ كَمَا كَانَ فِيمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ بَيَّنَ الْمَانِعَ مِنْ الرَّدِّ بِرِضَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ خَاطَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْمَقْطُوعَ) أَوْ صَبَغَهُ بِغَيْرِ سَوَادٍ قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ اتِّفَاقِيًّا فَإِنَّهُ لَوْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَهُمَا فَإِنَّ السَّوَادَ عِنْدَهُمَا زِيَادَةٌ كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَعِنْدَهُ السَّوَادُ نُقْصَانٌ (أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ) وَبِالْجُمْلَةِ خَلَطَ الْمُشْتَرِي مِلْكَهُ بِمِلْكِ الْبَائِعِ (فَظَهَرَ عَيْبُهُ) الْقَدِيمُ (لَا يَأْخُذُهُ) أَيْ الْبَائِعُ (وَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا يَقُولُ الْبَائِعُ أَنَا آخُذُهُ مَعِيبًا لِاخْتِلَاطِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَهُوَ الْخَيْطُ وَالصَّبْغُ وَالسَّمْنُ،.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الرَّدَّ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّهُ وَالْبَائِعَ يَقْبَلُهُ إلَّا أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَمْنَعُهُ عَنْ الرَّدِّ وَالْفَسْخِ لِحُصُولِ الرِّبَا (كَمَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ الْمِخْيَطَ وَنَحْوَهُ (بَعْدَ رُؤْيَةِ عَيْبِهِ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ رُؤْيَةِ عَيْبِهِ (مَجَّانًا أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، أَمَّا فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ فَلِأَنَّ الرَّدَّ كَانَ مُمْتَنِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ حَابِسًا لِلْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ كَانَ حَابِسًا، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَهِي بِهِ وَامْتِنَاعَ الرَّدِّ يَثْبُتُ حُكْمًا لِلْمَوْتِ لَا بِفِعْلِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ، وَأَمَّا فِي الْإِعْتَاقِ فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ بِفِعْلِهِ فَصَارَ كَالْقَتْلِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ أَيْ إتْمَامٌ لَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ فَإِنَّهُ قَاطِعٌ لِمِلْكِ الْبَائِعِ إلَى غَيْرِهِ لَا مِنْهُ لِلْمِلْكِ فِي الْعَبْدِ، وَلِهَذَا مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي فَصَارَ الْبَائِعُ كَالْمُسْتَبْقِي لِمِلْكِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْإِعْتَاقَ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْآدَمِيِّ ثَبَتَ عَلَى مُنَافَاةِ الدَّلِيلِ إلَى غَايَةِ الْعِتْقِ وَالشَّيْءُ يَنْتَهِي بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ وَالْمُنْتَهَى مُتَقَرِّرٌ فِي نَفْسِهِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْعِتْقِ وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ فَبَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ فَالْإِعْتَاقُ لَا يَكُونُ كَالْقَتْلِ بَلْ كَالْمَوْتِ، وَأَمَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُمَا لَا يُزِيلَانِ الْمِلْكَ وَلَكِنَّ الْمَحَلَّ بِهِمَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنَّقْلِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ بِالشِّرَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَ أَوْ قَتَلَ أَوْ أَكَلَ كُلَّ الطَّعَامِ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ فَتَخَرَّقَ لَمْ يَرْجِعْ) أَمَّا فِي الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ فَلِأَنَّهُ حَبَسَ بَدَلَهُ وَحَبْسُ الْبَدَلِ كَحَبْسِ الْمُبْدَلِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَلِأَنَّهَا كَالْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ لِحُصُولِ الْعِوَضِ فِيهَا، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهَذَا كَمَا قَالُوا إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ، ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبُهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ خَلَفٌ عَنْ الرَّدِّ فَلَا يُصَارُ إلَى الْخَلَفِ مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مُحْتَمَلٌ فَيُمْكِنُ رَدُّهُ، فَإِذَا رَجَعَ رَدَّهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ وَمَا بَعْدَهُ فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ إذَا كَانَ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَضْمُونًا كَانَ مُمْسِكًا لِلْمَبِيعِ مَعْنًى وَمِنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ أَنْ لَا يَكُونَ مُمْسِكًا لَهُ وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ لَا بِفِعْلٍ مِنْهُ بِأَنْ هَلَكَ أَوْ بِفِعْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ مِنْهُ يَرْجِعُ لِانْتِفَاءِ إمْسَاكِهِ، ثُمَّ الْقَتْلُ فِعْلٌ مَضْمُونٌ إذْ لَوْ بَاشَرَهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يَضْمَنُ، وَإِنَّمَا بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ هُنَا بِمِلْكِهِ فِيهِ فَيُجْعَلُ سُقُوطُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَمْنَعُهُ عَنْ الرَّدِّ وَالْفَسْخِ لِحُصُولِ الرِّبَا) أَيْ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمَبِيعِ وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَى الْمُشْتَرِي بِتَرْكِهَا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِحَقِّهِ بَلْ لِحَقِّهِ وَحَقِّ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ حَابِسًا لِلْمَبِيعِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ بِالْبَيْعِ حَابِسًا يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ كَانَ حَابِسًا اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : هَذَا فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الَّتِي لَمْ تَتَوَلَّدْ مِنْ الْمَبِيعِ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَاللَّتِّ بِالسَّمْنِ وَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَشَيِّ اللَّحْمِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لَوْ بَاعَهُ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ قَبْلَهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا وَإِذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَوَلِّدَةً مِنْهُ مُتَّصِلَةً بِهِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَانْجِلَاءٍ بَيَاضِ الْعَيْنِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَصِيرُ بِالْبَيْعِ بَعْدَهَا حَابِسًا لِلْمَبِيعِ وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْهُ وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ فَالْمُتَوَلِّدَةُ مِنْهُ كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ وَالْأَرْشِ وَالْعَقْرِ تَمْنَعُ الرَّدَّ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ عَلَيْهَا فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَيْنَ رَدِّهِمَا جَمِيعًا وَالرِّضَا بِهِمَا بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا وَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ مِائَةً وَالثَّمَنُ أَلْفٌ سَقَطَ عُشْرُ الثَّمَنِ إنْ رَدَّهُ وَأَخَذَ تِسْعَمِائَةٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ كَالْكَسْبِ فَهِيَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِحَالٍ بَلْ يُفْسَخُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَيَسْلَمُ لَهُ الْكَسْبُ الَّذِي هُوَ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ أَنْ لَا يَكُونَ مُمْسِكًا لَهُ) يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِبَاسًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَخَاطَهُ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ الِابْنِ الصَّغِيرِ حَصَلَ بِمُجَرَّدِ الْقَطْعِ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ مُسْلَمًا إلَيْهِ وَهُوَ نَائِبُهُ فِي التَّسْلِيمِ فَصَارَ بِهِ حَابِسًا لِلْمَبِيعِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ وَالْخِيَاطَةُ بَعْدَ ذَلِكَ كَعَدَمِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اهـ
الضَّمَانِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَالْمُسْتَفِيدِ بِالْمِلْكِ عِوَضًا، وَأَمَّا الْأَكْلُ وَاللُّبْسُ فَعَلَى الْخِلَافِ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِي الْمَبِيعِ مَا يُعْتَادُ فِعْلُهُ فِيهِ وَيُشْتَرَى لِأَجْلِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ كَالْإِعْتَاقِ وَلَهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْهُ فِي الْمَبِيعِ فَلَا يَرْجِعُ كَالْإِحْرَاقِ وَالْقَتْلِ.
(شَرَى نَحْوَ بَيْضٍ وَبِطِّيخٍ فَكَسَرَهُ وَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ) فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّوَابِّ (فَلَهُ نُقْصَانُهُ) أَيْ لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ عَيْبٌ حَادِثٌ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَصْلًا (فَكُلُّ الثَّمَنِ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي كُلُّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْجَوْزِ صَلَاحُ قِشْرِهِ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّبِّ.
(بَاعَ مُشْتَرِيَهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رُدَّ بَعْدَمَا تَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ بِعَيْبٍ (رُدَّ عَلَى بَائِعِهِ) يَعْنِي بَاعَ عَبْدًا فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِقْرَارٍ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي إقْرَارَهُ بِالْعَيْبِ وَالْبَائِعُ أَنْكَرَهُ فَأَثْبَتَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِإِقْرَارِهِ لَا يَكُونُ الرَّدُّ مُحْتَاجًا إلَى الْقَضَاءِ بَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ إقَالَةٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فَجُعِلَ الْبَيْعُ الثَّانِي كَالْمَعْدُومِ وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ قَائِمٌ فَلَهُ الْخُصُومَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَنْكَرَ قِيَامَ الْعَيْبِ فَلَزِمَ التَّنَاقُضُ لَكِنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَارْتَفَعَ التَّنَاقُضُ وَصَارَ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي.
(وَ) هُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ (بِرِضًى) مِنْ الْمُشْتَرِي (لَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ إقَالَةٌ وَهِيَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ ثَالِثُهُمَا، هَذَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا رَدَّ قَبْلَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَصَارَ كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، ثُمَّ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ.
(قَبَضَ مُشْتَرِيهِ وَادَّعَى عَيْبًا لَمْ يُجْبَرْ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ دَعْوَى الْعَيْبِ (عَلَى دَفْعِ ثَمَنِهِ) إذْ لَوْ دَفَعَهُ فَلَعَلَّ الْعَيْبَ يَظْهَرُ فَيَنْتَقِضُ الْقَضَاءُ فَلَا يَقْضِي بِهِ صَوْنًا لِقَضَائِهِ عَنْ الِانْتِقَاضِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَكْلُ وَاللُّبْسُ فَعَلَى الْخِلَافِ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ، وَكَذَا تَخَرُّقُ الثَّوْبِ مِنْ اللُّبْسِ وَأَكْلُ الطَّعَامِ أَيْ مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَجَازَاهُ وَبِهِ يُفْتَى وَأَكْلُ بَعْضِهِ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ، وَقَالَا يَرْجِعُ بِنَقْصِ الْكُلِّ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنَقْصِ الْمَأْكُولِ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ اهـ، وَقَالَ الْكَمَالُ.
وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ جَمْعِ الْبُخَارِيِّ أَكْلُ بَعْضِهِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ عَيْبِهِ وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ وَبِهِ يُفْتَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ. . . إلَخْ) لَعَلَّ صَوَابَهُ وَلَهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ. . . إلَخْ أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَيُنَاسِبُ قَوْلَهُ فَلَا يَرْجِعُ كَالْإِحْرَاقِ وَالْقَتْلِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ كَانَ تَعْلِيلًا ثَانِيًا لِقَوْلِهِمَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاقَضَةِ لِلْحُكْمِ بِالرُّجُوعِ، ثُمَّ بِعَدَمِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ شَرَى نَحْوَ بَيْضٍ وَبِطِّيخٍ فَكَسَرَهُ وَوَجَدَهُ فَاسِدًا) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِوِجْدَانِ بَعْضِهِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا كَقَلِيلِ التُّرَابِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي الْقَلِيلِ إنَّهُ كَالْوَاحِدَةِ وَالْمَثْنَى.
وَفِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالْكَثِيرِ مَا وَرَاءَ الثَّلَاثَةِ لَا مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَجَعَلَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْخَمْسَةَ وَالسِّتَّةَ فِي الْمِائَةِ مِنْ الْجَوْزِ عَفْوًا، وَلَوْ وَجَدَ نِصْفَ الْجَوْزِ خَاوِيًا صَحَّ فِي النِّصْفِ الَّذِي بِهِ لُبٌّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَاعَ مُشْتَرَاهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ رُدَّ عَلَى بَائِعِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَقَرَّ بِالْعَيْبِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي جَبْرًا كَمَا إذَا أَنْكَرَ الْعَيْبَ فَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ مَعَ إنْكَارِهِ الْإِقْرَارَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فَسْخًا فِيهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِإِقْرَارِهِ لَا يَكُونُ الرَّدُّ مُحْتَاجًا إلَى الْقَضَاءِ بَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ) أَقُولُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ مَعَ إقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ فَرَدَّهُ الْقَاضِي جَبْرًا كَانَ فَسْخًا فَيَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِإِقَالَةٍ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَنْكَرَ قِيَامَ الْعَيْبِ فَلَزِمَ التَّنَاقُضُ) أَيْ بِثُبُوتِ مَا أَنْكَرَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ قَالَ الْبَائِعُ الثَّانِي بَعْدَ الرَّدِّ بِالْقَضَاءِ لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا رَدَّ قَبْلَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ قَبُولَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الثَّانِي الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، وَقَدْ أَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ بَلْ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ أَمَّا فِي الْعَقَارِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَمَا بَاعَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ) أَيْ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَجُعِلَ فَسْخًا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ أَمَّا فِيهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.
(بَلْ يُبَرْهِنُ) عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا مَرَّ (أَوْ يُحَلِّفُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى عَدَمِ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ (وَإِنْ كَانَ) لَهُ شَاهِدٌ لَكِنْ (غَابَ شُهُودُهُ دَفَعَهُ) أَيْضًا الثَّمَنَ (إنْ حَلَفَ بَائِعُهُ) ؛ لِأَنَّ فِي الِانْتِظَارِ ضَرَرًا بِالْبَائِعِ وَلَيْسَ فِي الدَّفْعِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ رُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ (وَلَزِمَ عَيْبُهُ إنْ نَكَلَ) لِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي إلْزَامِ الْعَيْبِ قَدْ وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْهِدَايَةِ هَكَذَا إنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ فَادَّعَى عَيْبًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَوْ يُقِيمَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً، وَقَدْ تَكَلَّفُوا فِي تَوْجِيهِهَا مَا تَكَلَّفُوا وَالْحَقُّ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ التَّقْدِيرِيِّ، تَقْدِيرُهُ لَمْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَوْ يُقِيمَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً وَهَذِهِ فَائِدَةٌ أَفَادَهَا صَاحِبُ كَشْفِ الْكَشَّافِ فِي تَحْقِيقِ قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ التَّقْدِيرِيِّ وَالْمَعْنَى لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا وَلَا عَمَلُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا (ادَّعَى إبَاقًا) يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ آبِقٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَمْ يَحْلِفْ الْبَائِعُ) حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ آبِقٌ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْبَائِعِ لَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَمَعْرِفَتُهُ تَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ (ثُمَّ) إذَا أَثْبَتَهُ (حَلَفَ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ الْغَيْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ التَّحْلِيفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ مُطَّرِدًا فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ إلَّا فِي دَعْوَى الْإِبَاقِ حَيْثُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ سَلِيمًا فَالِاسْتِحْلَافُ يَرْجِعُ إلَى مَا ضَمِنَ بِنَفْسِهِ وَيُقَالُ فِي التَّحْلِيفِ (بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ قَطُّ أَوْ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك مِنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ أَوْ لَقَدْ سَلَّمْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ لَا) بِاَللَّهِ (مَا أَبَقَ عِنْدَك قَطُّ) فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْكُتُبِ لَكِنْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَاعَهُ، وَقَدْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَفِيهِ ذُهُولٌ عَنْهُ (وَلَا) بِاَللَّهِ (لَقَدْ بَاعَهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ) لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ النَّظَرِ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ (وَلَا) بِاَللَّهِ (لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَمَا بِهِ هَذَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ بَلْ يُبَرْهِنُ عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ) كَيْفِيَّةُ إثْبَاتِهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى وِجْدَانِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَحْتَاجَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ يَحْلِفُ) صُورَةُ التَّحْلِيفِ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عِنْدَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ عِنْدَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي وَإِذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوًى صَحِيحَةٍ وَلَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ خَصْمٍ وَلَا يَصِيرُ خَصْمًا فِيهِ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ إبَاقِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ شُهُودُهُ دَفَعَهُ إنْ حَلَفَ بَائِعُهُ) يَعْنِي، وَقَدْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرْنَا وَغَابَ شُهُودُ قِيَامِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي إلْزَامِ الْعَيْبِ) قَيَّدَ بِإِلْزَامِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ التَّقْدِيرِيِّ. . . إلَخْ)
قَالَ شَيْخُ أُسْتَاذِي الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ " أَوْ " فِيهِ مِثْلَهَا فِي قَوْلِهِ كَسَرْت كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيمَا وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا يَلِيهَا لَا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ آبِقٌ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَادَّعَى إبَاقًا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْبَائِعِ. اهـ. لِتَكُونَ الْخُصُومَةُ مُتَوَجِّهَةً بِدَعْوَى الْإِبَاقِ عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي لَعَلَّ صَوَابَهُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَى الظَّرْفِ لِلْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَهِيَ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاقِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ إبَاقًا فَيُنْكِرُ الْبَائِعُ قِيَامَهُ فِي الْحَالِ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ، أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِهِ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ وُجُودِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْتِمَاسِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَنْكَرَ طُولِبَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْإِبَاقَ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَهَا رَدَّهُ وَإِلَّا حَلَفَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَيُقَالُ فِي التَّحْلِيفِ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ قَطُّ) هَذَا فِي دَعْوَى إبَاقِ الصَّغِيرِ لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ هَذَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ كَانَ الدَّعْوَى فِي إبَاقِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ مُذْ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ فِي الصَّغِيرِ يَزُولُ بِالْبُلُوغِ فَلَا يُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ اهـ.
وَفِي الْكَبِيرِ يَحْلِفُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاقِ فِي الْكَبِيرِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي الصِّغَرِ، ثُمَّ طَرَأَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ الْحَلِفَ مَا أَبَقَ عِنْدَهُ قَطُّ أَضْرَرْنَا بِهِ وَأَلْزَمْنَاهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ أَصْلًا أَضْرَرْنَا بِالْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْهُمْ الزَّيْلَعِيُّ
الْعَيْبُ) لِأَنَّهُ يُوهِمُ تَعَلُّقَهُ بِالشَّرْطَيْنِ فَيَتَأَوَّلُهُ فِي الْيَمِينِ عِنْدَ قِيَامِهِ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَهِيَ حَالَةُ التَّسْلِيمِ (وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَتَّى يُثْبِتَ يَعْنِي إذَا لَمْ يُثْبِتْ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ نَفْسِهِ (يَحْلِفُ) بَائِعُهُ (عِنْدَهُمَا أَنَّهُ) أَيْ الْبَائِعَ (لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (أَبَقَ عِنْدَهُ) لِأَنَّ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَكَذَا الْيَمِينُ (وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ) وَلَهُ عَلَى مَا قَالَ الْبَعْضُ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ خَصْمٍ وَلَا يَصِيرُ خَصْمًا إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ (وَإِذَا نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ ثَانِيًا) لِطَلَبِ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ عَلَيْهِ فَإِنَّ بِنُكُولِهِ يَثْبُتُ الْعَيْبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِهَذَا الْعَيْبِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك، فَإِنْ حَلَفَ لَا يُرَدُّ، وَإِنْ نَكَلَ يُرَدُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ فِي إبَاقِ الْكَبِيرِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ مُنْذُ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ فِي الصِّغَرِ لَا يُوجِبُ رَدَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهَا فِي الْعِلَّةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْحَالَةِ شَرْطٌ فِي الْعُيُوبِ الثَّلَاثَةِ.
(اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (بَعْدَ التَّقَابُضِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ) يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا وَتَقَابَضَا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا وَآخَرَ مَعَهُ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتَنِيهِ وَحْدَهُ فَائِدَةُ دَعْوَى الْبَائِعِ جَرُّ نَفْعِ تَخْصِيصِ الثَّمَنِ عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ، وَلِهَذَا قَالَ وَتَقَابَضَا (أَوْ الْمَقْبُوضِ) بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَقَالَ الْبَائِعُ قَبَضْتَهُمَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا قَبَضْتُ إلَّا أَحَدَهُمَا (فَالْقَوْلُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ قَابِضٌ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ كَمَا فِي الْغَصْبِ (اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً) وَاحِدَةً (وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِهِ أَوْ بِالْآخِرِ عَيْبًا أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا، وَلَوْ قَبَضَهُمَا رَدَّ الْمَعِيبَ فَقَطْ) لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ بِالْقَبْضِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ بَقَاءً وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ (قَبَضَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا وَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا رَدَّ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَ) لِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَا فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَا فِي وِعَاءَيْنِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدَيْنِ حَتَّى يَرُدَّ الْوِعَاءَ الَّذِي فِيهِ الْعَيْبُ لَا الْآخَرَ (وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ لَمْ يُخَيَّرْ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ إذْ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ تَمَامَهَا بِرِضَى الْعَاقِدِ لَا الْمَالِكِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ.
(وَفِي الثَّوْبِ خُيِّرَ) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ فِيهِ عَيْبٌ، وَقَدْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ وَظَهَرَ بِالِاسْتِحْقَاقِ.
(اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عُيُوبِهَا فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ كُلًّا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ تَعَلُّقُهُ عَدَمَ الْعَيْبِ بِالشَّرْطَيْنِ) أَيْ شَرْطِ سَلَامَتِهِ حَالَ الْبَيْعِ وَشَرْطِ سَلَامَتِهِ حَالَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ فَيَتَأَوَّلُهُ الْبَائِعُ فِي الْيَمِينِ. . . إلَخْ) أَيْ يَقْصِدُ تَعَلُّقَ عَدَمِ الْعَيْبِ بِالشَّرْطَيْنِ جَمِيعًا وَيَقْصِدُ قِيَامَهُ حَالَةَ التَّسْلِيمِ خَاصَّةً فَتَكُونُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ. . . إلَخْ صَادِقَةً إذَا كَانَ حُدُوثُ الْعَيْبِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَقَصْدُهُ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ بِرَّهُ شَرْعًا فَإِنْ تَأَوَّلَهُ كَذَلِكَ لَا يُخَلِّصُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْيَمِينِ بَلْ هِيَ يَمِينٌ غَمُوسٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَهُ عَلَى مَا قَالَ الْبَعْضُ. . . إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُ الْبَائِعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ فَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ) قَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ مَا قَالَا مِنْ إلْزَامِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ وَنَفْيِ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَ الْبَعْضُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ. . . إلَخْ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ رحمه الله بِقَوْلِهِ وَكَذَا فِي كُلِّ عَيْبٍ يُدَّعَى وَيَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ كَالْجُنُونِ اهـ، ثُمَّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ تَرْتِيبِ الْخُصُومَةِ وَتَقْسِيمِ الْعُيُوبِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِبَعْضِهِ كَزَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَثَوْرَيْنِ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ بِدُونِهِ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ قَبَضَ كَيْلِيًّا. . . إلَخْ) .
أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ فِي إنَاءَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ لَا الْمَالِكِ) يَعْنِي بِهِ الْمُسْتَحِقَّ.
(قَوْلُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً. . . إلَخْ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ أَوَائِلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَسَّ بِشَهْوَةٍ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ التَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ يَمْنَعُ الرَّدَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ اهـ، وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَوَطِئَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ أَيْ وَيَرُدُّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا إلَّا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِنُقْصَانِ الْعَيْنِ بِزَوَالِ الْعُذْرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ أَمْ لَا وَقِيلَ لَا يَمْنَعُ فَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
(تَنْبِيهٌ) : الْبَكَارَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ فَعَدَمُهَا مِنْ بَابِ عَدَمِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ لَا مِنْ بَابِ وُجُودِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَعَلِمَ بِالْوَطْءِ عَدَمَ الْبَكَارَةِ فَلَمَّا عَلِمَ
مِنْهَا عَيْبٌ حَادِثٌ (وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ) لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ (إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ كَانَ لِحَقِّهِ، فَإِذَا رَضِيَ زَالَ الِامْتِنَاعُ (الْحَادِثِ) مِنْ الْعَيْبِ (إذَا زَالَ فَالْقَدِيمُ يُوجِبُ الرَّدَّ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَإِذَا زَالَ جَازَ الرَّدُّ لِعَوْدِ الْمَمْنُوعِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ (ظَهَرَ عَيْبُ مَبِيعِ الْغَائِبِ عِنْدَ الْقَاضِي فَوَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ فَهَلَكَ كَانَ) أَيْ الْهَلَاكُ (عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا قَضَى بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ) يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَغَابَ الْبَائِعُ فَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبِ الْجَارِيَةِ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَالْعَيْبَ فَأَخَذَهَا الْقَاضِي وَوَضَعَهَا عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَحَضَرَ الْبَائِعُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَثْبُتْ لِمَكَانِ غَيْبَتِهِ فَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَوَضَعَهَا عِنْدَ عَدْلٍ أَمَّا إذَا قَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالرَّدِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَهْلِكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ وَلَكِنَّهُ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا (مُدَاوَاةُ الْمَعِيبِ وَعَرْضُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَلُبْسُهُ وَاسْتِخْدَامُهُ وَرُكُوبُهُ فِي حَاجَتِهِ رِضًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ (وَلَوْ) كَانَ رُكُوبُهُ (لِلرَّدِّ لَا) أَيْ لَا يَكُونُ رِضًا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الرَّدِّ (كَالسَّقْيِ وَشِرَاءِ الْعَلَفِ عَنْ ضَرُورَةٍ) فَإِنَّهُمَا إذَا كَانَا عَنْ ضَرُورَةٍ بِأَنْ لَا تَنْسَاقَ وَلَا تَنْقَادَ أَوْ يَكُونُ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونَانِ رِضًا وَإِذَا عَدِمَ الضَّرُورَةَ كَانَا رِضًا (قُطِعَ الْمَقْبُوضُ) أَيْ قُطِعَ يَدُ الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ (أَوْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ رَدَّ الْمَقْطُوعَ) لِبَقَاءِ عَيْنِهِ (وَأَخَذَ ثَمَنَيْهِمَا) أَيْ ثَمَنَيْ الْمَقْطُوعِ وَالْمَقْتُولِ يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَقُطِعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ، وَقَالَا لَا يَرُدُّهُ بَلْ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَارِقًا وَغَيْرِ سَارِقٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قُتِلَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا لَهُمَا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي يَدِ الْبَائِعِ سَبَبُ الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْمَالِيَّةَ فَيَنْفُذُ الْعَقْدُ فِيهِ لَكِنَّهُ تَعَيَّبَ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَلَهُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ حَصَلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَالْوُجُوبُ يُفْضِي إلَى الْوُجُودِ فَيُضَافُ الْوُجُودُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
نَزَعَ بِلَا لَبْثٍ مِنْ سَاعَتِهِ رَدَّ، وَإِنْ لَبِثَ بَعْدَ الْعِلْمِ لَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ جَوَّزَ الرُّجُوعَ بِالنَّقْصِ مَعَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ وَمَنَعَهُ مَعَ الْوَطْءِ كَالرَّدِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا عَيْبٌ حَادِثٌ) فِيهِ تَأَمُّلٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَمُسَلَّمٌ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَعَدَمُ رَدِّهَا لِاسْتِيفَائِهِ مَاءَهَا وَهُوَ جُزْؤُهَا فَإِذَا رَدَّهَا صَارَ كَأَنَّهُ أَمْسَكَ بَعْضَهَا وَرَدَّ بَاقِيَهَا كَذَا عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْمَسُّ فَكَيْفَ يُعَلِّلُ بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ وَلَكِنَّهُ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا) قَالَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ عَنْ الْمُحِيطِ كَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِعَدَمِ النَّفَاذِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقُوا إلَى هَدْمِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا اهـ وَسَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامُهُ) قَالَ الْكَمَالُ، وَلَوْ مَرَّةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اهـ.
وَلَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ بَعْدَ الْعِلْمِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ رِضًى أَيْ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رُكُوبُهُ لِلرَّدِّ لَا يَكُونُ رِضًى كَالسَّقْيِ وَشِرَاءِ الْعَلَفِ عَنْ ضَرُورَةٍ) جَعْلُ الرُّكُوبِ لِلرَّدِّ غَيْرُ مَانِعٍ مَعَ الضَّرُورَةِ ضَعِيفٌ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَا يَكُونُ الرُّكُوبُ لِيَسْقِيَهَا الْمَاءَ أَوْ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَهَا الْعَلَفَ رِضًى بِالْعَيْبِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، وَقَدْ لَا تَنْقَادُ وَلَا تَنْسَاقُ فَلَا يَكُونُ دَلِيلُ الرِّضَى إلَّا إذَا رَكِبَهَا فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ الرُّكُوبِ بِأَنْ كَانَ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا تَنْسَاقُ وَلَا تَنْقَادُ، وَقِيلَ الرُّكُوبُ لِلرَّدِّ لَا يَكُونُ رِضًى كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الرَّدِّ وَلِغَيْرِهِ يَكُونُ رِضًى إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا إذَا كَانَا عَنْ ضَرُورَةٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَنْ ضَرُورَةٍ لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلرُّكُوبِ حَالَةَ السَّقْيِ وَشِرَاءِ الْعَلَفِ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ وَاحِدٍ) قَالَ الْكَمَالُ تَقْيِيدُهُ بِعِدْلٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عِدْلَيْنِ فَرَكِبَهَا يَكُونُ الرُّكُوبُ رِضًى ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي رُكُوبِهَا لِلسَّقْيِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ مَعَهَا تَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ ثُمَّ رَكِبَهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ امْتِنَاعُ الرَّدِّ إذَا كَانَ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ اهـ.
وَفِي الْمَوَاهِبِ الرُّكُوبُ لِلرَّدِّ أَوْ لِلسَّقْيِ أَوْ شِرَاءِ الْعَلَفِ لَا يَكُونُ رِضًى مُطْلَقًا فِي الْأَظْهَرِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ (فَرْعٌ) وَجَدَ بِالدَّابَّةِ عَيْبًا فِي السَّفَرِ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى حِمْلِهِ حَمَلَهُ عَلَيْهَا وَيَرُدُّ بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّفَرِ وَهُوَ مَعْذُورٌ اهـ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ حِمْلًا وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُ حِمْلَهُ، وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ يَتْلَفُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ وَقِيلَ يَتَمَكَّنُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا حَمَلَ عَلَيْهِ عَلَفَهُ. قُلْت الْفَرْقُ وَاضِحٌ فَإِنَّ عَلَفَهُ مِمَّا يُقَوِّمُهُ إذْ لَوْلَاهُ لَا يَبْقَى وَلَا كَذَلِكَ الْعِدْلُ فَكَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ الرَّدِّ فَذَكَرَ اللَّامِشِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَلَفِ بِلَا حَمْلٍ فَحَمَلَ لَا يَرُدُّ اهـ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ قُتِلَ بِسَبَبٍ) أَيْ كَرِدَّةٍ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ نَفْسٍ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ ثَمَنَيْهِمَا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ثَمَنَهُ لِلْعَطْفِ بِأَوْ
إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي يُفِيدُ عَلَى مَذْهَبِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَيْبِ رِضًا بِهِ وَلَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَبَاحِثِ الِاسْتِحْقَاقِ.
(بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ) وَلَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ بِعَدَدِهَا (صَحَّ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَجْهُولَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ، وَتَمْلِيكُ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ وَلَنَا أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْإِسْقَاطِ لَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ التَّمْلِيكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى التَّسْلِيمِ فَلَا تَكُونُ مُفْسِدَةً (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ الْعَيْبُ (الْمَوْجُودُ) حَالَ الْعَقْدِ (وَالْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ (قَالَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ لِمَنْ سَاوَمَهُ اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ) صُورَتُهُ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ غُلَامًا فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ بِشْرٍ فَقَالَ لِبِشْرٍ حِينَ الْمُسَاوِمَةِ اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ (وَلَمْ يَبِعْ) الْغُلَامَ مِنْ بِشْرٍ (فَوَجَدَ) زَيْدٌ (بِهِ عَيْبًا) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِإِقْرَارِهِ بِعَدَمِ الْعَيْبِ لَكِنَّهُ (يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ) وَلَا يُبْطِلُهُ أَيْ الرَّدَّ (الْإِقْرَارُ السَّابِقُ) بِعَدَمِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَيْبٍ مَا فَتَيَقَّنَ الْقَاضِي بِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ (وَلَوْ عَيَّنَهُ) أَيْ الْعَيْبَ بِأَنْ قَالَ لَا عَوَرَ بِهِ أَوْ لَا شَلَلَ (لَا) أَيْ لَا يَرُدُّهُ لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ لَا يَحْدُثَ مِثْلُهُ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ بِهِ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ إصْبَعًا زَائِدَةً لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ لِتَيَقُّنِنَا بِكَذِبِهِ فِي الْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ قَطَعْت يَدَك وَيَدُهُ صَحِيحَةٌ (قَالَ) بَائِعُ عَبْدٍ (لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ فَاشْتَرِهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ وَبَاعَ مِنْ آخَرَ فَوَجَدَهُ) الْمُشْتَرِي (الثَّانِي آبِقًا لَا يُرَدُّ بِمَا سَبَقَ مِنْ إقْرَارِ) الْبَائِعِ (الْأَوَّلِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي السُّكُوتُ عِنْدَ إقْرَارِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي (مُشْتَرٍ) لِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (قَالَ أَعْتَقَ الْبَائِعُ) الْعَبْدَ (أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَوْلَدَ) الْأَمَةَ (أَوْ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ) لِعَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ (قَضَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ) لِإِقْرَارِهِ بِمَا ذَكَرَ (وَرَجَعَ بِالْعَيْبِ إنْ عَلِمَ بِهِ) لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلرُّجُوعِ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ بِإِنْشَائِهِ أَوْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى لَوْ قَالَ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ وَأَخَذَهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فِي الظَّاهِرِ بِإِقْرَارِهِ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
(بَاعَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِينُهُ غَنِيمَةً مُحْرَزَةً) حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَيْعِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ) أَيْ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا) يَعْنِي فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدَهُمَا لَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ تَعَيَّبَ. . . إلَخْ) .
أَيْ بِعَيْبِ الْعُقُوبَةِ مَعَ مَا بِهِ مِنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيُقَوَّمُ سَارِقًا وَغَيْرَ سَارِقٍ وَحَلَالَ الدَّمِ وَحَرَامَهُ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ نِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ فَيُضَافُ الْوُجُودُ) أَيْ وُجُودُ الْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ أَيْ سَبَبِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَهُوَ سَرِقَتُهُ أَوْ قَتْلُهُ كَائِنًا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيُضَافُ إلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قُطِعَ أَوْ قُتِلَ عِنْدَ الْبَائِعِ الَّذِي عِنْدَهُ السَّبَبُ فَانْتَقَضَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا إذْ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَائِمٍ بِهِ لَا يَدْخُلُ الْحَادِثُ فِي الْبَرَاءَةِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ حَادِثٌ.
وَعِنْدَ زُفَرَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا كَمَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْعَيْبِ وَلَكِنَّهُ لِلشَّتِيمَةِ حَتَّى قِيلَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ أَيْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ لَا عَيْبَ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِنَفْيِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ عُيُوبَ الثَّوْبِ ظَاهِرَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ. . . إلَخْ) كَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ يَرُدُّهُ الثَّانِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا وَصْفًا لِلْإِيجَابِ أَوْ شَرْطًا فِيهِ وَالْإِيجَابُ يَفْتَقِرُ إلَى الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي الْخِطَابِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَيَكُونُ اعْتِرَافًا بِكَوْنِهِ آبِقًا يَقْتَضِي الْجَوَابَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ إلَى الْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْإِبَاقِ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ مَوْجُودٍ مِنْ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ آبِقًا لِلْحَالِ بِالشَّكِّ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلْيُنْظَرْ مَعَ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ لَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا إبَاقَهُ بَرِئَ مِنْ إبَاقِهِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا الْإِبَاقَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي السُّكُوتُ. . . إلَخْ) يَعْنِي وَالسُّكُوتُ لَيْسَ تَصْدِيقًا مِنْهُ لِبَائِعِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَجَدْتُهُ آبِقًا الْآنَ صَارَ مُصَدِّقًا لِلْبَائِعِ فِي إقْرَارِهِ بِكَوْنِهِ آبِقًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ