الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَبَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي زَمَانَ الْقَحْطِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَبِيعُ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي» وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ فِي قَحْطٍ وَهُوَ يَبِيعُ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ رَغْبَةً فِي الثَّمَنِ الْغَالِي فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِعَدَمِ الْإِضْرَارِ وَقِيلَ صُورَتُهُ أَنْ يَجِيءَ الْبَادِي بِالطَّعَامِ إلَى مِصْرٍ فَيَتَوَكَّلُ الْحَاضِرُ عَلَى الْبَادِي وَيَبِيعُ الطَّعَامَ وَيُغَالِي السِّعْرَ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَبَاعَ بِنَفْسِهِ وَرَخَّصَ فِي السِّعْرِ (وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «وَوَهَبَ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ غُلَامَيْنِ صَغِيرَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا فَعَلَ الْغُلَامَانِ فَقَالَ بِعْتُ أَحَدَهُمَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَدْرِكْ أَدْرِكْ» وَيَرْوِي «اُرْدُدْ اُرْدُدْ» وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ وَبِالْكَبِيرِ، وَالْكَبِيرُ يُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ وَيَقُومُ بِحَوَائِجِهِ بِاعْتِبَارِ الشَّفَقَةِ النَّاشِئَةِ مِنْ قَرِيبِ الْقَرَابَةِ فَكَانَ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا قَطْعُ الِاسْتِئْنَاسِ وَالْمَنْعِ مِنْ التَّعَاهُدِ وَفِيهِ تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَى الصِّغَارِ، وَقَدْ أَوْعَدَ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ) إذْ لَيْسَ هُنَا تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَيْهِمَا (وَالزَّوْجَيْنِ) ؛ لِأَنَّ النَّصَّ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ مُحَرَّمٌ غَيْرُ قُرْبٍ وَلَا قَرِيبٍ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الصَّغِيرَيْنِ لَهُ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَا بَأْسَ بِهِ كَدَفْعِ أَحَدِهِمَا بِالْجِنَايَةِ وَبَيْعِهِ بِالدَّيْنِ وَرَدِّهِ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ غَيْرِهِ لَا الْإِضْرَارُ بِهِ (وَحُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْبَيْعِ مَكْرُوهٌ (أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى مُجَاوِرٍ لِلْبَيْعِ لَا فِي صُلْبِهِ وَلَا فِي شَرَائِطِ صِحَّتِهِ وَمِثْلُ هَذَا النَّهْيِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ بَلْ الْكَرَاهَةَ (وَلَا يَجِبُ فَسْخُهُ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الْفَاسِدِ لِدَفْعِ الْحُرْمَةِ وَلَا حُرْمَةَ هَاهُنَا (وَيَمْلِكُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِمَا مَرَّ أَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَذَرًا عَنْ تَقْرِيرِ الْفَسَادِ الْمُجَاوِرِ وَلَا فَسَادَ هَاهُنَا (وَيَجِبُ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ) إنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، لَا وُجُوبُ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ.
(بَابُ الْإِقَالَةِ)
(هِيَ) لُغَةً الْإِسْقَاطُ وَالرَّفْعُ وَشَرْعًا (رَفْعُ الْبَيْعِ وَتَصِحُّ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلٌ) فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ الْإِقَالَةُ تَثْبُتُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمَاضِي وَالْآخَرُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ أَقِلْنِي وَيَقُولُ صَاحِبُهُ أَقَلْتُكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ كَالْبَيْعِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي.
وَفِي الْفَتَاوَى اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَتَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ) فِي التَّجْرِيدِ يَتَوَقَّفُ قَبُولُ الْإِقَالَةِ عَلَى الْمَجْلِسِ وَكَمَا يَصِحُّ قَبُولُهَا فِي مَجْلِسِهَا نَصًّا بِالْقَوْلِ يَصِحُّ قَبُولُهَا دَلَالَةً بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا قَطَعَهُ قَمِيصًا فَوْرَ مَقَالَةِ الْمُشْتَرِي (وَهِيَ فَسْخُ فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلُهُمْ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بَلْ وَجَبَ بِشَرْطٍ زَائِدٍ فَالْإِقَالَةُ فِيهِ تُعْتَبَرُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَيْضًا كَمَا إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَيْنًا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[تَلَقِّي الْجَلَبِ]
قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الصَّغِيرَيْنِ لَهُ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا) كَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا تَعَذَّرَ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ وَلَهُ إعْتَاقُ أَحَدِهِمَا وَبَيْعُهُ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ مَلَكَهُ.
[بَابُ الْإِقَالَةِ]
قَالَ: الْعَيْنِيُّ هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ أَقَالَ أَجْوَفُ يَائِيٌّ وَمَعْنَاهُ الْقَلْعُ وَالرَّفْعُ اهـ.
وَقَالَ: الْكَمَالُ قِيلَ: الْإِقَالَةُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْهَمْزَةُ لِلسَّلْبِ فَأَقَالَ بِمَعْنَى أَزَالَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْبَيْعُ كَشَكَاهُ أَزَالَ شِكَايَتَهُ وَدَفَعَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا أَقِلْته بِالْكَسْرِ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ لَا وَاوٌ فَلَيْسَ مِنْ الْقَوْلِ وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ الْإِقَالَةَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ الْقَافِ مَعَ الْيَاءِ لَا مَعَ الْوَاوِ وَأَيْضًا ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ اللُّغَةِ قَالَ الْبَيْعَ قَيْلًا وَإِقَالَةً فَسَخَهُ اهـ.
وَكَذَا ذَكَرَ مِثْلَهُ الْعَيْنِيُّ مُصَرِّحًا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْقَوْلِ لَقِيلَ قُلْته بِالضَّمِّ.
(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِلَفْظَيْنِ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَادَّةُ قَافْ لَامْ بَلْ لَوْ قَالَ تَرَكْتُ الْبَيْعَ وَقَالَ الْآخَرُ رَضِيتُ أَوْ أَجَزْتُ تَمَّتْ وَيَجُوزُ قَبُولُ الْإِقَالَةِ دَلَالَةً بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا قَطَعَهُ قَمِيصًا فِي فَوْرِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي أَقَلْتُكَ وَتَنْعَقِدُ بِفَاسَخْتُكَ وَتَارَكْتُكَ. اهـ.
فَقَوْلُ الْجَوْهَرَةِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي مَا اشْتَرَيْتَ مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ بِعْتُ فَهُوَ بَيْعٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الْبَيْعِ اهـ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَصْرَ جَوَازِهَا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ دُونَ الْمُتَارَكَةِ وَالدَّلَالَةِ بَلْ الِاحْتِرَازُ عَنْ عَدَمِ حُصُولِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْإِقَالَةُ تَثْبُتُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْمَاضِي) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الدِّرَايَةِ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْفَتَاوَى اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ) جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مُقَابِلًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ مَتْنًا وَيُرَجِّحُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا كَوْنُ الْإِمَامِ مَعَهُ عَلَى مَا فِي قَاضِي خَانْ
قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ تَقَايَلَا عَادَ الدَّيْنُ حَالًّا كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَكَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَبِيعَ مَلَّكَهُ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ فَسْخًا لَقُبِلَتْ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَادَّعَى الْمَبِيعَ رَجُلٌ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذْ بِالْفَسْخِ عَادَ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَلَقِّيًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا فَسْخًا فُرُوعًا ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَبَطَلَتْ) أَيْ الْإِقَالَةُ (بَعْدَ وِلَادَةِ الْمَبِيعَةِ) لِامْتِنَاعِ الْفَسْخِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا مَحْضًا لَجَازَ قَالُوا هَذَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَهُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَصَحَّتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا بَاعَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) حَيْثُ لَا يَجُوزُ إقَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ رِعَايَةً لِجَانِبِ الْوَقْفِ وَحَقِّ الصَّغِيرِ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (شَرَطَ غَيْرَ جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (أَوْ الْأَقَلِّ) أَيْ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِمِثْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَرَطَ غَيْرَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ وَالْفَسْخُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَالْإِقَالَةُ لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا إذَا تَعَيَّبَ) أَيْ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْأَقَلُّ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ حِينَئِذٍ تَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يَكُونُ بِمُقَابَلَةِ الْفَائِتِ بِالْعَيْبِ وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَلَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْبَيْعِ بِهِ لِلُزُومِ الرِّبَا كَمَا مَرَّ وَلَا رِبَا فِي الْفَسْخِ وَذَكَرَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ لِلْبَائِعِ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) يَعْنِي إذَا تَقَايَلَا وَلَمْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْهُ ثَانِيًا جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَفَسَدَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا.
وَذَكَرَ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ.
(وَ) جَازَ (بَيْعُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِلَا إعَادَةِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَقَدْ بَاعَهُ مِنْهُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَاسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ يَجُزْ.
وَذَكَرَ السَّادِسَ بِقَوْلِهِ.
(وَ) جَازَ (هِبَةُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ) يَعْنِي إذَا وَهَبَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَبَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَسْخٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الْفَسْخَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ وَلَوْ ذَكَرَ بِلَفْظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَا يُجْعَلُ بَيْعًا اتِّفَاقًا إعْمَالًا لِمَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ، وَقَدْ فَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا بَيْعًا فُرُوعًا ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ فِي الْبَيْعِ لَا يُنَافِي أَخْذَهَا فِي الْإِقَالَةِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَقَايَلَا يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّانِيَ عَلَى الْأَوَّلِ بِعَيْبٍ عَلِمَهُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ يَعْنِي إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ قَالُوا هَذَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ) صِيغَةُ قَالُوا تُذْكَرُ فِيهَا فِيهِ خِلَافٌ وَلَمْ أَرَهُ وَالْكَمَالُ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ جَازَ مَا بِهِ دُونَ هَذِهِ الصِّيغَةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَتَعَذَّرُ مَعَهَا الْفَسْخُ حَقًّا لِلشَّرْعِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُمْنَعُ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسِّمَنِ لَا تُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَاعَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيُّ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) يَعْنِي أَوْ اشْتَرَيَا بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَنَصَّ عَلَى شِرَاءِ الْمُتَوَلِّي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَصِيِّ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَالْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَقَالَ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَا فَاتَ مِنْ الْعَيْبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ أَكْثَرَ مِنْهُ، كَذَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله وَقَيَّدَ بِالْعَيْبِ لَمَّا قَالَ الْكَمَالُ (فَرْعٌ) بَاعَ صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَمَا جَفَّ فَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لِأَنَّ كُلَّ الْمَبِيعِ بَاقٍ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي إذَا تَقَايَلَا وَلَمْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ. . . إلَخْ) إنَّمَا ذَكَرَ الْعِنَايَةَ لِتَقْيِيدِهِ بِبَيْعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالْعَقَارِ جَازَ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَهَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ذُكِرَ الْفَسْخُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ. . . إلَخْ) يُوَضِّحُهُ قَوْلُ الْجَوْهَرَةِ إنَّمَا جُعِلَتْ الْإِقَالَةُ فَسْخًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَمَلًا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا يُنْبِئُ عَنْ الْفَسْخِ وَالرَّفْعِ، وَإِنَّمَا جُعِلَتْ بَيْعًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ لَا بِلَفْظِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَعْنَى مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي وَهَذَا حَدُّ الْبَيْعِ فَاعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَاعْتُبِرْنَا الْمَعْنَى فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ نَعْكِسْ بِأَنْ نَعْتَبِرَ اللَّفْظَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَالْعَمَلَ بِالْمَعْنَى فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ قَائِمٌ بِالْمُتَعَاقِدِينَ وَاللَّفْظُ لَفْظُ الْفَسْخِ فَاعْتَبَرْنَا جَانِبَ اللَّفْظِ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِقِيَامِ اللَّفْظِ بِهِمَا، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا لَفْظَ الْفَسْخِ فِي حَقِّهِمَا نُعَيِّنُ الْعَمَلَ بِالْمَعْنَى فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا لَا مَحَالَةَ لِلْعَمَلِ بِالشَّبَهَيْنِ