الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيُطَالِبُ الْمَوْلَى كُلًّا مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ بِحُكْمِ الْأَصَالَةِ لَا الْكَفَالَةِ فَأَيُّهُمَا أَدَّى عَتَقَ وَعَتَقَ الْآخَرُ تَبَعًا لَهُ كَمَا فِي وَلَدِهِ الْمَكَاتِب (فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا رَجَعَ) عَلَى الْآخَرِ (بِنِصْفِهِ) لِاسْتِوَائِهِمَا وَلَوْ رَجَعَ بِالْكُلِّ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ انْتَفَى الْمُسَاوَاةُ (وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا) قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا (جَازَ) لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ وَبَرِئَ الْمُعْتَقُ عَنْ النِّصْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمَالِ إلَّا لِيَكُونَ وَسِيلَةً إلَى الْعِتْقِ وَلَمْ يَبْقَ وَسِيلَةٌ فَيَسْقُطُ النِّصْفُ وَيَبْقَى النِّصْفُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَابَلٌ بِرَقَبَتِهِمَا حَتَّى يَكُونَ مُوَزَّعًا مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا جُعِلَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَصْحِيحِ الضَّمَانِ فَكَانَ ضَرُورِيًّا لَا يَتَعَدَّى غَيْرَ مَوْضِعِهِمَا وَإِذَا أَعْتَقَ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَانْتَفَى الضَّرُورَةُ فَاعْتُبِرَ مُقَابَلًا بِرَقَبَتِهِمَا فَلِهَذَا يَنْتَصِفُ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا (أَخَذَ أَيًّا شَاءَ بِحِصَّةِ مَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ) أَمَّا أَخْذُ الْمُعْتَقِ فَبِالْكَفَالَةِ وَأَمَّا أَخْذُ صَاحِبِهِ فَبِالْأَصَالَةِ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ أَخْذَ الْمُعْتَقِ بِالْكَفَالَةِ تَصْحِيحٌ لِلْكَفَالَةِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ وَالْبَاقِي بَعْضُ ذَلِكَ فَيَبْقَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ يَكُونُ عَلَى وَصْفِ الثُّبُوتِ (فَإِنْ أَخَذَ الْمُعْتَقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ) أَيْ بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ (وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ (مَا لَا يَجِبُ عَلَى عَبْدٍ حَتَّى يَعْتِقَ) وَهُوَ دَيْنٌ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَمَا إذَا لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ اسْتِقْرَاضِهِ أَوْ وَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ وَدِيعَةً فَإِنَّهَا لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بَلْ يُؤْخَذُ بِهَا الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ (حَالٌّ عَلَى مَنْ كَفَلَ بِهِ) كَفَالَةً (مُطْلَقَةً) عَنْ قَيْدِ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ السَّبَبِ وَقَبُولِ الذِّمَّةِ لَكِنَّهُ لَا يُطَالَبُ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ وَلَمْ يَرْضَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالْكَفِيلُ غَيْرُ مُعْسِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ حَالًّا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (وَإِنْ أَدَّى رَجَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لَوْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِالْأَدَاءِ مَلَكَ الدَّيْنَ وَقَامَ مَقَامَ الطَّالِبِ فَلَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ
(ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَالًا وَكَفَلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ) لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ حُرًّا (مَاتَ عَبْدٌ مَكْفُولٌ بِرَقَبَتِهِ فَبَرْهَنَ أَنَّهُ لِمُدَّعِيهِ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ) يَعْنِي أَدَّى رَجُلٌ رَقَبَةَ عَبْدٍ فَكَفَلَ بِهِ آخَرُ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى رَدَّهُ عَلَى وَجْهٍ يَخْلُفُهُ قِيمَتُهُ وَقَدْ الْتَزَمَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَبْقَى الْقِيمَةُ عَلَى الْأَصِيلِ فَكَذَا الْكَفِيلُ (كَفَلَ عَبْدٌ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ فَأَدَّاهُ أَوْ عَكَسَ) أَيْ كَفَلَ مَوْلَى عَبْدٍ عَنْهُ وَأَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ (لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (عَلَى الْآخَرِ) مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِتَكْفِيلِهِ يَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَإِنْ كَانَ فَلَا يَصِحُّ لِتَضَمُّنِهِ إبْطَالَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا كَفَالَةُ الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَقَعَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرُّجُوعِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْآخَرِ دَيْنًا فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجَبَةً بَعْدَهُ كَمَا إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَأَجَازَ فَإِنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ فَكَذَا هَذَا ثُمَّ فَائِدَةُ كَفَالَةِ الْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ وُجُوبُ مُطَالَبَتِهِ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ عَنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَفَائِدَةُ الْعَكْسِ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ
[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]
[شُرُوط صِحَّة الْحَوَالَةِ]
(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْمُعْتَقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا ادَّعَى لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَشَرْحِهِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ
كِتَابُ الْحَوَالَةِ
(هِيَ) لُغَةً اسْمٌ بِمَعْنَى الْإِحَالَةِ وَهِيَ النَّقْلُ مُطْلَقًا، وَشَرْعًا (نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ) أَيْ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهَا نَقْلٌ شَرْعِيٌّ وَالدَّيْنُ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمُطَالَبَةِ فَالنَّقْلُ الشَّرْعِيُّ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْوَصْفِ الشَّرْعِيِّ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الشَّرْعِيَّ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَيَتْبَعُهُ نَقْلُ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ الْمَبِيعُ (الْمَدْيُونُ مُحِيلٌ وَالدَّائِنُ مُحْتَالٌ وَمُحْتَالٌ لَهُ وَمُحَالٌ وَمُحَالٌ لَهُ) يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ (وَمَنْ يَقْبَلُهَا) أَيْ الْحَوَالَةَ (مُحْتَالٌ عَلَيْهِ وَمُحَالٌ عَلَيْهِ) يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَانِ اللَّفْظَانِ (وَالْمَالُ مُحَالٌ بِهِ) وَشُرِطَ (لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ رِضَا الْكُلِّ) أَمَّا رِضَا الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ قَدْ يَأْنَفُونَ بِتَحَمُّلِ غَيْرِهِمْ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ وَأَمَّا رِضَا الثَّانِي وَهُوَ الْمُحْتَالُ فَلِأَنَّ فِيهَا انْتِقَالَ حَقِّهِ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَالذِّمَمُ مُتَفَاوِتَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ وَأَمَّا رِضَا الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَلِأَنَّهَا إلْزَامُ الدَّيْنِ وَلَا لُزُومَ بِلَا الْتِزَامٍ (بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِي الْأَوَّلِ) حَيْثُ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ الْحَوَالَةُ تَصِحُّ بِلَا رِضَا الْمُحِيلِ لِأَنَّ الْتِزَامَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْمُحِيلُ لَا يَتَضَرَّرُ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ.
(وَ) شُرِطَ (حُضُورِ الثَّانِي) يَعْنِي لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي غَيْبَةِ الْمُحْتَالِ لَهُ (إلَّا أَنْ يَقْبَلَ) أَيْ الْحَوَالَةَ (فُضُولِيٌّ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْغَائِبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (لَا حُضُورِ الْبَاقِينَ) أَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُحِيلُ فَبِأَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِلدَّائِنِ لَك عَلَى فُلَانٍ ابْنِ فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاحْتَلْ بِهَا عَلَيَّ، فَرَضِيَ الدَّائِنُ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَبِأَنْ يُحِيلَ الدَّائِنُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ فَقَبِلَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَإِذَا تَمَّتْ) الْحَوَالَةُ (بَرِئَ الْمُحِيلُ) عَنْ الدَّيْنِ بِقَبُولِ الْمُحْتَالِ وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَوَالَةِ النَّقْلُ كَمَا مَرَّ وَهُوَ يَقْتَضِي فَرَاغَ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ لِأَنَّ مِنْ الْمُحَالِ بَقَاءَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي مَحَلَّيْنِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ (وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالُ إلَّا بِالتَّوَى) لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّهِ لَهُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فَيَرْجِعُ عِنْدَ عَدَمِ السَّلَامَةِ وَبَيَّنَ التَّوَى بِقَوْلِهِ (بِمَوْتِ الْمُحِيلِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَوْ حَلِفِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُنْكِرَ الْحَوَالَةِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ يَتَحَقَّقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ التَّوَى حَقِيقَةً وَعِنْدَهُمَا هَذَانِ وَثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِإِفْلَاسِهِ فِي حَيَاتِهِ
(تَصِحُّ) أَيْ الْحَوَالَةُ (بِالدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ) يَعْنِي إذَا أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَحَالَ بِهِ عَلَيْهِ آخَرُ صَحَّ لِأَنَّهُ أُقْدَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْجَوَازِ.
(وَ) تَصِحُّ أَيْضًا بِالدَّرَاهِمِ (الْمَغْصُوبَةِ) أَيْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي غَصَبَهَا الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحِيلِ (وَبِالدِّينِ) الْكَائِنِ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ
(وَتَبْطُلُ) أَيْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهَا تَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ الْوَدِيعَةِ إذْ لَيْسَ فِيهَا نَقْلُ الدَّيْنِ وَكَذَا الْغَصْبُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةُ مُخَلِّصٌ وَدَفْعُ الْإِيرَادِ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ الْوَدِيعَةِ وَكَالَةٌ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ وَالدَّائِنُ مُحَالٌ وَمُحْتَالٌ لَهُ وَمُحَالٌ لَهُ) قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ قَوْلُهُمْ لِلْمُحْتَالِ الْمُحْتَالُ لَهُ لُغَةً لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الصِّلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ) بَيَانُ ذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي مِنْ مَادَّةِ الِاشْتِقَاقِ وَالْأَصْلُ أَعْنِي الدَّائِنَ وَيُزَادُ خَامِسًا قَالَهُ سَعْدِيٌّ حَلَبِيٌّ وَهُوَ حَوِيلٌ (قَوْلُهُ وَشُرِطَ رِضَا الْكُلِّ بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِي الْأَوَّلِ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادَ خِلَافًا مَذْهَبِيًّا أَوْ أَعَمَّ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا اخْتَارَهُ الْجُرْجَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ عَنْ مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ إنَّ رِضَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ إنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْ شَرَائِطِهَا الْقَبُولُ وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ الْحَوَالَةُ تَصِحُّ بِلَا رِضَى الْمُحِيلِ) هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ وَإِذَا تَمَّتْ أَيْ حَوَالَةٌ) أَيْ بِرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا بَرِئَ الْمُحِيلُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَا يَبْرَأُ إلَّا مِنْ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ إلَّا بِالتَّوَى) التَّوَى التَّلَفُ يُقَالُ مِنْهُ تَوِيَ بِوَزْنِ عَلِمَ وَهُوَ تَوٌّ وَتَاوٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ يُتْوَى تَوًّا إذَا تَلِفَ مَقْصُورٌ غَيْرُ مَهْمُوزٍ (قَوْلُهُ وَبَيَّنَ التَّوَى بِقَوْلِهِ بِمَوْتِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عَيْنًا وَلَا دَيْنًا وَلَا كَفِيلًا وَهَذَا إذَا ثَبَتَ مَوْتُهُ مُفْلِسًا بِتَصَادُقِهِمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُحْتَالِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعِنَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالشَّافِي وَقَالَ الْكَمَالُ.
وَفِي شَرْحِ النَّاصِحِيِّ الْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ مَعَ الْيَمِينِ لِإِنْكَارِهِ عَوْدَ الدَّيْنِ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَفِيلٌ وَلَكِنْ رَجُلٌ تَبَرَّعَ بِهِ وَرَهَنَ بِهِ رَهْنًا ثُمَّ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ اهـ.
وَمِثْلُ حُكْمِ التَّبَرُّعِ بِالرَّهْنِ مَا لَوْ اسْتَعَارَ الْمَطْلُوبُ شَيْئًا وَرَهَنَهُ عِنْدَ الطَّالِبِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ