الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ.
(وَ) لَزِمَهُ (نَسَبُ الْوَلَدِ) لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَصَدَّقَهُ (وَقِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَغْرُورِ حَيْثُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ كَسْبٌ كَسَبَهُ فَلَمْ يَرْضَ بِكَوْنِهِ رَقِيقًا فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ كَمَا أَنَّ الْمَغْرُورَ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ الْمِلْكُ ظَاهِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً (لَا الْأَمَةِ) إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً، وَمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ كَافٍ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّقْلِ وَتَقْدِيمِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ أَمَةِ الِابْنِ إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ فِيهَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ وَلَا حَقُّهُ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَاحْتَجْنَا إلَى نَقْلِهَا إلَى مِلْكِ الْأَبِ لِيَصِحَّ الِاسْتِيلَادُ (وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ الْمَوْلَى فِي دَعْوَتِهِ (فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ) أَيْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ كَسْبٌ كَسَبَهُ فَصَارَتْ كَجَارِيَةِ الِابْنِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى فِي الْمُكَاتَبِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ الِابْنِ، وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ ابْنِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عُقْرُهَا وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ مُكَاتَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَلْحَقَهَا بِالْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَيُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْمُكَاتَبَةَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ حَيْثُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَقَطْ مِنْهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهَا؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ (إلَّا إذَا مَلَكَهُ) أَيْ الْوَلَدَ (يَوْمًا) فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَيْضًا إذَا مَلَكَهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بَاقٍ وَهُوَ الْمُوجِبُ وَزَوَالَ حَقِّ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ الْمَانِعُ.
(وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ جَدِّهِ فَوَلَدَتْ، وَادَّعَاهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ) لِلشُّبْهَةِ (فَإِنْ قَالَ: أَحَلَّهَا لِي الْمَوْلَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ) أَيْ الْمَوْلَى (فِيهِ وَفِي أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ) وَلَوْ صَدَّقَهُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ مَلَكَهَا يَوْمًا ثَبَتَ النَّسَبُ) لِبَقَاءِ الْإِقْرَارِ كَمَا مَرَّ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ
[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]
[أَرْكَان الْكِتَابَة]
(كِتَابُ الْكِتَابَةِ) أَوْرَدَهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ تَوَابِعِ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ (هِيَ) لُغَةً: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَمِنْهُ الْكَتِيبَةُ لِلْجَيْشِ الْعَظِيمِ، وَالْكُتُبُ لِجَمْعِ الْحُرُوفِ فِي الْخَطِّ، وَشَرْعًا:(جَمْعُ حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ مَآلًا مَعَ حُرِّيَّةِ الْيَدِ حَالًا) فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ مَالِكٌ يَدًا وَمَمْلُوكٌ رَقَبَةً وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ) كَأَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْبَدَلِ مَعْلُومًا مَالًا كَانَ أَوْ عَمَلًا، وَأَمَّا كَوْنُهُ مُنَجَّمًا أَوْ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى تَجُوزَ الْكِتَابَةُ عَلَى الْمَالِ الْحَالِّ وَالْمُنَجَّمِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلًا بِنَجْمَيْنِ، وَحُكْمُهُمَا فِي جَانِبِ الْعَبْدِ انْتِفَاءُ الْحَجْرِ وَثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الْيَدِ لَا الرَّقَبَةِ حَتَّى يَكُونُ أَحَقَّ بِمَنَافِعِهِ وَمَكَاسِبِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْكِتَابَةِ وُصُولُ الْمَوْلَى إلَى بَدَلِهَا، وَالْعَبْدِ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِأَدَائِهِ وَذَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِذَلِكَ، وَفِي جَانِبِ الْمَوْلَى بَقَاءُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلَى مِلْكِهِ وَثُبُوتُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ
(كِتَابُ الْكِتَابَةِ)(قَوْلُهُ: أَوْرَدَهُ هَا هُنَا. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ ذِكْرَ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ عَقِيبَ الْعِتْقِ أَنْسَبُ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي عَقِيبَ كِتَابِ الْعَتَاقِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَآلُهَا الْوَلَاءُ، وَالْوَلَاءُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِتْقِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ الْمِلْكِ بِلَا عِوَضٍ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ فِيهَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ لِشَخْصٍ وَمَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنْسَبُ لِلْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الذَّاتِيَّاتِ أَوْلَى مِنْ الْعَرَضِيَّاتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْعًا. . . إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَسُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ كِتَابَةً وَمُكَاتَبَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَمَّ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكْتُبُ الْوَثِيقَةَ وَهُوَ أَظْهَرُ اهـ. .
وَفِي الْبُرْهَانِ مَعْنَاهُ كَتَبْتُ لَك عَلَى نَفْسِي أَنْ تَعْتِقَ مِنِّي إذَا وَفَّيْت بِالْمَالِ وَكَتَبْت لِي عَلَى نَفْسِك أَنْ تَفِيَ بِذَلِكَ أَوْ كَتَبْتُ عَلَيْك الْوَفَاءَ بِالْمَالِ، وَكَتَبْتُ عَلَيَّ الْعِتْقَ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ مَالِكٌ يَدًا) قَالَ الْكَمَالُ: فِي أَوَّلِ بَابِ التَّدْبِيرِ لَا مَعْنَى فِي التَّحْقِيقِ لِقَوْلِهِمْ الْمُكَاتَبُ مَالِكٌ يَدًا بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ مِلْكُهُ مُتَزَلْزِلٌ إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ مَالِكٌ شَرْعًا لَكِنَّهُ بِعَرَضِ أَنْ يَزُولَ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ) مُنَاقِضٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالْأَدَاءِ بِأَنْ قَالَ مَوْلَاهُ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ مَأْذُونٌ لَا مُكَاتَبٌ فَجَازَ بَيْعُهُ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ اهـ.
فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ مِنْ صِيَغِ الْمُكَاتَبَةِ وَحُكْمُهُمَا مُتَبَايِنٌ، فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْبَدَلِ مَعْلُومًا) زَادَ الزَّيْلَعِيُّ كَغَيْرِهِ وَكَوْنُ الرِّقِّ فِي الْمَحَلِّ اهـ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِسَبَبِهَا وَهُوَ الرَّغْبَةُ فِي الْبَدَلِ عَاجِلًا وَفِي الثَّوَابِ آجِلًا وَلِصِفَتِهَا، وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ لِمَنْ عُلِمَ فِيهِ خَيْرٌ وَنُدِبَ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَلِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَاتِبَهُ وَقِيلَ خَيْرٌ أَيْ وَفَاءً وَأَمَانَةً وَصَلَاحًا، وَقِيلَ الْمَالُ، وَالْخَيْرُ يُرَادُ بِهِ الْمَالُ قَالَ تَعَالَى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180] أَيْ مَالًا {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} [البقرة: 272] أَيْ مَالٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كَسُوبًا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الْبَدَلِ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
حَقِّ الْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهَا مَتَى شَاءَ وَاسْتِرْدَادُهُ إلَى مِلْكِهِ إذَا عَجَزَ.
(إذَا كَاتَبَ قِنَّهُ وَلَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُ) الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَإِنَّهُ إذَا عَقَلَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ وَالتَّصَرُّفُ نَافِعٌ فِي حَقِّهِ فَيَجُوزُ (بِمَالٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ) بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا (أَوْ مُنَجَّمٍ) أَيْ مُؤَقَّتٍ بِأَزْمِنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أُخِذَ مِنْ التَّوْقِيتِ بِطُلُوعِ النَّجْمِ ثُمَّ شَاعَ فِي مُطْلَقِ التَّوْقِيتِ (أَوْ قَالَ جَعَلْت عَلَيْك أَلْفًا تُؤَدِّيهِ نُجُومًا أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا فَإِنْ أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ عَجَزْت فَقِنٌّ وَقَبِلَ) أَيْ الْقِنُّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاتَبَ شُرِطَ قَبُولُهُ إذْ يَلْزَمُهُ الْمَالُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ (صَحَّ) جَوَابُ إذَا كَاتِب أَيْ صَحَّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ أَوْ بِمَا يُؤَدِّي مُؤَدَّاهُ لِوُجُودِ رُكْنِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ (وَعَتَقَ) الْقِنُّ (إنْ أَدَّى كُلَّهُ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَقُلْ إذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْكِتَابَةِ هُوَ الْعِتْقُ عَنْ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ جَمْعِ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ (فَخَرَجَ) عَطْفٌ عَلَى صَحَّ وَفَرَعٌ لَهُ أَيْ إذَا صَحَّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ خَرَجَ الْمُكَاتَبُ (مِنْ يَدِهِ) أَيْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْكِتَابَةِ مَالِكِيَّةُ الْيَدِ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ وَلِهَذَا لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى السَّفَرِ (لَا) مِنْ (مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَصْلُ الْبَدَلِ يَجِبُ لِلْمَوْلَى فِي ذِمَّتِهِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ الْمُنَافِي إذْ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ فَيَثْبُتُ لِلْعَبْدِ بِمُقَابَلَتِهِ مَالِكِيَّةٌ ضَعِيفَةٌ أَيْضًا فَإِذَا تَمَّ لِلْمَوْلَى الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ تَمَّ الْمَالِكِيَّةُ لِلْعَبْدِ أَيْضًا، وَتَمَامُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْحُرِّيَّةِ فَيَعْتِقُ لِضَرُورَةِ الْمَالِكِيَّةِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ بِذَلِكَ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (وَعَتَقَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا بَدَلٍ (إنْ أَعْتَقَ مَوْلَاهُ) لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ (وَغَرِمَ) الْمَوْلَى (الْعُقْرَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ (إنْ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ) مِثْلُ الْمَالِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ جَنَى (عَلَى مَالِهَا) ؛ لِأَنَّهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَوَلَدِهَا وَمَالِهَا.
(إذَا كَاتَبَ عَلَى قِيمَتِهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ قِيمَتَك فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ كَاتَبْتُك عَلَى قِيمَتِك (أَوْ) عَلَى (عَيْنٍ لِغَيْرِهِ) بِأَنْ قَالَ: كَاتَبْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَصِحُّ حَتَّى إذَا مَلَكَهَا وَسَلَّمَهَا عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ رُدَّ إلَى الرِّقِّ (وَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ) احْتِرَازًا عَنْ دَرَاهِمِ الْغَيْرِ وَدَنَانِيرِهِ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ عَلَيْهَا جَائِزَةٌ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا (أَوْ عَلَى مِائَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ (لِيَرُدَّ مَوْلَاهُ) إلَيْهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: إذَا كَاتَبَ قِنَّهُ) جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ نَحْوَ أُمِّ وَلَدِهِ صَحَّ، وَالْوَصِيُّ وَالْأَبُ يَصِحُّ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا عَنْ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَعْقِلُ فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَبَعًا فَلَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَعْقِلْ وَلَوْ قَبِلَ عَنْهُ رَجُلٌ وَرَضِيَ الْمَوْلَى وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي الصَّحِيحِ وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ بِمَا أَدَّاهُ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ الْعِتْقُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ شَرْطٌ مُنْتَفٍ بِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْمُكَاتَبِ لَهُ، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: بِمَالٍ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَنْ الْخِدْمَةِ لِمَا سَيَأْتِي.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا الْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ، وَالِاسْتِحْسَانُ: يَجُوزُ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلٍ) هُوَ أَفْضَلُ، كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: جَعَلْت عَلَيْك أَلْفًا تُؤَدِّيهِ نُجُومًا. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ مُنَجَّمٍ لِيُفِيدَ ثُبُوتَ حُكْمِ الْكِتَابَةِ بِلَفْظِهَا وَبِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، ثُمَّ الْكِتَابَةُ إمَّا عَنْ النَّفْسِ خَاصَّةً أَوْ عَنْهَا وَعَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَبْدِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ مَا فِي يَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَدَلِهَا وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى إلَّا بَدَلُ الْكِتَابَةِ لَا غَيْرُ، كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ الْمَوْلَى الْعُقْرَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) الْعُقْرُ إذَا ذُكِرَ فِي الْحَرَائِرِ يُرَادُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا ذُكِرَ فِي الْإِمَاءِ فَهُوَ عُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهَا، كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عُقْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ شَرَطَ وَطْأَهَا فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ، كَمَا فِي الدِّرَايَةِ وَتَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْبَدَلِ وَلَا يَثْبُتُ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَهَذَا حُكْمُ الْفَاسِدَةِ بِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَأَمَّا الْبَاطِلَةُ وَهِيَ الَّتِي فَاتَهَا شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَاءِ الْمَالِ فَيَعْتِقُ بِهِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ وَطِئَهَا الْمَوْلَى غَرِمَ الْعُقْرَ لَهَا تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةٍ مَمْلُوكَةٍ لَهَا اهـ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ قَبْلَ هَذَا: ثُمَّ مَالُ الْعَبْدِ مَا يَحْصُلُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِقَبُولِ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى فِي يَدِ الْعَبْدِ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْشُ وَالْعُقْرُ وَإِنْ حَصَلَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَكَذَا قَالَ الْحَدَّادِيُّ: وَأَمَّا أَرْشُ الْجِرَاحَةِ، وَالْعُقْرُ فَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى اهـ. فَلْيُنْظَرْ فِيهِ مَعَ إلْزَامِ الْمَوْلَى الْعُقْرَ بِوَطْئِهَا، وَالْأَرْشَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ قِيمَتَك فَأَنْتَ حُرٌّ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا لَا مُكَاتَبًا فَلْيُتَأَمَّلْ
(وَصِيفًا) أَيْ خَادِمًا عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً حَتَّى لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ عَبْدًا مُعَيَّنًا أَوْ أَمَةً مُعَيَّنَةً صَحَّ (أَوْ الْمُسْلِمُ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ كَاتَبَ وَجَازَ لِلْفَصْلِ (عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) وَقَوْلُهُ (فَسَدَ) جَوَابٌ إذَا كَاتَبَ أَيْ فَسَدَ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقِيمَةَ مَجْهُولَةٌ قَدْرًا وَجِنْسًا وَوَصْفًا فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِ مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ اشْتَمَلَ عَلَى بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْمِائَةِ بِإِزَاءِ الْوَصِيفِ الَّذِي يَرُدُّهُ الْمَوْلَى بَيْعٌ وَمَا كَانَ مِنْهَا بِإِزَاءِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةٌ فَيَكُونُ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ عَنْهَا كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْعَقْدِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ عَبْدًا مُعَيَّنًا أَوْ أَمَةً مُعَيَّنَةً، وَالْقَوْمُ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ فَالصَّوَابُ مَا فِي الْكَافِي أَنَّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَجْهُولُ الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَةِ الْوَصِيفِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْكِنُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَإِنَّمَا يُسْتَثْنَى قِيمَتُهُ، وَالْقِيمَةُ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ لِجَهَالَتِهَا قَدْرًا فَكَذَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَدَلِ الْبَدَلِ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنَّ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يَصْلُحُ لِلْعِوَضِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ (وَعَتَقَ فِيهِمَا) أَيْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يَعْنِي فِي أَدَائِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُ مَعْنَى الْعَقْدِ فِيهِ وَمُوجَبُهُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ الْعِوَضِ الْمَشْرُوطِ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ مَا عَتَقَ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى (سَعَى فِي قِيمَةِ نَفْسِهِ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ هُوَ الْقِيمَةُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْهِدَايَةِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَأَنَّهُ مُشْكِلٌ جِدًّا مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ فَإِنَّ فِيهَا لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ (لَا يُنْقِصُ مِنْهُ وَيُزَادُ عَلَيْهِ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَهَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ بِمَا قَبْلَهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِهَا يَعْنِي أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً عَنْ الْمُسَمَّى لَا تَنْقُصُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً زِيدَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ رَدُّ رَقَبَتِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ بِالْعِتْقِ فَوَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَرْضَ بِالنُّقْصَانِ، وَالْعَبْدُ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ كَيْ لَا يَبْطُلَ حَقُّهُ فِي الْعِتْقِ فَوَجَبَ ذَلِكَ.
(وَلَوْ عَلَى مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا بَطَلَ) أَيْ عَقْدُ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ. . . إلَخْ) الْإِيرَادُ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْكَافِي قَدْ صَدَّرَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا: وَلِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ يَشْتَمِلُ عَلَى بَيْعٍ. . . إلَخْ، وَلَيْسَ ضَارًّا فَلَا يُنْسَبُ إلَى الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي فِي أَدَائِهِمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْمَوْلَى عَلَى تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِأَدَائِهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : لِلْمَوْلَى فَسْخُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (الثَّانِي) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله حُكْمَ الْعِتْقِ فِي بَاقِي الصُّوَرِ الْفَاسِدَةِ فَنَقُولُ: إنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ إذَا كَاتَبَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَصِيرُ مَعْلُومَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عِنْدَ الْأَدَاءِ حَتَّى تَصِيرُ مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ، وَالْجِنْسِ، وَالصِّفَةِ اهـ.
وَإِنَّمَا يَثْبُتُ أَدَاءُ الْقِيمَةِ بِتَصَادُقِهِمَا أَوْ بِأَدَاءِ أَقْصَى مَا يَقَعُ بِهِ تَقْوِيمُ الْمُقَوِّمِينَ وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ لِغَيْرِهِ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ أَصْلًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: لَمْ يَنْعَقِدْ الْعَقْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ اهـ.
فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ وَأَمَّا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةٍ لِيَرُدَّ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ وَصِيفًا فَبَدَلُ الْكِتَابَةِ مَجْهُولُ الْقَدْرِ فَلَا تَصِحُّ كَذَا عَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ يَعْنِي فَتَكُونُ بَاطِلَةً لِمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْمُسَمَّى مَتَى كَانَ شَيْئًا لَا يَصْلُحُ عِوَضًا لِجَهَالَةِ الْقَدْرِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْجِنْسِ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى وَلَا بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ إذْ لَا يَنْعَقِدُ هَذَا الْعَقْدُ أَصْلًا لَا عَلَى وَجْهِ الْمُسَمَّى وَلَا عَلَى الْقِيمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ مُعَلِّلًا لَهُ: لِأَنَّ الْبَدَلَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ هُوَ الْقِيمَةُ فَيَعْتِقُ بِأَدَائِهِ وَلَا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ مَا لَيْسَ بِبَدَلٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَعَزَاهُ إلَى الْمَبْسُوطِ، وَالذَّخِيرَةِ وَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْهِدَايَةِ) يَعْنِي فِي بَعْضِ نُسَخِهَا مَنْسُوبًا لِزُفَرَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ الْخَمْرِ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مُوَافَقَةِ الْهِدَايَةِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَالذَّخِيرَةِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ مُشْكِلٌ جِدًّا) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَلَطٌ، وَقَدْ تَبِعَ هَذَا الْغَلَطَ فِي الِاخْتِيَارِ فَلْيَكُنْ فِي عِلْمِك.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا بَطَلَ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَالْكِتَابَةُ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ أَصْلًا وَلَا مُوجَبَ لَهَا وَلَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِأَدَائِهِمَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَاءِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ حَيَوَانٍ فَأَدَّى لَا يَعْتِقُ لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ اهـ.
(قُلْت) وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ يَعْتِقُ ذَكَرَهُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ: وَصَحَّ عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ، وَنَصُّهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ حَيْثُ لَا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ ثَوْبٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا لَا يُوقَفُ عَلَى مُرَادِ الْمَوْلَى فَكَانَتْ الْكِتَابَةُ بَاطِلَةً فَلَا تُعْتَبَرُ أَصْلًا حَتَّى لَوْ أَدَّى قِيمَتَهُ أَيْضًا لَا يَعْتِقُ إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِهِ قَصْدًا بِأَنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ ثَوْبًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ ثَوْبٍ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ صَرِيحٌ فَصَارَ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ وَهِيَ تَنْعَقِدُ مَعَ الْجَهَالَةِ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الثَّوْبِ اهـ.
بِمَالٍ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ (وَصَحَّتْ) الْكِتَابَةُ عَلَى حَيَوَانٍ (ذَكَرَ جِنْسَهُ) كَالْعَبْدِ (فَقَطْ) أَيْ لَا نَوْعَهُ وَصِفَتَهُ (وَيُؤَدِّي الْوَسَطَ أَوْ قِيمَتَهُ) فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ أَمَّا الْوَسَطُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا قِيمَتُهُ فَلِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالْقِيمَةِ فَصَارَتْ أَصْلًا فَدَفْعُ الْقِيمَةِ قَضَاءً فِي مَعْنَى الْأَدَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.
(وَمِنْ كَافِرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى حَيَوَانٍ أَيْ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ مِنْ كَافِرٍ (كَاتَبَ عَبْدًا مِثْلَهُ) يَعْنِي كَافِرًا (بِخَمْرٍ مُقَدَّرَةٍ) اُعْتُبِرَ التَّقْدِيرُ لِيُعْلَمَ الْبَدَلُ وَإِنَّمَا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِّ عِنْدَنَا (وَأَيٌّ) مِنْ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ (أَسْلَمَ لِلْمَوْلَى قِيمَتَهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمَلُّكِ الْخَمْرِ وَتَمْلِيكِهِ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (بِقَبْضِ الْخَمْرِ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضِهَا لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ (وَعَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى حَيَوَانٍ (لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْمَعْمُولِ، وَالْآجُرِّ بِمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ) لِحُصُولِ الرُّكْنِ، وَالشَّرْطِ (وَأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى غَرِيمِهِ وَأَلْفٍ وَوَصِيفٍ وَأَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ سَنَةً وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا لَا) أَيْ لَا يَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكِتَابَةِ كَوْنُ الْمَمْلُوكِ مَالِكًا يَدًا وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ لِيَكُونَ مَالِكًا مُطْلَقًا بَعْدَهُ، كَمَا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى الْخِدْمَةِ سَنَةً وَهَذَا يُنَافِيهِ (لَا تَفْسُدُ) الْكِتَابَة (بِشَرْطٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الشَّرْطُ (فِي صُلْبِ الْعَقْدِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: الْكِتَابَةُ تُشْبِهُ الْبَيْعَ يَعْنِي انْتِهَاءً؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ انْتِهَاءً وَتُشْبِهُ النِّكَاحَ يَعْنِي ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ وَهُوَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ عَلَى حَيَوَانٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ كَالْعَبْدِ) كَذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: إذَا كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ وَبَيَّنَ جِنْسَهُ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّوْعَ أَنَّهُ تُرْكِيٌّ أَوْ هِنْدِيٌّ وَلَا الْوَصْفَ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ جَازَتْ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَإِنَّمَا صَحَّ الْعَقْدُ مَعَ الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ وَمِثْلُهَا يُتَحَمَّلُ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَيُعْتَبَرُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ بِجَهَالَةِ الْأَجَلِ فِيهِ حَتَّى لَوْ كَاتَبَهُ إلَى الْحَصَادِ صَحَّتْ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَجَازَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْوَصْفِ جَمْعُ وَصِيفٍ وَهُوَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ اهـ.
وَلَكِنْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَالْكِتَابَةُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَالثَّوْبِ كَالنِّكَاحِ إنَّ عَيَّنَ النَّوْعَ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ لَا يَصِحُّ اهـ.
فَلْيَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالنَّوْعِ الْجِنْسَ وَإِلَّا نَاقَضَهُ مَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَدِّي الْوَسَطَ) قَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ بِمَا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَقَالَا هُوَ عَلَى قَدْرِ غَلَاءِ السِّعْرِ وَرُخْصِهِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَتَقَ بِقَبْضِ الْخَمْرِ)، كَذَا فِي الْكَنْزِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: قَالَ فِي الْكَافِي هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَالْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ والتمرتاشي لَوْ أَدَّى الْخَمْرَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْتَقَلَتْ إلَى الْقِيمَةِ وَلَمْ يَبْقَ الْخَمْرُ بَدَلًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: فَكَانَ فِي الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ رِوَايَتَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ مُخْتَلِفَةٌ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْخِدْمَةَ الْمُطْلَقَةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودَةِ فَتَصِيرُ مَعْلُومَةً بِالْعَادَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْمَعْمُولِ) بَيَانُهُ: أَنْ يُسَمَّى لَهُ طُولُ الْبِئْرِ وَعُمْقُهَا وَمَكَانُهَا.
وَفِي الدِّرَايَةِ آجُرُّهَا وَجِصُّهَا وَمَا يُبْنَى بِهَا فَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَالْآجُرِّ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْجِيمِ اللَّبِنُ الْمُحْرَقُ (قَوْلُهُ: وَأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى غَرِيمِهِ) أَيْ صَحَّتْ عَلَيْهَا وَكَذَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ يَضْمَنُهَا لِرَجُلٍ عَنْ سَيِّدِهِ فَالْمُكَاتَبَةُ، وَالضَّمَانُ جَائِزَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَأَلْفٍ وَوَصِيفٍ وَأَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ سَنَةً) أَيْ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مَعْلُومٌ وَلَيْسَ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ (قَوْلُهُ: وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا لَا) يَعْنِي إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا لَا تَصِحُّ لِمَا ذُكِرَ مِنْ مُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ عَتَقَ.
وَقَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْزِلُ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَعَ الْأَلْفِ شَيْئًا آخَرَ فَكَيْفَ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْأَلْفِ قُلْنَا اشْتِرَاطُ الْخِدْمَةِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ لِمَا أَوْجَبَهُ لَهُ بَلْ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ مِلْكِ نَفْسِهِ فِي الْخِدْمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فَلَا يَكُونُ اسْتِثْنَاءً لِمُوجَبِ الْعَقْدِ فَأَمَّا الْبَدَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ هُوَ الْأَلْفُ فَإِذَا أَدَّاهُ يَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، كَمَا فِي الْبُرْهَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ هَذَا) يُرِيدُ بِهِ الصُّورَةَ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ فَشَرْحُهُ أَوْضَحَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: الْكِتَابَةُ تُشْبِهُ الْبَيْعَ يَعْنِي انْتِهَاءً؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ انْتِهَاءً) أَقُولُ لَمْ يَعْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ شَبَهَ الْكِتَابَةِ بِالْبَيْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْمُعَاوَضَةُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِمَا بِلَا بَدَلٍ وَاحْتِمَالُهُمَا الْفَسْخَ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ، وَقَدْ نَفَى صَاحِبُ الْهِدَايَةِ شَبَهَ الْكِتَابَةِ بِالْبَيْعِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ أَيْ عَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَأَشْبَهَتْ الْبَيْعَ وَلَنَا أَنَّهَا مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ أَوْ بِمَالٍ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ الْمِلْكَ فِيهِ فَأَشْبَهَتْ النِّكَاحَ، وَالْجَامِعُ أَنَّهَا تُبْنَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ اهـ.
وَقَدْ مَنَعَ فِي الْعِنَايَةِ شَبَهَ الْكِتَابَةِ بِالْبَيْعِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَقَالَ: وَلَنَا أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ قِيَاسَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْبَيْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ ابْتِدَاؤُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ الِانْتِهَاءُ، وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْكِتَابَةَ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ فَكِّ الْحَجْرِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَذَلِكَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الِانْتِهَاءِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَهُوَ الرَّقَبَةُ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ الْمِلْكُ فِيهِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الِانْتِهَاءِ وَفِي أَنَّ مَبْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَهَذَا الْمِقْدَارُ كَافٍ فِي إلْحَاقِهَا بِالنِّكَاحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ وَهُوَ الْبُضْعُ) صَوَابُهُ