الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ نَهْيًا (كَافِرَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ لَمْ تُقْبَلْ كَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْقَضَاءِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ أَبِيهِ وَعَلَى قَضَاءِ أَبِيهِ فِي الصَّحِيحِ) هَذِهِ الْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ مِنْ الْخَانِيَّةِ
(مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا) بِأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا أَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ رَجُلٍ أَوْ مَوْتِهِ فَجَاءَ حَيًّا أَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَضَى ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَيْسَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ) قَالَ فِي الْكَافِي أَعْلَمُ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ يُعَزَّرُ إجْمَاعًا اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً اتَّصَلَ ضَرَرُهَا بِالْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فَيُعَزَّرُ زَجْرًا لَهُ وَتَنْكِيلًا إلَّا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَعْزِيرُهُ تَشْهِيرُهُ فَقَطْ وَقَالَا يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ ضَرَبَ شَاهِدَ الزُّورِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَسَخَّمَ وَجْهَهُ وَلَهُ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يُشَهِّرُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ فَيَبْعَثُهُ إلَى سُوقِهِ إنْ كَانَ سُوقِيًّا أَوْ إلَى قَوْمِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ سُوقِيٍّ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي أَجْمَعِ مَا كَانُوا وَيَقُولُ إنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذِّرُوهُ النَّاسَ وَشُرَيْحٌ كَانَ قَاضِيًا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَمِثْلُ هَذَا التَّشْهِيرِ لَا يَخْفَى عَلَى الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ
(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)
(هُوَ أَنْ يَقُولَ كُنْت مُبْطِلًا فِيهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (وَنَحْوَهُ) كَأَنْ يَقُولَ رَجَعْتُ عَمَّا شَهِدْتُ بِهِ أَوْ شَهِدْتُ بِزُورٍ فِيمَا شَهِدْتُ (فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهَا رُجُوعًا) لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهَا يَقْتَضِي سَبْقَ وُجُودِهَا (لَا يَصِحُّ) أَيْ الرُّجُوعُ عَنْهَا (إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي) سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهَا تَوْبَةٌ وَالتَّوْبَةُ عَلَى حَسَبِ الْجِنَايَةِ فَالسِّرُّ بِالسِّرِّ وَالْإِعْلَانُ بِالْإِعْلَانِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ جِنَايَةٌ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَالتَّوْبَةُ عَنْهَا تَتَقَيَّدُ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَهُمَا وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَوْ عَجَزَ عَنْهَا وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ لَمْ يَقْبَلْ الْقَاضِي بَيِّنَةً عَلَيْهِمَا وَلَا يُحَلِّفُهُمَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَالْيَمِينَ يَتَرَتَّبَانِ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَدَعْوَى الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي بَاطِلَةٌ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ وَضَمَّنَهُ الْمَالَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فِي اللَّقَبِ مَعَ الِاسْمِ هَلْ هُمَا وَاحِدٌ أَوْ لَا. اهـ.
(قَوْلُهُ كَافِرَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ. . . إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ ثُبُوتِ وِلَايَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ اهـ.
وَلَمْ يُعَلِّلْهُ قَاضِي خَانْ
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكَافِي اعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ يُعَزَّرُ إجْمَاعًا) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْرَارِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ نَعَمْ شَهِدْت فِي هَذِهِ بِالزُّورِ وَلَا أَرْجِعُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ لَا يُعَزَّرُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فَجَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّائِبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْزِيرِ الِانْزِجَارُ وَقَدْ انْزَجَرَ بِدَاعِي اللَّهِ تَعَالَى وَجَوَابُهُمَا فِيمَنْ لَمْ يَتُبْ وَلَا يُخَالِفُ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه اهـ.
وَفِي الْبُرْهَانِ يُرْجَعُ فِي ظُهُورِ تَوْبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي الصَّحِيحِ إذْ قَبُولُهَا وَرَدُّهَا إلَيْهِ فَيَكُونُ تَعَرُّفُ حَالِهِ فِي التَّوْبَةِ إلَيْهِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ يُقَدَّرُ بِعَامٍ وَعِنْدَ آخَرِينَ بِنِصْفِ عَامٍ لِأَنَّ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ يَتَغَيَّرُ حَالُ الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ وَسَخَّمَ وَجْهَهُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ يُقَالُ سَخَّمَ وَجْهَهُ إذَا سَوَّدَهُ مِنْ السُّخَامِ وَهُوَ سَوَادُ الْقُدُورِ وَقَدْ جَاءَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْأَسْحَمِ وَهُوَ الْأَسْوَدُ وَفِي الْمُغْنِي وَلَا يُسَخِّمُ وَجْهَهُ بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ شُرَيْحًا. . . إلَخْ) بَقِيَ مِنْ تَمَامِ عِبَارَةِ الْكَافِي فَكَانَ هَذَا مِنْهُ احْتِجَاجًا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لَا تَقْلِيدِ شُرَيْحٍ لِأَنَّهُ لَا يَرَى تَقْلِيدَ التَّابِعِيِّ انْتَهَى
[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]
(قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهَا تَوْبَةٌ. . . إلَخْ) كَذَا جَعَلَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَجْهًا لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ التَّوْبَةِ بِحَسَبِ الْجِنَايَةِ وَجِنَايَتُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَتَخْتَصُّ التَّوْبَةُ بِمَحَلِّهِ وَلَمَّا أَنْ كَانَتْ الْمُلَازَمَةُ غَيْرَ لَازِمَةٍ بَيَّنُوا لَهُ مُلَازَمَةً شَرْعِيَّةً بِحَدِيثِ «مُعَاذٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ فَقَالَ أَوْصِنِي فَقَالَ عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ إلَى أَنْ قَالَ إذَا عَمِلْتَ سُوءًا فَأَحْدِثْ تَوْبَةَ السِّرِّ بِالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ بِالْعَلَانِيَةِ» اهـ كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْعَلَانِيَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِعْلَامِ عَلَى مَحَلِّ الذَّنْبِ بِخُصُوصِهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ بَلْ فِي مِثْلِهِ مِمَّا فِيهِ عَلَانِيَةٌ وَهُوَ إذَا ظَهَرَ لِلنَّاسِ الرُّجُوعُ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَيْفَ لَا يَكُونُ مُعْلِنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضِي فُلَانٍ وَضَمِنَهُ الْمَالَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ) قَيَّدَ إطْلَاقَ مَتْنِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ وَهُوَ تَضْمِينُ الْقَاضِي مَنْ رَجَعَ عِنْدَهُ الْمَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى حَيْثُ قَالَ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ وَرَجَعَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يَصِحُّ وَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ لَكِنْ إذَا قَضَى عَلَيْهِ هَذَا الْقَاضِي بِالضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَجَعَ عِنْدَ الَّذِي شَهِدَ عِنْدَهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالضَّمَانِ فِي شَرْحِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فَكَانَ أُسْتَاذُنَا فَخْرُ الدِّينِ يَسْتَبْعِدُ تَوَقُّفَ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَضَاءِ
قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لِصِحَّةِ السَّبَبِ (وَحُكْمُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْضِ الْمَالِ التَّعْزِيرُ وَالتَّضْمِينُ) أَمَّا التَّعْزِيرُ فَلِمَا مَرَّ وَأَمَّا التَّضْمِينُ أَيْ تَضْمِينُ مَا أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَلِإِقْرَارِهِمَا عَلَى نَفْسِهِمَا بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الشَّهَادَةُ الْبَاطِلَةُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ حُكْمَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا قَالَ وَقَبْضِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ (وَلَمْ يَنْتَقِضْ) أَيْ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضُ لَا يَنْتَقِضُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ.
(وَ) حُكْمُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ (التَّعْزِيرُ) فَقَطْ وَقَدْ مَرَّ (الْعِبْرَةُ) فِي حَقِّ الضَّمَانِ (لِلْبَاقِي لَا الرَّاجِعِ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ) إذْ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقُومُ نِصْفُ الْحُجَّةِ فَبِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّهَادَةِ تَبْقَى الْحُجَّةُ فِي النِّصْفِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّاجِعِ ضَمَانُ مَا لَمْ تَبْقَ الْحُجَّةُ فِيهِ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً بِبَعْضِ الْعِلَّةِ ثُمَّ يَبْقَى بِبَقَاءِ بَعْضِ الْعِلَّةِ كَابْتِدَاءِ الْحَوْلِ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى بَعْضِ النِّصَابِ وَيَبْقَى مُنْعَقِدًا بِبَقَاءِ بَعْضِ النِّصَابِ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الرَّاجِعُ إذْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْحَقِّ (وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ (النِّصْفَ) إذْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يَبْقَى بِهِ نِصْفُ الْمَالِ (وَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ضَمِنَتْ الرُّبْعَ) إذْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يَبْقَى بِهِ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ (وَإِنْ رَجَعَتَا ضَمِنَتَا النِّصْفَ) لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِهِ النِّصْفُ (وَإِنْ رَجَعَتْ ثَمَانٍ مِنْ رَجُلٍ وَعَشْرَةِ نِسْوَةٍ فَلَا ضَمَانَ) لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْمَالِ وَهُوَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى ضَمِنَتْ التِّسْعُ الرُّبْعَ لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ) إذْ النِّصْفُ يَبْقَى بِالرَّجُلِ وَالرُّبْعُ بِالْبَاقِيَةِ (وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ) أَيْ الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ (فَعَلَيْهِ السُّدُسُ عِنْدَهُ وَالنِّصْفُ عِنْدَهُمَا وَمَا بَقِيَ) وَهُوَ خَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ (عَلَيْهِنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) لَهُمَا أَنَّ النِّسَاءَ وَإِنْ كَثُرْنَ فِي الشَّهَادَةِ لَمْ يَقُمْنَ إلَّا مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ إلَّا بِانْضِمَامِ رَجُلٍ وَكَانَ الثَّابِتُ بِشَهَادَتِهِ نِصْفَ الْمَالِ وَبِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفَهُ وَلَهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَعَشْرُ نِسْوَةٍ كَخَمْسَةٍ مِنْ الرِّجَالِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمْ يَكُونُ أَسْدَاسًا (وَإِنْ رَجَعْنَ) أَيْ النِّسْوَةُ الْعَشْرُ (فَقَطْ) وَبَقِيَ رَجُلٌ (فَالنِّصْفُ وِفَاقًا) أَمَّا عِنْدَهُمَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بِالرُّجُوعِ أَوْ بِالضَّمَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ نُقِلَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَبْعَدَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ تَوَقُّفَ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالرُّجُوعِ أَوْ بِالضَّمَانِ وَتَرَكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مُصَنَّفِي الْفَتَاوَى هَذَا الْقَيْدَ وَذَكَرَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ تَعْوِيلًا عَلَى هَذَا الِاسْتِبْعَادِ اهـ.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفُ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ قَبُولِ دَعْوَى الرُّجُوعِ مُطْلَقًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَبِهِ صُرِّحَ فِي الصُّغْرَى عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ وَقَبَضَ الْمَالَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ) كَذَا قَالَهُ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ دَيْنًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَشْهُودُ لَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ قَالَ الْبَزَّازِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الضَّمَانُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ أَوْ لَا وَكَذَا الْعَقَارُ يَضْمَنُ بَعْدَ الرُّجُوعِ إذَا اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ يَعْنِي لَا التَّضْمِينَ وَقَالَ الْكَمَالُ قَالُوا يُعَزَّرُ الشُّهُودُ سَوَاءٌ رَجَعُوا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ تَوْبَةٌ عَنْ تَعَمُّدِ الزُّورِ إنْ تَعَمَّدَهُ أَوْ التَّهَوُّرِ وَالْعَجَلَةِ إنْ كَانَ أَخْطَأَ فِيهِ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَى التَّوْبَةِ وَلَا عَلَى ذَنْبٍ ارْتَفَعَ بِهَا وَلَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ اهـ.
وَقَدَّمْنَا عَنْهُ مَا قَالَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ) وَهُوَ خَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَيْهِنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِالنِّصْفِ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَيْهِنَّ مُوَزَّعًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَيْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلِهِمَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِنَّ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ كَأَنَّهُنَّ خَمْسَةُ رِجَالٍ وَعَلَى قَوْلِهِمَا عَلَيْهِنَّ نِصْفٌ لِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّعْلِيلِ لَهُمَا وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ التَّرَاكِيبِ عَلَى الْمَاهِرِ اللَّبِيبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعْنَ فَقَطْ فَالنِّصْفُ وِفَاقًا) كَذَا عَكْسُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الرَّجُلَ رَجَعَ وَثَمَانِ نِسْوَةٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسْوَةِ لِأَنَّهُنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ يَقُمْنَ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ فَيَجْعَلُ الرَّاجِعَاتِ كَأَنَّهُنَّ لَمْ يَشْهَدْنَ وَهَذَا سَهْوٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ أَخْمَاسًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَنْصَافًا وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَانَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمَا وَجَبَ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ. اهـ. قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَلِذَا عَلَّلَ بِمَا لَمْ يُعَلِّلْ بِهِ الْإِمَامُ بَلْ بِمَا عَلَّلَا بِهِ إذْ مَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا ذَكَرَهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ
فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْمَالِ وَكَذَا عِنْدَهُ إذْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِهِ نِصْفُ الْمَالِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعَ خَمْسَةٌ
(وَضَمِنَ رَجُلَانِ شَهِدَا مَعَ امْرَأَةٍ فَرَجَعُوا) أَيْ الْكُلُّ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِشَاهِدَةٍ إذْ الْمَرْأَتَانِ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَكَانَتْ الْوَاحِدَةُ بَعْضَ الشَّاهِدِ فَكَانَ الْقَضَاءُ مُسْتَنِدًا إلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ بِلَا امْرَأَةٍ (وَلَا يَضْمَنُ رَاجِعٌ فِي النِّكَاحِ بِمَهْرٍ مُسَمًّى مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَهِدَا عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا أَوْ نِكَاحًا أَوْ نَحْوَهُمَا لَمْ يَضْمَنْ الشُّهُودُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَإِنْ كَانَ مَالًا فَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ يُعَادِلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِعِوَضٍ كَلَا إتْلَافٍ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَا يُعَادِلُهُ فَبِقَدْرِ الْعِوَضِ لَا ضَمَانَ بَلْ فِيمَا وَرَاءَهُ وَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِلَا عِوَضٍ أَصْلًا وَجَبَ ضَمَانُ الْكُلِّ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ جَاحِدَةٌ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً يُقْضَى بِالنِّكَاحِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَضْمَنَا لَهَا شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ أَتْلَفَا عَلَيْهَا الْبُضْعَ بِعِوَضٍ لَا يَعْدِلُهُ وَلَكِنَّ الْبُضْعَ لَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتْلِفِ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ ضَرُورَةَ التَّمَلُّكِ فَإِنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ يُقَدَّرُ بِالْمِثْلِ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَأَمَّا عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَقَدْ صَارَ مُتَقَوِّمًا إظْهَارًا لِخَطَرِهِ (إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا) يَعْنِي إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا الْمَهْرَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبُضْعُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِتْلَافَ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ضَمِنَا الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ قَدْرَ الزِّيَادَةِ بِلَا عِوَضٍ (وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي) بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفٍ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ ثُمَّ رَجَعَا يَضْمَنَانِ أَلْفًا لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ (وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ رَجَعَا يَضْمَنَانِ لِلْمُشْتَرِي أَلْفًا لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ
(وَلَا) يَضْمَنُ (فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إلَّا نِصْفَ مَهْرِهَا) يَعْنِي إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ رَجَعَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الرِّجَالِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ اهـ.
وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الصَّاحِبَيْنِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَعَ قِيَامِهِنَّ مَقَامَ رَجُلٍ يُقَسَّمُ عَلَيْهِنَّ مَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِنَّ فِي حَقِّ مَنْ رَجَعَ مِنْهُنَّ فَيَغْرَمْنَ بِقَدْرِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُنَّ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ نِصْفُ الْحَقِّ لِمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ الْخُمُسَانِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَةِ أَثْلَاثًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ اهـ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا الِانْقِسَامَ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِ قَوْلِهِمَا أَنَّ الِانْقِسَامَ عَلَيْهِنَّ بِحَسَبِ عَدَدِهِنَّ فَعَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النِّصْفِ وَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفٌ كَامِلٌ وَيَبْقَى خُمُسُ نِصْفِ الْمَالِ بِبَقَاءِ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ مَشْيٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ رَجُلَانِ شَهِدَا مَعَ امْرَأَةٍ فَرَجَعُوا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْكَمَالِ وَهِيَ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَرَجَعُوا ضَمِنُوا أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمَرْأَةِ هُنَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا مُنْفَرِدَةً مَعَ الرَّجُلَيْنِ بِخِلَافِهَا مَعَ امْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى جَمِيعِهِنَّ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا شَهِدَا بِهِ ثُمَّ رَجَعَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ فَرَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ وَتَفْرِيعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ وَالْكَافِي (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَشْهَدَا بِنَقْدِ الثَّمَنِ فَلَوْ شَهِدَا بِهِ وَبِنَقْدِ الثَّمَنِ. . . إلَخْ ثُمَّ رَجَعَا فَإِمَّا أَنْ يَنْظِمَاهُمَا فِي شَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا بِأَلْفٍ وَأَوْفَاهُ الثَّمَنَ أَوْ فِي شَهَادَتَيْنِ بِأَنْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ فَقَطْ ثُمَّ شَهِدَا بِأَنَّ الْمُشْتَرِي أَوْفَاهُ الثَّمَنَ فَفِي الْأَوَّلِ يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ لَا بِالثَّمَنِ وَفِي الثَّانِي يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَذَكَرَ الْفَرْقَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِبَيْعٍ بَاتَ أَوْ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ وَلَوْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ أَخَذَهُ فِي الْمُدَّةِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْهُمَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ بِاخْتِيَارٍ كَمَا لَوْ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْخِيَارِ لَهُ بِثَمَنٍ نَاقِصٍ عَنْ الْقِيمَةِ
(قَوْلُهُ وَلَا فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إلَّا نِصْفَ مَهْرِهَا) هَذَا إذَا سُمِّيَ مَهْرًا فِي الْعَقْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَا الْمَنْفَعَةَ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ
يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ فَلَا إتْلَافَ (وَضَمِنَ فِي الْعِتْقِ الْقِيمَةَ) يَعْنِي إذَا شَهِدَ عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ.
(وَ) ضَمِنَ (فِي الْقِصَاصِ الدِّيَةَ) يَعْنِي إذَا شَهِدَا أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ بَكْرًا فَاقْتَصَّ زَيْدٌ ثُمَّ رَجَعَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَنَا لَا الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ جَزَاءُ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَصُّ.
(وَ) ضَمِنَ (الْفَرْعُ بِرُجُوعِهِ) لِأَنَّ الْحُكْمَ أُضِيفَ إلَى أَدَاءِ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِ فَيَضْمَنُ (لَا بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَلْ شَهِدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالرُّجُوعِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْمُمْضِي لَا يَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِمْ كَمَا لَا يَنْتَقِضُ بِرُجُوعِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي
(وَلَا الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ مَا أَشْهَدْتُهُ) يَعْنِي أَنَّ الْأُصُولَ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالُوا لَمْ نُشْهِدْ شُهُودَ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِنَا لَمْ يَضْمَنُوا إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِمْ سَبَبٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ لِإِنْكَارِهِمْ سَبَبَ الْإِتْلَافِ وَهُوَ الْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ فَصَارَ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا التَّحْمِيلَ وَلَا بُدَّ مِنْهُ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (أَشْهَدْتُهُ وَغَلِطْتُ) يَعْنِي إذَا قَالَ الْأُصُولُ أَشْهَدْنَاهُمْ وَلَكِنَّا غَلِطْنَا فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَمْ يَقَعْ بِشَهَادَتِهِمْ بَلْ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ضَمِنُوا لِأَنَّ الْفُرُوعَ نَقَلُوا شَهَادَةَ الْأُصُولِ فَكَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَشَهِدُوا ثُمَّ حَضَرُوا وَرَجَعُوا (وَلَوْ رَجَعَ الْكُلُّ) أَيْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ (ضَمِنَ الْفُرُوعُ فَقَطْ) عِنْدَهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْإِتْلَافِ الشَّهَادَةُ الْقَائِمَةُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَذَا وُجِدَ مِنْ الْفُرُوعِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْفُرُوعِ وَتَضْمِينِ الْأُصُولِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَاضِيَ عَايَنَ شَهَادَتَهُمْ وَوَقَعَ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفُرُوعَ نَائِبُونَ عَنْهُمْ نَقَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِأَمْرِهِمْ
(وَ) ضَمِنَ (الْمُزَكِّي بِالرُّجُوعِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُزَكِّيَ إنْ رَجَعَ عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الشَّهَادَةِ وَالشَّهَادَةَ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْعَدَالَةِ وَهِيَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّزْكِيَةِ فَصَارَتْ فِي مَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ كَالرَّمْيِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِمُضِيِّ السَّهْمِ فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ سَبَبُ الْوُصُولِ إلَى الْمَرْمَى إلَيْهِ وَهُوَ سَبَبُ الْجُرْحِ وَهُوَ سَبَبُ تَرَادُفِ الْأَلَمِ وَهُوَ سَبَبُ الْمَوْتِ ثُمَّ أُضِيفَ الْمَوْتُ إلَى الرَّمْيِ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ الْأُولَى حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقَتْلِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا فَصَارُوا كَمَا لَوْ أَثْنَوْا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِأَنْ شَهِدُوا بِإِحْصَانِهِ
(لَا شَاهِدُ الْإِحْصَانِ) يَعْنِي لَوْ شَهِدُوا بِالْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا لِأَنَّهُ شَرْطُ مُحْصِنٍ (كَمَا ضَمِنَ بِهِ) أَيْ بِالرُّجُوعِ (شَاهِدُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ. . . إلَخْ) كَذَا ذَكَرَ الْكَمَالُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ضَمَانٌ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْبُضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ ثُمَّ قَالَ وَفِي التُّحْفَةِ لَمْ يَضْمَنَا إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ إتْلَافًا بِعِوَضٍ وَهُوَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ فِي الْعِتْقِ الْقِيمَةَ) سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ وَالْوَلَاءَ لِلْمَوْلَى وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ وَقَضَى بِهِ ضَمِنَا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَغَيْرَ مُدَبَّرٍ وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ رُجُوعِهِمَا فَعَتَقَ مِنْ ثُلُثِ تِرْكَتِهِ كَانَ عَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ قِيمَتِهِ عَبْدًا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ بِالْكِتَابَةِ ضَمِنَا تَمَامَ الْقِيمَةِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِاسْتِيلَادِهَا ضَمِنَا نُقْصَانَ قِيمَتِهَا تُقَوَّمُ أَمَةً وَأُمَّ وَلَدٍ لَوْ جَازَ بَيْعُهَا مَعَ الْأُمُومَةِ فَيَضْمَنَانِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَعَتَقَتْ كَانَ عَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ قِيمَتِهَا أَمَةً لِلْوَرَثَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا شَهِدَا عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ) لَعَلَّهُ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ
(قَوْلُهُ كَمَا ضَمِنَ بِهِ أَيْ بِالرُّجُوعِ شَاهِدُ الْيَمِينِ لَا الشَّرْطِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ قَالَ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ يَضْمَنُونَ عِنْدَ الْبَعْضِ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا سَلِمَ عَنْ مُعَارَضَةِ الْعِلَّةِ صَلَحَ عِلَّةً لِأَنَّ الْعِلَلَ لَمْ تُجْعَلْ عِلَلًا بِذَوَاتِهَا فَاسْتَقَامَ أَنْ يَخْلُفَهَا الشَّرْطُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَإِلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَإِلَى الْأَوَّلِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّفْوِيضِ وَآخَرَانِ بِأَنَّهَا طَلُقَتْ أَوْ أَعْتَقَ فَالتَّفْوِيضُ كَالشَّرْطِ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ أَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ فَقَطْ نَفَيْنَا الضَّمَانَ عَنْهُمْ فِي الْأَصَحِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَأَوْجَبَهُ زُفَرُ عَلَيْهِمْ وَإِلَيْهِ مَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ ظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَقَالُوا إنَّ الْعِلَّةَ لَا تَصِحُّ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا هُنَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تَتَعَدَّى فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الشَّرْطِ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ يُجْعَلُ خَلْفًا عَنْ الْعِلَّةِ هُنَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَيْهِ وُجُودًا عِنْدَهُ وَشَبَّهَ هَذَا بِحَفْرِ الْبِئْرِ قَالُوا وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ وَهَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ مُبَاشَرَةٌ لِإِتْلَافِ الْمَالِيَّةِ وَعِنْدَ وُجُودِ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ دُونَ الشَّرْطِ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي أَوْ لَا يَكُونُ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَفْرِ