الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالِدُ الْوَاقِفِ وَلَا جَدُّهُ وَلَا وَلَدُهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (دَارٌ فِي يَدِهِ بَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَبَرْهَنَ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنَّهَا لِلْمَسْجِدِ، فَإِنْ أَرَّخَا فَلِلسَّابِقِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ وَقْفٌ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْحَيُّ بَرْهَنَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِيَ غَيْبٌ وَالْوَاقِفُ وَاحِدٌ يُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَوْلَادُ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْك وَعَلَيْنَا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
كِتَابُ الْبُيُوعِ
(هُوَ) أَيْ الْبَيْعُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْبُيُوعُ لُغَةً مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ مُطْلَقًا وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُقَالُ بَاعَ الشَّيْءَ إذَا شَرَاهُ أَوْ اشْتَرَاهُ وَيَتَعَدَّى إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِلَا حَرْفٍ وَبِهِ يُقَالُ بَاعَهُ الشَّيْءَ وَبَاعَهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا جُمِعَ لِكَوْنِهِ أَنْوَاعًا أَرْبَعَةً بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَيْعُ سِلْعَةٍ بِمِثْلِهَا وَيُسَمَّى مُقَايَضَةً أَوْ بَيْعُهَا بِالثَّمَنِ وَيُسَمَّى بَيْعًا لِكَوْنِهِ أَشْهَرَ الْأَنْوَاعِ، أَوْ بَيْعُ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ كَبَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَيُسَمَّى صَرْفًا، أَوْ بَيْعُ دَيْنٍ بِمُعَيَّنٍ وَيُسَمَّى سَلَمًا وَبِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ أَيْضًا أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ إنْ لَمْ يُعْتَبَرْ يُسَمَّى مُسَاوَمَةً أَوْ اُعْتُبِرَ مَعَ زِيَادَةٍ يُسَمَّى مُرَابَحَةً أَوْ بِدُونِهَا يُسَمَّى تَوْلِيَةً أَوْ مَعَ النَّقْصِ يُسَمَّى وَضِيعَةً. وَشَرْعًا (مُبَادَلَةُ مَالٍ بِطَرِيقِ الِاكْتِسَابِ) أَيْ التِّجَارَةِ خَرَجَ بِهِ مُبَادَلَةُ رَجُلَيْنِ بِمَالِهِمَا بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ أَوْ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِهِ بَقَاءً، لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ التَّرَاضِي لِيَتَنَاوَلَ بَيْعَ الْمُكْرَهِ فَإِنَّهُ بَيْعٌ مُنْعَقِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ (يَنْعَقِدُ) الِانْعِقَادُ تَعَلُّقُ كَلَامِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِالْآخَرِ شَرْعًا عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمَحَلِّ (بِالْإِيجَابِ) وَهُوَ الْإِثْبَاتُ سُمِّيَ بِهِ أَوَّلُ كَلَامِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ بِعْتُ أَوْ اشْتَرَيْتُ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْآخَرِ خِيَارُ الْقَبُولِ (وَالْقَبُولِ) وَهُوَ ثَانِي كَلَامِ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت (الْمَاضِيَيْنِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إذَا كَانَا بِلَفْظِ الْمَاضِي، ثُمَّ قَالَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ تَصَرُّفٍ وَالْإِنْشَاءُ يُعْرَفُ بِالشَّرْعِ وَالْمَوْضُوعُ لِلْإِخْبَارِ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ فَيَنْعَقِدُ بِهِ وَأَرَادَ بِالْمَوْضُوعِ لِلْإِخْبَارِ لَفْظَ الْمَاضِي إذْ اللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ فَلَا وَجْهَ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ شَيْءٍ إلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ وَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَإِلَّا لَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا لَفْظُ الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ هُنَالِكَ وَأَرَادَ بِلَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ صِيغَةَ الْأَمْرِ نَحْوَ بِعْهُ مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ بِعْت؛ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ زَوِّجْنِي فَيَقُولُ زَوَّجْتُك فَلَا وَجْهَ لِحَمْلِهِ عَلَى الْمُضَارِعِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِهِ نَعَمْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ إذَا قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ كَمَا نَقَلَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَتُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ (وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِمَا فِي مَعْنَاهُمَا) أَيْ الْمَاضِيَيْنِ نَحْوَ رَضِيت وَأَعْطَيْتُك بِكَذَا أَوْ خُذْهُ بِكَذَا يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنَى بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهِ أَيْضًا، فَإِذَا قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ رَضِيتُ أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا مِنْك فَقَالَ خُذْهُ يَعْنِي بِعْت بِذَلِكَ فَخُذْهُ فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِالْأَخْذِ بِالْبَدَلِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْته مِنْك بِهِ فَخُذْهُ فَقُدِّرَ الْبَيْعُ اقْتِضَاءً فَيَثْبُتُ الْعَقْدُ بِاعْتِبَارِهِ لَا بِلَفْظَيْنِ أَحَدِهِمَا الْأَمْرُ لِيُنَافِيَ مَا مَرَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى هُوَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[كِتَابُ الْبُيُوعِ]
[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]
ِ) (قَوْلُهُ الْمَاضِيَيْنِ) قَالَ قَاضِي خَانْ الْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظَيْنِ يُنْبِئَانِ عَنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ عَلَى صِيغَةِ الْمَاضِي أَوْ الْحَالِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك هَذَا بِكَذَا أَوْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذَا بِكَذَا وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ أَجَزْت، وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا فَيَقُولُ بِعْت أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا فَيَقُولُ اشْتَرَيْت، وَكَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الِاسْتِقْبَالِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ سَأَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت
الْمُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ اللَّفْظُ فِي بَعْضِهَا كَشِرْكَةِ الْمُفَاوَضَةِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ إذَا لَمْ يُبَيِّنَا جَمِيعَ مَا تَقْتَضِيهِ (حَتَّى التَّعَاطِيَ) أَيْ إعْطَاءَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِهِ بِلَا وُجُودُ لَفْظٍ فَضْلًا عَنْ الْمَاضِيَيْنِ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّرَاضِي (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَ الْكَرْخِيُّ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْخَسِيسِ فَقَطْ كَالْبَقْلِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِلَفْظٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي بَيْعِ الْأَبِ مِنْ طِفْلِهِ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْت هَذَا مِنْهُ بِكَذَا (وَشِرَائِهِ مِنْهُ) بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت هَذَا مِنْ ابْنِي فَإِنَّ عِبَارَةَ الْأَبِ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْعِبَارَتَيْنِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى قَبُولٍ وَكَانَ أَصِيلًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَنَائِبًا عَنْ طِفْلِهِ حَتَّى إذَا بَلَغَ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ دُونَ أَبِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مَالَ طِفْلِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَبَلَغَ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى أَبِيهِ، فَإِذَا لَزِمَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي صُورَةِ شِرَائِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الدَّيْنِ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا يَقْبِضُهُ لِلصَّغِيرِ فَيَرُدُّهُ عَلَى أَبِيهِ فَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا بِدِرْهَمٍ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ (وَيُخَيَّرُ الْقَابِلُ فِي الْمَجْلِسِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَيَّرْ لَزِمَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ جَبْرًا وَهُوَ مُنْتَفٍ (بَيْنَ قَبُولِ الْكُلِّ بِالْكُلِّ وَالتَّرْكِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَوْجَبَ فِي شَيْءٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَوْ أَوْجَبَ الْمُشْتَرِي فِي شَيْءٍ فَقَبِلَ الْبَائِعُ فِي بَعْضِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ وَأَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ وَاحِدًا لَزِمَ ضَرَرُ الشِّرْكَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا فَالْعَادَةُ ضَمُّ الْجَيِّدِ إلَى الرَّدِيءِ وَنَقْصُ ثَمَنِ الْجَيِّدِ لِتَرْوِيجِ الرَّدِيءِ فَلَوْ ثَبَتَ خِيَارُ قَبُولِ الْعَقْدِ فِي الْبَعْضِ بِأَنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فِي الْجَيِّدِ وَتَرَكَ الرَّدِيءَ فَزَالَ الْجَيِّدُ عَنْ يَدِ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ أَخْذُ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ أَوْلَى، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ فَلَهُ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ عَنْ الْبَائِعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا إذَا كَرَّرَ) أَيْ الْبَائِعُ (لَفْظَ بِعْتُ وَفَصَّلَ الثَّمَنَ) إشَارَةً إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْكَافِي أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْهِدَايَةِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ صَفَقَاتٌ مَعْنًى لَا يَتِمُّ إلَّا أَنْ يُدْرَجَ تَكْرَارُ لَفْظِ الْعَقْدِ إذْ بِهِ تَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ لَا بِمُجَرَّدِ بَيَانِ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْضَ الْمَبِيعِ دُونَ الْبَعْضِ، وَإِنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ إلَّا إذَا كَرَّرَ الْبَائِعُ لَفْظَ بِعْت مَعَ ذِكْرِ الثَّمَنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ بِكَذَا أَوْ بِعْتُك هَذِهِ الْعَشَرَةَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِكَذَا (أَوْ رَضِيَ) أَيْ الْبَائِعُ (بِقَوْلِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي (اشْتَرَيْت هَذَا بِكَذَا) قَالَ الْقُدُورِيُّ إنْ رَضِيَ الْبَائِعُ فِي الْمَجْلِسِ بِتَفْرِيقِ صَفْقَةٍ يَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِئْنَافَ إيجَابٍ لَا قَبُولًا وَرِضَى الْبَائِعِ بِهِ قَبُولًا، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ لِلْبَعْضِ الَّذِي قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي قَفِيزَيْنِ بَاعَهُمَا بِعَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُنْقَسِمٌ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ فَتَكُونُ حِصَّةُ كُلِّ بَعْضٍ مَعْلُومَةً، فَأَمَّا إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ بِقَبُولِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَقُولُ مَنْشَؤُهُ الْغَفْلَةُ عَنْ مُرَادِ الْقُدُورِيِّ فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ عِبَارَةَ الْمُشْتَرِي إيجَابًا وَرِضَى الْبَائِعِ قَبُولًا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَبَرَ فِي عِبَارَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ ذِكْرَ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَرَّرَ الْبَائِعُ لَفْظَ بِعْت وَفَصَّلَ الثَّمَنَ) أَقُولُ: هَذَا بِنَاءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُهُمَا لِمَا فِي الْبُرْهَانِ أَوْ يُفَصِّلُ ثَمَنًا بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِمِائَةٍ كُلَّ وَاحِدٍ بِخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ حِينَئِذٍ فِي الْمُخْتَارِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا إنَّ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ تَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ، وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ لَفْظَ بِعْت؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ تَفْصِيلِهِ وَلَئِنْ وُجِدَ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ وَشَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ لِتَعَدُّدِهَا تَكْرَارَ لَفْظِ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ بِعْتُك هَذَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَبِعْتُك هَذَا بِخَمْسِمِائَةٍ. اهـ.
بَعْضِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِلَا ذِكْرِ الثَّمَنِ لَا يَكُونُ إيجَابًا، وَلَا قَوْلِ الْبَائِعِ رَضِيت قَبُولًا لِعَدَمِ صِدْقِ تَعْرِيفِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَظَهَرَ عَدَمُ لُزُومِ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً، وَلِهَذَا قُلْت أَوْ رَضِيَ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت هَذَا بِكَذَا (وَيَمْتَدُّ) أَيْ خِيَارُ الْقَبُولِ (إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ، وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ جَامِعٌ لِلْمُتَفَرِّقَاتِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، فَإِذَا عُدَّتْ الْأُمُورُ الْمُتَعَدِّدَةُ بِسَبَبِهِ وَاحِدَةٌ فَلَأَنْ تُعْتَبَرَ سَاعَاتُهُ سَاعَةً وَاحِدَةً أَوْلَى دَفْعًا لِلْعُسْرِ وَتَحْقِيقًا لِلْيُسْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْخُلْعُ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ كَذَلِكَ بَلْ تَوَقَّفَ الْإِيجَابُ فِيهِمَا عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمَا اشْتَمَلَا عَلَى الْيَمِينِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى فَكَانَ ذَلِكَ مَانِعًا عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْمَجْلِسِ (وَالْكِتَابُ وَالرِّسَالَةُ كَالْخِطَابِ) يَعْنِي إذَا كَتَبَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْتُك عَبْدِي فُلَانًا بِكَذَا أَوْ قَالَ لِرَسُولِهِ بِعْت هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا فَاذْهَبْ وَأَخْبِرْهُ فَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَأَخْبَرَ الرَّسُولُ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ فَقَالَ فِي مَجْلِسِ بُلُوغِ الْكِتَابِ أَوْ الرِّسَالَةِ اشْتَرَيْتُهُ بِهِ أَوْ قَبِلْتُهُ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ كَالْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ وَالرَّسُولُ مُعَبِّرٌ وَسَفِيرٌ فَكَلَامُهُ كَكَلَامِ الْمُرْسِلِ فَإِنَّ الرَّسُولَ عليه السلام كَانَ يُبَلِّغُ تَارَةً بِالْخِطَابِ وَتَارَةً بِالْكِتَابِ.
(وَيَبْطُلُ الْإِيجَابُ قَبْلَ الْقَبُولِ بِالرُّجُوعِ) أَيْ بِرُجُوعِ الْمُوجِبِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الرُّجُوعِ لُزُومُ إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ بِدُونِ الْقَبُولِ، اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْمِلْكِ بَلْ حَقُّ التَّمَلُّكِ أَيْضًا حَقٌّ وَفِيهِ إبْطَالُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِيجَابَ إذَا لَمْ يَفْدِ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ مُزِيلًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ فَحَقُّ التَّمَلُّكِ لِلْمُشْتَرِي لَا يُعَارِضُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ لِكَوْنِهَا أَقْوَى مِنْهُ وَلَا يَنْتَقِضُ بِمَا إذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْحَوْلِ إلَى السَّاعِي، فَإِنَّ الْمُزَكِّيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِاسْتِرْدَادِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْفَقِيرِ بِالْمَدْفُوعِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ زَالَتْ مِنْ الْمُزَكِّي فَعَمِلَ حَقُّ الْفَقِيرِ لِانْتِفَاءِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
(وَ) يَبْطُلُ أَيْضًا الْإِيجَابُ قَبْلَ الْقَبُولِ (بِقِيَامِ أَيِّهِمَا) مِنْ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ (عَنْ مَجْلِسِهِ) لِأَنَّ الْقِيَامَ دَلِيلُ الرُّجُوعِ وَالدَّلَالَةُ تَعْمَلُ عَمَلَ الصَّرِيحِ. اُعْتُرِضَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْمَلُ عَمَلَهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ صَرِيحٌ يُعَارِضُهَا وَهَاهُنَا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْقِيَامِ قَبِلْت وُجِدَ الصَّرِيحُ وَلَمْ يُعْتَبَرْ وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ الدَّلَالَةِ وَلِذَا لَمْ يُعَارِضْهَا (وَلَزِمَ) أَيْ الْبَيْعُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (بِلَا خِيَارٍ) لِأَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَلَنَا أَنَّ فِي الْفَسْخِ إبْطَالَ حَقِّ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ. أَقُولُ يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِحَقِّ الْآخَرِ حَقُّ التَّمَلُّكِ فَمُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ حَقَّ التَّمَلُّكِ ثَابِتٌ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْقَبُولِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ بَلْ كَانَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً مَعَ كَوْنِهِ رُكْنًا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَلَنَا أَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ يُفِيدَانِ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ لِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] فَأَبَاحَ الْأَكْلَ، وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ لِوُجُودِ التِّجَارَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ التَّرَاضِي وَالْبَيْعُ تِجَارَةٌ فَدَلَّ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى نَفْيِ الْخِيَارِ وَصِحَّةِ وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، وَالْقَوْلُ بِالْخِيَارِ تَقْيِيدٌ وَهُوَ نَسْخٌ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ بِقِيَامِ أَيِّهِمَا) أَقُولُ يَعْنِي لَوْ كَانَا قَاعِدَيْنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَا وَاقِفَيْنِ فَسَارَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَكَلَ لُقْمَتَيْنِ فَقَبِلَهُ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ فَقَبِلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ أَوْ فِي رَكْعَةٍ مِنْ التَّطَوُّعِ فَأَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى فَقَبِلَ جَازَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَنْعَقِدُ لِتَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ بِالْخُطُوَاتِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْعَقِدُ إذَا أَجَابَ الْمُخَاطَبُ مَوْصُولًا بِالْخِطَابِ. اهـ.
فَلَا يَجُوزُ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى خِيَارِ الْقَبُولِ أَيْ قَبُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْعَقْدَ فِي الْمَجْلِسِ، وَفَائِدَتُهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُوجِبَ بَعْدَمَا أَوْجَبَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِخِيَارِ الْفَسْخِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا الْقَبُولِ الْمُقَابِلِ لِلْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ وَفِي الْحَدِيثِ إشَارَةٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثٌ: حَالٌ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَحَالٌ وُجِدَا فِيهَا وَانْقَضَيَا وَحَالٌ وُجِدَ فِيهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ مَوْقُوفٌ وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَيْهِمَا فِي الْأُولَى مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَفِي الثَّالِثَةِ حَقِيقَةٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ أَيْ أَجْزَاءٌ مِنْ أَوَاخِرِ الْمَاضِي وَأَوَائِلِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ حَالُ الْمُبَاشَرَةِ بِأَنْ يَقْبَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ، وَالْآخَرُ مُتَوَقِّفٌ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الثَّالِثَةُ فَإِنَّهُمَا مُتَبَايِعَانِ حَقِيقَةً حَالَ الْمُبَاشَرَةِ لَا مَا قَبْلَهَا وَلَا مَا بَعْدَهَا أَوْ يَحْتَمِلُهَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ إبْطَالُ حَقِّ الْآخَرِ، وَالتَّفَرُّقُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى تَفَرُّقِ الْأَقْوَالِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا بِعْت وَيَقُولَ الْآخَرُ لَا أَشْتَرِي أَوْ بِالْعَكْسِ حَيْثُ لَا يَبْقَى الْخِيَارُ بَعْدَهُ، فَإِنْ قِيلَ التَّفَرُّقُ يَكُونُ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ هَاهُنَا قُلْنَا الْمُرَادُ بِالتَّفَرُّقِ عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ ابْتِدَاءً وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ مُقَرَّرَةٍ فِي الْمِفْتَاحِ وَالْكَشَّافِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ ضَيِّقْ فَمَ الرَّكْيَةِ وَوَسِّعْ كُمَّ الثَّوْبِ وَالْمُرَادُ فِي الْأَوَّلِ جَعْلُ فَمِ الرَّكْيَةِ ضَيِّقًا ابْتِدَاءً وَفِي الثَّانِي جَعْلُ كُمِّ الثَّوْبِ وَاسِعًا ابْتِدَاءً فَلَا تَغْفُلْ.
(وَكَفَى) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (الْإِشَارَةُ فِي أَعْوَاضٍ) أَعَمِّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ (غَيْرِ رِبَوِيَّةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ بَيْعِ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ وَحِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا بِجِنْسِهَا فَإِنَّ الْإِشَارَةَ فِيهِ لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُسَاوَاتِهَا قَدْرًا لِاحْتِمَالِ الرِّبَا كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا كَفَتْ الْإِشَارَةُ لِكَوْنِهَا أَبْلَغَ طُرُقِ التَّعْرِيفِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَوَصْفِهِ وَاجِبَةٌ فِيهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَشَرْطُ مَعْرِفَةِ مَبِيعٍ يُسَلَّمُ) أَيْ يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ مَتَاعًا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ وَلَمْ يُعَرِّفَاهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى التَّسْلِيمِ ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ (بِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَعْرِفَةِ (يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ) الْمُفْضِيَةَ إلَى النِّزَاعِ الْمُفْضِي إلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِأَنْ بَاعَ غَائِبًا وَأَشَارَ إلَى مَكَانِهِ وَلَيْسَ فِيهِ مُسَمًّى بِذَلِكَ الِاسْمِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ.
(وَ) شُرِطَ أَيْضًا مَعْرِفَةُ (قَدْرِ ثَمَنٍ) كَعَشَرَةٍ مَثَلًا كَائِنٍ (فِي الذِّمَّةِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمُشَارِ إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ وَمَا يَحْصُلُ فِيهَا هُوَ الْمَكِيلَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ وَالْمَوْزُونَاتُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَسَائِرِ مَا يُوزَنُ إذَا قُوبِلَتْ بِالْأَعْيَانِ الْقِيَمِيَّةِ (وَ) مَعْرِفَةُ (وَصْفِهِ) كَكَوْنِهِ بُخَارِيًّا أَوْ سَمَرْقَنْدِيًّا؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُمَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ فَيَعْرَى الْعَقْدُ عَنْ الْمَقْصُودِ.
(وَصَحَّ) الْبَيْعُ (بِحَالٍّ) أَيْ بِثَمَنٍ حَالٍّ (وَمُؤَجَّلٍ) لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ ثَوْبًا إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ فَهَذَا يُطَالِبُهُ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ، وَذَلِكَ يُسْلِمُ فِي بِعِيدِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا أَقُولُ فِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ نَصَّ الْبَيْعَ مُطْلَقٌ كَمَا قَالُوا، وَاشْتِرَاطُ مَعْلُومِيَّةِ الْأَجَلِ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِالرَّأْيِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ نَسْخٌ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) يَعْنِي نَحْوَ الثَّلَاثَةِ بِجِنْسِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ) أَقُولُ وَلَكِنْ لَا تَسْقُطُ الْجَوْدَةُ حَتَّى لَوْ أَرَاهُ دَرَاهِمَ، وَقَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْجِيَادِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَاجِبَةٌ فِيهَا) لَعَلَّهُ وَاجِبٌ فِيهِ إذْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَرِّفَاهُ) يَعْنِي مِقْدَارَهُ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى مَكَانِهِ. . . إلَخْ) بَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُشِرْ إلَى مَكَانِهِ وَأَعَمُّ مِنْهُ وَبَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ مُشْتَرَكٍ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ اخْتِلَاطِ الْمِثْلِيِّ وَلِي فِيهِ رِسَالَةٌ.
وَنَسْخُ الْكِتَابِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ إطْلَاقَ النَّصِّ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى نَفْسِ الْأَجَلِ وَهِيَ لَمْ تُقَيَّدْ بِالْمَعْلُومِيَّةِ لِمَا سَيَأْتِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا إلَى أَجَلٍ أَوْ مُؤَجَّلًا صَحَّ فَيُصْرَفُ إلَى نِصْفِ يَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَالْمُقَيَّدُ بِالْمَعْلُومِيَّةِ إنَّمَا هُوَ وَقْتُ الْأَجَلِ وَالنَّصُّ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَلِهَذَا قُلْت (مَعْلُومَ الْوَقْتِ) حَتَّى إذَا جُهِلَ وَقْتُهُ فَسَدَ الْبَيْعُ كَالْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْبَيْعَ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ هُوَ الْمُعْتَرِضُ لِلذَّاتِ دُونَ الصِّفَاتِ لَا بِالنَّفْيِ وَلَا بِالْإِثْبَاتِ، وَذَاتُ الْبَيْعِ وَحَقِيقَتُهُ كَمَا عَرَفْت مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَالثَّمَنُ مُعْتَبَرٌ فِي مَفْهُومِ الْبَيْعِ وَالتَّأْجِيلُ مِنْ صِفَاتِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ، وَلِهَذَا يُقَالُ بَيْعٌ مُؤَجَّلٌ فَبِالنَّظَرِ إلَى التَّأْجِيلِ يَكُونُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِظَنِّيٍّ، وَأَمَّا تَعْيِينُ وَقْتِ الْأَجَلِ فَلَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ بَلْ أَمْرٌ لَهُ نَوْعُ تَعَلُّقٍ بِصِفَتِهِ فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا فَيَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالرَّأْيِ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ (وَبَعْدَمَا عُلِمَ) الْأَجَلُ (إنْ مَاتَ الْبَائِعُ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ، وَإِنْ) مَاتَ (الْمُشْتَرِي حَلَّ الْمَالُ) ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْجِيلِ أَنْ يَتَّجِرَ فَيُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ، فَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ تَعَيَّنَ الْمَتْرُوكُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يُفِيدُ التَّأْجِيلُ (وَإِذَا مَنَعَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ سَنَةَ الْأَجَلِ فَلِلْمُشْتَرِي أَجَلُ سَنَةٍ ثَانِيَةٍ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ فَلِلْمُشْتَرِي سَنَةٌ أُخْرَى بَعْدَ قَبْضِهِ، وَقَالَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (وَبِمُطْلَقٍ) أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُطْلَقٍ عَنْ ذِكْرِ الصِّفَةِ لَا الْقَدْرِ لِوُجُوبِ ذِكْرِهِ لِمَا عَرَفْت (فَالْعَقْدُ) أَيْ فَالْعَقْدُ حِينَئِذٍ يَقَعُ (عَلَى غَالِبِ النَّقْدِ) أَيْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ فِي الرَّوَاجِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ (فَإِنْ اسْتَوَى) أَيْ لَمْ يُوجَدْ الْغَالِبُ بَلْ اسْتَوَى (الرَّوَاجُ) فِي النُّقُودِ (لَا الْمَالِيَّةُ) بَلْ تَفَاوَتَتْ فِيهَا (فَسَدَ) أَيْ الْبَيْعُ (إنْ لَمْ يُبَيَّنْ) أَيْ الثَّمَنُ أَنَّهُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ كَمَا مَرَّ (أَوْ) اسْتَوَى (الْمَالِيَّةُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا اسْتَوَى الرَّوَاجُ (وَاخْتَلَفَ الِاسْمُ) كَالْأُحَادِيِّ وَالثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ (صَحَّ إنْ أَطْلَقَ اسْمَ الدِّرْهَمِ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا) حَيْثُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَيْنِ مِنْ الثَّانِي وَالثَّلَاثِ مِنْ الثَّالِثِ اسْمُ الدِّرْهَمِ إذْ لَا نِزَاعَ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَالِيَّةِ وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ الْجَوَازِ (وَصُرِفَ إلَى مَا قُدِّرَ بِهِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ) مَثَلًا إذَا بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ أَلْفًا مِنْ الْأُحَادِيِّ أَوْ أَلْفَيْنِ مِنْ الثُّنَائِيِّ أَوْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنْ الثُّلَاثِيِّ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْكَافِي وَأَرَادَ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ نَوْعُ غُمُوضٍ (وَلَا يَتَعَيَّنُ النَّقْدَانِ) النَّقْدُ مَا لَيْسَ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَسْكُوكًا أَوْ لَا (وَالْفُلُوسُ النَّافِقَةُ) كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (فِي صَحِيحِهِ) أَيْ صَحِيحِ الْبَيْعِ (وَإِنْ عَيَّنَا) يَعْنِي إذَا عَيَّنَ الْعَاقِدَانِ دِرْهَمًا مَثَلًا، ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي تَبْدِيلَهُ بِدِرْهَمٍ آخَرَ جَازَ عِنْدَنَا وَلَا يُسْمَعُ نِزَاعُ الْبَائِعِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعْيِينِ حَتَّى لَا يَجُوزَ تَبْدِيلُهُ بِآخَرَ، وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَنَا بَلْ يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِ مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي صَحِيحِهِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَتَعَيَّنَانِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْأَصْلِ وَلَا يَتَعَيَّنَانِ فِيمَا يَنْتَقِضُ بَعْدَ الصِّحَّةِ، صُورَةُ الْأَوَّلِ مَا إذَا بَاعَ عَبْدًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَظَهَرَ أَنَّهُ ثَمَنُ الْحُرِّ أَوْ بَاعَ جَارِيَةً وَظَهَرَ أَنَّهَا أُمُّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَهِيَ لَمْ تُقَيَّدْ بِالْمَعْلُومِيَّةِ) الضَّمِيرُ فِي هِيَ يَرْجِعُ لِلْآيَةِ يَعْنِي {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275](قَوْلُهُ وَإِذَا مَنَعَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ. . . إلَخْ) أَقُولُ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ إلَى سَنَةٍ كَمَا ذَكَرَ أَمَّا لَوْ قَالَ إلَى رَجَبٍ وَحَبَسَهُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ عَلَى رَجَبٍ خَاصٍّ فَكَانَ مُنْصَرِفًا إلَى أَوَّلِ رَجَبٍ يَأْتِي عَقِيبَ الْعَقْدِ بِاتِّفَاقٍ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنَانِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْأَصْلِ) يَعْنِي مِنْ أَصْلِهِ لَا طَارِئًا عَلَيْهِ
وَلَدِهِ تَتَعَيَّنُ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ لِلرَّدِّ؛ لِأَنَّ لِهَذَا الْقَبْضِ حُكْمُ الْغَصْبِ وَصُورَةُ الثَّانِي مَا إذَا بَاعَ عَبْدًا وَهَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَصَحَّ) الْبَيْعُ (فِي الطَّعَامِ) وَهُوَ الْحِنْطَةُ وَدَقِيقُهَا؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِمَا عُرْفًا وَسَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ (وَالْحُبُوبِ) وَهِيَ غَيْرُهُمَا كَالْعَدَسِ وَالْحِمَّصِ وَنَحْوِهِمَا (وَلَوْ) كَانَ الْبَيْعُ (جُزَافًا) أَيْ بِطَرِيقِ الْمُجَازَفَةِ مُعَرَّبُ كُزَافٍ (لَوْ) بِيعَ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا (وَصَحَّ) أَيْضًا بَيْعُ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ (بِإِنَاءٍ أَوْ حَجَرٍ مُعَيَّنٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا (جُهِلَ قَدْرُهُ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الصِّحَّةِ جَهَالَةٌ تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ وَهَاهُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْبَيْعِ مُتَعَجَّلٌ فَيَنْدُرُ هَلَاكُ الْإِنَاءِ وَالْحَجَرِ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ مُتَأَخِّرٌ فَالْهَلَاكُ لَيْسَ بِنَادِرٍ قَبْلَهُ فَتَتَحَقَّقُ فِيهِ الْمُنَازَعَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لَا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ كَالْقَصْعَةِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ كَالزِّنْبِيلِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ يَتَفَتَّتُ أَوْ بَاعَهُ بِوَزْنِ شَيْءٍ إذَا جَفَّ يَخِفُّ.
(وَ) صَحَّ أَيْضًا فِي (الْقَدْرِ الْمُسَمَّى) وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ (إذَا بِيعَ صُبْرَةُ كُلِّ قَفِيزٍ أَوْ قَفِيزَيْنِ) مَثَلًا (بِكَذَا) يَعْنِي إذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ أَوْ قَفِيزَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِكَذَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي الْقَدْرِ الْمُسَمَّى فِي عَدَدِ الْقُفْزَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا الْبَاقِي لَا إذَا زَالَتْ الْجَهَالَةُ بِعِلْمِ جَمِيعِ الْقُفْزَانِ بِتَسْمِيَتِهَا أَوْ بِالْكَيْلِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَقَالَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (لَا صُبْرَتَانِ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْقَدْرِ الْمُسَمَّى إذَا بِيعَ صُبْرَتَانِ (مِنْ جِنْسَيْنِ) كَصُبْرَتَيْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ كُلُّ قَفِيزٍ أَوْ قَفِيزَيْنِ بِكَذَا حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ عِنْدَهُ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ لِتَفَاوُتِ الصُّبْرَتَيْنِ، وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ فِيهِمَا أَيْضًا وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ وَالْإِيضَاحِ أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ عَلَى قَفِيزٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَلَا) أَيْ لَا يَصِحُّ أَيْضًا الْبَيْعُ عِنْدَهُ فِي الْقَدْرِ الْمُسَمَّى إذَا بِيعَ (مُتَفَاوِتٌ كَالثُّلَّةِ) وَهِيَ قَطِيعُ غَنَمٍ كُلُّ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ بِكَذَا (وَالْعِدْلِ) الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَثْوَابِ الْمُتَفَاوِتَةِ كُلُّ ثَوْبٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ بِكَذَا؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي أَبْعَاضِهَا يَقْتَضِي الْجَهَالَةَ الْمُؤَدِّيَةَ إلَى النِّزَاعِ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ (وَإِنْ سَمَّى الْجُمْلَتَيْنِ) أَيْ جُمْلَتَيْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ بِعْت هَذِهِ الثُّلَّةَ وَهِيَ مِائَةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِعْت هَذَا الْعِدْلَ وَهُوَ عَشَرَةُ أَثْوَابٍ بِمِائَةٍ (بِلَا تَفْصِيلٍ) أَيْ لَا يَقُولُ: كُلُّ شَاةٍ بِكَذَا أَوْ كُلُّ ثَوْبٍ بِكَذَا (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي الْكُلِّ) إجْمَاعًا (مُتَفَاوِتًا أَوْ لَا) لِمَعْلُومِيَّةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ (فَإِنْ بَاعَهَا) هَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ سَمَّى الْجُمْلَتَيْنِ بِلَا تَفْصِيلٍ يَعْنِي بَعْدَمَا سَمَّى الْجُمْلَتَيْنِ وَلَمْ يَفْصِلْهُمَا، فَإِنْ بَاعَ الصُّبْرَةَ (عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ) أَيْ مِائَةُ قَفِيزٍ (بِمِائَةٍ) صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَتَفَاوَتُ الْحُكْمُ هَاهُنَا بَيْنَ أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا بِأَنْ يَقُولَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُسَمِّيَ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَهِيَ) أَيْ الصُّبْرَةُ (أَقَلُّ) مِنْ الْمِائَةِ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْأَقَلَّ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ فَسَخَ) الْعَقْدَ يَعْنِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِالْمَوْجُودِ (أَوْ) هِيَ (أَكْثَرُ) مِنْ الْمِائَةِ (فَالزَّائِدُ) عَلَى الْمِائَةِ (لِلْبَائِعِ) وَالْمِائَةُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ وُجِدَ فَصَحَّ الْعَقْدُ، وَالْقَدْرُ لَيْسَ بِوَصْفٍ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ كَمَا فِي الثَّوْبِ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ (وَإِنْ بَاعَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَقُولُ.
وَفِي الْبُرْهَانِ فَلَوْ فَسَدَ الصَّرْفُ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ يَتَعَيَّنُ الْمَقْبُوضُ لِلرَّدِّ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْبَدَلَيْنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَقِيلَ هُوَ شَرْطٌ لِبَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ رَدُّهُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ) يَعْنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فَيَجُوزُ كَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْجَوَازَ. . . إلَخْ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ قَيَّدَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ حَيْثُ قَالَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِنَاءُ لَا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ وَلَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقَصْعَةِ وَالْخَزَفِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْكَبِسُ كَالزِّنْبِيلِ وَالْقُفَّةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ فِيهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَالَا يَجُوزُ مُطْلَقًا) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَبِهِ يُفْتَى وَذَكَرَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ لَا صُبْرَتَانِ) أَقُولُ الْوَجْهُ لَا صُبْرَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَمَّى الْجُمْلَتَيْنِ بِلَا تَفْصِيلٍ صَحَّ فِي الْكُلِّ) أَقُولُ وَكَذَا لَوْ بَيَّنَ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَيَّدْنَا مَوْضِعَ الْخِلَافِ بِقَيْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ وَلَمْ يُبَيِّنْ جُمْلَةَ الثَّمَنِ كَمَا إذَا قَالَ بِعْت هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ بَيَّنَ جُمْلَةَ الثَّمَنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ كَمَا إذَا قَالَ بِعْت هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ بِبَيَانِ جُمْلَةِ الذُّرْعَانِ صَارَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وَبِبَيَانِ جُمْلَةِ الثَّمَنِ صَارَ جُمْلَةُ الذُّرْعَانِ مَعْلُومَةً كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ اهـ
الْمَذْرُوعَ هَكَذَا) أَيْ سَمَّى الْجُمْلَتَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ: كُلُّ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ بِكَذَا صَحَّ الْبَيْعُ، فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُشْتَرِي تَامًّا أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ بِلَا خِيَارٍ، وَإِنْ وَجَدَهُ أَقَلَّ خُيِّرَ إنْ شَاءَ (أَخَذَ الْأَقَلَّ بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الثَّمَنِ (أَوْ تَرَكَ) لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ فِي الثَّوْبِ لَا بِمَعْنَى كَوْنِهِ صِفَةً عَرَضِيَّةً لَهُ بَلْ هُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ مَا يَكُونُ تَابِعًا لِلشَّيْءِ غَيْرَ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ إذَا حَصَلَ فِيهِ يَزِيدُهُ حُسْنًا، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ جَوْهَرًا كَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ بِنَاءٍ مِنْ دَارٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْأَيْمَانِ، فَإِنْ بَاعَ ثَوْبًا هُوَ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ وَيُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إذَا انْتَقَصَ مِنْهُ ذِرَاعٌ لَا يُسَاوِي تِسْعَةً بِخِلَافِ الْمَكِيلَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ، فَإِنَّ بَعْضًا مِنْهَا يُسَمَّى قَدْرًا وَأَصْلًا وَلَا يُفِيدُ انْضِمَامَهُ إلَى بَعْضٍ آخَرَ كَمَالًا لِلْمَجْمُوعِ فَإِنَّ حِنْطَةً هِيَ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ إذَا سَاوَتْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كَانَتْ التِّسْعَةُ مِنْهَا تُسَاوِي تِسْعَةً، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْوَصْفِ وَالْأَصْلِ، وَالْكُلُّ رَاجِعٌ إلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْوَصْفُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ إلَّا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ كَمَا سَيَأْتِي (وَأَخَذَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ بِلَا خِيَارٍ لِلْبَائِعِ) لِأَنَّهُ وَصْفٌ فَكَانَ كَمَا إذَا بَاعَهُ مَعِيبًا، فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ (وَإِنْ بَاعَ الْمُتَفَاوِتَ هَكَذَا) أَيْ سَمَّى الْجُمْلَتَيْنِ وَلَمْ يَفْصِلْ (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي الْكُلِّ) حَتَّى إذَا تَسَاوَى الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ لَزِمَ الْبَيْعُ لِمَعْلُومِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ) قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ الْإِيضَاحِ إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ عَلَى أَنَّهُ خَمْسُونَ رَأْسًا أَوْ هَذَا الْعِدْلَ عَلَى أَنَّهُ خَمْسُونَ ثَوْبًا بِكَذَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ صَارَ مَعْلُومًا بِالتَّسْمِيَةِ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَبِيعَ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الْعَقْدُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ مُتَفَاوِتٌ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَحُطَّ حِصَّةَ الثَّوْبِ النَّاقِصِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَيَفْسُدُ أَيْضًا وَهَكَذَا فِي سَائِرِ مَا يَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ (وَإِنْ زَادَ) أَيْ فِي بَيْعِ الْمَذْرُوعِ بَعْدَ ذِكْرِ الْجُمْلَتَيْنِ (كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الصُّبْرَةِ لِمَا ذَكَرَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ هُنَاكَ بَيْنَ ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ (صَحَّ فِي الْكُلِّ) لِمَا ذَكَرْنَا (فَإِنْ وَجَدَهُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ الْأَقَلَّ بِالْأَقَلِّ أَوْ تَرَكَ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ، وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ صَارَ هَاهُنَا أَصْلًا بِإِفْرَادِهِ بِذِكْرِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا الْوَصْفُ يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ حَقِيقَةً، كَمَا إذَا قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ نِصْفُ الثَّمَنِ أَوْ حُكْمًا لِحَقِّ الْبَائِعِ كَمَا إذَا حَدَثَ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ لِحَقِّ الشَّارِعِ كَمَا إذَا خَاطَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَكُونُ لِلْوَصْفِ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا صَارَ أَصْلًا وَوَجَدَهُ نَاقِصًا ثَبَتَ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ أَوْ لِفَوْتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ.
(وَ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَخَذَ (الْأَكْثَرَ بِالْأَكْثَرِ أَوْ فَسَخَ) لِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ لَزِمَهُ زِيَادَةُ الثَّمَنِ لِمَا ذَكَرَ فَكَانَ نَفْعًا يَشُوبُهُ ضَرَرٌ فَيَتَحَيَّرُ، فَلَوْ أَخَذَهُ بِالْأَقَلِّ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْأُولَى أَوْ تَرَكَ، وَقَالَ هَاهُنَا أَوْ فَسَخَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا كَانَ نَاقِصًا فِي الْأُولَى لَمْ يُوجَدْ الْمَبِيعُ فَلَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ حَقِيقَةً وَكَانَ أَخْذُ الْأَقَلِّ بِالْأَقَلِّ كَالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي، وَفِي الثَّانِيَةِ وُجِدَ الْمَبِيعُ مَعَ زِيَادَةٍ هِيَ تَابِعَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَتَدَبَّرْ.
(وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْمَذْرُوعَ (عَشَرَةً وَنِصْفًا أَوْ تِسْعَةً وَنِصْفًا أَخَذَهُ فِي الْأَوَّلِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) هِيَ مَا إذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ (قَوْلُهُ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ مَا إذَا وَجَدَهُ أَكْثَرَ