الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ككف الذي يصافق عند صفقة البيع، والبساط بفتح السين: يقال: أرض بساط وبسيطة، يعني: منبسطة مستوية. والمراسيل: النوق، الواحدة مرسال، وهي الناقة السهلة السير.
[اللسان «بسط»، و «دوا» والمخصص].
170 - وخيل قد دلفت لها بخيل
…
تحيّة بينهم ضرب وجيع
البيت منسوب لعمرو بن معد يكرب، وقال البغدادي: إنه ليس في شعره، وذكر ابن رشيق في باب السرقات الشعرية من العمدة، الشطر الأول لأربعة شعراء. قال: ومما يعدّ سرقا وليس بسرق اشتراك اللفظ المتعارف، وذكر الشطر الأول لعنترة، والخنساء، ولأعرابيّ، ولعمرو بن معدي كرب.
والخيل: اسم جمع الفرس، لا واحد له من لفظه، والمراد به هنا الفرسان، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«يا خيل الله اركبي» ، وأراد بالخيل الأول، خيل الأعداء، وبالثاني خيله.
ودلفت: دنوت، وزحفت، من دلف الشيخ، إذا مشى مشيا لينا. و «الباء» للتعدية، أي:
جعلتها دالفة إليها، ف «اللام» في «لها» ، بمعنى «إلى» ، و «تحية» مضاف، و «بينهم» مضاف إليه مجرور بالكسرة على النون؛ لأنه ظرف متصرف، ولو فتح، كان مبنيا؛ لإضافته للمبني.
والبيت من شواهد سيبويه، قال الأعلم: الشاهد فيه جعل الضرب تحية على الاتساع، وإنما ذكر هذا تقوية؛ لجواز البدل فيما لم يكن من جنس الأول. يقول: إذا تلاقوا في الحرب، جعلوا بدلا من تحية بعضهم لبعض، الضرب الوجيع، وقد أدار البغدادي في خزانته ندوة حول البيت، فاحرص على قراءة ما كتب. [كتاب سيبويه ج 1/ 365، 429، وشرح المفصل ج 2/ 80، والخزانة ج 9/ 257].
171 - وما زلت محمولا عليّ ضغينة
…
ومضطلع الأضغان مذ أنا يافع
قاله الكميت بن معروف. يقول: إنه ما زال محسدا، يضطغن عليه، ويحمل الضغينة بين أضلاعه.
والشاهد: حذف الهاء من «محمولة» ؛ لأن الضغينة مؤنث مجازي. [سيبويه/ 2/ 45، هارون].
172 - فوردن والعيّوق مقعد رابئ ال
…
الضّرباء خلف النّجم لا يتتلّع
البيت لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدته العينية المشهورة في رثاء أولاده، ورقم البيت (27) في القصيدة. وقوله: وردن الماء، يتحدث عن أتن وردت الماء. والعيوق:
كوكب. والمقعد: مكان القعود هنا. والرابئ: مهموز الآخر، اسم فاعل من ربأبهم، بمعنى علا وارتفع وأشرف، ورابئ الضرباء: هو الذي يقعد خلف ضارب قداح الميسر، يرتبئ لهم فيما يخرج من القداح فيخبرهم به، مأخوذ من ربيئة القوم، وهو طليعتهم.
والضرباء: جمع ضريب، وهو الذي يضرب بالقداح، وهو الموكّل بها، ويقال له الضارب أيضا. والنجم هنا: الثريا. ويتتلع: يتقدم ويرتفع، مأخوذ من التلعة. فقوله: والعيوق مقعد: جملة اسمية حال من نون وردن. يقول: وردت الأتن الماء، والعيوق في هذا المكان، وهذا يكون في صميم الحرّ عند الإسحار. وخلف: ظرف. وإذا كان العيوق خلف الثريا كما وصف، يكون وقت ورود الوحش الماء؛ ولذلك يكنّ الصيادون فيه عند المشارع ونواحيها.
و «مقعد» ، و «خلف»: منصوبان على الظرف، وقع الأول خبرا لقوله: والعيوق، والثاني بدلا منه، كأنه قال: والعيوق من خلف النجم مقعد
…
كذا، فحذف من خلف؛ لأن البدل (خلف النجم) يدل عليه. ويجوز أن يكون «خلف النجم» في موضع الحال، كأنه قال: والعيوق من النجم قريب متخلفا عنه. ويجوز العكس، فيكون «خلف النجم» خبر المبتدأ، و «مقعد» حالا. والعامل فيه الظرف. كأنه قال: والعيوق مستقر خلف النجم قريبا. وجملة «لا يتتلع» ، إما خبر بعد خبر، وإما حال بعد حال.
والشاهد: أنّ «مقعد» ظرف منصوب وقع خبرا عن اسم عين، وهو العيوق. وفيه شاهد أن «النجم» بالتعريف علم على الثريا.
قال أبو أحمد: وهذا البيت الشاهد، ومثله مئات بل آلاف من الشواهد، لا يفهم إلا في سياقه، وقراءة ما قبله وما بعده، فكيف حكم النّقاد، نقاد الأدب، أن البيت وحدة القصيدة العربية، وأن القصيدة بسبب هذا الحكم، مفككة الأوصال؟ لا أدري من أول جاهل نطق بالحكم، وتبعه من بعده دون تحقيق؟ فقول الشاعر هنا، «فوردن» ، كيف نعلم من اللاتي وردن، إذا لم نقرأ أن الشاعر يصف حمارا مع أتنه الأربعة؟ وما الذي يدرينا ماذا تمّ بعد الورود؟ فالإخبار بأنّ هذه الأتن وردت الماء في هذا الوقت، لا معنى له، إن لم نعرف سبب الإخبار، فهو يخبرنا أن هذه الأتن وردت الماء، فجاء صائد، فصادهنّ جميعهنّ. ومع ذلك يمكن أن يقول القارئ: وما فائدة هذه القصة، ولماذا ذكرها الشاعر
في قصيدة رثاء؟ وما علاقة هذه الأتن برثاء أولاده؟ قلت: إن هذه واحدة من ثلاث قصص ذكرها الشاعر في سياق الرثاء.
1 -
فقد بدأ القصيدة ببيت جامع يقول: إن الجزع لا يردّ مفقودا.
2 -
ثم أدار حديثا بينه وبين امرأة تسائله عن شجونه وأرقه، فيروي لها حزنه وألمه لهذه النكبة من 2 - 15.
3 -
ثم يذكر قصة حمار وحشي مع أتنه الأربعة، ويصف حياتها وطيب عيشها، ثم جاءها الدهر بنوائبه، وهو يسلّي نفسه بهذه القصة ويقول: إن أصبت ببنيّ، فتكدر بموتهم عيشي، فغنّ الدهر لا يسلم على نوائبه عير له أتن أربع. والمعنى: أن الوحش في تباعدها عن كثير من الآفات التي يقاربها الإنس، وفي انصرافها بطبعها، وحدسها عن جلّ مراصد الدهر، وعلى نفارها الشديد وحذارها الكثير، وبعد مراتعها من الصياد، ليست تتخلص بجهدها من حوادث الدهر، بل لا بدّ من هلاكها من 16 - 36.
4 -
ثم يذكر قصة ثور وحشي من 37 - 50.
5 -
ومن 51 - 65 يتحدث عن مصرع البطل الفارس، وينعت هذا البطل وموقفه إزاء بطل آخر يصطرعان ويتشاجران بالسلاح، فإذا به قد خرّ صريعا قتيلا. والشاعر يبدأ القصص الثلاث بمطلع واحد، يربط بينها، ثم يربطها بمطلع القصيدة، وهذا المطلع شطر بيت، (والدهر لا يبقى على حدثانه)، وأبو ذؤيب يتخذ من هذه القصص الثلاثة عزاء لنفسه، وتسلية لها، وحضا على الصبر. فهذه الضروب الثلاثة من مظاهر القوى الحيوية التي تتمثل في الحمار، والثور، والبطل، لا تجدي شيئا أمام الموت، فهو أقوى وأقدر.
فأخبرني أين التفكك في هذه القصيدة؟ وكم بيتا فيها يؤدي معنى كاملا، ولا يحتاج إلى غيره؟
ولولا الإطالة في غير مظانّ الموضوع، لواليت بين ضرب الأمثلة، ولكنني عزمت - إن فسح الله في الأجل - أن أتوسع في شرح الموضوع، في مقدمة هذا المعجم، فتدبر ما قلته، فهو الحقّ، وهو العلم، ولا تلتفتنّ إلى ما يقوله تجّار النقد الأدبي، الذين ينعقون وراء أول ناعق، والله يحفظك. ومظان البيت الشاهد. [كتاب سيبويه ج 1/ 205، وشرح المفصل ج 1/ 41، والمفضليات].