الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مؤذى ولا ناب به موضعه. والتوطئة: التذليل والتمهيد، يقال: دابّة وطيء افتى، وهو الذي لا يحرّك راكبه في مسيره، وفراش وطيء، إذا كان وثيرا لا يؤذي جنب النائم عليه.
قال أبو العباس: حدّثني العباس بن الفرج الرياشيّ، قال: حدثني الأصمعي، قال:
قيل لأعرابيّ، وهو المنتجع بن نبهان: ما السّميدع؟ فقال: السيّد الموطأ الأكناف. وتأويل الأكناف: الجوانب، يقال في المثل: فلان في كنف فلان، كما يقال: فلان في ظلّ فلان، وفي ذرا فلان، وفي حيّز فلان». انتهى.
والثقة: مصدر وثقت به أثق بكسرهما، إذا ائتمنته. والأخ يستعمل بمعنى الملازم والمداوم. والحقيقة: ما يحقّ على الرجل أن يحميه. والباسل: الشجيع الشديد الذي يمتنع أن يأخذه أحد في الحرب، والمصدر البسالة، وفعله بسل بالضم. وأراد بصاحب هذه الصفات الفاضلة: محمّدا صلى الله عليه وسلم.
309 - وما ترك قوم لا أبا لك سيّدا
…
يحوط الذّمار غير ذرب مواكل
ما: استفهامية تعجبيّة مبتدأ عند سيبويه وترك: خبر المبتدأ، وعند الأخفش بالعكس.
وقوله: لا أبالك، يستعمل كناية عن المدح والذم، ووجه الأوّل: أن يراد نفي نظير الممدوح بنفي أبيه، ووجه الثاني: أن يراد أنّه مجهول النسب. والمعنيان محتملان هنا.
والسّيد: من السيادة، وهو المجد والشرف، وحاطه يحوطه حوطا: رعاه. وفي الصحاح: وقولهم فلان حامي الذمار، أي: إذا ذمر وغضب حمى، وفلان أمنع ذمارا من فلان، ويقال: الذّمار ما وراء الرجل مما يحقّ عليه أن يحميه؛ لأنهم قالوا: حامي الذمار كما قالوا: حامي الحقيقة. وسمي ذمارا؛ لأنه يجب على أهله التذمر له، وسمّيت حقيقة؛ لأنه يحقّ على أهلها الدفع عنها، وظلّ يتذمر على فلان: إذا تنكّر له وأوعده، والذّرب: بفتح الذال المعجمة وكسر الراء - لكنّه سكّنه هنا - وهو الفاحش البذّي اللسان.
والمواكل: اسم فاعل من واكلت فلانا مواكلة، إذا اتّكلت عليه واتّكل هو عليك، ورجل وكل بفتحتين، ووكلة كهمزة، وتكلة، أي: عاجز يكل أمره إلى غيره ويتّكل عليه.
310 - وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
أبيض: معطوف على سيّد المنصوب بالمصدر قبله، وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد، هكذا أعربه الزركشي في نكته على البخاريّ المسمّى بالتنقيح لألفاظ
الجامع الصحيح، قال: لا يجوز غير هذا، وتبعه ابن حجر في فتح الباري، وكذلك الدمامينيّ في تعليق المصابيح على الجامع الصحيح، وفي حاشيته على مغني اللبيب أيضا. وزعم ابن هشام في المغني: أن أبيض مجرور بربّ مقدرة وأنّها للتقليل.
والصواب الأوّل: فإن المعنى ليس على التنكير، بل الموصوف بهذا الوصف واحد معلوم، والأبيض هنا: بمعنى الكريم. قال السّمين في عمدة الحافظ: عبّر عن الكرم بالبياض، فيقال: له عندي يد بيضاء، أي: معروف، وأورد هذا البيت، والبياض أشرف الألوان، وهو أصلها؛ إذ هو قابل لجميعها، وقد كنى به عن السّرور والبشر، وبالسّواد عن الغمّ، ولما كان البياض أفضل الألوان قالوا: البياض أفضل، والسواد أهول، والحمرة أجمل، والصفرة أشكل.
ويستسقى: بالبناء للمفعول؛ والجملة صفة أبيض. والثّمال: العماد والملجأ والمطعم والمغني والكافي. والعصمة: ما يعتصم به ويتمسّك. قال الزركشيّ: يجوز فيهما النصب والرفع. والأرامل: جمع أرملة، وهي التي لا زوج لها؛ لافتقارها إلى من ينفق عليها، وأصله من أرمل الرجل: إذا نفد زاده وافتقر، فهو مرمل. وجاء أرمل على غير قياس، قال الأزهريّ: لا يقال للمرأة أرملة إلّا إذا كانت فقيرة، فإن كانت موسرة، فليست بأرملة، والجمع أرامل، حتى قيل رجل أرمل إذا لم يكن له زوج، قال ابن الأنباري:
وهو قليل؛ لأنه لا يذهب بفقد امرأته، لأنها لم تكن قيّمة عليه، وقال ابن السكيت:
الأرامل: المساكين، رجالا كانوا أو نساء.
قال السهيلي في الروض الأنف: «فإن قيل: كيف قال أبو طالب: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، ولم يره قطّ استسقي به، إنّما كانت استسقاءاته عليه الصلاة والسلام بالمدينة في سفر وحضر، وفيها شوهد ما كان من سرعة إجابة الله له؟ فالجواب: أن أبا طالب قد شاهد من ذلك في حياة عبد المطّلب ما دلّه على ما قال» . انتهى.
وردّه بعضهم بأن قضيّة الاستسقاء متكرّرة؛ إذ واقعة أبي طالب كان الاستسقاء به عند الكعبة، وواقعة عبد المطّلب كان أوّلها أنهم أمروا باستلام الركن، ثم بصعودهم جبل أبي قبيس؛ ليدعو عبد المطلب ومعه النبي صلى الله عليه وسلم ويؤمّن القوم، فسقوا به.
قال ابن هشام في السيرة: «حدثني من أثق به قال: أقحط أهل المدينة فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوا ذلك إليه، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستسقى، فما لبث أن جاء من