الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إذا كان الفعل الماضي مستقبلا في المعنى، فلا يجب التكرار، كقول الشاعر:
حسب المحبين في الدنيا عذابهم
…
تالله لا عذّبتهم بعدها سقر
فإنّ عذاب سقر في المستقبل، وقال الشاعر:
لا بارك الله في الغواني هل
…
يبتن إلا لهنّ مطّلب
أقول: إن الشواهد على التكرار، وعدم التكرار، كثيرة؛ ولهذا فهي جائزة في الصورتين. [اللسان «زنا»، والإنصاف/ 77، وشرح المفصل ج 1/ 109، وشرح أبيات المغني/ 4/ 392].
114 - فردّ على الفؤاد هوى عميدا
…
وسوئل لو يبين لنا السؤالا
وقد نغنى بها ونرى عصورا
…
بها يقتدننا الخرد الخدالا
البيتان للمرّار الأسدي. والهوى: العشق. وعميد: أي: فادح، يبهظ صاحبه ويسقمه، وأصله قولهم: عمده المرض، أي: أضناه وأوجعه. ويبين: يجيب، وهو يصف منزلا، وقوله: نغنى: مضارع غني بالمكان، أي: أقام فيه، ومنه سمي منزل القوم «المغنى» .
والخرد: بضم الخاء والراء، جمع خريدة، وهي المرأة الحيية الطويلة السكوت، أو هي البكر التي لم تمس. والخدال: بكسر الخاء، جمع خدله، بفتح فسكون، وهي الغليظة الساق المستديرتها.
وقوله: نغنى بها، أي: بالمنزل، أنثه؛ لأنه معنى الدار. والعصور: الدهور: نصبه على الظرف. ويقتدننا: يملن بنا إلى الصّبا.
والشاهد في البيت الثاني: «ونرى يقتدننا الخرد الخدالا» : حيث كانت هذه العبارة من باب التنازع؛ لتقدم فعلين هما:
«نرى» و «يقتاد» ، وتأخر معمول وهو «الخرد الخدالا» ، وقد أعمل الشاعر الفعل الأول في هذا المعمول، بدليل أنه نصبه وأتى بضميره معمولا للفعل الثاني، وهو «نون النسوة» ، والقوافي منصوبة، بدليل البيت السابق، ولو أنه أعمل الفعل الثاني، لقال:«نرى يقتادنا الخرد الخدال» ، فيرفع المعمول على أنه فاعل ل «يقتاد» ، ويحذف ضميره؛ لكون الأول يطلب معمولا فضلة، وهذا يدل على أن إعمال العامل الأول أولى، وهو مذهب الكوفيين. والحقّ أن إعمال الأول جائز، وكذلك إعمال الثاني، بدون مفاضلة. [سيبويه/ 1/ 40، والمقتضب/ 4/ 76 - 77، والإنصاف/ 65 - 86].