الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42 - أهدموا بيتك لا أبالكا
…
وحسبوا أنّك لا أخالكا
وأنا أمشي الدّألى حوالكا
زعم أبو عبيدة أنّ هذا الرجز من قول الضبّ للحسل، أيام كانت الأشياء تتكلم، فيما زعم الأعراب. والحسل: ولد الضب حين يخرج من البيضة. والدألى: مشية فيها تثاقل، يقال: مرّ يدأل بحمله.
والبيت شاهد على أن من الألفاظ التي تستعمل مثناة ما يصلح للتجريد، ولا يختلف معناه ومنها: لفظ «حواليك» ،
فيقال: حولك، وحوالك، وهو اللفظ الذي جاء به الراجز.
قال أبو أحمد: ونسبة هذا الرجز إلى الضبّ، لا يقدح في نسبته إلى فصحاء العرب، فلعلّ هذا الرجز مما كان يحكيه الناس من القصص في العصر الجاهلي، ويكون له معنى رمزيّ عندهم. [سيبويه/ 1/ 176، واللسان «حول» و «دأل»، والهمع/ 1/ 41، والدرر/ 1/ 151].
43 - أبيت أسري وتبيتي تدلكي
…
جلدك بالعنبر والمسك الذّكي
رجز مجهول القائل. وفيه حذف نون الرفع من الأفعال الخمسة؛ لغير ناصب، أو جازم في قوله:«وتبيتي» ، و «تدلكي». قالوا: وهو من الضرائر في الشعر، لكن جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في «كتاب الجنة وصفه نعيمها وأهلها» ، في باب عرض مقعد الميت من الجنة عليه، وإثبات عذاب القبر. وأخرجه النسائي في كتاب «الجنائز» ، والإمام أحمد في «مسنده» 1/ 472، وذلك في قصة قتلى بدر حين قام عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم .. الحديث، فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يسمعوا؟ وأنّى يجيبوا؟ وقد جيّفوا فحذف النون من يسمعون، ويجيبون.
هذا، وقوله:«أبيت» : فعل ناقص واسمه، وجملة أسري: خبره. والعنبر الذكيّ:
الشديد الرائحة. [الخزانة/ 8/ 339، والخصائص/ 1/ 388، وشرح التصريح/ 1/ 11، والهمع/ 1/ 51].
44 - ليث وليث في محلّ ضنك
…
كلاهما ذو أشر ومحك
رجز قاله واثلة بن الأسقع، الصحابي، في وقعة مرج الروم، عند ما برز له بطريق
رومي، فحمل عليه واثلة فقتله، وهو يرتجز بهذا الرجز. وقوله:«محلّ ضنك» ، أي:
ضيّق. والأشر: البطر. ومحك: بفتح الميم وسكون الحاء، أي: لجاج.
والرجز شاهد على أنّ أصل المثنى العطف بالواو؛ فلذلك يرجع إليه الشاعر في الضرورة كما في البيت، فإن القياس أن يقول:«ليثان» . لكنه أفردهما وعطف بالواو؛ لضرورة الشعر. وقد يفعلون هذا في الجمع أيضا كقول أبي نواس:
أقمنا بها يوما ويوما وثالثا
…
ويوما له يوم الترحّل خامس
ويرى ابن الشجري في أماليه، أنك إن استعملت هذا في السعة، فإنما تستعمله لتفخيم الشيء الذي تقصد تعظيمه، كقولك لمن تعنّفه بقبيح تكرر منه، وتنبهه على تكرير عفوك:
قد صفحت عن جرم وجرم وجرم وجرم. وكقولك لمن يحقر أيادي أسديتها إليه، أو ينكر ما أنعمت به عليه: قد أعطيتك، ألفا وألفا وألفا، فهذا أفخم في اللفظ، وأوقع في النفس من قولك: قد صفحت لك عن أربعة أجرام، وقد أعطيتك ثلاثة آلاف. قال أبو أحمد: وهذه لفتة ذكية من ابن الشجري، فما زال الناس يقولون هذا الأسلوب.
هذا، وقد نسب الجاحظ هذا الرجز - في كتاب المحاسن - إلى جحدر بن مالك الحنفي، في قصة كانت أيام الحجاج بن يوسف، وتفيد القصة أن جحدرا كان فاتكا، فأمسك به، ووضع مع أسد في حومة، فقتل الأسد، وهو يرتجز هذا الرجز، ولكن واثلة أقدم من جحدر، فمن المحتمل أن يكون سمعه وتمثّل به، والله أعلم، فقد توفي واثلة سنة 83 هـ، وهو ابن مائة، وقيل توفي سنة 85 هـ، وهو ابن ثمان وتسعين سنة، وتوفي في بيت المقدس، أو في إحدى قرى فلسطين. ومما لا شكّ فيه أن واثلة - أبا قرصافة شارك في فتح فلسطين، وعودة الأرض إلى أهلها العرب، وطرد الروم. واليوم: الجمعة 24/ 3 / 1414 هـ - 11/ 9 / 1993 م، أقرّت (م ت ف) بملكية اليهود لفلسطين، وأعلنت إلغاء فرض الجهاد - ولو بالحجارة - في سبيل إرجاع الأرض المقدسة، بل كانت الفرحة أكبر؛ لأن الاسرائيلين اعترفوا بوجود (م ت ف)، وتمثيلها للفلسطينيين، وأشهد الله أن الحكومات العربية منذ سنة 1917 م حتى سنة 1993 م - وقلت: الحكومات، ولم أقل - الشعوب - هي التي أوصلت الأمر إلى هذا الحدّ؛ لأن الحكومات كانت تحمي حدود الأرض الفلسطينية التي اغتصبها اليهود، وتمنع تسلل المجاهدين إلى أرض فلسطين، فعاش اليهود في حصن حصين، ثم قالوا: إنّ أهل فلسطين هم المسؤولون عن تحرير الأرض،