الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41- بابُ: أجرِ الخازنِ
أي: هذا باب في بيان أجر الخازن، وهو الذي يخزن عنده المال أي يُحفظ.
1804-
ص- نا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء- المعنى- قالا:
نا أبو أسامة، عن بريد بن عبد الله بن أبي بُردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِن الخَازِنَ الأمينَ الذي يُعْطِي ما أمِرَ به كَاملا مُوفَرا، طيبَةً به نفسُهُ حتى يَدْفَعَهُ إلى اَلذي أُمِرَ له به أحدُ المُتَصَدِّقيْنِ "(1) .
ش- أبو أسامة: حماد بن السامة. وبُعيد- بضم الباء الموحدة- ابن عبد الله بن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري، أبو بردة الكوفي. روى عن: أبيه، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح. روى عنه: الثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: ليس بالمتقن يكتب حديثه. روى له الجماعة (2)
وأبوه: عبد الله بن أبي بردة، وأبو بردة اسمه: عامر بن أبي موسى، واسم أبي موسى: عبد الله بن قيس الأشعري.
قوله: " إن الخازن الأمين "، وفي بعض طرقه:" إن الخازن المسلم الأمين "، إنما شرط الإسلام فلأنه يوجب إعطاءه طيبة به نفسه، وأما شرط الأمانة فلأنه يوجب إعطاءه كاملاً موفراً.
وقال الشيخ محيي الدين (3) : هذه الأوصاف شروط لحصول هذا الثواب، فينبغي ابنه يُعتَنى بها، ويحافَظ عليها.
(1) البخاري: كتاب: الإجارة، باب: استئجار الرجل الصالح، وقول الله تعالى: {إن خير من
استأجرت القوي الأمين} (2260)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: أجر الخازن الأمين، والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة، (1023)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: أجر الخازن إذا تصدق
بإذن مولاه (5/ 80) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 659) .
(3)
شرح صحيح مسلم (7/ 113) .
قوله: "أحد المتصدقين" بفتح القاف على التثنية، ومعناه: له أجر متصدق.
والمعنى:" (1) أن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجراً كما لصاحبه أجر، وليس معناه: ابن يزاحمه في أجره، والمراد: المشاركة في أفصل الثواب، فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب، وإن كان أحدهما أكثر من الآخر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، فإذا أعطى المالكُ الخازنَ له أو امرأته أو غيرهما مائة درهم أو نحوها ليُوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره أو نحوه، فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رمانة أو رغيفا ونحوهما حيث ليس له كثير قيمة، ليذهب إلى محتاج في مسافة بعيدة، بحيث يقابل مشي الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة أو الرغيف، فأجر الوكيل كثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلاً، فيكون مقدار الآخر سواء.
والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي.
42-
بابُ: المرأة تَصَدّق (2) من بيت زوجها
أي: هذا باب في بيان حكمَ صدقة المرأة من بيت زوجها.
1855-
ص- نا مسدد، نا أبو عوانة، عن منصور، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة قالت: قال النبي- عليه السلام: " إذا أنفَقَت المرأةُ من بيتِ زَوْجهَا غيرَ مُفْسدة، كان لها/ [أجْرُ ما أنْفَقَتْ، ولِزَوْجِهَا أَجرُ مَا اكْتَسَبَ، وَلِخًازِنِه مِثلُ ذلَكً، لا يَنْقُصُ بعضُهم أَجْرَ] (3) بعضِ "(4) .
(1) المصدر السابق (7/ 111- 112) .
(2)
في سنن أبي داود: " تتصدق".
(3)
طمس في الأصل، وأثبتناه من سنن أبي داود.
(4)
البخاري: كتاب الزكاة، باب: أجر المرأة إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة (1439)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: أجر الخازن =
ش أبو عوانة الوضاح، ومنصور بن معتمر، وشقيق بن سلمه
قوله: "غير مفسدة" نصب على الحال.
قوله: " ولخازنه " الخازن: هو الذي يكون بيده حفظ الطعام والمكون من خادم وقهرمان. واختلف الناس في تأويل هذا الحديث، فقال بعضهم: هذا على مذهب الناس بالحجاز وبغيرها من البلدان: أن رب أبيت قد يأذن لأهله وعياله وللخادم في الإنفاق بما يكون في البيت من طعام وإدام، ويُطلق أمرهم فيه إذا حضر السائل، ونزل الضيف، وحضهم رسول الله عليه السلام على لزوم هذه العادة، ووعدهم الثواب عليه، وليس ذلك بأن تقتات المرأة أو الخادم على رب البيت فيما لم يأذن لهما فيه.. وقيل: هذا في اليسير الذي لا يؤثر نقصانه ولا يظهر.
وقيل: هذا إذا علم منه أنه لا يكره العطاء، فيعطي ما لم يُجحف، وهذا معنى قوله:"غير مفسدة"، وفرق بعضهم بين الزوجة والخادم، فإن الزوجة لها حق في مال الزوج، ولها النظر في بيتها، فجاز لها أن تتصدق بما لا يكون إسرافاً لكن بمقدار العادة، وما يُعلم أنه لا يؤلم زوجها، وأما الخادم فليس له تصرف في متاع مولاه، ولا حكم، فيشترط الإذن في عطية الخادم دون الزوجة. والحديث أخرجه: الجماعة.
1806-
ص- نا محمد بن سيار المصري، نا عبد السلام بن حرب، عن يونس بن عُبيد، عن زياد بن جُبير بن حية، عن سعد قال: لما بَايعً
= الأمين والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة بإذنه الصريح والعرفي (81/ 1024)، الترمذي: كتاب الزكاة، باب: في نفقة المرأة من بيت روجها (672)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: صدقة المرأة من بيت زوجها
(5/ 65)، ابن ماجه: كتاب التجارات، باب: ما للمرأة من مال زوجها
(1)
أمسى في الأصل قرر ثلاث كلمات.
رسولَ الله- عليه السلام النساء قَامَتْ امرأة جَليلة كَأنهَا من نساء مُضَرَ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إِنا كََلٌّ على آبَائِنَا وأبنائِنَا.
قال أبو داودَ: وَأَرَى فيه: وَأزْوَاجِنَا فما يَحِل لنا مِن أمْوَالِهِم؟ قال: "الرطبُ تَأكُلنَهُ وتُهْدينَهُ"(1) .
ش- محمد بن سيار على وزن فعال بالتشديد، وقيل: بضم السين المهملة، وفتح الواو المخففة: ابن راشد بن جعفر الكوفي، نزيل مصر. روى عن: عبد السلام بن حرب، وعبدة بن سليمان. روى عنه: أبو داود. مات سنة ثمان وأربعة ومائتين (2) .
وزياد بن جبير بن حية- بالياء آخر الحروف- الثقفي البصري. سمع: أباه، وعبد الله بن عمر بن الخطاب. روى عنه: ابن عون، ويونس بن عبيد، وسعيد، والمغيرة أبناء عبيد الله (3) . قال أحمد بن حنبل: من الثقات. وفي رواية عنه: رجل معروف. روى له الجماعة إلا النسائي (4) ، وسعد بن أبي وقاص.
قوله: "لما بايع رسول الله " فاعل بايع "النساء "، ولرسول الله، بالنصب مفعوله. وإنما ذكر الفعل المسند إلى جماعة النساء لوقوع الفصل بينهما كما في قولهم: حضر القاضي اليوم امرأة.
قوله: "جليلة " بمعنى: خليقة جسيمة، يقال: امرأة خليقة وخَليقاء كذلك، وقيل: بمعنى مُسنةٍ، يقال: جَل الرجلُ إذا كبر وأسن، وجلت المرأة إذا عجزت.
قوله: " أنا كَل على آبائنا" بفتح الكاف، وتشديد اللام، أي: عيال. قوله: " الرطب" بفتح الراء، وسكون الطاء، أي: الرطب من
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5 273/2 5) .
(3)
في الأصل: عبد الله، خطأ.
(4)
المصدر السابق (9/ 2029) .
الطعام، " (1) وإنما خص الرطب لأن خطبه أيسر، والفساد إليه أسرع إذا ترك، كالفواكه والبقول، فلم يؤكل، وربما عفن فلم ينتفع به، فيصير إلى أن يُلقى ويرمى به، بخلاف اليابس لأنه يبقى على الخزن، وينتفع به إذا ادخر، فوقعت المسامحة في الرطب بترك الاستبدال، وأن يجري على العادة المستحسنة فيه من الجيرة والأقارب أن يتهادوا الفواكه والبقول، وأن يغرفوا لهم من الطبيخ، وأن يُتحفوا الضيف والزائر بما يحضرهم، وهذا فيمن يُبسط إليه في ماله من الآباء والأبناء دون الأزواج والزوجات، فإن الحال بين الولد والوالد ألطف من أن يحتاج معها إلى زيادة استقصاء في الاستثمار للشركة النسبية بينهما، والبعضية الموجودة فيهما.
وقال الخطابي (2) بعد أن فرق بين الآباء والأبناء، وبين الأزواج والزوجات: وأما نفقة الزوجة على (3) / الزوج فإنها معاوضة على الاستمتاع، وهي مقدرة بكمية، ومتناهية إلى غاية، فلا يقاس أحد الأمرين، (4) بالآخر، وليس لأحدهما أن يفعل شيئا من ذلك [إلا بإذن صاحبه]، (4) [قلت: يرد،] قاله الخطابي من الفرق صريح الحديث، وهو قوله:"وأزواجنا " فافهم.
ص- قال أبو داود: الرَّطبُ: الخبزُ والبَقلُ والرُّطَبُ.
ش- أشار بهذا إلى تفسير الرطب بفتح الراء، والرُّطب الثاني بضم الراء، وهو رطب التمر، وكذلك العنب وسائر الفواكه الرطبة دون النابسة.
ص- قال أبو داود: كذا رواه الثوري عن يونسَ.
ش- أي: كذا روى الحديث سفيان الثوري عن يونس بن عُبيد.
1807-
ص- ما الحسن بن عليه، نا محمد الرزاق، أنا معمر، عن همام
(1) انظر: معالم السنن (2/ 67- 68) .
(2)
المصدر السابق.
(3)
مكررة في الأصل.
(4)
طمس في الأصل، وأثبتناه من معالم السنن.
ابن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذا أنفَقَتِ المرأةُ من كَسْب زَوْجِهَا من غَيْرِ أمْرِهِ فَلَهَا نِصْفُ أجْرِه"(1) .
ش- أَي: من غير أمره الصريح في ذلكَ القدر المُعيّن، ويكون معها
إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن إما بالصريح وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل لأنه عليه السلام جعل الأمر مناصفة بقوله:"فلها نصف أجره "، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها ورد فيتعين تأويله. واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يُعلم رضا المالك به في العادة،
فإن زاد على المتعارف لم يجز، وقد أشار إليه قوله- عليه السلام في الحديث الماضي:"إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة".
قوله: " فلها نصف أجره " قيل: هو على المجاز، أي: أنهما سواء في المثوبة، كل واحد منهما له أجر كامل وهما اثنان، فكأنه نصفان. وقيل: يحتمل أن أجرهما مثلان فأشبه الشيء المنقسم بنصفين، وأشار القاضي إلى أنه يحتمل أن يكون سواء لأن الأجر فضل من الله تعالى ولا يُدرك بقياس، ولا هو بحسب الأعمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم.
1808-
ص- نا محمد بن سيار المصري، نا عَبدةُ، عن عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرةَ في المرأة تَصدَقُ من بَيتِ زَوْجِهَا؟ قال:"لا، إلا من قُوتهَا، والأجْرُ بينهما، ولا يَحِل لها أنْ تَصدَقَ من مَال زَوْجِهَا إلا بِإذنهِ "(2) .
ش- عبدة بن سليمان، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وعطاء بن أبي رباح.
(1) البخاري: كتاب البيوع، باب: قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم} (2066)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: ما أنفق العبد من مال مولاه (1026) .
(2)
تفرد به أبو داود.