الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص- قال أبو داودَ: حديثُ هشامٍ لم يَرْوِيه (1) إلا سعيدٌ.
ش- أي: حديث هشام بن عمار لم يرويه إلا سعيد بن عبد العزيز الدمشقي.
1763-
ص- نا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، لا شعبة، عن عاصم، عن أبي العالية، عن ثوبان قال: وكان ثوبان مولى رسول الله- عليه السلام قال: قال رسول الله- عليه السلام: "مَنْ تَكَفلَ لي أن لا يَسْألَ الناسَ شيئاً، وأتَكَفَّلُ له بالجَنَّةِ؟ فقال ثوبانُ: أنا، فكان لا يَسْألُ أحداً شيئا "(2) .
ش- أبوه: معاذ بن معاذ بن حسان، وعاصم بن سليمان الأحول التميمي، وأبو العالية الرياحي اسمه: رفيع.
قوله: "وأتكفل"، بالواو، وفي بعض النسخ بالفاء.
قوله: " فكان لا يسأل" أي: فكان ثوبان لا يسأل أحدا شيئاً وفي بعض النسخ: "فكفل ثوبان لا يسأل".
26- باب: في الاستعفاف
أي: هذا باب في بيان الاستعفاف، وهو طلب العفة، من عف عن الحرام يعف عفا وعفةً وعفافه وشفافة، أي: كف، فهو عف وعفيف، والمرأة عفة وعفيفة، وأعفه الله واستعف عن المسألة، أي: عف.
1764-
ص- نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سَألُوا رسولَ اللهِ- عليه السلام فَأعطاهُم، ثم سَألُوهُ فَأعطاهُم حتى (3) نَفِدَ ما
(1) كذا، وفي سنن أبي داود:"يروه ".
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
في سنن أبي داود: "حتى إذا نفد ".
عندَهُ قَالَ: ما يكونُ عندي من خَير فلن أدَّخرَهُ عنكُم، ومن يَستعفف يُعفهُ اللهُ، ومن يَسْتَغْنِي (1) يُغنه اللهُ، ومن يَتَصَبَّر يصبِّرْهُ اللهُ، وما أعْطِيَ أَحد (2) مِن عطاء أوْسَعَ من الصَّبْرَ (3) .
ش- "نفد" بفتح النون، وكسر الفاء، وفتح الدال المهملة أي: فرغ/ [....](4) ، وفيه الحض على الاستغناء عن الناس بالصبر والتوكل، وانتظار رزق الله [....](5) ، وأن الصبر أفضل ما أعطِي المؤمن، ولذلك كان الجزاء عليه غير مقدر، قال تعالى:{إِنَّمَا يُوَفى الصَّابرُونَ أجْرَهُم بغَيْرِ حسَابٍ} (6) . والحديث أخرجه: البخاري، ومسلَم، والترمذيَ، وا لنسائي.
1765-
ص- نا مسدد، نا عبد الله بن داود ح، ونا عبد الملك بن حبيب أبو مروان، نا ابن المبارك- وهذا حديثه- عن بشير بن سلمان، عن سيار أبي حمزة، عن طارق، عن ابن مسعود قال: قال رسولُ الله- عليه السلام: "مَنْ أصَابتهُ فاقةٌ فَأنزلَهَا بالناسِ لم تُسَدَّ فَاقَتُهُ، ومَنْ أنزَلَهَاَ باللهِ جَلَّ وعز أوْشَكَ اللهُ له بالغِنَى، إِما بموتٍ عَاجلٍ أو غِنًى عَاجلٍ "(7) .
ش- عبد الله بن داود الخريبي البصري.
وعبد الملك بن حَبيب- بفتح الحاء المهملة- أبو مروان. روى عن: عبد الله بن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري. روى عنه: أبو داود، والحسين بن منصور المصيري.
(1) كذا، وفي سنن أبي داود:" يستغن ".
(2)
كذا، وفي سنن أبي داود:"وما أعطى الله أحداً ".
(3)
البخاري: كتاب الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (1469)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: فضل التعفف والصبر (1053)، الترمذي: كتاب البر، باب: ما جاء في الصبر (2025)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (5/ 96) .
(4)
طمس في الأصل قدر ثلث سطر.
(5)
كلمة غير واضحة.
(6)
سورة الزمر: (10) .
(7)
الترمذي: كتاب الزهد، باب: الهم في الدنيا (327) .
وبشير- بفتح الباء- ابن سلمان، قال في الكمال: بشير بن سُلَيمان (1) أبو إسماعيل النهدي الكوفي، والد الحكم. سمع: عكرمة، وأبا حازم كلمة بن دينار، ومجاهد بن جبر، وسياراً أبا الحكم. روى عنه: وكيع، وأبو نعيم، ومحمد بن فضيل، ومروان بن ومعاوية، وابن عيينة، ومحمد بن يوسف الفريابي. قال أحمد بن عبد الله: بشير بن إسماعيل أبو إسماعيل الكوفي ثقة، كذا قال ابن إسماعيل والمعروف ابن سلمان. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (2) . وسَيار على وزن فعال بالتشديد أبو حمزة، قال في الكمال: سيار بن وردان، وهو ابن أبي سيار أبو الحكم الواسطي، وقال: سيار بن دينار، ويُقال: ابن ورد، وهو أخو محاور الوراق لأمه. روى عن: أبي إسرائيل، والشعبي، وعبد الله بن يسار، وغيرهم. روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد، والثوري، وشعبة، وبشير بن سلمان، وغيرهم. قال أحمد. صدوق ثقة ثبت في كل المشايخ. وقال ابن معين: ثقة. مات سنة اثنين وعشرين ومائة. روى له الجماعة (3) .
قلت: قال أبو داود: بشير كان يهم في سيار يقول: سيار أبو الحكم، وهو خطأ إنما هو سيار أبو حمزة، وذكر الأثرم عن أحمد بن حنبل قال: الذي يروي عنه بشير هو سيار أبو حمزة، وليس قولهم سيار أبو الحكم بشيء، أبو الحكم ماله ولطارق بن شهاب؟ وذهب البخاري في "تاريخه" إلى أنه سيار أبو الحكم وخُطّئَ في ذلك، وكان عبد الغني ذهب إلى قول البخاري، فلذلك قال: سيار أبو الحكم، والصواب ما قاله أبو داود وأحمد فافهم.
وطارق بن شهاب الصحابي قد ذكرناه.
(1) كذا، ولعله هكذا في "الكمال "، أو سبق قلم من المصنف، والله أعلم.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 719) .
(3)
كذا ترجم المصنف لسيار أبي الحكم، وإنما صاحب الترجمة هو سيار أبو حمزة وهو مترجم في تهذيب الكمال (12/ 2671) ، وسيار أبو الحكم في الترجمة التي قبله.
قوله: " فاقة " أي: فقر وحاجة.
قوله: " فأنزلها بالناس" يعني: عرفها لهم، وطلب سدادها منهم، وسألهم في ذلك، لم تسد حاجته، لكونه سأل عاجزين مثله.
قوله: " أوشك الله" بفتح الهمزة، وفتح الشين المعجمة: يُوشك
إيشاكا، ومعناه عند الخليل: أسرع، وأنكر بعضهم أوشك، وإنما يأتي عندهم مستقبلاً.
قلت: الحديث ينكر قول المنكرين.
واعلم أن أوشك من أفعال المقاربة، وهي ما وضع لدنو الخبر رجاء أو حصولا أو أخذا فيه، وفي الحقيقة من النواقص لأنها لتقرير الفاعل على صفة على سبيل المقاربة، ولا تستعمل أفعال المقاربة بمعنى المقاربة إلا بلفظ
الماضي إلا كاد وأوشك، فإنه قد جاء مضارعهما بهذا المعنى، وشذ مجيء اسم الفاعل من أوشك كما جاء في الشعر. والحديث أخرجه: الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.
1766-
ص- نا قتيبة بن سعيد، نا الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة، عن مسلم بن مخشي، عن ابن الفراسي أن الفراسي قال لرسول الله- عليه السلام:" أسْألُ يا رسولَ الله؟ فقال النبي عليه السلام: لا، وإن كُنتَ لا بُد سَائِلاً فسَلِ (1) الصالِحِين"(2) .
ش- جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة المصري، وبكر بن سوادة ابن ثمامة المصري، ومسلم بن مَخْشِيَّ بفتح الميم، وسكون الخاء، وكسر الشين المعجمة، وتشديد الياء: المدلجي أبو معاوية المصري. روى عن:
ابن الفراسي. روى عنه/: بكر بن سعادة. روى له: أبو داود، والنسائي [.....](3) في "الكمال" روى عن النبي- عليه السلام
(1) في سنن أبي داود: "وإن كنت سائلاً لا بد فاسأل".
(2)
النسائي: كتاب الزكاة، باب: سؤال الصالحين (5/ 95) .
(3)
طمس في الأصل قدر نصف سطر، ولعله يترجم للفراسي.
حديثا واحداً. روى عنه: ابنه. روى له: أبو داود، والنسائي. وقال في "مختصر الحق": ويُقال فيه عن الفراسي، ومنهم من يقول عن ابن الفراسي، عن أبيه كما ذكره أبو داود، وهو من بني فراس بن مالك من كنانة، حديثه عند أهل مصر، وله حديث آخر في البحر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، كلاهما يرويه الليث بن سعد.
قوله: " لا" أي: لا تسأل، وإنما نهى عن السؤال عن غير الصالحين لأن الخير قَلَّ أن يحصل من غير الصالحين. ومن شيم الصالحين أن لا يردوا السائلين خائبين، وإن كانوا هم أحوج إلى ما يعطون من غيرهم. والحديث أخرجه النسائي.
1767-
ص- نا أبو الوليد الطيالسي، نا ليث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن ابن الساعدي قال: اسْتَعْمَلَنِي عمرُ- رضي الله عنه على الصدقة، فلما فَرغتُ منها وَأَدَّيْتُهَا إليه أمَرَ لي بعُمَالَة، فقلتُ: إنما عَمِلتُ لله وأجرِي عَلى الله. قال: خُذْ ما أعطيت، فإني قَد عَمًلتُ على عَهد رسول صلى الله عليه وسلم فَعَملَني، َ فقلتُ مثلَ قولكَ، َ فقال لي رسولُ الله- عليه السلام: إذا أعْطِيتَ شيَئا من غير أن تَسْألَهُ فكلْ وتَصدَّقْ (1) .
ش- أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وبكسر- بضم الباء الموحدة، وسكون السين المهملة-.
وابن (2) الساعدي صوابه: ابن السعدي، وهو عبد الله بن عمرو بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسن بن عامر بن لؤي المعروف بابن السعدي لأنه كان مسترضعا في بني سعد، يكنى:
(1) البخاري: كتاب الأحكام، باب: رزق الحاكم والعاملين عليها (7163)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف (1045)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: من آتاه الله مالا من غير مسألة (103/5-104) .
(2)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/ 0 35، 384) ، وأسد الغابة (3/ 261) ، والإصابة (2/ 318) .
أبا محمد، وقيل: اسم السعدي: قدامة بن وقدان، سكن الأردن (1) من أرض الشام، رُوي له عن رسول الله- عليه السلام ثلاثة أحاديث، رويا له جميعا عن عمر بن الخطاب حديث العمالة. روى عنه: السائب بن يزيد. قال الواقدي: توفي سنة سبع وخمسين. روى له: النسائي عن النبي- عليه السلام، وروى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه. قلت: هذا ما ذكره صاحب الكمال.
وقال الشيخ محيي الدين (2) : وقد وقع في مسلم من رواية قريبة قال: عن ابن الساعدي المالكي، فقوله: المالكي صحيح منسوب إلى مالك بن حسن بن عامر. وإنما قوله: الساعدي فأنكروه، قالوا: وصوابه: السعدي، كما رواه الجمهور منسوب إلى سعد بن بكر.
وقال زكي الدين في "المختصر": ولم يكن سعديا، وإنما قيل لأبيه السعدي لأنه كان مسترضعا في بني سعد بن بكر، وأما الساعدي فنسبة إلى بني ساعدة من الأنصار من الخزرج لا وجه له هاهنا، إلا أن يكون له نزول أو حلف، أو خؤولة، أو غير ذلك.
وقال أيضاً ورواه الزهري عن السائب بن يزيد، عن حويطب بن عبد العزى، عن عبد الله بن السعدي، عن عمر- رضي الله عنهم فاجتمع في إسناده أربعة من الصحابة، وهو أحد الأحاديث التي جاءت كذلك. ووقع في حديث الليث بن سعد: ابن الساعدي كما قدمناه. قلت: أشار به إلى رواية أبي داود لأن في روايته ابن الساعدي، والصواب: ابن السعدي كما قررناه، وهذا الحديث رُوي من طرق مختلفة، والصحيح ما اتفق عليه الجماعة- يعني: عن الزهري، عن السائب، عن حويطب، عن ابن السعدي، عن عمر- رضي الله عنهم. والسائب: ابن يزيد.
(1) في الأصل: "الأزد".
(2)
شرح صحيح مسلم (136/7) .
وحويطب- بضم الحاء المهملة- أبو محمد، ويُقال: أبو الأصبع حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسن بن عامر بن لؤي القرشي العامري، أسلم يوم فتح مكة، ولا تحفظ له رواية عن النبي- عليه السلام إلا شيء ذكره الواقدي، والله أعلم.
قوله: " أمر لي بعُمالة" العُمالة- بضم العين- المال الذي أعطاه العامل على عمله.
قوله: " فعملني" بتشديد الميم أي: أعطاني أجرة عملي؟ وفيه جواز أخذ العوض على أعمال المسلمين سواء كانت لدين أو لدنيا كالقضاء والحسبة وغيرها.
وقال الشيخ محيي الدين (1) : واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب حكاها/ [أبو جعفر محمد بن جريج الطبري وآخرون، والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور، أنه يستحب في غير عطية](2) السلطان، وأما عطية السلطان فحرمها قوم، وأباحها قوم، وكرهها قوم، والصحيح: أنه إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت، وكذا إن أعطي ما لا يستحق، لان لم يغلب الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الأخذ. وقالت طائفة: الأخذ واجب من السلطان وغيره. وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره. انتهى. وقيل: وليس معنى الحديث في الصدقات، وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام على أغنياء الناس وفقرائهم، واستشهد بقوله في بعض طرقه:" فتموله "، وقال: الفقير لا ينبغي له ذلك أن يأخذ من الصدقة ما يتخذه مالا [سواء] كان عن مسألة أو عن غير مسألة.
(1) شرح صحيح مسلم (134/7-135) .
(2)
طمس في الأصل، وأثبتناه من شرح صحيح مسلم.
واختلف العلماء فيما أمر به النبي- عليه السلام عُمر من ذلك بعد إجماعهم على أنه أمر ندب وإرشاد. فقيل: هو أمر ندب من النبي- عليه السلام لكل من أعطي عطية كانت من سلطان أو عامي، صالحا كان أو فاسقاً بعد أن يكون ممن يجوز عينه، حكى ذلك غير واحد، وقيل ذلك من النبي- عليه السلام ندب إلى قبول عطية غير السلطان، فبعضهم منعها وبعضهم كرهها. وقال آخرون: ذلك ندب لقبول هدية السلطان دون غيره، ورجح بعضهم الأول لأن النبي- عليه السلام يخصص وجها من الوجوه. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي بنحوه.
1768-
ص- نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله ابن عمر، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبرِ، وهو يذكرُ الصدقةَ والتعففَ منها والمسألةَ: َ" اليدُ العُليا خير من اليدِ السُفلَى، واليدُ العُليا المنفِقَةُ، والسفْلَى السائِلَةُ"(1) .
ش- هكذا وقع في صحيحي البخاري ومسلم من قوله: "واليد العليا المنفقة" من الإنفاق، وكذا هي رواية أبي داود عن أكثر الرواة، وفيه دليل للجمهور أن اليد العليا هي المنفقة.
وقال الخطابي (2) : المتعففة لما نذكره الآن. وقال غيره: العليا الأخذة، والسفلى المانعة، حكاه القاضي. والمراد بالعلو: علو الفضل والمجد ونيل الجواب.
قلت: هو قول المتصوفة، ذهبوا إلى أن اليد العليا هي الآخذة لأنها نائبة عن يد الله تعالى. وما جاء في الحديث الصحف من التفسير مع فهم
(1) البخاري: كتاب الزكاة، باب: لا صدقة ألا عن ظهر غنى (1429)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير (1033)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: أيهما اليد العليا (5/ 61)، وباب: اليد السفلى (5/ 61) .
(2)
معالم السنن (2/ 60) .
26.
شرح سنن أبي داوود 6
المقصد من الحث على الصدقة أوْلى، فعلى التأويل الأول هي العليا بالصورة. وعلى الثاني عليا بالمعنى. وفي الحديث ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيها، وفيه أيضا حض على الصدقة. والحديث أخرجه: النسائي أيضا بنحوه.
ص- قال أبو داود: اخْتُلفَ على أيوبَ، عن نافع في هذا الحديث،
فقال (1) عبدُ الوارث: اليدُ الَعُليا المتعففةُ. وقال كثرُهمً عن حماد بن زياد، عن أيوبَ: اليدُ العُليا المنفقةُ. وقال واحد (2) : المتعففةُ. ً
ش- أشار بهذا إلى أن كثر الرواة رووا: " اليد العُليا المنفقة" من الإنفاق، وأن رواية:"اليد العليا المتعففة" بالعين من العفة هي رواية واحد، وهي رواية عبد الوارث بن سعيد، عن حماد بن زيد، ورجح الخطابي (3) رواية " المتعففة" وقال: هي أشبه وأصح في المعنى، وذلك أن ابن عمر ذكر أن رسول الله- عليه السلام قال هذا الكلام وهو يذكر الصدقة والتعفف منها، فعطف الكلام على سببه الذي خرج عليه وعلى ما يطابقه في معناه أوْلى، وقد يتوهم كثير من الناس أن معنى العليا هي أن يد المعطي مستعلية فوق يد الآخذ، يجعلونه من علو الشيء إلى فوق، وليس عندي ذلك بالوجه، وإنما هو من علاء المجد والكرم، يريد به الترفع عن المسألة والتعفف عنها، وأنشدني أبو عمر قال: أنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا ابن الأعرابي في معناه:
إذا كان باب الذل من جانب الغنى
…
سموت إلى العلياء من جانب الفقر
يريد به التعزز بترك المسألة، والتنزه عنها.
وقال الشيخ محيي الدين (4) : والصحيح: الرواية الأولى، ويحتمل صحة الروايتين، فالمنفقة أعلى من السائلة، والمتعففة خير من السائلة.
(1) في سنن أبي داود: "قال".
(2)
في سنن أبي داود: "وقال واحد عن حماد "
(3)
معالم السنن (2/ 60) .
(4)
شرح صحيح مسلم (125/7) .
1769-
ص- نا أحمد بن حنبل، نا عبيدة بن حميد التيمي، حدَّثني أبو الزعراء،/ عن أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: [" الأيْدي ثلاثةٌ: فيدُ الله جل وعز العُليا] ، (1) ، ويدُ المُعْطِي التي تَلِيهَاَ، ويدُ السائلِ اَلسفْلَى، فأعْطِ الَفضلَ ولا تَعْجَزْ عنْ نَفْسِكَ " (2) .
ش- أبو الزعراء: عبد الله بن هاني الكوفي الكندي. سمع: عبد الله بن مسعود. روى عنه: سلمة بن كهيل قال البخاري: ولا يتابع في حديثه. وقال النسائي وعلي بن المديني: لا نعلم أحداً روى عنه إلا سلمة بن سهيل. وقال ابن عدي: والذي قال النسائي كما قال، ويروي سلمة بن سهيل عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود إن كان قد سمع من عبد الله بن مسعود، ويروي عن أبي الأحوص عن أبيه، وغيرهم (3) .
وأبو الأحوص: عوف بن مالك بن نضلة الكوفي.
قوله: " فيد الله جل وعز العليا" المراد بها: قدرته الباسطة (4) . وقد جعل في هذا الحديث اليد العليا أته تعالى، ثم للمعطي وهي يد المنفق.
ويؤيد هذا رواية الجمهور: "أن اليد العليا هي المنفقة ".
قوله: " فأعط الفضل" أي: الذي يفضل من كفايته، وهو الذي لا يحتاج إليه، وفيه حث على الصدقة عن فضل ماله، ووصيته لترك العجز والكسل في الصدقة.
(1) طمس في الأصل، وأثبتناه من سنن أبي داود.
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3627/16) .
(4)
بل المراد: يد الله سبحانه على وجه الحقيقة، يدا لا تأويل فيها، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل، قال تعالى:{بل يداه مبسوطتان} ، وهذا اعتقاد أهل السُنَة والجماعة، وانظر: التوحيد لابن خزيمة (ص/ 53- 59) ، ومجموع الفتاوى (3/ 133) .