الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " أو لذي غرم مفظع" الغُرْمُ: هو الدينُ، وهو بضم الغين وسكون الراء، ومفظع من أفظع يقال: أفظعني الأمر اشتد عَلَيَّ، والأمر الفظيع هو الشديد الشنيع الذي جاوز المقدار.
وقال الخطابي (1) : والغُرم المفظع هو أن تلزمه الديون الفظيعة القادحة حتى تتفرع به، فتحل له الصدقة، فيعطى من سهم الغارمين.
قوله: " أو لذي دم موجع" بكسر الجيم، والدم الموجع هو أن يتحمل حمالة في حقن الدماء، وإصلاح ذات البين، حتى يؤديها، فإن لم يؤدها قتل فيوجعه قتله.
ويستفاد منه فوائد، الأولى: أن بيع المزايدة جائز، والنهي عن البيع على بيع أخيه إنما هو بعد الركون.
الثانية: إثبات الكسب والأمر به.
الثالثة: أن السؤال حرام إذا قدر على الكسب.
الرابعة: فيه أن مُقْتَدَى القوم يرشد قومه إلى طريق فيه نجاتهم، ويُوضح لهم كيفية الأعمال في كل شيء.
الخامسة: أن السؤال وإن كان عن حاجة فإنه يُؤثر في القصد، لما فيه من التعلق بغير الله، فيكون أثراً كالنكتة، ويظهر تأثيره بإسقاط جزء من الجواب.
والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان.
24- باب: كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة
أي: هذا باب في بيان كمية ما يعطى الرجل الواحد من الزكاة، وفي بعض النسخ لفظ هذا الباب على رأس حديث سمرة بن جندل،
(1) معالم السنن (2/ 59) .
وليس هاهنا باب، وإنما الحديث الذي يأتي متصل بالحديث الذي مرّ ذكره.
1761-
ص- نا الحسن بن محمد بن الصباح، نا أبو نعيم، حدَّثني سعيد بن عُبيد الطائي، عن بشير بن يسار، زعم أن رجلاً من الأنصار يُقال له سهلِ بن أبي حَثمةَ، أخبره أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ودَاهُ مائةً (1) من إِبِلِ الصدقةِ، يَعني: ديةَ الأنصاريَ الذي قُتِلَ بخَيْبَر (2) .
ش- الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، أبو عليّ البغدادي. سمع: سفيان بن عيينة، وإسماعيل ابن علية، ووكيعا، وغيرهم. وروى عن الشافعي كتابه القديم. روى عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبغوي، وابن صاعد. قال النسائي: هو ثقة. مات سنة ستين ومائتين في رمضان. والزعفراني نسبة إلى دَرْب الزعفران ببغداد، ويُقال إلى قرية يقال لها الزعفرانية. قال الحسن بن محمد بن الصباح: لما قرأت كتاب الرسالة على الشافعي قال لي: من أي العرب أنت؟ قلت: ما أنا بعربي، وما أنا إلا من قرية يقال لها: الزعفرانية. قال: أنت سيد هذه القرية (3) .
وأبو نعيم الفضل بن دكين.
وسعيد بن عُبيد أبو الهذيل الطائي الكوفي. روى عن: بشير بن يسار، وعليّ بن ربيعة الطائي. روى عنه: الثوري، وابن المبارك، والفضل بن دكين، ووكيع، وغيرهم. قال يحيى القطان: ليس به بأس. وقال أحمد وابن معين: ثقة. روى له: الجماعة إلا ابن ماجه (4) .
(1) في سنن أبي داود: "بمائة".
(2)
البخاري: كتاب الصلح، باب: الصلح مع المشركة (2702)، مسلم: كتاب القيامة، باب: القيامة (1669)، الترمذي: كتاب الديات، باب: في القيامة (1422)، النسائي: كتاب القيامة، باب: تبرئة أهل الدم في القيامة يهم/ 5- 6) ، ابن ماجه: كتاب الديات، باب: القيامة (677) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6/ 1270) .
(4)
المصدر السابق (0 1/ 2323) .
وتُشير- بضم الباء-: ابن يسار الحارثي الأنصاري، مولاهم المدني. روى عن: جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، ورافع بن خديج، وسويد بن النعمان، وسهل بن أبي حكمة. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعقبة بن أبي عبيد، ومحمد بن إسحاق بن يسار. قال ابن معين: هو ثقة، وليس بأخي سليمان بن يسار. وقال ابن سعد: كان شيخا كبيراً فقيها، وكان قد أدرك عامة أصحاب رسول الله- عليه السلام، وكان قليل الحديث. روى له الجماعة (1) .
وسهل بن أبي حثمة- بفتح الحاء المهملة، وسكون الثاء المثلثة- واسم أبي حثمة: عبد الله، وقيل: عبيد الله، وقيل: عامر، وقد مر ذكرهما مستوفى.
قوله: " وداه" أي: أعطى ديته، يقال: وديت القتيل أديه دية إذا أعطيت ديته، واتديتُ أي: أخذت ديته. وأصل دية وديٌ حذفت الواو وعوض منها الهاء فصار دية، كعدة ومقة أصلهما وعد وومق.
وقال الخطابي (2) : يشبه أن يكون النبي- عليه السلام إنما أعطاه ذلك من سهم الغارمين على معنى الحمالة في إصلاح ذات البين، إذ كان قد شجر بين الأنصار وبن أهل خيبر في دم القتيل الذي وجد بها منهم، فإنه لا مصرف لمال الصدقات في الديات.
وقال أيضا (3) : وقد اختلف الناس في قدر ما يُعطاه الفقير من الصدقة، فكره أصحاب الرأي أن يبلغ به مائتي درهم إذا لم يكن عليه دين أو له عيال، وكان الثوري يقول: لا يدفع إلى الرجل من الزكاة أكثر من خمسين درهماً وكذلك قال أحمد بن حنبل، وعلى مذهب الشافعي يجوز أن يعطى على قدر حاجته من غير تحديد فيه، فإذا زال اسم الفقر عنه لم يُعط.
(1) المصدر السابق (4/ 734) .
(2)
معالم السنن (2/ 55) .
(3)
نفسه (2/ 56) .
قلت: وفيه دليل لأبي حنيفة في قوله: يجوز أن يقتصر الرجل في زكاته على صنف واحد من الأصناف المذكورة في الآية.
والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه مختصراً ومطولا في القصة المشهورة.
25-
باب: كراهة (1) المسألة
أي: هذا باب في بيان كراهة السؤال.
1762-
ص- نا هشام بن عمار، نا الوليد، نا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة- يعني ابن يزيد- عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي مسلم الخولاني قال: حدَّثني الحبيبُ الأمينُ، أمّا هو إليُّ فحبيب، وأمَّا هول عندي فأمين: عوفُ بنُ مالك. قال: كُنَّا عندَ رسول اللهِ- عليه السلام سبعَةً أو ثمانيةً أو تسعةً فقال: ألا تُبَايعُونَ رسولَ الله؟ /- وكنا حديثُ عهد ببيعة- قلنا: قَدْ بَايَعْنَاكَ [حتى قالَهًا ثلاثاً، فَبَسَطَنَا أيديَنَا فبايَعْنَاهُ، فقالت قائل: يا رسولَ الله]، (2) إنَّا قَد بَايَعْنَاكَ فَعَلامَا نُبَايعُكَ؟ َ قال: أن تَعبُدُوا اللهَ [ولا تشركُوا به شيَئا، وتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الخمسة، (2)، وتسمَعُوا وتُطيعُوا وأسر كلمةً خَفِيَّةً قال: وَلا تَسْألُوا الناسَ شيئاً قال: فلقد كان بعضُ أولئك النفر يَسقطُ سَوْطُهُ فما يَسْألُ أحَداً أَن يُنَاوِلَهُ إياه (3) .
ش- الوليد بن مسلم، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي، فقيه أهل الشام، وربيعة بن يزيد الدمشقي، وأبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، وأبو مسلم الخولاني اسمه: عبد الله بن ثُوَب- بضم الثاء المثلثة، وفتح الواو، ويقال: ثواب، ويقال ابن أثوب، ويقال: ابن
(1) في سنن أبي داود: " كراهية".
(2)
طمس في الأصل، وأثبتناه من سنن أبي داود.
(3)
مسلم: كتاب الزكاة، باب: كراهية المسألة (1043)، النسائي: كتاب الصلاة، باب: البيعة على الصلوات الخمس (1/ 228)، ابن ماجه: كتاب الجهاد، باب: البيعة (2867) .
عبد الله، ويُقال: ابن عوف، ويقال: ابن مسلم، ويقال: اسمه: يعقوب بن عوف اليماني، أبو مسلم الخولاني الزاهد، سكن الشام بداريا بالقرب من دمشق، رحل يطلب النبي- عليه السلام فمات النبي عليه السلام وهو في الطريق، ولقي أبا بكر الصِّديِّق، وروى عن: عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسمع: عوف أبن، مالك الأشجعي، وعبادة بن الصامت، وأبا ذر الغفاري. روى عنه: أبو العالية الرياحي، وأبو إدريس الخولاني، وعطاء بن أبي رباح، ومكحول، وجماعة آخرون. قال ابن معين، وأحمد العجلي، وابن سعد: هو ثقة. زاد العجلي: من كبار التابعين وعُبادهم. ورُوي أن الأسود العنسي أمر بنار عظيمة ثم ألقاه فيها فلم تضره. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وقال الشيخ محيي الدين (1) : وأما قول السمعاني في " الأنساب " أنه أسلم في زمن معاوية فغلط باتفاق أهل العلم من المحدثين، وأصحاب التواريخ، والمغازي، والسير، وغيرهم (2) .
قوله: " وأسر كلمة خفية " يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم أسر النهي عن السؤال، ليخص به بعضهم دون بعضه ولا يعمهم بذلك لأنه لا يمكن العموم، إذ لا بد من السؤال، ولا بد من التعفف، ولا بد من الغنى، ولا بد من الفقر، وقد قضى الله تبارك وتعالى بذلك كله، فلا بد أن ينقسم الخلق إلى الوجهين.
قوله: " فما يسأل أحدا أن يناوله إياه" أي: سوطه، كراهة الذل لأن في السؤال ذلا، ولهذا قال أبو حنيفة: المسافر لا يسأل من رفيقه ماء، ولو تيمم قبل الطلب أجزأت، لأن السؤال فيه ذل، وربما لا يعطيه. والحديث أخرجه: مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
(1) شرح صحيح مسلم (132/7) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7627/34) .