المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌56- باب: الصلاة على القبر - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٦

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌3- كتاب الجنائز

- ‌1- باب: الأمراض المكفرة للذنوب

- ‌2- باب: في عيادة الذمي

- ‌3- باب: المشي في العيادة

- ‌4- باب: من عاد مريضا وهو على وضوء

- ‌5- باب: في العيادة مرارا

- ‌6- باب: العيادة في الرمد

- ‌7- باب: في الخروج من الطاعون

- ‌8- باب: الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة

- ‌9- باب: كراهية تمني الموت

- ‌10- باب: في موت الفُجاءة

- ‌11- باب: في فضل من مات في الطاعون

- ‌12- باب: المريض يؤخذ من أظفاره وعانته

- ‌13- باب: حسن الظن بالله عند الموت

- ‌14- باب: تطهير ثياب الميت

- ‌15- باب ما يبالى عند الميت من الكلام

- ‌16- باب: في التلقين

- ‌17- باب: تغميض الميت

- ‌18- باب: الاسترجاع

- ‌19- باب: في الميت يسجي

- ‌20- باب: القراءة عند الميت

- ‌21- باب: الجلوس في المسجد وقت التعزية

- ‌22- باب: في التعزية

- ‌23- باب: الصبر عند المصيبة

- ‌24- باب: البكاء على الميت

- ‌25- باب: في النوح

- ‌26- باب: صنعة الطعام لأهل الميت

- ‌27- باب: الشهيد يُغسَّلُ

- ‌28- باب: في ستر الميت عند غسله

- ‌29- باب: كيف غَسلُ الميت

- ‌30- باب: في الكفن

- ‌31- باب: في كفن المرأة

- ‌32- باب: المسك للميت

- ‌33- باب: تعجيل الجنازة

- ‌34- باب: في الغُسل من غَسل الميت

- ‌35- باب: في تقبيل الميت

- ‌36- باب: الدفن بالليل

- ‌37- باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض

- ‌39- باب: اتباع النساء الجنائز

- ‌40- باب: فضل الصلاة على الجنائز

- ‌41- باب: في اتباع الميت بالنار

- ‌42- باب: القيام للجنازة

- ‌43- باب: الركوب في الجنازة

- ‌44- باب: المشي أمام الجنازة

- ‌45- باب: الإسراع بالجنازة

- ‌47- باب: الصلاة على من قتلته الحدود

- ‌49- باب: الصلاة على الجنازة في المسجد

- ‌50 باب: الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها

- ‌51- باب: إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم

- ‌52- باب: أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه

- ‌53- باب: التكبير على الجنازة

- ‌54- باب: ما يقرأ على الجنازة

- ‌55- باب: الدعاء للميت

- ‌56- باب: الصلاة على القبر

- ‌58- باب: في الرجل يجمع موتاه في مَقْبَرة والقبر يُعَلمُ

- ‌59- باب: في الحفار يجد العظم هل يَتنَكَبُ ذلك المكان

- ‌60- باب: في اللحد

- ‌61- باب: كم يدخل القبر

- ‌62- باب: كيف يُدخلُ الميتُ في قبره

- ‌63- باب: كيف يُجلسُ عند القبر

- ‌65- باب: الرجل يموت له قرابة مشرك

- ‌66- باب: في تعميق القبر

- ‌67- باب: في تسوية القبر

- ‌68- باب: الاستغفار للميت عند القبر

- ‌69- باب: كراهية الذبح عند القبر

- ‌70- باب: الصلاة عند القبر بعد حين

- ‌72- باب: كراهية القعود على القبر

- ‌73- باب: المشي بين القبور في النعل

- ‌74- باب: الميت يحول من موضعه للأمر يحدث

- ‌76- باب: في زيارة القبور

- ‌78- باب: ما يقول إذا مَرَّ بالقبور

- ‌ 4- كتاب الزكاة

- ‌1- باب: ما يجبُ فيه الزكاة

- ‌3- باب: الكنز ما هو

- ‌4- باب: في زكاة الحُلي

- ‌5- باب: في زكاة السائمة

- ‌6- باب: دُعاء المصدق لأهل الصدقة

- ‌7- باب: تفسير أسنان الإبل

- ‌8- باب: أين تصدق الأموال

- ‌9- باب: الرجل يبتاع صدقته

- ‌10- باب: صدقة الرقيق

- ‌11- باب: صدقة الزرع

- ‌12- بَابُ: زَكاة العَسَلِ

- ‌13- بَاب: فِي الخَرْص

- ‌14- باب: في خرْصِ العنب

- ‌15- بَابُ: مَتَى يُخرصُ التَّمرُ

- ‌16- بَابُ: زَكَاة الفطرِ

- ‌17- بَابُ: مَتَى تُؤَدى

- ‌18- بَاب: كَمْ يُؤدى في صَدقة الفطر

- ‌19- بَابُ: مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِن قَمْحٍ

- ‌20- باب: في تعجيل الزكاة

- ‌22- باب: مَن يُعطى من الصدقة وحدّ الغِنَى

- ‌23- باب: من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني

- ‌24- باب: كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

- ‌26- باب: في الاستعفاف

- ‌27- باب: الصدقة على بني هاشم

- ‌28- بابٌ: في فقير يَهدي إلى غنيٍّ من الصدقة

- ‌29- باب: من تصدق بصدقة ثم ورثها

- ‌30- باب: حقوق المال

- ‌31- باب: حق السائلِ

- ‌32- باب: الصدقة على أهل الذمة

- ‌36- باب: عطية من سأل بالله

- ‌37- باب: الرجل يخرج من ماله

- ‌33- باب: ما لا يجوز منعه

- ‌ 34- باب: المسألة في [المساجد]

- ‌38- باب: الرخصة في ذلك

- ‌39- بابٌ: في فضلِ سقي الماء

- ‌40- باب: في المَنيحة

- ‌41- بابُ: أجرِ الخازنِ

- ‌43- باب: في صِلَة الرحم

- ‌44- باب: في الشح

الفصل: ‌56- باب: الصلاة على القبر

قوله: " في ذمتك "/ أي: في أمانك أو في ضمانك، والذمة تجيء بمعنى العهد، والأمان والضمان، والحرمة، والحق.

قوله: "فقه" أمر من وقى يقي ق، و" الهاء " فيها ضمير منصف أب، بخلاف ما إذا قلت: قه أمر، فإن " الهاء" فيه للسكت والراحة، و"فتنة القبر" السؤال الذي يسأل فيه الميت.

قوله: "وحبل جوارك " أي: أمانك، والحبل: العهد، والميثاق، والأمان الذي يؤمن من العذاب، وكان من عادة العرب أن يحيف بعضها بعضا، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيد كل قبيلة فيأمن به مادام في حدودها حتى ينتهي إلى الأحْرى فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار، أي: مادام يجاور أرضه، أو هو من الإجارة، والأمان، والنصرة والحديث أخرجه ابن ماجه.

‌56- باب: الصلاة على القبر

أي: هذا باب في بيان حكم الصلاة على القبر بعد دفن الميت.

1638-

ص- نا سليمان بن حرب ومسدد قالا: نا حماد، عن ثابت،

عن أبي رافع، عن أي هريرة:" أن امرأةَ سوداءَ، أو رَجُل (1) كان يَقُم المسجد، فَفَقَدَهُ النبي- عليه السلام فسألَ عنه؟ فقيل: ماتَ، فقال: ألا آذنتموني به؟ قال: " دلوني على قبره، فدعوه، فصلى عليه" (2) .

ش- حماد بن زيد، وثابت البناني، وأبو رافع مولى النبي- عليه السلام اسمه: إبراهيم، أو أسلم، وقد مر غير مرة.

(1) كذا، وفي متن أبي داود:" رجلاً".

(2)

البخاري: كتاب الصلاة، باب: كنس المسجد وإلقاء الخرق والقذى والعيدان (57 4) ، وكتاب الجنائز، باب: الصلاة على القبر بعد ما يدفن (1337)، مسلم: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على القبر (965)، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على القبر (1527) .

ص: 147

قوله: " يقم " أي: يكنس، والقمامة: الكناسة.

قوله: " ألا آذنتموني " أي: هلا أعلمتموني، واستدل علماؤنا بهذا الحديث أن الميت إذا دفن بدون الصلاة يصلى على قبره، ثم قال بعض أصحابنا: يصلى عليه ما لم ينفسخ، وقال أبو يوسف: يصلى إلى ثلاثة أيام، والأصح أن الاعتبار لأكبر الرأي، وقال الخطابي (1) :"وفيه دليل لجواز الصلاة على القبر لمن لم يلحق الصلاة على الميت قبل الدفن ". قلت: هذا غير مسلم، والحديث لا يدل على مدعاه، والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، وابن ماجه (2) ، وروى ابن حبان في "صحيحه "(3) في النوع الأول من القسم الرابع من حديث خارجة بن زيد بن ثابت، عن عمه يزيد (4) بن ثابت- وكان أكبر من زيد، قال:"خرجنا مع رسول الله- عليه السلام فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر، فسأل عنه؟ فقالوا: فلانة فعرفها، فقال: ألا آذنتموني بها؟ قالوا: كنت قائلا صائما، قال: فلا تفعلوا لا يعرفن ما مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم، إلا ناديتموني (5) به، فإن صلاتي عليه رحمة، قال: ثم أتى القبر فصففنا خلفه، وكبر عليه أربعا".

ورواه الحاكم في " المستدرك"(6) في الفضائل وسكت عنه وأخرج ابن حبان من طريق أحمد بن حنبل، ثنا غندر، عن شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ثابت، عن أنس:" أن النبي- عليه السلام صلى على قبر امرأة قد دفنت ".

وقال ابن حبان في "صحيحه ": وقد جعل بعض العلماء الصلاة على

(1) معالم السنن (1/ 274) .

(2)

انظر: نصب الراية (2/ 265، 266) .

(3)

ابن حبان (7/ 87 0 3) ، وأخرجه أحمد (4/ 388)، والنسائي: في باب الصلاة على القبر من كتاب الجنائز (4/ 84)، وابن ماجه: في باب: الصلاة على القبر من كتاب الجنائز له 152) .

(4)

في الأصل: "زيد" خطأ.

(5)

في صحيح ابن حبان: "آذنتموني".

(6)

(591/3) .

ص: 148

القبر من خصائص النبي- عليه السلام بدليل ما روي فيه: " وإني

أنورها بصلاتي عليهم" وليس كما توهموه، بدليل أنه- عليه السلام

صف الناس خلفه، فلو كان من خصائصه لزجرهم عن ذلك، انتهى.

وهذا الحديث الذي أشار إليه أخرجه البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة

أيضاً: أن النبي- عليه السلام صلى على قبر امرأة، أو رجل كان

يقم المسجد ثم قال: إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة، وإني أنورها

بصلاتي عليهم ".

وأخرج الترمذي (1) ، عن سعيد بن المسيب " أن أم سعد- يعني ابن

عبادة ماتت، والنبي- عليه السلام غائب، فلما قدم صلى عليها،

وقد مضى لذلك شهر " قال البيهقي (2) : هو مرسل صحيح، وقد روي

موصولا عن ابن عباس، والمشهور المرسل (3) .

57-

باب الصلاة (4) على المسلم يموت في بلاد الشرك

أي: هذا باب في بيان الصلاة على المسلم، يلي أمر ذلك المسلم أهل

الشرك في بلد آخر، وفي بعض النسخ: " باب الصلاة على المسلم يموت

في بلاد أهل الشرك".

/ 639 1- ص- نا القعنبي، قال: قرأت على مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة- رضي الله عنه "أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نعىِ للناسِ النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرجَ بهم إلى المُصًلَّى، فَصلى بهم وكَبرَ أربع تكبيراتٍ "(5) .

(1) كتاب الجنائز، باب: الصلاة على القبر (1038) .

(2)

السنن الكبرى (48/4) . (3) إلى هنا انتهى النقل من نضب الراية.

(4)

في سنن أبي داود: "باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك".

(5)

البخاري: كتاب الجنائز، باب: التكبير على الجنازة أربعا (1333)، مسلم:

كتاب الجنائز، باب: في التكبير على الجنازة (951)، الترمذي: كتاب

ص: 149

ش-" نعى" من النعي، وهو خبر الموت، والناعي الذي يأتي بخبر الموت، والنجاشي اسم كل من ملك الحبشة كما أن كل من ملك الشام مع الجزيرة، وبلاد الروم يسمى قيصر، وكل من ملك الفرس يسمى كسرى، وكل من ملك مصر كافرا يسمى فرعون (1) ، وكل من ملك الإسكندرية يسمى المقوقس، وكل من ملك اليمن يسمى تبع، وكل من ملك الهند، وقيل: اليونان يسمى بطليموس (2) ، وكل من ملك الترك يسمى خاقان، وكل من ملك اليهود يسمى القِطبون، وكل من ملك الصابئة يسمى نمرود، وكل من ملك العرب من قبل العجم يسمى النعمان، وكل من ملك البربر يسمى جالوت، وكل من ملك فرغانة يسمى الإخشيد، واسم هذا النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحمة ابن أبجر، ويقال: مصحمة بالميم موضع الهمزة، ويقال: أصحم، ومعناه بالعربية: عطية، وكان عبدا صالحاً لبيبا ذكيا، عادلا عالماً وعن جابر قال: قال رسول الله- عليه السلام حين مات النجاشي: "مات اليوم رجل صالح، فقوموا وصلوا على أخيكم أصحمة" رواه البخاري، وقال ابن كثير: وشهود أبي هريرة الصلاة على النجاشي دليل على أنه مات بعد فتح خيبر التي قدم بقية المهاجرين إلى الحبشة مع جعفر ابن أبي طالب يوم فتح خيبر، ولهذا رُوي أن النبي- عليه السلام قال:

"والله ما أدري بأيهما أسَر: أبفتح خيبر؟ أم بقدوم جعفر" وقدموا معهم بهدايا وتحف من عند النجاشي إلى النبي- عليه السلام وصحبتهم أهل السفينة العمانية أصحاب أبي، موسى وقومه من الأشعريين ومع جعفر

= الجنائز، باب "الصفوف على الجنازة (1022) " النسائي: كتاب الجنائز، باب: الصفوف على الجنازة (4/ 69)، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب:

الصلاة على النجاشي (1534) .

(1)

وقيل: كل من ملك القبط يسمى فرعون، ومن ملك مصر يسمى العزيز، وانظر:"شرح صحيح مسلم"(23/7) تحت شرح هذا الحديث.

(2)

في الأصل: "بطلميوس" خطأ.

ص: 150

وهدايا النجاشي ابن أخي النجاشي ذو مخبر، أو ذو مخمر، أرسله ليخدم النبي- عليه السلام عوضا عن عمه، وقال السهيلي: توفي النجاشي في رجب سنة تسع من الهجرة، وفي هذا نظر (1) .

وقال الخطابي: النجاشي رجل مسلم، قد آمن برسول الله- عليه السلام وصدقه على نبوته، إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسول الله- عليه السلام أن يفعل ذلك إذ هو نبيه، ووليه، وأحق الناس به، فهذا - والله أعلم- هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه، بظهر الغيب، فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان، وقد قضى حقه من الصلاة عليه، فإنه لا يصلى عليه من كان ببلد آخر غائبا عنه، فإن عُلِمَ أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كانت السنة أن يصلى عليه ولا يترك ذلك لبعد المسافة، فإذا صلوا عليه استقبلوا القبلة، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت- إن كان في غير جهة القبلة- وقد ذهب بعض العلماء إلى كراهة الصلاة على الميت الغائب، وزعموا أن النبي- عليه السلام كان مخصوصا بهذا الفعل إذ كان في حكم المشاهد للنجاشي، لما روي في بعض الأخبار " أنه قد سُويت له أعلام الأرض حتى يبصر مكانه " وهذا تأويل فاسد، لأن رسول الله- عليه السلام إذا فعل شيئا من أفعال الشريعة كان علينا متابعته والاتسَاء به، والتخصيص لا يعلم إلا بدليل، ومما يبين ذلك أنه صلى الله عليه وسلم خرج بالناس إلى الصلاة، وصف بهم، وصلوا معه، فعلم أن هذا التأويل فاسد.

قلت: هذا التشنيع كله على الحنفية من غير توجيه ولا تحقيق، فنقول

ما يظهر لك فيه دفع كلامه: إن النبي- عليه السلام رفع له سريره فوقه، فتكون الصلاة عليه كميتٍ رآه الإمام، ولا يراه المأموم،

(1) انظر ترجمته من: أسد الغابة (1/ 119) ، والإصابة (1/ 109) .

ص: 151

فإن قيل: (1) هذا يحتاج إلى نقل يبينه، ولا يكتفى فيه مجرد الاحتمال.

/ قلت: ورد ما يدل على ذلك، فروى ابن حبان في "صحيحه " في النوع الحادي والأربعة من القسم الخامس من حديث عمران بن الحصين، أن النبي- عليه السلام قال:" إن أخاكم النجاشي توفي، فقوموا، صلوا عليه، فقام رسول الله- عليه السلام وصفوا خلفه فكبر أربعا، وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه " انتهى.

وجواب آخر أنه من باب الضرورة، لأنه مات بأرض لم يقم فيها عليه فريضة الصلاة، فتعين فرض الصلاة عليه، لعدم من يصلي عليه ثم، ويدل على ذلك أن النبي- عليه السلام لم يصل على غائب غيره، وقد مات من الصحابة خلق كثير وهم غائبون عنه، وسمع بهم فلم يصل عليهم، إلا غائبا واحدة ورد أنه طويت له الأرض حتى حضره وهو: معاوية بن معاوية المدني، روى حديثه الطبراني فيه معجم " الأوسط " (2) وكتاب "مسند الشاميين": حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا نوح بن عمرو (3) بن حُوَي السكسكي، ثنا بقية بن الوليد، عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي أسامة، قال:" كنا مع رسول الله- عليه السلام بتبوك، فنزل عليه جبريل- عليه السلام فقال: يا رسول الله، إن معاوية بن معاوية المدني مات بالمدينة، أتحب أن تطوى لك الأرض فتصلي عليه، قال: نعم، فضرب بجناحه على الأرض، ورفع له سريره"

(1) القائل هو الإمام تقي الدين كما في نصب الراية (283/2) ، ومنه سينقل المصنف ما يأتي.

(2)

(4/ 3874) .

(3)

في الأصل: "عمير" خطأ، وقد ذكره الذهبي في والميزان، (4/ 278) ، وأورد له هذا الحديث من طريق الحاكم، وتابعه الحافظ في "اللسان"

(6/ 173- 174) ، وكذا ذكر الحديث في الإصابة (3/ 437) ترجمة معاوية بن معاوية، فقالا:"نوح بن عمرو"، وانظر:"الإكمال"(2/ 574) .

ص: 152

فصلى عليه، وخلفه صفان من الملائكة في كل صف سبعون ألف ملك،

ثم رفع، وقال النبي- عليه السلام لجبريل- عليه السلام.: بم أدرك هذا؟ قال: بحبه سورة "قل هو الله أحد " وقراءته إياها جائيا، وذاهبا، وقائماً وقاعدا، وعلى كل حالة انتهى.

ورواه ابن سعد في "الطبقات" في ترجمة معاوية بن معاوية المدني،

قال: ويقال: الليثي من حديث أنس، فقال: أخبرنا يزيد بن هارون،

ثنا العلاء أبو محمد الثقفي، سمعت أنس بن مالك، قال: وكنا مع رسول الله- عليه السلام " فذكر نحوه.

أخبرنا عثمان بن الهيثم البصري، حدثنا محبوب بن هلال المدني، عن

ابن أبي ميمونة، عن أنس وذكر نحوه، وبسند ابن سعد الأول رواه البيهقي (1) وضعفه، قال النووي في " الخلاصة": والعلاء هذا ابن زيد، ويقال: ابن يزيد، اتفقوا على ضعفه، قال البخاري، وابن عدي، وأبو حاتم: هو منكر الحديث. قال البيهقي: ورُوي من طريق أخرى ضعيفة وغائبان آخران وهما: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، ورد عنه أنه كشف له عنهما، أخرجه الواقدي في كتاب "المغازي" فقال: حدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة، وحدثني عبد الجبار بن عمارة، عن عبد الله بن أبي بكر، قالا: "لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله- عليهم السلام على المنبر، وكُشِفَ له ما بينه وبين الشام، فهو ينظر إلى معتركهم، فقال- عليه السلام: اتخذ الراية زيد بن حارثه فمضى حتى استشهد، وصلى عليه ودعا له، وقال: استغفروا له، وقد دخل الجنة وهو يسعى، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فمضى حتى استشهد، وصلى عليه رسول الله- عليه السلام

(1) السنن الكبرى (4/ 50) وقال: "العلاء بن زيد منكر الحديث" ورواه بالإسناد الثاني وقال:" لا يتابع عليه" سمعت ابن حماد يذكره عن البخارية.

ص: 153

ودعا له، وقال: استغفروا له، وقد دخل الجنة فهو يطير فيها بجناحه

حيث شاء " مختصر، وهو مرسل من الطريقين المذكورين "(1) .

وحديث أبي هريرة أخرجه الجماعة.

1640-

ص- نا عباد بن موسى، نا إسماعيل- يعني: ابن جعفر- عن

إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: " أمرنَا رسولُ الله

عليه السلام أن ننطلقَ إلى أرضِ النجاشيِّ" فذكرَ حديثه " فقال النجاشي: أشهدُ أنه رسولُ الله، وأنه الذي بَشرَ به عيسى ابنُ مريم، ولولا ما أنا فيه من المُلكِ لأتيتُه حتى أحمِلَ نعلَيْهِ " (2) .

ش- إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وإسرائيل بن يونس

ابن أبي إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السباعي

الكوفي، هو جد إسماعيل المذكور، وأبو بردة عامر بن عبد الله بن قيس الكوفي، وعبد الله هو أبو موسى الأشعري، وروى الإمام أحمد بإسناد

جيد قوي، عن ابن مسعود- رضي الله عنه قال: وبعثنا رسول الله

عليه السلام إلى النجاشي ونحن نحو من ثمانين رجلا فيهم: جعفر،

وعبد الله بن عُرفُطة، وعثمان بن مظعون، وأبو موسى الأشعري، فأتوا النجاشي، وبعثت قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد

بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجدا له، ثم ابتدراه عن يمينه وشماله،

ثم قالا له: إن نفرا من بني عمنا نزلوا أرضك، ورغبوا عنا وعن ملتنا،

قال: فأين هم؟ قالوا: في أرضك، فابعث إليهم، فبعث إليهم،

فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم، فاتبعوه، فسلم ولم يسجد، فقالوا له:

ما لك لا تسجد للملك؟ قال: أنا لا أسجد إلا لله- عز وجل قال:

وما ذاك؟ قال: إن الله بعث إلينا رسوله، وأمرنا أن لا نسجد لأحد إلا

لله- عز وجل وأمرنا بالصلاة والزكاة، قال عمرو: فإنهم يخالفونك

في عيسى ابن مريم وأمه، قال: ما تقولون في عيسى ابن مريم وأمه؟

(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

(2)

تفرد به أبو داود.

ص: 154