الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزكاة، بعث السلطان خارصا فخرج عليهم، والخرص: أن يَنْظر من يُبْصِرُ ذلك فيقولُ: يخرج من هذا من الزبيب كذا وكذا، ومن التمر كذا وكذا فيُحْصي عليهم وينظر مبلغ العشر من ذلك، فيُثْبت عليهم ثم يخلي بينهم وبن الثمار فيَصْنعون ما أوتوا، فإذا أدرك الثمارَ أخذ منهم العشر، هكذا فسره بعض أهل العلم وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
قلت: مذهب أبي حنيفة وأصحابه: أن الخرص كان قبل تحريمه الربا والقمار ثم نُسخ، فإن عمل ذلك تخوِيفا للأكرة لئلا يخونوا فلا بأسَ، وأما أن يلزم به حكم فلا. ورُوي عن الشعبي أنه قال: الخرص بدْعة. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حفص، عن الشيباني، عن الشعبي أن النبي- عليه السلام بَعث عبد الله بن رواحةَ إلى اليمن يَخْرص عليهم النخل، قال: فسئل الشعبي: أفعله؟ قال: لا. والحديث: أخرجه ألتر مذي، والنسائي.
14- باب: في خرْصِ العنب
أي: هذا باب في بيان خرص العنب.
1723-
ص- نا عبد العزيز بن السرِي الناقط: نا بشر بن منصور، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عتّاب ابن أسيد قال:"أمرَ النبي- عليه السلام أن يُخرَصَ العنبُ كما يُخرصُ لنخلُ، وتؤخذُ زكاتُه زَبِيبا كما تُؤخذُ صدقةُ (1) النخلِ تمرا "(2) .
ش- عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث القرشي المدني.
(1) في حق أبي داود: " زكاة النخل ".
(2)
الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في الخرص (644)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: شراء الصدقة
(5/109)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: خاص النخل والعنب (1819) .
وعَتاب بن أسيد- بفتح الألف وكسر السين- بن أبي العاص بن أميّة بن
عبد شمس، يَكنى أبا عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد، أسلم يوم
الفتح واستعمله النبي- عليه السلام على مكة حين انصرف عنها بعد
الفتح وسِنّه [....](1) .
روى عنه: سعيد بن المسيّب، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن أبي
عقرب. مات بمكة سنة ثلاث عشرة، ويقال: مات يوم مات أبو بكر
الصديق رضي الله عنهما. روى له: الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه،
والنسائي (2) .
قوله: " زبيبة وتمرا" منصوبان على التمييز. وقال الخطابية (3) : إنما
يخرج من الثمر ما يحيط به البصَرُ بارزا، لا يحول دونه حائل، ولا
يخفى موضعُه في (4) / خلال ورق الشجر والعنب في هذا المعنى كثمر النخل، فأما سائر الثمار فإنه لا يجري فيها الخرص؛ لأن هذا المعنى فيها
معدوم، وقال: لم يختلف أحد من العلماء في وجوب الصدقة في التمر والزبيب، واختلفوا في وجوب الصدقة في الزيتون؛ فقال ابن أبي ليلى:
لا زكاة فيه، لأنه أدم غير مأكول بنفسه. وهو آخر قول الشافعي،
وأوجبها أصحاب الرأي، وهو قول مالك، والأوزاعي، والثوري؛ إلا
أنهم اختلفوا في كيفية ما يؤخذ من الواجب منه؛ فقال أصحاب الرأي:
يؤخذ من ثمرته العشرُ ونصف العشر، وقال الأوزاعي: يؤخذ العشر منه
بعد أن يعصر زيتا ويصير صافيا وأما أبوب: فقد اختلف العلماء فيها؛
فقال أصحاب الرأي: تجب الصدقة في الحبوب ما كان مُقْتاتا منها أو غير
مُقْتاتٍ، وقال الشافعي: كل ما جمع من الحبوب إن يزرعه الآدميون
(1) بياض في الأصل قدر أربع كلمات، وفي تهذيب الكمال:"وسنه عشرون سنة " وفي غيره: "نيفا وعشرين سنة".
(2)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (153/2) ، أسد الغابة (3/ 556) ، الإصابة (2/ 451) .
(3)
معالم السنن (2/ 39- 40) .
(4)
مكررة في الأصل.
ويُيَبّسُ ويدّخر ويُقتات ففيه الصدقة، وأما ما يُتفكهُ أو ما يؤتدمُ به، أو يتداوى فلا شيء فيه.
قلت: قال أبو حنيفة: يجب العشرُ في كل شيء أخرجته الأرض قليلا كان أو كثيراً، رطبا أو نابساً لقوله تعالى:{أنفقُوا من طيبَات مَا كَسَبْتُمْ وَمما أخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأرْضِ} (1) ولا عشر فيه الحطَب والقصَب والحشيشَ؛ لأن الأرض لا تستنمى بها عادةً حتى لو استنمى بقوائم الخلاف يجبُ فيها العشر. وعن محمد: أنه يجب العشر في البصل؛ لائق يبقى، ولا عشر في الرياحين كالآس والوَسْمَة والحناء. وعن أبي يوسف أنه أوجب العشر في الحناء؛ لأته يَبْقى، وَلا عشر في البزور التي لا تصلح إلا للزراعة كبزر البطيخ وغيره. وعن محمد أنه لا عشر في التين والإجاص والكمثرى والتفاح والمشمش والتوت والخوخ. وروي عنه: أنه أوْجب في التين والفستق؛ لأنه يبقى، ويجب في قصَب الذريرة؛ لأنه للنماء كقصب السُكر، وأما العصفر والكتان إذا بلغ القرطم والجب خمسة أوسق وجب العشر، وقصب السكر إذا بلغ ما يخرج منه خمسة أوسق ففيه العشر، ولا يجب العشر في الحُرْف والسَعْتر والشونيز وما أشبهها لأنها أدوية، وكذلك لا يجبُ في الكرَوياء والكمون والكُزبرة والخردل، وفي الانجدان والكزبرة روايتان، ولا يجب في السدْر والأشنان وما كان من الرمان يبس حبّه يُباع يابسا ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق، والإجاص والعنب يجب العشرُ في يابسهما إذا بلغ خمسة أوسق، ولا يجب في الهليلج والخرنوب والحلْبة؛ لأنها من جملة الأدوية. والحديث: أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وسألت محمدا- يعني: البخاريّ- عن هذا فقال: حديث ابن جريح غير محفوظ، وحديث سعيد بن المسيّب عن كتّاب بن
(1) سورة البقرة: (267) .