الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجوب الزكاة على المولى، فلا تنافي بين الواجبين، وعندنا وجوبها على المولى بسببه كالزكاة، فيؤدي إلى الثنى، وعند داود، وأبي ثور تجب على العبد نفسه.
1714-
ص- نا عبد الله بن مسلمة، نا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على المسلم في عَبْدِهِ، ولا في فَرسِهِ صَدَقة "(1) .
ش- المراد في العبد الذي يتخذ للقنية، حتى إذا كان للتجارة تجب فيه الزكاة، والمراد من الفرس فرس الغازي كما ذكرناه، حتى تجب الزكاة في الخيل التي للنسل كما ذكرناه مستوفى. والحديث أخرجه الجماعة. ورواه ابن حبان في "صحيحه" وزاد فيه:"إلا صدقة الفطر" وهذه الزيادة أيضا (2) عند مسلم أيضا (2)، ولفظه:" ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر"، ورواه الدارقطني بلفظ:" لا صدقة على الرجل في فرسه، ولا في عبده إلا زكاة الفطر".
11- باب: صدقة الزرع
أي: هذا باب في بيان صدقة الزرع، وهي العشر أو نصفه.
1715-
ص- نا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي، نا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه قال:
(1) البخاري: كتاب الزكاة، باب: ليس على المسلم في فرسه صدقة (1463)، مسلم: كتاب الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه (982)، الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء ليس في الخيل والرقيق صدقة (628)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: زكاة الخيل (5/ 34)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: صدقة الخيل والرقيق (1812) .
(2)
كذا بالتكرار.
قال رسول الله- عليه السلام: " فيما سقت السماء والأنهارُ والعيُونُ، أوْ كَانَ بَعْلاً العُشْرُ، وفيما سقي بالسوَانِي أو النَّضح نصفُ العُشْرِ "(1) .
ش- العُشر في الموضعين مرفوع بالابتداء، وخبر الأول قوله:" فيما سقت السماء"، وخبر الثاني قوله:" وفيما سقي " والمراد من السماء المطر، لأنه ينزل منه، قال تعالى:{وَأنزَلنَا من السَّمَاء مَاء طَهُورا} (2) .
قوله: " أو كان بعلاً" البعل- بفتح الباء الموحدة، وسكون العين المهملة، وفي آخره لام- وهو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها. قال الأزهري: هو ما ينبت من النخل في أرض يقرب ماؤها، فرسخت عروقها في الماء، واستغنت عن ماء السماء والأنهار وغيرها.
وقال بعضهم: البعل والعَذي واحد، وهو ما سقته السماء. وقال غيره: العَذي ما سقته السماء والبعل ما ذكرناه.
وقال الجوهري: العَذْي- بالتسكين- الزرع لا يسقيه إلا ماء المطر. قلت: هو بالعين المهملة، والذال المعجمة.
قوله: "بالسواني" هي جمع سانية، وهي الناقة التي يستقى عليها، ومنه حديث البعير الذي اشتكى إليه فقال أهله " كنا نَسْنُو عليه" أي نستقي. وقيل: السانية. الدلو العظيمة، وأداتها التي يستقى بها، ثم سميت الدواب سواني لاستقائها وكذلك المستقي بها سانية أيضاً
(1) البخاري: كتاب الزكاة، باب: فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري (1483)، الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في الصدقة فيما يسقى بالأنهار وغيره (640)، النسائي: كتاب الزكاة، باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر (5/ 40)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: صدقة الزروع والثمار (1817) .
(2)
سورة الفرقان: (48) .
قوله: " أو النضح" والنضح- بفتح النون، وسكون الضاد المعجمة، وفي آخره حاء مهملة- وهو ما سقي بالدوالي والرشاء، والنواضح الإبل التي يستقى عليها، واحدها ناضح، والأنثى ناضحة وثانية. وقيل: النواضح السواني، وهي كل ما يستقي الماء من بعير أو بقرة أو حمار، والدوالي جمع دالية، وهي جذع طويل يركب بركيب مداق الأرز، وفي رأسه مغرفة كبيرة يسقى بها، ثم إن النبي- عليه السلام جعل صدقة ما خَفت مؤنتُه، وكَثرتْ منفعتُه على التضعيف توسعة على الفقراء، / وجعل ما ثقلت مؤنته على التنصيف رفقا بأرباب الأموال.
وقال الخطابي (1) : وأما الزرع الذي يسقى بالقُنِي فالقياس على هذا أن ينظر، فإن كان لا مؤنة فيها كثر من مؤنة الحفر الأول وكسحها في بعض الأوقات، فسبيلها سبيل النهر والسير في وجوب العشر فيها، وإن كان تكثر مؤنتها بأن لا تزال تتداعى وتنهار، ويكثر نضوب مائها، فتحتاج إلى استحداث حفر، فسبيلها سبيل ماء الأبيار، التي ينزح منها بالسواني، والله أعلم.
قلت: القُنِي بضم القاف، وكسر النون، وتشديد الياء، وأصلها قنوو على وزن فعول، جمع قناة التي تحفر، فلثقالة الواوين في آخر الكلمة قلبت الأخيرة ياء فصار قنوي، فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، فصار قنُي- بضم النون- ثم أبدلت ضمة النون كسرة لأجل الياء، فصار قنيا، َ وأصل قناة قنوة، قلبت الواو ألف لتحركها وانفتاح ما قبلها. والحديث أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
1716-
ص- نا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن رسولَ اللهِ- عليه السلام قال:
(1) معالم السنن (2/ 35- 36) .
"فيما سقت الأنهارُ والعُيونُ العُشْر، وما سقىَ بالسوَاني ففيه نصْفُ العُشْرِ"(1) .
ش- عمرو بن الحارث، وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرُس المكي.
والحديث أخرجه مسلم والنسائي، وقال النسائي: ورواه ابن جريج،
عن أبي الزبير، عن جابر، قوله: ولا نعلم أحدا رفعه غير عمرو - يعني: عمرو بن الحارث- وحديث ابن جريج أولى بالصواب، وإن كان عمرو أحفظ منه، وعمرو من الحفاظ، روى عنه مالك.
1717-
ص- نا الهيثم بن خالد الجهني، وابن الأسود العجلي قال: قال وكيع: "البَعْلُ الكُبُوسُ الذي يَنْبُتُ من ماء السماء قال ابن الأسود: وقال يحيى- يعني: ابن آدم-: سألتُ أبا إياس اَلأسدي (2) فقال: الذي يُسقى بماء السماء"(3)(4) .
ش- ابن الأسود هو: حسين بن علي بن الأسود العجلي الكوفي، سكن بغداد. روى عن وكيع، ويحيى بن آدم، وعبد الله بن عمير وغيرهم روى عنه أبو داود، والترمذي، وأبو بكر بن أبي الدنيا وغيرهم. وقال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي وقال: صدوق. وقال أحمد بن حنبل: لا أعرفه. وقال ابن عدي: يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها. وأبو إياس....... (5) .
قوله: "البعل الكُبُوس "(6) .
(1) مسلم: كتاب الزكاة، باب: ما فيه العشر أو نصف العشر (981)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: ما يوجب العشر (5/ 42) .
(2)
في سنن أبي داود: "وسألت أبا إياس الأسدي عن البعل".
(3)
في سنن أبي داود زيادة: " وقال النضر بن جميل: البعل: ماء المطر". (4) تفرد به أبو داود. (5) بياض في الأصل قدر سطر ونصف.
(6)
بياض في الأصل قدر ثلاثة أرباع سطر.
قوله: " سألت أبا إياس الأسدي" أي: عن البعل فقال: البعل الذي يُسقى بماء السماء، وكذا قال أبو عمر، والبعل والعَذْيُ واحد، وهو ما سقته السماء، وَقد مر تفسيره عن قريب.
1718-
ص- نا الربيع بن سليمان، نا ابن وهب، عن سليمان- يعني ابن بلال- عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن معاذ بن جبل، أن رسولَ الله- عليه السلام بَعَثَهُ إلى اليمنِ فقال:" خُذ الحَب من الحَبِّ، والشّاةَ من الغًنَم، والبعيرَ من الإبلِ، والبقرة من البَقَرِ "
ش- عبد الله بن وهب الَمصري، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر المدني.
واستدل به الشافعي أن دفع القيم لا تجوز في الزكاة.
وقال الخطابي: فيه من الفقه أن الزكاة إنما تخرج من أعيان الأموال وأجناسها، ولا يجوز صرف الواجب منها إلى القيم.
قلنا: الواجب أخذ الصدقة من أموال الناس لقوله تعالى: {خُذْ منْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (2) فجعل محل الأخذ ما سمى مالاً فالتقييد بأنها شَاة ونحوها زيادة على كتاب الله تعالى، وأنه يجري مجرى النسخ، فلا يجوز ذلك بخبر الواحد، أو بالقياس على الهدايا والضحايا، وقوله عليه السلام:"خذ الحب من الحبِّ، والشاة من الغنم " فلبيان الواجب بما سمى، وتخصيص المسمى لبيان أنه أيسر على صاحب الحب، أو صاحب الماشية، وأما الهدايا والضحايا فإن المستحق فيها إراقة الدم، حتى لو هلكت بعد الذبح قبل التصدق لم يلزمه شيء، وإراقة الدم ليست متقومة، ولا معقول المعنى، فيقتصر على مورده.
وقال الخطابي: وفيه دليل على أن من وجب عليه شاة/ في خَمْس من الإبل فأعطاه بعيرا منها فإنه يقبلُ منه. وقال داود: لا يقبل منه ذلك ويكلفُ الشاة؛ لأنه خلاف المنصوص عليه. وحكي ذلك عن مالك- أيضاً
(1) ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: ما تجب فيه الزكاة من الأموال (1814) . (2) سورة التوبة: (103) .