الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: فعلى هذا قول الترمذي: ولا يصح في هذا الباب عن النبي عليه السلام شيء،/ معناه فيما أخرجه هو في كتابه، ولا يلزم من عدم ثبوت الصحة عنده عدم ذلك عند غيره، فافهم.
5- باب: في زكاة السائمة
أي: هذا باب في بيان وجوب الزكاة، وكيفيتها في السائمة، والسائمة: هي التي تكتفي بالرعي في كثر حولها، فإن علفها نصف الحول أو كثر فليست بسائمة، لأن أربابها لابد لهم من العلف أيام الثلج، والشتاء، فاعتبر الأكثر، ليكون غالبا، وعند الشافعي: إذا أعلفها ثلاثة أيام ينقطع السوم، وعند مالك: لا يشترط السوم في المواشي.
1686-
ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، قال: أخذتُ من ثُمامةَ ابنِ عبد الله بنِ أنسِ كتاباً زَعَمَ أن أبا بكر كَتَبَهُ لأنسِ، وعليه خَاتَمُ رسول اَلله- عليه السلام حين بَعَثَهُ مُصَدقا، وكَتَبَهُ له، فإذا فيه:" هَذِهِ فَرِيضَة الصَدَقة التي فَرَضَهَا رسولُ اللهِ- عليه السلام عَلى المسلمين، التي أمَرَ اللهُ بها نَبيهُ- عليه السلام فَمَنْ سئلَهَا من المسلمينَ على وَجْهِهَا فَليُعْطِهَا ومَن سُئلَ فَوقَها فلا يُعْطيه (1) : فيماَ دونَ خَمْسِ وعِشرين من الإِبل الغَنمُ، في كل خمس ذَود شَاَةَ، فإذا بًلَغَتْ خمسا وعشرينَ ففيها بنْتُ مَخَاضِ إلى أن تَبْلُغَ خَمسَاً وثلاثينَ، فإن لم يكُنْ فيها بنتُ مَخَاضِ فَابنُ لبون ذَكَرِ، فإذا بَلَغَتْ ستا وثلاثينَ ففيها بنتُ لبون إلى خمسِ وأربعينَ، فإذا بلَغَت ستا وأربعينَ ففيها حقة طَرُوقةُ الفحلِ إلى ستينَ، فإذا بلَغتْ إِحدَى وستينَ ففيها جَذَعَة إلى خمسِ وسَبعينَ، فإذا بَلَغتْ ستا وسَبعينَ ففيها ابنتا لبونِ علىِ تسعينَ، فإذا بلَغتْ إِحدَى وتسعينَ ففيها حقتان طَرُوقَتَا الفَحْلِ إلى عشرين ومائةِ، فإذا زَادَتْ على عِشرينَ ومِائةِ ففِي كَل أَرْبَعينَ بنتُ لبونِ،
(1) كذا، وفي سنن أبي داود:"يعطه".
وفي كل خمسينَ حقة، فإذا تَبَايَنَ أسنانُ الإِبِل في فَرائِضٍ الصَدَقَات، فمَنْ بَلَغتْ عندَهُ صَدَقةُ اَلجَذعَة وليستْ عندَه جَذعَةَ وعندَه حقّة فإنها تُقْبَلُ منْه، وأن يَجعَلَ معها شاتينِ- إن اسْتيسَرَتَا له- أو عشرينَ درهما، ومَن بلَغتْ عندَه صَدَقةُ الحقة وليستْ عندَهُ حقة وعندَهُ جَذعَة، فإنها تُقْبَلُ منه، ويُعطيه المُصدِّقُ عشرينَ درْهَما، أو شاتين، ومَن بلغتْ عندَهُ صَدَقَةُ الحِقَّة، وليست عندَهُ حِقَّةَ، وعنده بنتُ (1) لبونِ، فإنها تُقْبَلُ مِنهُ".
قال أبو داودَ: "مِنْ ها هنا لم أضْبِطهُ عن موسى كما أحبُّ " ويَجْعَلُ مَعها شَاتينِ- إن اسْتَيْسَرَتَا له- أو عشرينَ درهماً ومَن بلغت عنده صَدَقَةُ بنت لَبُون، وليستْ عندَهُ إلا حقة، فإَنها تُقْبَل "- إلى ها هنا (2) ، ثم أتقنت (3) - ويُعطًيه المُصدقُ عشرينَ درهما، أو شَاتينِ، ومَنْ بَلَغَتْ عندَهُ صَدقَةُ بنتِ لَبُون ولشرح عندَهُ إلا بنتُ مَخَاضِ، فإنه تُقْبَلُ منه، وشَاَتين أو عشرينَ درهماً، ومَن بَلغتْ عندَهُ صَدَقَةُ بنت (4) مَخَاضِ وليسَ عِندَهُ َإلا ابنَ لَبُون
ذكَرٍ، فإنها تُقْبَلُ منه (5) وليسَ معه شَيء، ومَن لم يكُنْ عِنده إلا أربع فليس فيها شيء، إلا أن يشاء ربهَا، وفي سَائِمَةِ الغَنَم: إذا كانتْ أربعينَ ففيها شاة إلى عشرينَ ومائة، فإذا زَادتْ على عشرينَ ومائة ففيها شَاتَانِ، إلى أن تبلُغ مائتين، فإذا زَادت على مائتينِ ففيها ثَلاثُ شياهً إلى أن تَبلُغَ ثَلَثَمَائة، فإذا زَادتْ على ثَلَثمَائة ففي كُل مائة شاة شاة، ولان يؤخَذُ في الصَّدَقَة هَرمة، ولا ذَاتُ عَوَارٍ مِنَ الغَنًم، ولا تيسُ الغَنَم، إلا أن يَشاء المصدِّقُ، ولَا يُجمعُ بينَ مُتَفَرق (6) ، ولا يُفرق بينَ مُجْتَمَعٍ خَشْيَةَ الصدَقَة، وما كانَ مِن خَليطَيْنِ فإنهماً يَتَرَاجَعَانِ بينهما بالسَّوِيَّةِ، فإن لم تَبْلُغْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ أربعينَ فَليسَ
(1) في سننف بي داود:" ابنة ".
(2)
في سنن أبي داود: "تقبل منه. قال أبو داود: إلى ها هنا".
(3)
في سنن أبي داود:"أتقنته".
(4)
في سنن أبي داود: "ابنة ".
(5)
في سنن أبي داود: "فإنه يقبل منه ".
(6)
في سنن أبي داود: "مفترق "
فيها شيءٌ إلا أنْ يَشاء رَبُّهَا، وفي الرِّقَة ربع العُشْر، فإن لم يكُنْ المالُ إلا
تسعينَ ومائةِ فليسَ فيها شيء، إلا أنْ يشأ ربهَا " (1) .
ش- حماد بن سلمة.
وثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري قاضيها،
سمع: أنس بن مالك، روى عنه: عبد الله بن عون، ويزيد بن حميد الربعي، ومعمر بن راشد، وحماد بن سلمة، وغيرهم، قال أحمد بن
حنبل: ثقة، وقال ابن عدي: له أحاديث عن أنس، وأرجو أنه لا بأس
به، وأحاديثه قريبة من غيره، وهو صالح فيما يرويه عن أنس عندي،
روى له الجماعة (2)
قوله: " وعليه خاتم رسول الله- عليه السلام "/ أي: طابعه، وعلامته، لأن خاتم الكتاب يصونه، ويمنع الناظرين عما في باطنه،
وتفتح تاؤه وتكسر، لغتين.
قوله: " مصدقا " نصب على الحال من الضمير المنصوب في " بعثه "،
والمصدق: بكسر الحل المشددة، وهو: عامل الزكاة الذي يستوفيها من
أربابها، يقال: صدقهم، يصدقهم، فهو مصدق، وقد جاءت اللغة
بتشديد الصاد والدال معا، وكسر الدال في طالب [.....](3) وأنكره [بعضهم](4) .
وقال الخطابي: المصدق بتخفيف الصاد: العامل.
قوله: "هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله- عليه السلام "
ومعنى الفرض: الإيجاب، وذلك أن الله تعالى قد أوجبها، وأحكم
(1) البخاري: كتاب الزكاة، باب: العرض في الزكاة (1448)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: زكاة الإبل (5/ 19، 27)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: إذا أخذ المصدق سنا دون سن أو فوق سن (1800) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 854) .
(3)
غير واضح في الإلحاق قدر كلمة. (4) غير واضحة في الإلحاق.
عرضها في كتابه العزيز، ثم أمر رسوله بالتبليغ، فأضيف الفرض إليه بمعنى الدعاء إليه، وحمل الناس عليه، وقد فرض الله طاعته على الخلق، فجاز أن يُسميَ أمره، وتبليغه عن الله فرضا على هذا المعنى، وقيل: معنى الفرض هنا بيان التقدير، ومنه فرض نفقة الأزواج، وفرض أرزاق الجند، ومعناه راجع إلى قوله تعالى:{لنبيّن للناس ما نُزّل إليهم} (1)، وقيل: معنى الفرض هنا: السنة، وعن ثعلَب، عن ابن الأعرابي: الفرض: الواجب، والفرض: القراءة، يقال: فرضت حزبي، أي: قرأته، والفرض: السنة، ومنه ما روي أنه- عليه السلام فرض كذا، أي: سنه.
قوله: " فمن سئلها" أي: فمن سئل الصدقة، أي: الزكاة من المسلمين "على وجهها" أي: على حسب ما سن رسول الله من فرض مقاديرها "فليعطها ".
قوله: " ومن سئل فوقها" أي فوق الفريضة "فلا يعطيه " والمعنى: لا
يعطي الزيادة على الواجب، وقيل: لا يعطي شيئا من الزكاة لهذا المصدق، لأنه خان بطلبه فوق الواجب، فإذا ظهرت خيانته سقطت طاعته، قال الخطابي (2) :"وفي هذا دليل على أن الإمام، والحاكم إذا ظهر فسقهما بطل حكمهما ".
قوله: "فيما دون خمس وعشرين " إلى آخره، شروع في بيان كيفية (3) الفريضة، وكيفية أخذها.
قوله: "الغنم" مبتدأ وخبره قوله: "فيما دون خمس وعشرين " وكلمة
"من" في قوله: " من الإبل" بيانية.
قوله: "في كل خمس ذود شاة" بيان كون الغنم فيما دون الخمس والعشرين، وارتفاع "شاة" على الابتداء، وخبره قوله:"في كل خمس ذود" وتفسير "الذود" مر مستوفى.
(1) سورة النحل: (44) .
(2)
معالم السنن (1712) .
(3)
مني الأصل: " كيفية".
قوله: "ففيها بنت مخاض"(1) المخاض: اسم للنوق الحوامل،
واحدتها "خَلِفَة "، لا واحد لها من لفظهما، وبنت مخاض، وابن
مخاض ما دخل في السنة الثانية، لأن أمه لحقت بالمخاض، وهي الحوامل
وإن لم تكن حاملا، وقيل: هو الذي حملت أمه، أو حملت الإبل التي
فيها أمه، وإن لم تحمل هي، وهذا هو المعنى في قولهم: ابن مخاض،
لأن الناقة الواحدة لا تكون بنت نوق، فالمراد أن يكون وضعتْهَا أمها في
وقت قد حملت النوق التي وضعن مع أمها، وإن لم تكن أمها حاملا،
فنسبتها إلى الجماعة بحكم مجاورتها أمها، وإنما سمي ابن مخاض في
السنة الثانية، لأن العرب إنما كانت تحمل الفحول على الإبل بعد وضعها
بسنة ليشتد ولدها، فهي تحمل في السنة الثانية ومخض، فيكون ولدها
ابن مخاض".
قوله: "فابن لبون " أي: ففيها ابن لبون، وابن البون هو ولد الناقة
إذا استكمل الثانية، ودخل في الثالثة، لأن أمه قد وضعت غيره، فصار
لها ابن وهو نكرة، ويعرف بالألف واللام، قال الشاعر:
وابن اللبون إذا ما لَزَّ في قَرَن
…
لم يستطع صولة البزْلِ القناعيس
لزه يلزه لزا، ولززا، أي: شده وألصقه، والقرن بفتح الراء: الحبل
الذي يقرن به البعيران، والبزل بضم الباء الموحدة، وسكون الزاي جمع
بازل، وهو البعير الذي فطر نابه، أي (2) : انشق ذكرا كان أو أنثى،
وذلك في السنة التاسعة، وربما بزل في السنة الثامنة والقناعيس جمع قنعاس، والقنعاس من الإبل: العظيم.
قوله: "ذكر " مرفوع، لأنه صفة للابن، وإنما ذكر هذا تأكيدا،
وقيل: احترازا من الخنثى، فقد أطلق عليه الاسمان، وقيل: تنبيها على نقص الذكورية في الزكاة مع ارتفاع السن، وقيلت: لأن/ الولد يقع على
(1) انظر: النهاية (4/ 306) .
(2)
مكررة في الأصل.
الذكر، والأنثى، ثم قد يوضع الابن موضع الولد فيتعين به عن الذكر والأنثى، فعينه بذكر ليزول الالتباس، وقيل: لأن " ابن " يقال لذكر بعض الحيوانات، وإناثه، كابن آوى، وابن عرس، لا يقال: بنت آوى، ولا بنت عرس، فرفع الإشكال بذكر الذكر.
قوله: "حقة " الحقة، والحق هو الذي استكمل السنة الثالثة، قاله القروي، وقال غيره: هو ما كان ابن ثلاث سنين، وقد دخل في الرابعة، وقيل: هو ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها، وسميت: حقة، لأنها استحقت أن يضربها الفحل، وقيل: لأنها تستحق الحمل والركوب، وقيل: لأن أمها استحقت الحمل من العام المقبل.
قوله: " طروقة الفحل " بالرفع، لأنه صفة للحقة، ومعناها: زوجة الفحل، وكل امرأة طروقة روجها، وكل ناقة طروقة فحلها، واشتقاقها من الطرق وهو ماء الفحل، وقيل: هو التراب ثم سمي به الماء، واستطراق الفحل استعارته الضراب، وإطراقه إعارته.
قوله: "ففيها جذعة" الجذع من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، والجذع اسم له في زمن ليس سن.
قوله: " فإذا زادت على عشرين ومائة" إلى هنا لا خلاف فيه بين الأئمة، وعليها اتفقت الأخبار عن كتب الصدقات التي كتبها رسول الله- عليه السلام والخلاف فيما إذا زادت على مائة وعشرين، فعندنا تستأنف الفريضة، فتكون في الخمس شاة مع الحقان، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى مائة وخمسين، فيكون فيها ثلاث حقاق، ثم يستأنف الفريضة، فيكون في الخمس شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، وفي ست وثلاثين بنت لبون، فإذا بلغت مائة وستا وتسعة ففيها أربع حقاق إلى مائتين، ثم تستأنف الفريضة أبدا كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين، وهو قول إبراهيم النخعي، وقد روي
عن علي- رضي الله عنه أنه قال: "إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة "وقال الشافعي: "إذا زادت على مائة وعشرين واحدة
ففيها ثلاث بنات لبون، فإذا صارت مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون،
ثم يدار الحساب على الأربعينات، والخمسينات، فيجب في كل أربعين
بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وبه قال إسحاق بن راهويه، وقال
أحمد: " ليس في الزيادة شيء حتى يبلغ ثلاثين " وجعلها من الأوقاص
التي تكون من الفرائض، وهو قول أبي عبيد، وحُكي ذلك عن مالك،
وعن مالك، وأحمد في رواية: "لو زادت عشرة على مائة وعشرين
ففيها حقة، وبنتا لبون " وعن مالك "لو زادت واحدة على مائة وعشرين
فالخيرةُ للساعي بين حقتين وثلاث بنات لبون " وقال محمد بن جرير الطبَري: "هو مخير، إن شاء استأنف الفريضة إذا زادت الإبل على مائة وعشرين وإن شاء أخرج الفرائض، لأن الخبرين جميعا قد رويا"،
واستدل الشافعي بهذا الحديث، لأنه ذكر فيه: "فإذا زادت على عشرين
ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة".
واستدل أصحابنا بما رواه أبو داود في " المراسيل "، وإسحاق بن
راهويه في "مسنده"، والطحاوي في "مشكله "، عن حماد بن سلمة،
قلت لقيس بن سعد: خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم، فأعطاني
كتابا، أخبر أنه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن النبي عليه السلام كتبه لجده، فقرأته، فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإبل،
فقص الحديث إلى أن تبلغ عشرين ومائة "فإذا كانت كثر من عشرين ومائة
فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل، وما كان أقل من خمس وعشرين ففيه
الغنم، في كل خمس ذود شاة، "
وأما الذي استدل به الشافعي فنحن قد عملنا به، لأنا أوجبنا في
الأربعين بنت لبون، فإن الواجب في الأربعين ما هو الواجب في ست وثلاثين، وكذلك أوجبنا في خمسين حقة، وهذا الحديث لا يتعرض لنفي الواجب عما دونه، وإنما هو عمل/ لمفهوم النص، فنحن عملنا بالنصين، وهو أعرض عن العمل بما روينا.
فإن قيل: قال ابن الجوزي: هذا الحديث مرسل، وقال هبة الله الطبري: هذا الكتاب صحيفة ليس بسماع، ولا يعرف أهل المدينة كلهم عن كتاب عمرو بن حزم إلا مثل روايتنا، رواها الزهري، وابن المبارك، وأبو أويس، كلهم عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، مثل قولنا، ثم لو تعارضت الروايتان عن عمرو بن حزم، بقيت روايتنا عن أبي بكر الصديق، وهي في الصحيح، وبها عمل الخلفاء الأربعة، وقال البيهقي: هذا حديث منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي- عليه السلام وقيس بن سعد أخذه عن كتاب، لا عن سماع وكذلك حماد بن سلمه أخذه عن كتاب، لا عن سماع، وقيس بن سعد، وحماد بن سلمه وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه تخالف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو بن حزم، وغيره، وحماد بن سلمه ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما ينفرد به، وخاصة عن قيس بن سعد، وأمثاله.
قلنا: الأخذ من الكتاب حجة، صرح البيهقي في كتاب "المدخل ":
إن الحجة تقوم بالكتاب وإن كان السماع أولى منه بالقبول، والعجب من البيهقي أنه يصرح بمثل هذا القول، ثم ينفيه في الموضع الذي يقوم عليه الحجة، وقوله:"وبها عمل الخلفاء الأربعة " غير مسلم، لأن ابن أبي شيبة روى في "مصنفه": نا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال:"إذا زادت الإبل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة" ونا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم مثله.
فإن قيل: قال البيهقي: قال الشافعي في " كتابه القديم ": راوي هذا مجهول، عن علي- رضي الله عنه وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم أن الذي روى هذا عنه غلط عليه، وأن هذا ليس في حديثه. قلنا: الذي رواه عن علي- رضي الله عنه هو عاصم بن ضمرة- كما ذكرناه- وهو ليس بمجهول، بل معروف، روى عنه: الحكم، وأبو إسحاق
السبيعي، وغيرهما، ووثقه ابن المديني، والعجلي، وأخرج له أصحاب السنن الأربعة، وإن أراد الشافعي بقوله:"يزعم أن الذي روى هذا عنه غلط عليه أبا إسحاق السبيعي " فلم يقل أحد غيره ابنه غلط، وقد ذكر البيهقي، وغيره، عن يعقوب الفارسي وغيره من الأئمة، أنهم أحالوا بالغلط على عاصم، وأما قول البيهقي:"وحماد بن سلمه ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه " فصادر عن تعسف، وتمحل، لأنه لم يُرَ أحد من أئمة هذا الشأن ذكر حمادا بشيء من ذلك، والعجب منه أنه اقتصر فيه على هذا المقدار، لأنه ذكره في غير هذا الموضع بأسوأ منه، وقوله:"وخاصة عن قيس بن سعد " باطل، وما لقيس بن سعد؟! فإنه وثقه كثيرون، وأخرج له مسلم. على أن روايتهم التي يستدلون بها غير سالمة عن النزاع، فإن الدارقطني ذكر في كتاب " التتبع على الصحيحين " أن ثمامة لم يسمعه من أنس، ولا سمعه عبد الله ابن المثنى من ثمامة انتهى.
وكيف يقول البيهقي: وروينا الحديث من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس من أوجه صحيحة، وفي "الأطراف " للمقدسي: قيل لابن معين: حديث ثمامة، عن أنس في الصدقات؟ قال: لا يصح، وليس بشيء، ولا يصح في هذا حديث في الصدقات، وفي إحدى روايات البيهقي: عبد الله بن المثنى قال الساجي: ضعيف، منكر الحديث، وقال أبو داود: لا أخرج حديثه، وذكره ابن الجوزي في "الضعفاء"، وقال: قال أبو سلمة: كان ضعيفا في الحديث.
قوله: "فإذا تباين أسنان الإبل" أي: إذا اختلف أعمارها في الصغر، والكبر.
قوله:" فمن بلغت عنده صدقة الجذعة" إلى آخره، تفسير حكم التباين، والمعنى من كان عنده من الإبل النصاب الذي تجب فيه الجذعة، وليست عنده جذعة، والواو فيه للحال، " وعنده حقة" والواو فيه أيضا للحال. قوله:"فإنها تقبل منه " جواب قوله: "فمن بلغت " أي: فإن الحقة
تقبل منه، والمعنى أخذها يجزئ عن الجذعة، مع دفع الشاتين معها- إن
وجد ذلك- وهو معنى قوله: "وأن يجعل/ معها" أي: مع الحقة "شاتين " إن استيسرتا له، أي: كانتا موجودتين في ماشيته، وقال
الخطابي (1) : وفيه دليل على أن الخيار في ذلك إلى رب الإبل، أيهما شاء أعطى.
قلت: ظاهر ما في "الهداية" يدل على أن الخيار إلى المصدق وهو
قوله: "ومن وجب عليه مسن فلم يوجد أخذ المصدق أعلى منها، ورد
النفل، أو أخذ دونها، وأخذ الفضل ".
وقال محيي الدين في "المبسوط": الصواب أن الخيار إلى من عليه،
لأن الخيار شرع رفقا لمن عليه الواجب، والرفق إنما يتحقق بتخييره.
قوله: "أو عشرين. درهما" أي: أو يجعل عشرين درهما بدلا عن
الشاتين، وفيه دليل على أن دفع القيم جائز خلافا للشافعي، وأيضا فإن
قوله تعالى: {خُذْ منْ أمْوَالهِمْ صَدَقَةً} (2) جعل فيه محل الأخذ ما
يسمى مالا، ثم التقييدَ بأيها: َ شاة أو نحوه، زيادة على كتاب الله، وأنه
يجري مجرى النسخ، فلا يجوز ذلك بخبر الواحد، والقياس، وأما ما
ورد من ذكر عن الشاة وذكر عين صنف من أصناف الإبل، والبقر فلبيان
الواجب بما سمي، وتخصيص المسمى لبيان أنه أيسر على صاحب الماشية،
ألا ترى أنه- عليه السلام قال: "في الخمس من الإبل شاة " وحرف
"في " حقيقة للظرف، وعين الشاة لا توجد في الإبل، عرفنا أنْ المراد
قدرها من المال.
قال الخطابي (3) : وفيه من الفقه أن كل واحدة من الشاتين والعشرين
درهما أصل في نفسه، ليست ببدل، وذلك أنه قد خيره بحرف " أو".
قلنا: لا دليل له على هذا الكلام، بل التخيير يدل على أن الأصل
(1) معالم السنن (2/ 21) .
(2)
سورة التوبة: (103)
(3)
معالم السنن (2/ 19) .
قدرها من المال- كما قررناه- ثم قال (1) : "وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب إلى ظاهر الحديث إبراهيم النخعي، والشافعي، وإسحاق ابن راهويه، وقال الثوري: عشرة دراهم وشاتان، وإليه ذهب أبو عبيد، وقال مالك: يجب على رب المال أن يبتاع للمصدق السن الذي يجب له، وقال أصحاب الرأي: يأخذ قيمة الذي وجب عليه، وإن شاء تقاصا بالفصل الدراهم".
قوله: "عن موسى " أي: عن موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي شيخ أبي داود.
قوله: "فإنها تقبل منه، وليس معه شيء " أي: مع ابن لبون لا يجب شيء من الماء والدراهم، وظاهر هذا اللفظ أن ابن لبون يقبل منه سواء كانت قيمته قيمة ابنة مخاض، أو لم يكن، وفيه دليل على أن ابنة المخاض ما دامت موجودة فإن ابن اللبون لا يجزئ عنها.
وقال الخطابي (2) : "ولو كانت القيمة مقبولة لكان الأشبه أن يجعل
بدل ابنة مخاض قيمتها، دون أن يؤخذ الذكران من الإبل، فإن سُنة الزكاة قد جرت بأن لا يؤخذ فيها إلا الإناث، إلا ما جاء في البقر من التسع ". قلنا: إنما أخذ ابن لبون هاهنا موضع ابنة مخاض رفقا بصاحب المال،
لأن غالب أموال العرب كانت الإبل، والدراهم عندهم قليل جدا، فجعل ذلك بناء على الرفق بهم، لا أن أخذ القيمة لم يجز، وتنصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، ولا في اللفظ ما يمنع جواز أخذ القيمة صريحا فافهم.
قوله: "ومن لم يكن عنده ألا أربع " أي: إلا أربع من الإبل "فليس فيها شيء"، أي: صدقة، لعدم كمال النصاب، "إلا إن يشاء ربها"، أي: صاحبها، بأن أراد أن يتصدق تبرعا فله ذلك، و {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} (3) .
(1) المصدر السابق.
(2)
المصدر السابق (2/ 20) .
(3)
سورة التوبة: (91) .
قوله: " وفي سائمة الغنم " إشارة إلى بيان كيفية الزكاة في الغنم
السائمة، وفي الكلام حذف، والتقدير: وتجب الزكاة في سائمة الغنم إذا
كانت أربعة، أو: وفي سائمة الغنم زكاة إذا كانت أربعة، فبين فيه
وجوب الزكاة في الغنم عند الأربعة، ولكن لم يعلم كمية الواجب،
فأشار إلى ذلك بقوله: " ففيها" أي: ففي الأربعة شاة إلى عشرين
ومائة، وتقييدها بالسوم يدل على أنها إذا كانت معلوفة لا تجب الزكاة
فيها، ولا خلاف في هذا الفصل عند الجمهور، وهو قول عامة الفقهاء:
الثوري، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم،
وقال الحسن بن صالح بن حي: إذا زادت على ثلاثمائة واحدة ففيها أربع
شياه.
قوله: "ولا يؤخذ في الصدقة هرمة" بفتح الهاء، وكسر الراء أي (1) :
كبيرة في السن، ومن هذا قال أصحابنا: ولا يأخذ المصدق خيار المال،
ولا رذالته، ويأخذ الوسط، وذلك/ لأن حق الفقراء إنما هو في النمط الأوسط من المال، فلا يأخذ المصدق خياره فيجحف بأرباب الأموال، ولا شراره فيزري بحقوق الفقراء.
قوله: " ولا ذات عوار من الغنم " أي: ولا يؤخذ أيضا ذات عوار،
العوار- بفتح العن- وهو: العيب في بهيمة، أو ثوب، أو غيرهما،
قال الجوهري: وقد يضم، والعوار- بالضم، وتشديد الواو-. في
العين كثرة قذاها، والعُوَار- بالضم، وتخفيف الواو- ذهاب إحدى
العينين.
وقال الخطابي (2) : وإنما لا يأخذ ذات العوار ما دام في المال شيء سليم
لا عيب فيه، فإن كان المال كله معيبا فإنه يأخذ واحدا من أوسطه، وهو
قول الشافعي، وقال: إذا وجب في خمس من إبله شاة، وكلها معيبة،
(1) مكررة في الأصل.
(2)
معالم السنن (2/ 22) .
16.
شرح سنن أبي داوود 6
فطلب أن يؤخذ منه واحد منها أخذ، وإن لم يبلغ قيمته قيمة شاة، وقال مالك: يكلف أن يأتي بصحيحة، ولا يؤخذ منه مريض.
قلت: وفي " فتاوى الولوالجي": ويحسب الأعمى، والمريض، والأعرج في العدد، ولا يؤخذ في الصدقة.
قوله: " ولا تيس الغنم " أي: ولا يؤخذ تيس الغنم، يريد به فحل الغنم.
وقال الخطابي (1) : وقد زعم بعض الناس أن تيس الغنم إنما لا يؤخذ
من قبل الفضيلة، وليس الأمر كذلك، وإنما لا يؤخذ لنقصه، وفساد لحمه.
قوله: " إلا أن يشأ المصدق " بكسر الدال، أي: العامل، وفيه دلالة على أن له الاجتهاد، لأن يده كَيَد المساكين، وهو بمنزلة الوكيل لهم، ألا ترى أنه يأخذ أجرته من مالهم؟ وكان أبو عبيد يرويه:" إلا أن يشاء المصدق" بفتح الدال، يريد صاحب الماشية، والعامة خالفوه، فقالوا بكسر الدال، وأرادوا به العامل.
قوله: " ولا يجمع بين متفرق" صورته أن يكون لهذا أربعون شاة، ولذاك أربعون أيضا، وللآخر أربعون، فجمعوها حتى لا يكون فيها إلا شاة، وهذا هو جمع المتفرق، وإنما نهي عنه، لأنه هروب عن أداء الحق الواجب عليه، وإجحاف في حق الفقير، ويقال: الجمع بين المتفرق هو: الحلال، وروي "لا خلاط، ولا وراط " والمراد به أن يخلط رجل إبله بإبل غيره، أو بقره، أو غنمه ليمنع حق الله منها، ويبخس المصدق فيما يجب له.
قلت: هذا على مذهب الشافعي إذ الخلطة مؤثرة عنده، وأما عند أبي حنيفة فلا أثر لها، ويكون معنى الحديث نفي الخلاط لنفي الأثر، كأنه يقول: لا أثر لتخلطه في تقليل الزكاة، وتكثيرها، وذهب أحمد
(1) نفسه.
إلى أن معناه: لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة، وبالبصرة أربعون كان عليه شاتان، لقوله:" لا يجمع بين متفرق " ولو كان له ببغداد عشرون، وبالكوفة عشرون لا شيء عليه، ولو كانت له إبل في بلدان شتى جمعت وجبت فيها الزكاة، وإن لم تجمع لم تجب في كل بلد، لا يجب عليه فيها شيء.
قوله:" ولا يفرق بين مجتمع" صورته أن يكون شريكان ولكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما في حالتهما ثلاث شياه، ثم يفرقان عنهما عند طلب الساعي الزكاة، فلم يكن على كل منهما إلا شاة واحدة.
قوله:" خشية الصدقة" نصب على التعليل، أي: لأجل خوف الصدقة، قال الشافعي: الخطاب في هذا للمصدق، ولرب المال، قال: والخشية خشيتان: خشية الساعي أن تقل الصدقة، وخشية رب المال أن يقل ماله، فأمر كل واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئا من الجمع، والتفريق.
قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " معناه أن يكونا شريكين في إبل تجب فيها الغنم، فتؤخذ الإبل في يد أحدهما، فتؤخذ منه صدقتها، فإنه يرجع على شريكه بحصته على السوية، وفيه دلالة على أن الساعي إذا ظلمه فأخذ منه زيادة على فرضه، فانه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب دون الزيادة، التي هي ظلم، وذلك معنى قوله:" بالسوية"، وقد يكون تراجعهما أيضا من وجه آخر، وهو أن يكون بين رجلين أربعون شاة، لكل منهما عشرون، قد عرف كل منهما عين ماله، فأخذ المصدق من نصيب أحدهما شاة، فيرجع المأخوذ من ماله على شريكه بقيمة نصف شاة.
وقال الخطابي (1) : وفيه دليل على أن الخلطة تصح مع تميز أعيان
(1) معالم السنن (2/ 23- 24) .
الأموال، وقد روي عن: عطاء، وطاوس أنهما قالا: إذا عرف الخليطان
كل واحد منهما أموالهما، فليسا بخليطين، وقد اختلف مالك، والشافعي/ في شرط الخلطة، فقال مالك: إذا كان الراعي، والفحل، والمرشح واحدا فهما خليطان، وكذلك قال الأوزاعي، وقال مالك: إن
فرقهما المبيت: هذه في قرية، وهذه في قرية، فهما خليطان، وقال
الشافعي: إن فرق بينهما في المراح فليسا بخليطين، واشترط في الخلط
المراح، والمسرح، والسقي، واختلاط الفحولة، وقال: إذا افترقا في
شيء من هذه الخصال فليسا بخليطين، إلا أن مالكا قال: لا يكونان
خليطين حتى يكون لكل واحد منهما تمام النصاب، وعند الشافعي: إذا
تم بمالهما نصاب فهما خليطان، وإن كان لأحدهما شاة واحدة.
وقد ذكرت في شرحي على "المجمع " أن النصاب الواحد بين اثنين
تجب عليهما زكاة عند الشافعي إذا اتحدت أسباب الإقامة وهي: الفحل،
والمسرح، والمراح، والراعي، والمشرع، والمحلب، وأهلية الزكاة،
ووجود الأخلاط في أول السنة، والقصد في الأخلاط، فهذه تسعة
أشياء، يجمعه قولك:" أوص مر بشفع " وعندنا لا يجب، والاختلاط
ليس بمؤثر لقوله- عليه السلام:" لا صدقة إلا عن ظهر غنى " وملك
بعض النصاب ليس بغنى.
قوله: "فإن لم يبلغ سائمة الرجل أربعين " أي شاة، فليس فيها شيء
لعدم كمال النصاب، إلا أن يشاء صاحبها، تطوعا.
قوله: "وفي الرقة ريع العشر" أي: الواجب في الفضة ربع عشرها،
مثلا إذا كانت مائتا درهم، فزكاتها خمسة دراهم، وفي أربعمائة عشرة،
وفي ألف خمسة وعشرون، وفي عشرة آلاف مائتان وخمسون درهما،
وفي عشرين ألفا خمسمائة، وفي أربعين ألفا ألف، وفي مائة ألف ألفان، وخمسمائة، وهلم جرا، "الرقة" بكسر الراء، وفتح القاف المخففة:
الورق، وهي الدراهم المضروبة، والهاء في "الرقة" عوض من
"الواو"، أصلها "ورق" فلما حذفت الواو عوض عنها الهاء، فصار
"رقة"، كعدة أصلها "وعد" ويجمع على "رقين"، مثل "إرة" و "إرين".
قوله: "فإن لم يكن المال " أي: الدراهم "إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء" لعدم كمال النصاب " إلا أن يتطوع صاحبها ". والحديث أخرجه النسائي، وأخرجه البخاري، وابن ماجه من حديث عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن عمه ثمامة، وأخرجه الدارقطني (1) من حديث النضر ابن جميل، عن حماد بن سلمة، قال: أخذنا هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس، فحدثه عن أنس بن مالك، عن رسول الله- عليه السلام وقال: إسناد صحيح، وكلهم ثقات، وقال الشافعي: حديث أنس حديث ثابت من جهة حماد بن سلمة، وغيره عن رسول الله- عليه السلام وبه يأخذ، وقال البيهقي في "المعرفة": هذا حديث صحيح موصول، إلا أن بعض الرواة قصر به، فرواه كذلك- يعني سند أبي داود- ثم إن بعض من يدعي معرفة الآثار تعلق عليه، وقال: هذا منقطع، وأنتم لا تثبتون المنقطع، وإنما وصله عبد الله بن المثنى، عن عمه، عن أنس، وأنتم لا تجعلون ابن المثنى حجة، ولم يعلم أن يونس بن محمد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة، عن ثمامة، عن أنس، أن أبا بكر كتب له. وقد أخرجناه في كتاب "السنن"، وكذلك رواه شريح ابن النعمان، عن حماد بن سلمة به. ورواه إسحاق بن راهويه- وهو إمام- عن النضر بن جميل، وهو أتقن أصحاب حماد، قال: ولا نعلم أحدا استقصى في انتقاد الرواة ما استقصاه محمد بن إسماعيل البخاري، مع إمامته في معرفة علل الأحاديث وأسانيدها، وهو قد اعتمد فيه على حديث، بن المثنى، فأخرجه في "صحيحه " وذلك لكثرة الشواهد له بالصحة" (2) .
قلت: العجب من البيهقي، جعل العمدة في كلامه هذا عن حماد بن سلمة، وقال في "سننه " في "باب من صلى وفي ثوبه أو نعله أذى"
(1)(2/ 4 1 1- 5 1 1) ؛ وانظر: النص في نصب الراية (336/2- 337) .
(2)
إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
حماد بن سلمة، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، كل منهم مختلف في عدالته، وأما ابن المثنى فقد مر الكلام فيه عن قريب.
1687-
ص- نا عبد الله بن محمد النفيلي، نا عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال:" كَتَبَ، رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم كِتَابَ الصَّدَقَةِ/ فلم يُخْرِجْهُ إلى عُمَّالِه حتى قُبضَ، فَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ، فَعَمِلَ به أبو بكرٍ حتى قُبِضَ، ثم عَمِلَ به عُمر حتى قُبَضَ، فكانَ فيه: في خمسٍ من الإِبِلِ شاة، وفي عَشْرٍ شَاتَانِ، وفي خمسِ عَشْرَة ثَلاثُ شياه، وفي عِشرينَ أربعُ شياه، وفي خمسٍ وعشرينَ بنتُ (1) مَخَاضٍ إلى خمسٍ وثلاثينَ، فإن زَادت واحدة ففيها بنتُ (2) لَبُون، إلى خمس وأربعينَ، فإذا زَادَتْ وَاحدة ففيها حرة إلى ستينَ، فإذاً زَادتْ واحدة فَجَذَعَة (3) إلى خمسٍ وسبعينَ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتَا (4) لَبُون إلى تسعين، فإذا زَادتْ وَاحدة ففيها حقتانِ إلى عشرينَ ومائةٍ، فإن كَانتْ لإِبِلُ أكثر من ذلك ففي كلِّ خمسينَ حقة، وفي كَلِّ أربعينَ بنتُ (1) لَبُون، وفي الغَنَم: في كلِّ أربعينَ شَاةً شَاة إلَا عشرِينَ ومائة، فإن زَادتْ وَاحدة فَشَاتَانِ إلى المائتين، فإذا زَادتْ على المائتينِ فَفيها ثَلاث (5) أي ثَلَثَمَائةٍ، فإن كانت الغَنَمُ أكثر من ذلك ففي كلِّ مائةِ شَاةٍ شَاة، ليس (6) فيها شيء حتى تَبْلُغً المائةَ، ولا يُفَرقُ بينَ مُجْتمِعٍ، ولا يُجْمَعُ بينَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ الصدقةِ، وما كان مِن خَلِيطَينِ فإنهما يَتَرَاجَعَانِ بالسَّوِيةِ (7) ، ولا يُؤْخَذُ في الصدَقَةِ هَرِمَة، ولا ذات عَيْبٍ "(8)
(1) في سنن أبي داود: "ابنة".
(2)
نفسه.
(3)
في سنن أبي داود: "ففيها جمعة".
(4)
في سنن أبي داود: "ابنتا".
(5)
في سنن أبى داود:"ثلاث شياه".
(6)
في سنن أبي داود:"وليس ".
(7)
في سنن أبي داود:"يتراجعان بينهما بالسوية".
(8)
الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في زكاة الإبل والغنم (621)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: صدقة الإبل (1798) .
ش- عباد بن العوام بن عمر بن عبد الله بن المنذر بن صعب (1) بن جندل أبو سهل الكلابي الواسطي مولى أسلم بن زرعة الكلابي الواسطي، سمع: أبا إسحاق السبيعي، وعبد الله بن عون، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان بن حسين، وغيرهم، روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبناء أبي شيبة، والحسن بن عرفة، وغيرهم، قال أبو حاتم، وابن معين: ثقة، وعن أحمد: هو مضطرب الحديث، عن سعيد بن أبي عروبة، مات ببغداد سنة خمس وثمانين ومائة، وقال ابن سعد: كان يتشيع، وأخذه هارون فحبسه زمانا ثم خلى عنه، روى له الجماعة (2) .
وسفيان بن حسين بن حسن السلمي مولاهم الواسطي أبو محمد، وقيل: أبو المؤمل، وقيل: مولى عبد الرحمن بن سمرة، سمع: الحسن البصري، وابن سيرين، والزهري وغيرهم، روى عنه: شعبة، ويزيد بن هارون، وعباد بن العوام، ومحمد بن يزيد، وغيرهم، وقال أحمد بن عبد الله: واسطي ثقة، وقال ابن معين: ليس به بأس، وليس من أكابر أصحاب الزهري، وقال أيضا: ثقة، وقال ابن سعد: هو ثقة، يخطئ في حديثه كثيرا، وقال أحمد بن سعد: سمعت يحيى بن معين، يقول: سفيان بن حسين في غير الزهري ثقة لا يدفع، وحديثه عن الزهري ليس بذاك، إنما سمع من الزهري بالموسم، وقال ابن عدي: هو في غير الزهري صالح الحديث، وفي الزهري يروي أشياء خالف الناس فيها، مات بالري في خلافة المهدي، روى له: الجماعة إلا البخاري، كذا في الكمال (3) .
قلت: استشهد به البخاري في الكسوف.
وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهم.
وألفاظ الحديث شرحناها في الحديث الماضي وأخرجه (4) : الترمذي،
(1) كذا، وفي "تهذيب الكمال" و "تهذيب التهذيب ":" مصعب".
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4 1/ 89 0 3) .
(3)
المصدر السابق (1 1/ 2399) .
(4)
انظر: نصب الراية (2/ 338) .
وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن، وقد روى يونس بن يزيد، وغير واحد عن الزهري، عن سالم، هذا الحديث، ولم يرفعوه، وإنما رفعه سفيان بن حسين [وقال المنذري: وسفيان بن حسين] (1) أخرج له مسلم، واستشهد به البخاري إلا أن حديثه عن الزهري فيه مقال، وقد تابع سفيان بن حسين على رفعه سليمانُ بن كثير، وهو ممن اتفق البخاري، ومسلم على الاحتجاج بحديثه، وقال الترمذي في كتاب "العلل ": سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: أرجو أن يكون محفوظاً وسفيان بن حسين صدوق، انتهى.
ورواه أحمد في " مسنده"(2) ، والحاكم في "مستدركه"(3)، وقال: سفيان بن حسين وثقه يحيى بن معين، وهو أحد أئمة الحديث، إلا أن الشيخين لم يخرجا له، وله شاهد صحيح، وإن كان فيه إرسال" (4) . قلت: ذكر البيهقي حديث سفيان بن حسين هذا، ثم قال: قال الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: أرجو أن يكون صحيحا، وسفيان بن حسين صدوق، والعجب منه أنه قال في " باب الدابة تنفح برجلها": عن ابن معين أنه قال: سفيان بن حسين ضعيف الحديث في الزهري، وقال ابن حبان: يروي عن الزهري المقلوبات، وفي " الميزان": قال أبو يعلى:/ قيل لابن معين: حديث سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه في الصدقات؟ قال: لم يتابعه عليه أحد، ليس يصح، وقال ابن عدي: رواه جماعة عن الزهري موقوفا، ثم ذكر البيهقي أن سليمان بن كثير وافق سفيان بن حسين على هذه الرواية.
قلت: سليمان هذا ضعفه ابن معين، كذا ذكر ابن الجوزي، وفي "الكاشف " للذهبي: ليس به بأس إلا في الزهري.
(1) كأنه ضرب عليها، ولكنها موجودة في نصب الراية، وبها يستقيم الكلام.
(2)
(2/ 14، 15)
(3)
(1/ 392) .
(4)
إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
ص- قال: وقال الزهريُ: " إذا جاء المُصدِّقُ قسمت الشاء أثلاثا: ثُلُث (1) شرار، وثُلُث (1) خيار، وثُلُثٌ (1) وَسَط، يأخذ (2) المصدقُ من الوَسَطِ" وَلم يذكرِ الزهريُّ اَلبَقَرَ.
ش- أي: قال سفيان بن حسين: قال محمد بن مسلم الزهري، والشاء جمع شاة، والمراد من الشرار المهازيل المتغيرة، ومن الخيار السمان الجياد.
قوله: " ولم يذكر الزهري البقر " أي: حكم البقر في الزكاة.
1688-
ص- نا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن يزيد الواسطي، أنا سفيان بن حسين، بإسناده ومعناه، قال:" فإن لم تكُنْ بنت (3) مَخَاضٍ فابنُ لَبُونٍ " ولم يذكرْ كَلامَ الزهري (4) .
ش- محمد بن يزيد الواسطي أبو سعيد الكلاعي، ويقال: أبو إسحاق ويقال: أبو يزيد، سمع: سفيان بن حسين، وعاصم بن رجاء بن حيوة، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وغيرهم، روى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعثمان بن أبي شيبة، وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد: كان ثبتا في الحديث، توفي أواسط سنة ثمان وثمانين ومائة، ويقال: إنه كان مستجاب الدعوة، روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي (5) .
قوله: " ولم يذكر كلام الزهري" وهو قوله: " إذا جاء المصدق " إلى آخره.
1689-
ص- نا محمد بن العلاء، أنا ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: هذه نُسخةُ كِتاب رسولِ الله- عليه السلام الذي كَتَبَهُ في الصدَقَةِ، وهيَ عند آل عُمرَ بنِ اَلخطابِ، قَال ابنُ شِهابٍ: أقْرَأنِيَها
(1) في سنن أبي داود" ثلثاً"
(2)
في سنن أبي داود:"فأخذ".
(3)
في سنن أبي داود: " ابنة ".
(4)
انظر: التخريج السابق.
(5)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/ 5704) .
سالمُ بنُ عبدِ الله بنِ عُمَر، فَوَعَيْتُهَا على وَجْهِهَا، وهيَ التي انْتَسَخَ عمرُ بنُ عبد العزيزِ مِن عَبد الله بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَر، وسالم بنِ عبد الله بنِ عُمرَ، فذكَر الحديثَ:" فَإذا كَانتْ إِحْدَى وعشرينَ ومائةً ففيها ثَلاثُ بنات لَبُون، حتى تَبْلُغَ تسعا وعشرينَ ومائة، فإذا كَانتْ ثلاثينَ ومائة ففيها ابنتا (1) لَبُون وحِقَّة، حتى تَبْلُغَ تسعا وثلاثينَ ومائةً، فإذا كانتْ أربعينَ ومائةً ففيها حقتانِ وبنتُ لَبُون، حتى تَبلُغَ تسعا وأربعينَ ومائةً، فإذا كانت خمسينَ ومائةً فَفيها ثلاثُ حِقَاق، حتى تبلُغَ تسعا وخمسينَ ومائةً، فإذا كانت سِتينَ ومائةً ففيها أرْبَعُ بناتِ لبون حتى تبلُغَ تسعا وستينَ ومائةً، فإذا كانتْ سبعينَ ومائةً ففيها ثَلاثُ بنات لَبُوًن وحقة، حتى تبلُغَ تسعا وسبعينَ ومائةً، فإذا كانت ثمانينَ ومائةً ففيها حقتاَنِ وَابنتَا لَبُون، حتى تبلُغَ تسعا وثمانينَ ومائةً، فإذا كانتْ تسعينَ ومائةًَ ففيها ثَلاثُ حقَاق وابنةُ (2) لَبُون، حتى تبلُغَ تسعا وتسعينَ ومائةً، فإذا كانتْ مائتين ففَيهاً أربَعُ حقَاق، أو خمسُ بناتٍ لَبُون، أيُ السنيْنِ وَجدتَ أخذتَ، وفي سَائمَة الغًنَم " فذكرَ نحوَ حديث سفيان بنِ حُسَين، وفيه:" ولا تُؤْخَذُ (3) في الصًدَقةِ هَرِمَة، ولا ذات عَوَارٍ من الغَنَم، ولا تيس الغَنَم، إلا أن يَشَأ المصدَّقُ "(4) .
ش- عبد الله بن المبارك، ويونس بن يزيد الأيلي القرشي.
قوله:" فوعيتها" أي: حفظتها.
قوله:" أي السنين " تثنية سن، السن هي المعروفة ثم سمي بها صاحبها، كالناب للمسنة من النوق، ثم استعيرت لغيره كابن المخاض، وابن اللبون، وأراد به المسن، أو ذات السن، والسن يذكر لذات السن من الحيوان دون الإنسان، لأن عمر الدواب يعرف بالسن، وهذا الحديث مرسل- كما أشار أيه الترمذي-.
1690-
ص- نا القعنبي، قال مالك: وقولُ عُمرَ بنِ الخطابِ: "لا
(1) في سنن أبي داود:"بنتا ".
(2)
في سنن أبي داود: "وبنت ".
(3)
في سنن أبي داود:"يؤخذ".
(4)
انظر: التخريج السابق.
يُجْمَعُ بينَ مُتَفَرق، ولا يُفَرق بينَ مُجْتَمِعٍ، هو أن يكونَ لكل رجُل أربعونَ
شاة، فإذا أَظَلهُم المصدِقُ جَمَعُوهَا، لَئِلا يكُون فيها إلا شاة، ولا يفَرق بين
مُجْتًمِعٍ، أن الخَليطَيْنِ إذا كان لكل واحد منهما مائةُ شاة وشاةٌ فيكونَ عليهما
فيها ثلاثُ شياه، فإذا أَظَلهُمُ (1) المصدِقُ فَرقا غَنَمَهُمَا (2) ، فلم يكُنْ على
كلِّ واحد منهما إلا شاة، فهذا الذي سمعتُ في ذلك " (3) .
ش-ً عبد الله بن/ مسلمة القعنبي، شيخ أبي داود، وأحد أصحاب مالك الأجلاء.
قوله: "فإذا أظلهم المصدق " من قولهم: أظلك فلان، إذا دني منك،
كأنه ألقى ظله عليك، ثم قيل: أظلك أمر، وقد مر هذا التفسير في زيادة.
1691-
ص- نا عبد الله بن محمد النفيلي، نا زهير، نا أبو إسحاق،
عن عاصم بن ضمرة، وعن (4) الحارث الأعور، عن علي، قال زهير:
أحسبُه عن النبي- عليه السلام أنه قال: "هَاتُوا رُبُعَ العُشُورِ، من كُل
أربعينَ درهما درهم، وليسَ عليكم شيءٌ حتى تتِمَّ مِائتيْ درهمٍ، فإذا كانتْ
مائتيْ درهم ففيهَا خمسةُ درَاهِمَ، فما زادَ فعلَى حسَابِ ذلك، وفي الغَنَم في
كل (5) أربعينَ شاةً شاة، فإن لم يكن إلا تسعَ وثلاثونَ فليست عليك فيها
شيء- وسَاقَ صَدَقَةَ الغَنَم مثلَ الزهري- قال: وفي البَقَرِ في كل ثلاثينَ
تَبِيع وفي الأربعينَ مُسِنة، ولَيس على العَوَامِلِ شيء، وفي الإِبلِ ذَكَرَ (6)
صَدَقَتَهَا كما ذَكَرَ الزهريُّ، قال: وفي خمسٍ وعشرين خمسةَ من الغَنَم،
فإذا زَادتْ واحدة ففيها بنتُ (7) مَخَاضٍ، فإن لَم تكنْ بنت مخاضٍ فابنُ
(1) في سنن أبي داود " أظلهما".
(2)
في سنن أبى داود:"غنهما" خطأ.
(3)
تفرد به أبو داود.
(4)
في الأصل "عن" خطأ، وانظر: التحفة (10039، 10141) .
(5)
كلمة "كل" غير موجودة في سنن أبي داود.
(6)
في سنن أبي داود:" فذكر".
(7)
في سنن أبي داود: "ابنة".
لَبُونٍ ذَكَر إلى خمسة وثلاثينَ، فإذا زَادتْ واحدةٌ ففيها بنتُ لَبُونٍ إلى خمسٍ وأربعينَ، فإذا زَادتْ واحدةٌ ففيها حقة طَرُوقَةُ الجَمَلِ إلى ستينَ، ثم سَاقَ مِثلَ حديثِ الزهريِّ، قال: فإذا زادت واحدة- يَعْنِي: واحَدةً وتسعينَ- ففيها حقتانِ طَرُوقَتَا الجَمَلِ إلى عشرين ومائةٍ، فإن كانتا الإبِلُ كثر من ذلك ففي كل خمسينَ حقة، ولا يُفَرَّقُ بينَ مُجْتَمِعٍ، ولا يجمع بين متفرقٍ (1) خَشْيَة الصدَقَة، ولا تُؤْخَذُ في الصَدَقة هَرمَة، ولا ذَاتُ عَوَارٍ، ولا تَيْس إلا أن يشأ المُصدقُ، وفي النَبَاتِ ما سقتْهُ الأَنْهَارُ أو سقتِ السماء العُشْرُ، وما سقيَ بالغرْب (2) ففيه نصفُ العُشْرِ" وفي حَديثِ عاصم، والحارثِ "الصَدَقَةُ في كَل عَامٍ " قالَ زهير: حسبتُه (3) قال مرةً: وفي حديثِ عاصمٍ "إذا لم يكن في الإِبِلِ بنت (4) مَخَاضٍ، ولا ابن لَبُونٍ فَعَشْرَةُ درَاهِمَ، أو شَاتَانِ " (5) .
ش- زهير بن معاوية، وأبو إسحاق السبيعي، وعاصم بن ضمرة السلولي الكوفي، والحارث بن عبد الله الأعور الكوفي.
قوله: " أحسبه " أي: أظنه.
قوله: " هاتوا " أي " أعطوا "ربع العشور " هذا هو حكم زكاة الفضة، وهو: في كل أربعين درهما درهم، فيكون في مائتين خمسة دراهم، وقد مضى الكلام في نصاب الفضة وأحكامه مستوفى.
قوله:" وفي البقر في كل ثلاثين تبيع" أي: تجب الزكاة في البقر، أي: في البقر زكاة، ثم بينها بقوله:"في كل ثلاثين تبيع " فتبيع مبتدأه، وخبره مقدما "في كل ثلاثين" والثلاثون نصاب البقر، ولا شيء في أقل منها، والتبرع الذي دخل في السنة الثانية، والمسنة التي دخلت في الثالثة.
(1) في سنن أبي داود: " مفترق ".
(2)
في سنن أبي داود: "سقى الغرب ".
(3)
في سنن أبي داود: "أحسبه".
(4)
في سنن أي داود: "ابنة".
(5)
تفرد به أبو داود.
وقال الخطابي (1) : الفحل (2) ما دام تبيع أمه فهو تبيع إلى تمام سنة،
ثم هو جذع، ثم ثني، ثم رباع، ثم سدْس وسَديس، ثم ضالع،
وهو المُسِن.
قوله: " وليس على العوامل شيء" كلمة "على" بمعنى " في"،
والعوامل جمع عاملة، وهي: البقر التي تعمل في الحرث والسقي،
والحديث حجة على مالك حيث أوجب الزكاة فيها.
قوله: " وفي النبات ما سقته الأنهار" أي (3) : النبات الذي سقته المياه
الجارية، أو سقته السماء، أي: الأمطار فيه العشر.
قوله: "وما سقي" أي: الذي سقي " بالغرب" وهو الدلو العظيمة
يتخذ من جلد ثور، يريد به ما يسقى بالسواقي وفي معناها، لأن ما
خفت مؤنته، وعمت منفعته كان أحمل للمواساة، فأوجب فيه العشر
توسعة على الفقراء، وجعل فيما كثرت مؤنته نصف العشر رفقا بأهل
الأموال.
قوله: "فعشرة دراهم، أو شاتان" فيه دليل على جواز أخذ القيمة في
الزكاة فافهم، والحديث أخرج ابن ماجه طرفا منه، ورواه الدارقطني في
"سننه"(4) مجزوما به، ليس فيه " قال زهير: وأحسبه عن النبي- عليه السلام " وقال ابن القطان في "كتابه": إسناده صحيح، وكلهم
ثقات، وفي " مختصر السنن ": والحارث، وعاصم ليسا بحجة، ورواه
أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه ": حدثنا أبو بكر بن عياش، عن
أبي إسحاق به مرفوعاً ولم يشك فيه.
وفي الحديث من الغريب قوله: "وفي خمس وعشرين خمسة من الغنم "، وكذا قوله:" إذا لم يكن في/ الإبل بنت مخاض، ولا ابن لبون فعشرة دراهم، أو شاتان " قال في " الإمام": وقد جاء في خمس
(1) معالم السنن (2/ 25) .
(2)
في المعالم " العجل".
(3)
مكررة في الأصل.
(4)
(103/2) بلفظ: " ليس على البقر العوامل شيء".
وعشرين خمسة من الغنم في حديث أخرجه الدارقطني (1) ، عن سليمان ابن أرقم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه،- قال: وجدنا في كتاب عمر، أن رسول الله- عليه السلام قال في صدقة الإبل:"في خمس من الإبل سائمة شاة" إلى أن قال: "وفي خمس وعشرين خمس شياه، فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض" الحديث، قال الدارقطني: وسليمان ابن أرقم ضعيف الحديث.
وقال الخطابي: هذا متروك بالإجماع، غير مأخوذ به عند أحد من العلماء، يعني: قوله: "في خمس وعشرين خمسة من الغنم".
1692-
ص- نا سليمان بن داود المَهْرِي، أنا ابن وهب، أخبرني جابر ابن حازم، وسمى آخر، عن أبي إسحاق، عن عام م بن ضمرة، والحارث الأعور، عن علي- رضي الله عنه عن النبي- عليه السلام ببعضِ أول الحديث (2)، قال:"فإذا كانتْ لكَ مِائتا درْهَمٍ، وحالَ عليها الحَوْلُ ففيهاَ خمسةُ درَاهمَ، وليس عليك شيء- يعني: في الذهَب حتى يكون لك عِشرونَ ديناراً فإذا كانت (3) لك عشرونَ ديناراً وحالَ عَليها الحَولُ ففيها نصفُ دِينار، فما زَادَ فبحِسَاب ذلكَ " قال: فلا أدرِي، علي (1) يقولُ: بَحسَابِ (5) ذلك، أو رفعَهُ إلى النبي- عليه السلام؟ "وليس في مالٍ زكَاة حتى يَحُولَ عليه الحَوْلُ"، إلا أن جريراً، قال: ابنُ وهب يزيدُ في الحديث، عن النبي- عليه السلام:"ليسَ في مال زكاة حتى يَحُولَ علبه الحَوْلُ "(6) .
ش- عبد الله بن وهب.
(1)(2/ 112- 113) .
(2)
في سنن أبي داود: "أول هذا الحديث ".
(3)
في سنن أبي داود:"كان".
(4)
في سنن أبي داود: "علي".
(5)
في سنن أبي داود:"فبحساب".
(6)
ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: من استفاد مالا (1792) طرفا منه.
ويستفاد من الحديث أن نصاب الفضة مائتا درهم، وأن حولان الحول شرط، وأن نصاب الذهب عشرون دينارا، وأن الزيادة محسوبة.
وأخرج البزار في " مسنده "، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعا
" ليس في تسعين ومائة من الورق شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم ".
وروى عبد الرزاق في "مصنفه ": أنا ابن جريج، أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي- عليه السلام قال:" ليس فيما دون مائتي درهم شيء، فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم" وهو مرسل جيد.
وروى أبو محمد الكشي في "سننه ": عن عبيد الله بن بحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أسامة مرفوعا:"ليس في أقل من مائتي درهم شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم " وهو سند ضعيف.
1693-
ص- نا عمرو بن عون، أنا أبو عوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرةَ، عن علي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قد عَفَوْتُ عن الخَيْلِ، والرقيقِ، فهاتُوا صَدقةَ الرقة، من كل أَربعينَ درهَما درْهم (1) ، وليس في تسعينَ ومائة شيء وإذا بلغَتْ مائتين ففيها خمَسةُ درَاهَمَ "(2) .
ش- أبو عوانة الوضاح، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي. قوله:" قد عفوت عن الخيل " به استدل الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد أن الخيل ليست فيها زكاة أصلا، وقال أبو حنيفة: إذا كانت الخيل ذكورا، أو إناثا سائمة فصاحبها بالخيار: إن شاء أعطى
(1) في سنن أبي داود " درهما".
(2)
الترمذي: كتاب الزكاة، باب زكاة الذهب والورق (620)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: زكاة الورق والذهب (1790) .
عن كل فرس دينارا، وإن شاء قومها وأعطى ربع العشر، من كل مائتي درهم خمسة دراهم، أو من كل عشرين دينارا نصف دينار، وبه قال زفر، وفي الإناث، والذكور الخلص روايتان عنه، ففي رواية الطحاوي: لا يجب في الإناث وحدها شيء، لعدم التناسل، وفي رواية الكرخي: يجب لإمكان التناسل بالفحل المستعار، وأما في الذكور وحدها فكذلك روايتان عنه، والمشهور عدم الوجوب، ولأبي حنيفة ما " (1) أخرجه الدارقطني في "سننه" (2) : عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال:" جاء ناس من أهل الشام إلى عمر، فقالوا: إنا قد أصبنا أموالا: خيلا، ورقيقا، وإماء، نحب أن نزكيه، فقال: ما فعله صاحبي (3) قبلي فأفعله أنا؟ ثم استشار أصحاب النبي- عليه السلام فقالوا: حسن، وسكت علي، فسأله؟ فقال: هو حسن لو لم يكن جزية رأيته يؤخذون بها بعدك، فأخذ من الفرس عشرة دراهم" ثم أفاد قريبا منه بالسند المذكور، والقصة وقال فيه:" فوضع على كل فرس دينارا". وروى محمد بن الحسن في كتاب " الَاثار"(4) : أخبرنا أبو حنيفة،
عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: في الخيل السائمة التي يطلب نسلها: إن شئت في كل فرس دينار، أو عشرة دراهم، وإن شئت فالقيمة، فيكون في كل مائتي درهم خمسة دراهم في كل فرس ذكرا، أو أنثى. وروى عبد الرزاق:/ عن ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، أن جبير بن يعلى أخبره، أنه سمع يعلى بن أمية يقول: " ابتاع عبد الرحمن بن أمية أخو يعلى بن أمية من رجل من أهل اليمن فرسا أنثى بمائة قلوص، فندم البائع فلحق بعمر، فقال: غصبني يعلى وأخوه فرسا لي! فكتب إلى يعلى: أن الحق بي، فأتاه، فأخبره
(1) انظر: نصب الراية (2/ 357: 359)
(2)
(2/ 126) .
(3)
كذا، وفي حق الدارقطني " صاحباي " وهو الجادة.
(4)
باب زكاة الدواب والعوامل (ص 47) .
الخبر، فقال: إن الخيل ليبلغ هذا عندكم؟ ما علمت أن فرسا يبلغ هذان فيأخذ من كل أرضين شاة، ولا يأخذ من الخيل شيئا؟ خذ من كل فرس ديناراً فقرر (1) على الخيل دينارا دينارا ".
وروى أيضا عن ابن جريج، أخبرني ابن أبي حسين، أن ابن شهاب أخبره، أن عثمان كان يصدق الخيل، وأن السائب بن يزيد أخبره، أنه كان يأتي عمر بن الخطاب بصدقة الخيل، فقال ابن شهاب: لا أعلم أن رسول الله سن صدقة الخيل، انتهى. وقال ابن عبد البر: وقد روى فيه حويرثة، عن مالك حديثا صحيحا، أخرجه الدارقطني (2) ، عن حويرثة، عن مالك، عن الزهري، أن السائب بن يزيد أخبره، قال:" رأيت أبي يُقيمُ الخيل، ثم يدفع صدقتها إلى عمر- رضي الله عنه ". وأخرج الدارقطني، ثم البيهقي (3) في "سننهما": عن الليث بن حماد الإصطخري، ثنا أبو يوسف، عن غَوْرك بن الحصرم (4) أبي عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: قال رسول الله- عليه السلام في الخيل السائمة: "في كل فرس دينار " قال الدارقطني: تفرد به غورك، وهو ضعيف جدا، ومن دونه ضعفاء، وقال البيهقي: ولو كان هذا الحديث صحيحا عند أبي يوسف لم يخالفه، وقال ابن القطان في (كتابه) : وأبو يوسف هو: أبو يوسف يعقوب القاضي وهو مجهول عندهما (5) .
قلت: كيف يحل لمن يقسم بالدين، والنصيحة للمسلمين، ْ أن يقول في حق مثل أبي يوسف القاضي الذي اشتهر علمه وفضله في الآفاق قديما
(1) كذا، وفنا المصنف " (4/ 36) :"فضرب"، وفي نصب الراية "فقدر".
(2)
رواه في "غرائب مالك " كما ذكره الحافظ في "الدراية".
(3)
(119/4) .
(4)
كذا عندنا وفي البيهقي "الحصرم " بمهملتين، وفي سنن الدارقطني "الخضرم " بمعجمتين، والله أعلم.
(5)
إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
17.
شرح سنن أبي داوود 6
وحديثا مثل هذا القول؟ والحال أن أئمة الحديث وثقوه، وذكره ابن حبان في الثقات، ولكن فرط التعصب الذي يحمل الرجل على ارتكاب أمور عظيمة! وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ واستدل لأبي حنيفة ابن الجوزي في "التحقيق " بحديث أخرجاه في "الصحيحين "، عن أبي هريرة، أن رسول الله- عليه السلام ذكر الخيل، فقال:"ورجل ربطها تغنيا، وتعففا، ثم لم ينس حق الله في رقابها، ولا ظهورها، فهي لذلك ستر". قال: وجوابه من وجهين، أحدهما: إن حقها إعارتها، وحمل المنقطعين عليها، فيكون ذلك على وجه الندب.
والثاني: أن يكون واجبا، ثم نسخ بدليل قوله:" قد عفوت لكم عن صدقة الخيل" إذ العفو لا يكون إلا عن شيء لازم.
قلت: وفيه نظر، لأن الذي يكون على وجه الندب لا يطلق عليه حق وأيضا فالمراد به صدقة خيل الغازي، وهذا هو جواب أبي حنيفة عن الحديث، وأما النسخ فإنه لو كان اشتهر في زمن الصحابة لما قرر عمر رضي الله عنه الصدقة في الخيل، وإن عثمان ما كان يصدقها لما ذكر ناه، في فهم.
قوله: "والرقيق " فعيل بمعنى مفعول من الرق، وهو: العبودية وإنما سقط الصدقة عن الخيل، والرقيق إذا كانت للركوب، والخدمة، فأما إذا كان منهما شيء للتجارة ففيه الزكاة في قيمته، والحديث أخرجه: الترمذي، وابن ماجه.
ص- قال أبو داود: "رَوى هنَا الحديثَ الأعمشُ، عن أبي إسحاق، كما قال أبو عَوانةَ، ورواه شَيبانُ أبو معاويةَ، وإبراهيمُ بنُ طهمانَ، عن بأبي إسحاق، عن الحارثِ، عن عَلِي، عن النبي- عليه السلام (1) ".
ش- أي. روى الحديث المذكور سليمان الأعمش، عن أبي إسحاق
(1) في سنن أبي داود زيادة "مثله".
السبيعي، كما قال أبو عوانة الوضاح، ورواه أيضا شيبان بن عبد الرحمن
النحوي أبو معاوية، وقال الترمذي: سألت محمدا عن هذا الحديث
فقال: كلاهما عندي صحيح عن أبي إسحاق، يحتمل أن يكون روى
عنهما، أي: عن عاصم بن ضمرة، وعن الحارث.
ص- قال أبو داود: روى (1) حديثَ النفيلي شعبةُ، وسفيان، وغيرُهُمَا،
عن أي إسحاق، عن عاصمِ، عن عليِّ، لم يَرْفعُوهُ (2) .
ش- أي: حديث عبد الله بن محمد النفيلي الذي تقدم قريبا، وأشار
به إلى أن حديث النفيلي الذي رواه مرفوعا، موقوف في رواية شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وغيرهما.
1694-
ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، أنا بهز بن حكيم ح أنا
محمد بن العلاء/ أنا، أبو أسامة، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، أن رسولَ اللهِ- عليه السلام قال: " في كلِّ سَائمَةِ إبل في أربعينَ بنتُ
لَبُونِ، لا تفرق (3) إبل عن حِسَابِهَا، مَن أعطاهَا مُؤتجرا، قال ابن العلاء:
مؤتجرا بها فله أجْرُهَا، وَمَن مَنَعَها فإنا آخذُوهَا وشًطرَ مَالِهِ، عَزْمَةَ من
عَزَمَاتِ ربنا (4) ، ليس لآل محمدِ منها شيء" (5) .
ش- حماد بن سلمة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وبهز بن حكيم
ابن معاوية بن حيدة القشيري وقد ذكرناه.
وحكيم بن معاوية البصري والد بهز، روى عن أبيه، روى عته ابنه
بهز، والجريري. قال أحمد بن عبد الله: تابعي ثقة، وأبوه له صحبة.
روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وجده معاوية بن حيدة بن
(1) في سنن أبي داود "وروى".
(2)
في سنن أبي داود زيادة " أوقفوه على عليه ".
(3)
في سنن أبي داود: "ولا يفرق".
(4)
في سنن أبي داود " ربنا عز وجل ".
(5)
النسائي: كتاب الزكاة، باب: سقوط الزكاة عن الإبل (5/ 25) .
معاوية بن بشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القشيري البصري. قال محمد بن سعد: وفد على النبي- عليه السلام وصحبه وسأله عن أشياء، وروى عنه أحاديث، وهو جد بهز بن حكيم بن معاوية. قال محمد بن السائب الكعبي: أخبرني أبي أنه أدركه بخراسان، وقد غزا خراسان ومات بها. روى عنه ابنه حكيم، وحميد المدني وغيرهما. روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، واستشهد به البخاري.
قوله: " في أربعة " بدل من قوله: " سائمة إبل ".
قوله: " لا تفرق إبل عن حسابها" أي: عن حسابها المقدر.
قوله: " مؤتجرا " أي: طالبا للأجر.
قوله: " فإنا آخذوها وشَطر ماله " أي: مع شطر ماله، والمعنى يأخذ الزكاة ويأخذ نصف ماله.
وقال الخطابي: اختلف الناس في القول بظاهر هذا الحديث، فذهب كثر الفقهاء أن الحلول في الصدقة والغنيمة لا توجب غرامة في المال، وهو مذهب الثوري، وأصحاب الرأي، وإليه ذهب الشافعي، وكان الأوزاعي يقول في الغالَّ في الغنيمة: إن للإمام أن يحرق رحله، وكذلك قال أحمد وإسحاق، وقال أحمد في الرجل يحمل الثمرة في أكمامها: فيه القيمة مرتين، وضرب النكال. وقال: كل من درأنا عنه الحد أضعفنا عليه الغرم، واحتج في هذا بعضهم بما رُوي عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام أنه قال في ضالة الإبل المكتومة:" غرامتها مثلها والنكال". وغرّم عمر بن الخطاب حاطب بن أبي بلتعة ضعف ثمن ناقة المربي لما سرقها رقيقه، ورُوي عن جماعة من الصحابة أنهم جعلوا دية من قتل في الحرم دية وثلثاً وهو مذهب أحمد، وكان إبراهيم الحربي يتأول، حديث بهز بن حكيم على أنه يؤخذ منه خيار ماله، مثل سن الواجب عليه، لا يزاد على السن والعدد، ولكن ينتقي خيار ماله، فيزاد عليه الصدقة بزيادة شطر القيمة.
وقال صاحب" مختصر السنن": كثر العلماء قالوا: كان هذا في أول
الإسلام ثم نسخ، واستدل الشافعي على نسخة بحديث البراء بن عازب
فيما أفسدت ناقته، فلم ينقل عن النبي- عليه السلام في تلك القضية
أنه ضعَف الغرامة، بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط. وقال بعضهم:
يشبه أن يكون هذا على سبيل التوعد لينتهي فاعل ذلك. وقال بعضهم:
إن الحق مستوفى منه غير متروك عليه، وإنْ شطر ماله، كرجل كان
له ألف شاة فتلفت حتى لم يبق إلا عشرون، فإنه يأخذ منه عشر شياه
كصدقة الألف، وهو شطر ماله الباقي، أي: نصفه، وهو بعيد، لأنه
لم يقل " إنا آخذوا شطر ماله " وقال الشافعي في القديم: من منع زكاة
ماله أخذت منه، وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه ، واستدل بهذا الحديث.
وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث منسوخاً وقال: كان ذلك حين كانت العقوبات في المال ثم نسخت،
ومَن قال: إن بهز بن حكيم ثقة احتاج إلى الاعتذار عن هذا الحديث بما
تقدم، فأما من قال لا يحتج بحديثه فلا يحتاج إلى شيء من ذلك، وقد
قال الشافعي في بهز: ليس بحجة. ْ فيحتمل أن يكون ظهر له ذلك منه
بعد اعتذاره عن الحديث، أو أجاب عنه تقدير الصحة. وقال
أبو حاتم الرازي في بهز بن حكيم: هو شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج
به. وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيراً. فأما أحمد بن حنبل وإسحاق بن
إبراهيم فهما يحتجان به، ويرويان عنه، وتركه جماعة/ من أئمتنا، ولولا حديثه " إنا آخذوه وشَطر أمواله، عزمة من عزمات ربنا " لأدخلناه
في الثقات.
قوله: " عزمة "منصوب بفعل محذوف تقديره عزم الله علينا عزمة،
والعزمة الحق والواجب، و" عزمات الله "حقوقه وواجباته.
قوله: " ليس لآل محمد منها شيء " تأكيد لقوله "عزماً من عزمات ربنا"
والمعنى: إن هذا حق وفرض من فرائض الله تعالى، يعني: وليس لآل
محمد من هذا الفرض شيء، أي: نصيب، حتى يتركوا ما ينالهم.
والحديث أخرجه النسائي.
1695-
ص- نا النفيلي، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ، أن النبي- عليه السلام لما وَجهَهُ إلى اليمنِ أمَرَهُ أنه يأخذ من البَقَرِ من كلِّ ثَلاثينَ تبيعا أوْ تَبيعةً، ومن كلِّ أربعنَ مُسنة، ومن كلِّ حالم- يعني: محتلم (1) - دَيناراً أول عِدْلَهُ من المَعَافِرِي (2) ثياب تكونُ باليمنِ (3) . ش- أبو معاوية محمد بن حازم الضرير. وأبو وائل شقيق بن سلمة. قوله: " ومن كل حالم " أي: بالغ، وقد فسره في الحديث بقوله: "يعني: محتلما وهذا الدينار هو جزية عن رءوس نصارى بني نجران، وصدقة البقر إنما أخذها من المسلمين، إلا أنه أدرج ذلك في الخبر، ونسق أحدهما على الآخر لكونه مفهوما عند أهل العلم، وسنأتي تحقيق الكلام في الجزية في بابها.
قوله: " أو عدله " العدل- بفتح العين وكسرها لغتان- بمعنى المثل، وقيل: بالفتح ما عادل الشيء من غير جنسه، وبالكسر ما عادله من جنسه. وقيل: بالعكس.
قوله: " من المعافري " أي: من الثوب المعافري، نسبة إلى معافر.
قال الجوهري: مَعافر- بفتح الميم- حي من حمدان لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، لأنه جاء على مثال ما لا ينصرف من الجمع، وأيهم تنسب الثياب المعافرية. تقول: ثوب مَعافري فتصرفه، لأنك تقول: أدخلت ياء النسبة ولم يكن في الواحد. انتهى.
ويقال: المعافر اسم موضع باليمن تنسب إليها الثياب، فيقال: الثياب المعافرية. وقيل: المعافر اسم محلة بالفسطاط تنسب إليها الثياب، ومنهم
(1) كذا وفي سنن أبي داود " محتلما".
(2)
في سنن أبي داود " المعافر ".
(3)
انظر الحديث الآتي.
من ينسبها إلى قوم يعملونها من هذه القبيلة، ومنهم من ينسب المعافر إلى مصر، والأول أشهر.
قوله: " ثياب تكون باليمن " يجوز الجر في ثياب على أن يكون بدلا من
" المعافري "، ولكن فيه تعسف، ويجوز أن يكون بيانا منه، ويجوز الرفع فيها على أنها خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هي ثياب تكون باليمن، ويجوز النصب من حيث اقتضاء الكلام على أن يكون بدلاً من قوله " عدله "، أو بيانا منه.
والحديث أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وليس عند ابن ماجه ذكر الحالم. وقال الترمذي: حديث حسن، وقد رواه بعضهم مرسلا لم يذكر فيه معاذا وهذا أصح، ورواه ابن حبان في تصحيحه " مسنداً في النوع الحادي والعشرين من القسم الأول، والحاكم في "المستدرك " وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه أحمد وأبو يعلى الموصلي والبزار في" مسانيدهم ".
1696-
ص- نا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وابن المثنى قالوا: نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ، عن النبي عليه السلام مثله (1) .
ش- عبد الله بن محمد النفيلي، ومحمد بن المثنى، وأبو معاوية الضرير، وسليمان الأعمش، وإبراهيم النخعي، ومسروق بن الأجدع، ومعاذ بن جبل رضي الله عنه.
(واعَل (2) الحديث عبدُ الحق في " أحكامه"، فقال: ومسروق لم يلقَ معاذا، ذكره أبو عمر وغيره انتهى. وقال ابن [القطان] (3) في "كتابه":
(1) الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في زكاة البقر (623)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: زكاة البقر (5/ 25، 26)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: صدقة البقر (1803) .
(2)
انظر: نصب الراية (2/ 346- 347) .
(3)
سقط من الأصل، وأثبتناه من نصب الراية.
أخاف أن يكون وتصحّف عليه أبو محمد بأبي عمر، إذ لا يُعرف لأبي عمر إلا خلاف ذلك، وأما أبو محمد بن حزم فإنه رماه بالانقطاع أولاً ثم رجع في آخر كلامه.
وقال أبو عمر في "التمهيد" في " باب حُميد بن قيس": وقد رُوي هذا الخبر عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت، ذكره عبد الرزاق: أنا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ ابن جبل قال: ما بعثه النبي- عليه السلام إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة " الحديث.
قلت: هذا الحديث له طرق أخرِى، منها: عن أبي وائل، عن معاذ، وهي عند أبي داود والنسائي كما مر.
ومنها عن إبراهيم النخعي، عن معاذ، وهي عند النسائي.
ومنها عن طاوس، عن معاذ، وهي في وموطأ مالك ".
قال في " الإمام": ورواية إبراهيم عن/ معاذ منقطعة بلا شك، ورواية طاوس عن معاذ كذلك. قال الشافعي: وطاوس عالم بأمر معاذ وإن كان لم يلقه.
وقال عبد الحق في"أحكامه ": وطاوس لم يلق معاذا (1) ، والله أعلم.
1697-
ص- نا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، نا أبي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل قال: بَعَثَهُ النبي عليه السلام إلى اليمنِ مثله (2) لم يذكرْ"ثيابا تكونُ باليمنِ، ولا ذَكَرَ - يعني: المحتلم- "(3) .
ش- زيد بن أبي الزرقاء الموصلي ذكر هو وابنه هارون شيخ أبي داود، وسفيان الثوري.
(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(2)
في سنن أبي داود: "فذكر مثله".
(3)
انظر الحديث السابق.
قوله: " مثله" الحديث المذكور، وليس فيه ذكر ثياب تكون باليمن،
ولا ذكر محتلم.
ص- قال أبو داودَ: رواه (1) جرير ويَعلى ومعمر وشعبةُ وأبو عوانةَ ويحيى بنُ سعيد، عن الأعمشِ، عن أبي وائل، عن مسروق. قال يعلى ومعمر: عن معاذ مثله.
ش- جرير بن عبد الحميد، ويعلى بن عبيد الكوفي، ومعمر بن راشد، وشعبة بن الحجاج، وأبو عوانة الوضاح، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو وائل شقيق بن سلمة.
1698-
ص- نا مسدد، نا أبو عوانة، عن هلال بن شباب، عن ميسرة أبي صالح، عن سويد بن غفلة قال:" سِرْتُ أو قال: أخبرني مَن سَارَ مع مُصَدق النبيِّ- عليه السلام، فإذا في عهدِ رسول الله- عليه السلام أن لا يأخذ (2) من راضع لَبن، ولا تَجمعَ بين مُتَفَرًّقَ (3) ، ولا تُفَرّقَ بين مُجْتَمعٍ، وكان إنما يأتي المياه حين تَرِدُ الغنَمُ فيقولُ: أدُوا صدقات أموالكُم قال: فَعَمدَ رجل فيهم إلى ناقة كوماء قال. قلتُ: يا أبا صالح ما الَكوماء؟ قال: عظيمةُ السنام. قال: فأبىً أن يَقْبَلَهَا. قال: إني أحبُّ أن تأخُذَ خير إبلي قال: فَأبَى أن يَقْبَلَهَا. قال: فَخَطَمَ له أخْرَى دونها، فأبى أن يَقْبَلَهَا، ثم خطَمَ له أخْرَى دُونها فَقَبلَهَا وقال: إني آخُذُهَا وَأخَافُ أن يَجدَ عَليَّ رسولُ الله عليه السلام، يقَولُ (4) : عَمَدتَ إلى رجل فتخيرتَ عَليه إِبِلَهُ (ْ) ". ش- ميسرة أبو صالح، روى عن علي بن أبي طالب، وسُويد بن غفلة. روى عنه هلال بن شباب، وعطاء بن السائب، مسلمة بن سهيل. شهد مع عليّ قتال الخوارج والنهروان. روى له أبو داود والنسائي.
(1) في سنن أبي داود " ورواه ".
(2)
في سنن أبي داود " لا تأخذ ".
(3)
في سنن أبي داود " مفترق ".
(4)
في سنن أبي داود: " يقول لي ".
(5)
النسائي: كتاب الزكاة، باب: الجمع بين المتفرق والتفريق بين المتجمع ، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: ما يأخذ المصدق من الإبل
وسُويد بن غَفَلَةَ- بفتح العين المعجمة والفاء واللام- ابن عوسجة بن عامر بن وداع بن حارب بن مالك بن أدد بن جعفر بن صعب بن سعد العشيرة أبو أمية الجوزي الكوفي، أدرك الجاهلية وأسلم ولم يهاجر، وقال: أنا أصغر من النبي- عليه السلام بسنتين، وحضر يوم القادسية وله عشرون ومائة سنة، ورُوي عنه ابنه قال: أنا لدَةُ رسولِ الله، ولدت عام الفيل. وشهد اليرموك وخطبة عمر بالجابيةَ. روى عن أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وسمع عليا، وابن مسعود، وبلال بن رباح، وأبا ذر، وأبي بن كعب، وأبا الدرداء. روى عنه سلمة بن معاوية، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والشعبي، وعثمان بن عاصم، وميسرة أبو صالح، وغيرهم، قال ابن معين: ثقة. مات سنة إحدى وثمانين وله عشرون ومائة، ويقال وهو ابن إحدى وثلاثين ومائة سنة (1) . قوله:" في عهد رسول الله " أي: في زمانه وأيامه.
قوله: " أن لا يأخذ من راضع لابن " الراضع ذات الدر، فنهيه عنها يحتمل وجهن أحدهما: أن لا يأخذ المصدق عن الواجب في الصدقة، لأنها خيار المال، ويأخذ دونها، وتقديره: لا يأخذ راضع لبن، و "من " زائدة وصلة، كما تقول: لا يأكل من حرام ولا ينفق من سحت، أي: لا يأكل حراماً والوجه الآخر: أن يكون عند الرجل الشاة الواحدة واللقحة قد اتخذها للدَّر، فلا يؤخذ منها شيء.
قلت: المراد من " راضع لبن" الصغير الذي هو بعدُ يُرضع، والمعنى:
لا يأخذ من راضع لبن شيئاً فلا يحتاج إلى تقدير "من" زائدهْ.
وبه استدل أبو حنيفة أنه لا يجب شيء في الفصلان والفحاحيل والعملان، وهو قول محمد أيضاً وكان يقول: أولا يجب فيها ما يجب في المكان، وهو قول زفر ومالك، ثم رجع وقال: فيها واحدة منها، وهو قول أبي يوسف والشافعي. وقال الإمام الولوالجي: في الحديث
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2647/12) .
دليلان، أحدهما: أنه لا يجب في الصغار شيء، والثاني: أن لا يؤخذ
الصغار في الصدقة.
قوله: "فخطم له أخرى" أي: قادها إليه بخطامها، والإبل إذا أرسلت
في مسارحها لم تكن عليها خطم، وإنما تخطم إذا أُريد قودها.
قوله: " أن يجد عليَّ " أي:/ يغضب عليّ، يقال وجَد عليه يجد وجداً وموجدةً إذا غضب.
والحديث أخرجه النسائي، وابن ماجه، وفي إسناده هلال بن خبَّاب
تكلم فيه بعضهم، ووثقه غير واحد.
ص- قال أبو داودَ: رواه (1) هشيم، عن هلالِ بن خباب نحوه، إلا أنه
قال: " لا يُفرقُ ".
ش- أي: روى الحديث المذكور هشيم بن بشير، عن هلال بن خباب
نحو ما ذكر إلا أنه قال في روايته " لا يفرق ". وروى ابن أبي شيبة في
"مصنفه " أنا هشيم، عن هلال بن خباب، عن ميسرة أبي صالح قال:
حدثني سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق النبي- عليه السلام فأتيته،
فجلست إليه فسمعته يقول: إن في عهدي أن لا آخذ من راضع لبن، ولا
يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع. قال: وأتاه رجل بناقةٍ كَوما"
فَأبَى أن يأخذهَا.
1699-
ص- نا محمد بن الصباح البزاز، نا شريك، عن عثمان بن
أبي زرعة، عن أبي ليلى الكندي، عن سويد بن غفلة قال: أَتَانَا مُصدقُ
النبيِّ- عليه السلام، فَاخذْتُ بِيَدِهِ، وقَرَأتُ في أَهْلِهِ قال (2) : لا يُجْمَعُ
بين مُتَفَرق (3) ، ولا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ خَشْيةَ الصدقةِ، ولم يذكرْ "رَاضع
لبنٍ " (4) .
(1) في سنن أبي داود: "ورواه هشيم ".
(2)
غير موجودة في السنن.
(3)
في سنن أبي داود:"مفترق متفرق ".
(4)
ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: ما يأخذ المصدق من الإبل (1801) .
ش- شريك بن عبد الله النخعي، وعثمان بن أبي زرعة، واسم
أبي زمعة المغيرة الثقفي الكوفي، وأبو ليلى الكندي قيل اسمه سلمة بن معاوية، وقيل معاوية بن سلمة. روى عن سُويد بن غفلة. وروى عنه عثمان بن أبي زرعة. قال ابن معين: هو ثقة مشهور. روى له أبو داود وابن ماجه.
قوله: "في عهده" العهد الذي يكتب للولاة، وهو الذي بقال له اليوم التوقيع. قوله:" خشية الصدقة" أي: لأجل خوف الصدقة.
1700-
ص- نا الحسن بن عليّ، نا وكيع، عن زكرياء بن إسحاق المكي، عن عمرو بن أبي سفيان الجمحي، عن مسلم بن ثفنة اليشكري، قال الحسن: روح يقولُ: مسلم بن شعبة، قال: استعمل ابنُ علقمةَ أبي على عِرَافَة قَومه، فأمَرَهُ أن يصدقهم قال: فَبَعَثَنِي أبي في طائفةِ منه، فأتَيْتُ شيخا كبيرا يقال له سِعْر (1)، فقلتُ: إن أبِي بَعَثني إليكَ- يعني: لأصدقك- قال ابن أخي: وأيُ نحو تأخذون؟ قلتُ: نختارُ حتى إِنا نَشْبِر (2) ضُرُوعَ الغنم. قال ابن أخي: فإني مُحَدثك (3) ، إني كُنتُ في شعبِ من هذه الشعابِ على عهد رسول الله- عليه السلام في غَنَم لي، فَجاءني رجلانِ على بَعيرِ فقالا ليَ: إنا رَسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك لتؤَدِّي صَدقةَ غَنَمكَ. فقلتُ: ما عَلَيَّ فيها؟ فقالا: شاةٌ فَأعْمَد إلى شاة قَد عرفتُ مَكَانَهَا مَمتلئةَ مَحْضا وشَحْما، فَأخْرَجْتُهَا إليهما فقالا: هذه شاَةُ الشافع، وقَد نَهانَا رسولُ اللهِ- عليه السلام أن نأخذ شَافعا. قلت: فأيُ شيء تأخذانِ؟ قالا: عَنَاقا جَذَعَةَ أو ثَنيَّةَ. قال: فأعمدُ إلى عَناق مُعْتَاط- والمُعْتَاطُ التي لم تلدْ وَلَداَ، وقد حانَ وِلادها- فأخْرَجْتُهَا إليهما فقَالا: نَاَوِلنَاهَا، فَجَعَلاهَا مَعهما على بَعيرهما، ثم انطلقا (4) .
(1) في سنن أبي داود " سعر بن ديسم".
(2)
في سنن أبي داود: "نتبين ".
(3)
في سنن أبي داود: " أحدثك".
(4)
النسائي: كتاب الزكاة، باب: إعطاء السيد المال بغير اختيار المصدق (5/ 32) .
ش- عمرو بن أبي سفيان أخو حنظلة القرشي الجمحي، روى عن مسلم بن ثفنة: روى عنه الثوري، وزكرياء بن إسحاق، وابن المبارك. قال أبو حاتم: مستقيم الحديث. روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
ومسلم بن ثفنة- بفتح الثاء المثلثة، وكسر الفاء، وبعدها نون وتاء تأنيث- ويقال شعبة، ويقال إنما وقع التصحيف فيه من وكيع حيث قال مسلم بن ثفنة، وإنما هو مسلم بن شعبة اليشكري، سمع شعبة الدؤلي. روى عنه عمرو بن أبي سفيان. روى له أبو داود والنسائي.
قوله: "قال الحسن" أي: الحسن بن علي الخلال شيخ الجماعة.
قوله: "روح يقول" أي: روْح بن عبادة البصري، أحد شيوخ الحسن الخلال، يقول: مسلم بن شعبة موضع ثفنة، وكذا قال أحمد بن حنبل والدارقطني: الصواب شعبة، وقال وكيع: ثفنة وأخطأ فيه.
قوله: " استعمل ابنُ علقمةَ " أي: نافع بن علقمة.
قوله: "على عِرافة قومه " العِرافة- بكسر العين- عمل العريف، والعريف هو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل وجمعه عرفاء.
قوله: " سعْر " بكسر السين، وسكون العين المهملتين، وآخره راء: ابن ديسم الدؤَلي، ذكر الدارقطني وغيره أن له صحبة، وقيل كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما جاء في هذا الحديث.
قوله: "ابن أخي " أي: يا ابن أخي.
قوله: " وأي نحو تأخذون" بمعنى أي مثلِ، بمعنى أي صنف.
قوله: "حتى إنا نشبر ضروع الغنم" من شبر يشبر، ويشبر من باب نصر ينصر، ومن باب ضرب يضرب، وكان القصد من هذا معرفة سمانة الغنم.
قوله:"كنت في شعب، الشعب- بكسر الشين المعجمة، وسكون العين- الطريق في الجبل، وجمعه شعاب.
قوله: "فأعمد إلى شاة" من عمدت إذا قصدت.
قوله: "ممتلئة" يجوز فيه الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هي ممتلئة، والنصب على أن تكون حالا من الشاة، والجر على أن تكون صفة للشاة.
قوله: "محضا" بفتح الميم، وسكون الحاء المهملة، وبالضاد المعجمة: وهو اللبن، وفي بعض النسخ "نحضا" بفتح النون موضع الميم، والنحض- بالنون والحاء المهملة الساكنة والضاد المعجمة- اللحم الكثير، وانتصابه على أنه مفعول اسم الفاعل أعني ممتلئة.
قوله: "وشحما" عطف عليه.
قوله: "هذه (1) شاة الشافع" الشافع- بالشين المعجمة- الحامل، لأن ولدها قد شفعها وشفعته فصارا زوجا وقيل: شاة شافع إذا كان في بطنها ولد يتبعها آخر، والإضافة في، قوله:"شاة الشافع " كقولهم: "صلاة الأولى"، و "مسجد الجامع "، وقد جاء في غير هذه الرواية "شاةٌ شافع" على الصفة.
قوله: " عناقا جذعة" أي: نأخذ عناقاً والعناق الأنثى من ولد المعز، والجمع أعنق وعنوق، وقوله:"جذعة" صفة للعناق، وفي "الصحاح ": الجذع قبل الثني، والجمع جُذعان وجذع، والأنثى جذعة والجمع جذعات. تقول فيه لولد الشاة في السنة الثانية، ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة، وللإبل في السنة الخامسة أجذع.
قال الخطابي: وهذا يدل على أن غنمه كانت ماعزة، ولو كانت ضائنة لم تجزئه العناق، ولا تكون العناق إلا الأنثى من المعز. وقال مالك: الجذع يؤخذ من الماعز والضأن. وقال الشافعي: يؤخذ من الضأن ولا يؤخذ من المعز إلا الثني. وقال أبو حنيفة: لا تؤخذ الجذعة من الماعز، ولا من الضأن.
(1) في الأصل: " هذا"، وما أثبتناه من الحديث.
قلت: مذهب أبي يوسف ومحمد أنه تؤخذ الجذع، واستدلا بهذا الحديث، ولأنه يتأدى به الأضحية فكذا الزكاة، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضاً وفي رواية عن أبي حنيفة: لا تؤخذ الجذع ويؤخذ الثني، وقال صاحب "الهداية" و "المبسوط" و " التحفة" وقاضي خان وغيرهم: إن الثني ما تمت له سنة، والجذع ما أتَى عليه أكثرها، ولكن ذكر أهل اللغة أن الثني الذي يلقى ثنيته، ويكون ذلك في ذي ظلف وحافر في السنة الثالثة، وفي ذي خف في السنة السادسة، والجمع ثنيان وثناء، والأنثى ثنية والجمع ثنيات، وأما الجذع فقد ذكرناه.
قوله: " معتاط " بضم الميم، وسكون العين المهملة، وبعدها تاء ثالث الحروف، وبعد الألف طاء مهملة: وقد فسرها في الحديث بقوله: "التي لم تلد، وقد حان ولادها". وقال الخطابي: المعتاط من الغنم هي التي امتنعت عن الحمل لسمنها، وكثرة شحمها، يقال: اعتاطت الشاة وشاة معتاطة، ويقال: ناقة عائط ونوق عيط.
وقال أبو عبيدة: المعتاط التي ضربها الفحل فلم تحمل وهي العائط والحائل، وجمعها عوط وحول، وقيل: الاحتياط أن لا تحمل الناقة سنوات من غير عقر.
والحديث أخرجه النسائي وأحمد في "مسنده ".
ص- قال أبو داود: أبو عاصم رواه (1) عن زكرياء قال أيضاً مسلم بن شعبة كما قال روْح.
ش- أي: أبو عاصم النبيل روى الحديث عن زكرياء بن إسحاق، وقال في روايته: مسلم بن شعبة موضع ثفنة كما قال روح بن عبادة.
1701-
ص- نا محمد بن يونس النسائي، نا روح، نا زكرياء بن إسحاق بإسناد (2) هذا الحديث، قال: مسلم بن شعبة. قال فيه: والشافعُ التي في بطنِها ولد (3) ، (4) .
(1) في سنن أبي داود: "رواه أبو عاصم".
(2)
في سنن أبي داود: "بإسناده".
(3)
في سنن أبي داود: "الولد ".
(4)
انظر الحديث السابق.
ش- أشار بهذه الرواية إلى شيئين، أحدهما: تأكيد صحة قول من قال مسلم بن شعبة، والثاني: أشار إلى تفسير الشافع.
ص- قال أبو داود: قرأت (1) في كتاب عبد الله بن سالمٍ بحمصَ عند اَلِ عمرو بن الحارث الحمصي، عن الزبيدي قَال: وأخبرني يحيى بن جابر، عن جبير بن نفير، عن عبد الله بن معاوية الغاضري من (2) حاضرة قيس قال: قال النبي- عليه السلام: "ثَلاث مَن فَعَلَهُن فَقد طَعمَ طَعْمَ الإِيمان، مَن عَبَدَ اللهَ وحدَه، وأنه لا إله إلا اللهُ، وأعطَى/ زَكَاةَ مَالهَِ طيبةً بها نفسُه، رَافدةً عليه كل عامٍ، ولم يُعْط الهَرِمَةَ، ولا الدرِنَةَ، ولا المرَيضَةَ، ولا الشرَطَ اللَئيمةَ، ولكن من وسَطِ أموَالِكُم، فإن اللهَ لم يسألكم خَيْرَه، ولم يأمُرْكُم بِشَرِّهِ"(3) .
ش- عبد الله بن سالم الأشعري اليحصبي الحمصي، وعمرو بن الحارث بن الضحوك الحمصي الزبيدي الكلامي، والزبيدي محمد بن الوليد الحمصي الزبيدي، ويحيى بن جابر الطائي أبو عمرو الحمصي، قاضي حمص. روى عن المقدام بن معدي كرب، وعوف بن مالك، وأبي ثعلبة النهدي الصحابي، وروى عن معاوية بن حكيم، وجبير بن نفير وغيرهم. روى عنه صفوان بن عمرو، والزبيدي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. قال أبو حاتم: كان صالح الحديث. روى له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وعبد الله بن معاوية الغاضري، من حاضرة قيس له صحبة، وهو معدود في أهل حمص، وقيل: إنه روى عن النبي- عليه السلام حديثا واحدة. روى عنه جبير بن نفير الحمصي، روى له أبو داود. قوله:"من حاضرة قيس" إنما قال ذلك، لأن في أسد بن خزيمة أيضا حاضرة، وفي بني ربيعة أيضا حاضرة.
(1) في سنن أبي داود: "وقرأت".
(2)
في سنن أبي داود: "عن غافرة".
(3)
انظر: الحديث السابق.
قوله: "طعم طعم الإيمان " طعم فعل معجمي بكسر العين بمعنى ذاق، ومنه قوله تعالى:(وَمَن لمْ يَطعَمْهُ فَإِنهُ مِنَي)(1) والطعم بالفتح ما يؤديه الذوق.
قوله: " من عبدَ الله وحده" أي: أُولى الخصال الثلاثة: مَن عبد الله وحده.
توله: " وأنه لا إله إلا الله " عطف على قوله "وحده "، فيكون في محل النصب، لأن "وحده" حال بمعنى ينفرد وحده كما قررناه مرةً. قوله:"وأعطى زكاة ماله" هي الخصلة الثانية.
قوله: "طيبة بها نفسه" أي: حال كونه طيبة بالزكاة نفسه، وإنما أتت طيبة لاستنادها إلى النفس، يُقال: طابت نفسه بالشيء، إذا سمحت به من غير كراهة ولا غضب.
قوله: "رافدة عليه" أي: معينة، وأصل الرفد الإعانة، يُقال: رفدته أرفده إذا أعنته، وانتصابها على أنها حال من "نفسه "، والضمير الذي في "عليه " يرجع إلى الإعطاء، الذي يدل عليه قوله:"وأعطى"، والمعنى معينة على إعطائها، أي: أداء الزكاة.
قوله: " ولم يعط الهرِمَة" هي الخصلة الثالثة، و "الهرمة" الكبيرة في السن.
قولي: "ولا الدرِنة " بفتح الدال المهملة، وكسر الراء، وبعدها نون مفتوحة، وتاء تأنيث: أي: ولا يعطي الدرنة، وهي الجرباء، وأصل الدرن الوسخ.
قوله: "ولا الشرَطَ" بفتح الشين المعجمة والراء، وبطاء مهملة. قال الخطابي (2) : الشرَطُ: رذالة المال، قال الشاعر:................. وفي شَرَطِ المِعزَى لهن مهور
(1) سورة البقرة: (249) .
(2)
معالم السنن (2/ 31) .
18، شرح سنن أبي داوود 6
وقال ابن الأثير: وقيل: صغار المال وشراره.
قوله: " اللئيمة " نصب على أنها صفة "للشرط" ومعناها الدنيئة.
قوله: " من وسَط أموالكم" بفتح السين.
قوله: " لم يسألكم خيره" أي: خير ما لكم، و" لم يأمركم بشره" أي: برذالته.
والحديث أخرجه أبو داود منقطعا كما ترى، وأخرجه الطبراني والبزار وأبو القاسم البغوي في " مسند الصحابة" مسنداً.
1702-
ص- نا محمد بن منصور، نا يعقوب بن إبراهيم، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن أبي بن كعب قال: بَعَثَني رسولُ الله- عليه السلام مُصَدقا، فَمَرَرْتُ برجلٍ (1)، فلما جَمَعَ لي مالَهُ لم أجِد عليه فيه إلا بنتَ (2) مخَاضٍ. فقلتُ له: أدِ بنت (2) مخاض، فإنها صَدَقَتُكَ. فقال: ذًاكَ مَالا لَبَنَ فيه ولا ظَهْرَ، ولكن هذه فَتيَّةٌ (3) عظيمةٌ سَمينةٌ فخذها. فقلتُ له: ما أنا بآخذ ما لم أؤْمَرْ به، وهَذا رَسولُ الله مَنك قريبٌ، فإن أحْبَبْتَ أن تَأتيَهُ فَتَعْرضًَ عليه ما عَرَضْتَ عَلَيَّ فافعلْ، فإذن قَبلَهُ منك قَبلتُه، وإن رَدَهُ عليكم رَدْدته. قال: فإني فاعل، فَخَرَج معي وخَرَجَ بَالناقة التي عَرَضَ عَلَي حتى قَدمْنَا على رسولِ الله- عليه السلام، فقال له: يا نبَي الله أتَانِي رسولُكَ ليأخذ من (4) صدقَةَ مَالي، وايْمُ الله ما قَامَ في مَالي رسول الله، ولا رسولُهُ قط قبلَه، فجمعتُ له مَالي، فَزَعَمَ أنه ما عَلَي فيه بنتُ (2) مَخًاضٍ، وذلك مَالا لَبَنَ فيه ولا ظَهْرَ، وقد عَرَضْتُ عليه نَاقةً فَتِيةًَ عَظيمةً لِيأخذها فأبى عَلَي، فَها هِي (5) ذه يا رسولَ اللهِ
(1) قوله: " فمررت برجل" مكررة في الأصل.
(2)
في سنن أبي داود: " ابنة".
(3)
في سنن أبي داود: "ناقة فتية".
(4)
في سنن أبي داود: " مني صدقة".
(5)
في سنن أبي داود: " وها هي ".
قَد جئتُك بها فخذها فقالَ له رسولُ الله- عليه السلام: ذاكَ الذي عليكَ،
فإن تًطَوعْتَ بخيرِ آجَرَكَ اللهُ فيه وقَبِلنَاهُ منك. قال: فَهَا هِيَ ذه يا رسولَ الله،
قد جِئتُكَ بها فخذها. قال: فأمرَ رسولُ الله- عليه السلام/ بِقَلصِهَا ودَعَى له في مَالِهِ بالبركةِ (2) .
ش- محمد بن منصور العابد الطوسي، ويعقوب بن إبراهيم الزهري،
وأبوه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، ومحمد بن إسحاق بن يسار،
وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، ويحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد، ويقال: أسعد بن زرارة التجاري الأنصاري،
روى عن: زيد بن ثابت، وأبي هريرةَ، وأم هشام بنت حارثه بن النعمان، وعمارة بن عمرو بن حزم. روى عنه عبد الله بن أبي بكر،
ويحيى بن سعيد الأنصاري، وإبراهيم بن محمد بن سعد بن زرارة،
روى له مسلم وأبو داود.
وعمارة بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد غنم بن
مالك بن النجار الأنصاري التجاري المدني، روى عن أبي بن كعب،
وعبد الله بن مالك. روى عنه يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد
ابن زرارة، وأبو حازم الأعرج. قال أحمد بن عبد الله: مدني تابعي
ثقة. روى له أبو داود وابن ماجه.
قوله: "لم أجد عليه فيه" أي: لم أجد من الواجب عليه في ماله.
قوله: "ذاك" إشارة إلى ابنة مخاضِ باعتبار المذكور.
قوله: "ما لا لبن فيه ولا ظهر" أي: بنت مخاض لا لبن فيها يشرب،
ولا ظهر يركب، لأنها ما دخلت في السنة الثانية، ولم تستحق للركوب،
ولا لإعطاء اللبن.
قوله: "فتية" أي: شابة.
(1) في سنن أبي داود: " بقبضها".
(2)
تفرد به أبو داود.
قوله: " وايم الله" من ألفاظ القسم كقولك لعمر الله، وعهد الله، وفيها لغات كثيرة: وتفتح همزتها، وتكسر، وهمزتها همزة وصل وقد تقطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول هي اسم موضوع للقسم.
قوله: " فها هي ذه " كلمة " ها" للتنبيه، وهي ضمير المؤنث الغائب،
و"ذه " أصله ذي من أسماء الإشارة للمؤنث، كما أن " ذا" للمذكر، والهاء تلحقه في حالة الوقف، فيقال له.
قوله " آجرك الله " بمد الهمزة وقصرها، يقال آجره الله وأجره لغتان، وأنكر الأصمعي المد، يقال أجره بالقصر يأجره وتأجره، وآجره يؤجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء.
ويستفاد من الحديث أن الواجب على المصدق أن يأخذ الوسط من أموال الزكاة، وأن رب المال إذا تبرع فوق ما عليه من الواجب يقبل منه، ويثاب عليه.
1703-
ص- نا أحمد بن حنبل، نا وكيع، نا زكرياء بن إسحاق المكي، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسولَ الله- عليه السلام بَعَثَ مُعاذا إلى اليمنِ فقال:"إنك تَأتِي قوما أهلَ كتاب، فادْعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسولُ اللهِ، فإن هم أطَاعُوكَ لذلك فأعْلمهُم أنَّ الله افترضَ عليهم خمسَ صَلَوات في كلّ يومٍ وليلة، فإنْ هم أطَاعوكَ لذلك فأعْلِمْهُم أن اللهَ افترضَ عليهم صَدقة في أموالِهِم، تُؤخذُ مِنْ أغنيائِهِمْ، وتُردُ في فقرائِهِم، فإن هم أطَاعُوا لذلكَ فإياكَ وكَرَائِمَ أموالِهِم، واتَقِ دَعوةَ المظلوم، فإنها ليس بينها وبن اللهِ حجاب"(1) .
(1) البخاري: كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة (1395)، مسلم: كتاب الإيمان، باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (29/ 19)، الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في كراهية أخذ خيار المال في الصدقة (325)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة (5/ 30)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: فرض الزكاة (1783) .
ش- يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي، ويقال: ابن محمد بن
عبد الله بن صيفي القرشي المخزومي المكي، روى عن أبي سعيد مولى ابن
عباس، وأبي سلمة بن سفيان وعكرمة بن عبد الرحمن. روى عنه
إسماعيل بن أبي أمية، وابن أبي نجيح، وزكريا بن إسحاق، وابن
جريج. روى له الجماعة.
وأبو معبد اسمه نافذ- بالنون، والفاء، والذال المعجمة- وقد
ذكرناه.
قوله: " أهل كتاب" منصوب على أنه بدل من "قوما" أو بيان عنه.
قوله: " لذلك" أي: للإتيان بالشهادتين.
قوله: " وكرائم أموالهم" الكرائم جمع كريمة، وهي النفيسة من المال،
وقيل: ما يختص صاحبه لنفسه منها ويؤثره.
قال صاحب " المطالع ": هي جامعة الكمال الممكن في حقها من
غزارة اللبن، وجمال صورة، أو كثرة لحم أو صوف.
وقال الشيخ محيي الدين: وهكذا الرواية " فإياك وكرائم " بالواو في
"وكرائم ". قال ابن قتيبة: ولا يجوز إياك كرائم بحذفها.
قلت: معنى "إياك" هنا: " اتق"، وهو الذي يقال له التحذير،
وهو تنبيه المخاطب على مكروه يجب الاحتراز عنه، واصطلاحا: هو
معمول بتقدير اتق تحذيراً مما بعده، والمحذر منه إذا ولي المحذر فإن كان
اسمه صريحا يستعمل بمن، أو الواو، ولايح (1) عنهما، وإلا لا يفهم
منه أنه محذر منه وإن كان فعلاً يجب أن يكون مع " أن " ليكون في تأويل
الاسم، فيستعمل بالواو عطفا نحو/ إياك وأن تحذف، فإن تقديره: إياك والحذف، أو"بمن" نحو: إياك من أن تحذف، ولا يجوز أن يقال: إياك
الأسد بدون الواو، وقد نقل ابن مالك: إياك الأسد بحذف الواو،
ولكنه شاذ يكون من الضرورة.
(1) كذا، ولعلها بمعنى "لا يخرج".
قوله: " فإنها" أي: فإن القصة والشأن "ليس بينها"، أي: بين دعوة المظلوم وبين الله "حجاب"، والمعنى: أنها مسموعة مستجابة لا ترد. ويستفاد من الحديث فوائد: قبول خبر الواحد ووجوب العمل به، وأن السنة أن الكفار يُدْعَوْنَ إلى التوحيد قبل القتال، وأنه لا يحكم بإسلام الكافر إلا بالنطق بالشهادتين، وهذا مذهب أهل السنة، وأن الصلوات الخمس تجب في كل يوم وليلة، وأن الظلم حرام أشد الحرمة، وأن الإمام ينبغي أن يعظ ولاته ويأمرهم بتقوى الله تعالى، ويبالغ في نهيهم عن الظلم، ويعرفهم قبح عاقبته، وأن يحرم على الساعي أخذ كرائم المال في الزكاة، وأنه يأخذ الوسط، وأنه يحرم على رب المال إخراج شر المال، وأنه لا يدفع الزكاة إلى كافر، ولا يدفع إلى غني.
وتمسك به بعض الشافعية على أن الزكاة لا يجوز نقلها عن بلد المال، لقوله- عليه السلام "فترد في فقرائهم " قلت: هذا الاستدلال ليس بصحيح، لأن الضمير في "فقرائهم " يرجع إلى فقراء المسلمين، وهو أعم من أن يكون في فقراء أهل تلك البلدة أو غيرهم.
وقال الخطابي: فيه مستدل لمن يذهب إلى أن الكفار غير مخاطبين بشريعة الدين، وإنما خوطبوا بالشهادة، فإذا أقاموها توجهت عليهم بعد ذلك الشرائع والعبادات، لأنه- عليه السلام قد أوجبها مرتبة، وقدم فيها الشهادتين، ثم تلاها بالصلاة والزكاة.
وقال الشيخ محيي الدين: وهذا الاستدلال ضعيف، فإن المراد أعلمهم أنهم مطالبون بالصلوات وغيرها في الدنيا، والمطالبة في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام، وليس يلزم من ذلك أن لا يكونوا مخاطبين بها، يزاد في عذابهم بسببها في الآخرة.
ثم قال: ثم اعلم أن المختار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور والمنهي عنه، هذا قول المحققة والأكثرين، وقيل: ليسوا مخاطبين. وقيل: يخاطبون بالمنهي دون المأمور.
قلت: قال شمس الأئمة في " كتابه " في "فصل بيان موجب الأمر في حق الكفار": لا خلاف أنهم مخاطبون بالإيمان، لأن النبي- عليه السلام بُعثَ علىِ الناس كافة ليدعوهم إلى الإيمان، قال تعالى:{قُل نا أيُّها النَّاسُ إِنِّي رسُولُ الله إليكُمْ جَميعا} (1) ولا خلاف أنهم يخاطبون بالمشروع من العقوبات، فَلَا خلاف أن الخطاب بالمعاملات يتناولهم أيضاً ولا خلاف أن الخطاب بالشرائع يتناولهم في حكم المؤاخذة في الآخرة، فأما في وجوب الأداء في أحكام الدنيا، مذهب العراقين من أصحابنا أن الخطاب متناول لهم أيضاً والأداء واجب عليهم، فإنهم لا يعاقبون على ترك الأداء إذا لم يكن الأداء واجبا عليهم، ومشايخ ديارنا يقولون: إنهم لا يخاطبون بأداء ما يحتمل السقوط من العبادات.
وقال الشيخ محيي الدين: وفيه- أي في الحديث- أن الوتر ليس بواجب، لأن بعْثْ معاذ إلى اليمن قبل وفاة النبي- عليه السلام بقليل بعد الأمر بالوتر، والعمَل به.
قلت: لا نسلم أن فيه دليلان على عدم وجوب الوتر، لأن الحديث ما أحاط جميع الواجبات والفرائض، ألا ترى أنه لم يذكر فيه الصوم وغيره من الفرائض؟ ولهذا قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هذا الذي وقع في حديث معاذ من ذِكْرِ بعضِ دعائم الإسلام دون بعض، هو من تقصير الراوي، في (2) يجوز أن يكون الوتر مذكورا فيه، وتَركَ الراوي ذكره اقتصاراَ كما ترك غيره. والحديث أخرجه الجماعة.
1704-
ص نا عتيبة بن سعيد، نا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك، أن رسولَ الله- عليه السلام قال:"المعْتَدِي (3) في الصدقةِ كَمَانِعِهَا"(4) .
(1) سورة الأعراف: (158) .
(2)
يعني: "فحينئذ".
(3)
في سنن أبي داود: "المعتدي المتعدي ".
(4)
الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في المتعدي في الصدقة (646)، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في عمال الصدقة (1808) .
ش- الليث بن سعد، ويزيد بن أبي حبيب: سويد المصري.
وسعد بن سنان، ويقال سنان بن سعد الكندي المصري. قال ابن عدي: الليث يروي عن يزيد بن أبي حبيب، فيقول: سعد بن سنان. وعمرو بن الحارث وابن لهيعة يرويان عن ابن أبي حبيب فيقولان: عن سنان بن سعد، روى عن أنس بن مالك، روى/ عنه يزيد بن أبي حبيب، ولم يرو عنه غيره. وقال أحمد بن حنبل: لم أكتب أحاديث سعد بن سنان، لأنهم اضطربوا فيها. وقال النسائي: سعد بن سنان منكر الحديث. وقال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: أحاديث سعد بن سنان واهية، لا تشبه أحاديث الناس عن أنس. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه (1) .
قوله: " المعتدي في الصدقة " وفي رواية "المتعدي"، وهو أن يعطيها غير مستحقها. وقيل: أراد أن الساعي إذا اتخذ خيار المال، وربما منعه في السنة الأخرى، فيكون الساعي سبب ذلك، فهما في الإثم سواء. والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث أنس حديث غريب من هذا الوجه، وقد تكلم أحمد بن حنبل في سعد بن سنان.
1705-
ص- (2) نا مهدي بن حفص ومحمد بن عبيد- المعنى- قالا:
نا حماد، عن أيوب، عن رجلٍ يقال له دَيْسَمُ، وقال ابن عبيد: من بني سدوس، عن بشير ابن الخصاصية قال ابن عبيد في حديثه: وما كان اسمه بشيرا، ولكن سماه رسول الله بشيراً (3) قال: قلنا: إن أهلَ الصدقة يعتدون علينا أفنكتُمُ من أَموالِناَ بقدرِ ما يَعْتَدُونَ علينا؟ فقال: لا (4) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (10/ 2209) .
(2)
في سنن أبي داود قبل هذا الحديث "باب رضا المصدق" وسيذكر المصنف أنها نسخة.
(3)
في سنن أبي داود: "ولكن رسول الله سماه بشيرا ".
(4)
تفرد به أبو داود.
ش- في بعض النسخ على أول هذا الحديث " باب رضا المُصدَق ". وحماد بن سلمة، وأيوب السختياني، وديسم- بفتح الدال المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح السين المهملة، وفي آخره ميم- روى عن بشير، روى عنه السختياني. روى له أبو داود.
وبشير- بفتح الباء الموحدة، وكسر الشين المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره راء- ابن الخصاصية- بفتح الخاء المعجمة، وبعدها صاد مهملة مفتوحة، وبعد الألف صاد مهملة مكسورة، وياء آخر الحروف مفتوحة مخففة، وتاء تأنيث- وهو اسم أمه، وأبوه معبد بن شراحيل بن سبع بن ضبارى بن سدوس السنوسي. وقال في " الكمال " وهو ابن الخصاصية، وهي أم ضبارى، واسمها كبشة، ويقال مارية بنت عمرو بن الحارث بن الغطاريف (1) .
قوله: " قال ابن عبيد " أي: محمد بن عبيد في حديثه " وما كان اسمه بشيرا" كان اسمه زحمة- بفتح الزاي، وسكون الحاء المهملة، وبعدها ميم- " فسماه رسول الله بشيراً " روى عنه جُرَي بن كليب، وبشير بن نهيك، وديسم السنوسي وغيرهم. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
قوله: " يعتدون علينا " أي: يظلموننا، والألف في "أفنكتم " للاستفهام، وإنما نهاهم- عليه السلام عن ذلك من أْجل أن للمصدق أن يستحلف رب المال إذا اتهمه، فلو كتموه شيئا منها واتهمه المصدق لم يجز لهم ابن يحلفوا على ذلك، فقيل لهم احتملوا الضيم ولا تكذبوهم، ولا تكتموهم، وفيه التحريض على طاعة السلطان وإن ظلمهم.
1706-
ص- نا الحسن بن علي، ويحيى بن موسى، قالا: نا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب بإسناده وبمعناه، إلا أنه قال (2) : يا رسول اللهم إِن أصحاب الصدقةِ (3)(4) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 726) .
(2)
في سنن أبي داود: "قال: قلنا ".
(3)
في سنن أبي داود زيادة:"يعتدون ".
(4)
انظر: التخريج المتقدم.
ش- يحيى بن موسى بن عبد ربه السختياني البلخي، وعبد الرزاق بن همام، وأيوب السختياني.
ص- قال أبو داودَ: رفعَهُ عبدُ الرزاق، عن معمر.
ش- أي: يرفع الحديث عبد الرزاق، عن معمر بن راشد.
1707-
ص- نا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن المثنى قالا: نا بشر بن عمر، عن أبي الغُصْن، عن صخر بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر ابن عتيق، عن أبيه، أن رسولَ الله- عليه السلام قالَ:" سَيأتِيكُم رُكَيبٌ مُبَغضُونَ، فإذا (1) جاءوكُم فَرَحبوَا بهم، وخَلوا بينهم وبن ما يَبْتَغُونَ، فإن عَدلوا فلأنفُسهم، وإن ظَلَمُوا فعليها، فَأرْضُوهم (2) ، فإن تمامَ زكاتكم رِضَاهُم، وليَدعوا لكُم"(3) .
ش- صخر بن إسحاق، روى عن عبد الرحمن بن جابر بن عتيق. روى عنه أبو الغصن. روى له أبو داود.
وجابر بن عتيق بن قيس بن الأسود بن مري بن كعب بن غنم بن سلمة، روى عن النبي- عليه السلام. روى عنه ابنه عبد الرحمن، وعتيق بن الحارث. قيل: إنه شهد بدرا ولم يثبت، وشهد ما بعدها. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
قوله: " رُكيب" تصغير ركب، والركب جمع راكب. كصاحب وصحب، والركب الصحاب الإبل في السفر دون الدواب، وهم العشرة فما فوقها، ثم اتسع فأطلق على كل من ركب دابة، وفي رواية جاء مكبراً، وإنما وصفهم بقوله/ "مبغضون " لما في نفوس أرباب الأموال من حبها، وكراهة فراقها، إلا من عصمه الله تعالى ممن أخلص النية، فاحتسب منه الأجر والمثوبة.
(1) في سنن أبي داود: " فإن ".
(2)
في سنن أبي داود:" وأرضوهم ".
(3)
تفرد به أبو داود.
قال الخطابي: وفيه من العلم أن السلطان الظالم لا يُغالَب بأيد، ولا ينازعَ بالسلام.
قوله: " فرحبوا بهم" أي: قولوا له: مرحباً ومعناه أتيت سعةً ورحباً فاستأنِس ولا تستوحش.
قوله: "وبين ما يبتغون " أي: يطلبون.
ص- قال أبو داودَ: أبو الغصن هو ثابت بن قيس بن غصن.
ش- ثابت بن قيس الغفاري مولاهم أبو الغصن المدني، راعى أبا سعيد الخدري، وروى عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وأبي سعيد المقبري، وابنه سعيد، ونافع بن جبير بن مطعم، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وإسماعيل بن أنيس، وصخر بن إسحاق مولى بني عمار، وأبو عامر العقدي وجماعة آخرون. قال ابن معين: ليست به بأس، وفي رواية: ليس حديثه بذاك، وهو صالِح. وقال أحمد: ثقة. وقال ابن حبان: كان قليل الحديث، كثير الوَهم فيما يرويه لا يحتج بخبره إذا لم يتابعه عليه غيره. مات سنة ثمان وستين ومائة، وهو ابن مائة سنة، روى له أبو داود والنسائي.
1708-
ص- نا أبو كامل، نا عبد الواحد بن زياد ح ونا عثمان بن أبي شيبة، نا عبد الرحيم بن سليمان- وهذا حديث أبي كامل-، عن محمد بن أبي إسماعيل قالا (1) : نا عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس- يعني: من الأعراب- إلى رسول الله عليه السلام فقالوا: إن نَاسا من المُصدقينَ يأتُونَا فَيظلموَنا؟ قال: فقاَل: أرضُوا مصدَقيكُم قالوا: يا رسولَ الله وإنْ ظَلَمُونَا؟ قال: أرْضُوا مُصَدَقيكُم زادَ عثمانُ: وأن ظُلمتُم. وقَال (2) أبو كامل في حديثه: قال جرير. ما صَدرَ عني مُصدق بعد ما سمعتُ هذا من رسولِ الله- عليه السلام إلا وهو عَني راضٍ (3) .
(1) هذه اللفظة غير موجودة في سنن أبي داود. (2) في سنن أبي داود: "قال". (3) مسلم: كتاب الزكاة، باب: إرضاء السعاة (989)، النسائي: كتاب الزكاة، باب: إذا جاوز في الصدقة (5/ 32) .