الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعقرها عند قبره ليأكلها السباع والطير، فيكون مُطِعما بعد مماته كما كان مُطعِما في حياته قال الشاعر:
عقرت على قبر النجاشي ناقة.... بأبيضَ عَضبٍ أخلصتُه صياقله
على قبر من لو أنني مت قبله.... لهانت عليه عند قبري رواحلُه
ومنهم من كان يذهب في ذلك إلى أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر يوم القيامة راكبا، ومن لم يعقر عنه حشر راجلا، وكان هذا على مذهب من يرى البعث منهم بعد الموتة (1) . وأصل العقر: ضرب قوائم البعير، أو الشاة بالسيف، وهو قائم.
70- باب: الصلاة عند القبر بعد حين
(2)
أي: هذا باب في بيان الصلاة على قبر الميت بعد مدة طويلة.
1657-
ص- نا عتيبة بن سعيد، نا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر:" أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خرَجَ يوما فصلى على أهلِ أحُد صلاتَه على الميتِ، ثم انصرف"(3) .
ش- أبو الخير مراد بن عبد الله اليمني المصري، والجواب عن هذا الحديث من ثلاثة أوجه، الأول: أن المراد من الصلاة الدعاء، وفيه نظر. الثاني: أنه من خصائص النبي- عليه السلام لأنه- عليه السلام قصد بها التوديع كما صرح بذلك في الرواية الأخرى.
الثالث: أنه- عليه السلام قصد بالصلاة عليهم أن تنور قبورهم كما ورد في البخاري ومسلم، عن أبي هريرة: "أن النبي- عليه السلام
(1) إلى هنا انتهى النقل من معالم السنن.
(2)
في سنن أبي داود: " باب: الميت يصلى على قبره بعد حين".
(3)
البخاري: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد (1344)، مسلم: كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم (2296)، النسائي: كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الشهداء (4/ 61) .
صلى على قبر امرأة أو رجل كان يقم المسجد، ثم قال: إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة، وإني أنورها بصلاتي عليهم " وقد مر الكلام فيه مرة.
1658-
ص- نا الحسن بن علي، نا يحيى بن الدم، نا ابن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب بهذا الحديث، قال:" إن النبي عليه السلام صَلَّى على قَتلَى أحُد بعد ثَمان سنين كالمودع للأحياء والأموات"(1) .
ش- "بهذا الحديث"، أي: الحديث المذكور، وأخرجه البخاري، ومسلم، فالبخاري أخرجه في " المغازي " في غزوة أحد، ومسلم في "فضائل النبي- عليه السلام "، وزاد:"فصعد المنبر كالمودع للأحياء والأموات، فقال: إني فَرَطكم على الحوض، ولست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخشى أن تَنَافَسُوا في الدنيا، وتقتتلوا كما هلك من قبلكم ". قال عقبة: فكانت لآخر ما رأيت رسول الله- عليه السلام على المنبر، انتهى.
وقال ابن حبان فيه صحيحه،: المراد بالصلاة في هذا الحديث الدعاء، إذ لو كان المراد حقيقة الصلاة للزم من يقول بها أن يجوز الصلاة على الميت بعد دفنه بسنين، فإن وقعة أحد كانت في سنة ثلاث من الهجرة، وهذه الصلاة حين خروجه من الدنيا بعد وقعة أحد بسبع سنين، وهو لا يقول بذلك.
71-
باب: البناء (2) على القبر
أي: هذا باب في بيان البناء على القبر.
1659-
ص- نا أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج،
(1) انظر التخريج المتقدم.
(2)
في سنن أبي داود: "في البناء".
أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرا يقول:" سمعتُ رسولَ الله- عليه السلام نَهَى أن يُقْعَدَ على القبرِ، وأن يُقَصَّصَ، وأن يُبنىَ عليه "(1)(2) .
ش- عبد الملك بن جريج، وأبو الزبير محمد بن مسلم المكي.
قوله: " نهى أن يقعد" قال الخطابي (3) : "نهيه عن القعود على القبر يتأول على وجهين، اْحدهما: أن يكون ذلك في القعود عليه للحدث ".
/ والثاني: كراهة أن يطأ القبر شيء من بدنه، فقد روي أن النبي
عليه السلام رأى رجلا قد اتكأ على قبر، فقال له:" لا تؤذ صاحب القبر".
قوله: " وأن يقصص " من التقصيص، وهو التجصيص، والقصة
- بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة- شيء شبيه بالجص، وإنما نهى عن ذلك لأن القبر للبلى لا للبقاء.
قوله: " وأن يبنى عليه" أي: على القبر لما ذكرنا، ولفظ البناء عام يشمل سائر أنواع البناء، فالكراهة تعم في الجميع، والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه بنحوه، وليس في " صحيح مسلم" ذكر الزيادة والكتابة، وفي حديث الترمذي:" وأن يكتب عليها"، وقال: حسن صحيح، وفي حديث النسائي:" أو يزاد عليه".
1660 -
ص- نا مسدد وعثمان بن أبي شيبة، قالا: نا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، وعن أبي الزبير، عن جابر بهذا الحديث، قال عثمان (4) :" أَوْ يُزادَ عليه " وزاد سليمان
(1) في سنن أبي داود: "ويبنى عليها".
(2)
مسلم: كتاب الجنائز، باب: النهي عن تجصيص القبر (970)، الترمذي: كتاب الجنائز، باب: كراهية تجصيص القبور (1052)، النسائي: كتاب الجنائز، باب: الزيادة على القبر (4/ مه)، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: النهي عن البناء على القبور (1562) .
(3)
معالم السنن (1/ 275) .
(4)
في سنن أبي داود: " قال أبو داود: قال عثمان ".
ابن موسى: " (1) وأن يُكتبَ عليه" ولم يذكر مسدد في حديثه: " أو يزادَ عليه "(2) .
ش- سليمان بن موسى الدمشقي الأشدق، وهو لم يسمع جابر بن عبد الله، فالحديث منقطع.
قوله: " بهذا الحديث" أي: الحديث المذكور.
قوله: " قال عثمان" أي: ابن أبي شيبة.
قوله: " أو يزاد عليه" أي: على القبر، والزيادة على القبر أعم من أن يكون بناء، أو وضع حجر، أو تراب غير التراب الذي خرج منه، ونحو ذلك، والحديث أخرجه النسائي، وأخرجه ابن ماجه مختصرا، قال:"نهى رسول الله- عليه السلام أن يكتب على القبر شيء ".
ص- قال أبو داود: خفي علي من حديث مسدد حرف (3) .
ش- أي: كلمة ويجيء بمعنى اللغة كما في قوله- عليه السلام: " أنزل القرآن على سبعة أحرف " أي: سبع لغات، وبمعنى الجانب، يقال: على حرفه أي جانبه، وبمعنى الوجه لقوله تعالى:{وَمنَ الناسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْف} (4) أي: على وجه، وهو أن يعبده علَى السراء دون الضراء، والحرفَ: الناقة المعزولة، والحرف: واحد حروف التهجي.
1661-
ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله- عليه السلام قال:" قاتل اللهُ اليهود اتخذُوا قبورَ أنبيائِهِم مَساجدَ "(5) .
(1) في سنن أبي داود: " أو".
(2)
النسائي: كتاب الجنائز، باب: الزيادة على القبر (4/ 86)، ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في النهي عن البناء على القبور وتجصيصها والكتابة عليها (1563) .
(3)
في سنن أبي داود: "حرف أن". (4) سورة الحج: (11) .
(5)
البخاري: كتاب الصلاة، باب: حدثنا أبو اليمان (437)، مسلم: كتاب المساجد وإقامة الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور (530)، النسائي في الكبرى: كتاب الوفاة.