المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعام ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين، أو ذبح شاة) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌باب الفدية

- ‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعامِ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ لستة مساكين، أو ذبحِ شاة)

- ‌فصلإذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيبَ لعذرٍ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور

- ‌فصليجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حلٍّ أو حرم، وكذا حيث جازت

- ‌مسألة(2): (وكذلك الحكم في كلِّ دم وجب لتركِ واجبٍ)

- ‌مسألة(5): (وجزاء الصيد مثل ما قتل من النَّعَم، إلا الطائر فإن فيه قيمته، إلا الحمامة فيها شاة، والنعامة فيها بدنة)

- ‌الفصل الثانيأن ما تقدم فيه حكمُ حاكمين(1)من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ما حكما، لا يحتاج إلى استئناف حكم ثانٍ

- ‌الفصل الثالثفيما قد(4)مضى فيه الحكم واستقرَّ أمره

- ‌ اليربوع

- ‌وفي جنين الصيد القيمة أيضًا؛ وهو أَرْشُ ما نقصَتْه الجناية

- ‌مسألة(2): (ويتخيَّر بين إخراج المثل أو تقويمِه بطعام، [فيُطعِمَ](3)كلَّ مسكين مدًّا، أو يصوم عن كل مدٍّ يومًا)

- ‌مسألة(1): (الضرب الثاني: على الترتيب، وهو هدي التمتع، يلزمه شاةٌ، فإن لم يجد فصيام(2)ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع)

- ‌إحداهن: عليه هديان(2): هدي متعته، وهدي آخر لتفريطه

- ‌والرواية الثانية: ليس عليه إلا هدي التمتع فقط

- ‌والرواية الثالثة: إن أخَّره لعذرٍ لم يلزمه إلا هدي واحد، وإن أخَّره عمدًا فعليه هديانِ

- ‌ إذا مات ولم يصم السبعة أيام يُطعَم عنه بمكة موضع وجب عليه

- ‌أحدها: أن يعتمر في أشهر الحج

- ‌الشرط الثاني: أن يحجَّ من عامه ذلك

- ‌الشرط الثالث: أن لا يسافر بعد العمرة

- ‌الشرط الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام

- ‌مسألة: (وفدية الجماع بَدَنةٌ، فإن لم يجد فصيامٌ كصيام التمتُّع، وكذلك الحكم في البدنة الواجبة بالمباشرة ودم الفوات)

- ‌ مسألة(5): (والمُحْصَر يلزمه دمٌ، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام)

- ‌مسألة(3): (ومن كرَّر محظورًا من جنسٍ غيرِ قتل الصيد فكفارة واحدة، إلا أن يكون قد كفّر عن الأول، فعليه للثاني كفارة، وإن فعل محظورًا من أجناسٍ فلكل واحدٍ كفارة)

- ‌الفصل الثانيأن الصيد تتعدد كفارته بتعدُّد قتله

- ‌هل شعر الرأس وشعر البدن جنس أو جنسان؟ على روايتين منصوصتين:

- ‌مسألة(6): (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عَمْدُه وسهوه، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه)

- ‌الفصل الثانيأنه إذا قتل الصيد ناسيًا أو جاهلًا فعليه الكفارة، كما على العامد

- ‌الفصل الثالثإذا حلق شعرًا وقلَّم ظُفرًا ناسيًا أو مخطئًا أو جاهلًا، فالمنصوص عنه أن فيه الكفارة

- ‌مسألة(3): (وكلُّ هَدْي أو إطعام فهو لمساكين الحرم، إلا فديةَ الأذى يُفرِّقها في الموضع الذي حلق، وهديَ المحصر ينحره في موضعه، وأما الصيام فيجزئه بكل مكان)

- ‌الفصل الثانيأن الإطعام الواجب حيث يجب الهدي حكمه حكم ذلك الهدي

- ‌الفصل الثالثأن الصوم يُجزئ بكل مكان

- ‌باب دخول مكة

- ‌مسألة(1): (يُستحبُّ أن يدخل مكة(2)من أعلاها)

- ‌مسألة(2): (ويدخل المسجدَ من باب بني شيبة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة(2): (فإذا رأى البيت رفع يديه وكبَّر الله وحَمِدَه ودعا)

- ‌مسألة(1): (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، وبطواف القدوم إن كان مفرِدًا أو قارنًا)

- ‌مسألة(2): (ويضطبع بردائه، فيجعل وسطَه تحت عاتقه الأيمن، وطرفَيه على الأيسر)

- ‌مسألة(4): (ويبدأ بالحجر الأسود، فيستلمه ويقبِّله، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم(5)إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ الركن الأسود يمينُ الله عز وجل في الأرض

- ‌مسألة(1): (يرمُلُ في الثلاثة الأُوَل من الحجر إلى الحجر، ويمشي في الأربعة)

- ‌الفصل الثانيما يقوله إذا استلم الركنين

- ‌مسألة(3): (ثم يصلِّي ركعتين خلفَ المقام)

- ‌مسألة(2): (ويعود إلى الركن فيستلمه، ويخرج إلى الصفا من بابه)

- ‌مسألة(3): (ثم يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتيه فيرقَى عليه، ويكبِّر الله ويهلِّله ويدعوه، ثم ينزِل فيمشي إلى العَلَم، ثم يسعى إلى العلم الآخر، ثم يمشي إلى المروة، فيفعل كفعله على الصفا

- ‌مسألة(1): (ثم يُقصِّر من شعره إن كان معتمرًا، وقد حلَّ إلا المتمتع إن كان معه هديٌ، والقارن والمفرد فإنه لا يحلُّ)

- ‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

- ‌الرواية الثالثة: إن قدِمَ في العشر لم ينحَرْ ولم يحِلَّ، وإن قدِمَ قبل العشر نحَرَ وحلَّ إن شاء

- ‌مسألة(1): (والمرأة كالرجل إلا أنها لا ترمُلُ في طواف ولا سعي)

- ‌باب صفة الحج

- ‌مسألة(1): (وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالًا أحرم من مكة، وخرج إلى عرفات)

- ‌الفصل الثالثأنهم يبيتون بمنًى حتى تطلع الشمس على ثَبِيرٍ

- ‌مسألة(1): (فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلَّى الظهر والعصر يجمع بينهما)

- ‌مسألة: (ويستقبل القبلة)

- ‌مسألة(2): (ويكون راكبًا)

- ‌مسألة(1): (ويُكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس)

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزِمَينِ وعليه السكينة والوقار، ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل

- ‌مسألة(3): (فإذا وصل إلى مزدلفة صلّى المغرب والعشاء قبل حطِّ الرحال، يجمع بينهما)

- ‌هذا الجمع مسنون لكل حاجّ من المكيين وغيرهم

- ‌مسألة(1): (ثم يبيتُ بها)

- ‌مسألة(2): (ثم يصلّي الفجر بغَلَسٍ)

- ‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقَفتَنا(3)فيه، وأريتَنا إيّاه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع قبل طلوع الشمس، فإذا بلغ محسِّرًا أسرع قدرَ رَمْيةٍ(3)بحجرٍ حتى يأتي منًى)

- ‌مسألة(2): (حتى يأتي منًى فيبدأ بجمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات كحصى الخَذْف، يكبّر مع كل حصاة

- ‌الفصل الثانيأن يرميها بسبع حصيات

- ‌الفصل الثالثأنه يستحبّ أن يكون الحصى كحصى الخَذْف

- ‌الفصل الرابعأنه(2)يكبر مع كل حصاة، ويرفع يده في الرمي

- ‌الفصل الخامسأنه يقطع التلبية مع ابتداء الرمي

- ‌الفصل السادسأن السنة أن يرميها من بطن الوادي

- ‌الفصل السابعأنه يستقبل القبلة، فيجعل الجمرة عن يمينه ومنى وراءه

- ‌الفصل الثامنأنه لا يقف عندها

- ‌مسألة(1): (ثم ينحر هَدْيه)

- ‌مسألة(4): (ثم يحلق ويقصِّر)

- ‌مسألة(5): (ثم قد حلَّ له كل شيء إلا النساء)

- ‌مسألة(4): (ثم يُفيض إلى مكة فيطوف للزيارة؛ وهو الطواف الذي به تمام الحج)

- ‌مسألة(1): (ثم يسعى بين الصفا والمروة إن(2)كان متمتعًا، أو ممن لم يسْعَ مع طواف القدوم)

- ‌مسألة(4): (ثم قد حلَّ من كل شيء)

- ‌مسألة(1): (ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما أحبّ، ويتضلَّع منه ثم يقول: اللهم اجعلْه لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا وشبعًا

- ‌بابما يفعله بعد الحلّ

- ‌مسألة(1): (ثم يرجع إلى منًى، ولا يبيت لياليها إلا بها)

- ‌مسألة(2): (فيرمي بها الجمار بعد الزوال من أيامها، كلّ جمرة بسبع حَصَياتٍ، يبتدئ(3)بالجمرة الأولى

- ‌الفصل الثانيأنه يرمي كل جمرة بسبع حصيات

- ‌الفصل الرابعأنه يستقبل القبلة عند رمي الأُولَيينِ

- ‌مسألة: (لكن عليه وعلى المتمتع دم؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

- ‌مسألة(7): (وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودِّع البيت بطوافٍ عند فراغه من جميع أموره، حتى يكون آخرَ عَهْدِه بالبيت)

- ‌مسألة: (فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده)

- ‌مسألة: (ويُستحبّ له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب، فيلتزم البيتَ ويقول: «اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك

- ‌مسألة: (ومن خرج قبل الوداع رجع إن كان قريبًا، وإن أبعدَ(4)بعثَ بدمٍ)

- ‌مسألة(6): (إلا الحائض والنُّفَساء فلا وداعَ عليهما، ويستحبُّ لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا)

- ‌بابأركان الحج والعمرة

- ‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

- ‌أما إن وقف قبل الزوال ففيه روايتان:

- ‌فصلفإن طاف على غير طهارة، ففيه روايتان:

- ‌الشرط الثالث: أن يكون طاهرًا من الخَبَث

- ‌الشرط الرابع: السترة

- ‌الشرط الخامس: أن يطوف سبعة أطوافٍ

- ‌الشرط الثامن: الموالاة

- ‌الشرط التاسع: أن يطوف بالبيت جميعِه، فلا يطوف في شيء منه

- ‌الشرط العاشر: أن يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح

- ‌مسألة(3): (وواجباته: الإحرام من الميقات)

- ‌مسألة(3): (والوقوف بعرفة إلى الليل)

- ‌فصللا يجوز له أن يُفيض من عرفات قبل غروب الشمس

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل)

- ‌وأحكام جَمْعٍ مضطربةٌ تتلخَّص في مسائل:

- ‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيتُ فعليه دم

- ‌الخامسة: من وافاها أولَ الليل فعليه أن يبيتَ بها، بمعنى أن يُقِيم بها، لا يجوز له الخروج منها إلى آخر الليل

- ‌الرواية الثانية: لا تجوز الإفاضة قبل مَغيبِ القمر

- ‌يتوجَّه وجوب الوقوف بعد الفجر لغير أهل الأعذار

- ‌مسألة(1): (والسعي)

- ‌أما الطهارة فتُسَنُّ له، ولا تُشترط

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمنًى)

- ‌مسألة(3): (والرمي)

- ‌فصلوأما ركعتا الطواف

- ‌مسألة(4): (والحلق)

- ‌مسألة(3): (وطواف الوداع)

- ‌مسألة(3): (وأركان العمرة: الطواف، وواجباتها: الإحرام والسعي والحلق)

- ‌مسألة: (فمن ترك ركنًا لم يتمَّ نسكُه إلا به، ومن ترك واجبًا جَبَرَه بدم، ومن ترك سنةً فلا شيء عليه)

- ‌مسألة(1): (ومن لم يقفْ بعرفة حتى طلع الفجرُ يومَ النحر فقد فاته الحج، فيتحلَّلُ بطواف وسعي، وينحر هديًا إن كان معه، وعليه القضاء)

الفصل: ‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعام ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين، أو ذبح شاة)

‌باب الفدية

‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام]

(1)

ثلاثة أيام، أو إطعامِ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ لستة مساكين، أو ذبحِ شاة)

(2)

.

الأصل في هذه الفدية قوله سبحانه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، فأباح الله سبحانه الحلق للمريض، ولمن في رأسه قَمْلٌ يؤذيه، وأوجب عليه الفدية المذكورة، وفسَّر مقدارَها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في حديث كعب بن عُجرة، وهو الأصل في هذا الباب، فقال له: «فاحْلِقه

(3)

واذبحْ شاة، أو صُمْ ثلاثة أيام، أو تصدَّقْ بثلاثة آصُعٍ من تمرٍ بين ستة مساكين»

(4)

.

وقد أجمع المسلمون على مثل هذا. وتقديره صلى الله عليه وسلم لِما ذُكر في كتاب الله من صيام أو صدقة أو نسكٍ [ق 291] مثلُ تقديره لأعداد الصلاة وللركعات والأوقات، وفرائض الصدقات ونُصُبها، وأعداد الطواف والسعي والرمي وغير ذلك، إذ كان هو المبيِّن عن الله معانيَ كتابه صلى الله عليه وسلم.

وأما من حلقَ شعر بدنه، أو قلَّم أظفاره، أو لبس، أو تطيَّب= فملحقٌ

(1)

زيادة من «العمدة» .

(2)

انظر «المغني» (5/ 381) و «الشرح الكبير مع الإنصاف» (8/ 377) و «الفروع» (5/ 398).

(3)

في المطبوع: «فاحلق» خلاف ما في النسختين و «المسند» .

(4)

أخرجه أحمد (18117) ــ واللفظ له ــ ومسلم (1201).

ص: 3

بهذا المحظور في مقدار الفدية؛ لأن الله حرَّم ذلك كله في الإحرام.

فصل

إن فعل المحظور لعذر ففديته على التخيير كما ذكرناه، وإن فعله لغير عذر ففيه روايتان:

إحداهما: أن فديته على التخيير أيضًا كما ذكره الشيخ؛ لأن كل كفارة وجبت على التخيير وسببها مباحٌ وجبت على التخيير، وإن كان محظورًا كجزاء الصيد.

وأيضًا فإن الكفارة جَبْرٌ لما نقص من الإحرام بفعل المحرَّم، والنقص لا يختلف بين أن يكون بسبب مباح أو محظور، إلا أن في أحدهما

(1)

جائزًا، والآخرِ حرامًا، فلو لم يكن كل واحد من الكفارات الثلاث جابرًا لنقص الإحرام لما اكتُفِي به مع وجود غيره؛ ولهذا كفارة اليمين تجب على التخيير سواء كان الحنث جائزًا أو حرامًا.

وأيضًا فإن كون سبب الكفارة جائزًا لا يوجب التخيير، بدليل دم المتعة والقران، هو على الترتيب وإن كان سببه جائزًا، فلما كانت هذه الكفارة على التخيير عُلِم أن ذلك ليس لجواز السبب، بل لأنها جابرة لنقص الإحرام.

وأما الآية فإنما لم يذكر فيها إلا المعذور، لأن الله بيَّن جواز الحلق ووجوب الفدية، لأنه قد نهى قبل ذلك عن الحلق، وهذا الحكمان يختصان المعذور خاصة.

(1)

كذا في النسختين، وفي هامشهما:«لعله إلا في أن أحدهما، أو إلا أنه في أحدهما» .

ص: 4

والرواية الثانية: أنه يلزمه الدم عينًا

(1)

، و [لا] يتخيَّر

(2)

بين الخصال الثلاثة. فإن عَدِمَ الدمَ فعليه الصدقة، وإن لم يجد انتقل إلى الصيام. نصَّ عليه في رواية ابن القاسم وسندي

(3)

، في المحرم يحلق رأسه من غير أذى: ليس هو بمنزلة من يحلق من أذى؛ إذا حلق رأسه من أذى فهو مخيَّر في الفدية. ومثل هذا لا ينبغي أن يكون مخيَّرًا.

وهذا اختيار القاضي

(4)

وأصحابه مثل الشريف أبي جعفر

(5)

وأبي الخطاب، ولم يذكروا في تعليقهم خلافًا.

قال ابن أبي موسى

(6)

: وإن حلق رأسه لغير ضرورة

(7)

فعليه الفدية، وليس بمخيَّرٍ فيها، فيلزمه دم. وإن تنوَّر

(8)

فعليه فدية على التخيير.

ففرق بين حلق الرأس والتنوُّر، ولعل ذلك لأن حلق الرأس نسكٌ عند التحلل، فإذا فعله قبل وقته فقد فعل محظورًا وفوَّت نسكًا في وقته، ومن ترك شيئا من نسكه فعليه دم. بخلاف شعر البدن فإنه ليس في حلقه تركُ نسكٍ؛ لأن الله سبحانه إنما ذكر التخيير في المريض ومن به أذى، وذلك يقتضي أن غير المعذور بخلاف ذلك لوجوه:

(1)

«عينًا» ، ساقطة من المطبوع.

(2)

بعدها في المطبوع: «لدلالة السياق عليه» . ولا وجود لها في النسختين.

(3)

كما في «التعليقة» (1/ 442).

(4)

في المصدر السابق.

(5)

في «رؤوس المسائل» (1/ 377).

(6)

في «الإرشاد» (ص 161).

(7)

في النسختين: «عذر» . والمثبت من هامشهما بعلامة ص، وهو الموافق لما في «الإرشاد» .

(8)

أي أزال شعره بالنورة.

ص: 5

أحدها: أن «مَنْ» حرف شرط، والحكم المعلّق بشرطٍ= عَدَمٌ عند عدمه حتى عند أكثر نفاة المفهوم. والحكم المذكور هنا وجوب فدية على التخيير إذا حلق، فلو كانت هذه الفدية مشروعة في حال العذر وعدمِه لزم إبطال فائدة الشرط والتخصيص.

وقولهم: التخصيص لجواز الحلق وإباحته، يُجاب عنه بأن الجواز ليس مذكورًا في الآية، وإنما المذكور وجوب الفدية، وإنما الجواز يستفاد من سياق الكلام، ولو كان الجواز مذكورًا أيضًا فالشرط شرط في جواز الحلق وفي هذه

(1)

الفدية المذكورة.

الثاني: المريض ومن به أذًى معذور في استباحة المحظور، والمعذورُ يناسب حاله التخفيف عنه والترخيص له، فجاز أن تكون التوسعة له في التخيير لأجل العذر؛ لأن الحكم إذا عُلِّق بوصف مناسب كان ذلك الوصف علة له. وإذا كان علة التوسعة هو العذر لم يجز ثبوت الحكم بدون علته. يوضِّح هذا أن الله بدأ بالأخف فالأخف من خصال الفدية؛ قال:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] تنصيصًا على أن «أو» للتخيير، إذ وقع الابتداء بأدنى الخصال، وغير المعذور بعيد من هذا، ولهذا بدأ في آية الجزاء بأشد الخصال وهو المثل لما ذكر المتعمد

(2)

.

الثالث: أن الله سماها فدية، والفدية إنما تكون في الجائزات كفدية الصيام، وهذا لأن الصائم والمحرم ممنوعان مما حُرِّم عليهما محبوسان عنه، كالرقيق والأسير الممنوع من التصرف، فجوَّز الله لهما أن يفتديا

(1)

«هذه» ساقطة من المطبوع.

(2)

في المطبوع: «المعتمد» تحريف.

ص: 6

أنفسهما عند الحاجة كما يفتدي الأسير والرقيق أنفسهما، وكما تفتدي المرأة نفسها من زوجها.

ومعلوم أنه إذا لم يحتجْ إلى الحلق لم يأذن الله له أن يفتدي نفسه، ولا يفتكُّ

(1)

رقبته [ق 292] من حبْس

(2)

الإحرام، فلا يكون الواجب عليه فدية.

والله سبحانه إنما ذكر التخيير تقسيمًا للفدية وتوسيعًا في الافتداء، فلا يثبت هذا الحكم في غير الفدية. وبهذا يظهر الفرق بين هذه الفدية وبين جزاء الصيد وكفارة اليمين؛ لأن الله ذكر التخيير في جزاء الصيد مع النص على أنه قتله متعمدًا، فكان التخيير في حق المخطئ أولى، وذكر الترتيب والتخيير في كفارة اليمين مطلقًا.

وأيضًا فإنها كفارة وجبت لفعل محظور، فتعيَّن فيها الدم ككفارة الوطء وتوابعه، ومعلوم أن إلحاق المحظور بالمحظور أولى من إلحاقه بجزاء الصيد.

ولأن الله أوجب الدم على المتمتع عينًا حيث لم يكن به حاجة إلى التمتع بحِلّه مع جواز التمتع به، فلأن يجب على من تمتع في الإحرام من غير حاجة مع تحريم الله أولى، وعكسُه المعذور.

ولأنها كفارة وجبت لجناية على الإحرام لا على وجه المعاوضة، فوجب الدم عينًا كترك الواجبات، وعكسه جزاء الصيد فإنه وجب بدلًا

(3)

لِمُتلَف، فهو مقدَّر بقدر مُبدَلِه، وأبدالُ المتلَفات لا يفرَّق فيها بين مُتلَف ومُتلَف، بخلاف الكفارات التي لخللٍ في العبادة كالوطء في رمضان

(1)

ق: «يفك» .

(2)

«حبس» ساقطة من المطبوع.

(3)

في المطبوع: «بدل» مكان «وجب بدلًا» .

ص: 7