الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما
(1)
صنع في جسده من فعلٍ تكرر أو اختلف، فكفارة واحدة ما لم يكفِّر ثم يعود. فإذا كان في الرأس والجسد ولم يتكرر: فكفارة في الرأس، وكفارة في الجسد.
وعلى هذا القول فالتعدّد لتعدّد المحلّ، والاتحاد لاتحاده، فكل ما يصنع في الرأس من تغطية وحلق وغيره ففيه كفارة واحدة، وما يصنع في البدن ففيه كفارة؛ لأن أحكام الرأس في الحلق واللباس والطيب خالفت أحكام البدن، فوجب أن لا يدخل أحدهما في الآخر، فصارا كالشخصين.
وأما دخول بعض أفعال الرأس في بعض فهو مبني على تداخل الأجناس، وإنما اختار أبو بكر التداخل لأن من أصله أن الأجناس تتداخل كفارتها
…
(2)
، وأما الدّهن إذا أوجبنا به الكفارة، أو إزالة الوسخ مثل
(3)
السِّدر والخِطمي والرأس
(4)
والبدن، أو التزين
…
(5)
.
مسألة
(6)
: (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عَمْدُه وسهوه، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه)
.
في هذه المسألة فصول:
(1)
في المطبوع: «فأين ما» خلاف النسختين.
(2)
بياض في النسختين.
(3)
كذا في النسختين، ولعل الصواب:«بمثل» .
(4)
كذا في النسختين، ولعل الصواب:«من الرأس» .
(5)
بياض في النسختين.
(6)
انظر «المستوعب» (1/ 483) و «المغني» (5/ 381 وما بعدها) و «الشرح الكبير مع الإنصاف» (8/ 221 وما بعدها) و «الفروع» (5/ 398 وما بعدها).
أحدها
أن المحظور الذي يمكن تداركُه وإزالته عند الذكر ــ مثل اللباس والطيب ــ إذا فعله ناسيًا لإحرامه، أو جاهلًا بأنه حرام، فإذا ذَكر أو عَلِم فعليه أن يزيله في الحال، ولا كفارة عليه في إحدى الروايتين.
قال في رواية أبي طالب
(1)
: إذا وطئ ــ يعني ناسيًا ــ بطل حجُّه، وإذا قتل صيدًا، وحلق شعره لم يقدر على ردِّه، فهذه الثلاثة العمدُ والنسيانُ سواء، وكل شيء من النسيان بعد الثلاث فهو يقدر على ردِّه؛ مثل إذا غطَّى رأسه، ثم ذكر ألقاها عن رأسه وليس عليه شيء، أو لبس ثوبًا أو خفًّا وليس عليه شيء.
وقال في رواية ابن القاسم
(2)
: إن تعمَّد التغطيةَ وجب عليه، والناسي يفزع إلى التلبية.
ونحوه نقل حرب
(3)
. وهذا اختيار الخرقي
(4)
وأبي بكر وأكثر متقدمي أصحابنا، وهو اختيار الشيخ
(5)
.
والرواية الثانية: عليه الكفارة، قال في رواية ابن منصور
(6)
فيمن لبس قميصًا ناسيًا عشرة أيام: عليه كفارة واحدة ما لم يكفِّر.
(1)
كما في «التعليقة» (1/ 368).
(2)
كما في المصدر السابق.
(3)
كما في المصدر السابق.
(4)
كما في «مختصره» بشرحه «المغني» (5/ 391).
(5)
أي ابن قدامة هنا وفي «المغني» (5/ 391) و «الكافي» (1/ 415).
(6)
هو الكوسج في «مسائله» (1/ 589).
وهذه الرواية اختارها القاضي
(1)
وأكثر أصحابه، مثل الشريف
(2)
وابن عقيل وأبي الخطاب
(3)
وغيرهم. لأن ذلك محظور من محظورات الإحرام، فاستوى فيه العامد والساهي في وجوب الفدية كالحلق
(4)
وقتل الصيد والوطء.
ولأنه
(5)
سبب يوجب الفدية، فاستوى فيه العالم والجاهل كترك واجبات الحج.
ولأن ما يحظره الإحرام لا فرق فيه بين العامد والمخطئ، كتفويت الحج.
ولأن النسيان والجهل إنما هو عذر في فعل المحظور، ومحظورات الإحرام إذا فعلها لعذرٍ أو غير عذر فعليه الجزاء.
ووجه الأولى: ما روى يعلى بن أُمية أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل متضمِّخٌ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم في جبَّة بعدما تضمَّخ بطيب؟ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه الوحي، ثم سُرِّي عنه، فقال:«أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟» [ق 320] فالتُمِسَ الرجل فجيء به، فقال: «أما الطيب
(1)
في «التعليقة» (1/ 368).
(2)
في «رؤوس المسائل» (1/ 370).
(3)
في «الهداية» (ص 181).
(4)
في هامش النسختين: «يحتمل هذا من كلامه أن يكون الحلق والتقليم نوعًا واحدًا، فتتحد فديته. هـ هامشه بخط الناسخ» .
(5)
الواو ساقطة من المطبوع.
الذي بك فاغسِلْه ثلاث مرات، وأما الجبّة فانزِعْها، ثم اصنعْ في العمرة كما تصنع في حجك». متفق عليه
(1)
.
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بنَزْع المخيط، ولم يأمره
(2)
بفدية لما مضى؛ لأنه كان جاهلًا، وكذلك لم يأمره بفدية لأجل الطيب، إذْ
(3)
كان النهي عنه لأجل الإحرام.
فإن قيل: التحريم إنما ثبت في ذلك الوقت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم انتظر الوحي حين سئل
…
(4)
.
وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي أكل ناسيًا: «الله أَطْعمَك وسَقاك»
(5)
، فعُلِم أن فعل الناسي مضاف إلى الله، فلا يؤثّر في العبادة، ومثله يقال للكاسي: الله كساك، بل منافاة الأكل للصوم أشدُّ من منافاة اللُّبس للإحرام.
وأيضًا فإن الأصل فيما كان من باب المنهي عنه: أن لا يؤثِّر فعلُه مع النسيان في حقوق الله؛ لأن المسلمين لما قالوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، قال الله: قد فعلتُ
(6)
. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عُفِي
(1)
البخاري (4329، 4985) ومسلم (1180).
(2)
في المطبوع: «ولم يأمر» .
(3)
في النسختين: «إن» . ولعل الصواب ما أثبت.
(4)
بياض في النسختين. وانظر «التعليقة» (1/ 372، 373).
(5)
أخرجه أبو داود (2398) من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح. وأصله مخرَّج في «الصحيحين» وغيرهما بلفظ: «من أكل ناسيًا وهو صائم، فليتمَّ صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» ونحوه. البخاري (1933، 6669) ومسلم (1155).
(6)
كما أخرجه مسلم (126) عن ابن عباس في سبب نزولها.