الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة: من وافاها أولَ الليل فعليه أن يبيتَ بها، بمعنى أن يُقِيم بها، لا يجوز له الخروج منها إلى آخر الليل
.
قال أحمد في رواية حنبل
(1)
: وعليه أن يبيت بمزدلفة، وإن لم يبِتْ فعليه دم.
ثم إن كان من أهل الأعذار ــ مثل النساء، والصبيان، والمرضى، ومن يقوم بهم ــ فله الدفعُ منها في آخر الليل من غير كراهةٍ، كما تقدم. وأما غيرهم فالسنة له أن يقيم إلى أن يقف بعد طلوع الفجر.
وفي الوقت الذي يجوز الدفع فيه روايتان:
إحداهما: يجوز الدفع بعد نصف الليل، قال حرب
(2)
: قلت لأحمد: رجل خرج من المزدلفة نصف الليل، فأتى منًى وعليه ليل، يرمي الجمار؟ قال: نعم، أرجو أن لا يكون به بأس. قلت لأحمد: فإنه مضى من [منًى]
(3)
حتى أتى مكة، فطاف طواف الزيارة قبل أن يطلع الفجر؟ قال: لا يمكنه أن يأتي مكة بليل.
ولعل حربًا سأل أحمد عن هاتين المسألتين في وقتين؛ لأن في أول المسألة أنه أباح الإفاضة نصفَ الليل، وفي آخرها قال
(4)
: «لا يجوز الخروج من جَمْعٍ حتى يغيب القمر» ، وبينهما زمن جيد. وقال عنه في موضع آخر
(5)
وقد سئل عن الإفاضة من جَمْعٍ من غير عذر، فقال: أرجو،
(1)
كما في «التعليقة» (2/ 109).
(2)
انظر «التعليقة» (2/ 104).
(3)
الزيادة من هامش ق.
(4)
سيأتي ذكر هذه الرواية.
(5)
كما في «التعليقة» (2/ 104).
إلا أنه قال: في وجه السَّحَر.
وهذا قول القاضي
(1)
ومن بعده من أصحابنا، لما روي عن عائشة قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلةَ النحر، فرمَتِ الجمرة قبل الفجر، ثم مضتْ، فأفاضت، وكان ذلك اليومُ [اليومَ]
(2)
الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ تعني ــ عندها. [ق 371] رواه أبو داود
(3)
.
وفي رواية لابن أبي حاتم
(4)
: عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم سلمة قالت: قدَّمني النبي صلى الله عليه وسلم فيمن قدَّم من أهله ليلةَ المزدلفة، قالت: فرميتُ الجمرة بليلٍ، ثم مضيتُ إلى مكة، فصلَّيتُ بها الصبحَ، ثم رجعتُ إلى منًى».
قالوا: ومن المنزل إلى مكة نحو من سبعة أميال وأكثر
(5)
، ومن موقف الإمام بعرفة إلى باب المسجد الحرام بَريدٌ، اثنا عشر ميلًا. ومن يسير إلى منًى، ويرمي الجمرة، ويطوف للإفاضة، ثم يصلّي الصبح= لا يقطع سبعةَ أميال إلا أن يكون أفاضَ بليلٍ.
(1)
في المصدر السابق.
(2)
زيادة من أبي داود.
(3)
رقم (1942) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وقد اختُلف في إسناده، فروي موصولًا كما هنا، وروي عن عروة عن زينب عن أم سلمة، ورواه أصحاب هشام الحفّاظ عنه عن أبيه مُرسلًا وهو الصحيح. انظر «العلل» للدارقطني (3823) و «إرواء الغليل» (1077).
(4)
عزاها إليه القاضي في «التعليقة» (2/ 105). وقد أخرجها أيضًا الطبراني (23/ 268) وإسناده ضعيف. قال في «مجمع الزوائد» (3/ 257): «فيه سليمان بن أبي داود، قال ابن القطان: لا يعرف» . وانظر ما سبق.
(5)
في المطبوع: «أو أكثر» خلاف النسختين.