المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيت فعليه دم - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌باب الفدية

- ‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعامِ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ لستة مساكين، أو ذبحِ شاة)

- ‌فصلإذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيبَ لعذرٍ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور

- ‌فصليجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حلٍّ أو حرم، وكذا حيث جازت

- ‌مسألة(2): (وكذلك الحكم في كلِّ دم وجب لتركِ واجبٍ)

- ‌مسألة(5): (وجزاء الصيد مثل ما قتل من النَّعَم، إلا الطائر فإن فيه قيمته، إلا الحمامة فيها شاة، والنعامة فيها بدنة)

- ‌الفصل الثانيأن ما تقدم فيه حكمُ حاكمين(1)من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ما حكما، لا يحتاج إلى استئناف حكم ثانٍ

- ‌الفصل الثالثفيما قد(4)مضى فيه الحكم واستقرَّ أمره

- ‌ اليربوع

- ‌وفي جنين الصيد القيمة أيضًا؛ وهو أَرْشُ ما نقصَتْه الجناية

- ‌مسألة(2): (ويتخيَّر بين إخراج المثل أو تقويمِه بطعام، [فيُطعِمَ](3)كلَّ مسكين مدًّا، أو يصوم عن كل مدٍّ يومًا)

- ‌مسألة(1): (الضرب الثاني: على الترتيب، وهو هدي التمتع، يلزمه شاةٌ، فإن لم يجد فصيام(2)ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع)

- ‌إحداهن: عليه هديان(2): هدي متعته، وهدي آخر لتفريطه

- ‌والرواية الثانية: ليس عليه إلا هدي التمتع فقط

- ‌والرواية الثالثة: إن أخَّره لعذرٍ لم يلزمه إلا هدي واحد، وإن أخَّره عمدًا فعليه هديانِ

- ‌ إذا مات ولم يصم السبعة أيام يُطعَم عنه بمكة موضع وجب عليه

- ‌أحدها: أن يعتمر في أشهر الحج

- ‌الشرط الثاني: أن يحجَّ من عامه ذلك

- ‌الشرط الثالث: أن لا يسافر بعد العمرة

- ‌الشرط الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام

- ‌مسألة: (وفدية الجماع بَدَنةٌ، فإن لم يجد فصيامٌ كصيام التمتُّع، وكذلك الحكم في البدنة الواجبة بالمباشرة ودم الفوات)

- ‌ مسألة(5): (والمُحْصَر يلزمه دمٌ، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام)

- ‌مسألة(3): (ومن كرَّر محظورًا من جنسٍ غيرِ قتل الصيد فكفارة واحدة، إلا أن يكون قد كفّر عن الأول، فعليه للثاني كفارة، وإن فعل محظورًا من أجناسٍ فلكل واحدٍ كفارة)

- ‌الفصل الثانيأن الصيد تتعدد كفارته بتعدُّد قتله

- ‌هل شعر الرأس وشعر البدن جنس أو جنسان؟ على روايتين منصوصتين:

- ‌مسألة(6): (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عَمْدُه وسهوه، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه)

- ‌الفصل الثانيأنه إذا قتل الصيد ناسيًا أو جاهلًا فعليه الكفارة، كما على العامد

- ‌الفصل الثالثإذا حلق شعرًا وقلَّم ظُفرًا ناسيًا أو مخطئًا أو جاهلًا، فالمنصوص عنه أن فيه الكفارة

- ‌مسألة(3): (وكلُّ هَدْي أو إطعام فهو لمساكين الحرم، إلا فديةَ الأذى يُفرِّقها في الموضع الذي حلق، وهديَ المحصر ينحره في موضعه، وأما الصيام فيجزئه بكل مكان)

- ‌الفصل الثانيأن الإطعام الواجب حيث يجب الهدي حكمه حكم ذلك الهدي

- ‌الفصل الثالثأن الصوم يُجزئ بكل مكان

- ‌باب دخول مكة

- ‌مسألة(1): (يُستحبُّ أن يدخل مكة(2)من أعلاها)

- ‌مسألة(2): (ويدخل المسجدَ من باب بني شيبة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة(2): (فإذا رأى البيت رفع يديه وكبَّر الله وحَمِدَه ودعا)

- ‌مسألة(1): (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، وبطواف القدوم إن كان مفرِدًا أو قارنًا)

- ‌مسألة(2): (ويضطبع بردائه، فيجعل وسطَه تحت عاتقه الأيمن، وطرفَيه على الأيسر)

- ‌مسألة(4): (ويبدأ بالحجر الأسود، فيستلمه ويقبِّله، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم(5)إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ الركن الأسود يمينُ الله عز وجل في الأرض

- ‌مسألة(1): (يرمُلُ في الثلاثة الأُوَل من الحجر إلى الحجر، ويمشي في الأربعة)

- ‌الفصل الثانيما يقوله إذا استلم الركنين

- ‌مسألة(3): (ثم يصلِّي ركعتين خلفَ المقام)

- ‌مسألة(2): (ويعود إلى الركن فيستلمه، ويخرج إلى الصفا من بابه)

- ‌مسألة(3): (ثم يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتيه فيرقَى عليه، ويكبِّر الله ويهلِّله ويدعوه، ثم ينزِل فيمشي إلى العَلَم، ثم يسعى إلى العلم الآخر، ثم يمشي إلى المروة، فيفعل كفعله على الصفا

- ‌مسألة(1): (ثم يُقصِّر من شعره إن كان معتمرًا، وقد حلَّ إلا المتمتع إن كان معه هديٌ، والقارن والمفرد فإنه لا يحلُّ)

- ‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

- ‌الرواية الثالثة: إن قدِمَ في العشر لم ينحَرْ ولم يحِلَّ، وإن قدِمَ قبل العشر نحَرَ وحلَّ إن شاء

- ‌مسألة(1): (والمرأة كالرجل إلا أنها لا ترمُلُ في طواف ولا سعي)

- ‌باب صفة الحج

- ‌مسألة(1): (وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالًا أحرم من مكة، وخرج إلى عرفات)

- ‌الفصل الثالثأنهم يبيتون بمنًى حتى تطلع الشمس على ثَبِيرٍ

- ‌مسألة(1): (فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلَّى الظهر والعصر يجمع بينهما)

- ‌مسألة: (ويستقبل القبلة)

- ‌مسألة(2): (ويكون راكبًا)

- ‌مسألة(1): (ويُكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس)

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزِمَينِ وعليه السكينة والوقار، ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل

- ‌مسألة(3): (فإذا وصل إلى مزدلفة صلّى المغرب والعشاء قبل حطِّ الرحال، يجمع بينهما)

- ‌هذا الجمع مسنون لكل حاجّ من المكيين وغيرهم

- ‌مسألة(1): (ثم يبيتُ بها)

- ‌مسألة(2): (ثم يصلّي الفجر بغَلَسٍ)

- ‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقَفتَنا(3)فيه، وأريتَنا إيّاه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع قبل طلوع الشمس، فإذا بلغ محسِّرًا أسرع قدرَ رَمْيةٍ(3)بحجرٍ حتى يأتي منًى)

- ‌مسألة(2): (حتى يأتي منًى فيبدأ بجمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات كحصى الخَذْف، يكبّر مع كل حصاة

- ‌الفصل الثانيأن يرميها بسبع حصيات

- ‌الفصل الثالثأنه يستحبّ أن يكون الحصى كحصى الخَذْف

- ‌الفصل الرابعأنه(2)يكبر مع كل حصاة، ويرفع يده في الرمي

- ‌الفصل الخامسأنه يقطع التلبية مع ابتداء الرمي

- ‌الفصل السادسأن السنة أن يرميها من بطن الوادي

- ‌الفصل السابعأنه يستقبل القبلة، فيجعل الجمرة عن يمينه ومنى وراءه

- ‌الفصل الثامنأنه لا يقف عندها

- ‌مسألة(1): (ثم ينحر هَدْيه)

- ‌مسألة(4): (ثم يحلق ويقصِّر)

- ‌مسألة(5): (ثم قد حلَّ له كل شيء إلا النساء)

- ‌مسألة(4): (ثم يُفيض إلى مكة فيطوف للزيارة؛ وهو الطواف الذي به تمام الحج)

- ‌مسألة(1): (ثم يسعى بين الصفا والمروة إن(2)كان متمتعًا، أو ممن لم يسْعَ مع طواف القدوم)

- ‌مسألة(4): (ثم قد حلَّ من كل شيء)

- ‌مسألة(1): (ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما أحبّ، ويتضلَّع منه ثم يقول: اللهم اجعلْه لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا وشبعًا

- ‌بابما يفعله بعد الحلّ

- ‌مسألة(1): (ثم يرجع إلى منًى، ولا يبيت لياليها إلا بها)

- ‌مسألة(2): (فيرمي بها الجمار بعد الزوال من أيامها، كلّ جمرة بسبع حَصَياتٍ، يبتدئ(3)بالجمرة الأولى

- ‌الفصل الثانيأنه يرمي كل جمرة بسبع حصيات

- ‌الفصل الرابعأنه يستقبل القبلة عند رمي الأُولَيينِ

- ‌مسألة: (لكن عليه وعلى المتمتع دم؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

- ‌مسألة(7): (وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودِّع البيت بطوافٍ عند فراغه من جميع أموره، حتى يكون آخرَ عَهْدِه بالبيت)

- ‌مسألة: (فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده)

- ‌مسألة: (ويُستحبّ له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب، فيلتزم البيتَ ويقول: «اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك

- ‌مسألة: (ومن خرج قبل الوداع رجع إن كان قريبًا، وإن أبعدَ(4)بعثَ بدمٍ)

- ‌مسألة(6): (إلا الحائض والنُّفَساء فلا وداعَ عليهما، ويستحبُّ لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا)

- ‌بابأركان الحج والعمرة

- ‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

- ‌أما إن وقف قبل الزوال ففيه روايتان:

- ‌فصلفإن طاف على غير طهارة، ففيه روايتان:

- ‌الشرط الثالث: أن يكون طاهرًا من الخَبَث

- ‌الشرط الرابع: السترة

- ‌الشرط الخامس: أن يطوف سبعة أطوافٍ

- ‌الشرط الثامن: الموالاة

- ‌الشرط التاسع: أن يطوف بالبيت جميعِه، فلا يطوف في شيء منه

- ‌الشرط العاشر: أن يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح

- ‌مسألة(3): (وواجباته: الإحرام من الميقات)

- ‌مسألة(3): (والوقوف بعرفة إلى الليل)

- ‌فصللا يجوز له أن يُفيض من عرفات قبل غروب الشمس

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل)

- ‌وأحكام جَمْعٍ مضطربةٌ تتلخَّص في مسائل:

- ‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيتُ فعليه دم

- ‌الخامسة: من وافاها أولَ الليل فعليه أن يبيتَ بها، بمعنى أن يُقِيم بها، لا يجوز له الخروج منها إلى آخر الليل

- ‌الرواية الثانية: لا تجوز الإفاضة قبل مَغيبِ القمر

- ‌يتوجَّه وجوب الوقوف بعد الفجر لغير أهل الأعذار

- ‌مسألة(1): (والسعي)

- ‌أما الطهارة فتُسَنُّ له، ولا تُشترط

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمنًى)

- ‌مسألة(3): (والرمي)

- ‌فصلوأما ركعتا الطواف

- ‌مسألة(4): (والحلق)

- ‌مسألة(3): (وطواف الوداع)

- ‌مسألة(3): (وأركان العمرة: الطواف، وواجباتها: الإحرام والسعي والحلق)

- ‌مسألة: (فمن ترك ركنًا لم يتمَّ نسكُه إلا به، ومن ترك واجبًا جَبَرَه بدم، ومن ترك سنةً فلا شيء عليه)

- ‌مسألة(1): (ومن لم يقفْ بعرفة حتى طلع الفجرُ يومَ النحر فقد فاته الحج، فيتحلَّلُ بطواف وسعي، وينحر هديًا إن كان معه، وعليه القضاء)

الفصل: ‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيت فعليه دم

‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيتُ فعليه دم

، هذا هو المذهب المنصوص في رواية صالح وغيره.

ويحتمل كلامه في رواية حنبل وأبي طالب إذا تركها لعذرٍ لا شيء عليه.

وخرَّج القاضي

(1)

وابن عقيل فيمن لم يمرَّ بها حتى طلعت الشمس، أو أفاض منها أول الليل: لا شيء عليه؛ تخريجًا من إحدى الروايتين في المبيت بمنى؛ لأن المبيت ليس بمقصود لنفسه، وإنما يُقصد للوقوف في غداتها، وذلك ليس بواجب، فما يُقصد له أولى.

وهذا التخريج

(2)

فاسد على المذهب، باطل في الشريعة؛ فإنّ بين الوقوف بمزدلفة والمبيت بمنى من المباينة في الكتاب والسنة، ما لا يجوز معه إلحاقُ أحدهما بالآخر، إلا كإلحاق الوقوف بين الجمرتين بالوقوف بعرفة.

وقولهم: «ليس بمقصودٍ» ، قد منعه من يقول: إن الوقت يمتدُّ إلى طلوع الفجر.

والتحقيق: أن المقصود هو الوقوف بالمشعر الحرام، ووقته من أواخر الليل إلى طلوع الشمس كما سيأتي.

الرابعة: أنه يفوت وقتها بطلوع الفجر، فمن لم يدركها قبل ذلك فعليه دم. هذا هو الذي ذكره القاضي

(3)

وعامة أصحابنا بعده؛ لقول أحمد: وعليه

(1)

في «التعليقة» (2/ 109).

(2)

ق: «تخريج» .

(3)

في «التعليقة» (2/ 109).

ص: 343

أن يبيت بالمزدلفة، فإن لم يبت فعليه دم. لأن الواجب هو المبيت بالمزدلفة، والمبيت إنما يكون بالليل كالمبيت بمنى، فإذا طلع الفجر ذهب وقت المبيت.

وأصحاب هذا القول لا يرون الوقوف بالمزدلفة واجبًا، وإنما الواجب عندهم المبيتُ بها، ولا يرون الوقوف غداةَ جَمْعٍ من جنس الواجب، بل من جنس الوقوف بين الجمرتين.

وهذا القول في غاية السقوط لمن تدبَّر الكتاب والسنة ونصوصَ الإمام أحمد والعلماء قبله.

ونقل عنه صالح

(1)

في رجل فاته الوقوفُ بجمعٍ، وقد وقف بعرفة، ومرَّ بجَمْعٍ بعد طلوع الشمس، قال: عليه دم.

ونقل عنه المرُّوذي

(2)

: إذا وقف بعرفة، فغلبه النومُ حتى طلعت الشمس، عليه دم.

فأوجب الدم بفوات الوقوف بها إذا طلعت الشمس.

وكذلك قال في رواية أبي طالب

(3)

: إذا لم يقف بجَمْعٍ عليه دم، ولكن يأتي جمْعًا

(4)

فيقف قبل الإمام ويُجزِئه.

فجعل الموجب للدم عدم الوقوف، فإذا وقف مع الإمام أو قبله فلا دم

(1)

في «مسائله» (2/ 198).

(2)

كما في «التعليقة» (2/ 109).

(3)

المصدر نفسه (2/ 109).

(4)

في النسختين: «جمع» .

ص: 344

عليه، وكذلك احتج بحديث عمر لما انتظر الأعرابي، وإنما جاء بعد طلوع الفجر.

وعلى هذا إذا لم يقف قبل طلوع الفجر فعليه أن يقف بعد طلوعه، وهذا هو الصواب أن وقت الوقوف لا يفوت إلى طلوع الشمس، فمن وافاها قبل ذلك فقد وقف بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بها وأفاض قبيلَ طلوع الشمس، وهذا هو

(1)

الوقوف المشروع في غداتها، [و] هو المقصود الأعظم من الوقوف بمزدلفة، وبه يتمُّ امتثالُ قوله:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الآية. وإليه الإشارة بقوله: «هذا هو الموقف، وجَمْعٌ كلها موقف، وارفعوا عن بطن مُحسِّر»

(2)

. وهذا نظير الوقوف عشية عرفة، وأحد الموقفين الشريفين، فكيف لا يكون له تأثير في الوجوب وجودًا وعدمًا؟ أم كيف لا يكون هذا الزمان وقتًا للنُّسك المشروع بمزدلفة؟

وأيضًا فإن عروة بن مُضرِّس أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمزدلفة حين خرج لصلاة الفجر، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«من أدرك معنا هذه الصلاةَ، ووقف معنا حتى نَدفعَ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا، فقد تمَّ حجُّه وقضى تَفَثَه»

(3)

.

وهذا نصٌّ في [أن] مزدلفة تُدرَك بعد طلوع الفجر كما تُدرَك قبل الفجر؛ لأن هذا السائل إنما وافاها بعد طلوع الفجر، وأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء حجّه،

(1)

«هو» ساقطة من المطبوع.

(2)

سبق تخريجه.

(3)

سبق تخريجه.

ص: 345

ولم يُخبره أن عليه دمًا، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا يصح أن يقال: فلعله دخل فيها قبل الفجر

(1)

.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من أدرك الصلاة والموقفَ بجَمْعٍ، ووقف قبل ذلك بعرفات، فقد تمَّ حجه، ولم يذكر دمًا ولا غيره، ولم يشترط إدراك مزدلفة قبل الفجر، بل نصَّ على الاكتفاء بإدراك الوقوف مع الناس.

وفي لفظ: «من أدرك إفاضتَنا هذه»

(2)

. والإفاضة قبيلَ طلوع الشمس، فأين يُذهَب عن هذا

(3)

البيان الواضح من النبي صلى الله عليه وسلم.

ولأن من أدرك عرفة [ق 370] قبيلَ الفجر فمحال أن يُدرِك المزدلفة تلك الليلة، فلو كان هذا المدرك لعرفة قد فاتته المزدلفة وعليه دم لم يصحَّ أن يقال: من أدرك عرفة أدرك الحج مطلقًا، فإنه قد فاته بعض الواجبات، بل أعظم الواجبات؛ ولذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون بعده صرَّحوا بأن من طلع عليه الفجر بعرفة فقد أدرك الحج، من غير ذكرٍ لدمٍ ولا تفويتِ الوقوفِ بالمزدلفة.

وأيضًا فإيجاب النُّسك باسم المبيت بمزدلفة لم ينطِقْ [به] كتاب ولا سنة ولا ذكره الصحابة والتابعون، بل الذي في كتاب الله قوله:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، وهذا يقتضي التعقيب؛ لقوله:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} .

(1)

بياض في النسختين.

(2)

سبق تخريجه.

(3)

«هذا» ساقطة من المطبوع.

ص: 346

فمن أفاض من عرفات عند طلوع الفجر، يذكر الله إذا أفاض بعد طلوع الفجر بنصّ الآية.

وأيضًا فإن الله أمر كلَّ مُفيضٍ من عرفات بذكره عند المشعر الحرام، فلو كان وقت هذا الواجب يفوت بطلوع الفجر، لم يُمكِن كلَّ مفيضٍ امتثالُ هذا الأمر.

وأيضًا فإن وقت التعريف يمتدُّ إلى طلوع الفجر، فلا بدَّ أن يكون عقيبَه وقتٌ للمشعر الحرام؛ لئلا يتداخل وقت هذين النسكين.

وأما السنة: فإن النبي صلى الله عليه وسلم[ذكر]

(1)

الوقوف بالمزدلفة، وشهود صلاة الصبح، والوقوف معه، وإنما جاء المبيت بمزدلفة تبعًا، لأن الوقوف بعد الفجر، وإنما يكون ذلك بعد المبيت، فكيف يكون المقصود تبعًا والتبع مقصودًا؟!

وأيضًا فما روى إبراهيم عن الأسود: أن رجلًا قدِمَ على عمر بن الخطاب وهو بجَمْعٍ بعدما أفاض من عرفات

(2)

، فقال: يا أمير المؤمنين، قدمتُ الآنَ، فقال: أما كنتَ وقفتَ بعرفات؟ قال: لا، قال: فائْتِ عرفَة، وقِفْ بها هُنَيَّةً

(3)

، ثم أَفِضْ. فانطلق الرجل، وأصبح عمر بجَمْعٍ، وجعل يقول: أجاء الرجل؟ فلما قيل: قد جاء، أفاض. رواه سعيد بإسناد صحيح

(4)

، واحتج به أحمد.

(1)

مكانه بياض في النسختين.

(2)

في المطبوع: «بعرفات» خلاف النسختين.

(3)

في المطبوع: «هنيهة» خلاف النسختين. وانظر «تاج العروس» (هنو).

(4)

وأخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (1440) بنحوه. وفي إسناده لين من أجل الحجاج بن أرطاة.

ص: 347

فهذا رجل إنما أدرك الناس قبيل

(1)

الإفاضة من جَمْع؛ لأن مجيئه إلى مزدلفة قبل التعريف لا أثر له، فإن مزدلفة إنما يصحُّ المبيت والوقوف بها بعد عرفة، ومع هذا لم يأمره عمر بدم، بل انتظره ليقف مع الناس، ولو كان وقت الواجب

(2)

قد ذهب لما كان لانتظاره معنًى.

وأيضًا فإن الوقوف بالمزدلفة بعد الوقوف بعرفة بنصّ الكتاب

(3)

والسنة. والعبادات المتعاقبة لا يجوز دخول وقت إحداهما في وقت الأخرى، كأوقات الصلوات. ووقت عرفة يمتدُّ إلى طلوع الفجر، فلو كان وقت مزدلفة ينتهي إلى ذلك الوقت لكان وقت مزدلفة بعضَ وقت عرفة، وذلك لا يجوز.

وأما قولهم: المبيت بمزدلفة واجب.

قلنا: هذا غير مسلَّم، فإن من أدركها في النصف الثاني أو قبيلَ طلوع الفجر لا يُسمَّى بائتًا بها، ألا ترى أن المبيت بمنى لما كان واجبًا لم يجزْ أن يبيتَ بها لحظةً من آخر الليل حتى يبيتَ بها معظمَ الليل. نعم من أدركها أولَ الليل فعليه أن يبيت بها إلى آخر الليل؛ لأجل أن الوقوف المطلوب هو في النصف الآخر، وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب، وصار هذا مثل الوقوف الواجب بعرفة هو آخر النهار، فإذا نزلوا بنَمِرَة أقاموا إلى نصف النهار لانتظار الوقوف، لا لأن النزول بنَمِرةَ هو المقصود، ولو تأخَّر الإنسان إلى وقت الوقوف أجزأ، كذلك هنا.

(1)

في المطبوع: «قبل» .

(2)

في المطبوع: «الوجوب» .

(3)

في النسختين: «القرآن» . والمثبت من هامشهما بعلامة ص.

ص: 348