الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُشترى، وإنما تُدخَل وقتَ الوقوف.
مسألة
(1)
: (فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلَّى الظهر والعصر يجمع بينهما)
.
قال أبو عبد الله في رواية المرُّوذي: فإذا أتيتَ فقل: «اللهم هذه عرفة، عرِّفْ بيننا وبين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم» . واغتسِلْ إن أمكنك، وصلِّ مع الإمام الظهر والعصر، فإن لم تدرِكْ الإمام جمعتَ بينهما، ثم صرتَ إلى عرفات، فوقفتَ على قربٍ من الإمام في أصل الجبل إن استطعت. وعرفات كلها موقف، وارفَعْ عن بطن عُرَنة، وقل:«الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير» . وذكر دعاء كثيرًا.
وجملة ذلك: أنه إذا زالت الشمس فإن الإمام والناس يقصدون مصلَّى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو بطن وادي عُرَنة حيث خطب بالناس وصلَّى بهم، فيخطب الإمام بالناس، ويصلِّي بهم الصلاتين يجمع بينهما، ثم يسيرون إلى الموقف بعرفة.
قال جابر: «حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقَصْواء
(2)
فرُحِلَتْ له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، ثم أذّن، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف».
(1)
انظر «المستوعب» (1/ 505) و «المغني» (5/ 262) و «الشرح الكبير» (9/ 155) و «الفروع» (6/ 47، 48).
(2)
في النسختين: «القصوى» وسبق التعليق عليها.
رواه مسلم
(1)
، وفي حديث ابن عمر نحوه، وقد تقدم.
وعن سالم قال: كتب عبد الملك إلى الحَجَّاج أن لا يُخالفَ ابنَ عمر في الحج، فجاء ابن عمر وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس، فصاح عند سُرادِق
(2)
الحَجَّاج، فخرج وعليه مِلْحَفةٌ معصفرة، فقال: ما لك
(3)
يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرَّواحَ إن كنت تريد السنة، قال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأَنظِرْني حتى أُفِيضَ على رأسي ثم أخرج. فنزل حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت: إن كنت تريد السنة فاقْصُرِ الخطبةَ وعَجِّل الوقوف، فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق. رواه البخاري والنسائي
(4)
.
وعن ابن عمر قال: لما قتل الحجاج ابن الزبير أرسل إلى ابن عمر أيَّة ساعةٍ
(5)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروح في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذلك رُحْنا، فلما أراد ابن عمر أن يروح قال:[أزاغت الشمس؟]
(6)
قالوا: لم تَزِغ الشمس، قال: أزاغتْ؟ قالوا: لم تزغ، قال: فلما قالوا: قد زاغتْ، ارتحلَ.
(1)
رقم (1218). وقد سبق.
(2)
هو الفسطاط أو نحوه يجتمع فيه الناس.
(3)
في المطبوع: «ما بالك» . وأشار في الهامش إلى أنها كذلك في النسختين! والمثبت هو الموجود فيهما وفي مصادر التخريج.
(4)
البخاري (1660، 1663) والنسائي (3005). وكتب في هامش النسختين: «إذا كان أمير الحج فاسقًا فإنه يصلَّى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى. هذا مقتضى ما يذكرونه في عقائد السنة، كما يصلَّى خلفه الجمعة والعيدين» .
(5)
في النسختين: «ائت لساعة» تحريف. والتصويب من مصادر التخريج.
(6)
زيادة من المصادر ليستقيم السياق.
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه
(1)
.
فعلى هذا يسيرون إلى بطن الوادي فينزلون، فيسمعون الخطبة ويصلُّون، ثم يركبون إلى الموقف، وأما الأحمال فعلى حالها.
ولم يكن في هذا المصلَّى على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه مسجدٌ.
قال مالك بن أنس
(2)
رضي الله عنه: لم يكن بعرفة مسجد منذ كانت، وإنما أُحدِث مسجدها بعد بني هاشم بعشر سنين، وكان الإمام يخطب منها موضع يخطب اليوم، ويصلي بالناس فيه.
وقد ذكر الأزرقي
(3)
: أن من حد الحرم إلى هذا المسجد ألفا
(4)
ذراع وستمائة ذراع وخمس أذرُعٍ، وأنه من الغار الذي بعُرَنة ــ وهو منزل النبي صلى الله عليه وسلم ــ إلى هذا المسجد ألفا ذراع وأحد عشر ذراعًا.
ويسمون هذا المسجد مسجد إبراهيم، وربما قال:
…
(5)
، وهذا المسجد ببطن عُرَنة، وليس هو من عرفات، فتكون الخطبة والصلاة يوم عرفة ببطن عُرَنة.
وقد أعرض جمهور الناس في زماننا عن أكثر هذه السنن، فيوافون عرفة
(1)
أحمد (4782) وأبو داود (1914) وابن ماجه (3009) بإسناد فيه جهالة، ولكن رواية البخاري السابقة تشهد لأصل القصة.
(2)
كما في «المدونة الكبرى» (2/ 399).
(3)
«أخبار مكة» (2/ 188 - 189).
(4)
كذا في النسختين. وعند الأزرقي: «ألف» .
(5)
بياض في النسختين.
من أول النهار، وربما دخلها كثير منهم ليلًا، وبات بها، وأوقدَ النيران بها، وهذا بدعة وخلافٌ
(1)
للسنة. ويتركون إتيانَ نَمِرَة والنزولَ بها؛ فإنها عن يمين الذي يأتي عرفة من طريق المأزمَيْن، يمانيَّ المسجد الذي هناك كما تقدم تحديدها، ومن قصدَ عرفات من طريق ضَبٍّ كانت على طريقه. ولا يجمعون الصلاتين ببطن عُرَنة بالمسجد هناك، ولا يعجِّلون الوقوف الذي هو الركوب وشدُّ الأحمال، بل يخلطون موضعَ النزول أولَ النهار بموضع الصلاة والخطبة، بموضع الوقوف. ويتخذون الموقف سوقًا، وإنما كانت الأسواق بين الحرم والموقف
…
(2)
.
فإذا لم يفعل الإمام فمن أمكنه
…
(3)
.
فصل
والسنة أن يخطب بهم الإمام ببطن عُرَنة موضعَ المسجد قبل الوقوف، يخطب ثم يصلِّي. وهذه الخطبة سنة مجمع عليها؛ قال أحمد: خطبة يوم عرفة لم يختلف الناس فيها. وقد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم جابر وابن عمر ــ كما تقدم ــ وابن عباس، وجابر بن سمرة، ونُبيط بن شَرِيط، والعدّاء بن خالد، وغيرهم:
[فعن] سلمة بن نُبيط عن أبيه ــ وكان قد حجّ مع النبي صلى الله عليه وسلم ــ قال: رأيته يخطب يومَ عرفة على بعيره. رواه الخمسة إلا الترمذي
(4)
.
(1)
في المطبوع: «خلافًا» .
(2)
بياض في النسختين.
(3)
بياض في النسختين.
(4)
رواه أحمد (18721) وأبو داود (1916) والنسائي (3007، 3008) وابن ماجه (1286)، من طرقٍ عن سلمة بن نُبيط به، وهو إسناد صحيح متصل، إلا أنه في رواية أبي داود من طريق عبد الله بن داود الخُرَيبي:«عن سلمة بن نُبيط، عن رجل من الحي، عن أبيه» . ورواية الجمهور أصح، لا سيما وأن فيها رواية النسائي من طريق سفيان الثوري عن سلمة به، فسفيان (97 - 161 هـ) أكبر وأقدم من عبد الله بن داود (126 - 213 هـ) بكثير، وسلمةُ بن نبيط قال البخاري:«يقال إنه كان اختلط في آخر عمره» ، فتكون رواية سفيان عنه قبل اختلاطه، ورواية عبد الله بن داود عنه بعد اختلاطه. انظر «الضعفاء» للعقيلي (2/ 554).
وعن العدّاء بن خالد بن هَوْذة قال: رأيتُ رسول [ق 343] الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عرفة على بعيرٍ قائمًا في الرِّكابينِ. رواه أحمد وأبو داود
(1)
.
قال أصحابنا: إذا زالت الشمس خطبهم خطبة يعلِّمهم فيها المناسك من موضع الوقوف، ووقت الدفع من عرفات، وموضع صلاة المغرب والعشاء بمزدلفة، والمبيت والغدوّ إلى منًى للرمي والنحر، والطواف والتحلُّل، والمبيت بمنًى لرمي الجمار ــ زاد أبو الخطاب
(2)
«وقت الوقوف» ، ولا حاجة إليه، فإنه قد دخل ــ لما روى يحيى بن حُصَين قال: سمعت جدَّتي تقول
(3)
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات يقول: «غفر الله للمحلِّقين» ثلاث مرات، قالوا: والمقصِّرين؟ فقال: «والمقصِّرين» في الرابعة. رواه أحمد
(4)
.
(1)
رواه أحمد (20335) وأبو داود (1917) بإسناد صحيح. وقد روي بسياق أتمّ مطوّلًا عند أحمد (20336) والطبراني في «الكبير» (18/ 11). قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 254): «رجال الطبراني موثّقون» .
(2)
في «الهداية» (ص 191).
(3)
في النسختين: «جدي يقول» خطأ. والتصويب من مصدر التخريج.
(4)
رقم (27264)، وهو في «صحيح مسلم» (1303) بنحوه.
وعن محمد بن قيس بن مَخْرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة فقال: «[هذا]
(1)
يوم الحج الأكبر، إنَّ من كان قبلكم من أهل الأوثان والجاهلية يُفِيضون إذا الشمس على الجبال كأنها عمائم الرجال، ويدفعون من جَمْعٍ إذا أشرقتْ على الجبال كأنها عمائم الرجال، فخالف هَدْيُنا هديَ الشرك والأوثان». رواه أبو داود في «المراسيل»
(2)
.
وفي حديث علي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة، قال:«وقفتُ هاهنا، وعرفة كلها موقف»
(3)
.
وعن ابن عمر: أن عمر خطب الناسَ بعرفة، فعلَّمهم أمرَ الحج. رواه مالك
(4)
.
فقد تبيَّن أن هذه الخطبة ذكر فيها أمر الوقوف بعرفة ومزدلفة والحلق، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم في خطبته جوامع من أمور الدين والشريعة كما ذكر جابر بن عبد الله.
وعن جابر بن سَمُرة في حديثه في اثني عشر خليفةً: أنه سمع من
(1)
زيادة من مصدر التخريج.
(2)
رقم (151). ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (15416). وهو ضعيف لإرساله وللانقطاع بين ابن جريج ومحمد بن قيس بن مخرمة، فقد جاء ذلك مصرَّحًا عند ابن أبي شيبة بلفظ:«عن ابن جريج قال: أُخبرت عن محمد بن قيس» .
(3)
هذا لفظ حديث جابر أخرجه مسلم (1218/ 149) وغيره. أما حديث علي فأخرجه أحمد (562، 1348) بلفظ: «هذا الموقف، وعرفة كلها موقف» ، وبنحوه الترمذي (885) وقال:«حديث حسن صحيح» .
(4)
في «الموطأ» (1/ 410).
النبي صلى الله عليه وسلم بعرفاتٍ وهو يخطب. رواه أحمد
(1)
.
وعن ابن عباس
…
(2)
.
قال أصحابنا: ويخطب عقب الزوال، ثم يأمر بالأذان، وينزل فيصلِّي بالناس الظهر والعصر، فتكون الخطبة بين [الزوال]
(3)
والأذان.
قال أحمد: الصلاة بعد
(4)
الخطبة. هكذا يصنع الناس، لا يُشرَع في الأذان حتى يقضي الخطبة؛ لأن حديث جابر الذي في «الصحيح» قال فيه
(5)
: «فأتى بطنَ الوادي، وذكر خطبته، فخطب الناس، ثم أذّن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر» . رواه مسلم
(6)
وغيره
…
(7)
.
(1)
رقم (20880). وإسناده ضعيف فيه مجالد بن سعيد، وقد تفرّد بذكر أن ذلك كان بعرفات، وقد صحّ عند مسلم (1822) أن ذلك كان «يومَ الجمعة عشيةَ رجم الأسلمي» .
(2)
بياض في النسختين. وحديث ابن عباس هذا في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11399). قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 271): رجاله ثقات.
(3)
زيادة ليستقيم السياق.
(4)
في النسختين: «قبل» . والتصويب من هامشهما.
(5)
«فيه» ساقطة من المطبوع.
(6)
رقم (1218).
(7)
بياض في النسختين. وفي هامشهما: «سقط هاهنا ورقة أو اثنتان» . وكان السقط يشتمل على شرح قوله في «العمدة» : «بأذان وإقامتين، ثم يروح إلى الموقف، وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة. ويستحب أن يقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم أو قريبًا منه على الجبل قريبًا من الصخرة، ويجعل حَبْل المشاة بين يديه» .