المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقفتنا(3)فيه، وأريتنا إياه، فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌باب الفدية

- ‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعامِ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ لستة مساكين، أو ذبحِ شاة)

- ‌فصلإذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيبَ لعذرٍ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور

- ‌فصليجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حلٍّ أو حرم، وكذا حيث جازت

- ‌مسألة(2): (وكذلك الحكم في كلِّ دم وجب لتركِ واجبٍ)

- ‌مسألة(5): (وجزاء الصيد مثل ما قتل من النَّعَم، إلا الطائر فإن فيه قيمته، إلا الحمامة فيها شاة، والنعامة فيها بدنة)

- ‌الفصل الثانيأن ما تقدم فيه حكمُ حاكمين(1)من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ما حكما، لا يحتاج إلى استئناف حكم ثانٍ

- ‌الفصل الثالثفيما قد(4)مضى فيه الحكم واستقرَّ أمره

- ‌ اليربوع

- ‌وفي جنين الصيد القيمة أيضًا؛ وهو أَرْشُ ما نقصَتْه الجناية

- ‌مسألة(2): (ويتخيَّر بين إخراج المثل أو تقويمِه بطعام، [فيُطعِمَ](3)كلَّ مسكين مدًّا، أو يصوم عن كل مدٍّ يومًا)

- ‌مسألة(1): (الضرب الثاني: على الترتيب، وهو هدي التمتع، يلزمه شاةٌ، فإن لم يجد فصيام(2)ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع)

- ‌إحداهن: عليه هديان(2): هدي متعته، وهدي آخر لتفريطه

- ‌والرواية الثانية: ليس عليه إلا هدي التمتع فقط

- ‌والرواية الثالثة: إن أخَّره لعذرٍ لم يلزمه إلا هدي واحد، وإن أخَّره عمدًا فعليه هديانِ

- ‌ إذا مات ولم يصم السبعة أيام يُطعَم عنه بمكة موضع وجب عليه

- ‌أحدها: أن يعتمر في أشهر الحج

- ‌الشرط الثاني: أن يحجَّ من عامه ذلك

- ‌الشرط الثالث: أن لا يسافر بعد العمرة

- ‌الشرط الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام

- ‌مسألة: (وفدية الجماع بَدَنةٌ، فإن لم يجد فصيامٌ كصيام التمتُّع، وكذلك الحكم في البدنة الواجبة بالمباشرة ودم الفوات)

- ‌ مسألة(5): (والمُحْصَر يلزمه دمٌ، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام)

- ‌مسألة(3): (ومن كرَّر محظورًا من جنسٍ غيرِ قتل الصيد فكفارة واحدة، إلا أن يكون قد كفّر عن الأول، فعليه للثاني كفارة، وإن فعل محظورًا من أجناسٍ فلكل واحدٍ كفارة)

- ‌الفصل الثانيأن الصيد تتعدد كفارته بتعدُّد قتله

- ‌هل شعر الرأس وشعر البدن جنس أو جنسان؟ على روايتين منصوصتين:

- ‌مسألة(6): (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عَمْدُه وسهوه، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه)

- ‌الفصل الثانيأنه إذا قتل الصيد ناسيًا أو جاهلًا فعليه الكفارة، كما على العامد

- ‌الفصل الثالثإذا حلق شعرًا وقلَّم ظُفرًا ناسيًا أو مخطئًا أو جاهلًا، فالمنصوص عنه أن فيه الكفارة

- ‌مسألة(3): (وكلُّ هَدْي أو إطعام فهو لمساكين الحرم، إلا فديةَ الأذى يُفرِّقها في الموضع الذي حلق، وهديَ المحصر ينحره في موضعه، وأما الصيام فيجزئه بكل مكان)

- ‌الفصل الثانيأن الإطعام الواجب حيث يجب الهدي حكمه حكم ذلك الهدي

- ‌الفصل الثالثأن الصوم يُجزئ بكل مكان

- ‌باب دخول مكة

- ‌مسألة(1): (يُستحبُّ أن يدخل مكة(2)من أعلاها)

- ‌مسألة(2): (ويدخل المسجدَ من باب بني شيبة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة(2): (فإذا رأى البيت رفع يديه وكبَّر الله وحَمِدَه ودعا)

- ‌مسألة(1): (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، وبطواف القدوم إن كان مفرِدًا أو قارنًا)

- ‌مسألة(2): (ويضطبع بردائه، فيجعل وسطَه تحت عاتقه الأيمن، وطرفَيه على الأيسر)

- ‌مسألة(4): (ويبدأ بالحجر الأسود، فيستلمه ويقبِّله، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم(5)إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ الركن الأسود يمينُ الله عز وجل في الأرض

- ‌مسألة(1): (يرمُلُ في الثلاثة الأُوَل من الحجر إلى الحجر، ويمشي في الأربعة)

- ‌الفصل الثانيما يقوله إذا استلم الركنين

- ‌مسألة(3): (ثم يصلِّي ركعتين خلفَ المقام)

- ‌مسألة(2): (ويعود إلى الركن فيستلمه، ويخرج إلى الصفا من بابه)

- ‌مسألة(3): (ثم يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتيه فيرقَى عليه، ويكبِّر الله ويهلِّله ويدعوه، ثم ينزِل فيمشي إلى العَلَم، ثم يسعى إلى العلم الآخر، ثم يمشي إلى المروة، فيفعل كفعله على الصفا

- ‌مسألة(1): (ثم يُقصِّر من شعره إن كان معتمرًا، وقد حلَّ إلا المتمتع إن كان معه هديٌ، والقارن والمفرد فإنه لا يحلُّ)

- ‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

- ‌الرواية الثالثة: إن قدِمَ في العشر لم ينحَرْ ولم يحِلَّ، وإن قدِمَ قبل العشر نحَرَ وحلَّ إن شاء

- ‌مسألة(1): (والمرأة كالرجل إلا أنها لا ترمُلُ في طواف ولا سعي)

- ‌باب صفة الحج

- ‌مسألة(1): (وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالًا أحرم من مكة، وخرج إلى عرفات)

- ‌الفصل الثالثأنهم يبيتون بمنًى حتى تطلع الشمس على ثَبِيرٍ

- ‌مسألة(1): (فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلَّى الظهر والعصر يجمع بينهما)

- ‌مسألة: (ويستقبل القبلة)

- ‌مسألة(2): (ويكون راكبًا)

- ‌مسألة(1): (ويُكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس)

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزِمَينِ وعليه السكينة والوقار، ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل

- ‌مسألة(3): (فإذا وصل إلى مزدلفة صلّى المغرب والعشاء قبل حطِّ الرحال، يجمع بينهما)

- ‌هذا الجمع مسنون لكل حاجّ من المكيين وغيرهم

- ‌مسألة(1): (ثم يبيتُ بها)

- ‌مسألة(2): (ثم يصلّي الفجر بغَلَسٍ)

- ‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقَفتَنا(3)فيه، وأريتَنا إيّاه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع قبل طلوع الشمس، فإذا بلغ محسِّرًا أسرع قدرَ رَمْيةٍ(3)بحجرٍ حتى يأتي منًى)

- ‌مسألة(2): (حتى يأتي منًى فيبدأ بجمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات كحصى الخَذْف، يكبّر مع كل حصاة

- ‌الفصل الثانيأن يرميها بسبع حصيات

- ‌الفصل الثالثأنه يستحبّ أن يكون الحصى كحصى الخَذْف

- ‌الفصل الرابعأنه(2)يكبر مع كل حصاة، ويرفع يده في الرمي

- ‌الفصل الخامسأنه يقطع التلبية مع ابتداء الرمي

- ‌الفصل السادسأن السنة أن يرميها من بطن الوادي

- ‌الفصل السابعأنه يستقبل القبلة، فيجعل الجمرة عن يمينه ومنى وراءه

- ‌الفصل الثامنأنه لا يقف عندها

- ‌مسألة(1): (ثم ينحر هَدْيه)

- ‌مسألة(4): (ثم يحلق ويقصِّر)

- ‌مسألة(5): (ثم قد حلَّ له كل شيء إلا النساء)

- ‌مسألة(4): (ثم يُفيض إلى مكة فيطوف للزيارة؛ وهو الطواف الذي به تمام الحج)

- ‌مسألة(1): (ثم يسعى بين الصفا والمروة إن(2)كان متمتعًا، أو ممن لم يسْعَ مع طواف القدوم)

- ‌مسألة(4): (ثم قد حلَّ من كل شيء)

- ‌مسألة(1): (ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما أحبّ، ويتضلَّع منه ثم يقول: اللهم اجعلْه لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا وشبعًا

- ‌بابما يفعله بعد الحلّ

- ‌مسألة(1): (ثم يرجع إلى منًى، ولا يبيت لياليها إلا بها)

- ‌مسألة(2): (فيرمي بها الجمار بعد الزوال من أيامها، كلّ جمرة بسبع حَصَياتٍ، يبتدئ(3)بالجمرة الأولى

- ‌الفصل الثانيأنه يرمي كل جمرة بسبع حصيات

- ‌الفصل الرابعأنه يستقبل القبلة عند رمي الأُولَيينِ

- ‌مسألة: (لكن عليه وعلى المتمتع دم؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

- ‌مسألة(7): (وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودِّع البيت بطوافٍ عند فراغه من جميع أموره، حتى يكون آخرَ عَهْدِه بالبيت)

- ‌مسألة: (فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده)

- ‌مسألة: (ويُستحبّ له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب، فيلتزم البيتَ ويقول: «اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك

- ‌مسألة: (ومن خرج قبل الوداع رجع إن كان قريبًا، وإن أبعدَ(4)بعثَ بدمٍ)

- ‌مسألة(6): (إلا الحائض والنُّفَساء فلا وداعَ عليهما، ويستحبُّ لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا)

- ‌بابأركان الحج والعمرة

- ‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

- ‌أما إن وقف قبل الزوال ففيه روايتان:

- ‌فصلفإن طاف على غير طهارة، ففيه روايتان:

- ‌الشرط الثالث: أن يكون طاهرًا من الخَبَث

- ‌الشرط الرابع: السترة

- ‌الشرط الخامس: أن يطوف سبعة أطوافٍ

- ‌الشرط الثامن: الموالاة

- ‌الشرط التاسع: أن يطوف بالبيت جميعِه، فلا يطوف في شيء منه

- ‌الشرط العاشر: أن يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح

- ‌مسألة(3): (وواجباته: الإحرام من الميقات)

- ‌مسألة(3): (والوقوف بعرفة إلى الليل)

- ‌فصللا يجوز له أن يُفيض من عرفات قبل غروب الشمس

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل)

- ‌وأحكام جَمْعٍ مضطربةٌ تتلخَّص في مسائل:

- ‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيتُ فعليه دم

- ‌الخامسة: من وافاها أولَ الليل فعليه أن يبيتَ بها، بمعنى أن يُقِيم بها، لا يجوز له الخروج منها إلى آخر الليل

- ‌الرواية الثانية: لا تجوز الإفاضة قبل مَغيبِ القمر

- ‌يتوجَّه وجوب الوقوف بعد الفجر لغير أهل الأعذار

- ‌مسألة(1): (والسعي)

- ‌أما الطهارة فتُسَنُّ له، ولا تُشترط

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمنًى)

- ‌مسألة(3): (والرمي)

- ‌فصلوأما ركعتا الطواف

- ‌مسألة(4): (والحلق)

- ‌مسألة(3): (وطواف الوداع)

- ‌مسألة(3): (وأركان العمرة: الطواف، وواجباتها: الإحرام والسعي والحلق)

- ‌مسألة: (فمن ترك ركنًا لم يتمَّ نسكُه إلا به، ومن ترك واجبًا جَبَرَه بدم، ومن ترك سنةً فلا شيء عليه)

- ‌مسألة(1): (ومن لم يقفْ بعرفة حتى طلع الفجرُ يومَ النحر فقد فاته الحج، فيتحلَّلُ بطواف وسعي، وينحر هديًا إن كان معه، وعليه القضاء)

الفصل: ‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقفتنا(3)فيه، وأريتنا إياه، فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

متفق عليه

(1)

.

‌مسألة

(2)

: (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقَفتَنا

(3)

فيه، وأريتَنا إيّاه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

كما وعدتنا بقولك، وقولك الحق:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} » الآيتين إلى أن يُسفِر، ثم يدفع قبل [ق 347] طلوع الشمس).

قال أبو عبد الله في رواية المرُّوذي: فإذا بَرَق الفجر فصلِّ الفجر مع الإمام إن قدرتَ، ثم قفْ مع الإمام في المشعر الحرام، وتقول:«اللهم أنت خير مطلوب منه .. » إلى آخره.

اعلم أن المشعر الحرام في الأصل اسم للمزدلفة كلها، وهو المراد؛ لأن عرفة هي المشعر الحلال، وسُمِّي جمعًا لأن الصلاتين تُجمع بها، كأن الأصل موضع جمعٍ أو ذات جمعٍ، ثم حُذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

وروى سعيد بن أبي عروبة في «مناسكه»

(4)

عن قتادة في قوله:

(1)

البخاري (1682) ومسلم (1289).

(2)

انظر «المستوعب» (1/ 509) و «المغني» (5/ 282) و «الشرح الكبير» (9/ 184، 185) و «الفروع» (6/ 51).

(3)

في النسختين: «وقفنا» . والتصويب من متن «العمدة» . ووقف هنا فعل متعدّ، والمعنى: أوقَفْتَنا وجعلتَنا نقف. انظر «المطلع» (ص 197).

(4)

ليس في الجزء المطبوع منه، وقد أخرجه من طريقه الطبريُّ في «تفسيره» (3/ 520).

ص: 247

{فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} قال: هي ليلة جمعٍ، ذُكِر لنا أن ابن عباس كان يقول: ما بين الجبلين مشعر.

وعن عمرو بن ميمون قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص ونحن بعرفة عن المشعر الحرام، قال: إن اتبعتني أخبرتُك، فدفعتُ معه، حتى إذا وضعت الركابُ أيديَها في الحرم قال: هذا المشعر الحرام، قلت: إلى أين؟ قال: إلى أن تخرج منه. رواه الأزرقي وغيره بإسناد صحيح

(1)

.

ويبيِّن ذلك أن الله أمر بذكره عند المشعر الحرام، فلا بدَّ من أن يُشرع امتثال هذا الأمر، وإنما شُرع من الذكر: صلاة المغرب والعشاء والفجر، والوقوف للدعاء غداة النحر، وهذا الذكر كله يجوز في مزدلفة كلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«هذا الموقفُ، ومزدلفة كلها موقف»

(2)

، فعُلِم أنها جميعًا تدخل في مسمى المشعر الحرام.

ثم إنه خُصَّ بهذا الاسم قُزَح

(3)

؛ لأنه أخصّ تلك البقعة بالوقوف عنده والذكر، وغلب هذا الاستعمال في عرف الناس حتى إنهم لا يكادون يَعْنُون

(1)

رواه الأزرقي (2/ 191)، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (14982) والفاكهي (2698) والبيهقي في «الكبرى» (5/ 123).

(2)

أخرجه أحمد (525، 564، 613) وأبو داود (1935) والترمذي (885) من حديث علي بن أبي طالب. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه مسلم (1218/ 149) وغيره من حديث جابر بنحوه.

(3)

قال ياقوت في «معجم البلدان» (4/ 341): «هو القرن الذي يقف الإمام عنده بالمزدلفة عن يمين الإمام، وهو الميقدة أي الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في الجاهلية، وهو موقف قريش في الجاهلية إذ كانت لا تقف بعرفة» . وقد أقيم عليه اليوم قصر ملكي.

ص: 248

بهذا الاسم إلا نفس قُزَح، وإياه عنى جابر بقوله في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ثم ركب القصواءَ حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبَّره وهلَّله ووحَّده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضلَ بن عباس» . رواه مسلم

(1)

.

وكثير

(2)

ما يجيء في الحديث المشعر الحرام يُعنَى به نفس قُزَح. وأما في عرف الفقهاء فهو غالب عليه، ونسبة هذا الجبل إلى مزدلفة كنسبة جبل الرحمة إلى عرفة.

إذا تبيَّن هذا فإن السنة أن يقف الناس غداةَ جَمْعٍ بالمزدلفة، يذكرون الله سبحانه ويدعونه ــ كما صنعوا بعرفات ــ إلى قبيل طلوع الشمس؛ وهو موقف عظيم ومشهد كريم، وهو تمام للوقوف بعرفة، وبه تُجاب المسائل التي توقفتْ بعرفة، كالطواف بين الصفا والمروة مع الطواف بالبيت وأوكد، قال الله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالناس.

وقد روى عباس بن مرداس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب: قد غفرتُ لهم ما خلا المظالم، فإني آخُذُ للمظلوم منه، قال: أي ربي

(3)

، إن شئتَ أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم، فلم يُجَب عشية عرفة، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل،

(1)

رقم (1218).

(2)

في المطبوع: «وكثيرًا» خلاف النسختين.

(3)

ق: «ربّ» . وليس فيها «أي» .

ص: 249

قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تبسَّم، فقال أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي إن هذه الساعةَ ما كنت تضحك فيها، فما الذي أضحكك، أضحك الله سِنَّك؟ قال:«إن عدوَّ الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب، فجعل يحثو على رأسه، ويدعو بالويل والثبور؛ فأضحكني ما رأيتُ من جَزَعه» . رواه أبو داود، وابن ماجه، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه، وابن أبي الدنيا

(1)

.

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان عشية عرفة باهى الله بالحاجِّ فيقول لملائكته: انظروا إلى عبادي شُعْثًا غُبْرًا قد أتوني من كل فجٍّ عميق يرجون رحمتي ومغفرتي، أُشهِدكم أني قد غفرت لهم إلا ما كان من تَبِعاتِ بعضهم بعضًا. فإذا كان غداة المزدلفة، قال الله لملائكته: أُشهِدكم أني قد غفرتُ لهم تبعاتِ بعضهم بعضا، وضَمِنتُ لأهلها النوافل» . رواه ابن أبي داود

(2)

من حديث ابن أبي روَّاد عن نافع عنه.

وعن بلال بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له غداةَ جَمْعٍ: «يا بلالُ، أَسكِت الناس

(3)

أو أَنصِت الناس»، ثم قال: «إن الله تطاولَ

(4)

عليكم في جَمْعكم

(1)

رواه أبو داود (5234) مختصرًا، وابن ماجه (3013) وعبد الله في مسند أبيه (16207) من طريق عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جدّه. وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن كنانة وأبوه كلاهما مجهول. بل قال البخاري عن الحديث: إنه لم يصحّ. انظر «الضعفاء» للعقيلي (5/ 167).

(2)

ومن طريقه أبو يعلى في «أماليه» (7 - ضمن ستة مجالس من أمالي أبي يعلى)، وإسناده واهٍ، وقد سبق تخريجه (4/ 504).

(3)

س: «النا» ، قال:«لنا» . والتصويب من مصدر التخريج.

(4)

كذا في النسختين. وعند ابن ماجه: «تطوَّل» . وكلاهما صواب في اللغة.

ص: 250

هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنَكم ما سأل، ادفعوا باسم الله». رواه ابن ماجه

(1)

.

فصل

ولا يُفيض الإمام من جمعٍ حتى يُسفِر النهار، فيفيض قبل طلوع الشمس، قال جابر في حديثه الطويل:«فلم يزل واقفًا حتى أسفرَ جدًّا، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس» .

وعن عمر بن الخطاب قال: كان أهل الجاهلية لا يُفيضون من جمعٍ حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرِقْ ثَبيرُ، قال: فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم[ق 348] فأفاض قبل طلوع الشمس. رواه الجماعة إلا مسلمًا

(2)

، وقال في رواية أحمد وابن ماجه:«كيما نُغِير» .

وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بجمعٍ، فلما أضاء كلُّ شيء قبل أن تطلع الشمس أفاض. رواه أحمد

(3)

.

وقد تقدم في حديث عبد الله بن مسعود أنه وقف حتى أسفر، ثم قال:

(1)

رقم (3024) وإسناده ضعيف لجهالة أبي سلمة الحمصي الراوي عن بلال.

(2)

أحمد (275) والبخاري (1684) وأبو داود (1938) والترمذي (896) والنسائي (3047) وابن ماجه (3022).

(3)

رقم (3020) من طريق زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عنه. وهذا إسناد ضعيف، فإن زمعة يروي عن سلمة بن وهرام أحاديث مناكير. ولكن صحّ نحوه عن ابن عباس بوجه آخر عند أحمد (2051) والترمذي (895) وقال:«حديث حسن صحيح» .

ص: 251

[لو] أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة. رواه البخاري

(1)

.

ولا ينبغي لأحد أن يدعَ الوقوف غداة جمعٍ ويتعجَّل بليل إلا لعذر؛ قال حنبل

(2)

: قال عمي: من لم يقف غداة المزدلفة ليس عليه شيء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم الضعفة، ولا ينبغي له أن يفعل إلا أن يكون معه ضَعَفَةٌ أو غَلَبةٌ

(3)

، وعليه أن يبيت ليلة المزدلفة، فإن لم يبت فعليه دم.

والمعذور يذكر الله عند المشعر الحرام بليل؛ وذلك لما روى سالم أن عبد الله بن عمر كان يقدِّم ضعفةَ أهله، فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع؛ فمنهم من يَقْدَم منًى لصلاة الفجر، ومنهم من يَقْدَم بعد ذلك، فإذا قدموا رَمَوا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخصَ في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه

(4)

، ولفظه لمسلم.

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخصَ لضَعَفَةِ الناس من المزدلفة بليل. رواه أحمد

(5)

.

وعن عبد الله مولى أسماء ابنة أبي بكر عن أسماء: أنها نزلت ليلةَ جمعٍ عند المزدلفة، فقامت تصلِّي، فصلَّتْ ساعة، ثم قالت: يا بُنيَّ غاب القمر؟

(1)

رقم (1683). وما بين الحاصرتين منه.

(2)

كما في «التعليقة» (2/ 105) باختصار.

(3)

المقصود من «الغلبة» هنا من يكون مغلوبًا على أمره بسبب مرضٍ ونحوه، ولم أجد في المعاجم هذا المعنى. ومنه يقال في العامية:«غَلبان» . ويمكن أن يكون تحريف «غِلمة» .

(4)

البخاري (1676) ومسلم (1295).

(5)

رقم (4892) بلفظ: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَذِن

» إلخ. وإسناده صحيح.

ص: 252

قلت: لا، فصلَّت ساعة، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا، فارتحلنا، فمضينا حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلَّت الصبح في منزلها، فقلت: يا هَنْتاه

(1)

، ما أُرانا إلا قد غَلَّسنا؟ قالت: يا بُنيَّ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذِنَ للظُّعُنِ. متفق عليه

(2)

.

وعن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثَ بها من جمعٍ بليل. رواه أحمد ومسلم والنسائي

(3)

.

وعن ابن عباس قال: أنا ممن قدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضَعَفة أهله. رواه الجماعة إلا الترمذي

(4)

.

وعن الفضل بن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَعَفة بني هاشم أن يتعجَّلوا من جمعٍ بليل. رواه أحمد والنسائي

(5)

.

فهذا الترخيص دليل على أن غيرهم ليسوا

(6)

، لما أذِن لضَعَفة

(1)

أي يا هذه.

(2)

البخاري (1679) ومسلم (1291).

(3)

أحمد (26776) ومسلم (1292) والنسائي (3035).

(4)

أحمد (1920) والبخاري (1678) ومسلم (1293) وأبو داود (1939) والنسائي (3032، 3033) وابن ماجه (3026).

(5)

أحمد (1811) والنسائي (3034) من طريق مُشاشٍ عن عطاء عن ابن عباس عن أخيه الفضل. ذكره الترمذي عقب الحديث (893) وقال: «وهذا حديث خطأ، أخطأ فيه مُشاشٌ وزاد فيه: عن الفضل بن عباس. وروى ابن جريج وغيره هذا الحديثَ عن عطاء عن ابن عباس، ولم يذكروا فيه: عن الفضل بن عباس» .

(6)

بياض في النسختين، ولعل المحذوف:«مثلهم» .

ص: 253