المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌باب الفدية

- ‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعامِ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ لستة مساكين، أو ذبحِ شاة)

- ‌فصلإذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيبَ لعذرٍ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور

- ‌فصليجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حلٍّ أو حرم، وكذا حيث جازت

- ‌مسألة(2): (وكذلك الحكم في كلِّ دم وجب لتركِ واجبٍ)

- ‌مسألة(5): (وجزاء الصيد مثل ما قتل من النَّعَم، إلا الطائر فإن فيه قيمته، إلا الحمامة فيها شاة، والنعامة فيها بدنة)

- ‌الفصل الثانيأن ما تقدم فيه حكمُ حاكمين(1)من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ما حكما، لا يحتاج إلى استئناف حكم ثانٍ

- ‌الفصل الثالثفيما قد(4)مضى فيه الحكم واستقرَّ أمره

- ‌ اليربوع

- ‌وفي جنين الصيد القيمة أيضًا؛ وهو أَرْشُ ما نقصَتْه الجناية

- ‌مسألة(2): (ويتخيَّر بين إخراج المثل أو تقويمِه بطعام، [فيُطعِمَ](3)كلَّ مسكين مدًّا، أو يصوم عن كل مدٍّ يومًا)

- ‌مسألة(1): (الضرب الثاني: على الترتيب، وهو هدي التمتع، يلزمه شاةٌ، فإن لم يجد فصيام(2)ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع)

- ‌إحداهن: عليه هديان(2): هدي متعته، وهدي آخر لتفريطه

- ‌والرواية الثانية: ليس عليه إلا هدي التمتع فقط

- ‌والرواية الثالثة: إن أخَّره لعذرٍ لم يلزمه إلا هدي واحد، وإن أخَّره عمدًا فعليه هديانِ

- ‌ إذا مات ولم يصم السبعة أيام يُطعَم عنه بمكة موضع وجب عليه

- ‌أحدها: أن يعتمر في أشهر الحج

- ‌الشرط الثاني: أن يحجَّ من عامه ذلك

- ‌الشرط الثالث: أن لا يسافر بعد العمرة

- ‌الشرط الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام

- ‌مسألة: (وفدية الجماع بَدَنةٌ، فإن لم يجد فصيامٌ كصيام التمتُّع، وكذلك الحكم في البدنة الواجبة بالمباشرة ودم الفوات)

- ‌ مسألة(5): (والمُحْصَر يلزمه دمٌ، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام)

- ‌مسألة(3): (ومن كرَّر محظورًا من جنسٍ غيرِ قتل الصيد فكفارة واحدة، إلا أن يكون قد كفّر عن الأول، فعليه للثاني كفارة، وإن فعل محظورًا من أجناسٍ فلكل واحدٍ كفارة)

- ‌الفصل الثانيأن الصيد تتعدد كفارته بتعدُّد قتله

- ‌هل شعر الرأس وشعر البدن جنس أو جنسان؟ على روايتين منصوصتين:

- ‌مسألة(6): (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عَمْدُه وسهوه، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه)

- ‌الفصل الثانيأنه إذا قتل الصيد ناسيًا أو جاهلًا فعليه الكفارة، كما على العامد

- ‌الفصل الثالثإذا حلق شعرًا وقلَّم ظُفرًا ناسيًا أو مخطئًا أو جاهلًا، فالمنصوص عنه أن فيه الكفارة

- ‌مسألة(3): (وكلُّ هَدْي أو إطعام فهو لمساكين الحرم، إلا فديةَ الأذى يُفرِّقها في الموضع الذي حلق، وهديَ المحصر ينحره في موضعه، وأما الصيام فيجزئه بكل مكان)

- ‌الفصل الثانيأن الإطعام الواجب حيث يجب الهدي حكمه حكم ذلك الهدي

- ‌الفصل الثالثأن الصوم يُجزئ بكل مكان

- ‌باب دخول مكة

- ‌مسألة(1): (يُستحبُّ أن يدخل مكة(2)من أعلاها)

- ‌مسألة(2): (ويدخل المسجدَ من باب بني شيبة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة(2): (فإذا رأى البيت رفع يديه وكبَّر الله وحَمِدَه ودعا)

- ‌مسألة(1): (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، وبطواف القدوم إن كان مفرِدًا أو قارنًا)

- ‌مسألة(2): (ويضطبع بردائه، فيجعل وسطَه تحت عاتقه الأيمن، وطرفَيه على الأيسر)

- ‌مسألة(4): (ويبدأ بالحجر الأسود، فيستلمه ويقبِّله، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم(5)إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ الركن الأسود يمينُ الله عز وجل في الأرض

- ‌مسألة(1): (يرمُلُ في الثلاثة الأُوَل من الحجر إلى الحجر، ويمشي في الأربعة)

- ‌الفصل الثانيما يقوله إذا استلم الركنين

- ‌مسألة(3): (ثم يصلِّي ركعتين خلفَ المقام)

- ‌مسألة(2): (ويعود إلى الركن فيستلمه، ويخرج إلى الصفا من بابه)

- ‌مسألة(3): (ثم يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتيه فيرقَى عليه، ويكبِّر الله ويهلِّله ويدعوه، ثم ينزِل فيمشي إلى العَلَم، ثم يسعى إلى العلم الآخر، ثم يمشي إلى المروة، فيفعل كفعله على الصفا

- ‌مسألة(1): (ثم يُقصِّر من شعره إن كان معتمرًا، وقد حلَّ إلا المتمتع إن كان معه هديٌ، والقارن والمفرد فإنه لا يحلُّ)

- ‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

- ‌الرواية الثالثة: إن قدِمَ في العشر لم ينحَرْ ولم يحِلَّ، وإن قدِمَ قبل العشر نحَرَ وحلَّ إن شاء

- ‌مسألة(1): (والمرأة كالرجل إلا أنها لا ترمُلُ في طواف ولا سعي)

- ‌باب صفة الحج

- ‌مسألة(1): (وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالًا أحرم من مكة، وخرج إلى عرفات)

- ‌الفصل الثالثأنهم يبيتون بمنًى حتى تطلع الشمس على ثَبِيرٍ

- ‌مسألة(1): (فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلَّى الظهر والعصر يجمع بينهما)

- ‌مسألة: (ويستقبل القبلة)

- ‌مسألة(2): (ويكون راكبًا)

- ‌مسألة(1): (ويُكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس)

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزِمَينِ وعليه السكينة والوقار، ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل

- ‌مسألة(3): (فإذا وصل إلى مزدلفة صلّى المغرب والعشاء قبل حطِّ الرحال، يجمع بينهما)

- ‌هذا الجمع مسنون لكل حاجّ من المكيين وغيرهم

- ‌مسألة(1): (ثم يبيتُ بها)

- ‌مسألة(2): (ثم يصلّي الفجر بغَلَسٍ)

- ‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقَفتَنا(3)فيه، وأريتَنا إيّاه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع قبل طلوع الشمس، فإذا بلغ محسِّرًا أسرع قدرَ رَمْيةٍ(3)بحجرٍ حتى يأتي منًى)

- ‌مسألة(2): (حتى يأتي منًى فيبدأ بجمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات كحصى الخَذْف، يكبّر مع كل حصاة

- ‌الفصل الثانيأن يرميها بسبع حصيات

- ‌الفصل الثالثأنه يستحبّ أن يكون الحصى كحصى الخَذْف

- ‌الفصل الرابعأنه(2)يكبر مع كل حصاة، ويرفع يده في الرمي

- ‌الفصل الخامسأنه يقطع التلبية مع ابتداء الرمي

- ‌الفصل السادسأن السنة أن يرميها من بطن الوادي

- ‌الفصل السابعأنه يستقبل القبلة، فيجعل الجمرة عن يمينه ومنى وراءه

- ‌الفصل الثامنأنه لا يقف عندها

- ‌مسألة(1): (ثم ينحر هَدْيه)

- ‌مسألة(4): (ثم يحلق ويقصِّر)

- ‌مسألة(5): (ثم قد حلَّ له كل شيء إلا النساء)

- ‌مسألة(4): (ثم يُفيض إلى مكة فيطوف للزيارة؛ وهو الطواف الذي به تمام الحج)

- ‌مسألة(1): (ثم يسعى بين الصفا والمروة إن(2)كان متمتعًا، أو ممن لم يسْعَ مع طواف القدوم)

- ‌مسألة(4): (ثم قد حلَّ من كل شيء)

- ‌مسألة(1): (ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما أحبّ، ويتضلَّع منه ثم يقول: اللهم اجعلْه لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا وشبعًا

- ‌بابما يفعله بعد الحلّ

- ‌مسألة(1): (ثم يرجع إلى منًى، ولا يبيت لياليها إلا بها)

- ‌مسألة(2): (فيرمي بها الجمار بعد الزوال من أيامها، كلّ جمرة بسبع حَصَياتٍ، يبتدئ(3)بالجمرة الأولى

- ‌الفصل الثانيأنه يرمي كل جمرة بسبع حصيات

- ‌الفصل الرابعأنه يستقبل القبلة عند رمي الأُولَيينِ

- ‌مسألة: (لكن عليه وعلى المتمتع دم؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

- ‌مسألة(7): (وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودِّع البيت بطوافٍ عند فراغه من جميع أموره، حتى يكون آخرَ عَهْدِه بالبيت)

- ‌مسألة: (فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده)

- ‌مسألة: (ويُستحبّ له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب، فيلتزم البيتَ ويقول: «اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك

- ‌مسألة: (ومن خرج قبل الوداع رجع إن كان قريبًا، وإن أبعدَ(4)بعثَ بدمٍ)

- ‌مسألة(6): (إلا الحائض والنُّفَساء فلا وداعَ عليهما، ويستحبُّ لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا)

- ‌بابأركان الحج والعمرة

- ‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

- ‌أما إن وقف قبل الزوال ففيه روايتان:

- ‌فصلفإن طاف على غير طهارة، ففيه روايتان:

- ‌الشرط الثالث: أن يكون طاهرًا من الخَبَث

- ‌الشرط الرابع: السترة

- ‌الشرط الخامس: أن يطوف سبعة أطوافٍ

- ‌الشرط الثامن: الموالاة

- ‌الشرط التاسع: أن يطوف بالبيت جميعِه، فلا يطوف في شيء منه

- ‌الشرط العاشر: أن يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح

- ‌مسألة(3): (وواجباته: الإحرام من الميقات)

- ‌مسألة(3): (والوقوف بعرفة إلى الليل)

- ‌فصللا يجوز له أن يُفيض من عرفات قبل غروب الشمس

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل)

- ‌وأحكام جَمْعٍ مضطربةٌ تتلخَّص في مسائل:

- ‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيتُ فعليه دم

- ‌الخامسة: من وافاها أولَ الليل فعليه أن يبيتَ بها، بمعنى أن يُقِيم بها، لا يجوز له الخروج منها إلى آخر الليل

- ‌الرواية الثانية: لا تجوز الإفاضة قبل مَغيبِ القمر

- ‌يتوجَّه وجوب الوقوف بعد الفجر لغير أهل الأعذار

- ‌مسألة(1): (والسعي)

- ‌أما الطهارة فتُسَنُّ له، ولا تُشترط

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمنًى)

- ‌مسألة(3): (والرمي)

- ‌فصلوأما ركعتا الطواف

- ‌مسألة(4): (والحلق)

- ‌مسألة(3): (وطواف الوداع)

- ‌مسألة(3): (وأركان العمرة: الطواف، وواجباتها: الإحرام والسعي والحلق)

- ‌مسألة: (فمن ترك ركنًا لم يتمَّ نسكُه إلا به، ومن ترك واجبًا جَبَرَه بدم، ومن ترك سنةً فلا شيء عليه)

- ‌مسألة(1): (ومن لم يقفْ بعرفة حتى طلع الفجرُ يومَ النحر فقد فاته الحج، فيتحلَّلُ بطواف وسعي، وينحر هديًا إن كان معه، وعليه القضاء)

الفصل: ‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

‌باب

أركان الحج والعمرة

‌مسألة

(1)

: (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

.

وجملة ذلك: أن أركان الحج هي أبعاضه وأجزاؤه التي لا يتمُّ إلا بها، فمن أخلَّ ببعضها لم يصحَّ حجُّه، سواء تركها لعذر أو غير عذر، بل لا بدَّ من فعلِها، بخلاف أركان الصلاة، فإنها تجب مع القدرة وتسقط مع العجز. وسبب الفرق: أنه متى عجز عن أركان الحج أمكنه الاستنابةُ فيما عجَزَ عنه في حياته أو بعد موته، بخلاف الصلاة المكتوبة فإنه لا نيابة فيها.

وفي هذه الجملة فصول:

أحدها

أن الوقوف بعرفة لا يتمُّ الحج إلا به، والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله سبحانه: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]. وكلمة «إذا» لا تُستعمل إلا في الأفعال التي لا بدَّ من وجودها، كقولهم: إذا احمرَّ البُسْرُ

(2)

فأْتِني، ولا يقال: إن احمرَّ البسر؛ وذلك لأنها في الأصل ظرف لما يُستقبل من الأفعال، وتتضمن الشرط في الغالب، فإذا جُوزِيَ بها كان معناه إيقاع الجزاء في

(1)

انظر «المستوعب» (1/ 529) و «المغني» (5/ 267، 311) و «الشرح الكبير» (9/ 289) و «الفروع» (6/ 68).

(2)

هو التمر قبل أن يُرطِب.

ص: 301

الزمن الذي أضفتَ

(1)

إليه الفعل، فلا بدَّ من أن يكون الفعل موجودًا في ذلك الزمان، وإلا خرجت عن أن تكون ظرفًا.

ومعلوم أن الإفاضة من عرفات من أفعال العباد، فالإخبار عن وجودها يكون أمرًا حَتْمًا بإيجادها، نحو أن يترك بعض الناس وكلهم

(2)

الإفاضة، وصار هذا بمنزلة: إذا صلّيتَ الظهر فافعلْ كذا.

وقوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} الآية [البقرة: 199]، قالت عائشة: كانت قريش ومن دانَ دِينَها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسمَّون الحُمْسَ، وكان سائر العرب يقفون بعرفة، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيَّه أن يأتي عرفات فيقفَ بها، ثم يُفيضَ منها، فذلك قوله:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

(3)

.

وفي لفظ

(4)

: «قالت: الحُمْسُ هم الذين أنزل الله فيهم: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. قالت: كان الناس يُفيضون من عرفات، وكان الحُمْسُ يُفيضون من المزدلفة، يقولون: لا نُفيض إلا من الحرم، فلما نزلت: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رجعوا إلى عرفات» . متفق عليه.

وعن جُبير بن مُطعِم قال: أَضللتُ بعيرًا لي، فذهبت أطلبه يوم عرفة،

(1)

في المطبوع: «أضيف» خلاف النسختين.

(2)

كذا في النسختين بالواو، وفي هامش ق: لعله «أو» . وفي العبارة غموض. ولعل «نحو أن» مصحفة عن «دون أن» ، أي لا يترك الناس الإفاضة، فهي واقعة لا محالة.

(3)

أخرجه البخاري (4520) ومسلم (1219/ 151).

(4)

عند مسلم (1219/ 152). ونحوه عند البخاري (1665).

ص: 302

فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا مع الناس بعرفة، فقلت: والله إن هذا لمن الحُمْس، فما شأنُه هاهنا؟ وكانت قريش تُعدُّ من الحُمْس. متفق عليه

(1)

.

وعن جابر قال: كانت العرب يَدفع بهم أبو سيَّارة على حمارٍ عُرْيٍ، فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام لم يشكَّ قريش أنه سيقتصرُ عليه، ويكون منزلُه ثَمَّ، فأجاز ولم يَعْرِضْ [له]، حتى أتى عرفاتٍ فنزل. رواه مسلم

(2)

.

فإن قيل: كيف قيل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ــ والإفاضة من عرفات ــ بعد قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ؟

قيل: قد قيل: إنه لترتيب الأخبار، ومعناه أن الله يأمركم إذا أفضتم من عرفاتٍ أن تذكروا

(3)

عند المشعر الحرام، ثم يأمركم أن تُفيضوا من حيث أفاض الناس. وترتيب الأمر لا يقتضي ترتيبَ الفعل المأمور به، وإنما أُمِر بهذا بعد هذا لأن الأول أمرٌ لجميع الحجيج، والثاني أمرٌ للحُمْس خاصةً.

ويقال: إنه معطوف على قوله: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ} إلى قوله: {وَتَزَوَّدُوا

}

(4)

{وَاتَّقُونِ

} {ثُمَّ أَفِيضُوا} ، ويكون معناه: فمن فرض الحج فلا يرفث ولا يفسُقُ، ثم بعدَ

(1)

البخاري (1664) ومسلم (1220).

(2)

رقم (1218/ 148). والزيادة منه.

(3)

في المطبوع: «تذكروه» خلاف النسختين.

(4)

«وتزودوا» ساقطة من المطبوع.

ص: 303

فرضِ الحج يُفيض من حيث أفاض الناس، ويكون الكلام في بيان المحظورات والمفروضات.

فإن قيل: لم ذُكِر لفظُ الإفاضة دون الوقوف؟

قيل: لأنه لو قال: ثم قِفُوا حيث وقف الناس لظنّ ظانٌّ

(1)

أن الوقوف بعرفة يُجزئ في كل وقتٍ بحيث يجوز تقديمه، وأما الإفاضة فإنها الدفع بعد تمام الوقوف، [ق 360] وقد علموا أن وقت الدفع هو آخر يوم عرفة، فإذا أُمِروا بالإفاضة منها عُلِم أنه يجب أن يقفوا بها إلى وقت الإفاضة، وأنها غاية السير الذي ينتهي إليه الحاج، فلا يُتجاوز ولا يُقصَّر عنها؛ لأن المقصِّر والمتجاوز

(2)

لا يُفيضانِ منها.

وأما السنة فما روى سفيان وشعبة عن بُكَير بن عطاء الليثي عن عبد الرحمن بن يَعْمَر الدِّيلي: أن ناسًا من أهل نجد أَتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة، فسألوه، فأمر مناديًا فنادى:«الحج عرفة، من جاء ليلةَ جَمْعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج، أيامُ منًى ثلاثة، فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخَّر فلا إثم عليه» ، وأردف رجلًا خلفه يُنادي بهن. رواه الخمسة

(3)

. قال ابن عيينة: هذا أجود حديث رواه الثوري

(4)

.

(1)

«ظان» ساقطة من المطبوع.

(2)

في المطبوع: «والمجاوز» خلاف النسختين.

(3)

رواه أحمد (18773، 18774) وأبو داود (1949) والترمذي (889، 890) ــ واللفظ أشبه بلفظه ــ والنسائي (3044) وابن ماجه (3015). وصححه ابن خزيمة (2822) وابن حبان (3892) والحاكم (2/ 278).

(4)

أسنده الترمذي عن ابن عيينة عقب الحديث (890)، وأسند عن وكيع أنه قال:«هذا الحديث أم المناسك» . وذكر ابن ماجه عن شيخه محمد بن يحيى الذهلي أنه قال: «ما أرى للثوري حديثًا أشرفَ منه» .

ص: 304

وفي رواية لسعيد

(1)

: «من جاء ليلةَ جَمْعٍ قبل صلاة الصبح فقد تمَّ حجُّه» .

وفي رواية له

(2)

: «فمن أدرك ليلةَ جَمْعٍ قبل صلاة الصبح فقد تم حجُّه»

(3)

.

وعن عروة بن مضرِّس بن أوس بن حارثة بن لَأْمٍ الطائي قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني جئتُ من جبل طيِّئ، أكللتُ راحلتي وأتعبتُ نفسي، والله ما تركتُ من جبلٍ إلا وقفتُ عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من شهِدَ صلاتَنا هذه، ووقفَ معنا حتى نَدفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا= فقد تمَّ حجُّه، وقَضَى تَفَثَه» . رواه الخمسة

(4)

، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

(1)

وبلفظ قريب عند البخاري في «التاريخ» (5/ 243) والنسائي (3044).

(2)

وأيضًا لأحمد (18773).

(3)

في هامش النسختين هنا: «بخطه رضي الله عنه: لعله أراد بالإدراك إدراك المزدلفة، ولذلك قال: تم حجه» .

(4)

أحمد (16208، 16209، 18300 - 18304) وأبو داود (1950) والترمذي (891) ــ واللفظ له ــ والنسائي (3039 - 3043) وابن ماجه (3016). وصححه ابن خزيمة (2820) وابن حبان (3850) والحاكم (1/ 463) وابن عبد البر في «الاستذكار» (13/ 30).

ص: 305

وفي رواية لأحمد صحيحة

(1)

: «من شهدَ صلاتنا هذه ووقف بعرفات» .

وفي رواية صحيحة لسعيد

(2)

: «من وقفَ معنا هذا الموقفَ، وشهِدَ معنا هذه الصلاة ــ يعني صلاةَ الفجر ــ، [و]

(3)

أفاض قبل ذلك من عرفات ليلًا أو نهارًا= فقد تمَّ حجُّه، وقضى تَفَثَه».

وفي رواية له

(4)

: «أَفْرِخْ

(5)

رَوْعَك، من أدركَ إفاضتَنا هذه فقد أدرك الحجَّ».

وأما الإجماع ..

(6)

.

فصل

وللوقوف بعرفة مكان وزمان. فأما حدود عرفات فقد تقدم

(7)

، وأما زمان الوقوف فاليوم التاسع من ذي الحجة، وهو يوم عرفة، وليلة العاشر من ذي الحجة إلى طلوع الفجر، وتسمَّى ليلة جَمْعٍ، و

(8)

ليلة المزدلفة، وليلة النحر، وليلة عرفة. فمن طلع الفجرُ ولم يقفْ في شيء من عرفة فقد فاته الحج؛ لأن

(1)

لم أجدها في «المسند» ولا غيره.

(2)

ابن منصور في «سننه» ، وبلفظ قريب رواه ابن عبد البر في «الاستذكار» (13/ 31).

(3)

ليست في النسختين. وفي هامش ق: لعله «وقد» .

(4)

أخرجها أيضًا الطبراني في «الكبير» (17/ 151) وأبو الشيخ في «أمثال الحديث» رقم (228) وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 173). وإسنادها ضعيف.

(5)

في المطبوع: «أفرح» تصحيف. والمعنى: أذهِبْ همَّك. ويمكن أن يكون: «أفْرخَ رُوْعُك» أي خلا قلبُك من الهمّ، جملة دعائية.

(6)

بياض في النسختين.

(7)

لعله كان في السقط المتعلق بوقوف عرفة.

(8)

«ليلة جمع و» ساقطة من المطبوع.

ص: 306

الله قال: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} . و «إذا» كلمة توقيتٍ وتحديدٍ، فأشْعَر ذلك بأن الإفاضة لها وقت محدود، إلا أن يقال:

(1)

، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الحج عرفةُ، مَن جاء ليلةَ جمْعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج»

(2)

، وهذا ذكره في معرض تحديد وقت الوقوف، فعُلِم أن من جاءها ليلًا فقد أدرك الحج، ومن لم يُوافِها حتى طلع الفجر فقد فاته الحج.

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من شهِدَ صلاتنا هذه، ووقفَ معنا حتى نَدفع، وقد وقفَ قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا» . والصلاة بالمزدلفة هي أول ما يَبزُغ الفجر، فعُلِم أن وقت الوقوف قبل ميقات تلك الصلاة ليلًا أو نهارًا، وإنما يكون هذا قبل طلوع الفجر يوم النحر. وهذا مما أُجمِع عليه.

وعن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من لم يقف بعرفةَ ليلةَ جَمْعٍ قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج. رواه مالك

(3)

عن نافع عنه.

ومن لم يُوافِ عرفةَ إلا ليلًا أجزأه الوقوف، ولو لحظةً في بعض جوانبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من جاء ليلة جَمْعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدرك» ، وقوله:«وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا» .

ولا دم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه يدرك الحج، وأنه قد تمَّ حجه وقضى تفثَه، ولم يذكر أن عليه دمًا. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، لاسيما في حكم عظيمٍ أردفَ خلفه من ينادي به في الناس في حجة الوداع.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

سبق تخريجه قريبًا من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي.

(3)

في «الموطأ» (1/ 390).

ص: 307