الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سماه هديًا، والهدي ما أُهدِي إلى الكعبة.
وأما هدي المحصر
…
(1)
.
مسألة
(2)
: (وكذلك الحكم في كلِّ دم وجب لتركِ واجبٍ)
.
هذا قول الشيخ رحمه الله، ووجهه أن ترك الواجب بمنزلة فعل المحظور في أن كلًّا منهما ينقُص النسك، وأنه يفتقر إلى جُبرانٍ يكون خلفًا عنه.
فعلى هذا: هل يكون على التخيير أو الترتيب؟ على روايتين؛ لأن ترك الواجب إذا أذن فيه الشرع لم يجب فيه شيء، كترك الحائض طواف الوداع، وترك أهل السقاية والرِّعاء
(3)
المبيتَ بمنى ونحو ذلك. نعم قد يتركه جهلًا أو عجزًا. والذي عليه أكثر أصحابنا
…
(4)
.
مسألة
(5)
: (وجزاء الصيد مثل ما قتل من النَّعَم، إلا الطائر فإن فيه قيمته، إلا الحمامة فيها شاة، والنعامة فيها بدنة)
.
في هذا الكلام فصول:
(1)
بياض في النسختين.
(2)
في هامش النسختين: «قد ضرب عليه في بعض النسخ» . وتوجد هذه العبارة في «العدة شرح العمدة» (ص 259)، ولا توجد في أكثر نسخ «العمدة» .
(3)
في المطبوع: «الرعاة» خلاف النسختين. وفي التنزيل: {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} .
(4)
بياض في النسختين.
(5)
انظر «المستوعب» (1/ 483، 485) و «المغني» (5/ 395، 410، 412) و «الشرح الكبير مع الإنصاف» (9/ 5، 6، 12) و «الفروع» (5/ 495، 499).
أحدها
أن ما وجب ضمانه من الصيد إما بالحرم أو بالإحرام فإنه يضمن بمثله من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، وهو ما شابهه في الخلقة والصفة تقريبًا؛ لأن الله سبحانه قال:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]. وقد قرئ بالتنوين، فيكون المثل هو الجزاء بعينه، وهو بدل منه في الإعراب، و
(1)
{جَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ} بالإضافة
(2)
، والمعنى: فعطاءُ مثلِ المقتول، فالجزاء على هذا مصدر أو اسم مصدر أضيف إلى مفعوله، وضُمِّن معنى الإعطاء والإخراج والإيتاء. ومثل هذا: القراءتان في قوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}
(3)
[البقرة: 184]، وإن كان بعض القراء فرَّق بينهما، حيث جعل الفدية نفس الطعام، وجعل الجزاء إعطاء المثل.
والمراد بالمثل: ما ماثلَ
(4)
الصيدَ من جهة الخلقة والصورة، سواء كانت قيمته أزيدَ من قيمة المقتول أو أنقص؛ بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
أما الأول فمن وجوه:
أحدها: أن الله أوجب مثل المقتول، والمثل إنما يكون من جنس مثله،
(1)
في المطبوع: «وقرئ فجزاء» خلاف ما في النسختين.
(2)
هذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وغيرهم، انظر «السبعة» لابن مجاهد (ص 247) و «التيسير» للداني (ص 100) و «النشر» (2/ 255).
(3)
قراءة نافع وابن عامر: «فديةُ طعامِ
…
» بالإضافة، انظر «السبعة» (ص 176) و «النشر» (2/ 226).
(4)
في المطبوع: «ما مثال» خلاف النسختين.
فعُلِم أن المثل حيوان، ولهذا يقول الفقهاء في الأموال: ذوات الأمثال، وذوات القيم، وهذا الشيء يُضمن
(1)
بمثله، وهذا يُضمن بقيمته. والأصل [ق 293] بقاء العبارات على ما كانت عليه في لغة العرب الذين
(2)
نزل القرآن بلسانهم، وقيمة المتلف لا يسمَّى مِثلًا.
الثاني: أن الله أوجب المثل من النعم احترازًا من إخراج المثل من نوع المقتول، فإنه لو أطلق المثل لفُهِم منه أن يُخرَج عن الضبع ضبع، وعن الظبي ظبي
(3)
. ولو كان المثل هو قيمة المقتول لكان الواجب في ذمة القاتل قيمة الصيد، ثم إنه يصرفها في شِرى هدي، أو شِرى صدقة، وحينئذٍ فلا فرق بين الهدي وبين الصدقة حتى يجعل المثل من أحدهما دون الآخر.
الثالث: أن قوله: {مِنَ النَّعَمِ} بيان لجنس المثل، كقولهم: باب من حديد وثوب [من]
(4)
خزّ، وذلك يوجب أن يكون المثل من النعم، ولو كان المثل هو القيمة والنعم مَصرِف لها لقيل: جزاء مثل ما قتل في النعم.
الرابع: أنه لو كان المراد بالمثل القيمة لم يكن فرقٌ بين صرفها في الهدي والصدقة، وكذلك لو أريد بالمثل الهديُ باعتبار مساواته للمقتول في القيمة، فإن الهدي والقيمة مثلٌ بهذا الاعتبار، وكان يجب على هذا أن يقال:(فجزاءُ مثلِ ما قتل من النعم هديًا بالغ الكعبة أو كفارةٍ طعامِ مساكين) بالخفض، والتقدير: فجزاء مثل المقتول من النعم ومن الكفارة، فإنهما على
(1)
في المطبوع: «يضمنه» .
(2)
ق: «الذي» .
(3)
في النسختين: «الضبي ضبي» .
(4)
زيادة من هامش نسخة ق.
هذا التقدير سواء. فلما كانت القراءة برفع
(1)
«كفارة» عُلِم أنها معطوفة على «جزاء» وأنها ليست من المثل المذكور في الآية، وذلك يوجب أن لا يكون المثل القيمةَ ولا ما اشتُرِي بالقيمة.
الخامس: أنه سبحانه قال في جزاء المثل: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} ، ولا يجوز أن يكون المراد به تقويم المتلف
(2)
؛ لأن التقويم بالنسبة إلى الهدي والصدقة واحد. فلما خصّ حكم
(3)
ذوي العدل بالجزاء دون الكفارة عُلِم أنه المثل من جهة الخلقة والصورة.
فإن قيل: فالآية تقتضي إيجاب
(4)
الجزاء في قتل صيد، وذلك يعمُّ ما له نظير وما لا
(5)
نظير له، وهذا إنما يكون في القيمة.
قلنا: يقتضي إيجاب جزاء المثل من النعم إن أمكن
(6)
؛ لأنه أوجب واحدًا من ثلاثة، وذلك مشروط بالإمكان، بدليل: من يوجب القيمة إنما يصرفها في النعم إذا أمكن أن يشترى بها هديٌ
(7)
، فتكون القيمةُ لا تصلح لشراء هديٍ هو بمثابة عدم النظير في الخلقة.
وأما السنة ــ وعليه
(8)
اعتمد أحمد ــ فما روى جابر بن عبد الله قال:
(1)
في المطبوع: «ترفع» .
(2)
في المطبوع: «التلف» .
(3)
«حكم» ساقطة من المطبوع.
(4)
في النسختين: «الإيجاب» .
(5)
«لا» ساقطة من المطبوع.
(6)
في المطبوع: «أمكنه» .
(7)
«هدي» ساقطة من المطبوع.
(8)
كذا في النسختين.
جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع يصيبه المحرم كبشًا، وجعله من الصيد. رواه أبو داود وابن ماجه
(1)
.
وأما إجماع الصحابة: فإنه روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وابن الزبير أنهم قضوا في النعامة ببدنة، وفي حمار الوحش وبقرة الإيَّل والثَّيْتَل
(2)
والوعل ببقرة، وفي الضبع بكَبْش، وفي الغزال بعَنْزٍ، وفي اليربوع بجَفْرة
(3)
. وإنما حكموا بذلك لمماثلته في الخلقة لا على جهة القيمة، لوجوه:
أحدها: أن ذلك مبيَّن في قصصهم، كما سيأتي بعضه إن شاء الله.
الثاني: أن كل واحدة من هذه القضايا تعددت في أمكنة وأزمنة مختلفة، فلو كان المحكوم به قيمةً
(4)
لاختلفت باختلاف الأوقات والبقاع، فلما قضوا به على وجه واحد عُلِم أنهم لم يعتبروا القيمة.
الثالث: أنه معلوم أن البدنة أكثر قيمةً من النعامة، والبقرة أكثر قيمةً من حمار الوحش، والكبش أكثر قيمةً [من الضبع]
(5)
، كما شهد به عرف الناس.
الرابع: أنهم قضوا في اليربوع جَفْرة
(6)
.
(1)
أبو داود (3801) وابن ماجه (3085). وأخرجه أيضًا وصححه ابن خزيمة (2646) وابن حبان (3964) والحاكم (1/ 453).
(2)
في المطبوع: «التبتل» خطأ. وسيأتي شرح هذه الكلمات.
(3)
انظر لتخريج أكثر هذه الآثار: «البدر المنير» (6/ 393 - 396). وسيأتي بعضها.
(4)
في المطبوع: «قيمته» خلاف ما في النسختين.
(5)
زيادة ليستقيم السياق.
(6)
هذا قضاء عمر وابن مسعود رضي الله عنهما. وسيأتي تخريج أثريهما.