المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات: - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌باب الفدية

- ‌مسألة: (وهي على ضربين؛ أحدهما: على التخيير، وهي فدية الأذى واللبس والطيب، فله الخيار بين [صيام](1)ثلاثة أيام، أو إطعامِ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ لستة مساكين، أو ذبحِ شاة)

- ‌فصلإذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيبَ لعذرٍ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور

- ‌فصليجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حلٍّ أو حرم، وكذا حيث جازت

- ‌مسألة(2): (وكذلك الحكم في كلِّ دم وجب لتركِ واجبٍ)

- ‌مسألة(5): (وجزاء الصيد مثل ما قتل من النَّعَم، إلا الطائر فإن فيه قيمته، إلا الحمامة فيها شاة، والنعامة فيها بدنة)

- ‌الفصل الثانيأن ما تقدم فيه حكمُ حاكمين(1)من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ما حكما، لا يحتاج إلى استئناف حكم ثانٍ

- ‌الفصل الثالثفيما قد(4)مضى فيه الحكم واستقرَّ أمره

- ‌ اليربوع

- ‌وفي جنين الصيد القيمة أيضًا؛ وهو أَرْشُ ما نقصَتْه الجناية

- ‌مسألة(2): (ويتخيَّر بين إخراج المثل أو تقويمِه بطعام، [فيُطعِمَ](3)كلَّ مسكين مدًّا، أو يصوم عن كل مدٍّ يومًا)

- ‌مسألة(1): (الضرب الثاني: على الترتيب، وهو هدي التمتع، يلزمه شاةٌ، فإن لم يجد فصيام(2)ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع)

- ‌إحداهن: عليه هديان(2): هدي متعته، وهدي آخر لتفريطه

- ‌والرواية الثانية: ليس عليه إلا هدي التمتع فقط

- ‌والرواية الثالثة: إن أخَّره لعذرٍ لم يلزمه إلا هدي واحد، وإن أخَّره عمدًا فعليه هديانِ

- ‌ إذا مات ولم يصم السبعة أيام يُطعَم عنه بمكة موضع وجب عليه

- ‌أحدها: أن يعتمر في أشهر الحج

- ‌الشرط الثاني: أن يحجَّ من عامه ذلك

- ‌الشرط الثالث: أن لا يسافر بعد العمرة

- ‌الشرط الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام

- ‌مسألة: (وفدية الجماع بَدَنةٌ، فإن لم يجد فصيامٌ كصيام التمتُّع، وكذلك الحكم في البدنة الواجبة بالمباشرة ودم الفوات)

- ‌ مسألة(5): (والمُحْصَر يلزمه دمٌ، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام)

- ‌مسألة(3): (ومن كرَّر محظورًا من جنسٍ غيرِ قتل الصيد فكفارة واحدة، إلا أن يكون قد كفّر عن الأول، فعليه للثاني كفارة، وإن فعل محظورًا من أجناسٍ فلكل واحدٍ كفارة)

- ‌الفصل الثانيأن الصيد تتعدد كفارته بتعدُّد قتله

- ‌هل شعر الرأس وشعر البدن جنس أو جنسان؟ على روايتين منصوصتين:

- ‌مسألة(6): (والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عَمْدُه وسهوه، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه)

- ‌الفصل الثانيأنه إذا قتل الصيد ناسيًا أو جاهلًا فعليه الكفارة، كما على العامد

- ‌الفصل الثالثإذا حلق شعرًا وقلَّم ظُفرًا ناسيًا أو مخطئًا أو جاهلًا، فالمنصوص عنه أن فيه الكفارة

- ‌مسألة(3): (وكلُّ هَدْي أو إطعام فهو لمساكين الحرم، إلا فديةَ الأذى يُفرِّقها في الموضع الذي حلق، وهديَ المحصر ينحره في موضعه، وأما الصيام فيجزئه بكل مكان)

- ‌الفصل الثانيأن الإطعام الواجب حيث يجب الهدي حكمه حكم ذلك الهدي

- ‌الفصل الثالثأن الصوم يُجزئ بكل مكان

- ‌باب دخول مكة

- ‌مسألة(1): (يُستحبُّ أن يدخل مكة(2)من أعلاها)

- ‌مسألة(2): (ويدخل المسجدَ من باب بني شيبة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة(2): (فإذا رأى البيت رفع يديه وكبَّر الله وحَمِدَه ودعا)

- ‌مسألة(1): (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، وبطواف القدوم إن كان مفرِدًا أو قارنًا)

- ‌مسألة(2): (ويضطبع بردائه، فيجعل وسطَه تحت عاتقه الأيمن، وطرفَيه على الأيسر)

- ‌مسألة(4): (ويبدأ بالحجر الأسود، فيستلمه ويقبِّله، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم(5)إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ الركن الأسود يمينُ الله عز وجل في الأرض

- ‌مسألة(1): (يرمُلُ في الثلاثة الأُوَل من الحجر إلى الحجر، ويمشي في الأربعة)

- ‌الفصل الثانيما يقوله إذا استلم الركنين

- ‌مسألة(3): (ثم يصلِّي ركعتين خلفَ المقام)

- ‌مسألة(2): (ويعود إلى الركن فيستلمه، ويخرج إلى الصفا من بابه)

- ‌مسألة(3): (ثم يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتيه فيرقَى عليه، ويكبِّر الله ويهلِّله ويدعوه، ثم ينزِل فيمشي إلى العَلَم، ثم يسعى إلى العلم الآخر، ثم يمشي إلى المروة، فيفعل كفعله على الصفا

- ‌مسألة(1): (ثم يُقصِّر من شعره إن كان معتمرًا، وقد حلَّ إلا المتمتع إن كان معه هديٌ، والقارن والمفرد فإنه لا يحلُّ)

- ‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

- ‌الرواية الثالثة: إن قدِمَ في العشر لم ينحَرْ ولم يحِلَّ، وإن قدِمَ قبل العشر نحَرَ وحلَّ إن شاء

- ‌مسألة(1): (والمرأة كالرجل إلا أنها لا ترمُلُ في طواف ولا سعي)

- ‌باب صفة الحج

- ‌مسألة(1): (وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالًا أحرم من مكة، وخرج إلى عرفات)

- ‌الفصل الثالثأنهم يبيتون بمنًى حتى تطلع الشمس على ثَبِيرٍ

- ‌مسألة(1): (فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلَّى الظهر والعصر يجمع بينهما)

- ‌مسألة: (ويستقبل القبلة)

- ‌مسألة(2): (ويكون راكبًا)

- ‌مسألة(1): (ويُكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس)

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزِمَينِ وعليه السكينة والوقار، ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل

- ‌مسألة(3): (فإذا وصل إلى مزدلفة صلّى المغرب والعشاء قبل حطِّ الرحال، يجمع بينهما)

- ‌هذا الجمع مسنون لكل حاجّ من المكيين وغيرهم

- ‌مسألة(1): (ثم يبيتُ بها)

- ‌مسألة(2): (ثم يصلّي الفجر بغَلَسٍ)

- ‌مسألة(2): (ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده، ويدعو، ويكون من دعائه: اللهم كما وقَفتَنا(3)فيه، وأريتَنا إيّاه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا، وارحمنا

- ‌مسألة(2): (ثم يدفع قبل طلوع الشمس، فإذا بلغ محسِّرًا أسرع قدرَ رَمْيةٍ(3)بحجرٍ حتى يأتي منًى)

- ‌مسألة(2): (حتى يأتي منًى فيبدأ بجمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات كحصى الخَذْف، يكبّر مع كل حصاة

- ‌الفصل الثانيأن يرميها بسبع حصيات

- ‌الفصل الثالثأنه يستحبّ أن يكون الحصى كحصى الخَذْف

- ‌الفصل الرابعأنه(2)يكبر مع كل حصاة، ويرفع يده في الرمي

- ‌الفصل الخامسأنه يقطع التلبية مع ابتداء الرمي

- ‌الفصل السادسأن السنة أن يرميها من بطن الوادي

- ‌الفصل السابعأنه يستقبل القبلة، فيجعل الجمرة عن يمينه ومنى وراءه

- ‌الفصل الثامنأنه لا يقف عندها

- ‌مسألة(1): (ثم ينحر هَدْيه)

- ‌مسألة(4): (ثم يحلق ويقصِّر)

- ‌مسألة(5): (ثم قد حلَّ له كل شيء إلا النساء)

- ‌مسألة(4): (ثم يُفيض إلى مكة فيطوف للزيارة؛ وهو الطواف الذي به تمام الحج)

- ‌مسألة(1): (ثم يسعى بين الصفا والمروة إن(2)كان متمتعًا، أو ممن لم يسْعَ مع طواف القدوم)

- ‌مسألة(4): (ثم قد حلَّ من كل شيء)

- ‌مسألة(1): (ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما أحبّ، ويتضلَّع منه ثم يقول: اللهم اجعلْه لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا وشبعًا

- ‌بابما يفعله بعد الحلّ

- ‌مسألة(1): (ثم يرجع إلى منًى، ولا يبيت لياليها إلا بها)

- ‌مسألة(2): (فيرمي بها الجمار بعد الزوال من أيامها، كلّ جمرة بسبع حَصَياتٍ، يبتدئ(3)بالجمرة الأولى

- ‌الفصل الثانيأنه يرمي كل جمرة بسبع حصيات

- ‌الفصل الرابعأنه يستقبل القبلة عند رمي الأُولَيينِ

- ‌مسألة: (لكن عليه وعلى المتمتع دم؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

- ‌مسألة(7): (وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودِّع البيت بطوافٍ عند فراغه من جميع أموره، حتى يكون آخرَ عَهْدِه بالبيت)

- ‌مسألة: (فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده)

- ‌مسألة: (ويُستحبّ له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب، فيلتزم البيتَ ويقول: «اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك

- ‌مسألة: (ومن خرج قبل الوداع رجع إن كان قريبًا، وإن أبعدَ(4)بعثَ بدمٍ)

- ‌مسألة(6): (إلا الحائض والنُّفَساء فلا وداعَ عليهما، ويستحبُّ لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا)

- ‌بابأركان الحج والعمرة

- ‌مسألة(1): (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)

- ‌أما إن وقف قبل الزوال ففيه روايتان:

- ‌فصلفإن طاف على غير طهارة، ففيه روايتان:

- ‌الشرط الثالث: أن يكون طاهرًا من الخَبَث

- ‌الشرط الرابع: السترة

- ‌الشرط الخامس: أن يطوف سبعة أطوافٍ

- ‌الشرط الثامن: الموالاة

- ‌الشرط التاسع: أن يطوف بالبيت جميعِه، فلا يطوف في شيء منه

- ‌الشرط العاشر: أن يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح

- ‌مسألة(3): (وواجباته: الإحرام من الميقات)

- ‌مسألة(3): (والوقوف بعرفة إلى الليل)

- ‌فصللا يجوز له أن يُفيض من عرفات قبل غروب الشمس

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل)

- ‌وأحكام جَمْعٍ مضطربةٌ تتلخَّص في مسائل:

- ‌الثالثة: أن من فاته الوقوف بها والمبيتُ فعليه دم

- ‌الخامسة: من وافاها أولَ الليل فعليه أن يبيتَ بها، بمعنى أن يُقِيم بها، لا يجوز له الخروج منها إلى آخر الليل

- ‌الرواية الثانية: لا تجوز الإفاضة قبل مَغيبِ القمر

- ‌يتوجَّه وجوب الوقوف بعد الفجر لغير أهل الأعذار

- ‌مسألة(1): (والسعي)

- ‌أما الطهارة فتُسَنُّ له، ولا تُشترط

- ‌مسألة(4): (والمبيت بمنًى)

- ‌مسألة(3): (والرمي)

- ‌فصلوأما ركعتا الطواف

- ‌مسألة(4): (والحلق)

- ‌مسألة(3): (وطواف الوداع)

- ‌مسألة(3): (وأركان العمرة: الطواف، وواجباتها: الإحرام والسعي والحلق)

- ‌مسألة: (فمن ترك ركنًا لم يتمَّ نسكُه إلا به، ومن ترك واجبًا جَبَرَه بدم، ومن ترك سنةً فلا شيء عليه)

- ‌مسألة(1): (ومن لم يقفْ بعرفة حتى طلع الفجرُ يومَ النحر فقد فاته الحج، فيتحلَّلُ بطواف وسعي، وينحر هديًا إن كان معه، وعليه القضاء)

الفصل: ‌فصلوأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

يقصِّر ولم يحِلَّ من أَجْلِ الهدي، وأمرَ من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى، ويقصِّر أو يَحْلِق. رواه أبو داود

(1)

.

‌فصل

وأما من ساق الهدي ففيه ثلاث روايات:

إحداهن: لا ينحر هديه، ولا يحلُّ من إحرامه بتقصيرٍ ولا غيره إلى يوم النحر، سواء قدِمَ مكة

(2)

في العشر أو قبله. قال في رواية حنبل

(3)

: إذا قدِمَ في أشهر الحج وقد ساق الهدْيَ لا يحلُّ حتى ينحره، والعشر أوكَدُ، إذا قدِمَ في العشر لم يحلَّ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدِمَ في العشر ولم يحلَّ.

وهذه الرواية هي المشهورة عند أصحابنا، فيُمْنَع من الإحلال والنحر، سواء كان مفرِدًا للحج أو متمتعًا أو قارنًا. وهذا مما استفاض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدَّم ذِكرُ ذلك في حديث ابن عمر وعائشة: «تمتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى، فساق معه الهديَ من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهلَّ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحج، وتمتَّع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى فساق الهدي، ومنهم من لم يُهْدِ، فلما قدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكةَ قال للناس: «من كان منكم أهدى فإنه لا يحلُّ من شيء حَرُم منه حتى يقضي حجَّه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطُفْ بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصِّرْ وليحلِلْ، ثم ليُهِلَّ بالحج،

(1)

رقم (1792). وهو صحيح لغيره عدا قوله: «أو يحلق» فإنه منكر، وقد سبق تخريجه (4/ 301).

(2)

في المطبوع: «من مكة» خطأ.

(3)

كما في «التعليقة» (1/ 310، 311).

ص: 198

فمن لم يجدْ [هديًا] فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله». وذكر الحديث إلى أن قال: ثم لم يحلِلْ من شيء حَرُمَ منه حتى قضى حجَّه، ونحر هدْيَه يوم النحر. متفق عليه

(1)

.

وعن عائشة قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فمنّا من أهلَّ بعمرة، ومنّا من أهلَّ بحج، فقدمنا مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحرم بعمرة ولم يُهْدِ فليحِلَّ، ومن أحرم بعمرة فأهدى فلا يحِلّ حتى يحلَّ نحرُ هَدْيِه، ومن أهلَّ بالحج فلْيُتِمَّ حجَّه» . متفق عليه.

وقد تقدَّمت الأحاديث عن ابن عباس وجابر والبراء وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر جميع أصحابه أن يحِلُّوا إلا من ساق الهدي.

وفي روايةٍ لابن عباس: «أهلَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة، وأهلَّ أصحابه بحجٍّ، فلم يحلَّ النبي صلى الله عليه وسلم ولا من ساق الهدي من أصحابه، وحلَّ بقيّتهم، وكان طلحة بن عبيد الله فيمن ساق الهدي فلم يحلَّ» . رواه مسلم.

وعن أسماء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه هديٌ فليُقِمْ على إحرامه، ومن لم يكن معه هديٌ فليحِلَّ» ، ولم يكن معي هديٌ فحللتُ، وكان مع الزبير هديٌ فلم يحلَّ. رواه مسلم.

وعن أبي موسى أنه أهلَّ بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقدمتُ عليه، فقال:«هل سُقْتَ من هَدْيٍ؟» قلت: لا، قال:«فطُفْ بالبيت وبالصفا و [ق 336] المروة» .

(1)

سبق ذكر هذا الحديث وجميع الأحاديث الآتية، فلا نعيد الإحالة إلى مصادر التخريج.

ص: 199

وكان علي قد أهلَّ بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم وساق الهدي فلم يحلَّ، وقد تقدَّم ذلك.

فهذه الأحاديث نصوصٌ في أن من ساق الهدي لا يحلُّ إلى يوم النحر، سواء كان متمتعًا أو مفردًا أو قارنًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع كل من ساق الهدي من الإحلال، وقد كان فيهم المتمتع والمفرد والقارن، ولم يستثنِ المتمتع، ولو جاز الحِلُّ للمتمتع لوجب استثناؤه وبيان ذلك؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

ولأنه جعل سَوْقَ الهدي هو المانع من الإحلال، ولم يعلِّق المنعَ بغيره، فعُلِم أنه مانع في حق المتمتع كما أنه مانع من الفسخ في حقّ المفرِد والقارن، إذ لو كان هناك مانع آخر لبيَّنه.

ولأن كل من جاز له الفسخ ــ سواء كان خاصًّا في حقّ الصحابة أو عامًّا للمسلمين إلى يوم القيامة ــ بمنزلة المتمتع في جواز الإحلال، فلما منع أصحاب الهدي من الإحلال عُلِم أن سَوْق الهدي مانع من الإحلال، حيث يجوز الحلُّ لغير السائق.

ولأن حديث عائشة نص خاص في أن

(1)

المتمتع إذا ساق الهدي لا يحلُّ حتى ينحرَ هدْيَه ويقضي حجَّه

(2)

.

وأيضًا فإن الله سبحانه قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} ، والحلق هو أول التحلُّل بمنزلة السلام من الصلاة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إني لبَّدتُ رأسي وقلَّدتُ هديي، فلا أحِلُّ حتى أنحر» ، وقال لأصحابه: «من

(1)

«أن» ساقطة من المطبوع.

(2)

في المطبوع: «حجته» خلاف النسختين.

ص: 200

ساق الهديَ فلا يحلُّ إلى يوم النحر»، فعُلِم أن الإحلال والنحر لا يكون إلى

(1)

يوم النحر، فعُلِم أنه لا يجوز الإحلال حتى يحلَّ نحْرُ الهدي، ولا يحلُّ نحْرُ الهدي إلى يوم النحر كما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن نحر الهدي من أسباب التحلُّل، وتقليده له وسَوْقه بمنزلة الإحرام للرجل، ونَحْره بمنزلة الإحلال للرجل؛ ولهذا قال تعالى:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]، {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25]، {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}. والمَحِلُّ: مشتقّ من الحلّ، وذاك بإزاء الحرم، فعُلِم أنه ذو حرمٍ، وإنما ينقضي الإحرام يوم النحر لأن المتمتع إنما يتمُّ نسكه بالحج.

والرواية الثانية: أن سائق الهدي يحلُّ ليقصِّر من شعر رأسه إن شاء، فأما غير ذلك من محظورات الإحرام فلا. قال في رواية أبي طالب

(2)

في الذي يعتمر قارنًا أو متمتعًا ومعه الهدي: قصِّرْ من شعرك، ولا تمسَّ شاربك ولا أظفارك ولا لحيتك، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن شاء لم يفعلْ، وإن شاء أخذ من شعر رأسه وهو حرام.

فقد بيَّن أنه يحلُّ من التقصير فقط، ولا يحلُّ من جميع المحظورات، كما يحلُّ الحاجُّ إذا رمى من بعض المحظورات؛ وذلك لما روى ابن عباس عن معاوية بن أبي سفيان قال: قصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمِشْقَصٍ. رواه البخاري

(3)

، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي

(4)

عن ابن عباس قال: قال لي

(1)

في هامش ق: «لعله إلا» . والمثبت صواب.

(2)

كما في «التعليقة» (1/ 311).

(3)

رقم (1730).

(4)

مسلم (1246) وأبو داود (1802) والنسائي (2987).

ص: 201

معاوية: إني قصَّرتُ من رأس

(1)

رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمِشْقَصٍ، فقلت له: لا أعلم هذه إلا حجةً عليك.

وعن ابن عباس أيضًا قال: تمتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات، وعثمان حتى مات، وكان أول من نهى عنها معاوية، قال ابن عباس: فعجبتُ منه، وقد حدَّثني أنه قصَّر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمِشْقَصٍ. رواه أحمد والترمذي

(2)

، وقال:«حديث حسن» . وفيه ليث بن [أبي] سُليم.

وعن قيس بن سعد عن عطاء عن معاوية قال: أخذتُ من أطراف شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمِشْقَصٍ كان معي، بعدما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في أيام العشر. قال قيس: والناس يُنكِرون هذا على معاوية. رواه النسائي

(3)

، وروى أحمد

(4)

نحوه.

وأيضًا فإن قضاء العمرة يقتضي الإحلال، وسَوْق الهدي يقتضي بقاء الإحرام، فحلَّ بالتقصير خاصةً توفيةً لحقِّ العمرة ولتتميَّزَ عن الحج، وبقي على إحرامه من سائر المحظورات لأجْلِ سَوْقِ الهدي، لا سيما والتقصير متردّد بين النسك المحض وبين استباحة المحظورات.

(1)

«رأس» ساقطة من المطبوع، وهي ثابتة في النسختين وعند مسلم.

(2)

أحمد (2664) والترمذي (822). وهو ضعيف، وقد سبق تخريجه (4/ 299).

(3)

رقم (2989). وإسناده منقطع لأن عطاءً لم يسمع من معاوية رضي الله عنه، وذكر «أيام العشر» فيه شاذ، كما سيأتي في كلام المؤلف قريبًا.

(4)

رقم (16836).

ص: 202