الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرط، لقوله في رواية إسحاق بن إبراهيم
(1)
: الحائض تقضي المناسك كلَّها إلا الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة.
فصل
ومن طاف راكبًا على دابة، أو محمولًا لإنسان، فإن كان لعذرٍ من مرضٍ أو [كِبَرٍ]
(2)
جاز
(3)
.
مسألة
(4)
: (والمبيت بمنًى)
.
السنة للحاجّ أن لا يبيتَ لياليَ منًى إلّا بمنًى
(5)
؛ لأن الله سبحانه قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
(6)
} [البقرة: 203] ومعنى التعجُّل: هو الإفاضة من منًى، فعُلِم أنه قبل التعجُّل يكون مقيمًا بها، فلو لم يبِتْ بها ليلًا ــ وليس [ق 378] عليه أن يقيم بها نهارًا ــ لم يكن مقيمًا بها، ولم يكن فرقٌ بين إتيانه منى لرمي الجمار، وإتيانه مكة لطواف الإفاضة والوداع.
والآية دليل على أن عليه أن يقيم في الموضع الذي شُرِع فيه ذكر الله، وجُعل ذلك المكان والزمان عيدًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلوا ذلك؛ ولأن
(1)
هو ابن هانئ في «مسائله» (1/ 140).
(2)
مكانه بياض في النسختين.
(3)
بعدها بياض في النسختين بقدر أربعة أسطر.
(4)
انظر «المستوعب» (1/ 529) و «الهداية» (ص 199) و «الشرح الكبير» (9/ 293) و «الفروع» (6/ 70).
(5)
في النسختين: «إلا بها» . والمثبت من هامشهما بعلامة ص.
(6)
{وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ساقطة من المطبوع.
العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيتَ بمكة لياليَ منًى من أجل سقايته، فأذن له متفق عليه
(1)
.
فاستئذان العباس دليل على أنهم كانوا ممنوعين من [ترك] المبيت بها، وإذنُه له من أجل السقاية دليل على أنه لا يؤذن في ترك المبيت بغير عذر.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يومُ عرفة ويومُ النحر وأيامُ منًى عيدُنا أهلَ الإسلام»
(2)
.
والعيد هو المجتمَعُ للعبادة؛ فيوم عرفة ويوم النحر يجتمعون بعرفة ومزدلفة ومنًى، وأيام منى لا بدَّ أن يجتمعوا، وهم لا يجتمعون نهارًا لأجل مصالحهم، فإنهم يرمون الجمار متفرقين، فلا بدَّ من الاجتماع ليلًا.
وعن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال: «لا يبيتنَّ أحدٌ من الحاجِّ من وراء جمرة العقبة» ، وكان يبعث إلى من وراء العقبة، فيدخلون منًى. رواه مالك وأحمد، وهذا لفظه
(3)
.
وعن نافع عن أسلم ــ إن شاء الله ــ
(4)
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «لا يبيتنَّ أحدٌ من الحاج وراء جمرة العقبة» . وكان يُرسِل رجالًا فلا
(1)
أخرجه البخاري (1634، 1745) ومسلم (1315) من حديث ابن عمر.
(2)
أخرجه أحمد (17379، 17383) وأبو داود (2419) والترمذي (773) والنسائي (3004) من حديث عقبة بن عامر. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة (2100) وابن حبان (3603) والحاكم (1/ 434).
(3)
«الموطأ» (1/ 406)، ولم أجده في «المسند» . ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (14603) بلفظ قريب.
(4)
«إن شاء الله» ساقطة من المطبوع.
يجدون أحدًا شَذَّ من منًى إلا أدخل
(1)
.
وعن ابن عمر قال: لا يبيتنَّ أحدٌ من وراء جمرة العقبة لياليَ منًى
(2)
. رواهما أحمد
…
(3)
.
فإن ترك المبيت بمنًى، فقال أبو بكر في «الشافي»
(4)
: روي عنه: عليه الدم، وروي: يتصدّق بشيء، وروي عنه: لا شيء عليه، وبهذا أقول.
فهذه ثلاث روايات:
إحداهن: لا شيء عليه، قال في رواية المرُّوذي
(5)
: من بات بمكة لياليَ منًى يتصدّق بشيء، وإن بات من غير عذرٍ أرجو أن لا يكون عليه شيء.
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرخصَ لأهل السقاية في ترك المبيت بها، وللرِّعاء
(6)
. كما أرخصَ للضَّعفة في الإفاضة من جَمْعٍ بليل، ولو كان واجبًا لم يسقط إلا لضرورة، كطواف الوداع.
ولأن ابن عباس قال: إذا رميتَ الجمرة فبِتْ حيثُ شئتَ
(7)
. رواه أحمد
(1)
أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (2554، 2555).
(2)
رواه الأثرم، كما في «المغني» (5/ 325).
(3)
بياض في النسختين.
(4)
نقل عنه القاضي في «التعليقة» (2/ 150).
(5)
كما في المصدر السابق (2/ 150).
(6)
في المطبوع: «وللرعاة» خلاف النسختين. وفي القرآن {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23].
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة (14614) بإسناد صحيح.
في رواية حرب.
ولأنه أحد المبيتينِ بمنًى، فلم يجب كالمبيت بها ليلةَ عرفة عشيةَ التروية.
والثانية: قال حنبل
(1)
: سمعت أبا عبد الله قال: ولا يَبِتْ
(2)
أحدٌ لياليَ منًى من وراء العقبة، ومن زار البيت رجع من ساعته، ولا يبيت آخرَ الليالي [إلّا]
(3)
بمنًى؛ لأن عمر رضي الله عنه منعَ من ذلك، فمن بات فعليه دم.
وهذا قول .....
(4)
القاضي
(5)
وأصحابه، لأنه واجب كما تقدَّم، ومن ترك شيئًا من نُسكه فعليه دم، كما لو ترك المبيت بمزدلفة. قال القاضي في «خلافه»
(6)
: فإنها تجب رواية واحدة.
والثالثة
(7)
: يتصدَّق بشيء، وهو أكثرُ عنه.
قال في رواية ابن منصور
(8)
: من بات دون منًى ليلةً يُطعِم شيئًا.
وقال في رواية حرب
(9)
في الرجل يبيت وراء العقبة لياليَ منًى:
(1)
كما في «التعليقة» (2/ 150).
(2)
في المطبوع: «ولا يبيت» خلاف النسختين.
(3)
زيادة لابدَّ منها.
(4)
بياض في النسختين.
(5)
في «التعليقة» (2/ 152).
(6)
أي «التعليقة» (2/ 153).
(7)
في النسختين: «والثانية» . والمثبت يقتضيه السياق.
(8)
هو الكوسج، انظر «مسائله» (1/ 539).
(9)
كما في «التعليقة» (2/ 151).
يتصدَّق بشيء. وقال ابن جريج عن عطاء: يتصدّق بدرهم
(1)
. ومغيرة عن إبراهيم
(2)
: [إذا باتَ دون العقبة أهراقَ لذلك دمًا]. قال أبو عبد الله: الدم شديد. ويحيى عن سفيان: ليس عليه شيء، وكان سفيان يرخّص. وقال ابن عباس: إذا رميتَ جمرة العقبة فبِتْ بحيث
(3)
شئتَ
(4)
.
وقال في رواية الأثرم
(5)
فيمن جاء للزيارة فبات بمكة: يُعجبني أن يُطعم شيئا، وخفّفه بعضهم يقول: ليس عليه شيء، وإبراهيم قال: عليه دم، وضحك وقال: الدم شديد. وكذلك نقل ابن أبي عبدة
(6)
.
وقال في رواية أبي طالب وابن إبراهيم
(7)
: لا يبيت أحدٌ بمكة لياليَ منى، فمن غلبته عينه فليتصدَّقْ بدرهم أو بنصف درهم، كذا قال عطاء
(8)
. ولا يبيت عامدًا.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (14610).
(2)
في النسختين: «شعبة» خطأ. وسقط قوله الذي عقَّب عليه الإمام أحمد. وقد أخرج ابن أبي شيبة (14609) من طريق مغيرة عن إبراهيم ما أثبتناه. وسيأتي في رواية الأثرم ما يؤكّده.
(3)
في المطبوع: «حيث» خلاف النسختين.
(4)
سبق تخريجه. وإلى هنا انتهت رواية حرب.
(5)
كما في «التعليقة» (2/ 151).
(6)
هو أحمد بن أبي عبدة، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وتوفي قبل وفاة الإمام. انظر «طبقات الحنابلة» (1/ 7، 84). وفي «التعليقة» (2/ 151): «محمد بن عبدة» خطأ.
(7)
أي ابن هانئ في «مسائله» (1/ 160). وانظر «التعليقة» (2/ 151).
(8)
كما أخرجه عنه ابن أبي شيبة (14610).
فقد أمره أن يتصدَّق بشيء ولم يقدِّره، وقال مرة: درهم أو نصف درهم؛ لأنه أقلّ ما يُتصدّق به من النقود، وإن تصدَّق بطعام
…
(1)
.
وذلك لأن الإذن في ترك هذا المبيت لحاجة غير ضرورية تدلُّ على أنه ليس من المناسك المؤكَّدة، فإن المناسك المؤكَّدة لا يُرخَّص في تركها لأحد، ولو قيل: تتقدر
(2)
به.
ولو ترك المبيت ليلة واحدة أو ليلتين، فقال القاضي في «خلافه»
(3)
وابن عقيل: ليس عليه دم رواية واحدة، بخلاف ترك المبيت بمزدلفة، فإنها نسك واحد، فإذا تركه لزمه الدم، وليالي منًى جميعها نسك واحد، فلا يجب في بعضها ما يجب في جميعها، كما لو ترك حصاةً أو حصاتين.
واستشهدا
(4)
على ذلك بما تقدَّم عنه: أنه استكثر الدم في ترك ليلة واحدة، وأمره أن يتصدق بشيء، وخرَّجاها على ثلاث روايات
(5)
:
إحداهن: يتصدَّق بدرهم أو نصف درهم، وهو المنصوص عنه هنا.
والثانية: في ليلةٍ مدٌّ، وفي ليلتين مدّانِ.
والثالثة: في ليلةٍ قبضةٌ من طعام، وفي ليلتين قبضتانِ. وهاتان مخرَّجتان من حلق شعرةٍ أو [ق 379] شعرتين.
(1)
بياض في النسختين.
(2)
كذا في النسختين، وفي المطبوع:«تقدر» .
(3)
أي «التعليقة» (2/ 154).
(4)
في النسختين والمطبوع: «واستشهدوا» . والمثبت يقتضيه السياق.
(5)
انظر «التعليقة» (2/ 154).
وأما أبو الخطاب
(1)
فإنه جعل في ترك المبيت لياليَ منًى الدمَ قولًا واحدًا، وذكر في ترك ليلةٍ أو ليلتين أربعَ روايات:
إحداهن: عليه دم.
والثانية: يتصدَّق بدرهم أو نصف درهم.
والثالثة: مدٌّ من طعام.
والرابعة: لا شيء عليه.
ومن سلك هذه الطريقة حمل كلام أحمد في الأمر بالصدقة وفي كونه لا شيء عليه= على الليلة والليلتين. وأصحاب هاتين الطريقتين يُسوُّون بين ثلاث حَصَياتٍ، وترْكِ ثلاث ليال، وحلْقِ ثلاث شَعَرات، ويجعلون عدد الليالي كعدد الحصى والشَّعر. قالوا: لأن كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة يجب في جميعه دم، وفي بعضه صدقة، فلذلك سوَّينا بينها
(2)
. لكن منصوص أحمد في أن من بات ليالي منًى من وراء العقبة: يتصدق بشيء، أو لا شيء عليه= يُبطِل هذه الطريقة.
والطريقة المنصوصة عن أحمد: أن في الليلة والليالي الثلاث ثلاثَ روايات كما تقدَّم لفظه فيهن، إحداهن: عليه دم، والثانية: عليه صدقة، والثالثة: لا شيء عليه. وغيرُ مستنكرٍ إيجابُ الدم في جملةٍ وإيجابُها
(3)
في بعضها، فإن رمي الجمار كلها فيها دم، وفي الجمرة الواحدة أيضًا دم، بل
(1)
في «الهداية» (ص 197).
(2)
في المطبوع: «بينهما» خطأ.
(3)
كذا في النسختين بتأنيث الضمير. والدم مذكر.