الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسجد. وكذلك في كلام أحمد وأصحابه.
مسألة
(1)
: (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، وبطواف القدوم إن كان مفرِدًا أو قارنًا)
.
وجملة ذلك: أن المحرم إذا دخل المسجد فإنه لا يبتدئ بشيء قبل الطواف بالبيت. هذا هو [المذهب]
(2)
الذي عليه عامة أصحابه
(3)
.
وقال ابن عقيل: يُستحب أن يُقدِّم على الطواف تحيةَ المسجد الحرام، إلا أن يكون عليه فائتة فيقدِّم الفائتة على التحية. قال: وإنما جعلنا التحية قبل الطواف لأن الدخول إلى المسجد قبل المُضِيّ، فيبدأ بالأسبق فالأسبق.
وهذا الذي قاله ليس بشيء، فإن المسجد الحرام تحيته الطواف بالبيت، وهي تحية البيت والمسجد.
وهذه هي السنة الماضية؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد الحرام هو وأصحابه لم يبدؤوا بشيء قبل الطواف بالبيت؛ فروى أبو الأسود أن رجلًا من أهل العراق قال له: سَلْ لي عروةَ بن الزبير عن رجل يُهِلُّ بالحج، فإذا طاف بالبيت أيحلُّ أم لا؟ فإن قال لك: لا يحلُّ، فقل له: إن رجلًا يقول ذلك، قال: فسألته فقال: لا يحلُّ من أهلَّ بالحج إلا بالحج، فقلت: فإن رجلًا كان يقول ذلك، فقال: بئس ما قال. فتصدَّاني الرجل فسألني فحدَّثتُه،
(1)
انظر «المستوعب» (1/ 497) و «المغني» (5/ 213) و «الشرح الكبير» (9/ 79) و «الفروع» (6/ 32).
(2)
هنا بياض في النسختين.
(3)
في النسختين: «أصحابنا» . والمثبت من هامشهما بعلامة ص.
فقال: فقل
(1)
: إن رجلًا كان يُخبِر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك، وما شأنُ أسماء والزبير فعلا ذلك؟ فذكرتُ له ذلك، فقال: من هذا؟ قلت: لا أدري، قال: فما
(2)
بالُه لا يأتيني بنفسه يسألني؟ أظنُّه عراقيًّا، قلت: لا أدري، قال: فإنه قد كذَبَ، قد حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتْني عائشة أنه أول شيء بدأ حين قَدِمَ مكة أنه توضَّأ، ثم طافَ بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم حجَّ أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، [ق 324] ثم لم تكن عمرة، ثم عمر مثل ذلك، ثم حجَّ عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم معاوية وعبد الله بن عمر، ثم حججتُ مع أبي الزبير بن العوام، فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم رأيتُ المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم تكن عمرة، ثم آخِرُ من رأيتُ ابن عمر فعل ذلك، ثم لم ينقُضْها بعمرة، وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه؟ ولا أحدٌ ممن مضى، ما كانوا يبدؤون بشيء حين يضعون أقدامهم أولَ من الطواف بالبيت، ثم لا يحلُّون. وقد رأيتُ أمي وخالتي حين تَقْدَمان لا تبدآن
(3)
بشيء أولَ من الطواف بالبيت، تطوفانِ به ثم لا تحلّانِ، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلتْ هي وأختُها والزبير وفلان وفلان بعمرةٍ قطُّ، فلما مسحوا الركنَ حلُّوا. قد كذب فيما ذكر.
أخرجاه
(4)
.
(1)
«فقل» ساقطة من المطبوع.
(2)
في النسختين: «لما» تحريف.
(3)
في المطبوع: «لا يبدئان» تصحيف.
(4)
أخرجه البخاري (1614 - 1615، 1641 - 1642) مختصرًا، ومسلم (1235) بتمامه.
فصل
وإن كان عليه فائتةٌ ذكرها حين الدخول أو قبل ذلك، بدأ بها قبل الطواف؛ لأن قضاءها واجب على الفور حين يذكرها، لا كفارةَ لها إلا ذلك. وكذلك إن أدرك مكتوبةً في جماعة؛ لأنه يخشى فوتَ الجماعة، ولا يخشى فوتَ
(1)
الطواف، إلا أن يكون هناك جماعات متعددة
(2)
.
ولم يستثنِ ابن عقيل إلا الفرض، واستثنى القاضي وغيره الفريضةَ وركعتي
(3)
الفجر والوتر، إذا خاف فوتَ ذلك قدَّمه على الطواف. وهذا أصحُّ لأن الوتر مؤكَّد، لكن استثناء ركعتي الفجر ليس بمستقيمٍ على أصلنا؛ لأنه إن لم يكن صلَّى الفجر فإذا خاف فوتَ سنتها فهو لخوف المكتوبة أشدُّ، فيبدأ بالسنة والمكتوبة، فلا معنى لتخصيص ركعتي الفجر، وإن كان صلّى المكتوبة، فإنه
(4)
يؤخِّر قضاء السنة إلى طلوع الشمس، وهو أولى من صلاتها قبل طلوعها، فلا معنى لخوف فوتِها
(5)
.
وأما إذا خاف فوتَ سنة الظهر أو المغرب بعدها، فعلى ما ذكره القاضي يقدِّم الطواف، وقال غيره: متى خشي فوتَ سنةٍ راتبةٍ قدَّمها على الطواف.
(1)
س: «فوات» .
(2)
في هامش النسختين: «قوله: إلا أن يكون هناك جماعات متعددة، يُشعر بأنه يبدأ بالطواف وإن دخل وقت الصلاة مع بقاء وقتها، إلا أن يكون هناك جماعة يخشى فوتها، فإنه يبدأ بصلاة الجماعة» .
(3)
في النسختين: «وركعتا» . والمثبت يقتضيه السياق.
(4)
في المطبوع: «فإن» خلاف النسختين.
(5)
في المطبوع: «فواتها» خلاف النسختين.