الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحرم، ثم رأيته من
(1)
العام المقبل وهو في البيت، فقيل له: قد رُئي هلال ذي الحجة، فخلع قميصه ثم أحرم، فلما كان العام الثالث قيل له: قد رُئي هلال ذي الحجة، فقال: وما أنا إلا كرجلٍ من أصحابي، وما أراني أفعلُ إلا كما فعلوا، فأمسكَ حتى كان يوم التروية، فأتى البطحاء، فلما استوتْ به راحلته أحرم.
وعن مجاهد نحو ذلك، قال: يعني فسألته عن ذلك فقال: إني كنتُ امرأً من أهل المدينة، فأحببت أن أُهلِّ بإهلالهم، ثم ذهبت أنظر، فإذا أنا أدخل على أهلي وأنا محرم، وأخرج وأنا محرم، فإذا ذلك لا يصلح؛ لأن المحرم إذا أحرم خرج لوجهه، قلت: فأيَّ ذلك ترى؟ قال: يوم التروية، يوم التروية
(2)
. رواهما سعيد
(3)
.
الفصل الثالث
أنهم يبيتون بمنًى حتى تطلع الشمس على ثَبِيرٍ
، وهو الجبل المشرف على منًى، فلا يشرعون
(4)
في الرحيل قبل طلوع الشمس، فأما شدُّ الأحمال ووضعها على الحمولة فليس من السَّير.
الفصل الرابع
أنهم يسيرون من منى إلى عرفات، ولا يقفون عند المشعر الحرام كما كانت الجاهلية [ق 341] تفعل، فينزلون قبل الزوال بنَمِرَةَ، ومن أصحابنا من
(1)
في المطبوع: «في» خلاف النسختين.
(2)
في المطبوع: «يوم التروية» بدون تكرار.
(3)
ومن طريقه أخرجهما ابن حزم في «المحلَّى» (7/ 124 - 125).
(4)
في النسختين: «فلا يشرعوا» .
قال: ينزلون بعرفة.
قال أبو عبد الله في رواية المرُّوذي: ثم يغدو ــ يعني بعد المبيت بمنى ــ إلى عرفات، ويقول:«اللهم إليك توجهتُ، وعليك اعتمدتُ، ووجهَك أردتُ، أسألك أن تبارك لي في سفري، وتقضي حاجتي، وتغفر لي ذنوبي. اللهم إني لك أرجو، وإياك أدعو، وإليك أرغب، فأصلِحْ لي شأني كلَّه من الآخرة والدنيا» .
قال جابر بن عبد الله: فلما كان يومُ التروية توجَّهوا إلى منًى، فأهلُّوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقُبَّة من شعرٍ تُضرب بنَمِرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تشكُّ قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفةَ، فوجد القُبة قد ضُرِبت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقَصْواء
(1)
فرُحِلَتْ له، فأتى بطنَ الوادي، فخطب الناس، فقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيَّ موضوع، ودماءُ الجاهلية موضوعة، وإن أول دمٍ أضعُ من دمائنا دمُ ابنِ ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلتْه هذيل. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضعُ رِبانا ربا عباس
(2)
بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في
(1)
في النسختين: «بالقصوى» مقصورة، والصواب أنها ممدودة كما في كتب الحديث والسيرة والمعاجم.
(2)
في المطبوع: «العباس» خلاف النسختين و «صحيح مسلم» .
النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غيرَ مبرِّح، ولهنَّ عليكم
(1)
رزقُهن وكسوتُهن بالمعروف. قد تركتُ فيكم ما لن تضِلُّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسأَلون عنّي فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السبَّابة يرفعها إلى السماء ويَنكُتُها إلى الناس:«اللهم اشهدْ، اللهم اشهدْ» ثلاث مرات، ثم أذَّن، ثم أقام
(2)
فصلَّى الظهر، ثم أقام فصلَّى العصر، ولم يُصلِّ بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقفَ. رواه مسلم
(3)
وغيره.
وعن ابن عمر قال: غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منًى حين صلّى الصبح صبيحةَ يوم عرفة، حتى أتى عرفةَ، فنزل بنَمِرَة، وهي منزل الإمام الذي ينزل فيه بعرفة، حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهجِّرًا
(4)
، فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة. رواه أحمد وأبو داود
(5)
.
(1)
في س والمطبوع: «ولكم عليهن» وهو خطأ. والمثبت من ق و «صحيح مسلم» .
(2)
بعدها في المطبوع زيادة: «الصلاة» . وليست في النسختين و «صحيح مسلم» ..
(3)
رقم (1218).
(4)
أي سار في وقت الهاجرة، وهو وقت اشتداد الحرّ في وسط النهار.
(5)
رواه أحمد (6130)، وعنه أبو داود (1913) من طريق ابن إسحاق، ثني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما. وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق، إلا أن قوله:«ثم خطب الناس» مخالف لما ثبت في حديث جابر وغيره أن الخطبة كانت قبل الصلاة. انظر: «بيان الوهم» (3/ 463).
وقد روى الأزرقي
(1)
عن ابن جريج قال: سألت عطاء أين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوم عرفة؟ قال: بنَمِرَة منزلِ الخلفاء، إلى الصخرة
(2)
الساقطة بأصل الجبل عن يمينك وأنت ذاهب إلى عرفة
(3)
، يُلقَى عليها ثوب يَستظلُّ به صلى الله عليه وسلم.
قال الأزرقي
(4)
: نَمِرة هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم، على يمينك إذا خرجتَ من مأزمَيْ عرفةَ تريد الموقف، وتحت جبل نمرة غارٌ أربعُ أذرُعٍ في خمس أذرعٍ، وذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزله يوم عرفة حتى يروح إلى الموقف، وهو منزل الأئمة اليوم، والغار داخل في جدار دار الإمارة في بيت في الدار.
وروى أبو داود في «مراسيله»
(5)
عن ابن جريج، قثنا أبان بن سلمان
(6)
: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل يوم عرفة عند الصخرة المقابلة منازلَ الأمراء يوم عرفة، التي بالأرض في أسفل الجبل، وسُتِر إليها بثوب عليه.
(1)
في «أخبار مكة» (2/ 193 - 194) وهو مرسل حسن الإسناد.
(2)
في النسختين: «السخرة» بالسين. والمثبت من الأزرقي، وفي «صحيح مسلم» (1218):«الصخرات» جمع صخرة، وهي الحجارة العظام. انظر «المطلع» للبعلي (ص 196).
(3)
في النسختين: «عرفات» . والمثبت من هامشهما بعلامة ص، وكذا عند الأزرقي.
(4)
(2/ 188 - 189).
(5)
رقم (144).
(6)
كذا في النسختين، وذكر الحافظ في «تهذيب التهذيب» (3/ 308) أنه هكذا وقع في بعض النسخ من «المراسيل» وهو خطأ. والصواب:«زبان بن سلمان» على ما ذكره ابن ماكولا في «الإكمال» (4/ 114).
وأما سلوكه من منًى إلى عرفة، فقال القاضي في «الأحكام السلطانية»
(1)
: يستحبُّ للإمام في الحج أن يخرج في اليوم الثامن من مكة، فينزل بخَيْفِ بني كِنانة حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبيت بها، ويسير بهم من غدِه ــ وهو اليوم التاسع ــ مع طلوع الشمس إلى عرفة على طريق ضَبّ، ويعود على طريق المأزمَيْن اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكون عائدًا في غير الطريق التي صدر منها، فإذا أشرف على عرفة نزل ببطن نَمِرَة، وأقام به حتى تزول الشمس، ثم سار منه إلى مسجد إبراهيم عليه السلام بوادي عُرَنَة
(2)
.
وقال الأزرقي
(3)
وروى بإسناده
(4)
عن ابن جريج قال: سلك عطاء طريق ضَبٍّ، قال: هي طريق موسى بن عمران.
وفي رواية
(5)
: فقيل له في ذلك، فقال: لا بأس، إنما هي طريق.
والسنة أن ينزل الناس بنَمِرَة، وهي من الحلّ، وليست من أرض عرفات، وبها يكون سُوقهم.
وأما أرض عرفات فليست السنة أن يُنزَل بها، [ق 342] ولا يُباع فيها ولا
(1)
(ص 112).
(2)
في المطبوع: «عرفة» تحريف.
(3)
«أخبار مكة» (2/ 193).
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.